اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 25, 2011 10:25 pm مشاركات: 71
|
فيقول:ذكرصاحب" الأخلاق المتبولية" عن مشايخه أن كل واحد منهم يغلب عليه الخوف فيصير يتمرغ فى الأرض كالطير المذبوح "والصوفية دائما يخافون أن يمسخ اللـه صورهم كلب أو خنزير (المصدر السابق) :وذكروا عن الكلاباذى والنفزى والشعرانى وغيرهم عن السرى السقطى أنه قال"إنى لأنظر كل يوم فى المرآة مرارا مخافة أن يكون وجهى قد اسود "( ويقول :" ومن أطرف وأعجب ما نقلوه فى ذلك هو ما حكاه الشعرانى عن العلاء بن زياد أنه ربما بكى 7 أيام متوالية لا يذوق فيها طعاما ولا شرابا والعلاء بن زياد من صالحى التابعين وليس من الصوفية قال ابن عيينة، قال محمد بن واسع:لو كان للذنوب ريح ما جلس إليّ أحد!! "ومحمد بن واسع هو أيضا من التابعين وليس من الصوفية.. وهكذا يسوق الشيخ إحسان العديد من الحكايات عن هؤلاء الصوفية شديدى الخوف من اللـه منتقدا ذلك مُخطئا لهم تقواهم ربهم!!وكأنه لم يعلم أن الأمن من مكر اللـه كبيرة من الكبائر!وكأنه لم يعلم بقصة عمر رضى اللـه عنه مع حذيفة بن اليمان والذى ائتمنه النبى صلى اللـه عليه وسلم على أسماء المنافقين ، وكان عمر يستحلفه باللـه هل اسمه مع المنافقين!! وهو من العشرة المبشرين بالجنة وهو مع ذلك لا يأمن لمكر اللـه فكيف بمن هو دونه؟!وكان على خديه وأسفل عينيه خطان أسودان من كثرة البكاء! أما أبو بكـر رضى اللـه عنه فكان يُشم من فمه رائحة الكبد المشوى وهو دليل على شدة خوفه رضى اللـه عنه من ربه ،وهو خوف لم يصل إليه أحد من الأمة !فماذا نقول بعد ذلك؟! ومنذ متى كان خوف اللـه تعالى جُرما يؤاخذ عليه العبد ثم إن هذا الخوف والبكاء لم يكن خاصا بالصوفية وحدهم ،ولكنه كان عاما فى جميع السلف الصالح وكانت هذه هى خشيتهم لربهم، وأخيرا يحتج الرجل على الصوفية بآية وحديث فيقول: "ويُعلم من ذلك أن على المؤمنين أن يتقوا اللـه بحسب اجتهادهم ووسعهم كما قال اللـه تعالى فاتقوا اللـه ما استطعتم) ويقول صلى اللـه عليه وسلم (وإذا أمرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم) وهذا حق ،فكل إنسان يتقى اللـه تعالى ويخشاه حسب وسعه وطاقته ،وهؤلاء هذه هى طاقتهم ووسعهم فى التقوى فليس مثلى ومثلك على قدر من التقوى والخشية كهؤلاء فيقول: ثم يأخذنا الشيخ إحسان عفا اللـه عنه إلى موضوع التوكل على اللـه (ص59 :"وإن الصوفية قــد تطرفوا فى التوكل وقطع الأسباب وإغلاق باب الوسائل وترك باب التحرز والإحتياط ففسروا التوكل بغير معناه الشرعى... إن الرجل لايريد أن يفهم أن هؤلاء قد انقطعوا للـه تماما ،فأصبحوا يرجونه فى كل نفس وصاروا به فى كل شأن وهو لم يعلم أنهم من خواص العِباد ،بل من خواص الخواص فلابد ان يكون لهم مع ربهم شأن يخالف مَن دونهم ،ولننظر معا إلى ما فعله أبو بكر رضى اللـه عنه بعد وفاة النبى صلى اللـه عليه وسلم وتوليه الخلافة وكيف حارب المرتدين ومانعى الزكاة وأخرج الجيوش ولم يعد بالمدينة القوة الكافية لحمايتها وحماية الدولة الناشئة من القبائل المتربصة ،وصار الأمر بمثابة الإنتحار ،وحاول عمر والصحابة إثناءه عن عزمه وان يتروى فيما يريد ولكنه أصر وقال قولته المشهورة (واللـه لو منعونى عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول اللـه لقاتلتهم عليه..) فلننظر كيف كان توكل الصديق على ربه وكيف كان يقينه به. وليس أبو بكر بأعظم توكلا من النبى صلى اللـه عليه وسلم ،فقد كان نائما فى خيمته يحرسه بعض اصحابه ،فنزل قوله تعالى "..واللـه يعصمك من الناس" فقال لهم " انصرفوا أيها الناس فقد عصمنى اللـه" الحديث بتمامه رواه مسلم فى صحيحه عن عائشة رضى اللـه عنها) وكان هذا الحديث سببا فى إسلام إحدى الأوربيات التى قالت :لو كان يخدع الناس ،ما خدعهم فى حياته وهذا حق . والتوكل المنهى عنه هو التوكل الذى يودى بصاحبه ويسوقه إلى الهلاك ولكن شيئا من هذا لم يقع لأحدهم فإذن هو توكل صحيح مقبول ولا يقدر عليه أحد سواهم ،فلا يقتدى بهم العامة ،ولو فعله أحدهم لتعرض للهلاك . ويمضى الرجل مستعرضا أنواعا من التوكل عجيبة ومدهشة للعارفين باللـه .. ويبدو أنه غير مصدق لها ،بل هو غير مصدق فعلا ويقول مستنكرا لأنواع التوكل التى ذكرها: "ولم يأمر النبى أصحابه بهذا النوع من التعطل بل أمرهم بالطلب والعمل حيث قال: "إن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها ، ألا فاتقوا اللـه وأجملوا فى الطلب" ويقول :أما التوكل الصوفى فليس إلا إيثارا للخمول والجلوس فى الروابط والخانقاوات وهروبا عن الجد والكد والاجتهاد والجد . وهذا محض كذب وافتراء فقد كان لكثير منهم عملا يتكسب منه ، كما أن بعضهم كان فقيرا لا يجد قوت يومه شأنهم فى ذلك شأن أهل ذلك العصر ويقول الإمام عبد الوهاب الشعراني اللـه رحمه في كتابه الكوكب الشاهق في بيان معرفة المريد الصادق :ولا ينبغي للمريد أن يتجرد عن الدنيا بالكلية بحيث يصير كَلاً على الناس يطعمونه ويكسونه كالنساء مع القائم عليهم، فإن ذلك من رداءة الهمة، وقد ذكرنا في كتاب المنن الكبرى أن شخصاُ من المحترفة جاء يزور سيدي إبراهيم المتبولي فأعجبه الفقراء، وترك حرفته، فقال الشيخ: لم تركت حرفتك، فقال: دخلت الزاوية فرأيت بومة عمياء في طاقة الزاوية ورأيت صقراً يأتيها كل يوم بقطعة لحم تأكلها، فقلت: أنا الآخر أتوكل على الله وأجلس مع الفقراء، فقال له الشيخ: لأي شيء تجعل نفسك بومة، لا تجعلها صقراً ؟ فتأكل من كسبك وتطعم منه غيرك، فتاب ذلك الشخص ورجع إلى حرفته) هذا هو رأى قطب من أقطاب الصوفية فى التَكسُّب وقد ذكر لنا قصة تدلل على موقف الصوفية من اكتساب الرزق وتنفى عنهم هذا الاتهام الباطل للشيخ إحسان وهو نقله عن شيخه محمد بن عبد الوهاب. وهذا لا يمنع أن يأمر بعض مشايخ الصوفية مريده من الجلوس فى الطرقات متعرضا لسؤالهم ،وذلك إذا وجد فى نفسه كِبرا وتعاليا وأراد تهذيبه وتطهيره من هذا الخلق الذميم.وكفاية اللـه تعالى لمن توكل عليه ليس فيه شك عندنا ،أما عندهم فاللـه أعلم . . " ودعونى أقص شيئا عن التوكل عايشته بنفسى ،ولكن قبل ذلك لابد لى أن أقول أننى لا أقصد ذكر شيئا من الكرامة أو التصوف فأنا انسان عادى تماما والحمد للـه .منذ أعوام مضت كنت أؤدى عمرة فى رمضان وكنت بالمدينة المنورة وعند اقتراب المغرب ذهبت لأداء الصلاة ،وجلست فى الساحة المكشوفة حتى تُقام الصلاة وقلت فى نفسى سأجلس هنا فإن أتانى اللـه بطعام أكلت وإلا صبرت حتى أعود للفندق (وكان الطعام يتم توزيعه داخل المسجد غالبا) وبالفعل جاءنى من أعطانى طعاما وآخر برتقالة ،فأكلت وحمدت اللـه وكان بجوارى جليسا من غير العرب نال مثلما نُلت،وفى اليوم التالى حضرت فى نفس الموعد ولكنى دخلت إلى داخل المسجد وجلست بين مائدتين إحداهما للأتراك وأخرى لسودانيين وقلت قفى نفسى لابد أن يدعونى بعض هؤلاء للإفطار ،وأذن المغرب وبدأ الحاضرون فى الإفطار ،وواللـه لم يلتفت لأمرى أحد من هذا الجمع فقد أخذ اللـه بأبصارهم عنى ولم ينتبه إلىّ أحد فعلمت أننى توكلت على المخلوقين فوكلنى إليهم فسبحان اللـه ،فإذا كان هذا حال إنسان تعبان مثلى ،فكيف بحال هؤلاء الذين أفنوا حياتهم فى طاعته تعالى ، وإذا كان الله تعالى يقول فى محكم التنزيل" ...وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا سورة الطلاق)وتأمل أخى الفاضل إلى قوله "ومن يتوكل على اللـه فهو حسبه إن اللـه بالغ أمره "فما الظن بمن هو اللـه حسبهُ أى كافيه؟وفى الحديث " قَالَ رَسُول اللَّه " مَنْ اِنْقَطَعَ إِلَى اللَّه كَفَاهُ اللَّه كُلَّ مَئُونَة وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِب وَمَنْ اِنْقَطَعَ إِلَى الدُّنْيَا وَكَلَهُ إِلَيْهَا" تفسير بن كثير ويقول صلى اللـه عليه وسلم"لو توكلتم على اللـه حق توكله ،لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتعود بطاناً ". ويحكى لنا المؤلف عن توكل أبى مدين وأنه كان غير محترف (أى لا يعمل)وكان يرد شيئا يؤتى إليه!(وما فهمته من ذلك أنه كان لا يقبل شيئا من أحد) وسأله من حوله لما لا تحترف(أى تكون لك حرفة تتكسب منها)؟ فرد الرجل عليهم ردا طريفا عنى فيه أنه ضيف على اللـه تعالى وهو تعالى كافيه هم الرزق ومؤديه إليه كما يؤدى المضيف حق ضيفه طوال أيام ضيافته!!ولكن الشيخ إحسان سخر من هذا الرد واعتبر ذلك تسولا واستجداءاً،ولكنه جواب صائب وجميعنا أضياف عليه تعالى وأرزاقنا عليه والرجل قد فرّغ نفسه للإقبال على ربه ،وفى نهاية القصة يذكر لنا أنه كانت هناك غزالة تأتى إلى أبى مدين هذا فتدر عليه من لبنها وكان هذا هو رزقه !!فإذا كان هذا هو حال الرجل مع ربه وقد رضى بهذا رزقا، فلما يُلقى باللوم عليه ؟ وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ قَرَأَ وَاصِل الْأَحْدَب هَذِهِ الْآيَة " وَفِي السَّمَاء رِزْقكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ " فَقَالَ أَلَا أَرَى رِزْقِي فِي السَّمَاء وَأَنَا أَطْلُبهُ فِي الْأَرْض ؟ فَدَخَلَ خَرِبَة فَمَكَثَ ثَلَاثًا لَا يُصِيب شَيْئًا فَلَمَّا أَنْ كَانَ الْيَوْم الثَّالِث إِذَا هُوَ بِدَوْخَلَةٍ مِنْ رُطَب وَكَانَ لَهُ أَخ أَحْسَن نِيَّة مِنْهُ فَدَخَلَ مَعَهُ فَصَارَتَا دَوْخَلَتَيْنِ فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبَهُمَا حَتَّى فَرَّقَ بَيْنهمَا الْمَوتْ - تفسير بن ك ومن هذا الأثر نرى أن أبو مدين لم يتفرد بهذا الرأى فى التوكل بل شاركه فيه هذا التابعى الجليل ومعه أخوه.. وهذا هو الإمام الجليل أبو هريرة الذى انقطع للعلم ولسماع حديث رسول اللـه صلى اللـه علي وسلم حتى صار من أعظم الصحابة رواية للحديث فصان اللـه تعالى به السنة .واقرأ ما يقوله أبو هريرة: عن نفسه: قال أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ " إن الناس يقولون : أكثر أبو هريرة! و لو لا آيتان في كتاب الله ما حدثت حديثا , ثم يتلو ": إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات و الهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون (109) إلا الذين تابوا و أصلحوا و بينوا فأولئك أتوب عليهم و أنا التواب الرحيم (و إن إخواننا من المهاجرين شغلهم الصفق في الأسواق , و إن إخواننا من الأنصار كان يشغلهم العمل في أموالهم , و إن أبا هريرة كان يلزم رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ بشبع بطنه و يحضر ما لا يحضرون , و يحفظ ما لا يحفظون"هـذا هــو أبو هريرة وهذا هو انقطاعه للعلم ،فهل لامه النبى صلى اللـه عليه وسلم على تركه التكسب والتفرغ لتحصيل العلم ؟واقرأ المزيد بالدخول على هذا الرابط : http://www.ajurry.com/vb/showthread.php?t=14371 ويمضى الرجل بنا ليقص علينا من روائع العارفين باللـه فى التوكل وهو غير مصدق بها وهى بالفعل مدهشة مذهلة ولكن من لايصدق بها يكون غير مصدق لعظيم فضل اللـه على عباده ففضل اللـه تعالى لا حد له،ولننظر حولنا كيف أغدق على الكافرين بأوروبا وغيرها من النعمة والفضل ما يجل على الوصف وهم على كفرهم وفجورهم ،أفلا يغدق من فضله العظيم على من أقترب منه بصالح الأعمال،واجتهد فى ذلك أيما اجتهاد؟ ولسنا ندعو بهذه الأمثلة من التوكل التى ذكرناها إلى ترك التكسب وإهمال السعى على المعاش فذلك لا يصلح للعامة من الأمة ،وإنما هو لمن شاء ممن انقطع للـه تعالى بالإجتهاد فى طلب العلم الشرعى أو فى طاعة ربه كحال بعض هؤلاء الصوفية الذى يخشى أن تشغله أمور الدنيا عن جده واجتهاده فى هذه الطاعة ،كما أن هؤلاء الصوفية قليلو المأكل والمشرب جدا فيكفيه من الرزق أقله ،كما أنهم ليسوا بأجمعهم على نفس منهج أبى مدين، كما ذكر الإمام الشعرانى رحمه الله فى قصته السابقة،ثم ينتقل الكتاب بنا إلى خروج الصوفية للحج بغير زاد ولا راحلة،وهو يتعجب من ذلك..
|
|