موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 5 مشاركة ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: هل من أسماء الله الحسنى : الساتر أو الستير أو الستار ؟
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين سبتمبر 17, 2012 9:50 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء مايو 01, 2012 6:46 pm
مشاركات: 1195
اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على خير الخلق اجمعين سيدنا محمد و على اله و صحبه اجمعين

هل من أسماء الله الحسنى : الساتر أو الستير أو الستار ؟ وما هو الدليل الشرعي ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن إثبات الأسماء لله تعالى أمر توقيفي، فلا يسمى الله إلا بما سمى به نفسه، أو سماه به رسوله صلى الله عليه وسلم.
وأما عن الأسماء المذكورة في السؤال، فإن الساتر والستار لم يرد - فيما نعلم - ما يدل على أنها من أسماء الله تعالى.
وأما الستير، فقد روى أحمد وأبو داود والنسائي عن يعلى بن أمية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله حيي ستير يحب الحياء والستر" وصححه الألباني.
والله أعلم.

اسم الله الستير 1
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

من أسماء الله الحسنى: ( الستِّير ):

1 – ( الستّير ) وليس الستَّار:

أيها الإخوة الأكارم، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، وهو اسم ( الستير )، وقد يدور على ألسنة الناس اسم الستار، واسم الستار لم يرد لا في الكتاب ولا في السنة أما الذي ورد اسم ( الستير )، فقد ورد هذا الاسم في السنة، ولم يرد في القرآن مقروناً باسم الحَيِيّ، والاسم الحقيقي في هذا الموضوع اسم ( الستير )، وليس الستار.

2 – ورودُ اسم ( الستّير ) في السنة الصحيحة:

هذا الاسم ورد مطلقاً مُنَوّناً، مراد به العلمية، دالاً على كمال الوصف.
في الحديث الشريف الصحيح عَنْ يَعْلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَغْتَسِلُ بِالْبَرَازِ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ:

(( إِنّ اللهَ عزّ وَجَلّ حَلِيمٌ حَيّ سِتّيرٌ، يُحِبّ الحَيَاءَ والسّتْرَ، فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمُ فَلْيَسْتتِرْ ))

[ النسائي ]
وفي سنن البيهقي عن ابن عباس رضي الله عنه:

(( إن الله ستير يحب الستر ))

3 – لابد أن يكون السترُ من صفات المؤمن:

الله عز وجل يقول:

﴿ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾

( سورة الأعراف الآية: 180 )

ولا بد من وقفة عند كلمة: ﴿ فَادْعُوهُ بِهَا ﴾، يعني تقربوا إلى الله بالتخلق بالكمالات الإلهية، ويمكن أن تتقرب إلى الرحيم بأن تكون رحيماً، ويمكن أن تتقرب إلى العدل بأن تكون منصفاً، ويمكن أن تتقرب إلى ( الستير ) بأن تكون ستّيراً.

الإنسان بين طبع الفضائح وتكليف الستر:

ولا بد من التنويه إلى أن طبع الإنسان يقتضي الفضيحة، يستمتع في أن يذكر فضائح الناس، وأن يكشف عوراتهم، وأن يتندر بسقوطهم، والله عز وجل يقول:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ﴾

( سورة النور الآية: 19 )
الإنسان معه طبع، ومعه تكليف، الطبع يتناقض مع التكليف، طبعه يقتضي أن يبقى نائماً، مسترخياً، غارقاً في نوم لذيذ، والتكليف يقتضي أن يستيقظ ليصلي الفجر في جماعة.
عَن جُنْدَب بْن عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(( مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ فَلَا يَطْلُبَنَّكُمْ اللَّهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ فَيُدْرِكَهُ فَيَكُبَّهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ))

[ مسلم ]
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

(( لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا ))

[ متفق عليه]
إذاً: الطبع يقتضي أن أخوض في فضائح الناس، والتكليف يأمرني أن أستر، الستر يحتاج إلى إرادة، إلى قوة إرادة، معك قصة ممتعة جداً تسرّ الحاضرين، يتلهفون إليك، وتشرئب أعناقهم إليك، لكنك مؤمن، والمؤمن ستّير، فيسكت.
فلذلك هذا الذي يمشي مع طبعه، نقول له:

(( أَلَا إِنَّ عَمَلَ الْجَنَّةِ حَزْنٌ بِرَبْوَةٍ، ثَلَاثًا، أَلَا إِنَّ عَمَلَ النَّارِ سَهْلٌ بِسَهْوَةٍ ))

[ أحمد عن ابن عباس ]
قضية سهلة جداً، يسترخي، أيّ شيء يعرفه تكلم به، لكن: عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(( كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ ))

[ رواه مسلم ]
هناك إنسان وصل إلى شيء أذنه فينشره، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلمنا أن إنساناً يحدثك بحديث، ولم يقل لك: هذا الحديث أمانة، إطلاقاً، لكن سمع خطوة نعال وراءه فالتفت قلقاً، فالتفاتته القلقة تعني أن هذا الحديث بالأمانة، ما قال لك شيئاً، لكن رأيته قد أصابه قلق حينما سمع وقع خطوات وراءه، فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(( إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ بِالْحَدِيثِ، ثُمَّ الْتَفَتَ فَهِيَ أَمَانَةٌ ))

[ أبو داود والترمذي ]
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(( الْمَجَالِسُ بِالْأَمَانَةِ... ))

[ أبو داود وأحمد ]

الطبع في الإنسان يقتضي أن تنشر فضائح الناس، لذلك أعظم ما عند المؤمنين أنهم مجتمع ستّير، وأحقر ما في مجتمع الكفر أنه مجتمع فضائحي، أساسه الفضائح، والآن الإعلام أساسه الفضائح.

الفضائح إمّا مالية أو جنسية:

بالمناسبة: لو تتبعت فضائح أهل الدنيا من آدم إلى يوم القيامة لا تزيد الفضائح على موضوعين، فضيحة مالية، وفضيحة جنسية، وأنت حينما تحصن نفسك في موضوع المال وفي موضوع الجنس تكون في حصن حصين، وفي حرز حريز.
لذلك أيها الإخوة، الحديث الشريف:

(( إِنّ اللهَ عزّ وَجَلّ حَلِيمٌ حَيّ سِتّيرٌ، يُحِبّ الحَيَاءَ والسّتْرَ، فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمُ فَلْيَسْتتِرْ ))
والحديث الآخر:

(( إن الله ستير يحب الستر ))

أختك حدثتك عن مشكلة بينها وبين زوجها، والمجلس بالأمانة، فضحتها، وذكرتَ ذلك لأختها الثانية، والثالثة، والرابعة، ولأخواتها، ولأخيها، فإذا مشكلتها مع زوجها بين كل الناس، هذا ليس من صفات المؤمن.
إن الإنسان يمكن أن يتقرب إلى الله بكمال مشتق من كمال الله، الله ستّير، فالمؤمن يجب أن يكون ستّيراً.

معنى ( الستِّير ):

المعنى الأول:

أولاً: ( الستّير ) في اللغة على وزن فعيل، وهذه الصيغة من صيغ المبالغة، يستر مليون فضحية، ويستر أكبر فضيحة، صيغ المبالغة تأتي في الكم والنوع، الله غفار صيغة مبالغة، يغفر أكبر ذنب، ويغفر مليار ذنب، كماً ونوعاً، الستّير على وزن فعّيل، وهو من صيغ المبالغة، ومعنى ستر الشيء ؛ أخفاه.

الفرق بين السَّتر ـ بكسر السين ـ والسِّتر ـ بالفتح ـ:

ملاحظة: فرق بين السِتر، والسَتر، السَتر مصدر، ستر يستر ستراً، أما السِتر فهو اسم، هذه القماشة التي توضع على النافذة اسمها سِتر، وهناك فرق بين الاسم والمصدر، المصدر يدل على حدث، تماماً كشق يشق، الآن هذه العملية اسمها شَق، أما هذا الخط اسمه شِق، الله عز وجل يستر عباده.
أولاً: ( الستير ) من شأنه حب الستر والصون والحياء، وأساساً الله عز وجل جعل في الإنسان خصيصة، أن سرك لا يطلع عليه أحد، لا صديق، ولا قريب، ولا زوجة ولا ملِك، لذلك أعجب العجب ممن ستره الله عز وجل وهو يفضح نفسه، هذا يشيع بين الشباب والشابات بعد الزواج، تحدثه عن ماضيها، مَن سألكِ عن هذا ؟ وهو نوع من الحق، فإذا شك في ماضيها وقع النفور، أو يحدثها عن علاقاته السابقة، وحينما يبتعد الإنسان عن الله يسوقه الشيطان دون أن يشعر، مع أن الله عز وجل سترك.
حدثني أخ قال لي: إن إنسانا صالحا ذكر له بعضُ أصدقائه أنه زنى في وقت مضى، قال لي: والله مضى على هذه القصة ثلاثون عاماً، كلما نظرت إليه تذكرت أنه زنى.
الإنسان لا يغفر، فإذا وقع من إنسان زلة واللهُ ستره، فليس له حق في أن يفضح نفسه، وليس عندنا في الإسلام ما يسمى بالبوح، تقف أمام رجل دين، وتبوح له بكل أخطائك، هذا شيء ليس واردا عندنا إطلاقاً، الله ( ستّير )، ما دام أن الله سترك فيجب أن تستر نفسك، ولا داعي أبداً أن تبوح بأخطاء صدرت منك لأيّ إنسان.
إذاً: ( الستير ) هو الذي مِن شأنه حب الستر والصون والحياء.
تروي الكتب قصة رمزية: أن سيدنا موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام استسقى ربه، فقال الله له: يا موسى، إن فيكم عاصياً، فلا مطر، إن فيكم عاصياً، فقال: من كان يعصي الله فليغادرنا، ما غادره أحد، وبعد حين نزلت الأمطار كأفواه القرب، قال: يا رب، مَن هذا الذي كان يعصيك ؟ قال: عجبتُ لك يا موسى، أستره عاصياً، وأفضحه تائباً ؟!
من تاب الله عليه، وستره ينبغي ألا يفضح نفسه إطلاقاً، حتى لو كان عليك ذمة في الجاهلية، وتبت إلى الله، ولا بد من أن تؤدى هذه الذمة لصاحبها يمكن أن ترسلها له بحوالة بريدية، من دون أن تفضح نفسك، تقول له كنت عندك مرة، واختلست هذا المبلغ منك من الطاولة، حتى لو كان عليك حق فلا بد من أن تؤدي هذا الحق من دون أن تفضح نفسك، لأن الله ( ستّير )، أسبغ عليك ستره، فلا تفضح نفسك.

المعنى الثاني:

( الستير ) يأتي بمعنى آخر، معنى المنع والابتعاد عن الشيء، فقد ورد في الحديث الصحيح أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ:

(( جَاءَتْنِي امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ تَسْأَلُنِي، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي غَيْرَ تَمْرَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَعْطَيْتُهَا فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا، ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ: مَنْ يَلِي مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ شَيْئًا فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنْ النَّارِ ))

[ متفق عليه ]
مَن يصدق أنه إذا ربّى بنتاً أو بنتين، فأحسن تربيتهما، ربّاهما على الصلاح والحياء، والورع والتقوى، ثم اختار لهما زوجين صالحين من المؤمنين، ومات فله الجنة ؟!
يكفي أن تربي بنتين، وفي بعض الروايات بنتاً واحدة، يكفي أن تربي بنتاً، أن ترعاها، أن تؤدبها بأدب الإسلام، أن تحجبها، أن تختار لها زوجاً مؤمناً، يكفي هذا العمل لتكون في الجنة.
إذاً: الستر هنا بمعنى البعد، فتربية هذه البنت تربية صالحة تبعدك عن النار.
إخواننا الكرام، من البيت هناك مئات الطرق إلى الله، من البيت، من الطريق هناك مئات الطرق إلى الله، من عملك هناك مئات الطرق إلى الله، الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق، هل هناك بيت ما فيه بنات ؟ هذا كلام النبي عليه الصلاة والسلام، يقول سيدنا سعد ابن أبي وقاص:
<< ثلاثة أنا فيهن رجل، وفيما سوى ذلك أنا واحد من الناس >>، ومعنى رجل لا تعني أنه ذكر، تعني أنه بطل.

﴿ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ ﴾

( سورة النور الآية: 37 )
كلمة رجال في القرآن لا تعني أنهم ذكور، تعني أنهم أبطال.
قال: ثلاثة أنا فيهن رجل، وفيما سوى ذلك أنا واحد من الناس، واحد من عامة المؤمنين، ما هذه الثلاثة ؟! يقول: << ما سرتُ في جنازة فحدثت نفسي بغير ما تقول حتى أنصرف منها >>، معنى ذلك أن الجنازة لها قول، القول قد يكون بلسان المقال، أو بلسان الحال.
ورد في بعض الآثار " أن روح الميت ترفرف فوق النعش تقول: يا أهلي يا ولدي، لا تلعبن بكم الدنيا كما لعبت بي، جمعت المال مما حل وحرم، فأنفقته في حله، وفي غير حله، فالهناء لكم والتبعة علي ".
قال: << ما سرت في جنازة فحدثت نفسي بغير ما تقول حتى أنصرف منها >>.
لذلك إذا مشى الإنسان في جنازة فهذا الذي في النعش انقضى أجله، وخُتم عمله سيحاسب عن كل شيء.

﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

( سورة الحجر )
كل مخلوق يموت ولا يبقَ إلا ذو العزة والجبروت.

والليل مهما طال فلا بد من طلوع الفجر
والعمر مهما طال فلا بد من نزول القبر
***

وكل ابن أنثى وإن طلت سلامته يوماً على آلة حدباء محمول
فإذا حمــلت إلى القبور جنازة فاعلم أنك بعدها مــحمول
***
لذلك قالوا: أندم الناسِ عالِمٌ دخل الناس بعلمه الجنة، ودخل هو بعلمه النار، ما طبق علمه، وأندم الناسِ غني دخل ورثته بماله الجنة، ورثوه حلالاً، وأنفقوه في طاعة الله، فدخلوا بمال أبيهم الجنة، ودخل هو بماله النار، لأنه كسبه بطرق متعددة لا ترضي الله عز وجل.
فلذلك المعنى الدقيق: << ثلاثة أنا فيهن رجل، وفيما سوى ذلك أنا واحد من الناس ما سرت في جنازة فحدثت نفسي بغير ما تقول حتى أنصرف منها >>.
الآن يمشي الرجل في الجنازة فيتحدث عن الصفقات، والبيت الفلاني، والمحل الفلاني، والحفلة الفلانية، قال له: هل حضرتها ؟ كانت رائعة ! وهو يمشي في جنازة.
<< ما سرت في جنازة فحدثت نفسي بغير ما تقول حتى أنصرف منها، ولا صليت صلاة فشغلت نفسي بغيرها حتى أقضيها >>.

﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾

( سورة المؤمنون )
في الجنازة بطل، والصلاة بطل.
الثالثة، وهي موطن الشاهد: << وما سمعت حديثاً من رسول الله إلا علمت أنه حق من الله تعالى >>.
إذا ربيت هذه البنت، وأحسنت أخلاقها، وحجبتها، ودللتها على الله، واخترت لها زوجاً مؤمناً فلك الجنة، هذا عمل يكفي لدخول الجنة.
أيها الإخوة:

(( مَنْ يَلِي مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ شَيْئًا فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنْ النَّارِ ))

( الستير ) هو سبحانه وتعالى، ويحب الستر، ويبغض القبائح، ويأمر بستر العورات، ويبغض الفضائح، ويستر العيوب على عباده، وإن كانوا بها مجاهرين، ويغفر الذنوب مهما عظمت، طالما كل عباده موحِّدون.

قصة مناسبة لموضوع الستر:

ليس من عادتي أن أروي قصصا مبنية على منامات، لكن هناك قصة مؤثرة جداً، أن أحد خطباء دمشق، والقصة من خمسين سنة تقريباً، رأى في المنام رسول الله، وتأثر تأثراً بالغاً بهذه الرؤيا، وقد ورد عَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:

(( مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَسَيَرَانِي فِي الْيَقَظَةِ، وَلَا يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِي ))

[ أخرجه أحمد في مسنده وصحيح البخاري والترمذي ]
هذا الخطيب رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، وقال له: قل: لجارك فلان، وجاره بائع متواضع جداً، إلى جانب المسجد، قل لجارك فلان: إنه رفيقي في الجنة، هذا الخطيب تألم ألماً شديداً، البشارة لي أم له ؟ لجاره، وهو إنسان متواضع، من عامة الناس طرق بابه، دخل إلى بيته ورحب به، قال له: لك عندي بشارة من رسول الله، ولن أعلمك إياها إلا إذا أخبرتني ماذا فعلت مع ربك ؟ امتنع، فلما ألح عليه، قال له: والله لن أنقلها إلى مسامعك إلا إذا أخبرتني ماذا فعلت مع ربك، قال له: والله أنا خطبت امرأة وتزوجتها، وفي الشهر الخامس، كانت حاملاً في الشهر التاسع، يعني أن الحمل ليس مني، قال له: زلت قدمها، قال له: بإمكاني أن أفضحها، بإمكاني أن أطلقها، بإمكاني أن أسحقها، لكن أردت أن أجعلها تتوب على يدي، جئت لها بولاّدة، وولدت في الليل، وحملت الطفل الصغير الذي ليس منه تحت عباءتي، ودخلت جامع في السنجقدار، دخل المسجد بعد أن نوى الإمام فريضة الفجر، وضع الغلام وراء الباب، والتحق بالمصلين، ولم يره أحد، فلما انتهت الصلاة تحلق الناس حول الغلام، ودهشوا، فجاء هو، وكأنه لم يعلم ما الخبر، قال: ما الخبر ؟! قالوا: تعال انظر، قال: أنا أكفله، أعطوني إياه، فأخذه أمام أهل الحي على أنه لقيط، وهو تولى تربيته، ورده إلى أمه، وتابت على يديه، الله عز وجل قال:

﴿ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ ﴾

( سورة النحل الآية: 90 )

العدل أن تطلقها، وأن تسحقها، وأن تركلها بقدمك، لكن الله أمرك بالإحسان، فأنت إذا فعلت هذا فقد أنقذتها من الفضيحة، وأنقذتها من الضياع، وما كل قضية تحل بالعدل، بل تحل آلاف القضايا بالإحسان، ﴿ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ ﴾، لا تكن فضّاحاً، كن ستّيراً.
الله عز وجل ( ستّير )، يحب كل ستّير، وتخلق بهذا الكمال الإلهي، وتقرب إلى الله بهذا الكمال الإلهي، ولا تكن فضّاحاً.
فلذلك في مجتمع الفضاح ما من قصة يرويها إنسان إلا وهي بعد أيام بين كل الناس.
لذلك النبي عليه الصلاة والسلام وصف المرأة المؤمنة بأنها ستيرة، وأما التي تخرج من بيتها تشتكي على زوجها فهي فضاحة، لا ينظر الله إلى امرأة تشتكي على زوجها، يحب الله المرأة الستيرة، المرأة الستيرة امرأة مؤمنة.

خاتمة:

أيها الإخوة الكرام، حينما أتخلق بهذا الاسم، وبهذا الكمال أتقرب إلى الله.

﴿ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾
نحن في علاقاتنا الاجتماعية الغيبة هي أحد أسباب الفضائح، حتى قال الواحد للثاني: لقد اغتبتني، قال له: من أنت حتى أغتابك ؟ لو كنت مغتاباً أحداً لاغتبت أبي وأمي، لأنهما أولى بحسناتي منك، فالقضية تنطلق من غيبة، وتنتشر.
فهذا الذي أتمنى أن يكون واضحا عند إخوتنا الكرام، في أن الله سبحانه وتعالى من أسمائه الحسنى أنه ( ستّير )، ويمكن أن تتقرب إلى الله بهذا الكمال، وهو أن تستر.
الكلام له قواعد شرعية في موضع الفتوى، في موضوع إنكار المنكر، في حالات أخرى، أما الأصل أنه ينبغي أن تستر، والمجالس بالأمانة.

والحمد لله رب العالمين

_________________
اللهم صلي و سلم و بارك على سيدنا محمد و على اله و صحبه اجمعين


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: هل من أسماء الله الحسنى : الساتر أو الستير أو الستار ؟
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء سبتمبر 18, 2012 1:16 am 
غير متصل

اشترك في: الأربعاء فبراير 03, 2010 12:20 am
مشاركات: 7992
هناك ورد لسيدي يحيى الباكوبي من أقطاب الطريقة الخلوتية اسمه :
(ورد الستار )
وتوارث السادة الخلوتية هذا الورد وكلهم من أكابر العلماء والأقطاب مرورا بسيدي مصطفى البكري وسيدي أحمد الدردير وسيدي الصاوي وسيدي محمد الطاهر وسيدي مروان وختما بمولانا الشيخ الطاهر وغيرهم وغيرهم رضي الله عنهم وعنا بهم
وكفى بهم حجة ..
وإن لم يرد حديث ظاهرا لكنه صح عن طريق الكشف والإلهام من هؤلاء الأئمة الأعلام الورثة الكمل لخير الأنام صلى الله عليه وآله وسلم

_________________
صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: هل من أسماء الله الحسنى : الساتر أو الستير أو الستار ؟
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء سبتمبر 18, 2012 10:58 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1435
بسم الله , والحمد لله , والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا رسول الله وآله ومن والاه ... وبعد

بارك الله فى الإخوة الأحباب .. وأخص أختنا الفاضلة / مسلمة مؤمنة على المشاركة القيمة ...
واسمحوا لى بالمشاركة معكم ... وإيضاح بعض الأمور .. لصاحبة المشاركة الفاضلة

فيقول الفقير :

مسألة الأسماء الحسنى ... وإطلاق اسم ما على رب العزة جل جلاله .. مسألة تناولها العلماء فى القديم .. ولهم فيها وجهات نظر .. وأقوال محترمة .

واسمحوا لى أن أقسم المشاركة إلى نطقتين :

الأولى : فى تأصيل الكلام على الأسماء الحسنى .. وبيان خلافهم .
والثانية : فى ذكر أسماء العلماء الذين ذكروا اسم الله (( الستار )) فى كتبهم .. دون حرج .. أو غضاضة .

النقطة الأولى :

- قال الحافظ العلامة زين الدين عبد الرحيم العراقى فى طرح التثريب (7/378) :

أَسْمَاءَ اللَّهِ تَعَالَى تَوْقِيفِيَّةٌ ... لَا يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى إلَّا بِمَا سَمَّى بِهِ نَفْسَهُ ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ
وَقِيلَ يَجُوزُ تَسْمِيَتُهُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ ، وَقِيلَ إنْ وَرَدَ الْفِعْلُ بِذَلِكَ ، وَلَمْ يُوهِمْ نَقْصًا ، وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ مُقَرَّرٌ فِي عِلْمِ أُصُولِ الدِّينِ . انتهى .

- وقال علامة الفيومى فى المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (7/339) :

وَقَوْلُهُمْ فِي صِفَاتِ الْبَارِي الْقَدِيمُ .. قَالَ الطَّرَسُوسِيُّ : لَا يَجُوزُ إطْلَاقُهَا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهَا جُعِلَتْ صِفَةً لِشَيْءٍ حَقِيرٍ فَقِيلَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ وَمَا يَكُونُ صِفَةً لِلْحَقِيرِ كَيْفَ يَكُونُ صِفَةً لِلْعَظِيمِ

وَهَذَا مَرْدُودٌ لِأَنَّ الْبَيْهَقِيَّ رَوَاهَا فِي الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ فِي مَعْنَى الْقَدِيمِ الْمَوْجُودُ الَّذِي لَمْ يَزَلْ وَقَالَ أَيْضًا فِي كِتَابِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَمِنْهَا الْقَدِيمُ قَالَ .

وَقَالَ الْحَلِيمِيُّ :
فِي مَعْنَى الْقَدِيمِ إنَّهُ الْمَوْجُودُ الَّذِي لَيْسَ لِوُجُودِهِ ابْتِدَاءٌ وَالْمَوْجُودُ الَّذِي لَمْ يَزَلْ وَأَصْلُ الْقَدِيمِ فِي اللِّسَانِ السَّابِقُ لِأَنَّ الْقَدِيمَ هُوَ الْقَادِمُ فَيُقَالُ لِلَّهِ تَعَالَى قَدِيمٌ بِمَعْنَى أَنَّهُ سَابِقُ الْمَوْجُودَاتِ كُلِّهَا .

وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ مِنْهُمْ الْقَاضِي :
يَجُوزُ أَنْ يُشْتَقَّ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى مِمَّا لَا يُؤَدِّي إلَى نَقْصٍ أَوْ عَيْبٍ وَزَادَ الْبَيْهَقِيّ عَلَى ذَلِكَ إذَا دَلَّ عَلَى الِاشْتِقَاقِ الْكِتَابُ أَوْ السُّنَّةُ أَوْ الْإِجْمَاعُ فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِلَّهِ تَعَالَى الْقَاضِي أَخْذًا مِنْ قَوْله تَعَالَى { يَقْضِي بِالْحَقِّ } .
وَفِي الْحَدِيثِ { الطَّبِيبُ هُوَ اللَّهُ } وَيُقَالُ هُوَ الْأَزَلِيُّ وَالْأَبَدِيُّ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُمْ أَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى تَوْقِيفِيَّةٌ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الْأُصُولِ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُسَمَّى جَوَادًا وَكَرِيمًا وَلَا يُسَمَّى سَخِيًّا لِعَدَمِ سَمَاعِ فِعْلِهِ
فَإِنَّ الْبَيْهَقِيَّ قَالَ مَنْ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَامَ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَائِمٌ فَفُهِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْفِعْلَ إذَا سُمِعَ اُشْتُقَّ مِنْهُ اسْمُ الْفَاعِلِ وَالْمُرَادُ إذَا كَانَ الْفِعْلُ صِفَةً حَقِيقِيَّةً بِخِلَافِ الْمَجَازِيِّ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَقُّ مِنْهُ نَحْوُ مَكَرَ . انتهى

- وقال العلامة البدر العينى فى عمدة القارى (72 / 140) :

قوله " اشف " أمر من شفي يشفى .. قوله " أنت الشافي " قيل يؤخذ منه جواز تسمية الله تعالى بما ليس في القرآن بشرطين :
( أحدهما ) أن لا يكون في ذلك ما يوهم نقصا .. ( والآخر ) أن يكون له أصل في القرآن . وهذا من ذاك .. فإن في القرآن ( وإذا مرضت فهو يشفين ) . انتهى

- وقال العلامة المناوى فى فيض القدير (2/ 607) :

منها ما هو ثبوتي ومنها ما هو سلبي ومنها ما هو اعتبار فعل من أفعاله
لكنها توقيفية على الاصح
فلا يحل اختراع اسم أو وصف له إلا بقرآن أو خبر صحيح مصرح به لا بأصله الذي اشتق منه فحسب ولم يذكر لنحو مقابلة أو مشاكلة . انتهى

- وقال الْعَلَّامَةِ الْخَطَّابِ المالكى فى مواهب الجليل (1/68) .. فقد نقل عن ابْنُ رُشْدٍ قوله :

وَأَمَّا الدُّعَاءُ بِيَا مَنَّانُ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى الْقَائِمَةِ مِنْ الْقُرْآنِ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى { وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ }
وَالْخِلَافُ فِي إطْلَاقِهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى يَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى الدَّالَّةِ عَلَى الصِّفَاتِ هَلْ هِيَ تَوْقِيفِيَّةٌ فَلَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ إلَّا مَا وَرَدَ الْإِذْنُ فِيهِ أَمْ لَا .

وَمُلَخَّصُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ اللَّفْظَ إمَّا أَنْ يَدُلَّ عَلَى صِفَةِ كَمَالٍ أَمْ لَا
فَإِنْ لَمْ يَدُلَّ عَلَى صِفَةِ كَمَالٍ لَمْ يَجُزْ إطْلَاقُهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى إلَّا أَنْ يَرِدَ بِهِ الشَّرْعُ فَيُقْتَصَرُ عَلَى ذِكْرِهِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي وَرَدَ فِيهَا
وَإِنْ دَلَّ عَلَى صِفَةِ كَمَالٍ فَإِنْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِ جَازَ إطْلَاقُهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي وَرَدَ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ
وَإِنْ لَمْ يَرِدْ بِهِ فَمَذْهَبُ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ وَعَامَّةُ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى اللَّهُ تَعَالَى إلَّا بِمَا سَمَّى بِهِ نَفْسَهُ أَوْ أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَيْهِ .

قَالَ الْقَمُولِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ : كَقَدِيمٍ وَوَاجِبِ الْوُجُودِ ، وَذَهَبَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ وَالْمُعْتَزِلَةُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى اللَّهُ بِكُلِّ اسْمٍ صَحَّ مَعْنَاهُ وَلَمْ يَمْنَعْ الشَّرْعُ وَلَا الْإِجْمَاعُ مِنْهُ وَذَهَبَ الْغَزَالِيُّ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ إطْلَاقُ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْوَصْفِ لَا عَلَى سَبِيلِ التَّسْمِيَةِ فَالْأَسْمَاءُ عِنْدَهُ تَوْقِيفِيَّةٌ وَالْأَوْصَافُ لَا نِهَايَةَ لَهَا . انتهى

يقول الفقير مريد الحق :

والخلاصة من هذا النقل .. أنه يجوز إطلاق اسم ما على رب العزة .. مشتقا من أصل فعل له .. ورد فى الكتاب أو السنة المشرفة .. وكان وصف كمال .

واسم " الستار " .. مشتق من الفعل " ستر " ... وهو صيغة مبالغة .. مثله مثل " ستير " ..
وأما الفعل " ستر " .. فلم يرد صريحا فى القرآن الكريم ... ولكن جاء مرادفه ومعناه .. فى الفعل " يغشى " .. كما فى قوله تعالى :
(إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54) الأعراف .

وقوله (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3) الرعد .

وأما على لسان سيد الخلق .. المبلغ عن رب العالمين .. مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .. فقد جاء الفعل " ستر " صريحا ..

فقد روى البخاري (8 /309) عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ .. وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ .. وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ .. وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )
والشاهد قوله ( وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) .

النقطة الثانية :
وهى ورود ذلك الوصف والاسم على لسان السادة العلماء من القدم .. وفى كتبهم .. دون إنكار ... وهذه جملة من أقوالهم :

- حجة الإسلام الإمام أبو حامد الغزالى

قال فى إحياء علوم الدين (2/26) :
الحق الثالث : في اللسان بالسكوت مرة وبالنطق أخرى
فستر العيوب والتجاهل والتغافل عنها شيمة أهل الدين. ويكفيك تنبيهاً على كمال الرتبة في ستر القبيح وإظهار الجميل أن الله تعالى وصف به في الدعاء فقيل: يا من أظهر الجميل وستر القبيح. والمرضي عند الله من تخلق بأخلاقه .. فإنه ستار العيوب ... وغفار الذنوب ومتجاوز عن العبيد .

- الشيخ الولى العالم أبو طالب المكى محمد بن علي بن عطية الحارثي

قال فى قوت القلوب (1/54) :
ثم ليدع بما أحب وليغتنم الصلاة والدعاء بين الأذان والإقامة فإنه يستحب، ولتكن هذه الكلمة هجيره وشعاره في الأوقات فإنها من دعاء الأبدال فيما بينهم وشعارهم في أوقاتهم: ما شاء اللّه، لا قوة إلا باللّه، العفو الغفور، يا سلام، سلم، يارب، يا رب، يا ذا الجلال والإكرام، افتح بخير واختم بخير، فلا إله إلا اللّه الحي القيوم، سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولاً، يا رب، يا رب، ياللّه، يا اللّه، يا عزيز، يا عزيز، يا قريب، يا قريب، يا حليم .. يا ستار ..

- العلامة جار الله الزمخشرى :

قال فى أساس البلاغة (1/208)
باب : س ت ر .. الله ستار العيوب

- العلامة الشريف المرتضى الزبيدى

قال فى تاج العروس (1/1037) :
قال ثعلب : الهَيَّبَانُ : الذي يُهابُ فإِذا كان ذلك كان الهَيَّبَان في مَعْنَى المفعول ونقله ابن منظورٍ وغيرُهُ فكيف يسوغُ لشيخنا الإنكارُ واللهُ حليمٌ سَتّار

وقال فى موضع آخر (1/3181) :
واللهُ يَعْفُو عن الجَمِيع ويَتَغَمَّدُهم برَحْمتِه إِنّه حَلِيمٌ سَتّار .

- العلامة المحدث شرف الدين المناوى .

قال فى فيض القدير (2/287) :
ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه .. والله سبحانه ستار .. والستر لا يحصل مع كثرة نقل الأخبار .

وقال فى موضع آخر (2/615) :
(الغفار) من الغفر وهو ستر الشئ بما يصونه ومعناه .. ستار القبائح والذنوب .. بإسبال الستر عليها في الدنيا وترك المؤاخذة بها والعفو عنها في العقبى .

- السيد الشربف محمد علاء الدين أفندى ابن العلامة ابن عابدين المحقق الحنفى

قال فى تكملة حاشية رد المحتار (1/418) :
وقد جاءت هذه التكملة من فيض فضله تعالى، وجود كرمه الذي به نتغالى، قرة لعين قاريها، ودرة لتاج داريها، لمعانيها، وخاص في بحار معانيها، وكفاية للطالبين، وحجة للمفتين، ومحجة للسمتفتين، حاوية لدرر الفوائد خارية عن مستنكرات الزوائد، جمعتها من معتمدات المذهب، التي إليها يذهب وضعممت إلى ذلك بعض تحريرات وتأييد، أو بعض استدراكات أو تقوية أو تقييد، فلا غرو حينئذ أن تكون العمدة في المذهب، والحري بأن تكتب بماء الذهب، مستعينا بكريم غفار .. حكيم .. ستار .

- العلامة أبو بكر المشهور بالسيد البكري ابن السيد محمد شطا الدمياطي تلميذ مفتي الانام ببلد الله الامين، مولانا العارف بربه المنان، السيد أحمد بن زيني دحلان.

قال فى إعانة الطالبين (4/393) :

وأعتق رقابنا ورقاب آبائنا وأمهاتنا وأولادنا وإخواننا وعشيرتنا وأصحابنا وأحبابنا من النار، برحمتك يا عزيز يا غفار يا ستار

- العلامة الشيخ سليمان الجمل .

قال فى حاشيته (23 /382) :
لِأَنَّ عَادَةَ اللَّهِ جَرَتْ أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ عَلَى شَخْصٍ مَعْصِيَةٌ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ سَبَقَتْ مِنْهُ مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ خُفْيَةً .. وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ سَتَّارٌ ... فَيَسْتُرُ أَوَّلًا وَثَانِيًا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَغْضَبُ فَيُظْهِرَهَا لِيَنْتَقِمَ مِنْ الْفَاعِلِ بِسَبَبِهَا . انتهى

ولتسمح لى الأخت الفاضلة / مسلمة مؤمنة بكلمة .. ونصيحة .. وهى متعلقة بذكر الألبانى عند ذكر حديث " ستير " .

والله يا أختى الفاضلة ... لقد قرأنا لهؤلاء الوهابية التيمية .. ووجدنا خلطا .. وأخطاء رهيبة فى فن علم الحديث .. والتصحيح والتضعيف .. هذه واحدة

وما بالك .. وأمر آخر أخطر وأشد .. فقد ذكر عن الألبانى أنه يرى أن وجود القبر الشريف بالمسجد النبوى المبارك .. من البدع التى لابد من إزالتها .
وذكر عنه .. أنه جوز الفاحشة على أمهات المؤمنين .. عقلا .. " كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا " . وغير ذلك
وهو مع ذلك ممن يعظم .. ويمشى وراء ابن تيمية .. خطوة بخطوة .

فهل بعد ذلك نذكره .. أو ننظر إلى توثيقه .. ونعتمد .. أو نستأنس بتصحيحه للأحاديث ... وقد كفانا ذلك – من قبله – الأئمة الفضلاء الأعلام .. المتصوفة .. لا أظن .

عفوا على الإطالة ... ولكن كان لابد من إيضاح المسألة ... وعدم الاكتفاء بكلام الشيخ راتب النابلسى فقط ... ورفع الحرج عن كل من ذكر الله باسم " الستار " .

والله أعلى وأعلم .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: هل من أسماء الله الحسنى : الساتر أو الستير أو الستار ؟
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء سبتمبر 19, 2012 12:07 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس يونيو 14, 2007 2:19 pm
مشاركات: 5938
بداية المشاركة التى قامت بها الفاضلة مسلمة آمنة و التى كانت عبارة عن سؤال و جواب ليست من كلام الدكتور محمد راتب النابلسي
و إنما فتوى من أحد المنتديات, و لا أعلم كيف اتصلت بكلام الدكتور النابلسى

لعل الأخت الفاضلة نقلتها من ايميل أو ما شابه

أحببت فقط التنبيه حتى لا ينسب للدكتور النابلسى ما لم يقله

, الحاجه الغريبة إن إحنا طول عمرنا, بلاش عمرنا طول عمر آبائنا و أجدادنا يقولوا "يا ساتر استر" " يا ستار يا رب" و هكذا

فاستعجبت من إنكار البعض لهذا الأمر الآن و تذكرت حديث رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم

"سيكون في آخر أمتي أناس يحدثونكم ما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم"

و مدد يا سادتى الخلوتية , مدد و ألف مدد

_________________
ومن دخل حصن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يضام


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: هل من أسماء الله الحسنى : الساتر أو الستير أو الستار ؟
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء سبتمبر 19, 2012 7:02 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء مايو 01, 2012 6:46 pm
مشاركات: 1195
اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على خير الخلق اجمعين سيدنا محمد و على اله و صحبه اجمعين

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
الاخوة الافاضل السيد فراج يعقوب , السيد مريد الحق, السيد محب مولانا الحسين
مبدءيا اريد ان استغفر الله العظيم الذي لا اله الا هو الحي القيوم و اتوب اليه من جميع المعاصي كلها و الذنوب و الاثام
ثانيا فاني اعتذر على عدم الرد مبكرا
ثالثا اعتذر منكم جميعا عن طرح هذا الموضوع لما به من اخطاء فاني لم اكن اعلم هذه المعلومات من قبل و جزاكم الله خيرا على حسن النصح
فى الاساس كنت ساترك السؤال فى المشاركة و انتظر الاجابة نظرا لانى لا اثق بكل المعلومات المطروحة على الانترنت و لكن قدر الله و ما شاء فعل
لاني انا ايضا كنت اذكر الله كثيرا باسمه الستار ( فاللهم سترك يا ستار ) و كنت اقول ان الله ستار حليم لكن راودتني شكوك فهي اما من نفسي فاللهم انا نعوذ بك من شرور انفسنا و من سيئات اعمالنا او من الشيطان الرجيم نعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ادت بي الى البحث فكان من الواضح اني لست اهل لذلك و اني و الحمد لله فقيرة الى الله في العلم و ما اردت من هذه المشاركة غير التعلم و لم اكن اريد تضليل احد فارجو ان تسامحوني على هذا التقصير
و ادعوا لي بالهدايه و الصلاح فاني احتاج الدعاء
و ارجو ان يسامحني ربي و سيدي و مولاي محمد صلى الله عليه و على اله و صحبه و سلم
و مرة اخرى جزاكم الله خيرا على ارشادي و تعليمي و على هذه المعلومات القيمة
استغفر الله العظيم الذي لا اله الا هو الحي القيوم و اتوب اليه من جميع المعاصي كلها و الذنوب و الاثام
استغفر الله العظيم الذي لا اله الا هو الحي القيوم و اتوب اليه من جميع المعاصي كلها و الذنوب و الاثام
استغفر الله العظيم الذي لا اله الا هو الحي القيوم و اتوب اليه من جميع المعاصي كلها و الذنوب و الاثام
اللهم اهدنا فيمن هديت و عافنا فيمن عافيت و تولنا فيمن توليت
و بارك اللهم لنا في سيدى الدكتور محمود صبيح و اصلح لنا نفوسنا لنكون اهلا للتعلم منه و من سيدنا النبي صلى الله عليه و على اله و صحبه و سلم
امين امين امين

الاعتذار للجميع

و صلي اللهم و سلم وبارك على سيدنا محمد و على اله و صحبه اجمعين

_________________
اللهم صلي و سلم و بارك على سيدنا محمد و على اله و صحبه اجمعين


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 5 مشاركة ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 16 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط