موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 95 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 3, 4, 5, 6, 7  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد يناير 19, 2025 10:48 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء مارس 09, 2004 7:41 pm
مشاركات: 1818

حبيبي يا سيدي يا رسول الله



أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يناير 21, 2025 9:17 am 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 10139
صلى الله عليه وآله وسلم

_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يناير 22, 2025 1:19 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 10139

الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص: 135 - 137)

ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: إن رجالاً من المنافقين يزعمون أن رسول الله قد توفي، وإن رسول الله ما مات، ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى، فإنه غاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع إليهم بعد أن قيل قد مات، ووالله ليرجعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم زعموا أنه قد مات!

قالوا: وأقبل أبو بكر على فرس من مسكنه بالسنح، فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة رضي الله عنها، فيمم رسول الله وهو مسجى بثوب حبرةٍ، فكشف عن وجهه، ثم أكب عليه فقبله وبكى، ثم قال: بأبي وأمي أنت، والله لا يجمع الله عليك موتتين: أما الموتة التي كتبت عليك فقد متها ثم لن يصيبك بعدها موتة أبداً. ثم رد البرد على وجهه، وخرج وعمر بن الخطاب رضي الله عنه يكلم الناس، فقال: على رسلك يا عمر أنصت، فأبى إلا أن يتكلم، فلما رآه أبو بكر رضي الله عنه لا ينصت أقبل على الناس، فلما سمع الناس كلامه، أقبلوا عليه وتركوا عمر.

فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس! إنه من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيٌ لا يموت قال: ثم تلا هذه الآية: {وما محمدٌ إلا رسولٌ قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبية فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين} .

قال: فوالله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت حتى تلاها أبو بكر يومئذ، قال: وأخذها الناس عن أبي بكر رضي الله عنه فهي في أفواههم.

قال عمر: فوالله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت حتى وقعت إلى الأرض، ما تحملني رجلاي، وعرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات.

ولما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا والله لا يدفن وما مات، وإنه ليوحى إليه، فأخروه حتى أصبحوا من يوم الثلاثاء، وقال العباس رضي الله عنه: إنه قد مات وإني لأعرف منه موت بني عبد المطلب.

وقال القاسم بن محمد: ما دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عرف الموت في أظفاره.

قالت عائشة رضي الله عنها: لما أرادوا غسل رسول الله اختلفوا فقالوا: والله ما ندري أنجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نجرد موتانا؟ أو نغسله وعليه ثياب؟!

قالت: فلما اختلفوا ألقى الله عليهم النوم حتى ما منهم رجل إلا ذقنه في صدره، ثم كلمهم مكلمٌ من ناحية البيت لا يدرون من هو: أن اغسلوا النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه.

قالت: فقاموا إلى رسول الله فغسلوه وعليه قميصه، يصبون الماء فوق القميص دون أيديهم، وغسله علي رضي الله عنه، أسنده إلى صدره وعليه قميصه يدلكه به من ورائه، لا يفضي بيده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والعباس وابناه الفضل وقثم يقلبونه معه، وأسامة بن زيد وشقران مولى النبي صلى الله عليه وسلم يصبان الماء عليه وعلي يقول: بأبي أنت وأمي ما أطيبك حياً وميتاً، ولم ير من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء مما يرى من الميت، فلما فرغوا من غسله كفن.

روى البخاري في ((الصحيح)) من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ((كفن رسول الله في ثلاثة أثواب بيض سحولية من كرسفٍ ليس فيها قميص ولا عمامة)) .
فلما فرغ من جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الثلاثاء وضع على سريره في بيته، ثم دخل الناس يصلون عليه أرسالاً، الرجال ثم النساء ثم الصبيان، ولم يؤم الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد.

يتبع بمشيئة الله...


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يناير 23, 2025 11:52 am 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 10139

الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص: 137 - 140)

واختلفوا في دفنه صلى الله عليه وآله وسلم؟

فأنبأنا عبد الرحمن بن علي، أخبرنا أبو الحسن الفقيه، أخبرنا علي بن أحمد البندار، أنبأنا عبيد الله بن محمد العكبري، حدثنا أبو عبد الله بن مخلد، حدثنا علي بن سعد بن المغيرة، حدثنا محمد بن عمر، حدثنا عبد الحميد بن جعفر، عن عثمان بن محمد الأخنسي، عن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع، قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا في موضع قبره، فقال قائل: بالبقيع، فإنه كان يكثر الاستغفار لهم، وقال: قائل منهم: عند منبره، وقال قائل منهم: في مصلاه.
فجاء أبو بكر رضي الله عنه فقال: إن عندي من هذا خبراً وعلماً، سمعت رسول الله يقول: ((ما قبض نبي إلا دفن حيث توفي)) .

أخبرنا لاحق بن علي الصوفي، أخبرنا هبة الله بن محمد الكاتب، أخبرنا الحسن بن محمد الواعظ، أنبأنا أحمد بن جعفر القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني أبي أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم يدروا أين يقبرون رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قال أبو بكر رضي الله عنه، فأخروا فراشه وحفروا له تحت فراشه.

وروى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما أرادوا أن يحفروا لرسول الله عليه الصلاة والسلام وكان أبو عبيدة يضرح حفر أهل مكة، وكان أبو طلحة يلحد لأهل المدينة، فدعا العباس رجلين فقال لأحدهما: اذهب إلى أبي عبيدة، وللآخر: اذهب إلى أبي طلحة، اللهم خر لرسولك صلى الله عليه وسلم، فوجد صاحب أبي طلحة أبا طلحة، فجاء به فلحد لرسول الله.

ثم دفن رسول الله من وسط الليل ليلة الأربعاء، وكان الذين نزلوا قبره: علي بن أبي طالب، والفضل وقثم ابنا العباس، وشقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبني على لحده تسع لبنات نصبن نصباً.

وروى جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم رش على قبره وجعل عليه حصباء حمراء من حصباء العرصة، ورفع قدر شبرين من الأرض.
وروى البخاري في ((الصحيح)) من حديث أبي بكر بن عياش عن سفيان التمار: أنه حدثه أنه رأى قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسنماً.

وفي ((صحيح البخاري)) من حديث أنس بن مالك أنه قال: ((لما دفن النبي صلى الله عليه وسلم قالت فاطمة رضي الله عنها: يا أنس! أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب؟)) .

أنبأنا أبو جعفر الواسطي، عن أبي طالب بن يوسف، أخبرنا أبو الحسين بن الأبنوسي، عن عمر بن شاهين، أخبرنا محمد بن موسى، حدثنا أحمد بن محمد الكاتب، حدثني طاهر بن يحيى، حدثني أبي، عن جدي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: لما رمس رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءت فاطمة رضي الله عنها فوقفت على قبره وأخذت قبضة من تراب القبر، فوضعته على عينها وبكت وأنشأت تقول:
ماذا على من شم تربة أحمد ... أن لا يشم مدى الزمان غواليا
صبت علي مصائب لو أنها ... صبت على الأيام عدن لياليا

روي عن أبي جعفر محمد بن علي أنه قال: ما رأيت فاطمة رضي الله عنها بعد أبيها ضاحكة، ومكثت بعده ستة أشهر.

وروى حجاج بن عثمان عن أبيه قال: رأيتهم اجتمعوا يوم مات النبي صلى الله عليه وسلم على أكمة، فجعلوا يبكون عليه.

وروى البخاري في ((الصحيح)) من حديث أبي بردة قال: ((أخرجت إلينا عائشة رضي الله عنها كساء وإزاراً غليظاً فقالت: قبض روح رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذين)) .

وروى أنس من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي لم يقم منه: ((لعن الله اليهود والنصاري اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) ، ولولا ذلك أبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً.

أنبأنا يحيى بن أسعد بن بوش، عن أبي علي الحداد، عن أبي نعيم الحافظ، عن جعفر الخلدي، أنبأنا أبو يزيد المخزومي، حدثنا الزبير بن بكار، حدثنا محمد بن الحسن قال: حدثني غير واحد، منهم عبد العزيز بن أبي حازم، ونوفل بن عمارة قالوا: إن عائشة رضي الله عنها كانت تسمع صوت الوتد والمسمار يضرب في بعض الدور المطنبة بمسجد
النبي صلى الله عليه وسلم، فترسل إليهم: أن لا تؤذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما عمل علي بن أبي طالب رضي الله عنه مصراعي داره إلا بالمناصع توقياً لذلك.

وروي أن بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم دعت نجاراً يغلق ضبةً لها، وأن النجار ضرب المسمار في الضبة ضرباً شديداً، فصاحت عائشة رضي الله عنها بالنجار وكلمته كلاماً شديداً، وقالت: ألم تعلم أن حرمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ميتاً كحرمته إذا كان حياً، قالت الأخرى: وماذا سمع من هذا؟، قالت: عائشة رضي الله عنها: إنه ليؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت هذا الضرب كما لو كان يؤذيه حياً، صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً.

قلت -العبد الفقير-: وجملة "ولولا ذلك أبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً" تعارضه أدلة كثيرة منها ما رواه الإمام مسلم في صحيحه: " صحيح مسلم (4/ 1796)
31 - (2296) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا وَهْبٌ يَعْنِي ابْنَ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ:، سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ أَيُّوبَ، يُحَدِّثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مَرْثَدٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ كَالْمُوَدِّعِ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ، فَقَالَ: «إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، وَإِنَّ عَرْضَهُ كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ إِلَى الْجُحْفَةِ، إِنِّي لَسْتُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي، وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا، وَتَقْتَتِلُوا، فَتَهْلِكُوا، كَمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ» قَالَ عُقْبَةُ: «فَكَانَتْ آخِرَ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ"

والمقصود من حديث "لعن الله اليهود والنصاري اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" أنهم كانوا يسجدون لأنبيائهم والأمة المحمدية معصومة من ذلك بفضل الله


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يناير 23, 2025 8:38 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 10139

الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص: 140 - 142)

ذكر وفاة أبي بكر رضي الله عنه

ذكر محمد بن جرير الطبري بإسناد له: أن اليهود سمت أبا بكر رضي الله عنه في أرزة، ويقال: في خزيرة، وتناول معه الحارث بن كلدة منها، ثم كف وقال لأبي بكر: أكلت طعاماً مسموماً، فسم لسنته، فمات بعد سنة، ومرض خمسة عشر يوماً فقيل له: لو أرسلت إلى الطبيب، فقال: قد رآني، قالوا: فماذا قال لك؟ قال: قال: إني أفعل ما أشاء.

وقالت عائشة رضي الله عنها: كان أول ما بدأ أبو بكر رضي الله عنه أنه اغتسل يوم الاثنين لسبع خلون من جمادى الآخرة، وكان يوماً بارداً فحم خمسة عشر يوماً لا يخرج إلى الصلاة، وكان يأمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه يصلي بالناس، ويدخل عليه الناس يعودونه وهو يثقل كل يوم، وهو يومئذٍ نازلٌ في داره التي قطعها له رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاه دار عثمان بن عفان رضي الله عنه.

قال أهل السير: كان ينزل أبو بكر بالسنح عند زوجته بنت خارجة بن زيد، وأقام بالسنح بعد ما بويع له بالخلافة ستة أشهر يغدو على رجليه إلى المدينة، وربما ركب على فرس له وعليه إزار ورداء، فيوافي المدينة فيصلي الصلاة بالناس، فإذا صلى العشاء رجع إلى أهله بالسنح، فكان إذا حضر صلى وإن لم يحضر صلى بهم عمر بن الخطاب.

وكان تاجراً يغدو كل يوم إلى السوق فيبيع، وكانت له قطعة غنم تروح عليه، وربما خرج بالغنم لرعيها، وربما كفيها ورعيت له، وكان يحلب للحي أغنامه.
فلما بويع له بالخلافة قالت جارية من الحي: الآن لا يحلب لنا منائح دارنا، فسمعها أبو بكر رضي الله عنه فقال: بل لعمري لأحلبنها لكم، وإني لأرجو ربي أن لا يغيرني ما دخلت فيه عن خلقٍ كنت عليها، فكان يحلب لهم
.
ثم نزل المدينة فأقام بها ونظر في أمره، فقال: والله ما يصلح أمر الناس والتجارة، وما يصلحهم إلا التفرغ لهم والنظر في شأنهم، ولا بد لعيالي مما يصلحهم، فترك التجارة واستنفق من بيت مال المسلمين ما يصلحه ويصلح عياله يوماً بيوم، ويحج ويعتمر.

وكان الذي فرضوا له في كل سنة ستة آلاف درهم، فلما حضرته الوفاة قال: ردوا ما علي من مال المسلمين، فإني لا أصيب من هذا المال شيئاً، وإن أرضي التي بمكان كذا وكذا للمسلمين بما أصبت من أموالهم، فدفع ذلك إلى عمر رضي الله عنه، فقال عمر: لقد أتعب من بعده.

روى البخاري في ((الصحيح)) من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: ((دخلت على أبي بكر رضي الله عنه، فقال: في كم كفنتم النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالت: في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة، وقال لها: في أي يوم توفي رسول الله؟ قالت: يوم الاثنين، قال: فأي يوم هذا؟ قالت: يوم الاثنين، قال: أرجو فيما بيني وبين الليل، فنظر إلى ثوب عليه كان يمرض فيه، به ردعٌ من زعفران، فقال: اغسلوا ثوبي هذا وزيدوا عليه ثوبين فكفنوني فيهما، قلت: إن هذا خلق، قال: إن الحي أحق بالجديد من الميت إنما هو للمهلة، فلم يتوف حتى أمسى من ليلة الثلاثاء، ودفن قبل أن يصبح)) .

وكان آخر ما تكلم به أبو بكر رضي الله عنه: رب توفني مسلماً وألحقني بالصالحين، وتوفي بين المغرب والعشاء من ليلة الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة من الهجرة، فكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر وعشر ليال، وكان عمره ثلاثاً وستين سنة.

وغسلته زوجته أسماء بنت عميس بوصية منه، وابنه عبد الرحمن يصب عليه الماء، وكفن وحمل على السرير الذي حمل عليه رسول الله، وصلى عليه عمر رضي الله عنه في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاه المنبر، ودفن ليلة الثلاثاء إلى جنب رسول الله عليه الصلاة والسلام وألصقوا لحده بلحده، ودخل قبره عمر وعثمان وطلحة وعبد الرحمن ابنه رضي الله عنهم، وكان أبوه أبو قحافة حياً بمكة، فلما نعي إليه قال: رزء جليل، وعاش بعده ستة أشهر وأياماً، وتوفي في المحرم سنة أربع عشرة بمكة وهو ابن سبع وتسعين سنة رضي الله عنهما.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت يناير 25, 2025 9:52 am 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 10139

الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص: 142 - 145)

ذكر وفاة عمر رضي الله عنه

روى أبو بكر بن أبي شيبة في ((مسنده)) من حديث معدان بن أبي طلحة: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قام يوم الجمعة خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه، ثم ذكر نبي الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه.

ثم قال: أيها الناس إني قد رأيت رؤيا كأن ديكاً أحمر نقرني نقرتين ولا أراه ذلك إلا لحضور أجلي، وإن ناساً يأمرون أن أستخلف، وإن الله لم يكن يضيع دينه وخلافته، والذي بعث به نبيه، فإن عجل بي أمر فالخلافة شورى بين هؤلاء الرهط الستة الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، فأيهم بايعوا، فاسمعوا له وأطيعوا.

وذكر كلاماً طويلاً، قال: ((فخطب بها عمر رضي الله عنه يوم الجمعة، وأصيب يوم الأربعاء)) .

وروى البخاري في ((الصحيح)) من حديث عمرو بن ميمون قال: ((إني لقائم ما بيني وبين عمر إلا عبد الله بن عباس حذاءه غداة أصيب، وكان إذا مر بين الصفين قال: استووا، حتى إذا لم ير فيهم خللاً تقدم فكبر، وربما قرأ سورة يوسف والنحل، أو نحو ذلك في الركعة الأولى، حتى يجتمع الناس، فما هو إلا أن كبر فسمعته يقول: قتلني أو أكلني الكلب حين طعنه أبو لؤلؤة غلام المغيرة، وصار العلج بسكين ذات طرفين لا يمر على أحد يميناً وشمالاً إلا طعنه، حتى طعن ثلاثة عشر رجلاً، مات منهم سبعة، فلما رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه برنساً، فلما ظن العلج أنه مأخوذ نحر نفسه، وتناول عمر رضي الله عنه يد عبد الرحمن ابن عوف فقدمه، فمن يلي عمر قد رأى الذي رأيت، وأما أواخر المسجد فإنهم لا يدرون، غير أنهم قد فقدوا صوت عمر وهم يقولون: سبحان الله سبحان الله.

فصلى بهم عبد الرحمن بن عوف صلاة خفيفة، فلما انصرفوا قال: يا ابن عباس، انظر من قتلني؟ فجال ساعة ثم جاء فقال: غلام المغيرة، قال الصانع؟ قال: نعم، قال: قاتله الله، لقد أمرت به معروفاً، وقال: الحمد الله الذي لم يجعل منيتي على يد رجل يدعي الإسلام، واحتمل إلى بيته، فانطلقنا معه وكأن الناس لم تصبهم مصيبة قبل ذلك.

فقائل يقول: لا بأس، وقائل يقول: أخاف عليه، فأتي بنبيذ فشربه، فخرج من جوفه ثم أتي بلبن فشربه فخرج من جوفه، فعرفوا أنه ميت، فدخلنا عليه وجاء الناس يثنون عليه، وجاء شاب فقال: أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله لك في صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقدمك في الإسلام ما قد علمت، ثم وليت فعدلت، ثم الشهادة، قال: وددت أن ذلك كان كفافاً لا علي ولا لي، فلما أدبر رأى رداءه يمس الأرض، قال: ردوا علي الغلام، قال: يا ابن أخي، ارفع ثوبك فإنه أتقى لربك وأنقى لثوبك، يا عبد الله بن عمر، انظر ما علي من الدين، فحسبوه فوجدوه ستة وثمانين ألفاً أو نحوه، قال: إن وفى له مال آل عمر، فأده من أموالهم، وإلا فاسأل في بني عدي بن كعب فإن لم تف أموالهم فاسأل في قريش ولا تعدهم إلى غيرهم، انطلق إلى عائشة أم المؤمنين فقل: يقرأ عمر عليك السلام -ولا تقل أمير المؤمنين فإني لست اليوم للمؤمنين أميراً- وقل: يستأذن عمر ابن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه، فسلم واستأذن، ثم دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي، فقال: يقرأ عليك السلام عمر بن الخطاب ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه، فقالت: كنت أريده لنفسي ولأوثرنه به اليوم على نفسي، فلما أقبل قيل: هذا عبد الله بن عمر قد جاء، قال: ارفعوني، فأسنده رجل إليه فقال: ما لديك؟ قال: الذي تحب يا أمير المؤمنين، أذنت، فقال: الحمد لله، ما كان أهم إلي من ذلك، فإذا أنا قبضت فاحملوني، ثم سلم وقل: يستأذن عمر بن الخطاب، فإن أذنت لي فأدخلوني، وإن ردتني ردوني إلى مقابر المسلمين.

وجاءت أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها والنساء معها، فلما رأينها قمنا، فولجت عليه فبكت عنده ساعة، واستأذن الرجال فولجت داخلاً لهم، فسمعنا بكاءها من داخل، فقالوا: أوص يا أمير المؤمنين، استخلف، قال: ما أجد أحداً أولى وأحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر -أو الرهط- الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، فسمى علياً وعثمان والزبير وطلحة وسعداً وعبد الرحمن بن عوف، وقال: أشهد يا عبد الله بن عمر ليس لك من الأمر شيء، وأوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين، أن يعرف لهم حقهم، ويحفظ لهم حرمتهم، وأوصيه بالأنصار خيراً، الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم، أن يقبل من محسنهم، وأن يعفو عن مسيئهم، وأوصيه بأهل الأمصار خيراً، فإنهم ردء الإسلام وجباة المال وغيظ العدو، ولا يأخذ منهم إلا فضلهم عن رضاهم، وأوصيه بالأعراب خيراً، فإنهم أصل العرب ومادة الإسلام، أن يأخذ من حواشي أموالهم، ويرد على فقرائهم، وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم، أن يوفي لهم بعهدهم، وأن يقاتل من ورائهم، ولا يكلفوا إلى طاقتهم.

فلما قبض رضي الله عنه، خرجنا به فانطلقنا نمشي، فسلم عبد الله بن عمر وقال: يستأذن عمر بن الخطاب، قالت: أدخلوه، فأدخل موضعاً هناك مع صاحبيه)) .

قلت: وباع عبد الله بن عمر داراً لعمر بن الخطاب ومالاً له بالغابة، ثم قضى دين أبيه، وكانت وفاته رضي الله عنه يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة، وكانت خلافته عشر سنين كوامل وستة أشهر وأربعة أيام، وكان سنه ثلاثاً وستين سنة، وصلى عليه صهيب وجاه المنبر ودفن مع النبي صلى الله عليه وسلم.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء فبراير 04, 2025 6:17 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 10139
الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص: 145)

وروى البخاري في ((الصحيح)) من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: وضع عمر رضي الله عنه على سريره، فكنفه الناس يدعون ويصلون قبل أن يرفع وأنا فيهم، فلم يرعني إلا رجل أخذ منكبي، فإذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فترحم على عمر وقال: ما خلت أحداً أحب أن ألقى الله بمثل عمله منك، وايم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك لأني كنت أسمع كثيراً رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر)) .

وروي أن عائشة رضي الله عنها لما دفن عمر رضي الله عنه، لبست ثيابها الدرع والخمار والإزار، وقالت: ((إنما كان أبي وزوجي، فلما دخل معهما غيرهما لزمت ثيابي)) .

وأخبرني يحيى بن أبي الفضل السعدي قال: أخبرنا أبو محمد الفقيه، قال أخبرنا أبو الحسن الشافعي، قال أخبرنا أبو عبد الله بن المنهال، أخبرنا أبو العباس الرازي، أخبرنا أبو الزنباع، حدثنا عمر بن خالد، حدثنا أبو بكر بن مضر، عن عمرو بن الحارث، عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يخبر عن عائشة رضي الله عنها: ((أنها رأت في المنام أنه سقط في حجرها -أو بحجرتها- ثلاثة أقمار، فذكرت ذلك لأبي بكر فقال: خير)) .

قال يحيى بن سعيد: فسمعت بعد ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما توفي فدفن في بيتها، قال أبو بكر: هذا أحد أقمارك يا بنية، وهو خيرها.

_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد فبراير 23, 2025 1:22 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 10139

الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص: 145 - 146)

أنبأنا أبو القاسم الصموت، عن الحسن بن أحمد، عن أحمد بن عبد الله، عن جعفر بن محمد، أخبرنا أبو يزيد، حدثنا الزبير، حدثنا محمد بن الحسن، عن عبد العزيز بن محمد، عن أنيس بن أبي يحيى، قال: لقي رسول الله جنازة في بعض سكك المدينة، فسأل عنها، فقالوا: فلان الحبشي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سيق من أرضه وسمائه إلى التربة التي خلق منها)) .

قلت: فعلى هذا طينة النبي صلى الله عليه وسلم التي خلق منها من المدينة، وطينة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما من طينة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه منزلة رفيعة.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين فبراير 24, 2025 8:58 am 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 10139

الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص: 146)

وروي عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم قال: دخلت على عائشة رضي الله عنها، فاطلعت على قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر أبي بكر وعمر، فرأيت عليها حصباء حمراء)) .

وروي عن هارون بن موسى العروبي قال: سمعت جدي أبا علقمة يسأل: كيف كان الناس يسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يدخل البيت في المسجد؟.
فقال: كان الناس يقفون على باب البيت يسلمون، وكان الباب ليس عليه غلقٌ حتى ماتت عائشة رضي الله عنها.

قال أهل السير: وكان الناس يأخذون من تراب قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فأمرت عائشة رضي الله عنها بجدار فضرب عليهم.

وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما زلت أضع خماري وأنفصل عن ثيابي حتى دفن عمر، فلم أزل متحفظة في ثيابي حتى بنيت بيني وبين القبور جداراً.

قلت: وقبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه في صفة بيت عائشة رضي الله عنها.

قال أهل السير: وفي البيت موضع قبر في الجهة الشرقية، قال سعيد بن المسيب: فيه يدفن عيسى بن مريم عليه السلام مع النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما، ويكون قبره الرابع.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء فبراير 26, 2025 9:00 am 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 10139

الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص: 146 - 152)

واختلف الرواة في صفة قبورهم؟

فأخبرنا أبو القاسم بن كامل إذناً، عن أبي علي المقريء، عن أبي نعيم الأصبهاني، عن أبي محمد الخلدي، حدثنا الزبير بن بكار، حدثنا محمد بن الحسن، حدثنا إسحاق بن عيسى، عن عثمان بن نسطاس قال: رأيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم لما هدم عمر بن عبد العزيز عنه البيت مرتفعاً نحواً من أربع أصابع، عليه حصباء إلى الحمرة مائلة، ورأيت قبر أبي بكر رضي الله عنه وراء قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ورأيت قبر عمر رضي الله عنه أسفل منه وصوره لنا هكذا:

قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
قبر أبي بكر رضي الله عنه.
قبر عمر رضي الله عنه.

وبالإسناد، حدثنا محمد بن الحسن، حدثني إسماعيل بن عبد الرحمن، عن أبيه عبد الله بن بكر، عن عمرة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: رأس النبي صلى الله عليه وسلم مما يلي المغرب، ورأس أبي بكر رضي الله عنه عند رجلي النبي صلى الله عليه وسلم، وعمر رضي الله عنه خلف ظهر النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه صفته:

قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
قبر أبي بكر رضي الله عنه.
قبر عمر رضي الله عنه.

وروي عن نافع بن أبي نعيم، أن صفة قبر النبي صلى الله عليه وسلم أمامهما إلى القبلة مقدماً، ثم قبر أبي بكر رضي الله عنه حذاء منكب النبي صلى الله عليه وسلم، وقبر عمر رضي الله عنه حذاء منكب أبي بكر رضي الله عنه، وهذه صفته:

قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
قبر أبي بكر رضي الله عنه.
قبر عمر رضي الله عنه.

وبالإسناد المتقدم، حدثنا محمد بن الحسن، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن عمرو بن عثمان بن هانئ، عن القاسم بن محمد، قال: دخلت على عائشة رضي الله عنها فقلت: يا أماه أريني قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضوان الله عليهما، فكشفت لي عن قبورهم، فإذا هي لا مرتفعة ولا لاطئة، مبطوحة ببطحاء حمراء من بطحاء العرصة، وإذا قبر النبي صلى الله عليه وسلم أمامهما، ورجلا أبي بكر رضي الله عنه عند رأس النبي صلى الله عليه وسلم، ورأس عمر رضي الله عنه عند رجلي أبي بكر رضي الله عنه، وصفة ذلك كما يأتي:

قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
قبر أبي بكر رضي الله عنه.
قبر عمر رضي الله عنه.

وروي عن عبد الله بن محمد بن عقيل، قال: خرجت في ليلة مطيرة إلى المسجد، حتى إذا كنت عند دار المغيرة بن شعبة، لقيتني رائحة لا والله ما وجدت مثلها، فجئت المسجد فبدأت بقبر النبي صلى الله عليه وسلم فإذا جداره قد انهدم، فدخلت فسلمت على النبي صلى الله عليه وسلم ومكثت فيه ملياً، فإذا قبر رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقبر أبي بكر رضي الله عنه عند رجليه، وقبر عمر رضي الله عنه عند رجلي أبي بكر رضي الله عنهما، وعليها من حصباء المسجد من حصباء العرصة، وهذه صفته:

قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
قبر أبي بكر رضي الله عنه.
قبر عمر رضي الله عنه.

وروى المنكدر بن محمد عن أبيه قال: قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا، وقبر أبي بكر رضي الله عنه خلفه، وقبر عمر رضي الله عنه عند رجلي النبي صلى الله عليه وسلم وهذه صفته:

قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
قبر أبي بكر رضي الله عنه.
قبر عمر رضي الله عنه.

قلت: ذكر أهل السير أن جدار حجرة النبي صلى الله عليه وسلم الذي يلي موضع الجنائز سقط في زمان عمر بن عبد العزيز، فظهرت القبور الشريفة، فما رؤى بكاء في يوم مثل ذلك اليوم، فأمر عمر بقباطي فخيطت، ثم ستر الموضع بها، وأمر ابن وردان أن يكشف عن الأساس، فبينما هو يكشف إذ رفع يده وتنحى، فقام عمر بن عبد العزيز فزعاً، فرأى قدمين وراء الأساس وعليهما الشعر، فقال عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر وكان حاضراً: أيها الأمير لا يروعنك، فهما قدما جدي عمر بن الخطاب ضاق البيت عنه فحفر له في الأساس، فقال: يا ابن وردان أن غط ما رأيت، ففعل.

وروى البخاري في ((الصحيح)) من حديث هشام بن عروة عن أبيه قال: لما سقط عنهم الحائط في زمان الوليد بن عبد الملك أخذوا في بنيانه، فبدت لهم قدمٌ، ففزعوا وظنوا أنها قدم النبي صلى الله عليه وسلم، فما وجدوا أحداً يعلم ذلك حتى قال لهم عروة: لا والله ما هي قدم النبي صلى الله عليه وسلم ما هي إلا قدم عمر رضي الله عنه.

قالوا: وأمر عمر أبا حفصة مولى عائشة رضي الله عنها وناساً معه فبنوا الجدار، وجعلوا فيه كوة، فلما فرغوا منه ورفعوه، دخل مزاحم مولى عمر فرفع ما سقط على القبر من التراب والطين ونزع القباطي. قالوا: وباب البيت الذي دفنوا فيه شامي.

قلت: وبنى عمر بن عبد العزيز على حجرة النبي صلى الله عليه وسلم حاجزاً من سقف المسجد إلى الأرض، وصارت الحجرة في وسطه، وهو على دورانها.

ولما ولي المتوكل الخلافة، أمر إسحاق بن سلمة وكان على عمارة مكة والمدينة من قبله بأن يأزر الحجرة بالرخام من حولها، ففعل ذلك وبقي الرخام عليها إلى سنة ثمان وأربعين وخمسمائة من خلافة المقتفي، فجدد تأزيرها جمال الدين وزير بني زنكي، وجعل الرخام حولها قامة وبسطة، وجعل لها شباكاً من خشب الصندل والأبنوس، وأداره حولها ما يلي السقف.

قيل: إن أبا الغنايم النجار البغدادي عمله أروانكاً، وفي دورانه مكتوب على أقطاع الخشب الأروانك سورة الإخلاص صنعة بديعة.

ولم تزل الحجرة على ذلك حتى عمل لها الحسين بن أبي الهيجاء صهر الصالح وزير الملوك المصريين ستارة ديبقية بيضاء، وعليها الطرز والجامات المرقومة بالإبريسم الأصفر والأحمر، وخيطها وأدار عليها زناراً من الحرير الأحمر، والزنار مكتوب عليه سورة يس بأسرها.

قيل: إنه غرم على هذه الستارة مبلغاً عظيماً من المال، وأراد تعليقها على الحجرة، فمنعه قاسم بن مهنا الأمير على المدينة، وقال: حتى يستأذن الإمام المستضيء بأمر الله، فبعث إلى العراق يستأذن في تعليقها، فجاء الإذن في ذلك فعلقها نحو العامين، ثم جاءت من الخليفة ستارة من الإبريسم البنفسجي عليها الطرز والجامات البيض المرقومة، وعلى دوران جاماتها مكتوب بالرقم: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وعلى طرازها اسم الإمام المستضيء بأمر الله، فشيلت تلك ونفذت إلى مشهد علي بن أبي طالب بالكوفة، فعلقت هذه عوضها.

فلما ولي الإمام الناصر لدين الله، أرسل ستارة أخرى من الإبريسم الأسود وطرزها وجاماتها من الإبريسم الأبيض، فعلقت فوق تلك، فلما حجت الجهمة أم الخليفة وعادت إلى العراق، عملت ستارة من الإبريسم الأسود أيضاً على شكل المذكورة، فأنفذتها فعلقت على هذه.

ففي يومنا هذا على الحجرة الشريفة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام والرحمة ثلاث ستائر بعضهن على بعض، وفي سقف المسجد الذي بين القبلة والحجرة على رأس الزوار إذا وقفوا- معلق نيف وأربعون قنديلاً كباراً وصغاراً من الفضة المنقوشة والساذجة، وفيها اثنان من البلور واحد ذهب، وفيها قمر من فضة مغموس في الذهب، وهذه تنفذ من البلدان من الملوك وأرباب الحشمة والأموال.

واعلم أن على حجرة النبي صلى الله عليه وسلم عليها ثوب مشمع مثل الخيمة، وفوقه سقف المسجد، وفيه خوخة عليها ممرق مقفل، وفوق الخوخة في سقف السطح خوخة أخرى فوق تلك الخوخة وعليها ممرق مقفل أيضاً.،

وحولها في سطح المسجد حظيرة مبنية بالآجر والجص يمين الحجرة عن السطح بقليل، وبين سقف المسجد وبين سقف السطح فراغ نحو الذراعين وعليه شبابيك حديد ترمي الضوء من رحبة المسجد، وتشال إذا أرادوا الدخول إلى هناك لأجل تعليق سلاسل القناديل وحبال الأبارير لأجل العمارة في المسجد.
وهذه صفة الحجز الذي بناه عمر بن عبد العزيز والحجرة في وسطه، ومن الحجرة إلى المقصورة تسع عشرة ذراعاً، ومن الركن الغربي إلى المسمار الفضة الذي هو مقابل وجه النبي صلى الله عليه وسلم خمس أذرع، وصفة ذلك وصورته هكذا:

صفة الحاجز الذي بناه عمر بن عبد العزيز والحجرة الشريفة في وسطه.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء فبراير 26, 2025 10:05 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 10139

الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص: 153)

واعلم أنه في سنة ثمان وأربعين وخمسمائة، سمعوا صوت هدةٍ في الحجرة الشريفة، وكان الأمير قاسم بن مهنا الحسيني، فأخبروه بالحال فقال: ينبغي أن ينزل شخص إلى هناك ليبصر ما هذه الهدة، وافتكروا في شخص يصلح لذلك، فلم يجدوا إلا عمر النسائي، شيخٌ من شيوخ الصوفية بالموصل، وكان مجاوراً بالمدينة فذكروا ذلك له، فذكر أن به فتقاً والريح والبول تحوجه إلى الغائط مراراً، فألزموه، فقال: أمهلوني حتى أروض نفسي، وقيل: إنه امتنع من الأكل والشرب، وسأل الله بجاه النبي صلى الله عليه وسلم إمساك المرض عنه بقدر ما يبصر ويخرج، ثم إنهم أنزلوه في الحبال من الخوخة إلى الحظير الذي بناه عمر، ودخل منه إلى الحجرة معه شمعة يستضيء بها، فرأى شيئاً من طين السقف قد وقع على القبور، فأزاله وكنس التراب بلحيته، وقيل: إنه كان مليح الشيبة، وأمسك الله عز وجل ذلك الداء بقدر ما خرج من الموضع وعاد إليه، وهذا ما سمعته من أفواه جماعة، والله أعلم بحقيقة الحال في ذلك.

وفي شهر ربيع الآخر من سنة أربع وخمسين وخمسمائة في أيام قاسم أيضاً، وجد من الحجرة رائحة منكرة وكثر ذلك، حتى ذكروه للأمير، فأمرهم بالنزول إلى هناك، فنزل بيان الأسود الخصي أحد خدم الحجرة الشريفة، ومعه الصفي الموصلي متولي عمارة المسجد، ونزل معهما هارون الشاوي الصوفي بعد أن سأل الأمير في ذلك وبذل له جملة من المال، فلما نزلوا وجدوا هراً قد هبط ومات وجاف، فأخرجوه، وكان في الحاجز بين الحجرة والمسجد، وكان نزولهم يوم السبت الحادي عشر من ربيع الآخر، ومن ذلك التاريخ إلى يومنا هذا لم ينزل أحد إلى هناك، والله أعلم.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد إبريل 06, 2025 2:25 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 10139

الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص: 155 - 158)

الباب السادس عشر في ذكر فضل زيارة النبي صلى الله عليه وسلم

أخبرنا يحيى بن أبي الفضل الصوفي، أخبرنا أبو محمد الفقيه، أخبرنا أبو الحسن المصري، أنبأنا أبو النعمان العسقلاني، حدثنا أبو الحسن الدارقطني، حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد، حدثنا أبو محمد العبادي، حدثنا مسلمة بن سالم، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من جاءني زائراً لم تنزعه حاجة إلا زيارتي كان حقاً علي أن أكون شفيعاً له يوم القيامة)) .

وبالإسناد حدثنا الدارقطني، حدثنا الحسين بن إسماعيل، حدثنا عبيد بن محمد الوراق، حدثنا موسى بن هلال، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من زار قبري وجبت له شفاعتي)) .

أنبأنا سعيد بن أبي سعيد النيسابوري، أنبأنا إبراهيم بن محمد المؤدب، أخبرنا إبراهيم بن محمد، حدثنا محمد بن محمد بن مقاتل، حدثنا جعفر بن هارون، حدثنا إسماعيل بن المهدي، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من زارني ميتاً فكأنما زارني حياً، ومن زار قبري وجبت له شفاعتي يوم القيامة، وما من أحد من أمتي له سعة ثم لم يزرني فليس له عذر)) .

وروي عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من لم يزر قبري فقد جفاني)) .


أنبأنا عبد الرحمن بن علي، أنبأنا أبو الفضل الحافظ، عن أبي علي الفقيه، أنبأنا أبو القاسم الأزهري، أنبأنا القاسم بن الحسن، حدثنا الحسن بن الطيب، حدثنا علي بن حجر، حدثنا حفص بن سليمان، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من حج فزار قبري بعد موتي كان كمن زارني في حياتي وصحبني)) .

أخبرنا أبو أحمد الكاتب، أنبأنا أبو بكر الأنصاري، أنبأنا أبو محمد الجوهري، أنبأنا أبو بكر بن الشخير، حدثنا أحمد بن محمد بن العباس، حدثنا أحمد بن علي الحراني، حدثنا العلاء بن عمرو الحنفي، حدثنا محمد بن مروان، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صلى علي عند قبري سمعته، ومن صلى علي غائباً بلغته)) .

أنبأنا أبو الحسن الشافعي، أنبأنا أبو محمد الفقيه، أنبأنا علي بن الحسن، أنبأنا الحسين بن محمد، حدثنا إسماعيل بن يعقوب، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي حدثنا مسدد، حدثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان قال: حدثني عبد الله بن السائب، عن زاذان، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن لله عز وجل سياحين يبلغوني عن أمتي السلام)) .

أخبرنا أبو طاهر الصوفي، أنبأنا أبو القاسم بن الحصين، أنبأنا أبو علي بن المذهب، أنبأنا أبو بكر القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الله بن يزيد، حدثنا حيوة، حدثني أبي صخر، أن يزيد بن عبد الله بن قسيط أخبره، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام)) .

أنبأنا يحيى بن بوش، عن أبي علي الحداد، عن أبي نعيم، عن جعفر الخلدي، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن، حدثنا الزبير، حدثنا محمد بن الحسن، عن عبد العزيز بن محمد، عن محمد بن يزيد المهاجر، عن المقبري، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن عيسى بن مريم مار بالمدينة حاجاً أو معتمراً، ولئن سلم علي لأردن عليه)) .

أنبأنا يحيى بن الحسين المقري، أخبرنا المبارك بن الحسن العطار، أنبأنا أبو بكر الخياط، أنبأنا أبو عمر العلاف، حدثنا الحسين بن صفوان، حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثنا محمد بن الحسين، أخبرنا قتيبة، حدثنا ليث بن سعد عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن نبيه بن وهب أن كعب الأحبار قال: ما من فجر يطلع إلا نزل سبعون ألفاً من الملائكة حتى يحفوا بالقبر يضربون بأجنحتهم ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم، حتى إذا أمسوا عرجوا وهبط مثلهم فصنعوا مثل ذلك، حتى إذا انشقت الأرض خرج في سبعين ألفاً من الملائكة يوقرونه صلى الله عليه وسلم.

وروي أن عمر بن عبد العزيز كان يبرد البريد من الشام يقول: سلم لي على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أنبأنا يحيى بن الحسين الأواني، أنبأنا أبو الكرم بن الشهروزي، أنبأنا أبو بكر بن الخياط، أنبأنا أبو عمر بن دوست، حدثنا الحسين بن صفوان حدثنا ابن أبي الدنيا، أخبرنا سعيد بن عثمان الجرجاني، أنبأنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك قال: سمعت بعض من أدركت يقول: بلغنا أنه من وقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فتلا هذه الآية {إن الله وملائكته يصلون على النبي} وقال: صلى الله عليك يا محمد، حتى يقولها سبعين مرة، ناداه ملك: صلى الله عليك يا فلان لم تسقط لك حاجة.
وبالإسناد: حدثنا ابن أبي فديك، قال: أخبرني عمر بن حفص أن ابن أبي مليكة كان يقول: من أحب أن يقوم وجاه النبي صلى الله عليه وسلم، فليجعل القنديل الذي في القبلة عند القبر على رأسه.

وروى جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن جده رضي الله عنهم، أنه كان إذا جاء يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، وقف عند الأسطوانة التي مما يلي الروضة فسلم، ثم يقول: هاهنا رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قلت: واليوم هناك علامة واضحة وهي مسمار من فضة في حائط حجرة النبي صلى الله عليه وسلم إذا قابله الإنسان كان القنديل على رأسه، فقابل وجه النبي صلى الله عليه وسلم ويسلم عليه، ثم يتقدم عن يمينه قليلاً ويسلم على أبي بكر رضي الله عنه، ثم يتقدم قليلاً فيسلم على عمر رضي الله عنه،ثم يعود ويجعل الحجرة على يساره ويستقبل القبلة ويدعو الله تعالى بما أحب.

يقول العبد الفقير - حتى لا أحرم-والجمهور طبعا على استقبال قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند الدعاء.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء إبريل 08, 2025 7:05 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 10139

الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص: 158 - 161)

أنبأنا أبو الفرج بن علي الفقيه، أنبأنا عمر بن ظفر، أنبأنا جعفر بن أحمد، أنبأنا عبد العزيز بن علي، حدثنا أبو الحسن الهمداني، حدثني محمد بن حبان، قال: سمعت إبراهيم بن شيبان يقول: حججت في بعض السنين فجئت المدينة فتقدمت إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه، فسمعت من داخل الحجرة: وعليك السلام.

أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الحسن في كتابه، أخبرنا أبو الفرج بن أحمد، أخبرنا أحمد بن نصير، أخبرنا محمد بن القاسم، سمعت علي بن غالب الصوفي، يقول: سمعت إبراهيم بن محمد المزكي يقول: سمعت أبا الحسن الفقيه يحكي عن الحسن بن محمد، عن ابن فضيل النحوي، عن محمد بن روح، عن محمد بن حرب الهلالي قال: دخلت المدينة فأتيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء أعرابي فزاره ثم قال: يا خير المرسلين إن الله عز وجل أنزل كتاباً عليك صادقاً قال فيه: {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً} ، وإني جئتك مستغفراً إلى ربي من ذنوبي مستشفعاً بك، ثم بكى وأنشأ يقول:
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه ... فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبرٍ أنت ساكنه ... فيه العفاف وفيه الجود والكرم
أنت النبي الذي ترجى شفاعته ... عند الصراط إذا ما زلت القدم
ثم استغفر وانصرف، فرقدت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الحق بالرجل فبشره بأن الله عز وجل قد غفر له بشفاعتي.

أنبأنا ذاكر بن كامل بن أبي غالب الخفاف -فيما أذن لي في روايته عنه-، قال: كتب إلي أبو علي الحداد، عن أبي نعيم الأصبهاني قال: أنبأنا جعفر بن محمد بن نصير، أخبرنا أبو يزيد المخزومي، أخبرنا الزبير بن بكار، حدثنا محمد بن الحسن، حدثني غير واحد منهم: عن عبد العزيز بن أبي حازم، عن عمر بن محمد، أنه لما كان أيام الحرة ترك الأذان في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام، وخرج الناس إلى الحرة، وجلس سعيد بن المسيب في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فاستوحشت، فدنوت من قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فلما حضرت الصلاة، سمعت الأذان في قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فصليت ركعتين، ثم سمعت الإقامة فصليت الظهر، ثم جلست حتى أصلي العصر، فسمعت الأذان في قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ثم سمعت الإقامة. ثم لم أزل أسمع الأذان والإقامة في قبره صلى الله عليه وسلم حتى مضت الثلاث، وقفل القوم ودخلوا مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعاد المؤذنون فأذنوا، فتسمعت الأذان في قبره صلى الله عليه وسلم، فلم أسمعه، فرجعت إلى مجلسي الذي كنت فيه أكون.

أنبأنا عبد الرحمن بن علي، أنبأنا أبو الفضل الفارسي، عن أبي بكر الشيرازي، أخبرنا محمد بن الحسين، سمعت أبا الخير الأقطع يقول: دخلت مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم وأنا بفاقة، فبقيت خمسة أيام ما ذقت ذواقاً، فتقدمت إلى القبر وسلمت على النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وقلت: أنا ضيفك الليلة يا رسول الله، وتنحيت فنمت، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وأبو بكر عن يمينه وعمر عن شماله، وعلي بين يديه، فحركني علي وقال لي: قم، قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فقمت إليه وقبلت بين عينيه، فدفع إلي رغيفاً فأكلت نصفه، وانتبهت وفي يدي النصف الآخر.

أخبرنا عبد الوهاب بن علي، أخبرتنا فاطمة بنت أبي حكيم -إن لم يكن سماعاً فإجازة-، أنبأنا أبو منصور بن الفضل، أخبرنا أبو عبد الله الكاتب، أخبرنا ابن المغيرة، حدثنا أحمد بن سعيد الدمشقي، حدثنا الزبير بن بكار، أخبرنا السري بن الحارث، عن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير -وكان مصعب يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة ويصوم الدهر- قال: بت ليلة في المسجد بعد ما خرج الناس منه، فإذا برجل قد جاء إلى بيت الله صلى الله عليه وسلم، ثم أسند ظهره إلى الجدار، ثم قال: اللهم إنك تعلم أني كنت أمس صائماً، ثم أمسيت فلم أفطر على شيء، اللهم إني أمسيت أشتهي الثريد فأطعمنيه من عندك.
قال: فنظرت إلى وصيفٍ داخل من خوخة المنارة، ليس في خلقة وصفاء الناس، معه قصعة فأهوى بها إلى الرجل، فوضعها بين يديه وجلس الرجل يأكل وحصبني، فقال: هلم، فجئته وظننت أنها من الجنة، فأحببت أن آكل منها لقمة، فأكلت طعاماً لا يشبه طعام أهل الدنيا، ثم احتشمت فقمت فرجعت لمجلسي، فلما فرغ من أكله، أخذ الوصيف القصعة ثم أهوى راجعاً من حيث جاء، وقام الرجل منصرفاً فتبعته لأعرفه، فلا أدري أين سلك، فظننته الخضر عليه السلام.

وروى أن امرأة من المتعبدات جاءت عائشة رضي الله عنها فقالت: اكشفي لي عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فكشف لها فبكت حتى ماتت.

أنشدني بعض مشايخي -رحمه الله- لبعض زوار النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
أتيتك زائراً ووددت أني ... جعلت سواد عيني أمتطيه
ومالي لا أسير على الأماقي ... إلى قبر رسول الله فيه

وأنشدني عبد الوهاب بن علي، قال: أنشدنا أبو عبد الله محمد بن محمد الأديب لنفسه من قصيدة يتشوق فيها إلى الحج وإلى زيارة النبي صلى الله عليه وسلم:
أجن مشتاقاً ولولا جوى ... أملك بي مني لم أطرب
وكل عام أتمنى المنى ... وهن قد سوفن بالوعد بي
وليس في القلب سوى وقفة ... في حرم المدفون في يثرب


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس إبريل 10, 2025 10:01 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 10139

الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص: 163 - 164)

الباب السابع عشر في ذكر البقيع وفضله

أنبأنا القاسم بن علي، أخبرنا أبو محمد الداراني، أخبرنا أبو الفرج الإسفراييني، أخبرنا محمد بن الحسين، أخبرنا أبو طاهر القاضي، أنبأنا محمد بن عبدوس، حدثنا سعد بن زياد وأبو عاصم قالا: زعم نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهما قال: حدثتني أم قيس بنت محصن قالت: لو رأيتني ورسول الله صلى الله عليه وسلم آخذ بيدي في سكة المدينة حتى انتهى إلى بقيع الغرقد، فقال: يا أم قيس، قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك، قال: ((ترين هذه المقبرة)) ؟ قلت: نعم يا رسول الله، قال: ((يبعث منها يوم القيامة سبعون ألفاً على صورة القمر ليلة البدر يدخلون الجنة بغير حساب)) .

أخبرنا محمد بن أبي القاسم السوسي، أخبرنا جدي أبو محمد، أخبرنا أبو الحسن الربيعي إجازة، أخبرنا عبد الوهاب بن جعفر، حدثنا أبو هاشم الإمام، أخبرنا معاوية بن محرز، حدثنا الحسن بن جرير المنصوري، حدثنا محمد بن عثمان، حدثنا أبي عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((أنا أول من تنشق الأرض عنه، فأكون أول من يبعث فأخرج أنا وأبو بكر وعمر إلى أهل البقيع فيبعثون، ثم يبعث أهل مكة فأحشر بين الحرمين)) .
أنبأنا أبو القاسم ابن كامل، عن أبي علي الحداد، عن أبي نعيم الحافظ، عن أبي محمد الخلدي قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن، حدثنا الزبير بن بكار، حدثنا محمد بن الحسن، عن محمد، عن إسماعيل، عن حكام أبي عبد الله الشامي، عن أبي عبد الملك أنه حدثه حديثاً يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((مقبرتان تضيئان لأهل السماء كما يضيء الشمس والقمر لأهل الدنيا: مقبرتنا بالبقيع بقيع المدينة، ومقبرة بعسقلان)) .

وحدثنا محمد بن الحسن، عن عيسى بن عبد الله، عن أبيه قال: قال كعب الأحبار: نجدها في التوراة كفتة، محفوفة بالنخيل، موكلاً بها الملائكة، كلما امتلأت أخذوا بأطرافها فكفؤها في الجنة. قلت: يعني البقيع.

وحدثنا محمد بن الحسن بن عبد الله بن نافع، عن سليمان بن زيد، عن شعيب وأبي عبادة، عن أبي كعب القرظي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من دفناه في مقبرتنا هذه شفعنا له، أو شهدنا له)) .

وحدثنا محمد بن الحسن، عن محمد بن إسماعيل، عن داود بن خالد، عن المقبري، أنه سمعه يقول: قدم مصعب بن الزبير حاجاً أو معتمراً ومعه ابن رأس الجالوت فدخل المدينة من نحو البقيع، فلما مر بالمقبرة قال ابن رأس الجالوت: إنها لهي! قال مصعب: وما هي؟ قال: إنا نجد في كتاب الله صفة مقبرة شرقيها نخل وغربيها بيوت، يبعث منها سبعون ألفاً كلهم على صورة القمر ليلة البدر، فطفت مقابر الأرض فلم أر تلك الصفة حتى رأيت هذه المقبرة.

وحدثنا محمد بن الحسن، عن العلاء بن إسماعيل، عن عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه قال: أقبل ابن رأس الجالوت، فلما أشرف على البقيع قال: هذه التي نجدها في كتاب الله كفتة، لا أطؤها، قال: فانصرف عنها إجلالاً لها.

وروى مسلم في ((الصحيح)) من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما كانت ليلتي منه يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول: سلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون؛ اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد)) .


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة إبريل 11, 2025 9:03 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 10139

الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص: 165)

وروى في ((الصحيح)) أيضاً من حديثها قالت: لما كانت ليلتي التي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عندي، انقلب فوضع رداءه وخلع نعليه فوضعهما عند رجليه، وبسط طرف إزاره على فراشه واضطجع، فلم يلبث إلا بقدر ما ظن أنني قد رقدت، فأخذ رداءه وبدأ، وفتح الباب رويداً فخرج، ثم أجافه رويداً، فجعلت درعي في رأسي واختمرت وتقنعت إزاري، ثم انطلقت على أثره حتى جاء البقيع، فقام فأطال القيام، ثم رفع يده ثلاث مرات، ثم انحرف فانحرفت، فأسرع فأسرعت، فهرول فهرولت، فأحضر فأحضرت، فسبقته فدخلت، فليس إلا أن اضطجعت فدخل فقال: مالك يا عائشة حشياً رابياً؟! قالت: لا شيء، قال: لتخبرني أو ليخبرني اللطيف الخبير، فأخبرته، فقال: فأنت السواد الذي رأيت أمامي، قلت: نعم، فلهزني في صدري لهزة أوجعتني، ثم قال: أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله؟ قالت: قلت: مهما يكتمه الناس يعلمه الله عز وجل قال: نعم، قال: فإن جبريل أتاني حين رأيتني فناداني فأخفى منك، فأجبته، فأخفينا منك ولم يكن يدخل عليك وقد وضعت ثيابك، وظننت أن قد رقدت وكرهت أن أوقظك، وخشيت أن تستوحشي، فقال: إن ربك يأمرك أن تأتي إلى أهل البقيع فتستغفر لهم، قالت: قلت: كيف أقول يا رسول الله؟ قال: ((قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون)) .

واعلم أن أكثر الصحابة رضي الله عنهم مدفونون بالبقيع، وكذلك جميع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم سوى السيدة خديجة، فإنها بمكة مدفونة والسيدة ميمونة رضي الله عنهما.

وبالبقيع سادة من التابعين ومن بعدهم من الزهاد والعلماء والمشهورين إلا أن قبورهم لا تعرف في يومنا هذا، فمن حضرها وسلم على من بها، فقد أتى بالمقصود.

يتبع بمشيئة الله...


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 95 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 3, 4, 5, 6, 7  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 18 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط