موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 2 مشاركة ] 

من خلال قراءة الموضوع أى الفربقين أقوى أدلة
1- الصوفية 100%  100%  [ 4 ]
2- أدعياء السلفية 0%  0%  [ 0 ]
3- لك رأى آخر 0%  0%  [ 0 ]
إجمالي الأصوات : 4
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: الوسيلة بين الصوفية والسلفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين إبريل 17, 2006 4:20 pm 
غير متصل

اشترك في: الأربعاء ديسمبر 14, 2005 5:57 pm
مشاركات: 55
مقدمة: لمحة في المصطلح:


الصوفية كما جاء في موسوعة الفرق والجماعات والمذاهب الإسلامية: هم أهل الله الذين صفت قلوبهم له، وفنوا عن أنفسهم وبقوا به([1])، أما من حيث أصلها فقد اختلف فيه العلماء اختلافا كبيرا فمنهم من قال من الصوف وقد رجحه الدكتور محمد ضياء الدين الكردي بقوله: الصوفية عندي - والله أعلم - نسبوا إلى ظاهر اللباس، ولم ينسبوا إلى نوع من أنواع العلوم والأحوال التي هم بها مترسمون؛ لأن لبس الصوف كان دأب الأنبياء - عليهم السلام - والصديقين، وشعار المساكين والمتنسكين.([2])، ويرجح ذلك أيضا الشيخ مصطفى عبد الرازق فيقول: وأرجح الأقوال وأقربها إلى العقل مذهب القائلين بأن الصوفي نسبة إلى الصوف، وأن المتصوفة مأخوذ منه أيضا، فيقال تصوف إذا لبس الصوف فلهذا القول وجد سائغ في الاشتقاق، وهو مختار كبار العلماء من الصوفية([3]).


ومنهم من أرجع تسميتهم إلى حالهم مع الله في صلواتهم فكانوا يداومون على الصف الأول سموا صوفية لأنهم في الصف الأول بين يدي الله عز وجل بارتفاع هممهم وإقبالهم على الله تعالى بقلوبهم ووقوفهم بسرائرهم بين يديه.([4])، فكان حالهم مع الله تعالى ووقوفهم بين يديه في الصف الأول سببا في تسميتهم بالصوفية.


ومنهم من أرجع التسمية للصفاء والوفاء والمراد صفو قلوب أهل التصوف وانشراح صدورهم، ورضاهم بما يجريه الله عليهم، ثم إنهم مع الله في صفاء لا يشوبه شاغل، وهم بما أطلعهم الله عليه قد صفوا من كدر الجهل([5]).


ومنهم من نسبهم إلى أهل الصفة وهم: زهاد من مهاجري الصحابة فقراء غرباء، كانوا سبعين ويقلون أحيانا ويكثرون، لا مسكن لهم ولا مال ولا ولد، يسكنون صفة المسجد وهو موضع مظلل في مسجد المدينة([6])، وهناك كلمات أخرى قيل إن الصوفية اشتقت منها مثل الصوفانة (وهى بقلة قصيرة) وقيل من صوفة (وهى قبيلة كانت في الدهر الأول تجير الحجاج) وقيل من صوف القفا وهى الشعرات النابتة في مؤخره، والمعنى أن الصوفي أدار للدنيا ظهره 00 وقيل من كلمة سوفيا اليونانية التي تعنى الحكمة([7])، ويمكن ترجيح أن الكلمة مشتقة من الصوف لإمكان القياس اللغوي فيها، والاتفاق مع واقع كثير من أهل التصوف، ولقول معظم العلماء به.


الصوفية عند أعلام المتصوفة:


نظراً لكثرة الأتباع من المتصوفة فكل واحد منهم له تعريف خاص يعبر به عن الحال الذي مر به، ولكن الرابط الذي يجمعها هو كيفية القرب من الله تعالى، ومن التعريفات:

قال الجنيد: التصوف: هو أن يمتك الحق عنك ويحييك به .

وقال ذو النون المصري: الصوفي من لا يتعبه طلب، ولا يزعجه سلب، وقال أيضا الصوفية: آثروا الله على كل شئ فآثرهم الله على كل شئ، فكان من إيثارهم أن آثروا علم الله على علم نفوسهم وإرادة الله على إرادة نفوسهم.

وقال رويم : التصوف استرسال النفس مع الله تعالى على ما يريد .

وبعد أن ذكر الغزالي الأقوال السابقة وغيرها يبين أن طرقها متشعبة، ويذكر ضابطا لها فيقول: الصوفي هو الذي يكون دائم التصفية لا يزال يصفى الأوقات عن شوب الأكدار بتصفية القلب عن شوب النفس، ويعينه على كل هذه التصفية دوام افتقاره إلى مولاه، فبدوام الافتقار ينقى من الكدر، وكلما تحركت النفس وظهرت من صفاتها أدركها ببصيرته النافذة، وفر منها إلى ربه، فبدوام تصفيته جمعيته، فهو قائم بربه على قلبه وقائم بقلبه على نفسه([8]) فهي إذن فيوضات من أصحاب الطريق عبروا بها عن أحوالهم وما تكنه صدورهم، لذا فهذه التعريفات نسبية ومتنوعة متعددة.


مفهوم الطريق الصوفي أو الطريقة الصوفية في اصطلاح الصوفية:


نشأ التصوف الإسلامي في أواخر القرن الثاني الهجري وما بعده، ويعد استمرارا لحركة الزهد الإسلامية الأولى، ونجد هذا الاصطلاح الطريقة يتخذ مدلولا خاصا([9]) والكلام عن مدلول أو مفهوم الطريقة الصوفية يقتضينا أن نتطرق إلى تقسيم مفهومها إلى أمرين:

أحدهما: من حيث انتمائها الأصلي إلى مفاهيم الطريق الصوفي التقليدي .

والثاني: من حيث انتمائها إلى تنظيم معين أو منظمة معينة تتسمى باسم معين، ولها تعاليمها الخاصة بها، يقودها شيخ من شيوخ التصوف، وهذا الشيخ إما أن يكون هو مؤسسها الأول، وإما أن يكون خليفة يخلف عن شيخ سابق راحل.


1ـ من حيث المفهوم التقليدي: الطريق الصوفي أو الطريقة الصوفية من حيث مفهومها التقليدي هي الوسيلة والعلم والتقوى والعمل الصالح كوسيلة للتقرب إلى الله تعالى للحصول على رضاه، وتحقيق السعادة في الدارين الدنيا والآخرة ([10]).

2ـ وأما من ناحية مفهومها التنظيمي:

فهي عبارة عن تجمعات منظمة على رأس كل تجمع منها شيخ يقود أفراده الذين يسمون المريدين، ويروضهم على رياضات ومجاهدات معينة يرون أنها تربية نفسية تبلغ بهم درجة من الصفاء الروحي([11]).

وأصبحت لفظة طريقة عند الصوفية المتأخرين تطلق على مجموعة أفراد من الصوفية ينتسبون إلى شيخ معين، ويخضعون لنظام دقيق في السلوك الروحي، ويحيون حياة جماعية في الزوايا والربط، أو يجتمعون اجتماعات دورية في مناسبات معينة، ويعقدون مجالس العلم والذكر بانتظام([12]).


شروط تكوين الطريقة([13]):


1ـ أن يكون الشيخ المتقدم غير تابع لطريقة من الطرق الرسمية .

2ـ أن يكون متمتعا بحسن السير والسلوك (صحيفة الحالة الجنائية) .

3ـ أن تكون أوراده لا توافق أوراد طريقة أخرى .

4ـ أن تكون الطريقة منتشرة بالفعل مع ذكر الجهات التي فيها تجمعات للطريقة وعددهم .

5ـ أن تكون القبضة متصلة عن الشيخ الأصلي أو المؤسس .

ولعل هذه السطور السابقة قد أعطت فكرة عامة عن الصوفية دون تتبع لتاريخهم([14]) وأهم طرقهم فهذا علم له من يختص به، واكتفيت بهذا حتى ندخل في موضوع البحث مباشرة.


الوسيلة إشكالية فقهية


موضوع الوسيلة من الموضوعات المهمة التي ظهرت على الساحة منذ قديم الزمان، ولم يُفصل في بعض نقاطه إلى الآن برأي قاطع؛ لتوافر الأدلة مع كل المتنازعين فيه.


ولو أن الأمر توقف عند هذا الحد، واعتبر من الموضوعات الخلافية التي يقدر فيها رأي كل فريق على ما ذهب إليه ما دام الدليل يحكمه؛ لما كان للموضوع هذه الأهمية، بل سيكون كأي موضوع خلافي فرعي آخر، ولكنا نجد أن الاجتهاد الفقهي في هذه المسألة صاحبه تعصب وتبعه تراشق وتقاذف، واتهام بالكفر والخروج من الملة من بعض الأفراد.


والذي ينظر إلى ساحة العمل الإسلامي خصوصاً يجد آلافاً من الصوفية متهمين في عقيدتهم؛ بل أصبح اسم صوفي لدى بعض الاتجاهات الأخرى لا يذكر إلا للدلالة على الشركيات، ويجد في الوجهة المقابلة الاتجاهات السلفية([15]) التي جمعت عدتها للدفاع عن العقيدة وتخليصها من الشركيات؛ ونحاول من خلال هذا البحث أن نزيل الخفاء عن هذا الموضوع بإيضاح ما فيه مركزين على أهم النقاط التي كثر الجدل حولها، وذلك من خلال تعريف الوسيلة وبيان نقاط الخلاف والاتفاق فيها، وبيان رؤية الاتجاه الصوفي للوسيلة ورؤية الاتجاه السلفي لها، واعتمدت في بيان ذلك على المنهج الآتي:


أولا: عرفت الوسيلة لغة واصطلاحا وبينت معناها من خلال الكتاب والسنة، وبينت ما يكون فيه التوسل وحكم كل نوع من أنواعه. ثانيا: بينت رأي الأزهر الشريف للوسيلة وسبب بيانه: وضعه كجهة مستقلة يمكن الاحتكام إليها، ثالثا: بينت رأي الاتجاه الصوفي للوسيلة. ورابعا: بينت رأي الاتجاه السلفي للوسيلة، وفي كل ذلك بينت الدليل على كل رأي، وأخيرا بينت موقع كل فريق من المسألة وجوهر الخلاف ونتائج الموضوع.


أولا: معنــى الوسيلــــــــة


الوسيلة هي ما يتقرب به إلى الغير، والوسيلة في قوله – صلى الله عليه وسلم- اللهم آت محمداً الوسيلة وهي الأصل ما يتوصل به إلى الشيء، ويتقرب به، والمراد في الحديث القرب من الله تعالى، وقيل هي الشفاعة يوم القيامة، وقيل منزلة من منازل الجنة([16])


الوسيلة في القرآن الكريـــــم:

وردت كلمة الوسيلة في القرآن الكريم في موضعين: الأول منهما في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ([17])

قال القرطبى الوسيلة القربة التي ينبغى أن يطلب بها والوسيلة درجة في الجنة ([18])

الموضع الثانى ورد في قوله تعالى: أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ([19]) يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب أى يطلبون من الله الزلفة والقربة، ويتضرعون إلى الله - تعالى - في طلب الجنة وهي الوسيلة .. ويدعون تعود على العابدين، ويبتغون تعود على المعبودين. ويجوز أن يكون أيهم أقرب بدلاً من الضمير في يبتغون والمعنى يبتغى أيهم أقرب الوسيلة إلى الله([20])

وبهذا تأخذ الوسيلة معانى القربة والدرجة أو المنزلة في الجنة، أو الجنة نفسها، والمعنى اتخاذ الأقرب إلى الله - تعالى - وسيلة للقرب منه سبحانه أو للجنة ومنازلها.


الوسيلة في السنة المشرفـــــة:

وقد وردت الوسيلة في السنة المشرفة في أكثر من موضع منها قوله – صلى الله عليه وسلم-: آت محمداً الوسيلة والفضيلة([21])

قال ابن حجر: الوسيلة هي ما يتقرب به إلى الكبير، يقال: توسلت أى تقربت، وتطلق على المنزلة العلية([22])

ووردت أيضاً في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص؛ أنه سمع النبى -صلى الله عليه وسلم- يقول: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علىّ فإنه من صلى علىّ صلاة صلىّ الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله لى الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغى إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لى الوسيلة حلت له الشفاعة([23]) وقد فسر الرسول -صلى الله عليه وسلم- الوسيلة بأنها منزلة في الجنة.

وبعد فقد تبين من معنى الوسيلة في اللغة والقرآن والسنة أنها الطريقة أو ما يتقرب به العبد إلى الله، وتعنى الجنة أو المنزلة فيها. وليس هناك خلاف في معناها إن كانت مقتصرة على الجنة أو منزلة فيها، وإنما الخلاف يكمن إن كان معناها: ما يتقرب به العبد إلى ال، فقد حدث فيه خلاف كبير.

وهنا تتسع الهوة عندما تطرح الأسئلة التالية هل يجوز التوسل إلى الله تعالى بأحد من خلقه؟، هل يجوز التوسل بنبي من أنبيائه؟ هل يجوز التوسل به في حياته أم بعد مماته؟ هل يجوز التوسل بذاته أم بجاهه؟ هل يجوز التوسل بالصالحين؟

فقد يتوسل العبد بنبى من الأنبياء أو أحد الصالحين في حال حياتهم بطلب الدعاء له، أو يتوسل بعمل صالح له يزيده قرباً من الله تعالى؛ فهذا لا خلاف عليه، وإنما الخلاف فيما يلى :-

أ- التوسل بذات النبى -صلى الله عليه وسلم- أو بجاهه.

ب- التوسل بحق النبى والأنبياء.

ج- التوسل بذات الصالحين أو بجاههم.

د- التوسل بحق السائلين.

هـ- التوسل بالأموات.


أ- فمن الأول وهو التوسل بدات النبي-صلى الله عليه وسلم- أو بجاهه:


قول القائل اللهم إنى أسألك بنبيك أو بجاه نبيك، ويقصد بذلك أن يكون النبى- لما له من مكانة وجاه سبباً في تحقيق دعائه، وقد جاء في حديث عثمان بن حنيف، أن رجلاً ضريراً أتى النبى -صلى الله عليه وسلم- فقال: ادع الله أن يعافينى، قال: إن شئت دعوت، وإن شئت صبرت فهو خير لك قال: فادعه، فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إنى أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبى الرحمة، (يا محمد) إنى أتوجه بك إلى ربى في حاجة لتقضى لى، اللهم فشفعه في (فعاد وقد أبصر). ([24])


وعن أنس أن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقالوا: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا. قال: فيسقون([25]) ففي قوله بنبينا تحتمل بذاته أو بدعائه.


وهناك من رد الاحتجاج بالحديثين –كما سيأتي بإذن الله تعالى تفصيلا- فقد ردوا الحديث الأول بتأويله على وجوه غير التوسل بالجاه أو الذات، وفي الحديث الثانى قالوا: إن المقصود به الدعاء، وليس ذات النبى -صلى الله عليه وسلم-، وأيا كان الأمر فالحديثان يحتملان أكثر من وجه.


ب- التوسل بحق النبى -صلى الله عليه وسلم- و الأنبياء:

ومنه قوله -صلى الله عليه وسلم- :الله الذي يحى ويميت وهو حي لا يموت اغفر لأمى فاطمة بنت أسد، ولقنها حجتها، ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلى فإنك أرحم الراحمين([26])


ويوجه البعض حق الأنبياء هنا في قبول الشفاعة لعلو درجاتهم، وهذا لا دليل عليه كما سيتضح من رد الأزهر الشريف.


ج- التوسل بذات الصالحين أو بجاههم :


ويستدل المثبتون لذلك بحديث الاستسقاء، فقد ثبت أن النبى -صلى الله عليه وسلم- حي في قبره، فالله عز وجل حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء([27]) ومع ذلك خرج سيدنا عمر والعباس والصحابة - رضوان الله عليهم - ليستسقوا بالعباس، وقال ابن حجر : ويستفاد من قصة العباس استحباب الاستشفاع بأهل الخير والصلاح وأهل بيت النبوة.([28]) واستدل المنكرون بأن المقصود هو الدعاء وليس الذات.


د- التوسل بحق السائليـــن :


ومنه قوله -صلى الله عليه وسلم- أسألك بنور وجهك الذي أشرقت له السماوات والأرض وبكل حق هو لك، وبحق السائلين أن تقبلنى في هذه الغداة وفي هذه العشية، وأن تجرنى من النار بقدرتك([29])


فكلمة بحق السائلين يستدل بها المجيزون على أنها عامة لكل المسلمين. ويرى المنكرون أنها بمعنى الدعاء إذا سلم الحديث من الضعف.


هـ- التوسل بالأموات:


وهم إما أحياء في قبورهم كالأنبياء ففي التوسل بهم بعد موتهم الخلاف الذي حدث في التوسل بهم قبل موتهم، أما غير الأنبياء فمن ليِسِ حياً في قبره فلا معنى للتوسل بهم، أما التوسل بما يربطه بهم من علاقة حب أو اتباع فهذا نوع آخر من التوسل، وهو التوسل بعمله وهو جائز ولا خلاف عليه. ([30])


والذي أود أن ألفت النظر إليه أن هذا الموضوع على خطورته لم يسلم فيه قول أى من الفريقين من ردٍ، فهو إذن من المسائل الخلافية التي يصعب على الباحث فيها أن يرجح أحد الرأيين، بصورة يتأكد معها خطأ الرأى الآخر، إذ لكل رأى وجاهته ودليله، ولكن الذي أمقته هو التعصب الأعمى بلا دليل قطعي.


ويكفينا ما وسع الأمة الإسلامية في قرونها الأولى من سعة للصدر وعدم الطعن والتجريح واحترام الآراء والأدلة.


وليكن الوصول للحق هو هدف الذي يعرض الفكرة، وليس الطعن والتجريح مما يصعب الاهتداء للحق.


وإذا علمنا أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره؛ وقد أقر أكثر الصوفيين بأن المقصد والاتجاه لله وليس لعبد أو بشر أياً كان، فإن الحكم عليه بالخروج من الملة أو التفسيق لا يقبله العقل بحال.


والأولى الدعوة بالحسنى والموعظة الحسنة، والتماس العذر للمخالف بدلاً من الرمى والتفسيق الذي لا يجلب إلا عناداً أكثر وفساداً أكبر.


والآن مع رؤية بعض الاتجاهات الإسلامية حول موضوع الوسيلة والتوسل.


ثانيا: الوسيلة والتوسل لدى الأزهر الشريف:


أردت هنا أن أثبت رأي الأزهر الشريف كهيئة مستقلة، وليس شيخا من شيوخه في الوسيلة، وذلك حتى تتضح الصورة من أكثر من اتجاه ووضع النقاط على حروفها، فيرى الأزهر الشريف أن موضوع التوسل والوسيلة من الموضوعات التي اشتد الخلاف فيها ففريق قال بمشروعيته، وفريق آخر قال بعدم مشروعيته، وقد تغالى كل من الفريقين في التمسك برأيه، والتغالى في كل شىء مدرجة إلى التعصب إن لم يكن هو التعصب نفسه، وهو يؤدى إلى نتائج خطيرة، أدناها تمزق المسلمين، وأقصاها رمى بعضهم بعضاً بالكفر، وترجمة ذلك إلى معاملات عنيفة([31])


ويرى الأزهر الشريف أن المغالين في الإنكار على التوسل عمدوا إلى نصوص واردة في الكفار وطبقوها على المسلم الذي يؤمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- رسولاً .. وذلك كاستشهادهم بقول الله - تعالى - حكاية عن المشركين مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى([32]) في أن من يتوسل إلى الله بشخص كان مشركاً مع أن المتوسل لم يعبد من توسل به. والمغالون في التوسل أفرطوا في حب الصالحين فوصفوهم فوق ما يستحقون، حتى قال بعضهم: إن فيهم من يتصرف في الكون وإن كان ذلك بإرادة الله تعالى، لكن الاعتقاد في سمو منزلتهم كاد ينسيهم ربهم.([33])


تعريف الوسلية :


يرى الأزهر الشريف أن الوسيلة قد يراد بها الطريقة الموصلة إلى الغاية أو الغاية نفسها، بصرف النظر عن تحديدها، أو الغاية الخاصة المحددة، وهي منزلة في الجنة([34])

ويرى الأزهر الشريف أن الوسلية بالمعنى الثانى (الغاية غير المحددة) والمعنى الثالث (الغاية المحددة وهي المنزلة في الجنة)، لاخلاف بين المسلمين في هذا على الإطلاق، إنما الخلاف في المعنى الأول (الطريقة الموصلة للغاية) ([35])



رؤية الأزهر في بعض القضايا المتصلة بالوسيلة والتوسل:-


أولاً : التوسل إلى الله بالنبى -صلى الله عليه وسلم- والأنبياء :

يرى الأزهر الشريف أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو وسيلتنا إلى الله وطاعته وحبه أساس حب الله للعبد لقوله تعالى : مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ([36]) ، وقال تعالى قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ([37])


ودعاؤه لنا -صلى الله عليه وسلم- وشفاعته العظمى يوم القيامة لا يختلف على هذا أحد، وإنما الخلاف في قول بعض الناس: اللهم إنى أتوسل إليك بنبيك أن تغفر لى، أو أستشفع به إليك، وهذا القول يحتمل توجيهين:


الأول:

التوسل بالنبى -صلى الله عليه وسلم- ليدعو له، وهذا لا يشك أحد في جوازه، وبخاصة في حياته.

الثانى:

التوسل بذات النبى -صلى الله عليه وسلم- بمعنى أن يدعو الداعى ربه راجياً الإجابة إكراماً للنبى -صلى الله عليه وسلم- لمنزلته عنده. ومثل النبى في ذلك غيره من الأنبياء، فيقول الداعى : أسألك اللهم بنبيك أو بجاه نبيك أن تغفر لى. وهذه العبارة تحتمل أمرين:-

أحدهما :

القسم وأداته هي الباء مثل بالله أن تجلس أو تفعل كذا، على معنى أقسم بالله. والجمهور يمنعون القسم بغير الله، يقول النبى -صلى الله عليه وسلم- من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت([38])

ثانيهما:

عدم القسم، وذلك إذا أريد بالباء السببية، والمعنى أسألك يالله بسبب نبيك أن تكرمنى؛ فإن كان المراد: بسبب الإيمان به وحبه وطاعته فلا غبار عليه، لأنه توسل بعمله هو، وهو قربة إلى الله - تعالى-. وإن كان المراد: بسبب ذاته، أو بسبب منزلته من الله ووجاهته عنده فهذا هو الذي احتدم الخلاف حوله بين العلماء([39])

وهذا هو موطن الداء الذي اختلف حوله العلماء، ففريق ينكره لأن مجرد الجاه لا يعطى الشفاعة، وعلى رأس هذا الفريق شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الذي ألف رسالة خاصة، حاول فيها أن يرد ما جاء عن الصحابة في جوازه؛ إما بضعف السند أو الوقف على الصحابة أو على من ليس قوله أو فعله حجة، وإما بالتأويل، وفريق يثبته وأورد الأزهر الشريف أدلته في بيانه للناس. ([40]) فالمسألة إذن خلافية وأدلتها تحمل وجوها عدة.


ثانياً : التوسل إلى الله بحق النبى والأنبياء:


التوسل بحق النبي والأنبياء مما ورد فيه خلاف كبير كالسابق، فبعض العلماء ومنهم ابن تيمية ينكره، وفريق لا ينكر التوسل بحق النبي والأنبياء -عليهم جميعا السلام-، ويقول المنكرون للتوسل بحق الأنبياء: صحيح أن حق الأنبياء على الله لامرية فيه، ولكنه بمعنى رفع الدرجات وقبول الشفاعات والدعاء إذا شاء، كما قال سبحانه: مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ([41])

ويرد الأزهر الشريف على هذا قائلاً:إن تفسير الحق للأنبياء بذلك فقط تحكم لا دليل عليه، فلماذا لا تكون ذواتهم ووجودهم وسيلة للخير، كما قال تعالى: وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ([42]) كما كان لوجود العباس نفسه عند الاستسقاء أثر في رحمة الله لعباده عند الاستسقاء؟ وليس عمر بأقل درجة من العباس في قبول الدعاء لو كان المقصود هو الدعاء فقط([43]).

فالأزهر الشريف مع ميله إلى القول بجواز التوسل بحق النبى والأنبياء إلا أنه لم ينكر القول الآخر، ولكنه أنكر التحكم والتعصب لرأى لا دليل عليه، وهذا من الخلاف المقبول في الشريعة الإسلامية لوجود دليل عليه.


ثالثاً : التوسل بغير الأنبياء :


يقول الأزهر الشريف: التوسل إلى الله بالصالحين من عباده إن كان بمعنى طلب الدعاء منهم فلا مانع منه أبداً، وقد طلب النبي -صلى الله عليه وسلم- من عمر – رضي الله عنه - ألاّ ينساه من دعائه عندما استأذنه للسفر إلى العمرة([44])

وإذا كان التوسل بذواتهم وجاههم فإن كان بمعنى القسم فلا يجوز، إذ لا يجوز القسم بغير الله من العباد، وإن كان بغير القسم ففيه رأيان :-

فريق يثبته ويستدل باستسقاء عمر بالعباس - رضي الله عنهما - ويستدل بحديث الخروج إلى المسجد اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك وذلك إلى جانب أنه لم يرد نص يمنع من هذا التوسل.

وفريق ينكره، ويؤول ما ورد من ذلك إما بضعف السند، وإما بمعنى الدعاء، فإن بعض العباد لهم منزلة عند الله يستجيب دعاءهم لقوله -صلى الله عليه وسلم- إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره([45]).


رابعاً : التوسل بالأموات :


الأموات فريقان : فريق حى في قبره وفريق غير حى، ومن الأحياء في قبورهم الأنبياء، فالتوسل بهم يجرى عليه ما جرى على التوسل بهم قبل دفنهم فأجازه جماعة بدليل ما روى أن قحطا أصاب الناس في زمان عمر، فجاء رجل إلى قبر النبى -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، استسق الله لأمتك فإنهم قد هلكوا فأتاه الرسول في المنام فقال: ائت عمر فأقرئه السلام وأخبره أنهم مسقون، وقل له عليك الكيس الكيس فأتى الرجل عمر فأخبره فبكى وقال: يارب ما آلو إلا ما عجزت عنه يعنى لا أقصر إلا فيما عجزت عنه([46])


ومنعه جماعة منهم ابن تيمية الذي يقول: لو كان جائزاً ما احتاج عمر إلى التوسل بالعباس، وكان يمكنه أن يتوسل بالنبى بعد موته، لكنه قد يرد عليه بأن عمر فعله لبيان جواز الاستسقاء بغير النبى -صلى الله عليه وسلم-، لأنه ربما يتوهم بعض الناس أنه لا يجوز الاستقساء بغير النبى -صلى الله عليه وسلم- كما أن من يستسقى به يكون مع الناس، وقد كانوا مجتعمين بعيداً عن المسجد النبوى.


أما غير الأحياء في قبورهم فلا معنى لطلب الدعاء منهم. والتوسل بذواتهم وبجاههم حكمه حكم التوسل بذوات الأنبياء وجاههم، والله أعلم بتكريمه لهم فهو وحده الذي يحكم عليهم، وليس لنا من حكم عليهم في حياتهم إلا بظاهر أعمالهم.

وإذا كان التوسل بحبهم واتباع سلوكهم الطيب فهو من باب توسل الإنسان إلى الله بعمله. وهو أمر متفق على مشروعيته كأصحاب الغار الذين انطبقت الصخرة عليهم فدعوا ربهم بصالح عملهم ففرج عنهم([47]).


ضوابط الخلاف في هذه المسألة:


وقد وضع الأزهر الشريف ضوابط يجب أن يقف عندها الجميع، ويلتقوا عندها إخواناً متحابين وهى:-

1- الاعتقاد بوحدانية الله تعالى لا شريك له في ملكه؛ هو الخالق والرازق والنافع والضار؛ وإليه يرجع الأمر كله، وكل شىء يمس هذه الوحدانية ممنوع.

2- الاتجاه بالعبادة إليه وحده لا نشرك به أحداً فيها كما قال سبحانه إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ([48]).

3- الإيمان بأن الله يكرم من يشاء من عباده بما يشاء من فضله، ومن أنواع هذا الإكرام قبول دعائه والاستجابة له.

4- الإيمان بأن الله قادر على أن يخرق العادات التي ألفها الناس، ونظموا عليها أمور حياتهم، وخرق العادة إن كان لنبى سمى معجزة، وإن كان لولى صالح سمى كرامة.

5- كل من ظهرت على أيديهم المعجزات والكرامات يعتقدون أن الله سبحانه وتعالى هو فاعلها، ولا قدرة لهم عليها إلا بقدرته تعالى، ولم ينسبها أحد لنفسه على الحقيقة، مع جواز ذلك على سبيل المجاز.

6- عبادة الله يجب أن تكون على الوجه الذي ارتضاه للتقرب به إليه، وما سوى ذلك مرفوض، وهذا الوجه الذي ارتضاه موجود في كتابه وسنة نبيه –صلى الله عليه وسلم-.

7- يجب اعتبار النية عند الحكم على أى فعل يصدر من العبد، وإذا لم نعلم نية العبد، وجاز لنا أن نحكم على الظاهر فإن هذا الحكم لا يكون قطعياً تترتب عليه آثار خطيرة على النفس أو المال أو العرض أو الدين.

8- إذا وجدنا خطأ في العبادة قولاً أو عملاً وجب علينا أن ننبه المخطى إليه؛ لأن ذلك من ضمن ما كلفنا به الله من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

9- من أهم ما يساعد على تقريب وجهات النظر، وجمع أصحاب الفكر على كلمة سواء تحرير المراد من الألفاظ وتحديد المفاهيم([49]).

ولعل هذه النقاط تكون حداً وسطاً يُرجع إليه؛ ولا يسبق الحكم على الألسنة إلا بعد معرفة الموضوع وتحديد المفاهيم ومعرفة أو محاولة معرفة نية القائل؛ لأن التسرع في الحكم وخاصة فيما يمس الدين والعرض والنفس والمال من الأمور الخطيرة شرعاً.


ثالثا: التوسل لدى الاتجاهات الصوفية


معنى التوسل:

التوسل عند الصوفية هو السبب المتخذ من العبد في وصول المقدور الإلهي إليه، والعبد هو المتوسل، وهذا الشيء هو المتوسل به وهو السبب، والمتوسل إليه هو الله تعالى، والمتوسل من أجله هو الشيء المطلوب([50]) أو هو التقرب إلى الغير، يقال: توسل إلى فلان بكذا إذا تقرب إليه بشر بشىء([51])، فهذان التعرفيان يعنيان أن التوسل عند الصوفية هو ما يتخذه الإنسان من أسباب تقربه إلى الله تعالى، أو تكون سبباً في وصول المقدور إليه.


أنواع الوسلية:

والوسيلة بمعنى التقرب إلى الله لحصول رضاه أنواع منها:-


الوسيلة بالمكان:

وهي زيادة أجر الصلاة في المساجد الثلاثة: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتخصيص فريضة الحج وأعمالها بمكة المكرمة، فهي وسيلة لزيادة الثواب والقرب من الله.

الوسيلة بالزمان :

وهي أن ليلة القدر خير من ألف شهر، والليالى ذات الفضل، وساعة يوم الجمعة التي يقبل فيها الدعاء، ووقت السحر.

الوسيلة بالعمل الصالح :

كما ثبت من حديث الثلاثة الذين أووا إلى الغار، فانطبق عليهم، فتوسلوا إلى الله بأعمالهم الصالحة، ففرج الله عنهم فخرجوا.

الوسيلة بالعبد الصالح :

وذلك كتوسل الصحابة بالعباس – رضي الله عنه - عند الجدب، وذلك يحصل بنوعين:

الأول : أن تتوجه إلى الله سائلاً إياه في قضاء حاجتك واستجابة دعائك بمن تريد أن تتوسل به.

الثانى : أن تتوجه إلى الوسيلة مباشرة طلباً منه أن يباشر طلب قضاء حاجتك بما يقدر عليه، مما أعطاه الله من فضل وخصوصية([52]).


حقيقة التوسل:

يرون أن التوسل كما يكون بالأنبياء يكون بالصالحين، وكما يكون بالأحياء يكون بالأموات، لا فرق في ذلك، وإنما العبرة في كونهم أحباء لله تعالى فيقولون: فلا فرق في التوسل بالنبى -صلى الله عليه وسلم- وغيره من الأنبياء والمرسلين، وكذا بالأولياء والصالحين لا فرق بين كونهم أحياءً وأمواتاً، لأنهم لا يخلقون شيئاً، وليس لهم تأثير في شىء، وإنما يتبرك بهم لكونهم أحباء الله تعالى([53]).

ويرون أن اتخاذ الشيخ ليس وساطة شركية، واستحضاره عند بداية الذكر ليس شركاً، وكذلك احترام المريد لشيخه وتوقيره ليس وثنية([54]).

ويرون أن المهم في هذه الوساطة أن يوجه الطلب إلى الله وحده، وأن يكون ذكر المتوسل به - لمن شاء التوسل - نوعاً من تأكيد الطلب، بالاعتراف بالتقصير والتفريط في جنب الله. وما دام الطلب من الله، وإلى الله ابتداءً وانتهاءً فلا خطأ ولا شرك على الإطلاق. وإذا أخطأ الجاهل مع هذا، وطلب من العبد فإنه يعلمه، ويرد إلى الصواب، ويكفيه نيته وحسن اعتقاده، وعلمه اليقينى مهما كان أمياً جاهلاً([55])

فالتوجه أساساً يكون لله تعالى وما الواسطة -المتوسل به- إلا نوع تأكيد لشعور المتوجه بالتقصير، واتخاذ شيخ معين لا يضر العقيدة ما دام يتوجه إلى الله تعالى، وإن جهل إنسان فطلب من العبد، ولم يطلب من الله تعالى فهو معذور بجهله، وتكفيه نيته، ولكن يرد إلى الصواب، ولا يتهم بالكفر، فالنية عندهم تلعب دورا كبيرا في الموضوع، وعليها معول كبير في صحة عقيدة المريد من عدمها.

ويرون أن الاستعانة تكون بدعاء الشيخ دون اعتقاد أنهم يملكون نفعاً أو ضراً، فالاستعانة بدعاء الشيخ، وابتهاله إلى الله في شدائد أبنائه أدب إسلامى، أما أنهم يزعمون أنهم يملكون النفع والضرر، فالذي يملك ذلك هو الله وحده، وعندما يغضب الشيخ لربه من مخالف لله فيدعو فيغضب الله لغضب وليه، ويستجيب له، فلا يقال عندئذ إن الشيخ يملك نفعاً أو ضراً، إنما هو من باب (لئن سألنى لأعطينه، ولئن استعاذنى لأعيذنه)، والقول بغير هذا مسخ للصورة بالمغالاة والإغراق والتنفير([56]).

