موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 3 مشاركة ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: الوجودية من منظور التصوف
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة أكتوبر 12, 2012 11:49 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 17, 2012 2:10 pm
مشاركات: 8
الفاضل الدكتور محمود صبيح سلام الله عليكم وعلي الأخوة الأعزاء بالمنتدي ورحمته وبركاته

استوقفتني فى اثناء مطالعتي للثقافة الغربية تمحورها حول مشاكل القلق الوجودي اللاديني - الذي لا يعرف الدين ابتداء - وما يتبعه من توهمات بشأن المغزي من الحياة الدنيا وما يصحب هذا من اتجاهات تتأرجح بين العدمية - ان انعدام المعني و العبث المطلق - وبين السخف وهو غياب المعني عن المنظور العقلي كما فى مدرسة ألبير كامو وبين الانكفاء الوجودي كما عند سارتر ومفهومه للحرية والموت.

فكرة الموت الوجودي من منظور لا ديني تمثل قمة السخف أن تتناهي كل مساعي الحياة إلى نفس النهاية ,فيستوي فى ذلك الغني والفقير , السعيد والتعيس , الحر والعبد , كلهم يدركهم الموت, ولكي يخرجوا من هذه الإشكالية يقولون بأن معني الحياة هو الحياة نفسه! (كمن فسر الماء بعد الجهد....بالماء) , ويضربون فى ذلك مثلا لرجل اراد الوصول إلى قمة الجبل متسلقا , فقالوا ان المتعة كلها فى ان يخوض الجبل تسلقا لا أن يصل إلى الهدف , فلو حملته طائرة هيلوكبتر مثلا إلى غايته لم يكن لمسيره وصعوده الجبل معني.

في تلك الاثناء تتجه مدارس علم الكلام إلي فكرة التكليف وما يتبعها من حسن إيجاد خلق يعرفون الله, وما صحب معصية آدم من أكله من الشجرة من ملتزمات تكليفية بعدل المكلف, بينما يثبت أهل التصوف ما لحق البشرية من هذه المعصية فقد اخرجت آدم من الجنة مع زوجته وسيعود إليها مع عديد من النبيين والصديقين والشهداء, وهو ما يبدو حسب نظرية المنفعة العامة أمرا حسنا فى ذاته ايضا - أكبر نفع لأكبر عدد من البشر.

هل يوجد من كلام أهل التصوف ما يلتقي مع الوجوديين وفلسفتهم حول عدمية المعني فى الدنيا ذاتها؟ وهل ملاذ المتصوفة برب العالمين ناتج عن هذا السخف الوجودي؟ أم انه ملاذ منزه عن الغايات والاضطرارات؟

شملنا الله وإياكم بعطفه ومنه وكرمه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الوجودية من منظور التصوف
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد أكتوبر 14, 2012 1:14 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1456
بسم الله , والحمد لله , والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا رسول الله وآله ومن والاه ... وبعد

اسمح أخى الفاضل .. قبل الخوض فى مسألة الالتقاء أو الا فتراق بين السادة الصوفية .. والوجوديين .. أحب أن أقدم بمقدمة .

يقول العلماء .. الكلام على الشئ فرع عن تصوره ... ونظرا لغموض علم الفلسفة .. واصطلاحاته ... فأحببت أولا .. أن أذكر كلام العلماء فى معنى " الوجودية " .. ثم المقارنة بينه وبين الفكر الإسلامى بشكل عام .. بميزان الشرع ... أما كلام السادة الصوفية .. فيأتى بمشيئة الله تعالى .

يقول فضيلة الشيخ عطية صقر :

( الوجودية مذهب أو اتجاه فكرى يعنى بالبحث فى الوجود الإنسانى ، ويصورها "ريجيس جوليفييه " فى كتابه "مذاهب الوجودية" بأنها اعتقاد أن أساس وجود الإنسان هو ما يفعله بمعنى أن أفعاله هى التى تحدد وجوده ، كما قال سارتر: أنا موجود فأنا أفكر، على عكس ما قال ديكارت : أنا أفكر فأنا موجود .

إن هذا المذهب ليس جديدا ، فقد اهتم به كثيرون من الفلاسفة والأدباء والمتصوفين وغيرهم من قديم الزمان ، وإن كان أبرزهم حديثا هو "كير كجارد" الدانمركى المتوفى سنة 1855 م وآخرهم "جان بول ساتر" الفرنسى المولود فى 21 من يونيو سنة 1905 م والمتوفى فى يوم الثلاثاء 15 من إبريل 1980 م .

وبعض المعتنقين لهذا المذهب يؤمنون بوجود اللَّه الذى خلق الإنسان ، لكن يرون أنه مى به فى تيه يعيش فيه بين الألم والخوف والقلق ، ومن هؤلاء : كير كجارد ، جبرييل مارسيل ، وبعضهم لا يؤمنون بأن اللّه خلق الإنسان ، بل هو الذى خلق نفسه بنفسه ، وذلك لعدم اليقين بمصدر وجوده الحقيقى، ومنهم : هيدجر، سارتر .

والذين درسوا تاريخ هؤلاء تبين له أن ظروف حياتهم هى التى أملت عليهم هذا الاتجاه فى التفكير، فقد كان "كير كجارد" منطويا على نفسه منعزلا، ولذلك حلل الوجود البشرى تحليلا يعيش فى جو الحصر النفسى والتمزق الداخلى والشعور بالخطيئة ، وكذلك "سارتر" حيث اهتم اهتماما كبيرا بفكرة العدم باعتباره داخلا فى نسيج الوجود، فالفرد عنده يعيش فى مواقف تتصف بالتميع ، ويحاول أن يتخطى حدود نفسه ويخدعها ، ومن أجل أن وجوده مرتبط بوجود الآخرين يرى تصارع إرادتهم مع إرادته فى جو كله غثيان ، والفرد يسعى جاهدا إلى تحقيق رغباته لكن ذلك غير ممكن ، لأن إمكاناته لا تسعفه .

ويمكن أن نحدد أهم الصفات المميزة للوجوديين فيما يلى :

1- الإيمان بأن التجربة الفردية هى أساس المعرفة ، وليس العقل أو غيره موصلا إلى معرفة الحقيقة .

2- الإغراق فى تقديس الحرية الشخصية فكرا وسلوكا ، وعدم الاهتمام بالآخرين بقدر الاهتمام بالنفس ، ولذلك كثر فيهم الشذوذ والتطرف والآراء الغريبة والإنسان هو صانع وجوده بنفسه ، لأنه رب أفعاله .

3- التشاؤم والقلق والتمزق ، فالوجودى يحاول أن يخلع نفسه من نفسه ليعيش نفسا أخرى ، لأنه إما أن يكون قد قذف به فى الكون وترك مع الطوفان بلا مدد أو وقاية ، كما يقول الملحدون ، وإما أن يكون اللَّه قد ترك له حرية الاختيار، وإن كان الاختيار نفسه محدودا بحواجز خارجة عن إرادته وهو يشعر بها عند الفشل والمقاومة ، فالوجود عندهم يتأرجح دائما بين الوجود والعدم أو بين الاختيار والجبر .

وهى تجرد الإنسان من كل ثقة فى الحياة ، وتهدم كل أساس ينطلق منه العمل . يقول "هيدجر" إننا قد ألقى بنا إلى هذا العالم ولست أعرف لماذا ولا كيف ، والشيء الوحيد الذى أعرفه حق المعرفة هو أننى سأموت يوما من الأيام ، فالإنسان مستقبله محدود ومتناه ، وأنا أعرف ذلك .

إن لهم تعبيرات غريبة عن التجربة الفردية التى يعيشونها ، يقول عنها "كارل ياسبرز" إنها الإحساس بمدى هشاشة الوجود الإنسانى، ويقول عنها "هيدجر" هى المضى نحو الموت ، ويقول عنها "سارتر" : الإحساس بالغثيان والتقزز بل إن كثيرا منهم لا يرضى أن يقال عنه : إنه فيلسوف ، وإنما يقال : كاتب أو أديب ، لأن الفيلسوف الوجودى يقصر بحثه على الوجود الخاص به ، وهو يرى أن فلسفة البحث عن الوجود هى العدم ، وذلك ما قاله هيدجر. ومن هنا اعتبر كبار النقاد أن سارتر أديب أولا، ثم فيلسوف ثانيا .

4- تقوم الوجودية على إنكار وجود اللّه ، وبالتالى إنكار حياة بعد الموت ،أو على عدم الرضا بقضاء اللّه وحكمته فى هذا الوجود، وأنه بقدرته يمكن أن يغير أى حال إلى حال آخر، الأمر الذى جعلهم يعيشون حياة القلق والتشاؤم والاهتمام بالذات وانتهاز الفرص التى ربما لا تتاح بعد ) .

والآن مقارنة بين الوجودية .. والفكر الإسلامى .. بميزان الشريعة

يقول فضيلة الشيخ عطية صقر :

( إن الناظر إلى هذا الفكر يراه مخالفا للإسلام ، وذلك لما يأتى :

(ا) أن الإسلام يقوم على الإيمان بوجود اللَّه وبالحياة الآخرة ، فالوجود الزمنى فى الدنيا معه وجود آخر دائم بعد الموت ، فالعدم ليس نهاية الوجود كله ، بل إن الحياة الآخرة خير لمن اتقى واستقام أمره .

(ب) ليست وسائل المعرفة الصحيحة قاصرة على إحساس الفرد نفسه بما يعانيه من تجربة ، فهناك العقل وميدان التفكير واسع غير محدود، وهناك الوحى المنزل من عند اللَّه على رسله .

(ج) ليست الحرية الشخصية فى الإسلام أو فى أى دين آخر، بل فى أى تشريع أو عرف ، حرية مطلقة بغير حدود ، فهناك ضوابط موضوعة لاستقامة السلوك وللمحافظة على حقوق الآخرين ، ضرورة أن الإنسان مدنى بطبعه ، لابد أن يعيش فى مجتمع له حقوقه ، ومعلوم أن الأهواء الشخصية مختلفة، وفى بعضها تضارب كبير، والإنسان ليس كالحيوانات التى تسيرها غرائزها فى أكثر أحوالها .

(د) الإسلام لا يرضى عن التشاؤم المطلق ، أو اليأس المقنط بل فتح باب الأمل ودعا إلى النشاط والعمل ، ووعد بالعفو عن المسيء إذا أناب إليه ، وباليسر والفرج لمن توكل عليه ، وآمن برحمته وحكمته وهو يباشر نشاطه المأمور به .

وكل ذلك له أدلته من الكتاب والسنة وآثار السلف وواقع التاريخ الذى أثبت أن المسلمين انطلقوا بإيمانهم العميق بالله وبالحياة الآخرة ، وبالأمل الواسع فى نصره وتأييده وبالتزامهم الصادق للحدود التى وضعها اللَّه للسلوك - انطلقوا إلى الآفاق الواسعة ، ينشرون كلمة الحق ويعمرون الدنيا بالخير .

ولا حاجة بالمسلمين اليوم إلى استيراد أفكار وفلسفات وأنماط سلوك وضيعة هى نتاج عقول تخطىء وتصيب ، وهى نضح لمعاناة شخصية فى ظروف خاصة { ومن أحسن من اللَّه حكما لقوم يوقنون } .

يقول "بول فولكييه "فى كتابه "هذه هى الوجودية" :

إن غموض شخصيات من اعتنقوا هذا المذهب جعل تعبيراتهم غامضة وليس من السهل فهمها أو تحديد المعانى المرادة منها ، ولذلك لما اعترض على سارتر بهذا الغموض قال :

" لا عجب فى عدم فهم ما أكتب ، لأن الواقع محال ولا يدركه الفهم "
أمثل هؤلاء يتخذون زعماء ؟ ) .

انتهى كلام فضيلة الشيخ عطية صقر . انظر : فتاوى الأزهر (7/388) .

يقول الفقير مريد الحق :

أما عن كلام السادة الصوفية عن .. الوجود .. المعرفة .. العدم .. فيطول الكلام فى ذلك – ليس من جعبتى . فأنا معدوم البضاعة والذوق والعلم فى هذا المجال – ولكن من كلام أهل الله .. لذل أحيل فى ذلك على :

الرسالة القشيرية .. واصطلاحات الصوفية لسيدى محيى الدين بن عربى .. والكاشانى .. والتعريفات للقاضى الجرجانى ... وطبعا بلا شك .. كتاب الفتوحات المكية لسيدى ابن عربى .

اعتذر عن الإطالة .. ولكنى أردت المشاركة .. والترحيب .. والاستفادة .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الوجودية من منظور التصوف
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد أكتوبر 14, 2012 2:46 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس مارس 29, 2012 9:53 pm
مشاركات: 46943
أحسنت اخى / مريد الحق
وبورك فيك

_________________
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 3 مشاركة ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 10 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط