|
مديهـا او مديحه و روثـا الإسبانية داخل مقام سيدنا الحسين..
هى قصة واقعية حدثت بالفعل لى عام 1999 و ليست من نسج خيالى ..
خرجت من عملى و انا مفعمة بالأمل أن أجد مجموعة كتب قيمة فى التصوف ..
و ذهت لمكتبة تكاد تكون بدروم او كهف تحت الأرض يعلوه أتربة الزمان الماضى والحاضر و المستقبل و يحتاج الداخل لها أن يلبس كمامة كالتى يلبسها رجال الاطفاء .. و لكن يغفر لهذه المكتبة العتيقة ان بها ما لا تجده فى أسواق الكتب و ارخص طبعا .. وموقعها فى حارة امام ميدان مولانا الحسين عليه الصلاة و السلام..
و بعدما حملت من مغارة الكتب ما استطيع حمله توجهت الى مقام سيدنا الحسين بعد المغرب .. و فى هذا التوقيت تكون الزيارة منفصلة بين الحريم و الرجال .. و دخلت من الباب الذى انا على شاكلته .. و جلست امام مولانا فى ركن مبتعدة عن الزائرات .. ولأول مرة فى حياتى يغالبنى النوم بشدة و كأن قوة قاهرة تجذب رأسى لتلقى به على صدرى و عبثا قاومت و لا ادرى ما المدة التى قضيتها بين المقاومة و الغفوة لأصحو على اصوات النسوة فى المكان و قد علت اصواتهن بكلمات لم اتبين منها شىء لارتباكى مما حدث منى و عينايا محدقتان باعتذار الى صاحب المشهد الجليل عما بدر منى و لم التفت الى مايجرى بجانبى .. ثم تحسست حقيبتى و وقفت فى مكانى ناظرة الى المشهد و انا فى دهشة الاستيقاظ المباغت و استأذنت الرحيل خجلة و استدرت الى الباب و لمحت تجمهر النسوة فى المكان و انظارهن متوجهة الى اسفل فى تجاه الركن الاخر و قدعلت اصواتهن بكلمات ..
صوت احداهن : ارمى عليها الطرحة ..
صوت آخرى : يا ختى هى عايزة تتغطى ؟!!
صوت آخرى : الرجالة بيبصوا عليها .. دى ملط .. يالهوى على الفضايح ..
صوت نسائى بحرقة : استنانى بره يا براهيم .. مش زرت ؟!! واقف ليه ؟..انا خارجة اهو .. اطلع ..
و كثير من هذه الكلمات .. و العجيب انى لم انظر تجاه الركن المثير لهذا الضجيج .. و امد قدمى لأضعها على اول سلمه لباب الخروج من المقام و لا ادرى ماذا حدث و كأن شيئا ما ادارنى عنوة فى مكانى ليصبح وجهى مواجها للمقام مرة آخرى .. فتقدمت الى المشهد الجليل و اذا برأسى يدار بلا ادنى ارادة منى و بطريقة آلية تماما .. لألفى نفسى انظر الى ما يجتمع عليه النسوة ..
فى ركن الذى يفصل الحريم هن الرجال تقبع فتاة جميلة تبدو اجنبية الا ان بتقاطيعها مسحة شرقية .. جالسة متكورة فى الركن شبه عارية حقا .. و تبكى بحرقة الى ان بللت دموعها صدرها العارى و ما وصلت اليه من فستانها الكتان و الذى يكشف عن جزءها العلوى و ايضا السفلى فهو مفتح من النصف الاسفل من جهاته الأربع ليكشف عن ساقيها وما بعدهما .. و تحاول ان تضم ساقيها الطويلتان .. فتزيد الطين بلة و تكشف عما بقى منها ..
تبنهت للنسوة و هن يحاولن تقديم طرح او شالاتهن و هى لا تنظر اليهن .. تقدمت و انا اسمع احدى الزائرات تنظر الى ركن زيارة الرجال و تزعق بصوت اكثر حرقة : مش قلتلك اخرج يا براهيم.. استانى بره .. واقف مسمر ؟!! بتبص على ايه ؟!!
و اذ بالزوار الرجال ايضا ينظرون الى الفتاة ..
رجعت بنظرى الى الفتاة و اذ بها محدقة بى بنظرة استغاثة وعيناها لا تزيغ عن النظر الى عينى متلهفة ان انجدها من العالم الذى لم تعتاده .. تقدمت اليها و النسوة يفسحن المكان بسرعة لمرورى .. مددت يدى لها و انا لا اعرف لماذا .. اسرعت هى ايضا بمد يدها وقبضت على يدى و قامت مسرعة الي .. و لا اعرف الا انى تقدمت بها الى المشهد الجليل .. و سألتها اتعرفين العربية ؟ فهزت رأسها بالنفى .. و فجاة و لا اعلم ايضا كيف تكلمت معها بطلاقة و باللغة الإنجليزية التى كادت تنعدم منى لعدم استخدامها !! و قلت لها بإشارة نحو المقام .. قوليله كل حاجة .. حايسمعك .. اشكيله و احكيله اللى تاعبك و من غير صو ..... والتفت اليها مندهشة باستجابتها السريعة ..وجدتها قد اغمضت عينيها و تحرك شفتيها بغير صوت .. التفت الى مشهد مولانا وانا محتارة و بسوء ادب هممت ان استعطفه .. و اذ بتنهيدة تتلوها تنهديات تزيح جبالا من الهم و الكمد .. ثم اعقبتها شهقة .. احسست انها تنفست فيها هواء المكان كله ..
التفت الى الفتاة لأجدها تفتح عينيها ببطأ و قد انفرجت اسارير وجهها و عيناها تشعان بالنور و بشرتها قد ازدادت وهج .. تكاد كل خلايا جسمها تتلألأها بالنور ..
و تكلمت لأول مرة الي .. قالت : انا مش حاسة بحاجة .. لا شىء لاشىء لاشىء .. انا حاسة بسعادة غريبة جوايا ..
و لا أعلم بعدها ما حدث و لا لما كنت أسحبها أو أجرها من يدها الى خارج المقام مسرعة و هى مستسلمة لي .. و لم الحظ ان الجميع شغل عنا تماما وخرجنا وكأننا مختفيتان عن الاعين .. وعرضت عليها ان أوصلها الى القندق الذى تنزل به و كان ايضا على عكس ما توقعت .. فقد رافقتنى روثـا و هذا اسمها الى بيتى و تركت فندقها السبع نجوم .. يعنى فوق الثلاث مائة دولار لليوم الواحد .. و ضحت بخمس ليالى مدفوعين مسبقا ..
و عرفت سبب دخولها الى مقام مولانا الحسين و قصتها ..
فقد انهت روثـا الجميلة كل علاقتها بمدريد بإسبانيا ..استقالت من عملها و باعت بيتها و سيارتها و نزلت الى مصر الى حبيبها المصرى الذى يعمل بالسياحة .. فقد اتفق معها على الزواج فى آخر زيارة له لمدريد .. و عليه قامت روثا الرومانسية بإنهاء كل متعلقاتها ببلدها وطارت مسرعة بأجنحة الشوق و الوله الى حبيبها بالقاهرة حالمة بعش الزوجية .. و لحظها العاثر أو كما اتضح بعد ذلك لحظها الجميل .. تفاجأ روثـا من زملائه انه يقضى شهر عسله فى شرم الشيخ .. و ترفض هى التصديق و تحاول مكالمته ويصل الأمر به يغلق الموبايل فى وجهها حرصا على مشاعر عروستة بعد ضحك من تصديقها مخطط جوازه منها .. و مشت فى الشوارع حزينة تعيد الكرة و الكرة لا تستطيع ان تصدق مايجرى .. الى ان اصبح موبايله خارج الخدمة.. و تنهار روثـا وتبكى بصوت و يتجمهر عليها الناس .. و تجرى روثـا فى ميدان مولانا الحسين تبحث عن مكان تصرخ فيه بعيدا عن تطفل الناس وملاحقتهم لها .. وتقع عيناها على مسجد مقام مولانا الحسين الذى تلقفها فى حضنه .. فزلفت داخلة مسرعة لتختبىء فى بيت كما قالت اعرف انه اثر من الاثار الدينية من شكله و انه سيكون خالى .. ولم تعلم أنه ينتظرها به الحى .. لينهى كل عذابها .. بل ينسيها و فى لحظة مرار الغدر و الحبيب الخائن .. ويضمد جرح يعلم الله ما كان سيترك بها لو لم يداوى بحنان الحبيب الحق ..
و اصبحت روثـا الإسبانية عاشقة " الهوسين " حبيبها الذى خطف قلبها الممهد للعشق الربانى من الازل .. فهى مستكينة آمنة لهذا الحبيب الذى لا يجرحها و لا يغدر بها .. و باتت مع الزمن حتى بعدعودتها الى بلدها تناجيه و تكلمه و يرشدها لما فيه خيرها وانصلحت جميع احوالها فى بلدها لوظيفة احسن و بيت ارقى من البيت التى باعته وتغيرت حياتها للأحسن .. و تعود روثـا فى إجازاتها دوما الى مصر و تزور مولانا و تسيح معى فى زيارات ال البيت ..
و منذ عامين زارت الهند على انه بلد روحانى .. و فوجئت بها تكلمنى على الموبايل سعيدة و تقول : مديها انا شفت سيا بابا ..
و بعدها من خلال الخطابات حدثتنى عن هذا اللقاء .. فالسيا بابا له شهرة عالمية و البعض يقول انه الغوث و يعلم الله .. قالت لى انها وقفت وسط الألاف من المتجمهرين من شتى الجنسيات و شتى بقاع العالم فى الميدان يبيتون الليالى ينتظرون ان يخرج السيابابا و يمشى فينظرون اليه تبركا و يا سعد من وقع نظره عليه .. ووقفت روثـا و سط التجمعات و فعلا خرج السيا بابا فى موكبه يخترق المتجمهرين .. و روثـا تسال الحسين ان ينظر السيا بابا اليها .. وعلى حين غرة يلتفت البابا الى تجاه روثا ويركز نظره عليها .. فتقول لى انها احست بقوة عظيمة قد تخللت جسدها من نظرته و كانه مد شعاع من بصره الى بصرها و انها احست بقوة رهيبة .. ففكرت فى داخلها ان الحسين امره ان ينظر اليها .. فياللعجب وجدت السيا بابا يبتسم لها و يهز رأسه ثم يدير وجهه ويستأنف مسيرته وسط الجموع .. تهللت روثـا و علمت ان الحسين امره ان ينظر اليها و انه احترم امر الحسين و جرت مسرعة لتزف اليَ الخبر ..
هذه روثـا المدون فى بطاقتها لا ديانة .. التى لا تعرف عن الاسلام سوى الاثار الاسلامية فى بلدها.. و التى لا تعرف .. المودة الموصى بها فى ال بيت رسول الله .. التى لم تقرأ حتى عن عظمة الحسين حفيد رسول الله .. فارس الحرب .. و سيد الشهداء ..
باتت عاشقة له .. حتى و انا اوصلها مرة الى المطار .. قلت لها .. لو فيه وقت كنا رحنا عشان تسلمى على مولانا .. ردت روثا المحبة سريعا و بيقين : هو ماشى معايا .. ال " هوسين" معايا فى كل مكان..
و الله خجلت من نفسى انى لا اصل الى قدر حبها له .. فاصبحت اقول .. انا المدعية فى حبكم .. داووا بقلبى داءً بفضلكم..
فلا نعر الوهابيين اهتماما .. فلو ارادوهم اسيدنا احباباً لأحبوهم وغرقوا فى حبهم .. و ذلك لا يكون الا بفضل الله ورحمته.. و ما احلى القول .. يا معرضا ان الإعراض ليس منك بل منــا ..
و صلى الله على حبيبنا و آله احبابنا و طبنا و دوائنا و سلم وسلم و سلم وسلم تسليما كثيرا ..
_________________
مـديحــه 313 ومدد ياجيش رسول الله صلى الله عليه و على آله و أصحابه و سلم
|
المنتدى
التسجيل
الأسئلة المتكررة
بحث
