موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: من مدعي النبوة: "المتنبي"
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يونيو 12, 2015 3:28 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت فبراير 06, 2010 8:26 pm
مشاركات: 14535
مكان: مصر
أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد، أبو الطيب الجعفي الكوفي الشاعر المعروف بالمتنبي و بـ "أبو الطيب المتنبي"

وكان أبو الطيب شاعرا مشهورا مذكورا محظوظا من الملوك والكبراء الذين عاصرهم، والجيد من شعره لا يجاري فيه ولا يلحق، والردي منه في نهاية الرداءة والسقوط، وكان يتعظم في نفسه ويترفع، وقيل انه ادعى النبوة في حداثته فلقب بالمتنبي لذلك، وكان عارفا باللغة قيما بها.

ونشأ هو محبا للعلم والادب فطلبه، وصحب الاعراب في البادية، فجاءنا بعد سنين بدويا قحا، وقد كان تعلم الكتابة والقراءة، فلزم أهل العلم والادب، وأكثر من ملازمة الوراقين، فكان علمه من دفاترهم.
فأخبرني وراق، كان يجلس اليه يوما، قال لي: ما رأيت أحفظ من هذا الفتى

وقد قيل أن المتنبي لما خرج الى كلب وأقام فيهم ادعى أنه علوي حسني، ثم ادعى بعد ذلك النبوة، ثم عاد يدعي أنه علوي الى أن أشهد عليه بالشام بالكذب

في الدعوتين، وحبس دهرا طويلا وأشرف على القتل، ثم استتيب وأشهد عليه بالتوبة وأطلق.


وعن أبو علي بن أبي حامد قال: سمعت خلقا بحلب يحكون، وأبو الطيب المتنبي بها إذ ذاك، أنه تنبأ في بادية السماوة ونواحيها الى أن خرج إليه لؤلؤ أمير حمص من قبل الإخشيذية فقاتله وأسره وشرد من كان اجتمع إليه من كلب وكلاب وغيرهما من قبائل العرب وحبسه في السجن دهرا طويلا فاعتل وكاد أن يتلف حتى سئل في أمره فاستتابه، وكتب عليه وثيقة أشهد عليه فيها ببطلان ما ادعاه ورجوعه الى الإسلام وأنه تائب منه، ولا يعاود مثله وأطلقه.

قال: وكان قد تلا على البوادي كلاما ذكر أنه قرآن أنزل عليه وكانوا يحكون له سورا كثيرة، نسخت منها سورة ضاعت وبقي أولها في حفظي وهو: والنجم السيار، والفلك الدوّار، والليل النهار إن الكافر لفي أخطار، امضى على سننك، واقف إثر من كان قبلك من المرسلين، فإن الله قامع بك زيغ من ألحد في دينه وضلّ عن سبيله، قال: وهي طويلة لم يبق في حفظي منها غير هذا.
قال: وكان المتنبي إذا شوغب في مجلس سيف الدولة- ونحن إذ ذاك بحلب- يذكر له هذا القرآن وأمثاله مما كان يحكى عنه، فينكره ويجحده.

وقال: أبو عبد الله معاذ بن اسماعيل اللاذقي: قدم المتنبي اللاذقية في سنة نيف وعشرين وثلاثمائة وهو كما عذر «4» ، وله وفرة الى شحمتي أذنه، وضوى إلي فأكرمته وعظمته لما رأيت من فصاحته وحسن سمته، فلما تمكن الأنس بيني وبينه، وخلوت معه في المنزل اغتناما لمشاهدته، واقتباسا من أدبه، وأعجبني ما رأيت، قلت: والله انك لشاب خطير تصلح لمنادمة ملك كبير، فقال لى: ويحك أتدري ما تقول: أنا بني مرسل، فظننت أنه يهزل، ثم فكرت أني لم أحصّل عليه كلمة هزل منذ عرفته، فقلت له: ما تقول؟ فقال: أنا نبي مرسل، قلت له: مرسل الى من؟
قال: الى هذه الأمة الضالة المضلة، قلت: تفعل ماذا؟ قال أملأها عدلا كما ملئت جورا، قلت بماذا؟ قال: بإدرار الأرزاق والثواب العاجل والآجل لمن أطاع وأتى، وضرب الأعناق وقطع الأرزاق لمن عصى وأبى، فقلت له: إن هذا أمر عظيم أخاف منه عليك أن يظهر، وعذلته على قوله ذلك، فقال بديها:
أبا عبد الله معاذ أنى خفى ... عنك في الهيجاء مقامي
الأبيات، فقلت له: لم ذكرت أنك نبي مرسل إلى هذه الأمة، أفيوحى إليك؟
قال: نعم، قلت: قاتل علي شيئا من الوحي إليك، فأتاني بكلام ما مر بسمعي أحسن منه، فقلت: وكم أوحي إليك من هذا؟ فقال: مائة عبرة وأربع عشرة عبرة، قلت: وكم العبرة؟ فأتى بمقدار أكبر الآي من كتاب الله، قلت:
ففي كم مدة أوحي إليك، قال: جملة واحدة، قلت، فأسمع في هذه العبر أن لك طاعة في السماء فما هي؟ قال: أحبس المدرار لقطع أرزاق العصاة والفجار، قلت أتحبس من السماء مطرها؟ قال: أي والذي فطرها، أفما هي معجزة؟ قلت: بلى والله، قال: فإن حبست عن مكان تنظر إليه ولا تشك فيه هل تؤمن بي وتصدقني على ما أتيت به من ربي؟ قلت: أي والله، قال: سأفعل فلا تسألني عن شيء بعدها حتى آتيك بهذه المعجزة ولا تظهر شيئا من هذا الأمر حتى يظهر، وانتظر ما وعدته من غير أن تسأله، فقال لي بعد أيام: أتحب أن تنظر الى المعجزة التي جرى ذكرها؟
قلت: بلى والله، فقال لي: إذا أرسلت إليك أحد العبيد فاركب معه ولا تأخر ولا يخرج معك أحد، قلت: نعم.

فلما كان بعد أيام تغيمت السماء في يوم من أيام الشتاء، وإذا عبده قد أقبل، فقال: يقول لك مولاي: اركب للوعد، فبادرت بالركوب معه، وقلت أين ركب مولاك؟ فقال: الى الصحراء ولم يخرج معه أحد غيري، واشتد وقع المطر، فقال:
بادر بنا حتى نستكن معه من هذا المطر، فإنه ينتظرنا بأعلى تل لا يصيبه فيه المطر، قلت: وكيف عمل؟ قال: أقبل ينظر الى السماء أول ما بدا السحاب الأسود وهو يتكلم بما لا أفهم، ثم أخذ السوط فأدار به في موضع ستنظر اليه من التل وهو يهمهم والمطر مما يليه ولا قطرة منه عليه، فبادرت معه حتى نظرت إليه، واذا هو على تل على نصف فرسخ من البلد فأتيته وإذا هو عليه قائم ما عليه من ذلك المطر قطرة واحدة، وقد خضت في الماء الى ركبتي الفرس والمطر في أشد ما يكون، ونظرت الى نحو مائتي ذراع في مثلها من ذلك التل يابس ما فيه ندى ولا قطرة مطر، فسلمت عليه، فرد علي وقال لي: ما ترى؟ فقلت: ابسط يدك فإني أشهد أنك رسول الله، فبسط يده فبايعته بيعة الاقرار بنبوته، ثم قال لي: ما قال هذا الخبيت لما دعا بك- يعني عبده-؟ فشرحت له ما قال لي في الطريق لما استخبرته، فقتل العبد وقال:
أي محل أرتقي ... أي عظيم أتقي
وكلّما قد خلق الل ... هـ وما لم يخلق
محتقر في همّتي ... كشعرة في مفرقي

الصدحة نوع من أنواع السحر (محاولات التحكم في الطقس والطبيعة قديماً):

وأخذت بيعته لأهلي، ثم صح بعد ذلك أن البيعة عمّت كل مدينة بالشام وذلك بأصغر حيلة تعلمها من بعض العرب، وهي صدحة المطر، يصرفه بها عن أي مكان أحب بعد أن يحوي عليه بعضا وينفث بالصدحة التي لهم، وقد رأيت كثيرا منهم بالسكون وحضرموت والسكاسك من اليمن يفعلون هذا ولا يتعاظمونه

حتى أن أحدهم يصدح عن غنمة وابله وبقره، وعن القرية من القرى فلا يصيبها من المطر قطرة ويكون المطر مما يلي الصدحة، وهو ضرب من السحر، ورأيت لهم من السحر ما هو أعظم من هذا، وسألت المتنبي بعد ذلك: هل دخلت السكون؟ قال: نعم، ووالدي منها، أما سمعت قولي:
أمنسيّ السّكون وحضرموتا ... ووالدتي وكندة والسّبيعا
فقلت: من ثم استفاد ما جوزه على طغام أهل الشام، وجرت له أشياء بعد ذلك من الحروب والحبس والانتقال من موضع إلى موضع حتى حصل عند سيف الدولة وعلا شأنه.
قلت: والصدحة التي أشار إلى أنها تمنع المطر معروفة إلى زماننا هذا، وأخبرني غير واحد ممن أثق به من أهل اليمن أنهم يصرفون المطر عن الإبل والغنم وعن زرع عدوه، وإن رعاء الإبل والغنم ببلادهم يستعملون ذلك، وهو نوع من السحر.

ومن ادعاءاته أيضاً:

وحكى أحدهم :
كنت بالديوان في بعض بلاد الشام، فأسرعت المدية في اصبع بعض الكتاب وهو يبري قلمه وأبو الطيب حاضر، فقام إليه وتفل عليه وأمسكها ساعة بيده، ثم أرسلها وقد اندملت بدمها، فجعل يعجب من ذلك ويري من حضر أن ذلك من معجزاته.

وقال أيضاُ:
ومما كان يمخرق به على أبيات البادية أنه كان مشّاء قويا على السير سيرا لا غاية بعده، وكان عارفا بالفلوات، ومواقع المياه، ومحال العرب بها، فكان يسير من حلة إلى حلة بالبادية في ليلة وبينهما مسيرة ثلاث. فيأتي ماء ويغسل يديه ووجهه ورجله، ثم يأتي أهل تلك الحلّة فيخبرها عن الحلة التي فارقها، ويريهم أن الأرض طويت له، فلما علت سنّه رغب عن ذلك وزهد فيه.

وقيل أن الوزير علي بن عيسى أحضره إلى مجلسه فقال له: أنت أحمد المتنبي؟ فقال: أنا أحمد النبي، ولي علامة في بطني خاتم النبوة، وأراهم شبيها بالسلعة على بطنه فأمر الوزير بصفعه فصفع وقيد، وأمر بحبسه في المطبق.

وكتب عنه:

كان المتنبي متعاظمًا في نفسه يداخله الكبر والإعجاب بالنفس والتيه والظن بنفسه أنه أتى بما لم يأت به الأولون، وكان يقيم مع بني كلب بأرض السماوة قريبًا من حمص، فادعى أنه علوي النسب ثم ادعى أنه نبي يوحى إليه فاتبعه جماعة من جهلتهم وسفلتهم وزعم أنه أنزل عليه قرآن فمن ذلك قوله [والنجم السيار والفلك الدوار والليل والنهار إن الكافر لفي خسار] إلى غير ذلك من الهذيان والخذلان من سنة مسيلمة الكذاب، ولو لزم المتنبي باب الشعر ولم يتعداه إلى هذا الكفر والإلحاد لكان أشعر الشعراء وأفصح الفصحاء، ولكن أراد بجهله أن يقول ما يشبه كلام رب العالمين كأنه من قرأ قوله عز وجل [قل لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرًا] ولما ذاع خبره بأرض السماوة، وأنه قد تبعه جماعة من أهل الغبارة خرج إليه نائب حمص الأمير لؤلؤ فقاتله وشرد من خلفه وأسره مذمومًا مدحورًا وسجنه فترة طويلة فمرض في السجن حتى كاد أن يهلك فاستحضره واستتابه فتاب مما كان عليه ورجع لدين الإسلام فأطلق لؤلؤ سراحه، وحاول المتنبي بعدها أن يمحو تلك الفترة من حياته وكان إذا ذكر له ذلك جحده وأنكره ولربما استحيا واعتذر منه، ولكن الله أبى أن يجعل له علمًا على كذب وإفكه فغلب عليه لقب المتنبي ومعناه في اللغة الكذاب المدعي.

خروجه من الشام إلى مصر:
قضى المتنبي حياته كلها بين مدح وهجاء وفخر ورجاء يبيع شعره يمنة ويسرة كان أولاً خطيبًا عند سيف الدولة الحمداني ومن خواصه ومدحه بأشعار كثيرة ثم وقعت حادثة له جعلته يخرج من الشام، وهي أنه تناظر في مسألة في اللغة مع ابن خالويه أكبر علماء اللغة في الشام فأساء المتنبي الأدب مع ابن خالويه فضربه ابن خالويه بمفتاح في وجهه فأدماه، وذلك بحضور سيف الدولة الذي لم ينصر المتنبي فغضب المتنبي من ذلك فخرج من الشام إلى مصر ليمدح كافور الإخشيدي وينال من عطاياه وأقام عنده أربع سنين وكان المتنبي فيه كبر وتعال فكان يركب في جماعة من مماليكه كأنه أمير أو ملك، فخاف منه كافور الإخشيدي، وشعر المتنبي بذلك فهرب خشية أن يفتك به كافور، وقد قيل لكافور ما هذا حتى تخافه؟ فقال كافور، هذا رجل أراد أن يكون نبيًا بعد محمد أفلا يروم أن يكون ملكًا بديار مصر؟ والملك أقل وأذل من النبوة.


خروجه خائفاً من مصر ومقتله:

خرج المتنبي خائفًا من مصر يبحث عن مكان آخر يمدح فيه لينال العطايا والأموال فحاول أن يدخل بلاد المغرب ليمدح الفاطميين فرده ابن هانئ الشاعر الفاسق بمكيدة ثم اتجه بعدها إلى فارس ليمدح عضد الدولة بن بويه، وبالفعل أنشد فيه أشعار بالغ فيها فأجزل عضد الدولة له الأموال تقارب مائتي ألف درهم ثم أراد عضد الدولة أن يختبره وكان عضد الدولة يكره سيف الدولة الحمداني، فدس عضد الدولة على المتنبي من يسأله أيما أحسن عطايا عضد الدولة بن بويه أو عطايا سيف الدولة الحمداني؟ فقال المتنبي: [عطايا عضد الدولة أجزل ولكن عن تكلف وعطايا سيف الدولة أقل ولكن عن طيب نفس من معطيها لأنها عن طبيعة] فلما علم عضد الدولة بإجابته اشتاط غضبًا واغتاظ بشدة، ودس عليه مجموعة من الأعراب ومقدمهم رجل اسمه فاتك بن أبي جهل الأسدي وكان المتنبي قد هجاه كثيرًا لكبر أنفه ومن يهجوه المتنبي تسير الركبان بهجوه لذيوع صيت أشعاره بين الناس، ففرح فاتك الأسدي بهذا التكليف فهو أصلاً لص وقاطع طريق ولا يروعه حلال أو حرام، فركب فاتك ومعه ستون قاطع طريق مثله ووقفوا في طريق عودة المتنبي لبغداد، وذلك يوم 24 رمضان 354 هـ الأربعاء، وكان المتنبي قد نزل عند عين في ظل شجرة يتناول غذائه ومعه ولده محسن، وقيل محسد وخمسة عشر غلامًا له، فلما رآهم قال لهم [هلموا يا وجوه العرب إلى الغذاء] فلما لم يكلموه أحس بالشر منهم فنهض إلى سلاحه وخيله واقتتلوا فقتل ابنه محسن وبعض غلمانه وأراد هو أن ينهزم فقال له مولى له أين تذهب وأنت القائل:

فالخيل والليل والبيداء تعرفني والطعن والضرب والقرطاس والقلم

فقال له ويحك قتلتني ثم كر راجعًا فطعنه فاتك الأسدي برمح في عنقه فقتله ثم مزقوه بالرمح وأخذوا كل الأموال التي كانت معه، والعجيب أنه لما نزل تلك المنزلة التي قتل بها سأله بعض الأعراب أن يعطيهم خمسين درهمًا ليحرسوه ولكن منعه الشح والكبر ودعوى الشجاعة عن ذلك فكان هلاكه في تلك المنزلة.

_________________
"يس" يا روح الفؤاد


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 18 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط