بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله .. وبعد
كلامى سيتناول عدة نقاط : أولا : الكلام عن الحكم على الحديث بالوضع .
1- اعلم يا أخى .. أن التسرع فى الحكم على الحديث بكونه موضوعا ليس من صفات أهل التحرى من العلماء , فما بالك بطلبة العلم مثلى ومثلك !! انظر ماذا قال أهل العلم والفضل ..
نقل العلامة بدر الدين الزركشى فى نكته على مقدمة ابن الصلاح ( 2/266 ) – طبعة أضواء السلف – قول الحافظ أبو سعيد العلائى : ( الحكم على الحديث بكونه موضوعا من المتأخرين عسر جدا , لأن ذلك لايتأتى إلا بعد جمع الطرق وكثرة التفتيش , وأنه ليس لهذا المتن سوى هذا الطريق الواحد , ثم يكون فى رواتها من هو متهم بالكذب , إلى ما ينضم إلى ذلك من قرائن كثيرة تقتضى للحافظ المتبحر بأن هذا الحديث كذب , ولهذا انتقد العلماء على أبى الفرج فى كتابه الموضوعات وتوسعه بالحكم بذلك على كثير من أحاديث ليست بهذه المثابة .. ثم قال : وهذا بخلاف الأئمة المتقدمين الذين منحهم الله تعالى التبحر فى علم الحديث والتوسع فى حفظه , كشعبة والقطان وابن مهدى ... إلى أن قال : وهكذا إلى زمن الدارقطنى والبيهقى , ولم يجيئ بعدهم مساو لهم ولا مقارب , فمتى وجد فى كلام أحد المتقدمين الحكم بوضع شيئ , كان معتمدا , لما أعطاهم الله عز وجل من الحفظ الغزير , وإن اختلف الناس عنهم عدل إلى الترجيح ) انتهى .
وبنحوه قال السخاوى فى فتح المغيث , نقله عنه أبو الحسنات اللكنوى فى الأجوبة الفاضلة ( ص164 ) – طبعة مكتبة الرشد .
فانظر أخى .. وتمعن فى قوله (فمتى وجد فى كلام أحد المتقدمين الحكم بوضع شيئ , كان معتمدا , لما أعطاهم الله عز وجل من الحفظ الغزير , وإن اختلف الناس عنهم عدل إلى الترجيح )
هذا وقد أورد الحافظ ابن حجر فى نكته على كتاب ابن الصلاح ( 2/847 ) – طبعة دار الراية - قول الحافظ العلائى وزاد ( ومن دونهم كالنسائى ثم الدارقطنى , لأن المأخذ الذى يحكم به غالبا على الحديث بأنه موضوع إنما هى الملكة النفسانية الناشئة عن جمع الطرق والاطلاع على غالب المروى فى البلدان المتنائية بحيث يعرف بذلك ماهو من حديث الرواة مما ليس من حديثهم . وأما من لم يصل إلى هذه المرتبة فكيف يقضى بعدم وجدانه للحديث بأنه موضوع , هذا ما يأباه تصرفهم , فالله أعلم ) انتهى
انظر رحمك الله إلى قوله ( وأما من لم يصل إلى هذه المرتبة فكيف يقضى بعدم وجدانه للحديث بأنه موضوع , هذا ما يأباه تصرفهم )
فهل أنت يا أخى ممن تحقق فيهم وصف العلائى ؟؟ أم أنك طالب علم ناقل لأقوال أهل العلم ؟؟ فإن كنت الثانية .. فاذكر لى من هؤلاء الذين حكموا على الحديث بالوضع .
وقد قال السيوطى أيضا فى كتابه ( البحر الذى زخر فى شرح ألفية الأثر ) ( 2/874 ) – طبعة مكتبة الغرباء الأثرية : ( منع ابن الصلاح هنا الجزم بالحكم بالصحة والحسن , ومنع فيما سيأتى – ووافقه عليه النووى وغيره – الجزم بالحكم بالضعف اعتمادا على الإسناد لاحتمال أن يكون له إسناد صحيح غيره , فالحاصل أن ابن الصلاح سد على أهل هذه الأزمان أبواب التصحيح والتحسين والتضعيف لضعف أهليتهم , ونعما فعل , ولاشك أن الحكم بالوضع أولى بالمنع قطعا إلا حيث لايخفى ) انتهى
2- سألتك أن تذكر لى طائفة من أهل العلم ممن حكم بوضعه , بشرط أن يكونوا من نفس طبقة من ذكرتهم .. فلم ترد على !! ولازلت أقول : فلا قولى ولا قولك يحسم القضية , وإنما أنا وأنت طلبة علم مقلدين للأئمة والمشايخ .. أم عندك رأى آخر ؟؟؟
3- قلت من قبل ( فهل ممن ذكر هذا الحديث ممن نقلت عنهم انت قال عنه بانه صحيح او حتى قال حسن كما انهم لم يقولوا عنه انه موضوع او ضعيف )
وأقول : أنا لم أدع أن أحدا ممن نقلت عنهم من العلماء قال عنه أنه صحيح أو حسن أو ضعيف تصريحا .. إنما أوردوه و تلقوه بالقبول .. وهم علماء لانعلم عنهم أى قادح فى دينهم أو مروءتهم أو علمهم أو اعتقادهم ..فأنا لم أتقدم عليهم .. وأما أنت فأسقطتهم تماما وأهملت ذكرهم ..وقلت بمالم يقل به أحد من العلماء فى طبقة من ذكرت .. وهو الحكم عليه بالوضع , ولم أدر من سلفك فى ذلك من المتقدمين .. فبرجاء إعادة النظر فيما قاله الحافظ العلائى والسخاوى والسيوطى والزركشى وابن حجر .
ثانيا : علامات الوضع فى الحديث .
1- سألتك أن تذكر لى الأمارات التى بها يعلم الوضع فى الحديث .. وأنا أقول ( علامات الوضع ) .. فإذا بك تقول ( فحديثكم هذا يحكم على ضعفه من عدة طرق ) ثم أوردت الاضطراب , وانقطاع الإسناد – وكلاهما أدخل فى الضعيف لا الموضوع – ولا يصفو لك مما ذكرت إلا الركاكة , وفيها حوار , وكذلك دعوى المخالفة للكتاب والسنة فلى معك فيها مشاركة طويلة إن شاء الله تعالى - وبعد فهل لى أن أسألك : هل ترى الحديث - موضوع البحث - موضوعا أم ضعيفا ؟ فإن كانت الأولى .. فليس لما ذكرت من الاضطراب , وانقطاع الإسناد وجه ها هنا إلا أن يكون حشوا . فشتان بين الضعيف والموضوع .. خلافا للمتمسلفة الألبانية الذين يردون الضعيف مطلقا حتى فى الفضائل .. وإن كان خلافهم هذا لايعتد به . وإن كانت الثانية .. فالعمل بالضعيف فى الفضائل صنيع أهل العلم , كما أسلفت من كلام الحافظ ابن حجر فى مقدمة القول المسدد . والحافظ البيهقى فى مقدمة كتابه دلائل النبوة .. فراجعه .
وأقول أيضا : قولك بالاضطراب يهدم قولك بالوضع , إذ الاضطراب صفة من صفات الحديث الضعيف لا الموضوع , وأنت ديدنك الحكم بالوضع .
وأيضا فدعوى الاضطراب غير مسلم بها , لأن المضطرب هو ( الحديث الذى يروى على أوجه مختلفة , والاختلاف إما من راو واحد – بأن رواه مرة على وجه ومرة على وجه آخر مخالف له , أو أزيد من واحد – بأن رواه كل جماعة على وجه مخالف للآخر . والاضطراب يوجب ضعف الحديث .. وقال الزركشى : قد يدخل القلب والشذوذ والاضطراب فى قسم الصحيح والحسن ) انظر : قواعد التحديث للقاسمى ( ص 132)
وقال الحافظ ابن حجر فى مقدمة الفتح ( إن الاختلاف على الحفاظ فى الحديث لايوجب أن يكون مضطربا إلا بشرطين : أحدهما – استواء وجوه الاختلاف , فمتى رجح أحد الأقوال قدم , ولم يعل الصحيح بالمرجوح . ثانيهما – مع الاستواء أن يتعذر الجمع على قواعد المحدثين , ويغلب على الظن أن ذلك الحافظ لم يضبط ذلك الحديث بعينه , فحينئذ يحكم على تلك الرواية وحدها الاضطراب . وقال أيضا : فالتعليل من أجل مجرد الاختلاف غير قادح , إذ لايلزم من مجرد الاختلاف اضطراب يوجب الضعف ) نقله عنه التهانوى فى قواعد علوم الحديث ( ص 165 )
فهل تحققت تلك الشروط والأوصاف فى الحديث موضوع البحث ؟؟ أم أنك تعتبر الجمل والعجلونى من رجال إسناد الحديث .. فعددت مانقلوه رواية لهم بالسند .. فبنيت على ذلك مابنيت من القول بالاضطراب .. وهذا غير متحقق .
وأما عن قولك بانقطاع الإسناد .. ومخالفة الكتاب والسنة , فسأوافيك بالرد فى المشاركة القادمة بمشيئة الله تعالى .. فانتظر ..
وصل اللهم وسلم وعظم وشرف وكرم مولانا رسول الله وآل بيته الطيبين الطاهرين
|