موقع د. محمود صبيح

ويكتفي شر ما يأتي به القدر

عند الكروب إذا ما استوقد الشرر

كل المحبين والأملاك والبشر

يجيب سائله حالاً فينتصر

من قد أقر له بدو كذا حضر

من ذلك البحر تطغو للورى درر

محمد المصطفى من جده مضر

ما هب ريح فجاء في أثرها مطر

شمس النهار ضحى أو شعشع القمر

***

ووجه التهاني بيننا هو سافر

وفرسانها قد حط عنها المغافر

وقد تليت بين التغابن غافر

له عبس والنازعات وفاطر

عصابة قطب بالمعاند ظافر

له نسب عال من الرجس طاهر

لكثرتها قد ضاق عنها الدفاتر

عيون إلى من يرتجيه نواظر

خطوب أثارتها لئام فواجر

ومن لانكسار القلب بالنصر جابر

سواه وما لي في الخليقة ناصر

لطائفة المداح جاء بكائر

إذا هي ضاقت بالقلوب الحناجر

إذا جاءه في الحشر والقلب حائر

إذا أمه من ذنبه متواتر

يدومان في مدحيه ما قال شاعر

هداة البرايا والنجوم الزواهر

***

يا من له سر رفيع قد سرى

ولك الكمال محققاً وموفرا

أضحى بأيدي الكفر ليس موقرا

بالسر منك وكان سراً مظهرا

فاشفع لنا يا من له كثر القرى

من كل أقطار الوجود لهم سرى

وجعلت كلاً منهم أعلى الذرى

والأولياء اعرفوا بذا لا منكرا

واجعل لنا حظاً لديك مقررا

يا مقصدي يا من أزال تحيرا

يا سيدي فيما أريد مقصرا

فاقت على بحر كبير قد جرى

والصحب ما سار الحجيج وما سرى

***

لكن قلبي نسيم البشر منك سرى

به لقد فزت في الدنيا وفي الأخرى

أبواب عزك يا حامي حمى الفقرا

فحل الرجال أبو الفتيان بحر قرا

لك الكرامات في الإنجاد للأسرى

تنبي بمكنون ما قد شاع واشتهرا

فصحت بالعز والحال الذي بهرا

آل الرسول فجاءوا كلهم زمرا

وكلهم قد غدا خلاً ومعتبرا

قد صح في طبقات القوم واستطرا

عنها يخبر ذو حفظ تلا السورا

إني نزيل حماكم أرتجي الظفرا

ما جاءكم أحد إلا وقد جبرا

أن تسمحوا بالذي قدماً لكم ذكرا

يبلغ الأهل والأوطان والوطرا

هو المؤذن حول القبة الخضرا

من فيه أنزل سبحان الذي أسرى

ما للقا حن مشتاق وقد هجرا

***

وللظالم الأسواء والذل والعجز

من المدح فيه بالصريح كذا الرمز

مجيب الأسارى من بعيد ولم يغز

ملابس عز والجلال لها طرز

رفيعاً فما الديباج في الحسن ما الخز

إذا أنجد الملهوف من دارهم وخز

وقبته العظمى لها أبداً حرز

علينا ولا ضيم يحل ولا رجز

يحل به الإشكال والرمز واللغز

وكفوا فلم يسمع لأحزابهم ركز

كذا الآل والأصحاب من هم لنا عز

***

يحمى حماه بالندا والباس

فحل الرجال وطيب الأغراس

شهدت له الأموات في الأرماس

والأرض بل من سائر الأجناس

خطف الأسارى من حمى الأنجاس

نحتاج في الدنيا إلى حراس

يحميه عبد العال تاج الرأس

لما قبائحه بدت للناس

ناراً من التابوت للخناس

ممن به الكفار في أنكاس

سجدت لطلعة قده المياس

يعني محبيه أولي الإيناس

من ملبس التقوى أجل لباس

وأقارب كالفضل والعباس

أهل التقى ما ماس غصن الآس

***

وقد ملت عمن لامني فيه أو وشى

هواه بقلبي والمفاصل والحشا

مناقب قل فيها جهاراً بما تشا

ولا يختشى من أعين عنه في غشا

كما أن دوداً في الطعام قد انتشى

رأيناه في وقت الصباح وفي العشا

فقام سوياً فوق أرض وقد مشى

عليه حمام الغار في الحال عشتا

فاذهب عنهم ما أهم وشوشا

كقطر به أضحى الوجود مرقشا

إلى مدحهم قلبي المشوق تعطشا

حديثي عن البدوي في الكون قد فشا

***

من كل عائقة وأنى مخلص

قلبي يميل له وعيني تشخص

مدداً على طول المدى لا ينقص

منها يسير موجز وملخص

وفؤاده في أسرهم يتفصص

وثياب أكفان البلا يتقمص

وهلال قبته مراراً يرقص

عن نازل فيه الهموم ممحص

من ضده عيش له ينغص

رؤياه حسن الأشعث المتخمص

مولى على نصح البرية يحرص

سارت إليه بالحمول القلص

ساد الذي في حبهم هو مخلص

***

عن مدح شيخي أحمد لا أعرض

لجنابه بين الورى أتعرض

أسرعت في عزم شديد أركض

إن دوام التمداح فيه أبيض

وأليتي حق وليست تنقض

وإلى الأسير بهمة هو ينهض

أبيات قيلت في علاه تقرض

آثاره فيما يحب ويبغض

فيها له الشرف الطويل الأعرض

فهو الولي وفضله لا يرفض

هي ناسبت مدحاً له أتعرض

أرضى الأنام وللإله مفوض

كل المخاوف والمهالك تدحض

لا شك أن مقام ذلك يخفض

يحميك في الدارين مما يعرض

طه الذي أحكامه لا تنقض

مدداً وأحكام علينا تفرض

والصحب من عن مدحهم لا أعرض

***

ويحصل للمقبوض في حبه البسط

ويخفض من بالسوء في حزبه يسطو

أقر له البادون والحضر والقبط

وزاد وأغنى من بعد ما محى القحط

فأمطرهم غيثاً مواهبه بسط

يحل وعن كل الورى يذهب السخط

وناه له في حكمه الحل والربط

علي وأيضاً فهو للمصطفى سبط

تقاصر عن تعدادها الثبت والابط

وما القلب ينوي عنهم سلوة قط

وإن ذكروا في مجلس حصل البسط

***