فهم يقرون أن الشيخ يستعان بدعائه فقط، وأما الاعتقاد بأنه يملك نفعاً أو ضراً فهذا باطل، لأن الذي يملك ذلك هو الله وحده.

ويرون أن التوسل يجوز فيه أن يكون بالأحياء والأموات، ولا فرق بين الحياة والموت لما ثبت من توسل النبى -صلى الله عليه وسلم- بالأنبياء الذين من قبله، ولما فعله عثمان بن حنيف وبلال المزنى وعائشة - رضى الله عنها - ومن بلغه فعل هؤلاء من الصحابه ([57]) لم ينكره عليهم.

والتوسل بالميت لا يكون بجسده، ولكن بروحه فهو يطلب من روحه (التي يعتقد أنها تحيا برزخياً، في مقام القرب من الحق) أن تتوجه شافعة إلى الله في شأنه بما يهمه، فالأرواح في عالمها تحيا حياة غير مقيدة بحدود زمان أو مكان، فالقيود والحدود نتيجة الحياة البشرية، وأما الأرواح فهي من عالم الانطلاق([58])

ولذا نجدهم يجلسون كثيراً عند المقابر، ويقيمون الموالد لأشهر من مات من الصوفية، أو لأئمتهم.

ولابد لنا قبلمناقشة أفكارهم أننعرض للأصل الشرعي لما يستندون إبه والآن نعرض لمشروعية التوسل لديهم:


مشروعية التوسل لدى الاتجاهات الصوفية


استدل كثير من الاتجاهات الصوفية بكثير من الأدلة على مشروعية التوسل ومن هذه الأدلة :-

1- قال تعالى: أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ([59])

أى أيهم أقرب يبتغى الوسيلة إلى الله تعالى، ويتقرب إليه، وفي هذا دليل التوسل بالعباد المقربين([60]) وهذا الوجه تحتمله الآية كما قرر القرطبى وذكرناه آنفا ([61]).

2- عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال: لما ماتت فاطمة بنت أسد أم على رضى الله عنهما، دخل عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجلس عند رأسها، فقال: رحمك الله يا أمى كنت أمى بعد أمى؛ تجوعين وتشبعيننيى، وتعرين وتكسيننى، وتمنعين نفسك طيباً وتطعميننى، تريدين بذلك وجه الله والدار الآخرة؛ ثم أمر أن تغسل ثلاثاً ثلاثاً، فلما بلغ الماء الذي فيه الكافور سكبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيده، ثم خلع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قميصه فألبسها إياه، وكفنها ببرد فوقه، ثم دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسامة بن زيد وأبا أيوب الأنصارى وعمر بن الخطاب وغلاماً أسود يحفرون، فحفروا قبرها فلما بلغوا اللحد حفره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيده، وأخرج ترابه بيده، فلما فرغ دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاضطجع فيه وقال : الله الذي يحيى ويميت وهو حى لا يموت اغفر لأمى فاطمة بنت أسد ولقنها حجتها، ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلى فإنك أرحم الراحمين وكبر عليها أربعاً وأدخلها هو والعباس وأبو بكر الصديق - رضى الله عنهما -([62]).

ويستدلون من هذا الحديث بقوله -صلى الله عليه وسلم- :بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي على جواز التوسل بالأحياء والأموات.

3- عن أبى سعيد الخدرى قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اللهم إنى أسألك بحق السائلين عليك، وأسألك بحق ممشاى هذا إليك، فإنى لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا رياء ولا سمعة؛ خرجت اتقاء سخطك، وابتغاء مرضاتك، أسألك أن تنقذنى من النار، وأن تغفر لى ذنوبى فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت([63]) والتوسل بحق السائلين فيه عموم لكل عبد مؤمن([64])

4- روى أبو داود أن أعرابياً قال للنبى -صلى الله عليه وسلم- :جهدت وجاع العيال، وهلك المال، فادع الله لنا؛ فإنا نستشفع بالله عليك؛ فسبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه، وقال:ويحك!! إن الله لا يستشفع به على أحد من خلقه، شأن الله أعظم من ذلك([65].

يستدلون بهذا الحديث على جواز الاستشفاع بالرسول على الله لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنكر قوله نستشفع بالله عليك، ولم ينكر قوله نستشفع بك على الله بل أقره عليه، فعلم جوازه. ([66])

5- روى البخارى في صحيحه أن سيدنا عمر – رضي الله عنه - استسقى عام الرمادة بالعباس عم النبى -صلى الله عليه وسلم- فقال :اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا قال فيسقون([67]).ويرون في هذا الحديث عدة فوائد منها :

أ- أن عمر – رضي الله عنه- بتوسله بالعباس – رضي الله عنه - سن استحباب الاستشفاع بأهل الصلاح والخير وأهل بيت البنوة.

ب- أن توسل عمر بالعباس - رضى الله عنهما - هو في الحقيقة توسل بالنبى -صلى الله عليه وسلم- لأنه إنما توسل بالعباس لكونه عم النبى -صلى الله عليه وسلم- ولمكانته منه.

ج- أن عمر عدل عن الاستشفاع بالنبى -صلى الله عليه وسلم- خوفاً من تأخر الإجابة فيفتن الناس ويتخذ اليهود ذلك باباً للفتنة.

د- أن سبب عدول عمر – رضي الله عنه - إلى العباس – رضي الله عنه - هو مشروعية صلاة الاستسقاء التي تتوقف على إمام حى يراه الناس يصلى بهم ويدعو لهم، ولما استحال ذلك بسبب عدم رؤية الصحابة - رضى الله عنهم - لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسبب الموت عدل سيدنا عمر – رضي الله عنه - عن الاستسقاء برسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى عمه.

وهذا التوسل - باستثناء الاستسقاء - ليس خاصاً بالأحياء بل هو بالأموات أيضاً، ولا فرق بين الحياة والموت لتوسل النبى -صلى الله عليه وسلم- بالأنبياء قبله.

وخرجوا من ذلك أيضاً بأن كل متوسل بولى من الأولياء؛ فهو متوسل بالنبى -صلى الله عليه وسلم- لأن الولى لم ينل ما ناله من كرامة الله إلا بمتابعته للنبى -صلى الله عليه وسلم- ومكانته منه، وكل كرامة لولى من الأولياء فهي معجزة للنبى -صلى الله عليه وسلم-([68]) وفي هذا الكلام نظر يجب أن نفطن له، ومغالاة ليست في محلها.

6- حديث عثمان بن حنيف، أن رجلاً ضريراً أتى النبى -صلى الله عليه وسلم- فقال: ادع الله أن يعافينى، قال: إن شئت دعوت، وإن شئت صبرت فهو خير لك، قال: فادعه، فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء اللهم إنى أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبى الرحمة، (يا محمد) إنى توجهت بك إلى ربى في حاجتى لتقضى إلىَّ اللهم فشفعه في (فعاد وقد أبصر) ([69]).

ويرون أن حديث توسل الأعمى ورد في عهد سيدنا عثمان – رضي الله عنه - مما يدل على جواز التوسل بالأحياء والأموات([70])

ويخرجون من هذا بجواز التوسل بالأحياء والأموات من الصالحين وغيرهم فضلا عن الأنبياء، وأدلتهم هذه على قوتها ومنطقيتها لا تؤدي للنيجة المرجوة منها خاصة فيما يتعلق بالتوسل بالأموات وكرامات الأولياء.


رابعا: الوسيلة لدى الاتجاه السلفى


يعرف السلفيون الوسيلة بأنها: ما يتقرب به إلى الغير، وحقيقة الوسيلة إلى الله، هي مراعاة سبيله بالعلم والعبادة ([71]).

وتنقسم الوسيلة إلى نوعين :-

النوع الأول:-

التوسل المشروع وهو على ثلاثة أقسام :-

الأول: التوسل إلى الله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا، فيقول مثلاً اللهم يا أرحم الراحمين ارحمنى ويدل على ذلك قوله تعالى:{ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعلمون. ([72])

الثانى: التوسل إلى الله بالطاعات والأعمال الصالحة، فيقول مثلاً : اللهم بإيمانى بك وبطاعتى لك اغفر لى ويدل على ذلك قوله تعالى: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {127} رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ([73]) ، وقوله تعالى: رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ([74]).

الثالث: التوسل إلى الله بدعاء من ترجى إجابته من المؤمنين والصالحين كقول عكاشة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ادع الله أن يجعلنى منهم([75]) ودليله من القرآن قوله تعالى: قَالُواْ يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ {97} قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ([76]) وقوله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا([77])

الرابع: أن يتوسل إلى الله تعالى بذكر حال الداعي المبينة لاضطراره وحاجته كقول موسى -عليه السلام- : رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ([78]).


النوع الثانى :


التوسل غير المشروع وهو قسمان:

الأول:

توسل المشركين بأصنامهم ودليله قوله تعالى: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى([79]).

الثانى :

وهو تقرب العبد إلى الله - تعالى - بعمل مخالف لكتابه مجاف لسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- ومثاله التوسل إلى الله بذوات مخلوقات في السماوات والأرض من الملائكة والنبيين والصالحين من غير متابعة لهم في أعمالهم الصالحة، ومن الأمكنة الفاضلة كالكعبة والمشعر الحرام، والأزمنة كشهر رمضان وليلة القدر وشهر الحج، والأشهر الحرم من غير إعطائها ما شرع الله فيها من العمل، وما قضى فيها من الحرمة، وهذا التوسل حرام.([80])

وكما أن التوسل بالذات حرام فهو بالجاه حرام كذلك، فيقولون التوسل غير المشروع كالتوسل بجاه النبى -صلى الله عليه وسلم- وبالبدوى والشاذلى والدسوقى وغيرهم، وهذا التوسل غير مشروع، ولذا فلا يلزم من كون جاهه -صلى الله عليه وسلم- عند ربه عظيماً؛ أن نتوسل به إلى الله تعالى لعدم ثبوت الأمر بذلك([81]).

وهو ما يقرره ابن تيمية؛ فبعد أن ذكر حديث البخارى عن أنس أن عمر استسقى بالعباس بن عبد المطلب، وقال: اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، فيسقون([82]) قال: فاستسقوا به كما كانوا يستسقون بالنبى -صلى الله عليه وسلم- في حياته، وهو أنهم يتوسلون بدعائه وشفاعته لهم فيدعو لهم، ويدعون معه كالإمام والمأمومين من غير أن يكونوا يقسمون على الله بمخلوق، كما ليس لهم أن يقسم بعضهم على بعض بمخلوق، ولما مات النبى -صلى الله عليه وسلم- توسلوا بدعاء العباس واستسقوا به([83]).


يفهم من هذا النص أن التوسل بالعباس لم يكن لذاته، ولا لجاهه، ولكن لصلاحه، وكان التوسل بدعائه، وليس هناك قسم على الله تعالى بمخلوق، وذلك من باب قياس الأولى، وهو ما ذهب إليه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في فتواه حكم التوسل وشرح حديث ابن عباس حيث قال: والحاصل أن التوسل إلى الله تعالى بدعاء من ترجى فيه إجابة الدعاء لصلاحه لا بأس به، فقد كان الصحابة –رضي الله عنهم- يتوسلون إلى الله تعالى بدعاء النبي-صلى الله عليه وسلم- لهم، وكذلك عمر –رضي الله عنه- توسل بدعاء العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه([84]) فهنا يجوز التوسل لأنه بدعاء من ترجى إجابته وليس بالذات.


ويرى ابن تيمية أن كل الروايات التي توحى بالتوسل بالذات والجاه ضعيفة، وأن الذي أدى لفهم هذه المعانى هو أن لفظ التوسل بالشخص والتوجه والسؤال به فيه إجمال واشتراك، غلط بسببه من لم يفهم مقصود الصحابة: فيراد به التسبب به، لكونه شافعاً داعياً مثلاً، أو لكون الداعى مجيباً له مطيعاً لأمره مقتدياً به، فيكون التسبب إما بمحبة السائل له، أو اتباعه له، وإما بدعاء الوسلية وشفاعته. ويراد به الإقسام به والتوسل بذاته، فلا يكون التوسل بشىء منه، ولا بشىء من السائل بل بذاته، أو لمجرد الإقسام به على الله، فهذا الثانى هو الذي كرهوه ونهوا عنه([85])


فيوضح هنا أن هناك نوعين من التوسل: الأول: جائز وهو ما يكون فيه الدعاء والشفاعة، والثانى: وهو ما يكون بالذات والجاه، وهو منهي عنه.


وهذا ما عليه الفتوى فقد جاء في فتوى لابن باز رحمه الله تعالى أن التوسل باتباع النبي –صلى الله عليه وسلم- وطاعته وترك نواهيه، والإخلاص لله تعالى في العبادة فهذا هو الإسلام أما التوسل بدعائه، والاستغاثة به، وطلب النصر على الأعداء والشفاء للمرضى فهذا هو الشرك الأكبر([86])


ومنهم من يؤول حديث الأعمى - الذي يستدل به على جواز التوسل بجاه النبى -صلى الله عليه وسلم- فيقول: ووجه الاستدلال أن الدعاء كان بجاه النبى -صلى الله عليه وسلم- وهذا باطل من الوجوه التالية:-


أولاً :

أن الحديث تضمن التوسل المشروع، لأن الأعمى جاء إلى النبى -صلى الله عليه وسلم- طالباً الدعاء، فقد توسل بدعائه -صلى الله عليه وسلم- لما يعلم من استجابة الله له([87]). ولذلك قال له ادع الله أن يعافنى ولو كان المقصود هو التوسل بذات النبى -صلى الله عليه وسلم- لما كان هناك حاجة إلى الإتيان إليه، وطلب الدعاء منه حيث يمكن له ذلك وهو بمنزله.



ثانياً :

أن النبى -صلى الله عليه وسلم- وعده بالدعاء له بعد أن خيره بين الدعاء له وبين الصبر إذا شاء، فلم يرد أن يصبر، ولوكان المقصود التوسل بالذات لما حصل هذا الحوار والتخيير.

ثالثاً :

إصرار الأعمى على الدعاء له بقوله: ادع (أى ادع الله) ومع ذلك لم يكتف الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالدعاء؛ بل وجهه إلى عمل صالح يجمع أطراف الخير، وهو الوضوء والصلاة والدعاء والإنابة لئلا ينصرف قصده وتوجهه إلى غير الله، أو يكون لشدة فرحه بعودة بصره مدخل للشيطان في إفساد معتقده.

رابعاً :

قول الأعمى في آخر الدعاء اللهم فشفعه فىَّ يستحيل حمله على التوسل بذات النبى -صلى الله عليه وسلم- أو بجاهه، لأن معناه اللهم اقبل شفاعته -صلى الله عليه وسلم- فيّ، أى: اقبل دعاءه، ولا تتم الشفاعة إلا بكون الطلب من اثنين، أحدهما شفيعاً للآخر، و لا تكون من الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلا بدعائه للمشفوع له.

خامساً :

أن مما علمه الرسول -صلى الله عليه وسلم- للأعمى أن يقول في دعائه: (وشفعنى فيه) أى اقبل دعائى في قبول شفاعته ودعائه. وهذه الجملة كافية في الرد على من يزعم أن توسل الأعمى كان بذات أو بجاه النبى -صلى الله عليه وسلم- إذ كيف تكون شفاعة الأعمى في الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلا إذا دعا له الرسول -صلى الله عليه وسلم- فالأعمى دعا ربه أن يستجيب دعاء نبيه -صلى الله عليه وسلم- له.

سادساً :

أن هذا الحديث من معجزاته -صلى الله عليه وسلم- لأن دعاءه مستجاب، وما أظهره الله من الأمر الخارق للعادة بإعادة بصر الأعمى ببركة دعائه مما يدل على أن المسألة كانت بسبب دعائه -صلى الله عليه وسلم-، ولم تكن بسبب دعاء الأعمى بذاته أو بجاهه -صلى الله عليه وسلم-.

سابعاً :

أن حمل الحديث على التوسل بالذات يقتضى العموم في كل حالة عمى، وعدم وروده متكرراً ممن يعانون العمى أو الأمراض الأخرى؛ دليل على خصوصه بتلك الحالة التي حصل فيها دعاء النبى -صلى الله عليه وسلم- للأعمى ودعاء الأعمى لربه([88]).

ومع أن هذه التأويلات قوية إلا أنها لا تسلم من رد، خاصة وأن في الحديث ما لم يذكره المؤول من قول الداعى اللهم إنى أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبى الرحمة يا محمد إنى أتوجه بك إلى ربى وهو بالتحديد موطن استشهاد الفريق الآخر.


الخلاصـــــــــــــــــة


الاتجاه السلفي يرى أن التوسل نوعان :

الأول مشروع : وهو ما كان بأسماء الله وصفاته أو بفعل الطاعات أو بدعاء الصالحين.

الثانى غير مشروع :

وهو توسل الكافرين بأصنامهم أو التوسل بالذات والجاه. وتأولوا كل حديث فيه معنى التوسل بالذات أو ضعفوه.

وعلى هذا فلم يسلم ما قدم الصوفية من أدلة من طعن وجرح، كذلك واضح أن التأويل السلفي لما جاء به الصوفية في هذه النقطة غير مسلم البتة، ولعل غلو بعض الصوفية في هذا الأمر وحرص السلفية على العقيدة هو ما دعا الكثيرين للاعتقاد بتهاون الصوفية في العقيدة، ولعل أفضل منهج في هذه القضية هو منهج الأزهر الشريف في كتابه بيان للناس.


وأخيرا جوهر الخلاف والنتائج.


وأرى بعد العرض أن موضوع الوسيلة من الموضوعات المهمة في الشريعة الإسلامية فهو موضوع يدرس في إطار علم العقيدة وتعتوره أحكام فقهية كثيرة، يترتب عليها إما الحكم بالتفسيق أو الخروج من الملة أو القرب من الله تعالى على النقيض الآخر.

وسبب الخلاف حول الموضوع هو وجود كثير من الأدلة التي اختلف في مدلولها العلماء من كل الأطراف أو الاتجاهات، وهو خلاف ناتج عن الحكم على الحديث بالضعف من عدمه، أو لاختلاف الأفهام في الحديث الصحيح.




--------------------------------------------------------------------------------

([1] ) موسوعة الفرق والجماعات والمذاهب الإسلامية، د. عبد المنعم الحفني ص279 دار الرشاد الطبعة الأولى سنة 1992م.

([2] ) نشأة التصوف الإسلامي د. محمد ضياء الكردي ص72، مطبعة الجبلاوي 1412هـ/1991م .

([3] ) الإسلام والتصوف بقلم لويس ماسينيون ومصطفى عبد الرازق ص35، 36 ـ مطابع دار الشعب بالقاهرة سنة 1399هـ/1979م .

([4] ) إحياء علوم الدين لأبى حامد الغزالي جـ5، ص84 ـ دار الريان للتراث بدون تاريخ، وانظر : نشأة التصوف الإسلامي د. محمد ضياء الكردي ص74، وانظر : الإسلام والتصوف ص35 .

([5] ) الإسلام والتصوف للشيخ مصطفى عبد الرازق ص33، نشأة التصوف الإسلامي ص73 .

([6] ) الإسلام والتصوف ص34، نشأة التصوف الإسلامي ص74 .

([7] ) انظر : الإسلام والتصوف ص33، وانظر : نشأة التصوف الإسلامي ص73، 74، وانظر : مدخل إلى التصوف الإسلامي د. أبو الوفا التفتازاني ص26 ـ دار الثقافة ط الثانية سنة 1976م.

([8] ) إحياء علوم الدين لأبى حامد الغزالي جـ5، ص80، 81 .

([9] ) الطرق الصوفية في مصر ص13، من رسائل المجلس الأعلى للطرق الصوفية ـ القاهرة ـ مطبعة الأمانة سنة 1412هـ/1991م .

([10] ) انظر مع التصوف الإسلامي معارج ونماذج تأليف أحمد حنفي نصار القوصي ص11 مكتبة دار الثقافة بدون.

([11] ) انظر : مدخل إلى التصوف الإسلامى د. أبوالوفا التفتازانى ص286، محاضرات فى التصوف الإسلامى ـ معهد الدراسات الإسلامية سنة ـ القاهرة ـ سنة 1411هـ/1991م .

([12] ) السابق : الصفحة نفسها .

([13] ) أملاها على دون شرح فضيلة الشيخ حسن الشناوى شيخ مشايخ الطرق الصوفية فى 26/4/1997م .

([14] ) انظر: الاختلافات الفقهية لدى الاتجاهات الإسلامية المعاصرة بمصر تأليف محمد عبد اللطيف البنا ص 120 دار الوفاء 2000م.

([15] ) انظر: الاختلافات الفقهية لدى الاتجاهات الإسلامية المعاصرة بمصر تأليف محمد عبد اللطيف البنا ص 140.

([16] ) انظر لسان العرب لابن منظور ج11 ص724،725 دار المعارف بدون، وانظر مختار الصحاح ص 721 دار التراث بدون ، والحديث رواه البخاري عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:من قال حين يسمع النداء:اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته:حلت له شفاعتي يوم القيامةكتاب الأذان باب الدعاء عند النداء، انظر فتح الباري ج2 ص 299 دار التراث بدون.ورواه الترمذي أبواب الصلاة باب ما يقول الرجل إذا أذن المؤذن ج1ص 413 دار التراث بدون.ورواه أبو داود، كتاب الصلاة باب ما جاء في الدعاء عند الأذان ج1 ص144 دار التراث بدون.

([17] ) المائدة 35 .

([18] ) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج6 ص159 دار التراث العربي بدون.

([19] ) الإسراء 57 .

([20] ) الجامع لأحكام القرآن ج10 ص279،280 .

([21] ) سبق تخريجه.

([22] ) فتح الباري بشرح صحيح البخارى للحافظ ابن حجر ح2 ص300.

([23] ) رواه مسلم كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل المؤذن لمن سمعه ج2 ص320 المكتبة القيمة بدون، ورواه أبو داود كتاب الصلاة باب ما يقول إذا سمع المؤذن ج1ص142،143.

([24] ) رواه الترمذي كتاب الدعوات باب رقم 119 بدون عنوان (من دعائه-صلى الله عليه وسلم)-ج5ص569، وقال: حديث حسن صحيح غريب. والنسائي في عمل اليوم والليلة ص 204، وابن ماجة في إقامة الصلاة 1385.

([25] ) رواه البخارى كتاب الاستسقاء باب سؤال الناس الإمام الاستسقاء إذا قحطوا انظر فتح الباري ج3ص182.

([26] ) رواه الطبرانى في الكبير ج 52 كتاب النساء بابا الفاء باب فاطمة بنت أسد، والأوسط باب من اسمه أحمد: بابا أحمد بن حماد بن زغبة ج1 ص 250

([27] ) رواه أبو داود كتاب الصلاة باب فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة ج1 ص275

([28] ) فتح الباري ج3 ص186 .

([29] ) رواه السيوطى في جامع الأحاديث باب في شمائله-صلى الله عليه وسلم-ج10 ص396 رقم 31378، جمع وترتيب عباس أحمد صقر وأحمد عبد الجواد دار الفكر ط سنة 1414هـ-1994م، ورواه الطبراني في الكبير ج 21 كتاب الصاد باب صدى بن العجلان أبو أمامة الباهلي.

([30] ) من الدراسات التي أيدت مشروعية التوسل والوسيلة في كل ما سبق كتاب حقيقة التوسل والوسيلة على ضوء الكتاب والسنة تأليف موسى محمد على دار التراث العربى ط الثانية سنة 1410هـ - 1990م، كتاب التوسل بالأنبياء والصالحين للأستاذ الدكتور حسن الشيخ الفاتح الشيخ رئيس جامعة أم درمان الإسلامية سابقاً دار الجيل بيروت ط الأولى سنة 1412هـ - 1992م

([31] ) بيان للناس للأزهر الشريف ج2 ص73 مطبعة الأزهر بدون تاريخ.

([32] ) الزمر 3

([33] ) بيان للناس ج3 ص74

([34] ) بيان للناس ج2 ص80

([35] ) انظر السابق الصفحة نفسها

([36] ) النساء 80

([37] ) آل عمران 31

([38] ) رواه البخارى كتاب الشهادات باب كيف يستحلف؟ فتح الباري ج11 ص623 رقم الحديث 2679 .

([39] ) انظر بيان للناس ج2 ص80،81،82 .

([40] ) انظر بيان للناس ج2 ص82.

([41] ) البقرة 255 وانظر بيان للناس جـ2 ص87 -88

([42] ) سورة الأنفال 33 .

([43] ) بيان للناس ج2 ص88.

([44] ) رواه الترمذي كتاب الدعوات باب رقم 110 ج5 ص559،560 .

([45] ) رواه مسلم كتاب القسامة باب اثبات القصاص في الأسنان ج6ص177، ورواه البخارى كتاب الديات باب السن بالسن فتح ج14 ص212، وانظر بيان للناس ج2 ص89 .

([46] ) صححه ابن حجر في فتح الباري ج3 ص 183،184 .

([47] ) انظر بيان للناس ص89،90 وحديث أصحاب الغار رواه البخارى كتاب الحرث والمزارعة، باب إذا زرع بمال قوم بغير إذنهم، انظر فتح الباري ج5 ص282 ورواه مسلم كتاب الذكر باب قصة أصحاب الغار ج9ص65

([48] ) الفاتحة 5

([49] ) انظر بيان للناس من الأزهر الشريف ص75: 78

([50] ) فتح وفيض وفضل من الله في شرح كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله.للشيخ صالح الجعفرى ص167 دار جوامع الكلم (مشيخة الطرقة الجعفرية بالدراسة-القاهرة)بدون تاريخ .

([51] ) نور التحقيق في صحة أعمال الطريق-حامد إبراهيم محمد صقر (طريقة شاذلية) ص231،232 مطبعة دار التأليف ط الثانية 1389هـ-1970م.

([52] ) انظر نور التحقيق في صحة أعمال الطريق حامد إبراهيم 239،240

([53] ) الدرر السنية في الرد على الوهابية تأليف/أحمد السيد ذينى دحلان ص46، دار جوامع الكلم ط الثانية بدون تاريخ

([54] ) أبجدية التصوف الإسلامى، بعض ماله وماعليه محمد زكى إبراهيم ص329 : 333

([55] ) السابق ص58،59 وانظر أصول الوصول أدلة أهم معالم الصوفية من صريح الكتاب وصحيح السنة أ/محمد زكى إبراهيم ج1 ص58 ط الرابعة سنة 1416هـ - 1995م .

([56] ) أبجدية التصوف الإسلامى محمد زكى إبراهيم ص35 .

([57] ) نور التحقيق في صحة أعمال الطريق للشيخ حامد إبراهيم ص238،239 .

([58] ) أبجدية التصوف الإسلامى محمد زكى إبراهيم ص61 .

([59] ) سورة الإسراء 57 .

([60] ) نور التحقيق في صحة أعمال الطريق للشيخ حامد إبراهيم ص235 .

([61] ) انظر تفسيره للآية ص 5 من هذا البحث .

([62] ) انظر نور التحقيق في صحة أعمال الطريق للشيخ حامد إبراهيم حامد إبراهيم ص235،236، والحديث رواه الطبرانى في الكبير والأوسط وسبق تخريجه ص 8 من هذا البحث.

([63] ) رواه السيوطى في الجامع الكبير عند ذكر الدعاء المسنون عند الخروج للصلاة، انظر ص 8 من هذا البحث، وانظر السابق الصفحة نفسها.

([64] ) انظر الدرر السنية في الرد على الوهابية تأليف أحمد السيد زينى دحلان ص23 : 25، وانظر نور التحقيق ص236 .

([65] ) رواه أبو داود كتاب أولكتاب السنة ج 3 ص 500 وقال الحديث بإسناد أحمد بن سعيد صحيح، وانظر نور التحقيق ص236

([66] ) نور التحقيق في صحة أعمال الطريق للشيخ حامد لشيخ حامد إبراهيم ص237

([67] ) رواه البخارى كتاب الاستسقاء فتح ج3 ص182

([68] ) انظر نور التحقيق في صحة أعمال الطريق تأليف حامد إبراهيم ص237،238، وانظر إرغام المبتدع الغبى بجواز التوسل بالنبى، تأليف عبد الله بن محمد بن الصديق الغمارى الحسنى ص5 دار الإمام النووى - عمان ط الثانية سنة 1412هـ-1992م.وانظر فتح وفيض وفضل من الله للشيخ صالح الجعفرى ص173 : 178

([69] ) رواه الترمذي كتاب الدعوات باب من دعائه-e- ج5 ص569 .

([70] ) انظر فتح وفيض وفضل للشيخ صالح الجعفرى ص173 .

([71] ) مجلة التوحيد من مقال للدكتور/سعيد سفر القحطانى ص48 عدد 6 جمادى الآخر سنة 1414هـ.

([72] ) الأعراف 180 .

([73] ) البقرة 127، 128

([74] ) آل عمران 16

([75] ) رواه مسلم في كتاب الإيمان باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولاعذاب ج2 ص90.

([76] ) يوسف 97، 98.

([77] ) النساء 64 .

([78] ) القصص 24، وانظر فتاوى علماء البلد الحرام ص 54 فتوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في أنواع التوسل والوسيلة دار البصيرة بالأسكندرية الطبعة الأولى سنة1420هـ 1999م.

([79] ) الزمر 3 .

([80] ) الصوفية معتقداً وسلوكاً تأليف د.صابر طعيمة ص337،338 بتصرف الرياض ط الأولى سنة 1405هـ-1985 وانظر مجلة التوحيد ص48 : 50 عدد 6 جمادى الآخرة 1414هـ،1415هـ، مجلة التوحيد ص7 رجب 1412هـ، وانظر فتاوى علماء البلد الحرام فتوى ابن عثيمين رحمه الله ص 55.

([81] ) مجلة التوحيد ص40 عدد 8 شعبان سنة 1415هـ وانظر فتاوى علماء البلد الحرام ص 53-55.

([82] ) الحديث رواه البخارى وسبق تخريجه .

([83] ) اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية ص359 دار الحديث-القاهرة-بدون تاريخ.

([84] ) فتاوى علماء البيت الحرام ص 49، والفتوى لفضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى.

([85] ) السابق ص374 بتصرف.

([86] ) فتاوى علماء البيت الحرام ص 17، والفتوى لفضيلة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى.

([87] ) انظر السابق الصفحة نفسها.

([88] ) انظر مجلة التوحيد ص48 : 50 عدد جمادى الأخر 1414هـ

_________________
كميشى حسينى من آل بيت النبوة

صورة


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء إبريل 18, 2006 5:34 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة مارس 19, 2004 3:05 pm
مشاركات: 941
مكان: EGYPT
[font=Arial][align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين[/align]

الحمد لله حمداً طيباً مباركا فيه ،حمداً يوافى نعمه ويكافؤ مزيده ،اللهم لك الحمد على ماألهمتنا من الثناء عليك ، وماوهبتنا من محبتك ومحبة أوليائك ، وأصفيائك ،اللهم أدم علينا نعمة الحمد لك والشكر لك ، حتى نلقاك وليس فى رقبتنا مذمة لأحد من أوليائك ولانعمة لأحد من أعدائك ،أنت الأول وأنت الآخر وأنت الظاهر وأنت الباطن لاإله إلا أنت ولامعبود بحق سواك ،أدم علينا نعمتك ولاتكلنا إلى أحد طرفة عين

والصلاة والسلام على سيد السادات ومنبع البركات وآله الطاهرين الطيبين أهل الفيوضات والعطيات، الذى ارسلته رحمة للعالمين ، بشيراً ونذيراً وهاديا إلى الحق وإلى طريق مستقيم ، فأدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح الأمة وأزال الغمة ، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لايزيغ عنها إلا هالك


ثم أما بعد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سيدي الشريف نجيب الكميشي حفظك الله

لى ثلاثة تعقيبات فحسب على ماتفضلتم به سيدي الشريف

أولاً : من المعروف لمن له تصفح بكتب الفقه وفقاً للمذاهب الفقهية الأربعة المعتمدة لدي الأمة المحمدية أن مسألة التوسل والوسيلة {{ باب من أبواب الفقه - فمن أدخلها بباب العقائد من سلفنا الصالح علماء الأمة المحمدية }}

الحرانى هو من أدخلها كما أدخل تثليث النصارى إلى عقائد المسلمين وغير ذلك من رزاياه



ثانيا : مَن مِن علماء الأمة المحمدية من سلفنا الصالح رضوان الله عليهم فرق بين كون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حياً ومنتقلاً من حيث التوسل وغير ذلك من الأحكام

الحراني


ثالثا : مَن مِن علماء الأمة المحمدية من سلفنا الصالح رضوان الله عليهم قال بحرمة التوسل برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
الحرانى


فهل أضحى الحراني أعلم من سلفنا الصالح رضوان الله عليهم الأئمة الأربعة الأعلام على سبيل المثال ؟؟!!!!!!!!

وهل أضحى الحراني قيماً على الأمة المحمدية ، من الجائز أن يكون قيماً على أتباعه فهو يفكر عوضاً عنهم ومن الجائز عندهم تخطئة سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (( أستغفر الله العلى العظيم والعفوا والسماح والمغفرة من سيدي ومولاي وروح فؤادي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ))

عوضاً عن تخطئة الحراني

وهل أضحى الوهابية أدعياء التمسلف وسلفنا الصالح منهم براء حجة فى الدين أو أنهم يمثلون سلفنا الصالح رضوان الله عليهم أجمعين ؟؟!!!

إنا لله وإنا إليه راجعون


[align=center]وختاماً : التوسل والوسيلة
ليس محل خلاف بين أهل الله الصوفية والوهابية الحرانية

بل هو محل خلاف بين
الحراني وأتباعه من ناحية والأمة المحمدية بأسرها على إختلاف مذاهبها الفقهية والعقدية ومشاربها الروحية من الناحية الأخرى
[/align]


سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لاإله إلا أنت ، أشتغفرك اللهم من جميع الذنوب والخطايا وأتوب إليك

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق والهادى إلى صراطك المستقيم وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم فى كل لمحة ونفس عدد ماوسعه علم الله
[/font]

_________________
لافتى إلا عــــــــلي ( عليه السلام ) ولاسيف إلا ذوالفقار

أَنا عبدٌ لسيّد الأنبياءِ وَولائي لهُ القديم ولائي
رغم أنف الأدعيـــــاء ومنافقي بني الزرقـــــاء


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 2 مشاركة ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 6 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط