موقع د. محمود صبيح

بسم الله الرحمن الرحيم
من شبهات ابن تيمية وأتباعه اليوم فى إثبات مسألة العلو الحقيقى الحسى والمكان والفوقية الحسية الحقيقة وإثبات الجهة على الحقيقة كثيرة جدا ، منها ما أورده ابن تيمية فى بيان تلبيس الجهمية (1\6) : قال : والمقصود أن القول بوجود موجود لا داخل العالم ولا خارجه لم يقل أحد من العقلاء أنه معلوم بالضرورة وكذلك سائر لوازم هذا القول مثل كونه ليس بجسم ولا متحيز ونحو ذلك لم يقل أحد من العقلاء إن هذا النفي معلوم بالضرورة بل عامة ما يدعى في ذلك أنه من العلوم النظرية …………….
ـ وقال فى بيان تلبيس الجهمية (1\9) : وهؤلاء ـ أى المتقدمون ـ وغيرهم لا يسلمون للفلاسفة إمكان وجود ممكن لا هو جسم ولا قائم بجسم بل قد صرح أئمتهم بأن بطلان القسم الثالث معلوم بالضرورة بل قد بين أبو محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب إمام الصفاتية كأبي العباس القلانسي وأبي الحسن الأشعري وأبي عبدالله بن مجاهد وغيرهم من انحصار الموجودات في المباين والمحايث وأن قول من أثبت موجوداً غير مباين ولا محايث معلوم الفساد بالضرورة مثل ما بين أولئك انحصار الممكنات في الأجسام وأعراضها وأبلغ .
ـ وطوائف من النظار قالوا ما ثم موجود إلا جسم أو قائم بجسم إذا فسر الجسم بالمعنى الاصطلاحي لا اللغوي كما هو مستقر في فطر العامة وهذا قول كثير من الفلاسفة أو أكثرهم وكذلك أيضا الأئمة الكبار كالإمام أحمد في رده على الجهمية وعبدالعزيز المكي في رده على الجهمية وعبد العزيز المكي في رده على الجهمية وغيرهما بينوا أن ما ادعاه النفاة من إثبات قسم ثالث ليس بمباين ولا محايث معلوم الفساد بصريح العقل وأن هذه من القضايا البينة التي يعلمها العقلاء بعقولهم .اهـ
ـ قلت : هذه المقولة يعتمد عليها ابن تيمية كثيراً فى كون الله تعالى فى جهة ـ فإما أن يكون الله تعالى متصلاً بالعالم حالاً فيه ، أو يكون منفصلاً عنه ، والله تعالى غير متصل بالعالم فهو لا محالة منفصل ـ مباين عنه ، وهذا يعنى كون الله تعالى فى جهة العلو ـ فيقول ـ كما تقدم ـ ما من موجود إلا هو مباين أو محايث ، وليس هناك قسم ثالث ، فالعقل لا يعقل موجوداً إلا أن يكون متصلاً أو منفصلاً ـ ولا قسم ثالث بينهما ، فليس هناك موجود لا يقبل الاتصال أو الإنفصال .
ـ ونقول : هذا هو مبلغ علم ابن تيمية وأتباعه فى ذات الله تعالى ، إما أن يكون الشئ متصلاً بالعالم حالاً فيه أو منفصل عنه ، ولا يوجد قسم ثالث بينهما ، فإن العقل عندهم لا يعقل غير ذلك .
ـ وللرد على ذلك الفهم العقيم عند ابن تيمية وأتباعه :يضرب الإمام الآمدى مثلاً يقرب المقصود والمطلوب ، فلو قيل لك : هل تتصور وجود شئ ليس بعالم ولا جاهل ؟ لقلت : إن ذلك محال ، فيقال لك : إن استحالة الخلو عن أحد المتقابلين إنما تكون فيما هو قابل لهما ، لكنك لو قلتَ : إن الحجر ليس بعالم ولا جاهل لكنتَ صادقاً فيما تقول ، لأن الحجر ليس بقابل للإتصاف بأحد المتقابلين.
ـ وهذا الحيوان : لا هو عالم ولا هو جاهل ولا هو ذكى ولا غبى ، وهذا العْلم : لا هو متحرك ولا هو ساكن ، وهذا الصدق : لا هو كبير ولا صغير ، والإرادة لا هى ثقيلة ولا خفيفة ، وها هو الهواء : لا هو أبيض ولا أسود ، وكل هذا لأن هذه الاشياء فاقدة للحياة المسوغة التى تجعلهم يتصفون بهذه الأوصاف .
ـ وعليه : فلا يقال ابتداءا عن رب السموات والأرض أنه فى جهة أو ليس فى جهة ، وكذا الحركة والسكون ، ونحو هذا مما وصف ابن تيمية رب العزة مما لم يرد فى كتاب ولا سنة ، لأن ذات الرب تعالى غير قابلة للاتصاف بهذه البدائل أصلاً ، فهو سبحانه كما قال الإمام أبو حنيفة : كان ولا مكان ولا جهة ، كان ولم يكن شيئ أو خلقٌ ، بل هو خالق الخلق سبحانه وتعالى وعز وجل ، فلا يقال فى حق من أيَّن الأين : أين !!!
ـ وكذا لا يقال فى حق الله تعالى نحو تلك البدائل من المكان أو اللا مكان ، أو الزمان أو اللا زمان ، أو الإشارة إليه تعالى أو اللا إشارة ، أو الفوق أو التحت ونحو هذا . فافهم تنج .