الفاضل الدكتور محمود صبيح سلام الله عليكم وعلي الأخوة الأعزاء بالمنتدي ورحمته وبركاته
استوقفتني فى اثناء مطالعتي للثقافة الغربية تمحورها حول مشاكل القلق الوجودي اللاديني - الذي لا يعرف الدين ابتداء - وما يتبعه من توهمات بشأن المغزي من الحياة الدنيا وما يصحب هذا من اتجاهات تتأرجح بين العدمية - ان انعدام المعني و العبث المطلق - وبين السخف وهو غياب المعني عن المنظور العقلي كما فى مدرسة ألبير كامو وبين الانكفاء الوجودي كما عند سارتر ومفهومه للحرية والموت.
فكرة الموت الوجودي من منظور لا ديني تمثل قمة السخف أن تتناهي كل مساعي الحياة إلى نفس النهاية ,فيستوي فى ذلك الغني والفقير , السعيد والتعيس , الحر والعبد , كلهم يدركهم الموت, ولكي يخرجوا من هذه الإشكالية يقولون بأن معني الحياة هو الحياة نفسه! (كمن فسر الماء بعد الجهد....بالماء) , ويضربون فى ذلك مثلا لرجل اراد الوصول إلى قمة الجبل متسلقا , فقالوا ان المتعة كلها فى ان يخوض الجبل تسلقا لا أن يصل إلى الهدف , فلو حملته طائرة هيلوكبتر مثلا إلى غايته لم يكن لمسيره وصعوده الجبل معني.
في تلك الاثناء تتجه مدارس علم الكلام إلي فكرة التكليف وما يتبعها من حسن إيجاد خلق يعرفون الله, وما صحب معصية آدم من أكله من الشجرة من ملتزمات تكليفية بعدل المكلف, بينما يثبت أهل التصوف ما لحق البشرية من هذه المعصية فقد اخرجت آدم من الجنة مع زوجته وسيعود إليها مع عديد من النبيين والصديقين والشهداء, وهو ما يبدو حسب نظرية المنفعة العامة أمرا حسنا فى ذاته ايضا - أكبر نفع لأكبر عدد من البشر.
هل يوجد من كلام أهل التصوف ما يلتقي مع الوجوديين وفلسفتهم حول عدمية المعني فى الدنيا ذاتها؟ وهل ملاذ المتصوفة برب العالمين ناتج عن هذا السخف الوجودي؟ أم انه ملاذ منزه عن الغايات والاضطرارات؟
شملنا الله وإياكم بعطفه ومنه وكرمه
|