موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: أحياء مع الأحياء
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين أغسطس 19, 2013 11:35 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت نوفمبر 24, 2007 6:28 pm
مشاركات: 23
وردت لفظة الخلود في القرآن الكريم ( 87 ) مرة بمشتقاتها المختلفة ، منها قوله تعالى : ادْخُلوها بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلودِ .
وفي موسوعة الكسنزان فيما اصطلح عليه أهل التصوف والعرفان للسيد الشيخ محمد الكسنزان (قدس الله سره) قال عن الخلود: هوأن تصبح الحياة والممات سواء ، يقول تعالى : الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلوا الصّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ، وهو أول رتب الولاية وأخر مرتبة في التصوف ، والخلود : هو أحد أهداف الطريقة ، والواصلون في الطريقة هم أهل الوصول إلى الخلود . ولهذا فإن جميع التكايا الكسنزانية مدارس روحية لتعليم المريدين الوصول إلى الخلود ، أي التقرب إلى الله تعالى ، والخلود : هو أن تصل إلى مرتبة لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ، وفيها لحظات تغمض فيها عينيك وتفتحها فتجد نفسك في عالم الأرواح ، في عليين ، والخلود : يعني أن يكون الإنسان سعيداً في الدنيا والآخرة . في الدنيا لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، إذا أرادوا أراد ، وفي الآخرة لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، حياتهم ومماتهم سواء .
وإن البقاء والدوام هما وجهان ملازمان للخلود ، إذ البقاء متعلق بالجانب الوجودي للخالد ، والدوام متعلق بالجانب الزماني له .
والخالدون : هم الأولياء الذين وصلوا إلى مرتبة لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنونَ ، فهؤلاء فقط باقون بالله ، بماذا أصبحوا خالدين ؟ يقول الله تعالى : الذينَ آمَنوا وَكانُوا يَتَّقوُن وهم قادرون على أن يعلموا كل شيء بالله ، فأحدهم يستطيع أن يزيل الجبال بإشارة إصبعه بالله ، أو أن يحول التراب ذهباً بالله ، لأن الله على كل شيء قدير ، وهو في حضرته ، فهو يقدر على كل شيء بالله وبإذنه تعالى ، وإنه لا يوجد خلود في الدنيا إلا من خلال بابين ، أو عن طريقين ، وهما : أخذ الطريقة والسلوك في تطبيق منهجها ، والشهادة في سبيل الله ، فإذا كنت تريد أن تكون من الخالدين ، أي من الأحياء في الدنيا والآخرة ، فيجب عليك أولاً أن تأخذ بيعة الطريقة ، وأن تلتزم بمنهجها التزاماً كاملاً ، وخصوصاً بالأوراد والأذكار ، فالأذكار تزكِّي النفس ، وتصفِّي القلب ، وترقِّي السالك إلى المراتب العليِّة . أو أن تصبح من الشهداء ، وذلك بأن تقتل غرائزك ونفسك الأمّارة بالسوء ، فإن ماتت نفسك كنت من الذين قال الله تعالى عنهم : وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذينَ قُتِلوا في سَبيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقونَ ، أي : أنك خالد .
أما الخالد بالله تعالى ، فيقول الشيخ جلال الدين الرومي : هو الفاني عن وجوده ، ويقول في مواعظه : يا أهل الخلود ويا أهل البقاء ، إنكم لم تخلقوا للفناء ، وإنما خلقتم للخلود والأبد ، ولكنكم تنقلون من دار إلى دار .
وفي كتاب قوت القلوب لأبي طالب المكي وهو يتكلم عن نور التصديق يقول عن قوله تعالى : فَمَنْ يُرِدِ اللّه أنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإسْلام قيل : يا رسول اللّه ما هذا الشرح ؟ قال : إن النور إذا دخل القلب انشرح له الصدر وانفتح ، قيل : يا رسول اللّه ، هل لذلك من علامة ؟ قال : نعم ، التجافي عن دار الغرور ، والإنابة إلى دار الخلود ، والاستعداد للموت قبل نزوله . ونقول : إن هذه الإنابة إلى دار الخلود ، أي (الجنة) تحصل لولي الله المؤمن وهو في الدنيا ، أي إن جسده في الدنيا بين الخلق ، وروحه تسرح في جنان معرفة الله ، وهذه هي هداية الله تعالى له ، من حيث دخول نور الله سبحانه في قلبه ، وانشراح صدره لذلك النور .

ومما قاله حضرة السيد الشيخ محمد الكسنزان (قدس الله سره) بخصوص الخلود :

إن سلمت نفسك للمشايخ بصدق ، فإنهم يساعدونك ؛ لأنهم مع الخلود ، الخلود مع الله سبحانه وتعالى : مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى .
ويقول : جاهدوا في سبيل الله ، بأموالكم وأنفسكم ، يجب أن تضحوا بأرواحكم ، مشايخكم يقولون : ( رخيص رخيص التضحية بالروح ) ، أنت تشتري الخلود بالروح ، تقرَّب إلى الله سبحانه وتعالى بالروح ، وبعدها بالمال ، إذا تقرَّبت من رحمة الله سبحانه وتعالى فأنت من أهل الجنة ، يعني من أهل القرب من الله ، يعني إن الله سبحانه وتعالى يعطيك الجنة ، وهي مكان لا يخطر على فكرك ولم تسمع به ، هذا القرب من الله سبحانه وتعالى ، بماذا تحصل عليه ؟ بالمجاهدة وبتنفيذ شريعة الرسول () ، وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كُنتُمْ خَيْرَ أمة أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ .
ويقول : المريد يجب أن يعرف هدفه ، والهدف في الطريقة التقرب إلى الله عز وجل بالعبادة ، والتي هي السعادة الدائمية في الدنيا والآخرة ، فلقد كان الاسكندر يبحث عن ماء الخلود ، وكلهم كانوا يبحثون عن ماء الحياة الأبدية ، ونحن نقول لهم : الخلود في الطريقة ، ومن يسأل ويقول : كيف الخلود ؟ نقول له : الخلود يعني : إنك تصل إلى مرتبة يسموها مرتبة الولاية : أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ فإذا وصل المريد إلى هذه المرتبة فلا يخاف ولا يحزن ، لا في الدنيا ولا في الآخرة : الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ انظر التقوى والإيمان الذي عندنا نحن منهجنا كله تقوى كله أوراد وذكر : وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ بالذكر ، نحن نرجع إلى هدفنا ، هدفنا التقرب إلى الله ، هدفنا الوصول إلى الجنة ، هدفنا الخلود في الدنيا والآخرة ، حتى نكون في مرتبة : لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ لا حزن ولا خوف ، في الموت لحظات تغمض عينك وتفتح عينك وأنت في عالم الأرواح وأنت في أعلى عليين : الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ .
ويقول : لا خلود إلا في الطريقة ، فكثير ما يرى الخلفاء والدراويش الكسنزانية في منامهم شهداء الكسنزان ، فيقولون لهم : أنتم متم ودفنّاكم ، فيقولون : لا نحن أحياء ، نحن عند الشيخ ، نحن في موقع آخر فأنتم لا ترونا ، نحن موقعنا خاص : وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ .


_________________
والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 9 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط