لـيـعلم أن التوسّل والتوجّه والتشفّع وكذا الاستفتاح والاستغاثة متقاربة في المعنى متحدة في الاستعمال،
ومعنى ذلك طلب حصول منفعة أو اندفاع مضرّة من الله بذكر اسم نبي أو ولي إكرامًا للمتوَسَل به،
وقد ورد ذلك في الكتاب والسنة الصحيحة ومن فعل السلف وأقوالهم
وأما الكتاب فقوله تعالى: {وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا}
فقد ذكر أهل التفسير أن اليهود كانوا يقولون: اللهم انصرنا عليهم بالنبي المبعوث في ءاخر الزمان، وهذا ما يقتضيه اللفظ إذ الاستفتاح طلب الفتح كما قال الراغب الأصبهاني في المفردات في غريب القرءان ما نصه: والاستفتاح طلب الفتح أو الفتاح قال تعالى: {إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح} أي إن طلبتم الظفر أو طلبتم الفتاح أي الحكم أو طلبتم مبدأ الخيرات فقد جاءكم ذلك بمجيء النبي صلى الله عليه وسلم. وقوله تعالى: {وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا} أي يستنصرون الله ببعثة محمد عليه السلام وقيل يستعلمون خبره من الناس مرة ويستنبطونه من الكتب مرة وقيل يطلبون من الله بذكره الظفر وقيل كانوا يقولون إنـا لنُنْصَرُ بمحمد عليه السلام على عبدة الأوثان.اهـ.
قال الرازي في تفسيره الكبير ما نصه: ففي سبب النـزول وجوه: أحدها أن اليهود من قبل مبعث محمد عليه السلام ونزول القرءان كانوا يستفتحون أي يسألون الفتح والنصرة وكانوا يقولون: اللهم افتح علينا وانصرنا بالنبي الأمي. وثانيها كانوا يقولون لمخالفيهم عند القتال: هذا نبي أظل زمانه ينصرنا عليكم ، عن ابن عباس.اهـ
وقال الآلوسي في تفسيره روح المعاني ما نصه: نزلت في بني قريظة كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه قاله ابن عباس رضي الله عنه وقتادة والمعنى يطلبون من الله تعالى أن ينصرهم به على المشركين كما روى السدي أنه كان إذا اشتد الحرب بينهم وبين المشركين أخرجوا التوراة ووضعوا أيديهم موضع ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا إنا نسألك بحق نبيك أن تنصرنا على عدونا.اهـ
وقال علي بن حبيب الماوردي البَصري في تفسيره المعروف بالنكت والعيون ما نصه: {وكانوا من قَبْلُ يستفتحونَ على الذين كفروا} يعني يستنصرون، قال ابن عباس: إن اليهود كانوا يستنصرون على الأوس والخزرج برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه فلما بعثه الله تعالى من العرب كفروا به، فقال لهم معاذ بن جبل وبشر بن البراء بن معرور: أو ما كنتم تُخبروننا أنه مبعوث؟ فقال سلام بن مشكم: ما جاءنا بشىء نعرفه وما هو بالذي كنا نذكر لكم، فأنزل الله تعالى: {بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزلَ الله بَغيا أن يُنـزّل الله من فضله على من يشاء من عباده فباءو بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين}. اهـ
قال الإمام تقي الدين الحصني في كتابه دفع شبه من شبّه وتمرّد ونسب ذلك إلى السيد الجليل الإمام أحمد ما نصه: {وكانوا} أي اليهود {من قبل} أي بعث محمد صلى الله عليه وسلم {يستفتحون} أي يستنصرون {على الذين كفروا} وهم مشركوا العرب كانوا يقولون إذا حزبهم أمر أو دهمهم عدو انصرنا بجاه النبي المبعوث ءاخر الزمان الذي نجد صفته في التوراة فكانوا يُنصرون وكانوا يقولون لأعدائهم كغطفان وغيرها من المشركين قد أظل زمان نبي يخرج بتصديق ما قلناه فنقتلكم معه قتل عاد وثمود. فانظر أرشدك الله إلى قدره ودنو منـزلته عند ربه كيف قبل عز وجل التوسل به من اليهود مع علمه سبحانه بأنهم يكفرون به ولا يوقرونه ولا يعظمونه بل يؤذونه ولا يتبعون النور الذي أنزل معه فمن منع التوسل به فقد نادى على نفسه وأعلمَ الناسَ بأنه أسوأ حالا من اليهود.اهـ
فإن قيل هذا تمسك بفعل اليهود. فالجواب: إنه تمسك بتقرير الشرع فإنه تعالى ذكر استفتاحهم بالنبي صلى الله عليه وسلم ولـم ينكره الله عز وجل بل أنكر كفرهم قال تعالى: {فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به} الآية.
وكذلك قوله تعالى: {وأوحينا إلى موسى إذ استسقـه قومه أن اضرب بعصاك الحجر} دلَّ على جواز الاستعانة بغير الله تعالى من عباده الصالحين إذ كان قومه يعلمون أن الله قادر على أن يسقيهم لو سألوه ومع ذلك عدلوا إلى السؤال من نبيهم لعلمهم أنه ذو منـزلـة عند ربه فيجيبه وهم ليسوا كذلك وقد أجاب الله نبيه موسى عليه الصلاة والسلام وأخبرنا بذلك مادحا نبيه ومذكرا إنعامه عليهم بذلك.
نص الإمام الفقيه علي السبكي في كتابه شفاء السقام (ص 160) على جواز التوسل, ونص عبارته:
"اعلم أنه يجوز ويحسن التوسل والاستعانة والتشفع بالنبي صلى الله عليه وسلم الى ربه سبحانه وتعالى,وجواز ذلك وحُسنُه من الأمور المعلومة لكل ذي دين المعروفة من فعل الانبياء والمرسلين وسير السلف الصالحين والعلماء والعوام من المسلمين, ولم ينكر احد ذلك من أهل الاديان ولا سمع به في زمن من الازمان حتى جاء ابن تيمية فتكلم في ذلك بكلام يلبس فيه على الضعفاء الأغمار, وابتدع ما لم يسبق اليه في سائر الأعصار"ا.هـ
ذكر شيخ الاسلام علاء الدين أبو الحسن علي بن بن سليمان المرداوي الحنبلي في كتابه (( الانصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الامام أحمد بن حنبل)) الجزء الثاني المطبوع عام 1400 هجري في الصفحة 456 السطر الثاني عشر ما يلي :
<<ومنها : يجوز التوسل بالرجل الصالح ,على الصحيح من المذهب . وقيل يستحب>>
قال الامام أحمد للمروذي: يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في دعائه. وجزم به في المستوعب وغيره. وجعله الشيخ تقي الدين كمسألة اليمين به . قال : والتوسل بالايمان به وطاعته ومحبته والصلاة والسلام عليه, وبدعائه وشفاعته . ونحوه مما هو من فعله أو أفعال العباد المأمور بها في حقه : مشروع اجماعاً. اهـ
ذكرالامام أبو اسحاق برهان الدين ابراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مفلح المؤرخ الحنبلي في كتابه (( المبدع في شرح المقنع)) الجزء الثاني الصفح 204 ما نصه:
قال أحمد (أي أحمد بن حنبل) في منسكه الذي كتبه للمروذي: انه يتوسل بالنبي صلى الله عليه و سلم في دعائه , و جزم به في المستوعب و غيره. اهـ
ذكر المرداوي في كتاب الإنصاف تحت عنوان فوائد ما نصه (( ومنها - أي من الفوائد - يجوز التوسل بالرجل الصالح على الصحيح من المذهب وقيل يستحب)) اهـ.
فماذا يقول هؤلاء عن المذهب الحنبلي الذي قرر أن التوسل بالنبي بعد موته سنة على رأي ، وجائز فقط على رأي فهل يكفرون الحنابلة ؟
وما معنى اعتزاز هؤلاء بأحمد مع أن أحمد في وادٍ وهم في وادٍ آخر ؟
وقد قال الإمام أحمد للمروذي ، يتوسل أي الداعي عند القحط وقلة المطر أو انقطاعه بالنبي صلى الله عليه وسلم في دعائه ، وجزم به في المستوعب وغيره )) اهـ
قال الحافظ الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (1/122-125) وهو الذي قيل فيه: إن المؤلفين في كتب الحديث دراية عيال على كتبه, ما نصه: أخبرنا القاضي أبو محمد الحسن بن الحسين بن محمد بن رامين الإسترباذي, قال: أنبأنا أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي قال: سمعت الحسن بن إبراهيم أبا علي الخلال يقول: ما همني أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر فتوسلت به إلا سهّل الله تعالى لي ما أحبّ.
أخبرنا إسماعيل بن أحمد الحِيري قال: أنبأنا محمد بن الحسين السُّلمي قال: سمعت أبا الحسن بن مقسم يقول: سمعت أبا علي يقول: سمعت إبراهيم الحربي يقول: قبر معروف الترياق المجَرّب.
أخبرني أبو اسحـق إبراهيم بن عمر البركمي قال: نبأنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد الزهري قال: سمعت أبي يقول: قبر معروف الكرخي مجرّب لقضاء الحوائج, ويقال: إنه من قرأ عنده مائة مرة {قل هو الله أحد} وسأل الله تعالى ما يريد قضى الله له حاجته.
حدثنا أبو عبد الله محمد بن عليّ بن عبد الله الصوري قال: سمعت أبا الحسين محمد بن أحمد بن جميع يقول: سمعت أبا عبد الله بن المحاملي يقول: أعرف قبر معروف الكرخي منذ سبعين سنة, ما قصده مهموم إلا فرّج الله همّه.
أخبرنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن علي بن محمد الصميري قال: أنبأنا عمر بن إبراهيم المقري قال: نبأنا علي بن ميمون قال: سمعت الشافعي يقول: إني لأتبرك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره في كل يوم – يعني زائرا – فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين وجئت إلى قبره وسألت الله تعالى الحاجة عنده, فما تبعد عني حتى تقضى.
ومقبرة باب البردان, فيها أيضا جماعة من أهل الفضل, وعند المصلى المرسوم بصلاة العيد كان قبر يعرف بقبر النذور, ويقال: إن المدفون فيه رجل من ولد علي بن أبي طالب رضي الله عنه يتبرك الناس بزيارته, ويقصده ذو الحاجة منهم لقضاء حاجته.
حدّثني القاضي أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي قال: حدثني أبي قال: كنت جالسا بحضرة عضد الدولة ونحن مخيمون بالقرب من مصلى الأعياد في الجانب الشرقي من مدينة السلام نريد الخروج معه إلى خمذان في أوّل يوم نزل المعسكر, فوقع طرفه على البناء الذي على قبر النذور فقال لي: ما هذا الابناء؟ فقلت: هذا مشهد النذور, ولم أقل قبر لعلمي بطيرته من دون هذا, واستحسن اللفظة وقال: قد علمت أنه قبر النذور, وإنما أردت شرح أمره, فقلت: هذا يقال إنه قبر عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب, ويقال: إنه قبر عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب, وإن بعض الخلفاء أراد قتله خفيا, فجعلت له هناك زبية وسير عليها وهو لا يعلم, فوقع فيها وأهيل عليه التراب حيا, وإنما شهر بقبر النذور لأنه ما يكاد ينذر له نذر إلا صح وبلغ الناذر ما يريد ولزمه الوفاء بالنذر, وأنا أحد من نذر له مرارا لا أحصيها كثرة نذورا على أمور متعذرة, فبلغتها ولزمني النذر فوفيت به, فلم يتقبل هذا القول وتكلم بما دل أن هذا إنما يقع منه اليسير اتفاقا, فيتسوق العوام بأضعافه, ويسيرون الأحاديث الباطلة فيه, فأمسكت؛ فلما كان بعد أيام يسيرة ونحن معسكرون في موضعنا استدعاني في غدوة يوم وقال: اركب معي إلى مشهد النذور, فركبت وركب في نفر من حاشيته إلى أن جئت به إلى الموضع, فدخله وزار القبر وصلى عنده ركعتين سجد بعدهما سجدة أطال فيها المناجاة بما لم يسمعه أحد, ثم ركبنا معه إلى خيمته وأقمنا أياما, ثم رحل ورحلنا معه يريد همذان, فبلغناها وأقمنا فيها معه شهورا, فلما كان بعد ذلك استدعاني وقال لي: ألست تذكر ما حدثتني به في أمر مشهدالنذور ببغداد, فقلت: بلى, فقال: إني خاطبتك في معناه بدون ما كان في نفسي اعتمادا لإحسان عشرتك, والذي كان في نفسي في الحقيقة أن جميع ما يقال فيه كذب؛ فلما كان بعد ذلك بمديدة طرقني أمر خشيت أن يقع ويتم, وأعملت فكري في الاحتيال لزواله ولو بجميع ما في بيوت أموالي وسائر عساكري, فلم أجد لذلك فيه مذهبا, فذكرت ما أخبرتني به في النذر لقبر النذور, فقلت: لِمَ لا أجرّب ذلك, فنذرت إن كفاني الله تعالى ذلك الأمر أن أحمل إلى صندوق هذا المشهد عشرة ءالاف درهم صحاحا, فلما كان اليوم جاءتني الأخبار بكفايتي ذلك الأمر, فتقدمت إلى أبي القاسم عبد العزيز بن يوسف – يعني كتابه – أن يكتب إلى أبي الريان وكان حاضرا, فقال له عبد العزيز: قد كتبت بذلك ونفذ الكتاب. اهـ.
لمَ نقول " اللهم إني أسألك بجاه رسول الله أو بحرمة رسول الله أن تقضي حاجتي وتفرّج كربتي" ؟
جَعَلَ الله سبحانه وتعالى من الأسبابِ المعينةِ لنا لتحقيقِ مطالب لنا التَّوسلَ بالأنبياءِ والأولياءِ في حالِ حياتِهم وبعدَ مماتِهِم،
فنحنُ نسألُ الله بهم رجاءَ تحقيقِ مطالِبنَا، فنقولُ: اللهمَّ إني أسألُكَ بجاهِ رسولِ الله أو بحرمَةِ رسولِ الله أن تقضيَ حاجَتي وتفرّجَ كَربي،
أو نقول: اللهم بجاهِ عبدِ القادرِ الجيلانيّ ونحو ذلكَ، فإن ذلكَ جائزٌ وإنما حَرَّمَ ذلكَ الوهَّابيةُ فشذُّوا بذلكَ عن أهلِ السنَّةِ " .
يخطئ كثير من الناس في فهم حقيقة التوسل، ولذا فإننا سنبين مفهوم التوسل الصحيح في نظرنا وقبل ذلك لابد أن نبين هذه الحقائق .
أولا : أن التوسل هو أحد طرق الدعاء وباب من أبواب التوجه إلى الله سبحانه وتعالى ، فالمقصود الاصلي الحقيقي هو الله سبحانه وتعالى ، والمتوسل به إنما هو واسطة ووسيلة للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى .
ثانيا : أن المتوسل ماتوسل بهذه الواسطه إلا لمحبته لها وإعتقاده أن الله سبحانه وتعالى يحبها ، ولو ظهر خلاف ذلك لكان أبعد الناس عنها وأشد الناس كراهة لها .
ثالثا : أن المتوسل لو أعتقد أن من توسل به إلى الله ينفع ويضر بنفسه فقد أشرك لأن خالق النفع والضر هو الله .
رابعا : أن التوسل ليس أمرا لازما أو ضروريا ، وليست الاجابة متوقفة عليه بل الاصل دعاء الله تعالى مطلقا ، كما قال تعالى في سورة البقرة( 186)-{وَإِذا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلّهُمْ يَرْشُدُونَ} وكما قال تعالى في سورة الإسراء( 110)-{قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرّحْمَـَنَ أَيّاً مّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأسْمَآءَ الْحُسْنَىَ وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً}
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم علّم بعض أصحابه التوسل :
عن عثمان بن حنيف رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءه رجل ضرير فشكا إليه ذهاب بصره ، فقال : يارسول الله ! ليس لي قائد وقد شق علي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( ائت الميضاة فتوضأ ثم صلي ركعتين ثم قل : اللهم إني أسئلك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمه يــــا محـمـّــد إني أتوجه بك إلى ربك فيجلى لي عن بصري ، اللهم شفعه في وشفعني في نفسي ، قال عثمان : فوالله ما تفرقنا ولا طال بنا الحديث حتى دخل الرجل وكأنه لم يكن به ضر )) . قال الحاكم : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه . وقال الذهبي عن الحديث إنه صحيح 1/519 . وقال الترمذي في أبواب الدعوات أخر السنن : هذا حديث حسن صحيح .
وليس هذا خاصا بحياته صلى الله عليه وسلم بل قد استعمل بعض الصحابة هذه الصيغة من التوسل بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فقد روى الطبراني هذا الحديث وذكر في أوله قصة وهي : أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان رضي اله عنه في حاجة له ، وكان عثمان رضي الله عنه لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته ، فلقي الرجل عثمان بن حنيف فشكا ذلك إليه ،فقال له عثمان بن حنيف : ائت الميضاة فتوضأ ثم ائت المسجد فصل فيه ركعتين ثم قل : ((اللهم إني أسئلك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمه يامحمد إني أتوجه بك إلى ربك فيقضي حاجتي ، وتذكر حاجتك ... فانطلق الرجل فصنع ماقال له ، ثم أتى باب عثمان فجاء البواب حتى أخذه بيده فأدخله على عثمان فأجلسه معه على الطنفسة وقال : ماحاجتك ؟ فذكر حاجته فقضاها له ، ثم قال : ماذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة ثم قال : ما كانت لك حاجه فأتنا ، ثم إن الرجل لما خرج من عنده لقى عثمان بن حنيف وقال له : جزاك الله خيرا ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إلي حتى كلمته في ، فقال عثمان بن حنيف : والله ماكلمته ، ولكن شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتاه رجل ضرير فشكا إليه ذهاب بصره فقال النبي صلى الله عليه وسلم أو تصبر ؟ فقال يارسول الله ! ليس لي قائد ، وقد شق علي ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ائت الميضاة فتوضأ ثم صلي ركعتين ثم ادع بهذه الدعوات ، فقال عثمان بن حنيف : فوالله ما تفرقنا ولا طال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضر قط )) .
قال المنذري : رواه الطبراني ، وقال بعد ذكره : والحديث صحيح ، كذا في الترغيب ج 1 ص 440 وكذا في مجمع الزوائد ج 2 ص 279 .
إن أحاديث الشفاعة بلغت مبلغ التواتر وهذا ما دلت عليه النصوص الصريحة التي تفيد بأن أهل الموقف إذا طال عليهم الوقوف واشتد الكرب إستغاثوا في تفريج كربتهم بالانبياء فيستغيثون بآدم ثم بنوح ثم بإبراهيم ثم بموسى ثم بعيسى فيحيلهم على سيد المرسلين حتى إذا استغاثوا به صلى الله عليه وسلم سارع إلى إغاثتهم وأسعف طلبتهم ، وقال أنا لها أنا لها فيسجد لله ولايزال كذلك حتى ينادى أن أرفع رأسك واشفع تشفع .
فهذا إجماع من الانبياء والمرسلين وسائر المؤمنين وتقرير من رب العالمين بأن الاستغاثة عند الشدائد بأكابر المقربين من أعظم مفاتيح الفرج ومن موجبات رضى رب العالمين .
روى البيهقي في الشعب (6/128) ان الامام احمد قال : " حججت خمس حجج اثنتين راكبا و ثلاث ماشيا، أو ثلاث راكبا و اثنتثن ماشيا، فضللت الطريق في حجة و كنت ماشيا فجعلت أقول : يا عباد الله دلوني على الطريق ، قال فلم أزل أقول حتى وقفت على الطريق " اهـ ،
فهل يقول منصف ذو لب ان فعل الامام احمد هذا ظاهرة شركية لأنه طلب من غير الله
ثبت ايضا ( كشف الاستار(4/34) ، شعب الايمان(1/445)، مجمع الزوائد(10/ 132) أن ابن عباس روى عن النبي انه قال :
" إن لله ملائكة سوى حفظة سياحين يكتبون ما يسقط من ورق الشجر، فإذا اصاب أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد : أعينوا عباد الله " ، حسنه الحافظ ابن حجر الآمالي مرفوعا ، و قال الحافظ الهيثمي: و رجاله ثقات ، و أخرجه البيهقي في الشعب موقوفا.
فى هذا القدر كفاية ( والله يحق الحق ولو كره المنكرون )
_________________ كميشى حسينى من آل بيت النبوة

|