موقع د. محمود صبيح

السلام عليكم
شاهدت اليوم برنامج عن الصوفيه ، و قام بعرض بعض اللأراء عنها .
و لكن ما زلت حائرا لا اعرف اصلها ، و مدى صحة الأمور التى عرفتها.
ارجو توضيح هذا الأمر.

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم يا أخ /طلحة
لقد واجهنى نفس السؤال فقرأت عن التصوف وفهمت أنه سلوكا يقصد به التقرب الى الله عزوجل و إعادة بناء للإنسان وربطه بالخالق فى كل فكر وقول وعمل ونيه ولقد ادركت أنه قد مورس فعلا فى عهد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابه والتابعين ومن بعدهم
ولكن أيضا صادفنى سؤال أخر أرجو من سيادة الدكتور/محمود صبيح أن يوضحه لى..
هل هناك فرق بين المتصوف وبين التقى أو المؤمن أو المسلم أو الصديق؟_ وإذا لم يكن هناك فرق فلماذا الإصرار على إستخدام الاصطلاح؟..
افادكم الله
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته

السلام عليكم
شكرا لساره على الايضاح، و لكن لازلت اريد معرفة المزيد عن طرق الصوفيه و سبب تعددها و اختلافها، كما أنى رأيت بعض الطقوس الغريبه التى تمارس و اعتقادات لم اسمع عنها من قبل.
بالتأكيد هناك بعض الطرق صحيحه و الآخر غير ذلك، فأرجو المشاركه فى الرد.
السلام عليكم

بسم الله الرحمن الرحيم
الاخ العزيز طلحة ، اعلم أخى الكريم أن دين الإسلام لا يخرج عن دائرة ثلاث : الإيمان والإسلام والإحسان ، وقد بيّن القرآن العظيم ـ بل جميع الكتب السماوية ـ أن الدين لا يخرج عن هذه الثلاث ، فالتوحيد يقابل الإيمان ، والمعاملات تقابل الإسلام ، والقصص فى مقابلة الإحسان ، وكما جاء فى الحديث المشهور وسؤال جبريل عليه السلام رسولَ الله صلى الله تعالى عليه وسلم عن الإيمان والغسلام والإحسان ، وكما أن سنة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم هى أقواله وأفعاله وتقريراته ، فقل أن الإيمان يقابل : الأقوال ، والإسلام يقابل الأفعال ، والإحسان يقابل التقريرات ، وقد قام على كل نوع من الأنواع الثلاثة ـ الإيمان والإسلام والإحسان ـ طائفة من أمة رسول الله محمد صلى الله تعالى عليه وسلم ، فقام علماء التوحيد بحق الإيمان حق قيام ، وقام علماء الشريعة أو الفقهاء بحق الإسلام حق قيام ، وقامت الصوفية بمقام ال‘حسان حق قيام ، وعلماء الصوفية قاموا بالإيمان والإسلام والإحسان معاً ، وزادوا علي غيرهم بتفردهم ووصولهم بهذا المقام إلى أعلى مراتبه ، فكما لكل طائفة من الطوائف الثلاث السابقة نصيب من الإيمان والإسلام والإحسان ، ولكن تفردت كل طائفة منهم ونبغت على غيرها فيما اتصفت به ، فكذلك الصوفية لما قاموا على مقام الإحسان تفردوا فيه ونبغوا ووصلوا فيه إلى أعلى المراتب مع أخذهم بنصيبهم الموفور من كل صنف ، هذا أمر .
ـ أمر آخر ، وهو لماذا هذا الاسم " الصوفى" نقول لكم : هناك قاعدة عند أهل العلم تقول : لا مشاحة فى الاصطلاح ، ولا يعنى هذا أن التسمية بهذا الاسم أو ذاك بدعة لم تحدث فى عصر النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ، وأن الأولى أن نتسمى بالمسلمين جميعاً دون أن يكون مسلم صوفى ونحو هذا مما يقال ويقوله الغر الجاهل ، فاعلم أيها الحبيب أنه كما قلت لك : لا مشاحة فى الاصطلاح ، فكما لا نعيب على الفقيه اسمه ، أو على المحدّث اسمه ووصف ونحو هذا فلا حرج فى اطلاق هذا الاسم على الصوفى ، ناهيك أن الصوفى تميز عن غيره بهذا الاسم الطيب للتمييز بينه وبين من هو مشتغل بالدنيا عامل لها يحرث حرثها ، بينما الصوفى مشتغل ليله ونهاره بآخرته عامل لها يحرث حرثها ، فكما هو مع غيره يشترك فى أعمال الدنيا عامل بأوامر الشريعة وفرضها ونفلها غير أنه زاد على غيره بكثرة ذكر وصلاة وعبادة فتميز عنهم بهذا الاسم وذلك الوصف ، والأمر يطول جداً ، ولعلنا نبسطه شرحاً فى موضع آخر إن شاء الله تعالى .
ـ بقى تنبيه أخير : وهو قول الغر الجاهل أن كل ما لم يكن على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فهو بدعة ، وللرد عليه بيسر وسهولة إن شاء الله تعالى ودون الدخول فى مسائل وتفريعات فاعلم أخى الكريم هذه القاعدة الطيبة : أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم لم يفعل كل المباحات ، وقاعدة آخرى تقول لك : أن ترك النبى صلى الله تعالى عليه وسلم لبعض الأمور لا يعنى أنها محرمة أو منهى عنها ، فمثال القاعدة الأولى : نقط المصحف وجمعه بين دفتين كما هو مشاهد اليوم ، وعمل المدارس والمستشفيات وأنشاء المعاهد الدينية لتحفيظ القرآن الكريم وتعليم الدين ونحو هذا ، ومثال الثانى : ترك النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أكل الضب لما وضع بين يديه فتركه فسأله السائل : هل هو حرام ، قال صلى الله تعالى عليه وسلم : لا ، ولكن لم يكن بأرض قومى فتعافه نفسى ، أو كما قال صلى الله تعالى عليه وسلم .
ـ وعلى مثال ما تقدم فلا ينتقد على الصوفية الأوراد والأذكار والأعداد والحلقات ونحو هذا مما يتفرد به الصوفية عن غيرهم من أهل الدنيا أو ممن لا يجتهدون اجتهادهم للآخرة ، وكما قلت لك أخرى الحبيب : الأمر طويل ، فلعل الله تعالى ييسر لنا توضيحه قريباً إن شاء الله تعالى .

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته الاخ طلحة
اعلم سيدى الفاضل ان فى كل شئ يوجد الكويس و الوحش فإذا كان يوجد فى الصوفية الوحش فإنه فى نفس الوقت يوجد الكويس فمعنا ذلك ان كل طرق الصوفية خطأ و اعلم ان من ضمن الكلام و الاخطاء الذى يقوله بعض الاخوة المتمسلفين للناس لبينوا لهم ان الطرق الصوفية حرام وكل ما يفعلونه حرام إن ابسط شئ إن الناس فى بعض حلقات الذكر يذكرون بكلمة (الله حى) فهل معنى ذلك ان الذكر حرام بكلمة (الله حى ) فهل الله ميت معاذ الله من هذه الكلمة واننى استحى من الله وانا اقول ذلك و فى بعض الاحيان فى حلقات الذكر يحدث للانسان جذبة من حلاوة الذكر فهل سمعت عن المجاذيب فهم غير المجانين فهذه من النقاط الذى يكفر بها المتمسلفين الصوفيين و من ضمن المسائل التى يكفرو ا بها الصوفيين و الطرق الصوفية التوسل بالنبي وأل البيت و الاولياء و الصالحين و زيارة القبور و يقولون ان المدد من الله فقط فالمدد من الله حقاْ و صدقاْ و لكن ما المانع لأن يمد به احب الخلق إليه سيد الخلق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم و اذا كنت ناوى يا اخ طلحة تعرف الحقائق فكل هذا مثبوت فى السنة النبوية الصحيحة و ليست المحرفة المشوهة من عند بن تيمية و اتباعه وأن الصوفية لا تأتى بشئ مخالف للسنة و لكن السنة طمثت من اتباع بن تيمية و امثاله
وفقق الله لإظهار الحق لنفسك وللناس فحاول ان تقرأ فى كتاب الدكتور محمود صبيح لتعرف بعض الحقائق من السنة النبوية الشريفة و يارب اكون عرفت اوصلك شئ تفهمه . سلام الله عليكم و رحمته و بركاته .

بارك الله فيك طلحة وبارك الله فيمن عقب وشارك

اعلم أولا أن انحطاط كثير من المسلمين لا يدل على انحطاط الإسلام

وكذلك انحطاط كثير من المتصوفة لا يدل على انحطاط التصوف

هذه أول قاعدة

إن شاء الله كل يوم أو يومين وعلى الأكثر ثلاثة سنذكر قاعدة من القواعد بسيطة جدا

تضع قدمك على الطريق

بسم الله الرحمن الرحيم : الأخ العزيز : طلحة :ـ أما الصوفية : فقد اختلف فى تحديد وصف الصوفى على أقوال كثيرة جداً ، فقيل : التصوف : الجد فى السلوك إلى ملك الملوك ، وقيل : الصوفى : مَن صا عن الكدر ، وامتلأ من الفكر ، وانقطع إلى الله من البشر ، واستوى عنده الذهب والمدر ، وقيل : تصفية القلب عن موافقة البرية ، ومفارقة الأخلاق الطبيعية ، إخماد صفات البشرية ، ومجانبة الدواعى النفسانية ، ومنازلة الصفات الروحانية ، والتعلق بالعلوم الحقيقة ، واستعمال ما هو أولى على الأبدية ، والنصح لجميع الأمة ، والوفاء لله على الحقيقة ، واتباع الرسول  فى الشريعة .إلى غير ذلك من الأقوال والتعريفات وذلك يدل على شرف اسمه ومسماه ، وعن عظيم منزلته وغايته ومرماه .
ـ كما تناوعوا فى اشتقاق الاسم ، ومن أفضل ما قيل فيه ، ما أنشده الإمام السبكى رحمه الله تعالى :
تنازع الناس فى الصوفى واختلفوا قذماً وظنوه مشتقاً من الصوف
ولستُ أنحل هذا الاسم غير فتى صافى فصوفى حتى لقب الصوفى
ـ وهذا البيتان لأبى الفتح البستى .
ـ ومما جاء عن الإمام مالك إمام دار الهجرة قوله : من تصوف ولم يتفقه فقد تنزدق ، ومن تفقه ولم يتصوف فقد تفسق ، ومن جمع بينهما فقد تحقق .
ـ نقلها الشيخ زروق فى قواعده ، وهذه الكلمة من الإمام مالك رحمه الله تعالى تنبئ عن قدر الصوفية وعظيم شأنها ، وتبين حال بعض المتلبسين بها المدعين الانتماء إليها .
ـ كما أنشد الإمام الشافعى رحمه الله تعالى فى ملازمة التصوف للفقه :
فقيهاً وصوفياً فكن ليس واحداً فإنى وحق الله إياك أنصح
فذاك قاس لم يذق قلبه تقى وهذا جهول فكيف يصلح
ـ ومما روى عنه أيضاً قوله : صحبت الصوفية فلم استفد منهم سوى حرفين ـ وفى رواية : سوى ثلاث كلمات ـ : قولهم : الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك ، وقولهم : نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل ، وقولهم : العدم عصمة .
ـ كما روى الخطيب بسند صحيح والحاكم عن إسماعيل بن إسحاق السراج قال : قال لى أحمد بن حنبل يبلغنى أن الحارث هذا ـ يعنى المحاسبى ـ يكثر الكون عندك ، فلو أحضرته منزلك وأجلستنى فى مكان اسمع كلامه ، ففعلت ، وحضر الحارث وأصحابه ، فأكلوا وصلوا العتمة ، ثم قعدوا بين يدى الحارث وهم سكوت إلى قريب نصف الليل ، ثم أخذ الحارث فى الكلام ، وكأن على رؤوسهم الطير ، فمنهم من يبكى ، ومنهم من يخرّ ، ومنهم من يزعق ، وهو فى كلامه ، فصعدت الغرفة فوجدت أحمد قد بكى حتى غشى عليه ، فلما تفرقوا قال أحمد : ما أعلم أنى رأيت مثل هؤلاء ولا سمعت فى علم الحقائق مثل كلام هذا ، وعلى هذا فلا أرى لك صحبتهم .اهـ
ـ قال الحافظ فى التهذيب : إنما نهاه عن صحبتهم لعلمه بقصوره عن مقامهم ، لإغنه مقام ضيق لايسلكه كل أحد ، ويخاف على من يسلكه إى يوفيه حقه .اهـ
ـ وروى الخطيب فى تاريخه عن محمد بن الحسن البغدادى يحكى عن ابن الأعرابى قال : قال ابو حمزة : كان الإمام أحمد بن حنبل يسألنى فى مجلسه عن مسائل ويقول : ما تقول فى فيها يا صوفى ؟
ـ وهذا شهادة من الإمام أحمد ـ الذى يدعون الانتساب إلى مذهبه ـ للصوفية وعلمهم .

الله يرحمك يا شيخ مجدي منصور !!

_________________
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }الأحزاب33