موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 7 مشاركة ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: القول المعتمد في مشروعية الذكر بالاسم المفرد
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء فبراير 19, 2008 11:18 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة إبريل 28, 2006 11:18 pm
مشاركات: 4137
مكان: الديار المحروسة
[font=Arial]رساله جميله وسهل الشرح للشيخ احمد العلاوي المستغانمي :-

[center][table=width:100%;background-color:white;background-image:url();border:8 double teal;][cell=filter:;][SIZE=18][I][align=center]القول المعتمد
في مشروعية الذكر بالاسم المفرد

الشيخ أحمد العلاوي المستغانمي
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى
من عبد ربه أحمد بن مصطفى العلوي المستغانمي، إلى جناب المفضال السيد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد
أيها الأخ المحترم، فقد كنتُ تشرفتُ بزيارتكم صحبة صديق الجميع حضرة الشيخ فلان وبمناسبة ما دار بيننا من الحديث، في تلك السويعات التي رأيتكم فيها موغر الصدر على إخوانكم العلويين، حسبما لاح لي في ذلك الحين، لا لذنب ارتكبوه سوى أنهم مولعون بإجراء الاسم المفرد على ألسنتهم، وهو قولهم : (الله) فظهر لكم أن ذلك مما يستحق عليه العتاب، أو نقول العقاب، لأنكم قلتم إنهم يلهجون بذكر ذلك الاسم بمناسبة أو غير مناسبة، سواء عليهم في الأزقة، أو غيرها من الأماكن التي لا تليق للذكر، حتى أن أحدهم إذا طرق الباب يقول : (الله)، وإذا ناداه إنسان يقول: (الله)، وإذا قام يقول: (الله)، وإذا جلس يقول: (الله)، إلى غير ذلك مما جرى به الحديث ومن جهة أخرى أنكم كنتم ترون أن هذا الاسم، لا يصلح أن يكون ذكرا، ولا هو من أقسام الكلام المفيد، جريا منكم على ما اشترطه النحويون، من لزوم التركيب، في تعريفهم الكلام المفيد، ولما كان لا يسعني حملكم في جميع ذلك إلا على قصد طلب التفاهم، والفحص عن الحق والصواب فيما جاءوا به، هل هو جائز أو لا، ظهر لي أن نواجهكم بهذا المكتوب، عسى أن يحصل به ما هو شفاء للصدور، ودواء للقلوب.
فأقول: أما وقوفكم عند ما اشترطه النحويون، من لزوم التركيب فيما يعتبر كلاما فهو صحيح، غير أنه فاتكم كون النحويين كانوا في تقريرهم ذلك، عاملين على تعريف الكلام، الذي تتوقف عليه إفادة السامع، وبعيدٌ أن ينطبق عملهم ذلك على الأذكار، وما يخصها من جهة المشروعية أو عدمها، وما يترتب على ذلك من الثواب ونحوه، ولا شك أنك لو سألتهم في ذلك الحين، أو هذا الحين، لأجابوك قائلين: إن ما قررناه هو مجرد اصطلاح نعتمده في عرفنا، ولا مشاحة في الاصطلاح، وأنت َ خبير من كون الكلام عند النحويين هو غيره عند المتكلمين، وعند المتكلمين هو غيره عند الفقهاء، وعند الفقهاء هو غيره عند الأصوليين، وهلم جرا، فإن لكل قوم اصطلاحا، وينتج لنا من هذا أن النحويين كانوا بصدد تعريف الكلام المفيد، الذي يحسن سكوت المتكلم عليه، لا بصدد تعريف الأذكار المشروعة من الأذكار الغير المشروعة وبعبارة أخرى، إن ما اشترطه النحويون من لزوم التركيب، هو خاص بمن يريد بكلامه إفادة غيره، أما الذاكر فلا يقصد بذكره إلا إفادة نفسه، وتمكين معنى ذلك الاسم من قلبه، أو ما يشبه ذلك المقاصد وثانيا إن النحويين لم يشترطوا في حق المتوجه أو المتأوه، وجود التركيب فيما يبرز من لسانه، لأن قصده غير قصد النحويين، ومن البعيد أن يقول النحوي للمتوجه أو للمتأوه : إنني ما فهمتُ مقصودك من تأوهك لأنه لفظ غير مركب يحتاج إلى خبر أو شبه ذلك !
و هذا كله لا يتفق مع مقصود المتوجع، لأنه لا يقصد إفادة غيره، إنما يقصد الترويح بذلك اللفظ على نفسه، وهكذا ذاكر الاسم، لا يقصد إلا تمكين أثر ذلك الاسم من نفسه، وأنت تعلم يا حضرة الأخ، من أن لكل اسم أثرا يتعلق بنفس ذاكره، ولو من غير الأسماء الإلهية، حتى إن الإنسان إذا ردد على لسانه ذكر الموت مثلا، فإنه يحس بأثر يتعلق بالنفس، من ذكر ذلك الاسم، بالخصوص ذا دام عليه، ولا شك أن ذلك الأثر هو غير الأثر المستفاد من ذكر المال، أو العز، أو السلطان، ولولا مراعاة ذلك الأثر، لما ورد في الحديث الشريف:" أكثروا من ذكر هادم اللذات " يعني الموت، ولا شك أنها كلمة مفردة، وقد ورد أنها كانت وردا لبعض السلف وبالجملة، إن تعلق أثر الاسم المذكور بالنفس، يحس به كل إنسان مهما كان له حس لطيف، سواء كان ذلك من قبيل الجديات، أو الهزليات، وإذا سلمنا هذا لزمنا أن نعتقد كون اسم الجلالة يحدث أثرا في النفس كما يحدثه غيره من بقية الأسماء، ولكل أثر ما يناسبه، ولا يفوتك أيها الأخ من كون الاسم يشرف بشرف مسماه، بما يحمله من أثره في طي سره ومعناه ثم إننا إذا قطعنا النظر عن جميع ما قدمناه، وألزمنا نفوسنا بالوقوف عند حكم الشرع، فيما يرجع لجريان ذلك الاسم على اللسان، فلا شك أننا نجده داخلا تحت حكم من أحكام الشرع الخمسة وهي: " الوجوب – والندب – والحرمة – والكراهة – والإباحة "حيث أنه لا مسألة من المسائل الفعلية أو القولية، إلا وهي مشمولة بحكم من الأحكام السابقة وإذاً ينبغي لنا قبل توجيه اعتراضنا على المتلفظ بذلك الاسم، أن ننظر أي حكم يشمله، فإن وجدناه داخلا تحت أقسام المحرمات أو المكروهات، وجب علينا توجيه اعتراضنا على المتلفظ به، لأنه جاء شيئا نكرًا، وإلا فإن وجدناه من غير ذلك القسم، فيكون الإنكار عليه منكرا، لأنه لم يزد على أن تلفظ بشيء مباح على الفرض، هذا إذا لم يكن واجبا أو مندوبا، وإذا كان اللفظ في حده مباحًا، فما يمنعنا من تكرار المباح، حتى نجعل المتلفظ به مستحقا للعتاب أو نقول للعقاب وهذا على فرض تجريد ذلك الاسم من كل صبغة دينية وكيفما فعلنا لا يبلغ بنا أن نلحقه بأقسام المكروهات أو المحرمات، مع بقائه على صبغته بالنظر إلى منزلته، فمثلكم من يخصص له من المراتب ما يناسبه (( وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ ))، (( وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ )).
ثم أقول: إن جميع ما قدمناه هو جري من على سبيل الفرض، من جهة كونه اسما مفردا غير منظم لشيء، ولو على سبيل التقدير أما إذا استطلعنا الحقيقة وأمطنا القناع، فإننا نستطيع أن نقول: إنه مما يجوز ذكره حتى على قول من يشترط التركيب لأنه في الواقع منادى والمنادى عندهم من أقسام الكلام المفيد، لأنهم أولوا حرف النداء بمعنى أدعو، وحذفه جائز وشائع في لغة العرب، وكثيرًا ما يدعو المقام لحذفه لزوما، كما في القضية هنا مراعاة لما تطلبه منا الآداب القرآنية والتعاليم الإسلامية، التي قد يكون منها للسادة الصوفية أكثر مما لغيرهم وأرجوكم يا حضرة الأخ أن لا تستبعدوا قولنا لكم : إن القوم قد تأدبوا بآداب القرآن وتمسكوا بأهداب التقوى، التي تعطي الفرقان، قال تعالى (( إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً )) وقد صفت لذلك بواطنهم، إلى أن فتح الله عليهم فيه، بما لم يفتحه على غيرهم ومثال ذلك اعتراض بعض الناس على مد الهمزة من الله وقولهم: إن الهمزة هنا للاستفهام لا غير مع إن الاستفهام لا يكون إلا في الجمل، وهنا دخل على اللفظ المفرد، فهو منادى لا غير، قال ابن مالك في الخلاصة : والمنادى النائي أو كالنائي يا وأي وآ كذا أيا ثم هيا وعلى فرض تقديره جملة، فما المانع أن يكون التقدير في ذلك يا الله أرحمنا، أو أغفر لنا أو نحو ذلك.
و من جملة ما يرجع لهاته النازلة أعني ذكرهم الاسم المفرد بإسقاط أداة النداء فإنهم بما التزموا به، بموجب قوله تعالى: (( قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى )) فتوجهت عنايتهم إلى أول مأمور بذكره، وهو قولنا : الله وعند محاولتهم واستفراغهم الجهد، واستغراق الهمة في الخلوات والجلوات، قياما وقعودا وعلى جنوبهم، احتفاظا منهم بواجب الدعاء المأمور به، دفعهم التوفيق الإلهي إلى لزوم إسقاط حرف النداء، وكل ذلك لما تطلبهم به حضرة القرب، بناء على أن أدوات النداء، جاءت للبعيد لا لمن هو أقرب إلينا من حبل الوريد والذي يشعرك بصدق إلهامهم، هو ما تجده في كتاب الله من الآي التي هي من مشمول النداء، وكانت على قسمين، منها ما هو من العبد لربه، ومنها ما هو للرب لعبده، فإذا كان من قبيل القسم الأول جاء بإسقاط حرف النداء، وإن كان من قبيل الثاني جاء بإثباته؛ وممَّ كان هذا يا ترى ؟ وكيف اهتدى القوم لذلك يا سبحان الله ؟ وقد كنت وقفتُ على كلام لمفخرة المغرب الأستاذ أبي إسحاق الشاطبي يكفينا مئونة ما نستجلبه من التفصيلات في هذا الموضوع، قال طيب الله ثراه في كتاب " الموافقات " الجزء الثاني صحيفتي 68 و69 ما نصه:
إن القرآن أتى بالنداء من قبل الله تعالى للعباد ومن العباد لله سبحانه إما حكاية وإما تعليما، فحين أتى بالنداء من قبل الله تعالى للعباد جاء بحرف النداء المقتضي للبعد، ثابتا غير محذوف، كقوله تعالى: (( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ )) (( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ )) (( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا )) (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ )) فإذا أتى بالنداء من العباد على الله تعالى جاء من غير حرف نداء ثابت، بناء على إن حرف النداء للتنبيه في الأصل، والله منزه عن التنبيه، وأيضا فإن أكثر حروف النداء للبُعد منها " يا" التي هي أم الباب وقد أخبر الله تعالى أنه قريب من الداعي خصوصا في قوله تعالى : (( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ )) ومن الخلق عموما لقوله تعالى : (( مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ )) وقوله: (( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيد )ِ) فحصلوا من هذا التنبيه على أدبين: أحدهما ترك حرف النداء والآخر استشعار القرب، كما أن في إثبات الحرف في القسم الأخير، التنبيه على معنيين : إثبات التنبيه لمن شأنه الغفلة والإعراض والغيبة وهو العبد، والدلالة على ارتفاع شأن المنادى وأنه منزه عن دنو كدنو العباد إذ هو في دنوه عال وفي علوه دان سبحانه والثاني : فانظر رحمك الله كيف جاء النداء المختص بالعبد بإسقاط يا النداء، وما لذلك إلا لحكمة ما سبق؛ وإذا فهمت هذا فقل لي بربك هل يبقى على القوم من عتاب إذا بلغنا عنهم أنهم يحذفون ياء النداء في دعائهم وندائهم لمولاهم؟ وهل هذا من فقهم في دين الله أو من عدم فهمهم عن الله؟ تأمل[/align][/B]
[/cell][/table][/center][/size]. [/font]

_________________
صورة


أنا الذى سمتنى أمى حيدره

كليث غابات كريه المنظره

أوفيهم بالصاع كيل السندره


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء فبراير 19, 2008 7:32 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة إبريل 28, 2006 11:18 pm
مشاركات: 4137
مكان: الديار المحروسة
[center][table=width:100%;background-color:white;background-image:url();border:10 double teal;][cell=filter:;][I][align=center]مع ما قدمناه من الاستشهادات فإني لا أنسى كون الخصم، أو نقولل المسترشد، لا ينفك متشوفا لما بأيدي القوم من النصوص والاستشهادات الدالة على مشروعية ذكر اسم الجلالة بانفراده، من حيث وروده على ألسنة السلف بتلك الصيغة، غير أنه ينبغي لصاحب هذا التشوف أن لا ينسى أن القوم لا ينفكون متشوفين لما بأيدي الخصم أيضا من النصوص والاستشهادات القاضية بعدم مشروعية ذكر الاسم بمفرده، وكونه لم يكن من ذكر السلف، لا في خلواتهم ولا في جلواتهم، فإن كان أقصى ما يعتمده في هذه النازلة هو ما يرجع للقواعد النحوية من جهة عدم التركيب، فإننا قد قدمنا له عدم صلاحيتها لأن تكون حجة في هذا الباب، وإن كان بيده من النصوص غير ذلك فينبغي له أيضا أن لا يسارع بالنكير، لما ربما يكون بيد القوم ما يعارضها، وعلى فرض وجود التساوي في الطرفين، أو عدم الوجود في الوجهتين، فلا تزيد المسألة عن أن يشملها دور الاجتهاد، وإذًا فيكون قول الخصم: إنه لا يجوز ذكر هذا الاسم بانفراده ليس بحجة على من يقول بجوازه، وغاية الأمر أن يكون أن يكون قولكم بعدم الجواز مقصودا على ما يخصكم أنتم، لأن التشريع للغير وإلزام الناس بسلوكه هو من خصائص المعصوم صلى الله عليه وآله وسلم، أما غيره فلا يستطيع لأن يقول هذا جائز، وهذا غير جائز، ومن كان ذلك شأنه فجدير به أن يغض من صوته، في شبه دائرة جهله فيها أكثر من علمه، وهي قاعدة تشمل سائر النوازل
فالصوفي كغيره ملزوم بخفض الجمجمة وسلب الاختيار أمام الشرع الشريف والوضع الإلهي المقدس نعم إنه لا يبعد أن يأتينا الخصم من طريق آخر يقول فيه: لأن ما لم يثبت فعله عند السلف لا يسوغ لنا أن نتعبد به، أو نتخذه قربة نرجو الثواب عليه، فنقول له نعم، والأمر كما قلتم، والرجاء في الله أن نكون نحن وأنتم على وثيرة واحدة في شبه هذه النقطة، ولكن أظنك لا تنسى يا حضرة الأخ، ولا يفوتك كون الأسماء الإلهية مشروعة للتعبد بتلاوتها، يقتضى قوله جلت قدرته: (( وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا )) وهي مفردة، ومع كونها مفردة لم تنص الآية الكريمة ولا غيرها عن كيفية الدعاء بها من جهة الصيغة، أو التركيب ونحوه، وما أظن ذلك إلا مراعاة لأحوال السائرين والمتوجهين لله، حيث أنهم مختلفون من جهة القوة والضعف، والرغبة والرهبة والشوق والاشتياق، والناس طبقات والشوق مراتب، وأسرار الخلق متباينة من جهة علاقتهم مع الله عز وجل، ومن تلك الحيثية لا يتأتى حصر ما كان يجري على ألسنة السلف من صيغ الأدعية والأذكار، حتى نستطيع أن نقول هذا الاسم لم يكن ذكرًا للسلف على سبيل القطع، أو هذا الاسم كانوا لا يرونه ذكرًا، كل ذلك لقصورنا عن الإحاطة بجميع ما كان يجري على ألسنتهم في خلواتهم وجلواتهم وسقمهم وعافيتهم، ومن البعيد أن نعتقد كون الصحابة رضي الله عنهم ما كان يمر على ألسنتهم إسم الجلالة مكررا (الله الله) برأهم الله من مثل ذلك، وهنا يحسن بي أن نقدم لكم ما هو شبه دليل في النازلة، لتعلم كون الأمر كان أوسع مما تظن أخرج الرافعي في تاريخ قزوين وأثبت العزيز حسنه عن عائشة رضي الله عنها أنه رُأي مريضا يئن في حضرته صلى الله عليه وآله وسلم فنهاه بعضهم وأمره بالصبر، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ذروه يئن فإنه يذكر إسما من أسماء الله تعالى.
وإذا فماذا ترى يرحمك الله في هاته الواقعة، على الفرض لو أن ذلك المريض كان متلفظاً بإسم الجلالة مكررًا (الله الله) بدل قوله " آه آه " أكان يصح من ذلك الصحابي توجيه الإعتراض عليه؟ كلا! فإن المقام يأبى ذلك على ما يظهر، وما كان إعتراضه إلا لما فاته من إدراك معنى كلمة " آه " من كونها إسماً من أسماء الله تعالى، حتى أرشده النبي لذلك بقوله:" ذروه يئن، فإنه يذكر إسماً من أسماء الله " وأظنه دليلاً كافياً على ما يظهر، وحجتنا فيه كون كلمة " آه " مفردة، فقرر النبي على ذكرها بتلك الصفة، وهذا زيادة على ما استفدناه من كونها إسماً من أسماء الله، ولا شك أنها فائدة ثمينة تبعث الإنسان على حسن الظن بالذاكرين كيفما ذكروا، وعلى فرض أن لا يستقيم ما قدمناه عندكم حجة في طريق الإستدلال، فلا يسمح الإنصاف لنا ولكم أن نقول إلا أن المسألة خلافية، ومهما ثبت تقريرها بتلك الصفة فالمسألة إجتهادية، وإذا فما هو وجه إلزامكم لنا يا حضرة الأخ أن نأخذ بقولكم، أو ندخل تحت إجتهادكم، في حال أننا لم نلزمك بمثل ذلك؟ هذا من جهة، ومن جهة أخرى،أنكم كيفما شددتم النكير على إخوانكم العلاويين في شبه هاته النازلة، فلا تستطيعون أن تجعلهم غير مسبوقين بمن كان يذكر ذلك الإسم بانفراده، ويأمر بذكره أيضا أئمة الدين وهداة المسلمين. وها أنا أستطرد لكم نقل بعض ممن تطمئنون إن شاء الله بالنقل عنه، لاحتمال أنه لم يبلغكم ذلك، وإلا لما رأيتم العلاويين ممن انفرد به فنظرتموهم بعين ملؤها إحتقار.
فأقول: ذكر في "مفيد الراوي" للشيخ سيدي مصطفى ماء العينين ابن جرير في تفسيره أنه كان يقول:" بمطلوبية الاقتصار على ذكر الاسم المفرد للمريد في حال سلوكه". وجاء في الحديث: "إن العبد إذا قال الله صعد من فيه عمود من نور فينتشر في الأفق، ثم يصعد إلى عنان العرش فيملأ الكون طرًا، فيقول وعزتك وجلالك لا أكف حتى تغفر لمن ذكر بهذا الاسم، فيقول (وعزتي وجلالي لقد آليتُ على نفسي قبل أن أخلق الدنيا لا أُجريه على لسان عبد من عبادي إلا وقد غفرتُ له) "من مفيد الراوي".
و ذكر في شرح المباحث الأصلية لابن عجيبة رحمه الله، أن "أبا حامد الغزالي" رضي الله عنه قال: لقد أردتُ في بداية أمري سلوك هذا الطريق بكثرة الأوراد، والصوم والصلاة، فلما علم الله صدق نيتي، قيض لي ولياً من أوليائه قال لي: يا بُني، أقطع عن قلبك كل علاقة إلا الله وحده، واخل بنفسك، واجمع همتك وقل: الله الله الله.
و قال أعني الغزالي رضي الله عنه في "مشكاة الأنوار" ما نصه: ما دُمتَ ملوثا بما سوى الله فلا بُد لك من نفي لا إله، وإذا غبتَ عن الكل في مشاهدة صاحب الكل، استرحتَ من نفي لا إله، ووصلتَ إلى الإثبات قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون).
ثم قال: متى تتخلصُ من ذكر ما لم يكن، وتشتغل بذكر من لم يزل، فتقول: (الله) فتستريح مما سواه، وقال أيضا: افتح باب قلبك بمفتاح قولك: (لا إله إلا الله) وباب روحك بقولك: (الله)، واستنزل طائر سرك بقولك: (هو هو).
و مما ذكره أيضا في كتابه "المقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى" في الكلام على اسم الجلالة أعني قولنا (الله): ينبغي أن يكون حظ العبد منه، يعني ذكر هذا الاسم التأله، ونعني به أن يكون مستغرق القلب والهمة بالله تعالى لا يرى غيره، ولا يلتفتُ إلى سواه.
هذا ما اختاره الغزالي لكل مؤمن أن يجعل حظه من هذا الاسم. فإن اخترتم يا حضرة الأخ ما اختاره الغزالي لكَ فَذاكَ، وإلا فلا تطمع بأن يكون عدم اختياركم حجة على من وافق اختياره اختيار الغزالي.
و هب أن قولكم يصلح أن يكون حُجةً على شبه العلاويين، فهل يكون حجة على من سبقهم أيضا من العلماء الأعلام المفسرين، كالفخر الرازي وغيره؟ فقد التزم على نفسه، وصرح باختياره لذكر هذا الاسم حسبما ذكره في تفسيره الكبير، عند الكلام على البسملة حيث يقول: واعلموا أيها الناس أني أقول طول حياتي (الله)، وإذا مت أقول (الله)، وإذا سُئلتُ قي قبري أقول (الله) ويوم القيامة أقول (الله) وإذا أخذتُ الكتاب أقول (الله) وإذا وزنت أعمالي أقول (الله) وإذا جزتُ على الصراط أقول (الله) وإذا دخلتُ الجنة أقول (الله) وإذا رأيتُ الله أقول (الله) الخ.
كل هذا قاله الرازي على رغم أنف من لم يقل (الله) وإننا من تكلفنا على نقل هاته الجمل إلا لتعلم أيها الأخ كون العلاويين لم يكونوا مبتدعين بقولهم (الله)، كما توهمتوه فيهم، وليكن في علمك أيضا أن عموم المتصوفة يشاركونهم في ذلك، ويعتقدون أنه الاسم الأعظم الذي إذا دعي به سبحانه وتعالى أجاب، وإذا سُئل به أعطى، وليس هذا مقصورا على اختيار الصوفية، إنما هو اختيار غير واحد من الأئمة وجُل المحدثين والأصوليين، ومن ذلك ما ذكره الشيخ محمد بيرم الخامس رحمه الله في "النصرة النبوية"، وهو ممن يقول بجواز ذكر اسم الجلالة قال: إنه ورد في "رد المحتار" للسادة الحنفية: روى هشام عن محمد بن أبي حنيفة رضي الله عنه، أنه (اسم الله تعالى الأعظم) وبه قال الطحاوي وكثير من العلماء، ومما استشهد به شيخ الجماعة أبو محمد عبد القادر بن يوسف الفاسي رضي الله عنه في نوازله على مشروعية ذكر اسم الجلالة بانفراده، قال بعد كلام: وفي الصحيح: "لا تقوم الساعة حتى لا يبقى على وجه الأرض من يقول الله الله" وهو شاهد في الجملة لذكر هذااللفظ وحده، سيما على رواية النصب، ولا نزاع في التلفظ بالاسم الكريم وحده، وحيث لا نزاع، فما المانع من أن يكرره الإنسان مرارا كثيرة، وما وجه إنكاره؟ أما لفظ الحديث المتقدم حسبما رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن ماجه في صحيحه، عن أنس بن مالك رضي الله عنه هكذا: "لا تقوم الساعة حتى لا يُقال في الأرض الله الله".
قلتُ وأبلغ شاهد يُعتمد عليه في هذا الحديث، هو مجيء لفظ الجلالة مكررًا فكان صريحا في إرادته ذكر ذلك الاسم، أما لو جاء غير مكرر لأحتمل أن يكون المراد به، حتى لا يبقى على وجه الأرض من يعتقد وجود (الله) أما مع وجود التكرار فلا احتمال.
ثم أقول: وعلى فرض أنه لا يوجد في الشرع الشريف أي دليل على جواز تكرار ذلك الاسم، فكذلك لا يوجد فيه أيضا ما يفيد المنع من تكراراه على اللسان، أو مروره على القلب، بل ليس في الشرع على ما يظهر ما يمنع من تكرير أي اسم من أسماء المحدثات، إذا صح هذا، فكيف يوجد ما يمنع من التلفظ باسم من أسماء الله الحسنى؟ فحاشا أن يوجد في الشرع ما هو قبيل هاته التعسفات والتنطعات، التي تلزم المؤمن أن لا يردد اسم مولاه على لسانه، بأن يقول (الله الله)، أو ما في معناه من بقية أسمائه، والله يقول: (( وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا )) أي اسألوه واذكروه بها. وهذا ما فهمناه نحن، واخترناه لأنفسنا، ولكم أنتم حق الاختيار لأنفسكم، وليس لكم أن تلزمونا الوقوف عند اختياركم، حيث أننا لم نلزمكم بمثل ذلك.
ثم إني أنهي هذا الفصل باستطراد جملة تكون تتميما للفائدة أقول فيها: إنه على فرض تسليم وجود من يقول بكراهة هذا الاسم "و أستغفر الله" فإنهم نصوا على ما اختلف فيه بين كراهته وندبه، يكون أرفع درجة من المباح.
و من ذلك ما ذكره "الأجهوري" في شرحه على خليل، نقلا عن المواق، بهاته العبارة: (إن ما اختلف في ندبه وكراهته، فعله أفضل، وهكذا ما اختلف في سنيته وكراهيته لا يكون أحط رتبة من المباح، بل نصوا على ما اختلف في مشروعيته أنه أرفع درجة من المباح). هذا وإن ما سقناه لكم من النقول نيتنا فيه أن يكون شافعا عندكم في قبول اعتذاراتنا عن العلاويين فيما ارتكبوه من ذكرهم ذلك الاسم، والله يقبل معذرة الجميع آمين.هذا ما يرجع للوجه الأول من جهة مشروعية ذكر الاسم وعدم مشروعيته.
أما ما ذكرتموه أو نقول أنكرتموه من تلفظهم باسم الجلالة وإجرائه على ألسنتهم حسبما قلتم بمناسبة، وبغير مناسبة في الطرقات، ونحوها من الأماكن الغير اللائقة، وقد ظهر لكم أن ذلك خروج منهم عن مطلوبية احترام الأسماء الإلهية، وأن فعلهم ذلك لم يكن من المقررات إذا الشرعية، خصوصا وأن أحدهم إذا طرق الباب يقول (الله)، وإذا ناداه إنسان يقول (الله) إلى غير ذلك مما لم يجمل في نظركم. [/align][/B]
[/cell][/table][/center]

_________________
صورة


أنا الذى سمتنى أمى حيدره

كليث غابات كريه المنظره

أوفيهم بالصاع كيل السندره


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء فبراير 19, 2008 7:37 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة إبريل 28, 2006 11:18 pm
مشاركات: 4137
مكان: الديار المحروسة
[center][table=width:100%;background-color:white;background-image:url();border:10 double teal;][cell=filter:;][I][align=center]مع ما قدمناه من الاستشهادات فإني لا أنسى كون الخصم، أو نقولل المسترشد، لا ينفك متشوفا لما بأيدي القوم من النصوص والاستشهادات الدالة على مشروعية ذكر اسم الجلالة بانفراده، من حيث وروده على ألسنة السلف بتلك الصيغة، غير أنه ينبغي لصاحب هذا التشوف أن لا ينسى أن القوم لا ينفكون متشوفين لما بأيدي الخصم أيضا من النصوص والاستشهادات القاضية بعدم مشروعية ذكر الاسم بمفرده، وكونه لم يكن من ذكر السلف، لا في خلواتهم ولا في جلواتهم، فإن كان أقصى ما يعتمده في هذه النازلة هو ما يرجع للقواعد النحوية من جهة عدم التركيب، فإننا قد قدمنا له عدم صلاحيتها لأن تكون حجة في هذا الباب، وإن كان بيده من النصوص غير ذلك فينبغي له أيضا أن لا يسارع بالنكير، لما ربما يكون بيد القوم ما يعارضها، وعلى فرض وجود التساوي في الطرفين، أو عدم الوجود في الوجهتين، فلا تزيد المسألة عن أن يشملها دور الاجتهاد، وإذًا فيكون قول الخصم: إنه لا يجوز ذكر هذا الاسم بانفراده ليس بحجة على من يقول بجوازه، وغاية الأمر أن يكون أن يكون قولكم بعدم الجواز مقصودا على ما يخصكم أنتم، لأن التشريع للغير وإلزام الناس بسلوكه هو من خصائص المعصوم صلى الله عليه وآله وسلم، أما غيره فلا يستطيع لأن يقول هذا جائز، وهذا غير جائز، ومن كان ذلك شأنه فجدير به أن يغض من صوته، في شبه دائرة جهله فيها أكثر من علمه، وهي قاعدة تشمل سائر النوازل
فالصوفي كغيره ملزوم بخفض الجمجمة وسلب الاختيار أمام الشرع الشريف والوضع الإلهي المقدس نعم إنه لا يبعد أن يأتينا الخصم من طريق آخر يقول فيه: لأن ما لم يثبت فعله عند السلف لا يسوغ لنا أن نتعبد به، أو نتخذه قربة نرجو الثواب عليه، فنقول له نعم، والأمر كما قلتم، والرجاء في الله أن نكون نحن وأنتم على وثيرة واحدة في شبه هذه النقطة، ولكن أظنك لا تنسى يا حضرة الأخ، ولا يفوتك كون الأسماء الإلهية مشروعة للتعبد بتلاوتها، يقتضى قوله جلت قدرته: (( وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا )) وهي مفردة، ومع كونها مفردة لم تنص الآية الكريمة ولا غيرها عن كيفية الدعاء بها من جهة الصيغة، أو التركيب ونحوه، وما أظن ذلك إلا مراعاة لأحوال السائرين والمتوجهين لله، حيث أنهم مختلفون من جهة القوة والضعف، والرغبة والرهبة والشوق والاشتياق، والناس طبقات والشوق مراتب، وأسرار الخلق متباينة من جهة علاقتهم مع الله عز وجل، ومن تلك الحيثية لا يتأتى حصر ما كان يجري على ألسنة السلف من صيغ الأدعية والأذكار، حتى نستطيع أن نقول هذا الاسم لم يكن ذكرًا للسلف على سبيل القطع، أو هذا الاسم كانوا لا يرونه ذكرًا، كل ذلك لقصورنا عن الإحاطة بجميع ما كان يجري على ألسنتهم في خلواتهم وجلواتهم وسقمهم وعافيتهم، ومن البعيد أن نعتقد كون الصحابة رضي الله عنهم ما كان يمر على ألسنتهم إسم الجلالة مكررا (الله الله) برأهم الله من مثل ذلك، وهنا يحسن بي أن نقدم لكم ما هو شبه دليل في النازلة، لتعلم كون الأمر كان أوسع مما تظن أخرج الرافعي في تاريخ قزوين وأثبت العزيز حسنه عن عائشة رضي الله عنها أنه رُأي مريضا يئن في حضرته صلى الله عليه وآله وسلم فنهاه بعضهم وأمره بالصبر، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ذروه يئن فإنه يذكر إسما من أسماء الله تعالى.
وإذا فماذا ترى يرحمك الله في هاته الواقعة، على الفرض لو أن ذلك المريض كان متلفظاً بإسم الجلالة مكررًا (الله الله) بدل قوله " آه آه " أكان يصح من ذلك الصحابي توجيه الإعتراض عليه؟ كلا! فإن المقام يأبى ذلك على ما يظهر، وما كان إعتراضه إلا لما فاته من إدراك معنى كلمة " آه " من كونها إسماً من أسماء الله تعالى، حتى أرشده النبي لذلك بقوله:" ذروه يئن، فإنه يذكر إسماً من أسماء الله " وأظنه دليلاً كافياً على ما يظهر، وحجتنا فيه كون كلمة " آه " مفردة، فقرر النبي على ذكرها بتلك الصفة، وهذا زيادة على ما استفدناه من كونها إسماً من أسماء الله، ولا شك أنها فائدة ثمينة تبعث الإنسان على حسن الظن بالذاكرين كيفما ذكروا، وعلى فرض أن لا يستقيم ما قدمناه عندكم حجة في طريق الإستدلال، فلا يسمح الإنصاف لنا ولكم أن نقول إلا أن المسألة خلافية، ومهما ثبت تقريرها بتلك الصفة فالمسألة إجتهادية، وإذا فما هو وجه إلزامكم لنا يا حضرة الأخ أن نأخذ بقولكم، أو ندخل تحت إجتهادكم، في حال أننا لم نلزمك بمثل ذلك؟ هذا من جهة، ومن جهة أخرى،أنكم كيفما شددتم النكير على إخوانكم العلاويين في شبه هاته النازلة، فلا تستطيعون أن تجعلهم غير مسبوقين بمن كان يذكر ذلك الإسم بانفراده، ويأمر بذكره أيضا أئمة الدين وهداة المسلمين. وها أنا أستطرد لكم نقل بعض ممن تطمئنون إن شاء الله بالنقل عنه، لاحتمال أنه لم يبلغكم ذلك، وإلا لما رأيتم العلاويين ممن انفرد به فنظرتموهم بعين ملؤها إحتقار.
فأقول: ذكر في "مفيد الراوي" للشيخ سيدي مصطفى ماء العينين ابن جرير في تفسيره أنه كان يقول:" بمطلوبية الاقتصار على ذكر الاسم المفرد للمريد في حال سلوكه". وجاء في الحديث: "إن العبد إذا قال الله صعد من فيه عمود من نور فينتشر في الأفق، ثم يصعد إلى عنان العرش فيملأ الكون طرًا، فيقول وعزتك وجلالك لا أكف حتى تغفر لمن ذكر بهذا الاسم، فيقول (وعزتي وجلالي لقد آليتُ على نفسي قبل أن أخلق الدنيا لا أُجريه على لسان عبد من عبادي إلا وقد غفرتُ له) "من مفيد الراوي".
و ذكر في شرح المباحث الأصلية لابن عجيبة رحمه الله، أن "أبا حامد الغزالي" رضي الله عنه قال: لقد أردتُ في بداية أمري سلوك هذا الطريق بكثرة الأوراد، والصوم والصلاة، فلما علم الله صدق نيتي، قيض لي ولياً من أوليائه قال لي: يا بُني، أقطع عن قلبك كل علاقة إلا الله وحده، واخل بنفسك، واجمع همتك وقل: الله الله الله.
و قال أعني الغزالي رضي الله عنه في "مشكاة الأنوار" ما نصه: ما دُمتَ ملوثا بما سوى الله فلا بُد لك من نفي لا إله، وإذا غبتَ عن الكل في مشاهدة صاحب الكل، استرحتَ من نفي لا إله، ووصلتَ إلى الإثبات قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون).
ثم قال: متى تتخلصُ من ذكر ما لم يكن، وتشتغل بذكر من لم يزل، فتقول: (الله) فتستريح مما سواه، وقال أيضا: افتح باب قلبك بمفتاح قولك: (لا إله إلا الله) وباب روحك بقولك: (الله)، واستنزل طائر سرك بقولك: (هو هو).
و مما ذكره أيضا في كتابه "المقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى" في الكلام على اسم الجلالة أعني قولنا (الله): ينبغي أن يكون حظ العبد منه، يعني ذكر هذا الاسم التأله، ونعني به أن يكون مستغرق القلب والهمة بالله تعالى لا يرى غيره، ولا يلتفتُ إلى سواه.
هذا ما اختاره الغزالي لكل مؤمن أن يجعل حظه من هذا الاسم. فإن اخترتم يا حضرة الأخ ما اختاره الغزالي لكَ فَذاكَ، وإلا فلا تطمع بأن يكون عدم اختياركم حجة على من وافق اختياره اختيار الغزالي.
و هب أن قولكم يصلح أن يكون حُجةً على شبه العلاويين، فهل يكون حجة على من سبقهم أيضا من العلماء الأعلام المفسرين، كالفخر الرازي وغيره؟ فقد التزم على نفسه، وصرح باختياره لذكر هذا الاسم حسبما ذكره في تفسيره الكبير، عند الكلام على البسملة حيث يقول: واعلموا أيها الناس أني أقول طول حياتي (الله)، وإذا مت أقول (الله)، وإذا سُئلتُ قي قبري أقول (الله) ويوم القيامة أقول (الله) وإذا أخذتُ الكتاب أقول (الله) وإذا وزنت أعمالي أقول (الله) وإذا جزتُ على الصراط أقول (الله) وإذا دخلتُ الجنة أقول (الله) وإذا رأيتُ الله أقول (الله) الخ.
كل هذا قاله الرازي على رغم أنف من لم يقل (الله) وإننا من تكلفنا على نقل هاته الجمل إلا لتعلم أيها الأخ كون العلاويين لم يكونوا مبتدعين بقولهم (الله)، كما توهمتوه فيهم، وليكن في علمك أيضا أن عموم المتصوفة يشاركونهم في ذلك، ويعتقدون أنه الاسم الأعظم الذي إذا دعي به سبحانه وتعالى أجاب، وإذا سُئل به أعطى، وليس هذا مقصورا على اختيار الصوفية، إنما هو اختيار غير واحد من الأئمة وجُل المحدثين والأصوليين، ومن ذلك ما ذكره الشيخ محمد بيرم الخامس رحمه الله في "النصرة النبوية"، وهو ممن يقول بجواز ذكر اسم الجلالة قال: إنه ورد في "رد المحتار" للسادة الحنفية: روى هشام عن محمد بن أبي حنيفة رضي الله عنه، أنه (اسم الله تعالى الأعظم) وبه قال الطحاوي وكثير من العلماء، ومما استشهد به شيخ الجماعة أبو محمد عبد القادر بن يوسف الفاسي رضي الله عنه في نوازله على مشروعية ذكر اسم الجلالة بانفراده، قال بعد كلام: وفي الصحيح: "لا تقوم الساعة حتى لا يبقى على وجه الأرض من يقول الله الله" وهو شاهد في الجملة لذكر هذااللفظ وحده، سيما على رواية النصب، ولا نزاع في التلفظ بالاسم الكريم وحده، وحيث لا نزاع، فما المانع من أن يكرره الإنسان مرارا كثيرة، وما وجه إنكاره؟ أما لفظ الحديث المتقدم حسبما رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن ماجه في صحيحه، عن أنس بن مالك رضي الله عنه هكذا: "لا تقوم الساعة حتى لا يُقال في الأرض الله الله".
قلتُ وأبلغ شاهد يُعتمد عليه في هذا الحديث، هو مجيء لفظ الجلالة مكررًا فكان صريحا في إرادته ذكر ذلك الاسم، أما لو جاء غير مكرر لأحتمل أن يكون المراد به، حتى لا يبقى على وجه الأرض من يعتقد وجود (الله) أما مع وجود التكرار فلا احتمال.
ثم أقول: وعلى فرض أنه لا يوجد في الشرع الشريف أي دليل على جواز تكرار ذلك الاسم، فكذلك لا يوجد فيه أيضا ما يفيد المنع من تكراراه على اللسان، أو مروره على القلب، بل ليس في الشرع على ما يظهر ما يمنع من تكرير أي اسم من أسماء المحدثات، إذا صح هذا، فكيف يوجد ما يمنع من التلفظ باسم من أسماء الله الحسنى؟ فحاشا أن يوجد في الشرع ما هو قبيل هاته التعسفات والتنطعات، التي تلزم المؤمن أن لا يردد اسم مولاه على لسانه، بأن يقول (الله الله)، أو ما في معناه من بقية أسمائه، والله يقول: (( وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا )) أي اسألوه واذكروه بها. وهذا ما فهمناه نحن، واخترناه لأنفسنا، ولكم أنتم حق الاختيار لأنفسكم، وليس لكم أن تلزمونا الوقوف عند اختياركم، حيث أننا لم نلزمكم بمثل ذلك.
ثم إني أنهي هذا الفصل باستطراد جملة تكون تتميما للفائدة أقول فيها: إنه على فرض تسليم وجود من يقول بكراهة هذا الاسم "و أستغفر الله" فإنهم نصوا على ما اختلف فيه بين كراهته وندبه، يكون أرفع درجة من المباح.
و من ذلك ما ذكره "الأجهوري" في شرحه على خليل، نقلا عن المواق، بهاته العبارة: (إن ما اختلف في ندبه وكراهته، فعله أفضل، وهكذا ما اختلف في سنيته وكراهيته لا يكون أحط رتبة من المباح، بل نصوا على ما اختلف في مشروعيته أنه أرفع درجة من المباح). هذا وإن ما سقناه لكم من النقول نيتنا فيه أن يكون شافعا عندكم في قبول اعتذاراتنا عن العلاويين فيما ارتكبوه من ذكرهم ذلك الاسم، والله يقبل معذرة الجميع آمين.هذا ما يرجع للوجه الأول من جهة مشروعية ذكر الاسم وعدم مشروعيته.
أما ما ذكرتموه أو نقول أنكرتموه من تلفظهم باسم الجلالة وإجرائه على ألسنتهم حسبما قلتم بمناسبة، وبغير مناسبة في الطرقات، ونحوها من الأماكن الغير اللائقة، وقد ظهر لكم أن ذلك خروج منهم عن مطلوبية احترام الأسماء الإلهية، وأن فعلهم ذلك لم يكن من المقررات إذا الشرعية، خصوصا وأن أحدهم إذا طرق الباب يقول (الله)، وإذا ناداه إنسان يقول (الله) إلى غير ذلك مما لم يجمل في نظركم. [/align][/B]
[/cell][/table][/center]

_________________
صورة


أنا الذى سمتنى أمى حيدره

كليث غابات كريه المنظره

أوفيهم بالصاع كيل السندره


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء فبراير 19, 2008 7:42 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة إبريل 28, 2006 11:18 pm
مشاركات: 4137
مكان: الديار المحروسة
[center][table=width:100%;background-color:white;background-image:url();border:10 double teal;][cell=filter:;][I][align=center]ها أنا ذا أقول: إني كيفما تساهلتُ في الجواب عن هاته المسألة، إلا وأراني ملزوما بعد استسماحكم أن أقول لكم: إنه قد فاتكم من الإطلاع على الآثار الواردة في شبه قضيتنا هذه، القدر الذي دفعكم للإنكار على العلاويين فيما ارتكبوه، ولولا ذلك لما تصديتم لدفع الحق، اعتمادا على ما بأيديكم من التوهم، من كون الأمر عند السلف على خلاف ذلك، وحقيق لو أنه بلغكم من النصوص ما يثبت نظيره لتصفحتموه بمهجكم، ورفعتموه فوق رؤوسكم، وهو أجمل ما نراه أليق بكم، وينبغي لي أن أعتقده في أمثالكم، وها أنا أستطرد لكم من ذلك ما فيه كفاية إن شاء الله، في كون ما عليه العلاويين من ملازمتهم للأذكار بغير قيد، لم يكن خارجا عن السنة، ولا مزاحما لها، وهذا إذا لم نقل هو عين السنة، بناء على أن ما جاء في الذكر من الأمر، يفيد الشمول، بحيث أنه غير مقيد بوقت دون وقت، أو مكان دون مكان، والمعنى أن سائر الأزمنة والأمكنة مناسبة لذكر الله، والإنسان مطلوب في جميع ذلك بعمارة أوقاته، وبرفع لوازم الغفلة، من أن تستحكم على مشاعره وتستولي على إدراكاته.
و بعبارة أخرى: إن الذكر محمود على كل حال، والغفلة مذمومة على كل حال، ولا شك أن ما يجمل بنا وبكم في هذا الباب، هو الالتجاء للكتاب والسنة، أما ما جاء في الكتاب من الأمر بالذكر، والتحذير من الغفلة عنه، فقد لا يحتاج إلى سرده لوضوحه خصوصا بين أمثالكم، وأما ما جاء في السنة، فهو ليس بأقل ظهورًا منه، وعلى كل ذلك، لا يمنعنا من تسطير بعض النقول النبوية، وشيء من التقريرات المذهبية، لندرك مراد الشارع منا، ونعمل به إن شاء الله؛ فمن ذلك ما أخرجه ابن ضريس، وأبو يعلى في مسنده عن أبي سعيد الخدري: "عليك بتقوى الله ما استطعت، واذكر الله عند كل شجر وحجر" والمراد من الإطلاق تعميم الزمان والمكان، ونظير هذا ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده عن أنس بسند صحيح، ومثله حديث عائشة رضي الله عنها أيضا: " أنه كان صلى الله عليه وآله وسلم يذكر الله على كل أحيانه" قال العلقمي قال الدميري مقصود الحديث أنه صلى الله عليه وآله وسلم: "كان يذكر الله متطهرا، ومحدثا وقائما وقائما ومضطجعا، وماشيا وراكبا ".
و نظيرا هذا، ما ذكره النووي في شرحه على مسلم، والمعنى أنن الذكر كان عنده صلى الله عليه وآله وسلم لا يختص بحال دون حال، ولا بمكان دون مكان، ومن تتبع دوواين العلماء في هذا الباب، يجد ما يفيد إجماع الأمة على الأخذ بالإطلاق في مسألة الذكر، ومن ذلك ما نقل عن السادة الحنفية حسبما جاء في نجوم المهتدين عن القاضي خان أنه قال: الذكر في الأسواق ومجالس الغفلة والفسوق جائز بنية أنهم مشتغلون بالدنيا، وهو مشتغل بالتسبيح والتهليل. فتأمل يرحمك الله قوله: مجالس الغفلة والفسوق، تجد العلاويين لم يبلغ بهم الإستهتتار إلى ذلك الحد، وبالجملة، إنهم أجازوا الذكر حتى في الحمام، الذي هو محل الغفلة وكشف العورة، زيادة عن كونه مستودع القاذورات، حسبما جاء في مجموع النوازل قال نصه: إن قراءة القرآن في الحمام بالصوت رفيع تكره، وبصوت خفي لا تكره، ولا يكره التسبيح والتهليل ولو برفع الصوت. وهكذا جاء في غير هذا من بقية دواويين السادة الحنفية، كالفتاوى الخانية والحسامية، والسراجية، والمتلفظ، والجناس، مما استطرد ذكره صاحب النصرة وإذا كان ذكر الله جائزا في نحو الحمام، فما هو ذنب العلاويين إذا ذكر أحدهم في نحو الطرقات مثلا؟ وعلى فرض أن تشمئز منه بعض النفوس الغير المتعودة على استماع الأذكار، فالواجب على المصنف إذا أراد الحكم على غيره، أن لا يحكم إلا بما يراه حكما عند الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، لا بما يختاره هو بطبيعته، ويستحسنه في نظره، وغير خاف أن كون الإنسان قد يستحسن شيئا ويستقبحه غيره، ولهذا كان الواجب علينا أن لا نرجع للاستحسانات، ونكتفي باختيارات دون اختيارات الشرع لنا، وإذًا فالواجب على من يؤمن بالله واليوم الآخر، أن يقف عند النصوص الشرعية، ويعمل بمقتضاها، بدون ما يختار من عند نفسه شيئا إلا ما اختاره الله له، (( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ )).
هذا وأنت يا حضرة الأخ مهما كان من شريف مقاصدك الإطلاع على ما في المسألة من النصوص وأقوال العلماء في ذلك حسبما ذكرت، فقد يكفيك ما سطرناه، وعلى كل حال فهو شيء في الجملة، وعلى فرض احتياجكم لما وراء ذلك، وكثير ما يحتاج المؤمن إلى الزيادة من الخير، أقول لكم بعبارة أخرى: إن الذكر قد صرح بجوازه غير واحد من الأئمة، حتى في الكنيف، وما ذكرنا لكم هذا، إلا لتدركوا وجه ما استبعدتموه من جواز الذكر، في نحو الطرقات. قال القاضي عياض: إن مذهب عبد الله بن عمرو بن العاص والشافعي ومالك وابن بشير، جواز ذكر الله تعالى في الكنيف الخ. وفهم أيضا من كلام ابن رشد في سماع (سحنون) ومن كلام (البرزلي) نقله (أبو الفيض الشيخ محمد الكتاني) في رسالة له على تفسير قوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا )) وعنه أيضا في سنن المهتدين ما نصه: قال اللخمي: يذكر الله قاضي الحاجة قبل دخوله لموضع قضاء الحاجة وروى عياض جوازه فيه (القاضي) ذهب بعضهم إلى جواز ذكر الله في الكنيف، وهو قول مالك، والنخعي، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وقال ابن القاسم: إذا عطس وهو يبول يحمد الله قال جامع الرسالة المتقدم ذكره: فإن قلت أليس قال الشيخ خليل وبكنيف نحي ذكر الله وقد قيل بالمنع، ويتبادر للفهم من كلام ابن عبد السلام، وخليل في التوضيح، أن المنع على التحريم، فهو من كلام ابن رشد وعياض وصاحب الطراز أن المنع عند من يقول به، إنما معناه الكراهة، وهو صريح كلام الجزولي وصاحب المدخل، ومن فهمه على التحريم انتقده عليه الأئمة، منهم الإمام أبو عبد الله الحطاب، قال: وهو غير ظاهر، إذ ليس في أحد من المتقدمين ما يوافقه، ولم يصرحوا بالتحريم، قال: فيتعين حمل كلامهم على الكراهة ليوافق كلام المتقدمين.
قلت: وما كان استجلابنا لهذه النصوص على نية ترجيح أحد المذهبين من جهة جواز الذكر في الكنيف أو عدمه، إنما ذكرناها يا حضرة الأخ، لتعلم كيف أجاز الأئمة الذكر حتى في مثل هذا المكان، الذي هو أخبث بقعة تعتبر على الإطلاق، وعلى فرض أنك تجد من يحرك لسانه بذكر الله، وهو على مثل تلك الحالة، فلا تستغرب ذلك منه، بأن تراه مبتدعا ضالا، مادمت ترى من هو الشافعي ومالك قائلين بجواز ذلك، وكفى بهما قدوة في الاعتصام بحبل الله، والاعتصام بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا شك أنه بهذا النقل ونحوه، يتضح كون العلاويين مظلومين فيما أنكرتموه عليهم، على أنهم لم يبلغ بهم الاستهتار في الذكر، الحد الذي انتهى إليه الجواز حسبما ذكر من انه لا يمتنع الذكر ولو بكنيف، أو ما هو كمحال الفسوق، إذ غاية ما ينقل عن بعض العلاويين، أنه إذا نبهه أحد يقول (الله)، وإذا نبه هو أحدا يقول (الله) وهلم جرا، وفي ظني أن شبه هذا لا يترتب عليه أدنى مكروه فيما يظهر، وهذا إذا لم نقل لكم إنه من السنة بمكان، وحتى إذا لم يكن منها على التقدير يكون أشبه بالحق منه بالباطل.
نعم قد يقول القائل: جلت أسماء الله أن تجعل آلة يتوصل بها لغير الأخرويات، فلا يجوز أن توضع للتنبيه والإستلفات ونحوهما، فأقول: هذا يستقيم لو لم يكن في الشرع ما يسمح بنظيره، أو نقول يأمر به، وأنت إذا تتبعت المظان في شبه هاته النوازل، تجد مراد الشارع منا ما يقرب من الصراحة بالأمر في مثل ذلك، ألا ترى مشروعية الآذان، فلا شك أنك تجدها وضعت للإعلام بدخول الوقت، أو للأمر بالحضور لأداء الفريضة، وكان الأقرب والأنسب للمقام أن ينادى: الصلاة قد حضرت، أو الوقت قد دخل، وما في معنى ذلك، وإذًا فلم جاء بسرد العقيدة بتمامها، بدلا عما ينوب عنها من الألفاظ الوجيزة؟ وعليه فهل تستطيع أن تقول لماذا صيرت أسماء الله آلة يتوصل بها إلى نداء المصلين؟ ونظير هذا أيضا مشروعية التسبيح في الصلاة إشعارًا بأن يكون المصلي متلبسا بها، أو إشعارًا بما يطلبه به المقام من الضروريات.
ومن ذلك أيضا ما ورد عن الصحابة رضي الله عنهم من أنهم كانوا يوقظ بعضهم بعضا بنحو التكبير، يشهد لذلك لما جاء في الصحيحين في قضية الوادي لما ناموا عن صلاة الصبح، وكان أول ما استيقظ أبو بكر، وكان عمر رابع مستيقظ، فأخذ في التكبير حتى استيقظ النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فتأمل يرحمك الله كيف كانوا يستعملون الأذكار في إيقاظ النيام ونحو ذلك، وهكذا كان شأنه في الحروب وغيرها، قد يستدلون على أشياء بالتكبير، ويشبه هذا ما نص عليه ابن رشد على قول خليل: (وجاز الافتخار عند الرمي والتسمية والصياح، والأحب ذكر الله) ابن عرفة. وهكذا عند ظن الإصابة بالرمي، وذكر الله أحب إلي. ا ه. تأمل كيف اختار ذكر الله سببا للإعلام بوقوع الإصابة، وما كان اختيارهم ذلك إلا لعلمهم بمراد الشارع من جهة مقصوده من تعميم الذكر في سائر الحالات.
ثم أقول: إنه لما كان من المحتمل أن يرى ما استجلبناه من النصوص غير كاف من جهة صريح الدلالة، ظهر لي أن أذكر جملا مما ورد في خصوص مطلوبية الاستئذان بذكر الله عز وجل، وبذلك يدرك الأخ الكريم بغيته التي كان بتطلبها بإرادته الوقوف على نصوص الشارع في مثل ذلك.
فأقول: إنه مما ورد من صريح الحديث في هذا الباب، قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا أتيتم أبواب دياركم فأعلنوا بذكر الله .. نقله العلامة السنوسي صاحب العقائد في كتابه "نصرة الفقير في الرد على أبي الحسن الصغير" والذي يزيد هذا النص متانة في المعنى، هو ما ذكره أحد المفسرين في معنى الاستئناس الوارد في قوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا )) نقل الفخر الرازي في تفسيره الكبير، بعدما تكلم عن الاستئناس من عدة وجوه، قال: وقال عكرمة: هو التكبير والتسبيح ونحوه، يعني من بقية الأذكار، وفي تفسير النيسابوري المسمى ب " غريب القرآن " نظير ما نقله الرازي بعينه. ومن ذلك ما أخرجه ابن أبي شيبة، والترمذي، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والطبراني، عن أبي أيوب قال: قلتُ يا رسول الله، أريتَ قول الله تعالى: (( حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا )) هذا التسليم قد عرفناه، فما الاستئناس؟ قال: " يتكلم الرجل بتسبيحة وتكبيرة وتحميدة، ويتنحنح فيؤذن أهل البيت " نقله السيوطي في كتابه " الدر المنثور" في تفسير القرآن بالمأثور.
و نحن نكتفي بنقل ما سبق، عن تتبع ما ورد في هذا الباب من الدلائل الصريحة عن مشروعية الاستئذان بذكر الله، وأنه لا نزاع بين الأئمة في كون الذكر في الاستئذان أفضل من الصياح ودق الباب، خصوصا إذا كان بعنف، وأنت يا حضرة الأخ مهما أمعنت النظر بإنصاف فيما قدمناه، يتضح عندك، إن السنة لما بعدت الشقة بينها وبيننا، تمثلت في نظرنا في شكل بدعة، فلهذا قمنا نحاربها بغير شعور، وعلى غير علم منا، ألهمنا الله وإياكم رشدنا آمين.
و قبل اختتامنا هذا المكتوب المبارك، علينا وعليكم إن شاء الله، أذكر لكم من بعض الآثار المروية في هذا الباب، وأرجوكم أن تعطوها حضها من الاهتمام، كما هو شأن أمثالكم. ومن ذلك حديثان شريفان كل منهما يفيد تلخيص جميع ما قدمناه من جهة وجوب استغراق الزمان والمكان، وعمارة سائر الأوقات بذكر الله عز وجل.
الحديث الأول هو ما أخرجه الإمام أحمد، وأبو داود، وابن أبي الدنيا، والنسائي وابن حبان، واللفظ لأبي داود، قال صلى الله عليه وآله وسلم:" من قعد مقعدا لم يذكر الله فيه، كان عليه من الله نره " قال الحافظ عبد العظيم الترة بكسر التاء، وتخفيف الراء، النقص وقيل التبعة.
الحديث الثاني هو ما أخرجه أبو داود والحاكم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:" ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه، إلا قاموا عن مثل جيفة حمار، وكان عليهم حسرة يوم القيامة ".
و إلى هنا انتهى بنا الجواب والتوفيق بيد من إليه المرجع والمآب، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.
كملت بحمد الله من إملاء أستاذنا ومولانا الإمام سيدي الحاج أحمد بن مصطفى العلاوي رضي الله عنه، أول رجب الفرد سنة 1346 هجرية على صاحبها الصلاة والتحية.
[/align][/B]
[/cell][/table][/center]

_________________
صورة


أنا الذى سمتنى أمى حيدره

كليث غابات كريه المنظره

أوفيهم بالصاع كيل السندره


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء فبراير 20, 2008 12:18 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء نوفمبر 27, 2007 5:04 pm
مشاركات: 147
مكان: الجزائر
جزاك الله على النقل الرائع
رضي الله عن سيدي الفاضل الولي الصالح احمد العلاوي

_________________
جذبتني بحسن ضوء وجهها سقتني كأسها من عاتق الخمر
غيبتني عني بسر التجلي لكعبة الحق فاسجد وكبري


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: باش تعرف سي يونس
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء فبراير 20, 2008 10:32 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة إبريل 28, 2006 11:18 pm
مشاركات: 4137
مكان: الديار المحروسة
[font=Lucida Console]هذه ترجمة موجزة للشيخ أحمد العلوي رضي الله عنه.
هو سيدي أحمد ابن عليوة المشهور بالعلوي الحسني الشريف ابن سيدي مصطفى ابن سيدي محمد ابن سيدي أحمد المعروف بأبي شنتوف ابن الولي الصالح الملقب بمدبوغ الجبهة ابن الحاج علي المعروف عند العامة بعليوة ابن غانم و هو القادم من الجزائر العاصمة إلى مستغانم
ولد رضي الله عنه عام 1869 الموافق لـ 1352 من هجرة نبينا عليه الصلاة و السلام فنشأ الشيخ الأستاذ رضي الله عنه في طاعة الله عز وجل منذ كان طفلا صغيرا مشتغلا بالعبادة , حسن السيرة , طاهر السريرة , تجنح به همته إلى المرامي العالية و المقاصد السامية باحثا عن علم الأذواق , طالبا الوصول إلى الله قاصدا القرب لله و التلاق , حتى اجتمع بشيخه الولي المشهور و العارف المبرور ذي القدر المنيف سيدي محمد بن الحبيب البوزيدي الشريف الحسني , فخصه من بين أقرانه و أفاض عليه من فيض فضله و إحسانه حتى صدره في حياته ثم خلفه بعد وفاته , فهو وارث سره حقيقة و الله يمن بفضله على من يشاء من عباده فنهل من فيضه ينابيع الحكم و من علومه جداول المعارف و أنهار الكلم و وجه كليته لعلم القوم حيث كان أشرف العلوم و أزكى المعاني و الفهوم فأظهر فيه الباع الطويل و أخذ منه الحظ الجزيل حتى ركب ذروة سنامه إن لم نقل حمل رايته و اعلامه و صار فريد عصره و أيامه.
و حصل على يده فتح عظيم للفقراء و لقد كثر السالكون على يديه و انتسبت الطريقة إليه و قد فتح الله على كثير من الفقراء بمجرد دخولهم للخلوة و كثير من الفقراء فتح الله عليهم بمجرد مذاكرته لهم رضي الله عنه و ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء , سبحانه يهب ما يشاء لمن يشاء من كرامته رضي الله عنه أن فتح على يديه على أربعين فقيرا في سياحة واحدة ساحها إلى البادية, أما الذين فتح الله عليهم فلا يحصون كثرة , فالفتح عنده قريب و إن كان عند غيره صعبا .و لقد ظهر على يده كثير من الكرامات و قد أخذ عنه الطريق كثير من العلماء و ممن ينتسب إلى العلم و اعترف له الجميع بالفضل و علو المقام و هكذا شأنه رضي الله عنه يجتمع عليه العلماء الأعلام و يعاملونه بمزيد التبجيل و الاحترام.
أخلاقه
لقد كان رضي الله عنه على جانب عظيم من اليقظة، زيادة على مكانته العلميّة، الأمر الذي كان يدركه منه حتى من لم يجتمع به، إلاّ مجرد وقوفه على بعض كتاباته، أو ما يبلغه من أنبائه، ومن هؤلاء حضرة الأستاذ الشيخ محب الدين الخطيب محرر مجلة الفتح الغراء الّتي نقتبس منها:" وفي الجزائر شيخ من مشايخ الطرق، على جانب عظيم من الذكاء والنشاط، وهو منها الأستاذ الشيخ أحمد بن مصطفى العلوي المستغانمي الّذي يعدّ التابعون له بالألوف، وقد أقام العلو يون احتفالهم السنوي، فخطب فيهم الشيخ خطبة نسجلها له على صفحات الفتح لما امتازت به من المزايا"
كما ونشرت الشهاب عن هذا الاحتفال، وقد ذكر الأستاذ رضوان الله عليه في خطبته في الاحتفال بعبارات أعربت عن اعترافه بالفضل للطائفة، وما كان من مزاياها الجليلة، في بثّ الأخلاق والنصائح والإرشاد بين أفراد الأمّة على اختلاف طبقاتها.
كان رضي الله عنه، ممّن يكظم غيظه، ويعفو عن الناس، ويحسن إليهم، خصوصا إذا جمعته بهم المجامع، لا لضعف منه، ولكن لتمام فضله، وتوافر حلمه، ويوجد أمثلة لذلك الشيء الكثـير.
ومن أخلاقه رضي الله عنه، أنّه كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، حريصا على جمع كلمة المسلمين، وعلى ما ينهض بهم إلى الله، ويجمع قلوبهم عليه.
ومن أخلاقه رضي الله عنه، أنّه كان شجاعا ذا لهجة صادقة وعزيمة قويّة، متوكلا على الله في كلّ أموره، ومن هذه الأمور المقرونة بالثبات الشيء الكثير الكثير والذي كان ينشر في الصحف خاصّة صحيفة لسان الدين وذلك منافحا عن الدين ودعوته إليه والتمسك بالسنّة النبويّة المطهّرة ويعتبر كلّ ذلك غاية في التضحيّة، وبذل الجهد، ليبعث في قلوب العباد روح الطاعة، والتحلّي بالأخلاق الحميدة، والتمتّع بالمروءة حتى يكتب لهم الفوز في الدارين، لا يرجع العبد بخفيّ حنين، أو نقول صفر اليدين خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين / الحج آية / 1 1 وإنّ أقواله المنشورة تنبىء القارىء بصريح لفظه على قوة إيمانه الذي قلت أفراده، وهو ممّن يقلّ وجوده عادة بين جموع الأنام، سنّة الله في خلقه، ولقد كان حليما حكيما منصفا، لا يستنكف أن يرجع إلى حقّ ولو ممن تجاهر بما ينتهي، وتهوّر في مراجعته بما يتضمن الإساءة، من نحو المعاتبة والتهديد، وما هو من ذلك القبيل
ومن أخلاقه رضي الله عنه أنّه كان يصل الرحم، ويطعم الطعام على حبّه مسكينا ويتيما، وذلك ابتغاء مرضاة الله ورسوله، علما بأنّ زاويته الكبرى بمستغانم كانت مفتحة الأبواب على مدار أيام السنة لكلّ وارد من الناس، وفي نهاية الأمر جعل جميع ما يملكه من دور وعقار وأثاث حبسا في سبيل الله على عائلته والمنقطعين بزاويته لقراءة القرآن والعلم الشريف، والفقراء والمساكين، ومن الأولى أن يخلد ثواب هذا العمل عند الله، حيث قال عليه الصلاة والسلام إذا مات الإنسان انقطع عمله إلاّ من ثلاث صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له رواه الترمذي في سننه، ولقد ترك الأستاذ رحمه الله من الصدقة الجارية، ومن العلم النافع، ومن الأولاد الروحيّين الصالحين، ما يصير الرحمة إن شاء الله تتنزّل على روحه وضريحه الأنور، أشبه شيء بالمطر الغزير جزاء وفاقا والله يرزق مــــن يشاء بغير حساب / البقرة آية / 2 12، والله ذو الفضل العظيم / الحديد آية / 21
ومن أخلاقه رضي الله عنه أنّه كان صادق اللهجة، لا يقول إلاّ صدقا، ولا ينصر إلاّ حقّا معتصما بالله قولا وفعلا، حيث إنّه كان يقول لا شيء عندي أحبّ من المنتسب إلى الله، وإنّي أحترمه وأبجّله، ولكن ما دام يحافظ على حدود الله، أمّا إذا ظهر منه ما يخالف صريح الشرع الشريف، فلا صلة بيني وبينه كائنا ما كان
.[/font]


منقول من الغريب تراجم

_________________
صورة


أنا الذى سمتنى أمى حيدره

كليث غابات كريه المنظره

أوفيهم بالصاع كيل السندره


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء فبراير 20, 2008 10:37 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة إبريل 28, 2006 11:18 pm
مشاركات: 4137
مكان: الديار المحروسة
صورة

صورة الشيخ أحمد العلوى

_________________
صورة


أنا الذى سمتنى أمى حيدره

كليث غابات كريه المنظره

أوفيهم بالصاع كيل السندره


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 7 مشاركة ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 2 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط