أبو سالم المصري كتب:
عندما يحدث الاختلاف ، فنحن نعرف وصية رب العامين ، وهو العودة إلى سيد الخلق عليه أفضل الصلاة والتسليم عندما قال في محكم كتابه (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)
رسول الله صلى الله عليه وسلم منع وحذر في أحاديث واضحة كالشمس من الخروج على الحاكم ولو كان ظالما ولو كان جائرا ، ونقل الإمام النووي الإجماع على ذلك، وليس أمام من ذهب إلى جواز الخروج على الحاكم إلا الاعتماد على مذهب المعتزلة أو الخوارج، كما فعلوا في كتاب التربية الوطنية للصف الثالث الثانوي عندما أرادوا الاحتجاج للثورة والخروج على الحاكم، فقالوا قالت المعتزلة وقال الخوارج، ولم يأتوا بمذهب أهل السنة والجماعة لأنه لا يساعد في الأمر .
أنا لا أشك لحظة واحدة وأظن أنكم أيضا لا تشكون في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقول كلاما ليس له مؤدى في الزمان والمكان، أنا أرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على علم ، بأنه في آخر الزمان سوف تحدث فتنة خاصة بالحكام، وأنه سوف يستغل أعداء هذا الدين مسألة الحكام واللعب بها للوصول إلى أهدافهم ومخططاتهم، لذلك كان تحذير رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة لا تحتمل أي تأويل في عدم الخروج على الحاكم ولو كان ظالما، ومرة قال عليه الصلاة والسلام : "إلا أن تروا كفرا بواحا" ليقطع الطريق حتى لمن رأى من وجهة نظره أمورا عدها من الكفر، وفي ذلك قطع للطريق تماما لمن يعطي أي محاولة لتبرير الخروج على الحاكم .
ولقد حدث بالفعل خروج على الحاكم، وبمرور الأيام ثبت صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأظن أنه تأكد الجميع في هذه اللحظة الآنية التي نعيشها الآن أن مشكلة مصر لم تكن منحصرة في الحاكم كما ظن البعض، وكان ظنا خطأ غير مصادف للصحة، بإجماع الآراء بعد ذهاب الحاكم لم تتقدم مصر خطوة إلى الأمام، بل ربما تراجعت إلى الوراء، من هنا كان لابد من نظرة جديدة لإعادة تقييم الأمور، وبيان الأسباب الحقيقية لمشاكل مصر وبلاءاتها التي ما زالت كما هي لم تراوح مكانها .
إذن واجب اللحظة معرفة الخطأ الذي ارتكب، ومن المعلوم التفريق بين الأمر القدري والشرعي، ومن مقتضي معرفة هذا الخطأ عدم الولوج في الفتن بالالتزام بقوله صلى الله عليه سلم " أغلق عليك بابك" وبعدم التشاحن والتخاصم مع أخي المسلم فضلا عن رفع السلاح عليه ، ونحن نعلم قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا التقى المسلمان بسيفيهما قالقاتل والمقتول في النار" ، فلا شك أننا قد دخلنا في مرحلة الفتنة بعد مرحلة الخروج على الحاكم ، ونحن نعلم أن المتوفى في هذه الحالة فهو المتوفى في الفتنة ، وفي حالة الفتنة فالقاتل والمقتول في النار ، يدل على ذلك ما جاء من قَول رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا، حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ، وَلَا الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ » فَقِيلَ: كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالَ: «الْهَرْجُ، الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ» .
بارك الله في إخواني السادة الأفاضل ونفع بهم ونجاهم من الفتن ما ظهر منها وما بطن .
بارك الله فيك يا اخى ابو سالم المصرى .. رددت الامور إلى اصولها ووضعت النقاط على الحروف من هدى حضرة النبي صلى الله عليه وسلم .