الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص: 25-26)
الباب الأول في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
أنبأنا ذاكر بن كامل قال: كتب إلي أبو علي الحداد أن أبا نعيم الحافظ أخبره إجازة، عن أبي محمد الخلدي قال: أنبأنا محمد بن عبد الرحمن المخزومي، حدثنا الزبير بن بكار، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن زبالة، عن إبراهيم بن أبي يحيى، قال: للمدينة في التوراة أحد عشر اسماً: المدينة، وطيبة، وطابة، والمسكينة، وجابرة، والمجبورة، والمرحومة، والعذراء، والمحبة، والمحبوبة، والقاصمة.
وقال ابن زبالة: عن عبد العزيز بن محمد بن موسى بن عقبة، عن عطاء بن مروان، عن أبيه، عن كعب، قال: نجد في كتاب الله الذي نزل على موسى عليه السلام أن الله تعالى قال للمدينة: ((يا طيبة، يا طابة، يا مسكينة، لا تقبلي الكنوز، ارفعي أجاجيرك على أجاجير القرى)) .
قال عبد العزيز بن محمد: وبلغني أن لها في التوراة أربعين اسماً.
وفي ((صحيح مسلم)) من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن الله تعالى سمى المدينة طابة)) .
وفي ((صحيح مسلم)) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((هي المدينة يثرب)) .
وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى: يثرب اسم أرضٍ، ومدينة النبي صلى الله عليه وسلم في ناحية منها.
وقال ابن زبالة: كانت يثرب أم قرى المدينة، وهي ما بين طرف قناة إلى طرف الجرف، وما بين المال الذي يقال له: البرني إلى زبالة.
وكانت زهرة من أعظم قرى المدينة، قيل: وكان فيها ثلاثمائة صائغ من اليهود.
وقيل: إن تبعاً لما قدم المدينة بعث رائداً ينظر إلى مزارع المدينة فأتاه فقال: قد نظرت؛ فأما قناة فحبٌ ولا تبنٌ، وأما الحرار فلا حبٌ ولا تبنٌ، وأما الجرف فالحب والتبن.
قال أهل السير: كان أول من نزل المدينة بعد غرق قوم نوح قوم يقال لهم: صعل، وفالج. فغزاهم داود النبي عليه السلام، فأخذ منهم مائة ألف عذراء، قال: وسلط الله عليهم الدود في أعناقهم فهلكوا، فقبورهم هذه التي في السهل والجبل.
قالوا: وكانت العماليق قد انتشروا في البلاد، فسكنوا مكة والمدينة والحجاز كله، وعتوا عتواً كبيراً، فبعث إليهم موسى -عليه السلام- جنداً من بني إسرائيل فقتلوهم بالحجاز وأفنوهم.
يروى عن زيد بن أسلم أنه قال: بلغني أن ضبعاً رؤيت هي وأولادها رابضةً في حجاج عين رجل من العماليق.
وقال: لقد كان في ذلك الزمان تمضي أربعمائة سنة وما يسمع بجنازة!.