موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: ليس الغريب من مشى من بلد إلى بلد ولكن الغريب صالح بين فساق
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء مارس 10, 2015 10:50 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 10686

أخبرنا الحسن بن أحمد بن إبراهيم الدورقي ، أخبرنا جعفر بن محمد بن أحمد المؤدب ، حدثنا محمد بن يونس ، حدثنا شداد بن علي الهزاني - وكان من العباد ، قد لصق بطنه بظهره : حدثنا عبد الواحد بن زيد ، قال : مررت براهب فناديته : يا راهب ، من تعبد ؟ قال : الذي خلقني وخلقك . قلت : فعظيم هو ؟ . قال : عظيم المنزلة ، قد جاوزت عظمته كل شيء . قلت : فمتى يروق العبد الإنس بالله ؟ قال : إذا عفا الود وخلصت المعاملة . قلت : فمتى يصفو الود ؟ . قال : إذا اجتمع الهم فصار في الطاعة . قلت : فمتى تخلص المعاملة ؟ . قال : إذا كان الهم هما واحدا . قلت : كيف تخليت بالوحدة ؟ . قال : لو ذقت حلاوة الوحدة لاستوحشت إليها من نفسك . قلت : ما أكبر ما يجد العبد من الوحدة ؟ . قال : الراحة من مداراة الناس ، والسلامة من شرهم . قلت : بما يستعان على قلة المطعم ؟ . قال : بالتحري في المكسب ، والنظر في الكسرة . قلت : زدني ؟ . قال : كل حلالا وإن قل حيث شئت . قلت : فأين طريق الراحة ؟ . قال : خلاف الهوى .

قلت : ومتى يجد العبد الراحة ؟ . قال : إذا وضع قدمه في الجنة . قلت : لم تخليت من الدنيا وتعلقت في هذه الصومعة ؟ . قال : لأنه من مشى على الأرض عثر وخاف اللصوص ، فتعلقت فيها وتحصنت بمن في السماء من فتنة أهل الأرض ، لأنهم سراق العقول ، فخفت أن يسرقوا عقلي ، وذلك أن القلب إذا صفا ضاقت عليه الأرض ، وأحب قرب السماء ، وفكر في قرب الأجل ، فأحب أن يوكل إلى ربه . قلت : يا راهب ، من أين تأكل ؟ . قال : من زرع لم أبذره ، بذره اللطيف الخبير الذي نصب الرحا ، يأتيها بالطحين ، وأشار إلى ضرسه . قلت : كيف ترى حالك ؟ قال : كيف يكون حال من أراد سفرا بلا أهبة ، ويسكن قبرا بلا مؤنس ، ويقف بين يدي حكم عدل . ثم أرسل عينيه فبكى / . قلت : ما يبكيك ؟ قال : ذكرت أياما مضت من أجلي لم أحقق فيها عملي ، وفكرت في قلة الزاد ، وفي عقبة هبوط إلى جنة أو إلى نار . قلت : يا راهب ، بما يستجلب الحزن ؟ قال : بطول الغربة ،وليس الغريب من مشى من بلد إلى بلد ، ولكن الغريب صالح بين فساق . ثم قال : إن سرعة الاستغفار توبة الكذابين ، لو علم اللسان مما يستغفر الله لجف في الحنك ، إن الدنيا منذ يوم ساكنها الموت ما قرت لها عين ، كلما تزوجت الدنيا زوجا طلقه الموت ، والدنيا من الموت طالق لم تقض عدتها ، فمثلها كمثل الحية لين مسها والسم في جوفها . ثم قال الراهب : يا هذا ، كما لا يجوز الزائفة من الدراهم كذلك لا يجوز كلامهم إلا بنور الإخلاص ، إن الفضة السوداء لتزخرف بالفضة
البيضاء ، ثم قال : عند تصحيح الضمائر يغفر الله الكبائر ، فإذا عزم العبد على ترك الآثام أتته من السماء الفتوح ، والدعاء المستجاب الذي تحركه الأحزان . قلت : أكون معك يا راهب وأقيم عليك . قال : ما أصنع بك ؟ ومعطي الأرزاق وقابض الأرواح يسوق إلي الرزق ، في وقت لم يكلفني جمعه ، ولم يقدر على ذلك أحد غيره ، والسلام عليك .


المصدر: المنتخب للخطيب البغدادي (94\97)


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: [AhrefsBot] و 10 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط