موقع د. محمود صبيح

ليلى علي الهجر طال ولم أزل ....... صباً ولوعاً في هواكِ من الأزل

جودي فما أبقيتِ داخل مهجتي ....... إلا وداداً كاد يغشاه الوجل

جودي فغير الدمع مالي مؤنسٌ ....... ذاب الفؤاد ولمْ يساوره الملل

أصبحت في يومي وليلي هائماً ....... أرجو وصالي قبل يحضرني الأجل

لكنَّ ليلى عن دلالٍ مانعت ....... وصلي وغابت خلف سترٍ قد سدل

لم يبق لي إلا خيالٌ زائرٌ ....... ما غاب عني لا ولا أبداً أفل

فتزاحمت في العين تشكو دمعةٌ ....... ألم الصدود على الفؤاد وما حمل

فغدوت أهتف باسم ليلى ضارعاً ....... إني ضعيفٌ سامني أمرٌ جلل

بالله يا ليلى صليني إنني ....... دنفٌ عرتني كل أنواع العلل

ليلى أما يرضيك أني عاكفٌ ....... في باب عزِّك ما سئمت ولن أمل

هذا فؤادي قلِّبيه وفتِّشي ....... إن كان فيه الغير فالهجران حل

قد كان شرط في المحبة بيننا ....... ألا أميل إلى السوى قالت : أجل

فإليك برهان يؤيد حالتي ....... ويردُّ عني عودَ صدٍ محتمل

فلقد عرفتِ بأن بين جوانحي ....... قلباً لرحب الوصل غيرك ما سأل

ليلايَ أنت الكل بل روحي وعقـ ـــــ ـلي ثم سمعي بل ودمعي والمقل

كلي إليك فقد كتبت بهمتي ....... عنوان حُبِّي في البلاد وفي الدول

فإذا سكت فكل عضوٍ ناطق ....... وإذا نطقت فكل حرفٍ عنك دل

وإذا هممت فحسن ليلى وجهتي ....... وإذا عزمت فما توقفني الكسل

وإذا كسوتِ فلست أعرف حلَّةً ....... أبهى جمالاً من نسيجك للحل

ليلاي أنت القصد لست بسامعٍ ....... قول العذول ولو بقولته عدل

فلطالما أنت المراد فإنني ....... أبداً إلى يوم اللقاء على أمل

قالت : ولما بان صدق محبتي ....... أقبلْ إليَّ بسرعةٍ وعلى عجل

لله درُّك من محبٍ صادقٍ ....... رسخ الغرام به رسوخاً كالجبل

ما حاد قلبك عن هوانا واثقاً ....... في حبنا مهما تحايل من عذل

والآن صرت مرادنا ونزيلنا ....... يهنيك بعد لقائنا طيب القبل

حبي إليك منحته يا وافدي ....... مع رتبةٍ علويَّةٍ تدعى البدل

وضيافةٍ في رحب أيوب الذي ....... ضاف الرسول بداره لما نزل

فإذا حجاب الحق منكشفٌ بلا ....... أي امتراءٍ فاسترحت ولا كلل

لما تجلى الله في أحكامه ....... سجد الفؤاد لهيبة المولى الأجل

شكراً وحمداً رب إني وافدٌ ....... وعلى الكريم ضيافتي فالضيف حل

سبحان ربي واهباً لعباده ....... الأبرار حسن الختم والزلفى كَفَلْ

صلى الإله على الرسول محمدٍ ....... والآل والصحب الكرام ولم يزل

من ديوان سيدي ابن الفارض (رحمه الله تعالى)