ابن أميرة كتب:
...............................................
لهذا فالمقال الذى اخترته حضرتك جميل
......................................................
غالبا عندما اقرأ لمثقف يتعرض لأمر دينى اتجاوز له بعض الهنات الدينية اذا كان مجمل القول صحيح .. وكذلك عند القراءة لرجل دين فى شأن ثقافى يتم التجاوز عن بعض الهنات الثقافية اذا كان مجمل القول صحيح ..
وفى كلمتى السابقة يشهد الله اننى اردت ان استثنى وأقول " فالمقال الذى اخترته حضرتك جميل الا قليلا".. لكن العجلة .. وضيق الوقت الشديد فى رمضان ..و خشيتى من ان يظن ان القليل ( بلا توضيح منى ) هو اعتراض منى على أصل القضية .. فلم استثنى .. وعندما كتب الفاضل عمرو ابو شادى تعقيبه فرحت انه سوف يقوم بذلك عنى .. لكنه قام بشئ آخر .. فوجب تفصيل هذا القليل الذى تم التجاوز عنه ..
ولأنى لسه عائد من سفر فسأكتفى بذكر مواضع الخلاف مع الكاتب .. وغدا بإذن الله التفصيل .
ابوبكر٢ كتب:
....................
وفي ثقافتنا الاسلامية ايضاً ان "رأيي صحيح يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب". نفهم من ذلك ايضاً انه ليس لأحد ان يدعي الحقيقة المطلقة.وليس له ان يخطئ الآخرين لمجرد اقتناعهم برأي مخالف. فالحقيقة نسبية. والبحث عن الحقيقة، حتى من وجهة نظر الاخر المختلف، طريق مباشر من طرق المعرفة. وهو في الوقت نفسه اسمى انواع الحوار.
....................
.
ذلك انه مع اختلاف الالسن والألوان،كان من طبيعة رحمة الله اختلاف الشرائع والمناهج، وهو ما اكده القرآن الكريم بقوله: {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا. ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة، ولكن ليبلوكم فيما أتاكم. فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون} (سورة المائدة، الآية 48). و{الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون} (سورة آل عمران، الآية 141). و{لو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم} (سورة هود، الآية 118).
....................
من خلال هذا الحوار الإلهي مع الشيطان، تبرز حقيقة الثواب والعقاب، الخير والشر، الإيمان والكفر.وما كان لصورة هذه الحقيقة ان تكتمل من دون هذا الحوار. وما كان لهذا الحوار ان يقوم من دون وجود الآخر.
....................
إن للحوار قواعده وآدابه. ولعل من ابرز هذه القواعد والآداب ما ورد في سورة سبأ. كان الرسول محمد يحاور غير المؤمنين شارحاً ومبيناً ومبلغاً. ولكنهم كان يصرون على ان الحق الى جانبهم . فحسم الحوار معهم على قاعدة النص: {انا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين} (سورة سبأ، الآية 24). لقد وضع الرسول نفسه في مستوى من يحاور تاركاً الحكم لله، وهو اسمى تعبير عن احترام حرية الآخر في الاختيار، وعن احترام اختياره حتى ولو كان على خطأ. وذهب الى أبعد من ذلك عندما قال القرآن الكريم في الآية التالية مباشرة: {قل لا تُسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون} فكان من آداب الحوار بل من المبالغة في هذه الآداب ان وصف اختياره للحق وهو على حق بأنه اجرام (في نظرهم). ووصف اختيارهم للباطل وهم على باطل بأنه مجرد عمل. ثم ترك الحكم لله: {قل يجمع بيننا ربنا، ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتّاح العليم}. ان احترام حرية الاختيار هنا ليس احتراماً للخطأ. فتسفيه وجهة نظر الآخر ومحاولة اسقاطها ليسا الهدف الذي لا يكون الحوار مجدياً الا اذا تحقق.
....................
على قاعدة هذه السابقة النبوية في دولة المدينة الأولى، فإن الإسلام لا يضيق بتنوع الانتماء العقدي،ولا يؤمن بالنقاء العرقي (لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى). فاذا كان التنوع من طبيعة تكوين المجتمع، فان الحوار هو الطريق الوحيد الذي يؤدي بالاختيار الحر وبالمحبة الى الوفاق والتفاهم والوحدة. ذلك ان البديل عن الحوار هو القطيعة والانكفاء على الذات، وتطوير ثقافة الحذر والشك والعداء للآخر.
....................
و"لا بد لكي يبدأ الحوار ان يمتلك اطرافه حرية الحركة الفكرية التي ترافقها ثقة الفرد بشخصيته الفكرية المستقلة،فلا ينسحق امام الآخر لما يحس فيه من العظمة والقوة التي يمتلكها الآخر، فتتضاءل ازاء ذلك ثقته بنفسه وبالتالي بفكره وقابليته لأن يكون طرفاً للحوار فيتجمد ويتحول الى صدى للافكار التي يتلقاها من الآخر" (عبد الرحمن حللي - حرية الاعتقاد في القرآن الكريم، المركز الثقافي العربي - المغرب، ،2001 ص94 - 96).
لذلك أمر الله رسوله ان يحقق ذلك ويوفّره لمحاوريه: {قل انما انا بشر مثلكم يوحى اليّ} (سورة الكهف، الآية 110)، {قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضرّاً الا ما شاء الله ولو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مَسّني السوء إنْ أنا الا نذير وبشير لقوم يؤمنون} (سورة الاعراف، الآية 188).
http://www.bintjbeil.com/articles/ar/02 ... samak.html