موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 7 مشاركة ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: تنزيه ذات الله تعالى عن الحد والمقدار
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين سبتمبر 14, 2020 1:50 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14302
مكان: مصـــــر المحروسة

تنزيه ذات الله تعالى عن الحد والمقدار الذي تتصف به ذات المخلوق.

لا شك في أنّ أي شيء محدود له نهاية تحده ، والحد معناه التناهي ، والتناهي في ذات الله تعالى نقص لا يجوز ‏وصف ذات الله تعالى به ، لأنّ الكمال أن لا يكون للشيء حد ونهاية ينتهي إليه ، وإلا جاز أن يكون فوقه ما ‏هو أكبر منه ، والله تعالى أكبر من كل تصور ، وأكبر من كل حد ، وأكبر من كل مقدار ، وأكبر من كل ‏نهاية ، وهو الكبير المتعال على الحدود ، القاهر لكل خلقه بما حدهم عليه من حدود ، فهو الذي حد الحدود ‏على خلقه بقدرته ، وكتب النهايات على كل محدود ، ليدل بحده على أنّه مخلوق له خالق قهره بحد ونهاية لا ‏يتجاوزها إلى غيرها ، وكل محدود مخلوق ، والخالق متعالي عن الحد والنهاية ، لأنّ صفات الله تعالى لا تتناهى ‏ولا حد لها ، فلا حد لعلمه ، ولا حد لقدرته ، ولا حد لرحمته ، ولا حد لعزته ، ومن كانت تلك صفاته ، ‏فلا حد لذاته ، ومن الأدلة على تنزيه الله تعالى عن الحد والنهاية والمقدار ما يلي :

(أ) الله تعالى هو { ‏الواحد القهار } ، وقد تكرر ذكر { الواحد القهار } في القرآن الكريم في ستة مواضع ، هي قوله تعالى : { ‏قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ } [ الرعد : 16 ] ، وقوله تعالى : { وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ‏‏} [ إِبراهيم : 48 ] ، وقوله تعالى : { وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ } [ ص : 65 ] ، وقوله تعالى : ‏‏{سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ } [ الزمر : 4 ] ، وقوله تعالى : { لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } ‏‏[ غافر : 16 ] ، وقوله تعالى : { أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ } [ يوسف : 39 ] ، والله ‏تعالى هو القاهر فوق عباده ، قال تعالى : { وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ } [ الأنعام 18 ].

فالله تعالى هو الواحد ‏القهار ، وهو سبحانه القاهر فوق عباده ، قهر الخلق أجمعين بالحدود والمقادير ، فليس مخلوق إلا مقهور بقدر ‏معلوم وحد مخصوص ، لا يستطيع أن يتجاوز تلك الحدود ، لأنّه مقهور عليها ، والقاهر له هو خالقه الواحد ‏القهار ، أما الخالق الواحد القهار فقد جل عن أن يقهره حدٌ أو يحده مقدار ، لأنّه قاهر الخلق بتلك الحدود ‏والمقادير ، تنزه عن الحد والمقدار.

(تنبيه) : كل مخلوق مهما كبر حجمه أو جل مقداره ، إلا أنّه محدود ‏متناهي مقدر بمقدار ، مقهور للحدود والقيود الحاكمة عليه ، أما الله تعالى الواحد القهار فإنه لما كان قاهراً ‏من كلّ الجهات لم تتحكّم فيه الحدود ، وإذا كان تعالى لا يقهره شيء وهو القاهر فوق كلّ شيء ، فليس ‏بمحدود في شيء ، فهو الواحد القهار لا يشوبه نقص ، ولا يحده حد ، ولا يقدره مقدار ، كيف وهو الذي ‏خلق الحدود والمقادير وهو الواحد القهار.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: تنزيه ذات الله تعالى عن الحد والمقدار
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين سبتمبر 14, 2020 1:54 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14302
مكان: مصـــــر المحروسة

(ب) بين الله تعالى في كتابه الكريم أنه تعالى خلق الأشياء وخصصها بما هي عليه من قدر معين قال تعالى : { ‏وخلق كل شيء فقدره تقديراً } ، وقال تعالى :{ جعل الله لكل شيء قدرا } ، وقال تعالى :{وإن من شيء ‏إلاّ عندنا خزآئنه وما ننزله إلا بقدر معلوم } ، وقال تعالى : { إنا كل شيء خلقناه بقدر } ، وقال تعالى : { ‏قد جعل الله لكل شيء قدرا } ، وقال تعالى : { وكل شيء عنده بمقدار } ، ومعنى هذه الآيات أن الله عز ‏وجل خص كل مخلوق ( بحد ومقدار ) لا يجاوزهما ولا يقصر عنهما.

والحد والمقدار سمتان من سمات المخلوق ‏وبيان أن هناك خالق مقدِر خصصه على هذا الحد وهذا المقدار ، فكل موجود له حد ونهاية يكون الحد ‏والنهاية دليل على انه مخلوق حادث ، وأن موجده ومخصصه على هذه الحال هو الله تعالى فمحال أن يكون ‏الوصفالذي يحتج به على الحدوث والمخلوقية وصفا لله تعالى في ذاته أو صفاته فلا حد لذات الله تعالى ‏وتقدس ولا حد لصفات الله عز وجل.

(ت) القاعدة تقول :كل ما يقبل الحد فهو محدود ، وما يحد شيء ‏بحد إلا وهو متناهي الذات ، وكلما كان متناهياً في الذات كان متناهياً في الصفات وإذا كانت صفات الله ‏تعالى لا حد لها فله كمال العلم لا حد لعلمه وله كمال القدرة فلا حد لقدرته وله كمال جميع الصفات العلا ‏لا حد له فيها فبالتالي فلا حد لذاته تنزه عن الحد والمقدار والحصر والنهاية وكل ما يفيد الحدوث والخلق ،

(‏ث) كيف نصف الله تعالى بالحد والمقدار ، ونحن نقول في كل صلاة وعند كل حركة وانتقال ، وفي الاذكار ‏عقب الصلوات وفي الصباح والمساء (( الله أكبر )) ومعناها : الله أكبر من كل تصور ، والله أكبر من كل ‏خيال ، والله أكبر من كل حد ، والله أكبر من كل مقدار.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: تنزيه ذات الله تعالى عن الحد والمقدار
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين سبتمبر 14, 2020 1:59 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14302
مكان: مصـــــر المحروسة

( ج ) المخلوقات جميعها محدودة وإن اختلفت حدودها فمنها ما هو ضخم بالغ الضخامة كالعرش ومنها ما ‏هو ضئيل بالغ الضآلة كالبعوضة إلا أنها جميعا تشترك في صفة الحد والمحدودية لأنها جميعا مخلوقة والمخلوق ‏محدود الذات والصفات والله تعالى ليس كمثله شيء في ذاته فليس له فيها حد وإلا شابه المخلوق وليس ‏كمثله شيء في صفاته فليس له فيها حد.

( ح ) كلمتناه مٌحدَث لأن تخصيصه بهذا المقدار دون سائر ‏المقاديرلا بد له من مخصص ،وجل الخالق تعالى عن ذلك أن يكون لذاته مخصص ، لأنه الخالق ، والخالق هو ‏المقدر لجميع المقدرات بمقاديرها المخصوصة فيستحيل أن تكون ذاته سبحانه مقَدَرة بمقدار مخصوص وإلا لزم ‏كونه مقدراً لنفسه حادا لها بحد ونهاية وكمية ومقدار وذلك محال ، لان التقدير يوجب الخلق والحد يوجب ‏الحدوث لحاجة الحد إلى حادّ يحده والله تعالى قديم بلا ابتداء ودائم بلا انتهاء ،لم يزل منزه عن الحدوث هو ‏الأول فليس قبله شيء.

( خ ) الحد نقص والنهاية عجز والله تعالى منزه عن النقص والعجز ، فكل موجود ‏له نهاية وهذه النهاية علامة نقصه لأن الموجود مهما كان كبيرا وعظيما إذا كانت له نهاية ينتهي إليها فإنه ‏يُتصور في الأذهان ما هو أكبر منه والقاعدة عند الرياضيين أن كل ما يقبل النهاية يقبل الزيادة والنقصان ، ‏والله تعالى له الكمال المطلق _ ومعنى الكمال المطلق أن ذاته لا حد لها ولا نهاية ولا تقبل الزيادة لأنه بذلك ‏يكون قبل قبول الزيادة نقصا ولا تقبل النقصان لأنه ضد الكمال _ فإن كان لذاته نهاية ( سبحانه وحاشاه ) ‏فإنه يُتصور في الأذهان ما هو أكبر من ذاته ، كما تصور البعض بأذهانهم السقيمة أن العرش أكبر من ذات ‏الله ويفضله بأربعة أصابع وهم يقولون عند كل صلاة ( الله أكبر ) فكيف جاز لهم أن يجعلوا ذات العرش ‏اكبر من ذات الله سبحانه تعالى الله عما يصفون.

( تنبيه ) : ذات الله تعالى منزه عن الحد والحصر والنهاية ‏وهو كذلك منزه عن الحجم والكمية والمقدار لكونها صفات الأجسام والأجسام مخلوقه والله تعالى خالقها ‏ليس كمثله شيء وليس له سمي ومثيل ولا نحيط به علما وإنما ننزهه عن مماثلة المخلوق وعن كل نقص وعجز ‏اتصف به المخلوق وتنزه عنه الخالق.

( د ) الحدود مخلوقة والله عز وجل هو خالق الحدود فلا تجري الحدود ‏على ذاته ، والنهايات علامات المخلوقات أنهاها الخالق بعلمه الذي ليس له حد {وسع كل شيء علما} ‏وبقدرته التي ليس لها فيها حد {وكان الله على كل شيء مقتدرا } ، لا انتهاء لقدرته ولا حد لعلمه فكذلك ‏ذاته المقدسة تنزهت عن الحد والحصر والمقدار ، لأن الحد نقص والحصر عجز والمقدار خلق و ( الله اكبر ) ‏من كل حد ( وأعظم ) من كل حصر ( ومتعال) على كل نهاية ومقدار ، حد الحدود وقدر المقادير على ‏خلقه لا على ذاته سبحانه هو الواحد القهار.

( ذ ) وليس معنى تنزيه الذات عن الحد والمقدار ، أن نصف ‏الذات بالاتساع الحسي الذي لا نهاية له ، أو الكبر الحسي الذي يُقاس بالمسافات ، أو الحجم الذي تجاوز ‏مقداره كل مقدار ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا ، وإنما المقصود أن الذات منزه عن الحد والمقدار الحسيين ‏، كمالات الذات لا تتناهى ، فلا حد حسي ولا معنوي لذاته تنتهي إليه ، ولا مقدار لها يحدد قدرها ، لأنّ ‏الحد مهما اتسع ، ولأنّ المقدار مهما عظم وكبر فإنّه صفة المخلوق ، ويُحتمل وجود ما هو أكبر واعظم منه ‏، والخالق - سبحانه - لا تسري عليه قوانين المواد والأجسام لأنّه خالق كل ذلك ، ولا يُحتمل وجود ما هو ‏أكبر ، أو اعظم منه ، لأنّ من أسمائه الحسنى : الكبير المتعال ، والعلي العظيم ، ليس كمثل ذاته ذات ولا ‏مثل صفاته صفات ، منزه عن كل ما يخطر بالبال لأنّ كل ما خطر بالبال هو مخلوق ، والمخلوق المحدث ‏المحدود لا يُدرك الخالق القديم المنزه عن الحدود ، فالله تعالى أكبر من كل تصور ، وأعظم من أن نحيط به ‏علما ، { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا } [ طه : 110 ] ، فالذات لا يُدرك ، ‏ويجب على كل مسلم الاقرار بالعجز ومنع التتشبيه والتمثيل ، وأن يعيش على التقديس والتنزيه والتسبيح.

‏فالله تعالى { ليس كمثله شيء } وكل شيء سواه مخلوق مقدر محدود ، وكما ذكرت فإنّ من أراد التنزيه ‏والتقديس فليذهب بعقله إلى ما فوق المادة والاجسام ، وليصف ذهنه عن مماثلة ذات الله تعالى بذوات خلقه ‏، وليذهب إلى التسبيح القلبي والتنزيه العقلي والتقديس العقائدي حيث الاقرار بالعجز عن الإدراك ، واليقين ‏في وجود الواحد الأحد الذي ليس كمثل وجوده وجود ، ولا كمثل ذاته ذات ، ولا كمثل صفاته صفات ، ‏تنزهت ذاته وصفاته عن كل حد ومقدار ، فإن لم يستطع ان يخرج من اطار المادة والاجسام وجميع ‏المخلوقات المحدودة المقدرة ، فليوقن أنّه عامي ناقص العلم في باب توحيد الذات والصفات والافعال ، فلا ‏يحل له القول على الله تعالى بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير.

وقد جزم أهل التخصص في باب الإلهيات ‏‏- اهم وأصعب أقسام العقيدة - أنّ شرط التكلم في الله تعالى وصفاته وأفعاله تصفية الذهن عن شوائب ‏المحسوسات وعوالق المرئيات فإن خالقها ليس كمثله شيء ، وكل ما خطر بالبال فالله تعالى بخلافه ، ونحن لا ‏نُطالب كل مسلم بالولوج في علم التقديس ، ولكن لا يحل لأحد ان يدعي التخصص في العقيدة على منهاج ‏اهل السنّة والجماعة أو أن يقيّم أقوال المتخصصين دونما خلفية عن هذا العلم تمنعه من الولوج في التشبيه او ‏التجسيم او الحشو فيما يتعلق بتوحيد الذات.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: تنزيه ذات الله تعالى عن الحد والمقدار
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين سبتمبر 14, 2020 2:05 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14302
مكان: مصـــــر المحروسة

( ر ) قد يأتي بعض من حرم نور التنزيه - أسأل الله تعالى لهم بقلب صادق هذه البصيرة وهذا النور - ‏فيقول : إن الله عز وجل وصف نفسه بأنه سميع بصير { وكان الله سميعا بصيرا } ووصف بعض خلقه بأنه ‏سميع بصير { فجعلناه سميعا بصيرا } ، فما المانع أن يكون للمخلوق حد وينتهي إليه وكذلك يكون للخالق ‏حد ينتهي إليه ولا يعلمه إلا هو ، والجواب عن تلك الشبهة من وجهين : الوجه الأول :

أن السمع والبصر ‏والعلم صفات مدح من كل وجه ولله تعالى كمال الصفات من العلم والسمع والبصر ، وقد أكرم بعض ‏خلقه بالسمع والبصر والعلم تفضلا منه سبحانه ، ولكن الحد والنهاية والحصر صفات عجز ونقص وقصور ‏فهي سمة المخلوق الفقير إلى ربه والتنزه عن الحد والنهاية والحصر صفة الكمال اللازمة للقدوس الكبير المتعال ‏، وشتان بين الخالق والمخلوق وبين الغني عن الخلق والفقير إلى الله ( أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد ‏‏) والوجه الثاني للجواب : أن صفات السمع والبصر والعلم عند المخلوق محدودة مقدرة أما عند الله تعالى ‏فهي صفات لا حد لها ولا نهاية وسع علمه جميع المعلومات ( ومعلومات الله ليس لها حد لأنه يعلم بكافة ‏أحوال أهل الجنة من نعيم دائم لا ينقطع وهم فيها خالدون أبدا وكذلك بحال أهل النار وعذابهم الأبدي ) ‏فلا حد لعلمه وكذلك لا حد لسمعه وسع سمعه جميع المسموعات ووسع سمعه أصوات أهل الجنة والنار ‏وكذلك لا حد لبصره وسع بصره جميع المبصرات حتى يرى أهل الجنة والنار إلى ما لا نهاية له من الزمان ‏المستقبل ، والحاصل أن الحد والحصر حاصل للمخلوق في ذاته وصفاته والتنزيه عن الحد والحصر والمقدار ‏حاصل لله تعالى في ذاته وصفاته.

( تنبيه ضروري ) : حتى لا يقع المسلم في تكييف ذات الله من حيث لا ‏يدري فليس المقصود من قولنا تنزيه الله عن الحد إثبات مقدار إلى ما لا نهاية فالله تعالى منزه عن الحد والمقدار ‏وهذا التنزيه ضروري لتصفية القلب عن كل شوائب التكييف والتشبيه ويعلم أن الجنس البشري عاجز عن ‏إدراك كنه ذات الله ، والعجز عن درك الإدراك إدراك.

( ز ) الكون جميعه من العرش إلى الفرش مهما اتسع ‏محدود ، فالسماوات السبع وما فيها وما بينها والكرسي والعرش وغير ذلك مما لا نعلم من ملك الله على ‏اتساعه العظيم مخلوق محدود سمته النقص والنهاية لأنه محدث مخلوق ، أما الخالق الذي له الكمال المطلق في ‏ذاته المقدسة وأسمائه الحسنى وصفاته العلى فهو المنزه عن كل نهاية وحدود ( والله اكبر ) عن كل تصور ‏محدود جل عن الإحاطة ، إذ كيف يحيط المخلوق المحدود علما بالخالق المنزه عن الحدود ( ولا يحيطون به ‏علما ) و ( ليس كمثله شيء ) و ( لم يكن له كفوا احد ).(فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا ‏تعلمون ).

( س ) نسبة الغير محدود إلى المحدود هي نفسها نسبة الخالق إلى المخلوق ونسبة الإله الرب إلى ‏العبد المربوب ، ومنه نعلم بعض الحكمة من قولنا عند كل صلاة وقيام وركوع وسجود ( الله أكبر ) أي عن ‏كل تصور وحدود وعن كل عجز وعيب ونقص وقصور.

( ش ) الله تعالى منزه عن الحد والمقدار وكل ما ‏يفيد الحصر والنهاية لأن ذلك سمة المخلوق الذي حده خالقه على كمية ومقدار معين ، وعلى تنزيه الله تعالى ‏عن الحد والمقدار إجماع أهل التنزيه من هذه الأمة ، حتى ما نقل عن البعض بإثبات الحد فإنما يقصد بالحد ‏الحاجز بين الخالق والمخلوق لا أكثر ( أي الحد الذي يمنع الاتحاد والحلول ) وإلا فلا يصح أبداً إثبات الحد لله ‏بمعنى المقدار الذي تنتهي إليه ذاته سبحانه فإن ذات الله ليس لها نهاية ، منزه سبحانه عن الحصر لأن الحصر ‏والنهاية نقص يضاد الكمال الذي اتصف به ذات الله ، فإن الحد في اللغة على معنيين :

الأول : الحد بمعنى ‏الحاجز بين الشيئين وهذا لو أضيف إلى الله فالمقصود به حد الإلهية الذي يفصل بين المعبود سبحانه والعباد أو ‏المقصود به حد الربوبية الذي يفصل بين الرب والمربوب فلا اتحاد ولا حلول بينهما ولا مماسة ولا اتصال ‏بينهما بحال فالحد بهذا المعنى صحيح.

والثاني : الحد بمعنى الحصر والنهاية وحد الشيء منتهاه الذي ينتهي إليه ‏ونهايته وهذا الحد هو صفة المخلوق التي يتنزه ويتقدس الخالق عنها [انظر مختار الصحاح ج : 1 ص : 53 ‏‏].


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: تنزيه ذات الله تعالى عن الحد والمقدار
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين سبتمبر 14, 2020 2:11 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14302
مكان: مصـــــر المحروسة

( ص ) اتفق المسلمون على تنزيه الله تعالى عن الحدود والغايات والنهايات ولم يخالف في ذلك إلا قلةٌ ‏جاهلون بما يجب لله تعالى من التقديس والتعظيم ، يعتقدون ان إلههم محدود بحد لا يعلمه إلا هو وأكثرهم ‏على أن حده العرش ، فحدوه بمخلوق مربوب مثلهم وقد اشار القرآن الكريم إلى ذلك بقوله تعالى { وهو ‏رب العرش العظيم } كما أنه رب العالمين جميعا ، فالله تعالى رب العرش ورب العالمين والجميع محفوف بعناية ‏الله ومحفوظ بحفظه.

وهل – أستغفر الله تعالى – الرب عز وجل محمول على عرش او كرسي ، الرب الذي ‏قال عن نفسه سبحانه : { ِإِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ ‏بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا } [ فاطر : 41 ] ، هل يحتاج إلى شيء يحمله ، أو شيء يحيط به ويحويه ، مهما ‏بلغ اتساعه وحجمه ، فأنى للمخلوق المربوب أن يحمل الخالق ، وأنى للمحدود ان يحوي الذي تعالى عن الحد ‏والمقدار ، وأين ذلك من اعتقاد كل مسلم بأن الله هو الغني الذي تحتاج إليه الخلائق بما فيها العرش ، وهو ‏الغني عنها ، وأين ذلك من اعتقاد كل مسلم بان الله هو الحي القيوم الذي يقوم على حاجة كل مخلوق وهو ‏مستغنٍ عنها ، سبحانك هذا بهتان عظيم.

( ض ) تنزيه الخالق سبحانه عن الحدود والغايات والنهايات ليس ‏معناه أن الله في كل مكان إذ المكان مهما كبر فهو محدود والله تنزه عن الحدود ، وليس معناه أن الكون كله ‏داخل في ذات الله ( سبحانه ) إذ تنزه الخالق عن معاني الحلول والاتحاد ومعاني المماسة والاتصال ليس كذاته ‏ذات تنزه عن كل ما خطر بقلوب البشر له الكمال والتنزيه المطلقين في ذاته وصفاته وافعاله ليس كمثله ‏شيء ولا نحيط به علما ، نعجز عن ادراك ذاته ، وما نستطيع ان نقدره قدره ، لا نحصي ثناءً عليه ، هو كما ‏أثنى على نفسه.

( ط ) يقول علماء الحساب والرياضيات أنه لا نسبة بين المحدود واللامحدود ، ولا تصح ‏المقارنة بين المحدود مهما كان كبيرا أو عظيما وبين اللامحدود ، إذ نسبة المحدود مهما كان كبيرا إلى اللامحدود ‏هي نفسها نسبة الصفر الذي لا يساوي شيئا إلى الذي لا يتناهى من الأشياء ، ولله المثل الاعلى ، إذ كيف ‏تصح المقارنة بين الكون المخلوق المقدر المحدود – مهما بلغ اتساعه وهو عظيم كما قال تعالى : { وَالسَّمَاءَ ‏بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ } – وبين الخالق الواحد القهار المنزه عن الحد والمقدار.

ومن ذلك نفهم وجه ‏المقارنة من حديث النبي صلى الله عليه وسلم ، فيما يرويه عن الله تبارك وتعالى أنه قال ( يا عبادي‎ ! ‎لو أن ‏أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، يا ‏عبادي ! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحدما نقص ذلك من ملكي ‏شيئا ، يا عبادي ! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل ‏إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ) [ صحيح مسلم : 2577].

‏ومعلوم أن المخيط لا ينقص من البحر شيئا ولله المثل الأعلى قال تعالى { وما قدروا الله حق قدره } ، وقال ‏تعالى{ سبحان ربك رب العزة عما يصفون } ، سبحانك تقدست أسماؤك وتعالت عظمتك.

( ظ ) من ‏فوائد هذا التنزيه عن الحد والحصر والمقدار على المسلم أن يعظم الله تعالى بقلبه ويفهم العظمة والجلال في ‏جميع الآيات التي تدل على هيمنة الله تعالى على أرجاء الكون كقوله تعالى { الرحمن على العرش استوى } ، ‏مع قوله تعالى { فإني قريب } ، مع قوله تعالى { فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم } ، مع قوله ‏تعالى { والله بكل شيء محيط } ، وقوله تعالى { وكان الله بكل شيء محيطا }.

لأننا نعبد المنزه عن الحد ‏والحصر والمقدار ، ولا نقول كما قالت الحلولية والجهمية : إن الله في كل مكان لا يخلو منه مكان ، ولا نقول ‏كما قالت الحشوية الجهوية : إن الله في مكان دون مكان ألا وهو العرش العظيم.

بل نقول إن الله خالق ‏المكان منزه عن المكان لا يحل في كل مكان ولا في مكان دون مكان وأنه هو رب العرش العظيم ، خلق ‏العرش إظهارا لقدرته ولم يتخذه مكانا لذاته‏.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: تنزيه ذات الله تعالى عن الحد والمقدار
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين سبتمبر 14, 2020 2:20 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14302
مكان: مصـــــر المحروسة

‏[هذه المقولة العظيمة نسبها الإمام أبو منصور البغدادي إلى أمير المؤمنين علي رضي الله عنه أنه قال (كان ‏الله ولا مكان وهو الآن على ما عليه كان ) وقال (إن الله تعالى خلق العرش إظهارًا لقدرته لا مكانًا لذاته ) ‏اهـ [الفرق بين الفرق لأبي منصور البغدادي ص 333 ].

وأنه لا يُقال إن الله داخل الكون _ لأن ذلك ‏يوحي بالحلول والاتحاد وأنى يحل الخالق المنزه عن الحدود في الكون المحدود _ ولا يُقال إنه خارجه لأنه ‏قريب كما قال تعالى { ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون } وكما قال تعالى :{ ونحن أقرب إليه من ‏حبل الوريد } ، وكما قال تعالى { واسجد واقترب } ، وكما قال الرسول الكريم _ وهو يبين قرب الرحمن ‏‏_ (( إذا كَانَ أَحَدُكُم في صَلاَتِهِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي ربَّه فلا يَبْصُقَنَّ في قِبْلَتِهِ وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ فَإِنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِبْلَتِهِ )) [ ‏أخرجه البخاري ] وقوله صلى الله عليه وسلم (( أربعوا على أَنفُسِكُمْ فإنَّكُمْ لا تَدْعُونَ أَصَمَّ ولا غَائِباً ، ‏إنَّكم تَدْعُونَ سميعاً قَرِيباً ، والذي تَدْعُونَهُ أَقْرَبُ إلى أَحَدِكُمْ مِنْ عُنُقِ رَاحِلَةِ أَحَدِكُمْ )) [ أخرجه البخاري ].

‏ولا يُقال أنه متصل بالكون ولا يُقال أنه منفصل عنه لأنه سبحانه ليس كمثله شيء لا يُقاس قربه بالمسافة ، بل ‏كل خلقه منه قريب تحيرت العقول في ذاته وصفاته والعجز عن درك الإدراك صفة المخلوق القاصر.

وهذا ‏حد البشر نبذ التمثيل والتكييف والتشبيه وتنزيه الله عن الزمان والمكان والحد والمقدار ، ولا تلتفت إلى ‏القاصر عن علم العقيدة والتقديس حين يقول إذا قلنا أنه لا يُقال أنه سبحانه لا هو داخل العالم ولا هو ‏خارجه ولا هو متصل به ولا هو منفصل عنه فهذا هو التناقض ، نقول : هو التناقض إذا كان بين شيئين ‏متماثلين في وجه من الوجوه.

فمثلا نقول أن هناك علاقة بين الإنسان وبين العلم فيصح أن يٌقال هذا إنسان ‏عالم أو جاهل ، ولكن إذا لم يكن هناك تماثل في وجه من الوجوه فلا يصح مثلا أن نقول عن الحجر أنه حجر ‏عالم أو جاهل بل الصحيح هو أن يُقال " لا يُقال للحجر أنه عالم ولا يُقال أنه جاهل " لعدم التماثل بين العلم ‏والحجر ، ولله المثل الأعلى ، فلا تماثل أبدا بين الخالق وبين المخلوق فالله تعالى موجود بذاته وصفاته وأفعاله ‏ولكن ليس كوجوده وجود وليس كمثل ذاته ذات ، وليس كمثل صفاته صفات ، وليس كمثل أفعاله أفعال ‏، وليس له مثيل ولم يكن له كفوا أحد ، فلا تناقض يُقال أنه سبحانه لا هو داخل العالم ولا هو خارجه ولا ‏هو متصل به ولا هو منفصل عنه لأنه لا تماثل أبدا بين الخالق وبين المخلوق.

( ع ) من الأدلة الشرعية على ‏تنزيه الله تعالى عن الحد :

قوله تعالى : (ليس كمثلِه شيء) [سورة الشورى : 11] ، في هذه الآية نفي ‏المشابهة والمماثلة بين الله تعالى وخلقه ومعناه أن الله تعالى لا يشبه شيئًا من خلقه بوجه من الوجوه ، فإذا كانت ‏المخلوقات جميعا لها حد تنتهي إليه وهو علامة نقصها ودليل خلقها علمنا من ذلك أن خالقها منزه عن الحد ‏والحصر والمقدار .

وقوله تعالى :(وللهِ المثَلُ الأعلى) [سورة النحل/60] أي الوصف الذي لا يشبه وصف ‏غيره ، فلا يوصف ربنا عزَّ وجلَّ بصفات المخلوقين من الحد والحصر والمقدار.

وقوله تعالى :(فلا تضربوا للهِ ‏الأمثال) [سورة النحل/74] ، أي لا تجعلوا لله الشبيهَ والمِثْل فإن اللهَ تعالى لا شبيه له ولا مثيل له ، فذاتُه ‏سبحانه لا يشبه الذواتِ ولا صفاتُه تشبه الصفاتِ ، تنزه عن الحد والحصر والمقدار.

وقوله تعالى :(هل تعلمُ ‏لهُ سميًّا) [سورة مريم/65] أي مِثلاً ، فالله تعالى لا مِثْلَ له ولا شبيه ولا نظير ، فذاتُه سبحانه لا يشبه الذواتِ ‏ولا صفاتُه تشبه الصفاتِ ، تنزه عن الحد والحصر والمقدار.

وقوله تعالى :(هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ ‏وَالْبَاطِنُ) [سورة الحديد/3] فإذا كان سبحانه الاول فليس قبله شيء والآخر فليس بعده شيء والظاهر ‏فليس فوقه شيء والباطن فليس دونه شيء ولا شيء أقرب إلى شيء منه فلا يكون كذلك إلا المنزه عن ‏الحدود ، تعالى عن الحد والمقدار.

وقوله تعالى :(وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ) [سورة الإخلاص/4] أي لا نظير ‏له بوجه من الوجوه ، فإذا فإذا كانت المخلوقات جميعا لها حد تنتهي إليه وهو علامة نقصها ودليل خلقها ‏علمنا من ذلك أن خالقها منزه عن الحد والحصر والمقدار.

وقوله تعالى :(فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) [سورة ‏البقرة/115] ولا يكون ذلك إلا لمن هو منزه عن الحد والمقدار.

وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ‏اللهم أنت الأوَّلُ فليس قبلَك شىءٌ ، وأنت الآخِر فليس بعدَك شيء ، وأنت الظاهرُ فليس فوقَكَ شىءٌ ، ‏وأنت الباطن فليس دونَك شيء) [ أخرجه مسلم] وإذا لم يكن فوقه شيء ولا دونه شيء لم يكن له حد.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: تنزيه ذات الله تعالى عن الحد والمقدار
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين سبتمبر 14, 2020 2:30 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14302
مكان: مصـــــر المحروسة

( غ ) من درر العلماء في تنزيه الله تعالى عن الحد :

قال الإمام أبو جعفر الطحاوي في كتابه [ اعتقاد أهل ‏السنة والجماعة على مذهب فقهاء الملة أبى حنفية وأبي يوسف ومحمد بن الحسن ] " تعالى الله عن الحدود ‏والغايات والأركان والأعضاء والأدوات ولا تحوية الجهات الست كسائر المبدعات " اهــ.

وجاء في اعتقاد ‏الإمام المبجل ابن حنبل [ج : 1 ص : 307 ] نص اعتقاد ‏الإمام أحمد بن حنبل" وسئل قبل موته بيوم عن احاديث الصفات فقال تمر كما جاءت ويؤمن بها ولا يرد منها ‏شيء إذا كانت بأسانيد صحاح ولا يوصف الله بأكثر مما وصف به نفسه بلا حد ولا غاية ليس كمثله شيء ‏وهو السميع البصير "اهـ.

وقال العلامة ابن الجوزي الحنبلي رحمه الله في [ الباز الأشهب ص 57 ] "واعلم أن من يتصور وجود الحق سبحانه وجودا مكانيا طلب له جهة كما أن من تخيل أن وجوده وجودا ‏زمانيا طلب له مدة في تقدمه علي العالم بأزمنة وكلا التخيلين باطل ، وقد ثبت أن جميع الجهات تتساوي ‏بالإضافة إلى القائل بالجهة فاختصاصه ببعضها ليس بواجب لذاته بل هو جائز فيحتاج إلي مخصص يخصصه ‏ويكون الاختصاص بذلك المعني زائدا علي ذاته وما تطرق الجواز إليه استحال قدمه لأن القديم هو الواجب ‏الوجود من جميع الجهات ، ثم إن كل من هو في جهة يكون مقدرا محدودا وهو يتعالى عن ذلك وإنما الجهات ‏للجواهر والأجسام لأنها أجرام تحتاج إلي جهة والجهة ليست في جهة وإذا ثبت بطلان الجهة ثبت بطلان المكان ‏ويوضحه أن المكان إذا كان يحيط بمن فيه والخالق لا يحويه شيء ولا تحدث له صفة "اهــ.

وقال أيضاً في [ الباز ‏الأشهب ص100-102] " وقوله : حجابه النور ، ينبغي أن يعلم أن هذا الحجاب للخلق عنه ، لأنه لا ‏يجوز أن يكون محجوبا لأن الحجاب يكون أكبر مما يستره ، ويستحيل أن يكون جسما أو جوهرا أو متناهيا ‏محاذيا إذ جميع ذلك من إمارات الحدث ، وإنما عرف الناس حدوث الأجسام من حيث وجودها متناهية ‏محدودة محـلا للحوادث ، وكما أنه لا يجوز أن يكون لوجوده ابتداء ولا انتهاء لا يصح أن يكون لذاته انتهاء ‏، وإنمـا المراد : أن الخلق محجوبون عنه كما قال سبحانه وتعالي :‏‎"‎‏ كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ‏‎"‎ا‏هــ.

وقال الإمام الحافظ العلامة شرف الدين النووي في [شرحه على صحيح مسلم ج : 7 ص : 80]" يمين الله ملأى سخاء لا ‏يغيضها شيء قال الامام المازري هذا مما يتأول لان اليمين اذا كانت بمعنى المناسبة للشمال لا يوصف بها ‏الباري سبحانه وتعالى لأنها تتضمن إثبات الشمال وهذا يتضمن التحديد ويتقدس الله سبحانه عن التجسيم ‏والحد" اهـ.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 7 مشاركة ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 11 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط