من الفتوحات اللدنية , حول العصا الموسوية , و أخلاق الذات المحمدية : ـــــــــــــــــــــــــــ ( معجزة العصا : أما العصا فلها مع سيدنا موسى من بدء نبوته شأن عظيم: 1 ـ قال تعالى: (وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ) (القصص 31) وقال تعالى: (وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (17) قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآَرِبُ أُخْرَى (18) قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى (19) فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (20) قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى (21) وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آَيَةً أُخْرَى) (طه 17 - 22) 2 ـ (فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) (الشعراء 63) 3 ـ (وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) (البقرة 60) لما أرسل الله عز وجل سيدنا موسى إلى فرعون أيده بآيتين بينتين كبرهان دال على صدقه, الآيتان البينتان هما: آية العصا, وآية يد سيدنا موسى البيضاء, وفرعون له تربية معينة وقواعد وأسس, أقل شيء سيسأل عن دليل, (فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (107) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ) (الأعراف 106 - 108) كانت مصر حينئذ كما هو معلوم تحت حكم الفراعنة, وكان الفراعنة قد أوتوا من أنواع العلوم ما لم يؤته أحد في زمانهم فمما أوتوا: 1 ـ علوم الفيزياء والكيمياء والحساب والفلك والجيولوجيا والزراعة والري والطب واختصوا بعلوم التحنيط فكانوا أمهر الناس في الطب. 2 ـ علوم إنسانية واجتماعية واقتصادية وسياسية وعلوم الإدارة, فبرزوا في كل العلوم السابقة مما ذكرناه ومما لم نذكره. 3 ـ علوم التخييل والسحر, والتأثير الروحي والنفسي, والاتصال بالعوالم الأخرى والنظر في الكون الرحيب من ناحية الفلك (كما سبق) ومن ناحية سكان الكون ولأن حكم الكهنة واستحكامهم في عقائد الناس وتقريب فرعون لهم أشد من درجة العلماء - من أطباء ومهندسين وغيرهم (وكان الكهنة أطباء أيضا) - كانت العصا لأصحاب علوم التخييل والسحر هي التحدي الأول, كما قال البعض لما عصوا الله أخرج لهم عصا ... العصا لإظهار الآيات لمن عصى. كما يقولون: " العصا لمن عصى" ... آية من آيات الله فـ " العصا " تكاد تكون مطابقة لكلمة " عُصاة" حروفاً وكتابة. فكأن الإشارة في آية العصا أنه من عصاني فأعماله كحية تسعى تلتهمه, , وللمؤمن هي حية من الحياة, كمن يرى حيات في أرضه في منامه, فإنها تعمر بإذن الله وتحيا من بعد موات, سواء كان عدم زرع, أو رخصاً في ثمنها فكان في العصا نوع حياة, وسبب حياة بإذن الله كما حدث في: 1 ـ انفلاق البحر فنجى الله نبيه وقومه من فرعون. 2 ـ وكما ضرب سيدنا موسى الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً, وكان العطش قد أخذ من بني إسرائيل مأخذاً فطلبوا منه أن يسقيهم. آية العصا لما تحولت إلى حية تسعى كانت مخيفة جداً فقال تعالى واصفاً الكليم عليه السلام: (وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ (القصص 31) فقال تعالى له تسكيناً لقلبه في نفس الآية: (يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ) (القصص 31) , فسبحان من جعل الأمان لسيد الخلق صلى الله عليه وآله وسلّم قبل أي آية أو معجزة, وجعل الأمان لكليمه موسى من بعد خوف. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «قَالَ أَبُو جَهْلٍ: هَلْ يُعَفِّرُ مُحَمَّدٌ وَجْهَهُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟ قَالَ فَقِيلَ: نَعَمْ، فَقَالَ: وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَئِنْ رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ لَأَطَأَنَّ عَلَى رَقَبَتِهِ، أَوْ لَأُعَفِّرَنَّ وَجْهَهُ فِي التُّرَابِ، قَالَ: فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَهُوَ يُصَلِّي، زَعَمَ لِيَطَأَ عَلَى رَقَبَتِهِ، قَالَ: فَمَا فَجِئَهُمْ مِنْهُ إِلَّا وَهُوَ يَنْكُصُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَيَتَّقِي بِيَدَيْهِ، قَالَ: فَقِيلَ لَهُ: مَا لَكَ؟ فَقَالَ: إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ لَخَنْدَقًا مِنْ نَارٍ وَهَوْلًا وَأَجْنِحَةً، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «لَوْ دَنَا مِنِّي لَاخْتَطَفَتْهُ الْمَلَائِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا». كان يقال: إن اسْمَ عَصَا مُوسَى مَاشَا, جاء هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما. وكانت هذه العصا مِنْ عَوْسَجٍ, قال سعيد بن جبير: كَانَتْ عَصَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ مِنْ عَوْسَجٍ., وعَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: (الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ) (القصص 30) قَالَ: الشَّجَرَةُ عَوْسَجٌ. قَالَ مَعْمَرٌ، وقَالَ غَيْرُ قَتَادَةَ: عَصَا مُوسَى مِنَ الْعَوْسَجِ؛ وَالشَّجَرَةُ مِنَ الْعَوْسَجِ. فما هو العوسج؟ قلت: سبحان الله ... الشجرة التي نادى الله عز وجل نبيه موسى منها في قوله تعالى: (فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (29) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (القصص 29 - 30) تسمى العوسج! , وهي الغرقد فشجرة العوسج إذا عظمت صارت غرقدة, وسُمي البقيع بالمدينة المنورة بذلك لشجرات كَانَت فِيهِ قَدِيماً, فلما لاذ اليهود بالشجرة التي نادى الله سيدنا موسى منها, واتخذ عصاه منها, جعلها الله نجاة لهم من قتل الدنيا كما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلَّا الْغَرْقَدَ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ». غير أن المؤمنين مسلطون عليهم بخاصية أخرى غير كلام الشجر. سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم راعى سيدنا سليمان في قوله: (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) (ص 35) فلم ينازعه فيما آتاه الله من تسخيره للجن والشياطين , ولم يربط الشيطان الذي أقبل بشعلة ليؤذيه صلى الله عليه وآله وسلّم , فعَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلّم: «إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الجِنِّ تَفَلَّتَ البَارِحَةَ لِيَقْطَعَ عَلَيَّ صَلاَتِي، فَأَمْكَنَنِي اللهُ مِنْهُ فَأَخَذْتُهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ عَلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ، حَتَّى تَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ دَعْوَةَ أَخِي سُلَيْمَانَ (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) (ص 35) فَرَدَدْتُهُ خَاسِئًا». سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم , راعى سيدنا موسى كما راعى سيدنا سليمان, فلم يسأل الله ألا تحجُب هذه الشجرة أمته عن رؤية اليهود في الأوقات العصيبة آخر الزمان, وإن كان اليهود وقتها من جند الدجال, ولا دعا الله أن يستأصل شأفتها, كيف؟ وقد كان منها مناداة الله لنبيه موسى!. ) ــــــــــــــــــــــــــ من كتاب / على أعتاب الحضرة المحمدية / للأستاذ الدكتور السيد الشريف محمود صبيح حفظه الله ـــــــــــــــــــــــ اللهم صل على سيدنا محمد النور وآله وسلم
_________________ صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله
|