تائية لسيدي عبد القادر الجيلاني
نظرت بعين الفكر في حان حضرتي ... حبيباً تجلى للقلوب فحنت
سقاني بكأس من مدامة حبه ... فكان من الساقي خماري وسكرتي
ينادمني في كل يوم وليلة ... وما زال يرعاني بعين المودة
ضريحي بيت الله من جاء زاره ... يهرول له يحظى بعز ورفعة
وسري سر الله سار بخلقه ... فلذ بجنابي إن أردت مودتي
وأمري أمر الله إن قلت كن يكن ... وكل بأمر الله فاحكم بقدرتي
وأصبحت بالواد المقدس جالساً ... على طور سينا قد سموت بخلعتي
وطابت لي الأكوان من كل جانب ... فصرت لها أهلاً بتصحيح نيتي
فلي علم على ذروة المجد قائم ... رفيع البنا تأوي له كل أمة
فلا علم إلا من بحار وردتها ... ولا نقل إلا من صحيح روايتي
على الدرة البيضاء كان اجتماعنا ... وفي قاب قوسين اجتماع الأحبة
وعاينت إسرافيل واللوح والرضا ... وشاهدت أنوار الجلال بنظرتي
وشاهدت ما فوق السموات كلها ... كذا العرش والكرسي في طي قبضتي
وكل بلاد الله ملكي حقيقة ... وأقطابها من تحت حكمي وطاعتي
وجودي سري في سر سر الحقيقة ... ومرتبتي فاقت على كل رتبة
وذكري جلا الأبصار بعد غشائها ... وأحيا فؤاد الصب بعد القطيعة
حفظت جميع العلم صرت طرازه ... على خلعة التشريف في حسن طلعة
قطعت جميع العجب لله صاعداً ... فما زلت أرقى سائراً في المحبة
تجلي لي الساقي وقال إلي قم ... فهذا شراب الوصل في حان حضرتي
تقدم ولا تخشى كشفنا حجابنا ... تملي هنيئاً بالشراب ورؤيتي
شطحت بها شرقاً وغرباً وقبلة ... وبراً وبحراً من نفايس خمرتي
ولاحت لي الأسرار من كل جانب ... وبانت لي الأنوار من كل وجهة
وشاهدت معنى لو بدا كشف سره ... لصم الجبال الراسيات لدكت
ومطلع شمس الأفق ثم مغيبها ... وأقطار أرض الله في حال خطوتي
أقلبها في راحتي ككورة ... أطوف بها جمعاً على طول لمحتي
أنا قطب أقطاب الوجود حقيقة ... على سائر الأقطاب عزي وحرمتي
المصدر: جامع تائيات الصوفية (66-67)، تأليف: الشيخ محي الدين الطعمي.