إلى أرض فلسطين
يبدو أنك لم تقرأ شيئا مما كتب فى المشاركة السابقة .. وإنما أراك تدأب على ترديد ما تظنه حقا .. على كل حال , أعود وأقول :
أولا : فيما يختص بنسبة الحديث الوارد إلى الإمام عبد الرزاق الصنعانى
دعنا ننتهى من مسألة ثم ننتقل إلى أخرى , حتى يكون الحوار مفيدا , والبحث مثمرا . ولى عندك أسئلة :
1- قد ذكرت لك طائفة من أهل العلم , أوردوا حديث سيدنا جابر فى مصنفاتهم , وأذكرك بهم على سبيل الإجمال : - الإمام القسطلانى فى المواهب اللدنية ( 1/46 ) طبعة دار المعرفة . - العجلونى فى كشف الخفا ( 1/ 311 ) طبعة مؤسسة الرسالة . العيدروس فى النور السافر ( 1/22) طبعة دار صادر البرزنجى فى شرح المولد النبوى (ص39 )
وأشار إليه دونما طعن كل من : البدر العينى فى عمدة القارى ( 12/256) طبعة مصطفى الحلبى والسيد الشريف العلامة صاحب الأسانيد والإفادات محمد بن جعفر الكتانى فى نظم المتناثر ( 1/172) . والحافظ أبو يعلى الهمدانى كما نقله عنه العجلونى فى كشف الخفا , والعلامة القسطلانى فى المواهب . وغير هؤلاء سيأتى ذكرهم فى حينه , ولم ينقل عنهم أنهم حكموا عليه بالوضع .
والسؤال : هلا ذكرت لى طائفة من أهل العلم ممن حكم بوضعه , بشرط أن يكونوا من نفس طبقة من ذكرتهم ؟ فلا قولى ولا قولك يحسم القضية , وإنما أنا وأنت طلبة علم مقلدين للأئمة والمشايخ .. أم عندك رأى آخر ؟؟؟
2- قلت ( فان ثبت ان هذا الحديث ورد في مصنف عبدالرزاق فهو لم يصححه ولم يضعفه ، فهل يقول ذو المام بعلم الحديث ان مجرد ذكر المحدث للحديث في تاليفه بانه صحيح ؟!!!!!!!!! ومن شان عبد الرزاق في مؤلفاته المصنف والجامع ان يورد الحديث من غير أن يصححه او يضعفه )
والسؤال : إذا لم يصححه ولم يضعفه .. فهل يحكم عليه بالوضع لمجرد ذلك ؟ ومن يقول بذلك من أهل العلم المعتبرين .. ولا أريد رأيك أو فهمك .
وسؤال آخر : هل كتاب الجامع الموجود فى آخر مصنف عبد الرزاق هو من تصنيف الإمام عبد الرزاق الصنعانى أم غيره ؟!!!!!
3- قولك ( فهذا الامام احمد شيخ الحفاظ بجلالة قدره ذكر في كتابه المسند الافاً من الاحاديث الصحاح والافاً من الضعاف ، بل ان الحافظ العراقي تكلم عن اربعة عشر حديثاً مما في المسند بانها موضوعة فاذا كان هذا حال مسند الامام احمد شيخ الحفاظ فماذا يكون بمؤلفات من هو دونه كالحافظ عبد الرزاق ) على فكرة .. الحافظ العراقى تكلم على تسعة أحاديث فقط .. وليس العدد الذى ذكرت .. فبرجاء التزام الدقة فى النقل .. ومراعاة المنهج العلمى .
والسؤال : هل ما ذكرته من حكم العراقى بالوضع مسلم له ؟ أم تتبعه غيره وانتقضه ؟؟
على كل حال سأورد للقراء ما قاله الحافظ ابن حجر فى كتابه القول المسدد فى الذب عن المسند تعميما للفائدة .
قال الحافظ ابن حجر ( ص 3- 12) ( أما بعد فقد رأيت أن أذكر في هذه الأوراق ما حضرني من الكلام على الأحاديث التي زعم بعض أهل الحديث أنها موضوعة وهي في المسند الشهير للإمام الكبير أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل إمام أهل الحديث في القديم والحديث والمطلع على خفاياه المثير لخباياه عصبية مني لا تخل بدين ولا مروءة وحمية للسنة لا تعد بحمد الله من حمية الجاهلية بل هي ذب عن هذا المصنف العظيم الذي تلقته الأمة بالقبول والتكريم وجعله إمامهم حجة يرجع إليه ويعول عند الاختلاف عليه .
وقد قرأت في ذلك جزءا لشيخنا الإمام العلامة حافظ الدنيا زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي تغمده الله بالرحمة والرضوان كتبته عنه ثم قرأته عليه .
وهو مشتمل على تسعة أحاديث هي في التحقيق سبعة وفاته شيء آخر على شرطه كنت علقته على ذلك الجزء .. وقد رأيت قبل أن نخوض في حديث الأجوبة ونوجه الرد أو نتعقبه أن أذكر سياق ما أورده الشيخ على الولاء على نص ما كتبه في الجزء المذكور ثم أذكر وجه الذب عن الأحاديث المذكورة على طريقة أهل الحديث دون تعسف ولا تكلف .
أخبرني شيخنا العلامة أبو الفضل بن الحسين بقراءتي عليه بمنزلة ظاهر القاهرة قلت له رضى الله عنك بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تبويء قائلها من الجنان غرفا وأشهد أن محمدا عبده المرتضى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وزادهم تعظيما وشرفا وبعد . فقد سألني بعض أصحابنا من مقلدي مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضى الله عنه في سنة خمسين وسبعمائة أو بعدها ييسير له أن أفرد ما وقع في مسند الإمام أحمد بن حنبل من الأحاديث التي قيل فيها إنها موضوعة فذكرت له أن الذي في المسند من هذا النوع أحاديث ذوات عدد ليست بالكثيرة ولم يتفق لي جمعها فلما قرأت المسند في سنة ستين وسبعمائة على الشيخ المسند علاء الدين أبي الحسن علي بن محمد بن صالح العرضي الأصل الدمشقي قدم علينا من الإسكندرية لسماع المسند عليه وقع في أثناء السماع كلام : هل في المسند أحاديث كمال أو كله صحيح ؟ فقلت : إن فيه أحاديث كمال كثيرة وإن فيه أحاديث يسيرة موضوعة فبلغني بعد ذلك أن بعض من ينتمي إلى مذهب الإمام أحمد أنكر هذا إنكارا شديدا من أن فيه شيئا موضوعا وعاب قائل هذا ونقل عن الشيخ تقي الدين ابن تيمية أن الذي وقع فيه من هذا هو من زيادات القطيعي لا من رواية الإمام أحمد ولا من رواية ابنه عبد الله عنه فحرضنى قول هذا القائل على أن جمعت في هذه الأوراق ما وقع في المسند من رواية الإمام أحمد ومن رواية ابنه عبد الله مما قال فيه بعض أئمة هذا الشأن إنه موضوع وبعض هذه الأحاديث مما لم يوافق من ادعى وضعها على ذلك فأبينه مع سلوك الإنصاف .. ثم سرد الحافظ العراقى تلك الأحاديث بإسناده إلى المسند ..
ثم قال الحافظ ابن حجر : ثم نشرع الآن في الجواب عن الأحاديث التسعة التي أوردها واقتصر عليها ونجيب عنها أولا من طريق الإجمال بأن الأحاديث التي ذكرها ليس فيها شيء من أحاديث الأحكام في الحلال والحرام والتساهل في إبرادها مع ترك البيان بحالها شائع .
وقد ثبت عن الإمام أحمد وغيره من الأئمة أنهم قالوا إذا روينا في الحلال والحرام شددنا وإذا روينا في الفضائل ونحوها تساهلنا وهكذا حال هذه الأحاديث . فالأول منها يدخل في وضوء التسمية وفيه إخبار عن بعض الأمور الآتية ولهذا أورده في دلائل النبوة والثاني كالثالث في الفضائل والرابع في الحث على الكرم والبر والصلة ورعاية الجار والخامس كالسادس في فضل طول العمر في الإسلام والسابع يحتمل التأويل وهو أمر نسبي والثامن كالتاسع في فضائل بعض البلدان وفيها الحث على الرباط والجهاد) انتهى كلام الحافظ , وإن أردت المزيد فارجع إلى تلك الرسالة لتستفيد .
وأعيد على مسامعك ما قد تكون غفلت عنه فى المرة السابقة . قال العلامة محمد بن جعفر الكتانى فى كتابه ( جلاء القلوب من الأصداء الغينية ببيان إحاطته عليه السلام بالعلوم الكونية ) (1/149) مانصه : ( تنبيه : وهاهنا أمر ينبغى التنبيه له ويتأكد على كل مسلم أن يعمل عليه , وهو ما ذكره العارف بالله سيدى عبد الوهاب الشعرانى فى ( كشف الغمة ) أول كتاب النكاح ونصه : ثم اعلم أن كل ما مال إلى تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينبغى لأحد البحث فيه , ولا المطالبة بدليل خاص فيه , فإن ذلك سوء أدب , فقل ما شئت فى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سبيل المدح لاحرج . انتهى منه بلفظه . فاعلم هذا ولا تستغرب فى حقه صلى الله عليه وسلم أى فضيلة كانت , واكتف فيها بأدنى إشارة وأقل دليل تكتب من المحبين العارفين بمقداره صلى الله عليه وسلم , وبما له عند الله من المكانة التى لاتدرك ولاتعرف ولاتشم رائحتها لنبى أو ملك فضلا عن غيرهما مالم يزاحم ذلك وصفا من أوصاف الربوبية , فإنها تجل عن أن يشاركها مخلوق فى وصف أو شئ , والله يتولى هدانا بمنه , آمين ) انتهى كلامه بلفظه رحمه الله .
وحبذا لو تناولنا الموضوع بتؤدة وهدوء حتى إذا انتهينا من مسألة انتقلنا إلى الأخرى .. والله الهادى إلى سواء السبيل .
وعذرا لتأخر المشاركة .. فقد كنت مشغولا للغاية , ليس إلا .
وصل اللهم وسلم وعظم وشرف وكرم مولانا رسول الله وآل بيته الطيبين الطاهرين
|