موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 61 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة 1, 2, 3, 4, 5  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: التصوف - أحوال ومقامات
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد مارس 13, 2005 1:16 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد مارس 07, 2004 12:49 pm
مشاركات: 5347

بسم الله الرحمن الرحيم ؛
والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين والنور الهادى إلى صراط الله المستقيم وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ؛

قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خير الناس قرنى – أى اصحابى ، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ".

فلا أسمى وأشرف من صحبة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ لا فضيلة فوقها ولذلك أُطلق على من صحبه صلى الله عليه وسلم الصحابة ، ولما أدركهم أهل العصر الثانى سمى من صحب الصحابة بالتابعين ورأوا فى ذلك أشرف سمة لهم لأنهم صحبوا وتربوا على يد من صحب وحظى بتربية سيد الخلق أجمعين ، ثم قيل لمن بعدهم أتباع التابعين . ثم اختلف الناس وظهرت الفرق والطوائف المتباينة وظهرت البدع فأصبح يطلق على خواص الناس الذين لهم شدة عناية بأمر الدين الزهاد والعباد ، وانفرد خواص أهل السنة المراعون أنفاسهم مع الله تعالى الحافظون قلوبهم عن طوارق الغفلة باسم أهل التصوف .

فالتصوف : هو تزكيـة النفوس وتصفية الأخلاق وتعمير الظاهر والباطن لنيل السعادة الأبدية ( وذلك باتباع الكتاب والسنة ).

قال الإمام الجنيد رحمه الله : الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا على من اقتفى أثر الرسول عليه الصلاة والسلام .

وقال : من لم يحفظ القرآن ولم يكتب الحديث لا يقتدى به فى هذا الأمر ( يعنى التصوف ) لأن علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة .

وقال أبو الحسين النورى : من رأيته يدعى مع الله حالة تخرجه عن حد العلم الشرعى فلا تقربن منه .

وقال أبو عثمان الحيرى : الصحبة مع الله بحسن الأدب ودوام الهيبة والمراقبة والصحبة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم باتباع سنته ولزوم ظاهر العلم والصحبة مع أولياء الله تعالى بالاحترام والخدمة والصحبة مع الأهل بحسن الخلق والصحبة مع الإخوان بدوام البشر ما لم يكن إثماً والصحبة مع الجهال ( أى عصاة المؤمنين ) بالدعاء لهم والرحمة عليهم .

وقال أبو بكر الطمستانى : الطريق واضح والسنة قائم بين أظهرنا وفضل الصحابة معلوم لسبقهم إلى الهجرة ولصحبتهم ( سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، فمن صحب منا الكتاب والسنة وتغرب عن نفسه والخلق وهاجر بقلبه إلى الله فهو الصادق المصيب .

وقال ابن عطاء : من ألزم نفسه آداب الشريعة نور الله قلبه بنور المعرفة ولا مقام أشرف من مقام متابعة الحبيب صلى الله عليه وسلم فى أوامره وأفعاله وأخلاقه .

هذه كلمات بعض أعلام أهل التصوف التى توضح لنا المعنى الحقيقى للتصوف ، وهناك غيرهم الكثير ولكل منهم أحوال ومقامات سوف نتطرق لذكرها مع التعرف على سيرهم بما فيها من آداب ومعاملات لتكون لمريدى هذا الطريق زاد وعون وقوة .

نسأل الله أن يوفقنا لما يحب ويرضى من قول وعمل ، وأن يرزقنا حبه وحب حبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم .. اللهم آمين


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين مارس 14, 2005 11:30 am 
غير متصل

اشترك في: الأحد مارس 07, 2004 12:49 pm
مشاركات: 5347
[align=center]التوبـة[/align]

قال الله تعالى : { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }النور31

التوبة أوّل منزل من منازل السالكين وأوّل مقام من مقامات الطالبين ، ومعنى التوبة فى اللغة الرجوع .. فالتوبة الرجوع عما كان مذموماً فى الشرع إلى ما هو محمود فيه .

فأرباب الأصول من أهل السنة قالوا : شرط التوبة حتى تصح ثلاثة أشياء : الندم على ما عمل من المخالفات ، وترك الزلة فى الحال ، والعزم على أن لا يعود إلى مثل ما عمل من المعاصى فهذه الأركان لا بد منها حتى تصح توبته .

ومن أهل التحقيق من قال : يكفى الندم فى تحقيق ذلك لأن الندم يستتبع الركنين الآخرين ، فإنه يستحيل أن يكون نادماً على ما هو مصر على فعله أو عازم على الإتيان بمثله .

فأول أقسام التوبة إنتباه القلب عن رقدة الغفلة ورؤية العبد ما هو عليه من سوء الحالة .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إِنَّ فِى الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ. أَلاَ وَهِىَ الْقَلْبُ ". رواه البخارى

قال الأستاذ أبا على الدقاق رحمه الله : التوبة على ثلاثة أقسام : أوّلها التوبة وأوسطها الإنابة وآخرها الأوبة ، فكل من تاب لخوف العقوبة فهو صاحب توبة ؛ ومن تاب طمعاً فى الثواب فهو صاحب إنابة ؛ ومن تاب مراعاة للأمر لا لرغبة فى الثواب أو رهبة من العقاب فهو صاحب أوبة .

ويقال ايضاً : التوبة صفة المؤمنين قال الله تعالى :{ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ } النور31 – والإنابة صفة الأولياء والمقربين قال الله تعالى :{ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ } ق33 – والأوبة صفة الأنبياء والمرسلين قال الله تعالى : { نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ } ص30

قال الإمام الجنيد رحمه الله : التوبة على ثلاثة معان : أولها الندم . والثانى العزم على ترك المعاودة إلى ما نهى الله عنه . والثالث السعى فى أداء المظالم .

وقال سهل بن عبد الله : التوبة ترك التسويف .
قال أبو نصر السراج سُئل سهل بن عبد الله يوماً عن التوبة فقال : أن لا تنسى ذنبـك ؛ وسُئل الجنيد عن التوبة فقال : أن تنسى ذنبك . فقال أبو نصر السراج أشار سهل إلى توبة المريدين ، وأما الجنيد فقد أشار إلى توبة المحققين لا يذكرون ذنوبهم بما غلب على قلوبهم من عظمة الله ودوام ذكره .

وسئل ذو النون المصرى عن التوبة فقال : توبة العوام من الذنوب ، وتوبة الخواص من الغفلة .
وقال أيضاً : حقيقة التوبة أن تضيق عليك الأرض بما رحبت حتى لا يكون لك قرار ثم تضيق عليك نفسك ، كما أخبر الله تعالى فى كتابه العزيز : { وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } التوبة 118
وقال النورى : التوبة أن تتوب من كل شئ سوى الله عز وجل.

ويقول عبد الله بن على بن محمد التميمى : شتان ما بين تائب يتوب من الزلات ، وتائب يتوب من الغفلات ، وتائب يتوب من رؤية الحسنات .

فسبحان الله .. لكل حال ومقام مقال .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء مارس 15, 2005 12:51 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد مارس 07, 2004 12:49 pm
مشاركات: 5347
[align=center]المجاهـدة[/align]

قال الله تعالى :{ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }العنكبوت69

يقول الأستاذ أبا على الدقاق : من زين ظاهره بالمجاهدة حسن الله سرائره بالمشاهدة .
ويقول : من لم يكن له فى بدايته قومة لم يكن له فى نهايته جلسة ( فحركات الظواهر توجب بركات السرائر ).

[fot]فيا رب أكرمنا وأعنا على القيام بالطاعات على الوجه الأكمل وبواجبات العبودية
الصادقة لك وفرائض المحبة الخالصة لحبيبك صلى الله عليه وسلم وآله الأطهار
وخدمة أوليائك الصالحين حتى نفوز بجلسة حق ومشاهدة أنوار أسرار المحبة ..
يا رب نحن ضعاف فقونا ونحن فقراء فأغننا بك ونحن أذلاء فأعزنا بك نحن غرباء فأمِّنا
فى حضن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم .. يا رب[/fot]

يقول الجنيد سمعت السرى يقول : يا معشر الشباب جدّوا قبل أن تبلغوا مبلغى فتضعفوا وتقصروا كما ضعفت وقصرت ؛ وكان فى ذلك الوقت لا يلحقه الشباب فى العبادة .

[marq=right]( يا ابن آدم اعلم أنه إذا مضى يومك فقد ذهب بعضك .. فاعمل اليوم ما تجد ثمرته الغد )[/marq]

يقول إبراهيم ابن أدهم : لن ينال الرجل درجة الصالحين حتى يجوز ست عقبات :-
1- يغلق باب النعمة ويفتح باب الشدة .
2- يغلق باب العز ويفتح باب الذل .
3- يغلق باب الراحة ويفتح باب الجهد .
4- يغلق باب النوم ويفتح باب السهر .
5- يغلق باب الغنى ويفتح باب الفقر .
6- يغلق باب الأمل ويفتح باب الاستعداد للموت .

يقول أبا عمرو بن نجيد : من كرمت عليه نفسه ( ووافقها فى تحب من الشهوات وترك مشقة الطاعات ) هان عليه دينه .
للنفس صفتان مانعتان لها من الخير : إنهماك فى الشهوات وامتناع عن الطاعات ؛
فجهد العوام فى توفية الأعمال ، وقصد الخواص إلى تصفية الأحوال .

يروى أن أحد المشايخ كان يصلى فى مسجده فى الصف الأول سنين كثيرة فعاقه يوماً عن الابتكار إلى المسجد عائق فصلى فى الصف الأخير فلم يُرَ مدّة فسئل عن السبب فقال كنت أقضى صلاة كذا وكذا سنة صليتها وعندى أنى مخلص فيها لله فداخلنى يوم تأخرى عن المسجد شهود الناس إياى فى الصف الأخير نوع من الخجل فعلمت أن نشاطى طول عمرى إنما كان على رؤيتهم فقضيت صلواتى .

ويحكى عن أبى محمد المرتعش أنه قال حججت كذا وكذا حجة على التجريد فبان لى أن جميع ذلك كان مشوباً بحظى وذلك أن والدتى سالتنى يوماً أن استقى لها جرة ماء فثقل ذلك على نفسى فعلمت أن مطاوعة نفسى فى الحجات كانت لحظ لنفسى إذ لو كانت نفسى فانية لم يصعب عليها ما هو حق فى الشرع .

[fot]اللهم خذنا منا إليك وقنا شرور أنفسنا واجعل شهوتنا فى طاعتك ..
وارزقنا أدب الظاهر والباطن مع أوليائك الصالحين .. اللهم اجعلنا من عبادك
المخلصين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون .. اللهم آمين [/fot]

ويقول ذو النون المصرى : ما أعز الله عبداً بعز هو أعز له من أن يدله على
ذل نفسه ، وما أذل الله عبداً بذل هو أذّل له من أن يحجبه عن ذُلّ نفسه .

ويقول أبا على الروذبارى : دخلت الآفة على الخلق من ثلاثة : سقم الطبيعة ( أكل الحرام ) ، وملازمة العادة ( النظر والاستماع بالحرام والغيبة ) ،
وفساد الصحبة ( كلما هاجت فى النفس شهوة تبعتها ).

ويقول أبو حفص : النفس ظلمة كلها ، وسراجها سرها ، ونور سراجها التوفيق ،
فمن لم يصحبه فى سره توفيق من ربه كان ظلمة كله .
وقال أبو عثمان : لا يرى أحد عيب نفسه وهو مستحسن من نفسه شيئاً ،
وإنما يرى عيوب نفسه من يتهمها فى جميع الأحوال .

ويقول ذو النون المصرى : إنما دخل الفساد على الخلق من ستة أشياء :-
1- ضعف النية بعمل الآخرة .
2- صارت أبدانهم رهينة لشهواتهم .
3- غلبهم طول الأمل مع قرب الأجل .
4- آثروا رضا المخلوقين على رضا الخالق .
5- اتبعوا أهواءهم ونبذوا سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم وراء ظهورهم .
6- جعلوا قليل زلات السلف حجة لأنفسهم ، ودفنوا كثير مناقبهم .

[fot]يا رب مضى العمر ونحن فى غفلة فاغفر لنا ما مضى وأصلح لنا ما بقى
فلم يبق إلا القليل وإن ظنه الجاهل كثير .. اللهم أحيى أموات قلوبنا
وأصلح فساد نفوسنا بنظرة رضا من عين طبيب الأبدان ودواء الأرواح
وشفاء النفوس حبيبك المصطفى عين رحمتك ورأفتك صلى الله عليه
وسلم يا رؤوف يا رحيم .. اللهم آمين[/fot]


آخر تعديل بواسطة فدا النبى في الأربعاء مارس 16, 2005 1:59 pm، عدل 1 مرة

أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء مارس 16, 2005 1:51 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد مارس 07, 2004 12:49 pm
مشاركات: 5347
[align=center]الخلوة والعزلة[/align]

العزلة فى الحقيقة هى إعتزال الخصال المذمومة ؛ فهى تبديل الصفات لا التنائى عن الأوطان.

ولهذا قيل من العارف ؟ قالوا كائن بائن .. أى كائن مع الخلق بائن عنهم بالسر .

قال يحيى بن معاذ : انظر أنسك بالخلوة أو أنسك معه فى الخلوة ، فإن كان أنسك بالخلوة ذهب أنسك إذا خرجت منها وإن كان أنسك به فى الخلوة استوت لك الأماكن فى الصحارى والبرارى .
وقال : الوحدة جليس الصديقين.

سئل الجريرى عن العزلة فقال : أن تعزل نفسك عن الآثام ويكون سرك مربوطاً بالحق .

وقال ذو النون المصرى : ليس من احتجب عن الخلق كمن احتجب عنهم بالله .

سمع الشبلى يقول : الإفلاس الإفلاس يا ناس . فقيل له ما علامة الإفلاس يا أبا بكر ؟ فقال : من علامة الإفلاس الإستئناس بالناس .

دخل سعيد بن حرب يوماً على مالك بن مسعود بالكوفة وهو فى داره وحده فقال له : أما تستوحش وحدك . فقال : ما كنت أرى أن أحداً يستوحش مع الله .

وقال رجل لذى النون المصرى : متى تصح لى العزلة . فقال : إذا قويت على عزلة نفسك .

وقيل لابن المبارك ما دواء القلب . فقال : قلة الملاقاة للناس .

وقيل إذا أراد الله أن ينقل العبد من ذل المعصية إلى عز الطاعة آنسه بالوحدة وأغناه بالقناعة وبصره بعيوب نفسه فمن أعطى ذلك فقد أعطى خير الدنيا والآخرة .



أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس مارس 17, 2005 1:26 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد مارس 07, 2004 12:49 pm
مشاركات: 5347
[align=center]التقـوى[/align]

قال الله تعالى :" { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ }الحجرات13

عن مجاهد عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنهم قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يانبى الله أوصنى ، فقال صلى الله عليه وسلم : (عليك بتقوى الله فإنه جماع كل خير وعليك بالجهاد فإنه رهبانية الإسلام وعليك بذكر الله فإنه نور لك).

التقوى جماع الخيرات ، وحقيقة الاتقاء التحرز بطاعة الله عن عقوبته .
وقيل أصل التقوى اتقاء الشرك ثم بعده اتقاء المعاصى والسيآت ثم بعده اتقاء الشبهات .

وجاء فى تفسير قوله تعالى : { اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ } آل عمران102- أن معناه أن يطاع فلا يعصى ويذكر فلا ينسى ويشكر فلا يكفر .

يقول سهل بن عبد الله : لا معين إلا الله ولا دليل إلا رسول الله ولا زاد إلا التقوى ولا عمل إلا الصبر عليه .
وقال أيضاً : من أراد أن تصح له التقوى فليترك الذنوب كلها .

ويقول الجريرى : من لم يحكم بينه وبين الله التقوى والمراقبة لم يصل إلى الكشف والمشاهدة.

وقال بعضهم : من تحقق فى التقوى هون الله على قلبه الإعراض عن الدنيا .

ويقول ابن عطاء الله : للتقوى ظاهر وباطن فظاهره محافظة الحدود وباطنه النية والإخلاص.

وقال ذو النون :

[poet font="Simplified Arabic,4,green,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
فلا عيش إلا مع رجال قلوبهم"="تحن إلى التقوى وترتاح للذكر
سكون إلى روح اليقين وطيبه"="كما سكن الطفل الرضيع للحجر
[/poet]

وقيل يستدل على تقوى الرجل بثلاث : حسن التوكل فيما لم ينل ، وحسن الرضا فيما قد نال ، وحسن الصبر على ما قد فات .

وقيل التقوى على وجوه :-
للعامة تقوى الشرك ، وللخاصة تقوى المعاصى ، وللأولياء تقوى التوسل بالأفعال ، وللأنبياء تقوى نسبة الأفعال إذ تقواهم منه إليه .

وعن أمير المؤمنين علىّ رضى الله عنه قال : سادة الناس فى الدنيا الأسخياء وسادة الناس فى الآخرة الأتقياء .

وعن تقوى إبراهيم ابن أدهم يروى عنه أنه قال :
بت ليلة تحت الصخرة ببيت المقدس فلما كان بعض الليل نزل ملكان فقال أحدهما لصاحبه من ههنا فقال الآخر إبراهيم ابن أدهم فقال ذال الذى حط الله درجة من درجاته فقال لم قال لأنه اشترى بالبصرة التمر فوقعت تمرة على تمره من تمر البقال فلم يردها على صاحبها . قال إبراهيم فمضيت إلى البصرة واشتريت التمر من ذلك الرجل وأوقعت تمرة على تمره ورجعت إلى بيت المقدس وبت فى الصخرة فلما كان بعض الليل إذا أنا بملكين نزلا من السماء فقال أحدهما لصاحبه من ههنا فقال الآخر إبراهيم بن أدهم فقال ذاك الذى ردّ الله مكانه ورفعت درجته
.



أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت مارس 19, 2005 12:17 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد مارس 07, 2004 12:49 pm
مشاركات: 5347
[align=center]الورع[/align]

عن أبى ذر رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه " .
وقال صلى الله عليه وسلم لأبى هريرة رضى الله عنه : " كن ورعاً تكن أعبد الناس " .

قال أبو بكر الصديق رضى الله عنه : كنا ندع سبعين باباً من الحلال مخافة أن نقع فى باب من الحرام .

قال الشبلى : الورع أن تتورع عن كل ما سوى الله تعالى .

ويقول أبو سليمان الدارانى : الورع أول الزهد كما أن القناعة طرف من الرضا .

قال يحيى بن معاذ : الورع الوقوف على حد العلم من غير تأويل .
ويقول: الورع على وجهين ورع فى الظاهر وهو أن لا يتحرك إلا لله تعالى ، وورع فى الباطن وهو أن لا يدخل قلبك سواه تعالى .
كما قال أيضاً : من لم ينظر فى الدقيق من الورع لم يصل إلى الجليل من العطاء .

وقال يونس بن عبيد : الورع الخروج من كل شبهة ومحاسبة النفس فى كل طرفة .

أما سفيان الثورى فيقول : ما رأيت أسهل من الورع ما حاك فى نفسك تركته .

وقال معروف الكرخى : احفظ لسانك من المدح كما تحفظه من الذم .

وقال بشر بن الحرث : أشد الأعمال ثلاثة : الجود فى القلة ، والورع فى الخلوة ، وكلمة حق عند من يخاف منه ويرجى .

ويروى أن يوماً جاءت أخت بشر الحافى إلى أحمد بن حنبل وقالت إنا نغزل على سطوحنا فتمر بنا مشاعل الظاهرية ويقع الشعاع علينا أفيجوز لنا الغزل فى شعاعها . فقال أحمد : من أنت عافاك الله تعالى ؟ فقالت : أخت بشر الحافى . فبكى أحمد وقال من بيتكم يخرج الورع الصادق ، لا تغزلى فى شعاعها .

ويحكى عن بشر الحافى أنه دُعى إلى دعوة فوُضِع بين يديه الطعام فجهد أن يمد يده إليه فلم تمتد ففعل ذلك ثلاث مرات . فقال رجل يعرف ذلك منه إن يده لا تمتد إلى طعام فيه شبهة ، ما كان أغنى صاحب الدعوة أن يدعو هذا الشيخ .

ودخل الحسن البصرى مكة فرأى غلاماً من أولاد سيدنا على بن أبى طالب رضى الله عنه قد أسـند ظهره إلى الكعبة يعظ الناس . فوقف عليه الحسن وسأله : ما ملاك الدين ؟ فقال : الورع . قال : فما آفة الدين ؟ فقال : الطمع .

وعن ورع الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى أنه رهن سطلاً له عند بقال بمكة ، فلما أراد أن يفك رهنه أخرج البقال إليه سطلين وقال : خذ أيهما لك فقال أحمد : أشكل على سطلى فهو لك والدراهم لك . فقال البقال سطلك هذا وأنا أردت أن أجربك . فقال : لا آخذه ومضى وترك السطل عنده .

ورؤى سفيان الثـورى فى المنام وله جناحان يطير بهما فى الجنة ، فقيل له بم نلت هذا ؟ فقال : بالورع

.


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء مارس 22, 2005 1:30 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد مارس 07, 2004 12:49 pm
مشاركات: 5347
[align=center]الزهـد[/align]

قال الإمام أبو القاسم رحمه الله : اختلف الناس فى الزهد فمنهم من قال : زهد فى الحرام لأن الحلال مباح من قبل الله تعالى فإذا أنعم الله سبحانه على عبده بمال من حلال وتعبده بالشكر عليه فتركه له بإختياره لا يُقَدّم على إمساكه بحق إذنه .

ومنهم من قال الزهد فى الحرام واجب ، وفى الحلال فضيلة ؛ فإن إقلال المال والعبد صابر فى حاله راض بما قسـم الله تعالى له قانع بما يعطيه أتّم من توسعه وتبسطه فى الدنيـا ، وأن الله تعالى زهـد الخلق فى الدنيـا بقوله تعـالى :{ قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى }النساء77 .

قال سفيان الثورى : الزهد فى الدنيا قصر الأمل ليس بأكل الغليظ ولا بلبس العباء .

يقول الجنيد سمعت السرى يقول : إن الله سلب الدنيا عن أوليائه وحماها عن أصفيائه وأخرجها من قلوب أهل وداده لأنه لم يرضها لهم .

وقـيل الزهـد من قـوله سـبحانه وتـعالى :{ لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ }الحديد23 – فالزاهد لا يفرح بموجود من الدنيا ولا يتأسف على مفقود منها .
وقيل الزهد : عزوف النفس عن الدنيا بلا تكلف .

وقال يحيى بن معاذ : الزهد يورث السخاء بالملك ، والحب يورث السخاء بالروح .
وقال أيضاً : لا يبلغ أحد حقيقة الزهد حتى يكون فيه ثلاث خصال : عمل بلا علاقة ، وقول بلا طمع ، وعز بلا رياسة .
وقيل : من صدق فى زهده أتته الدنيا راغمة . ولهذا قيل لو سقطت قلنسوة من السماء لما وقعت إلا على رأس من لا يريدها .

قال الجنيد : الزهد خلو القلب عما خلت منه اليد .
وسُئل الجنيد عن الزهد فقال : استصغار الدنيا ومحو آثارها من القلب .

وقال أبو سليمان الدارانى : الزهد ترك ما يشغل عن الله تعالى .
وسُئل الشبلى عن الزهد فقال : أن تزهد فيما سوى الله تعالى .

قال أبو عثمان : إن الله تعالى يعطى الزاهد فوق ما يريد ويعطى الراغب دون ما يريد ويعطى المستقيم موافقة ما يريد .

وقال أبو الحسن البصرى : الزهد فى الدنيا أن تبغض أهلها وتبغض ما فيها .

يقول أحمد بن حنبل : الزهد على ثلاثة أوجه ترك الحرام وهو زهد العوام ، والثانى ترك الفضول من الحلال وهو زهد الخواص ، والثالث ترك ما يشغل العبد عن الله تعالى وهو زهد العارفين .

وقال حاتم الأصم : الزاهد يذيب كيسه قبل نفسه ، والمتزهد يذيب نفسه قبل كيسه .

وقد سُمع الفضيل بن عياض يقول : جعل الله الشر كله فى بيت وجعل مفتاحه حب الدنيا ، وجعل الخير كله فى بيت وجعل مفتاحه الزهد
.


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء مارس 22, 2005 1:43 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد مارس 07, 2004 12:49 pm
مشاركات: 5347
[align=center]الصمت[/align]

عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت " .
وعن أبى أمامة عن عقبة بن عامر قال قلت " يا رسول الله ما النجاة ، قال احفظ عليك لسانك وليسعك بيتك وأبك على خطيئتك ".

ويقول الأستاذ أبا على الدقاق : الصمت من آداب الحضرة قال الله تعالى : { وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }الأعراف204
وقال تعالى – خبراً عن الجن بحضرة الرسول صلى الله عليه وسلم - { فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا }الأحقاف29
وقال تعالى : { وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً } طه108.

وقيل إن داود الطائى لما أراد أن يقعد فى بيته اعتقد أن يحضر مجالس أبى حنيفة إذ كان تلميذاً له ويقعد بين أضرابه من العلماء ولا يتكلم فى مسألة ، فلما قوى نفسه على ممارسة هذه الخصلة سنة كاملة قعد فى بيته عند ذلك وآثر العزلة .

يقول بشر بن الحرث : إذا أعجبك الكلام فاصمت وإذا أعجبك الصمت فتكلم .

ويقول الدينورى : الحكماء ورثوا الحكمة بالصمت والتفكر .

وقال أبو بكر الفارسى : إذا كان العبد ناطقاً فيما يعنيه وما لا بدّ منه فهو فى حد الصمت .

ويروى عن معاذ بن جبل أنه قال : كلم الناس قليلاً وكلم ربك كثيراً لعلّ قلبك يرى الله تعالى.

وقيل لذى النون المصرى : من أصون الناس لنفسه ؟ قال : أملكهم للسانه .

يحكى عن إبراهيم بن أدهم أنه دُعى إلى دعوة فلما جلس أخذ الناس فى الغيبة ؛ فقال : عندنا يؤكل اللحم بعد الخبز وأنتم ابتدأتم بأكل اللحم أشار إلى قوله تعالى : { أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ }الحجرات12.

وقيل : صمت العوام بألسنتهم ، وصمت العارفين بقلوبهم ، وصمت المحبين من خواطر أسرارهم .
وقيل : لسان الجاهل مفتاح حتفه - وقيل : المحب إذا سكت هلك والعارف إذا سكت ملك .
ويقول الفضيل بن عياض : من عد كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء مارس 23, 2005 2:04 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد مارس 07, 2004 12:49 pm
مشاركات: 5347
[align=center]الخوف[/align]

قال الله تعالى : { يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً }السجدة16

عن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يلج النار رجل بكى من خشية الله " .

وعن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ".

يقول أبا على الدقاق رحمه الله تعالى : الخوف على مراتب الخوف والخشية والهيبة . فالخوف من شرط الإيمان قال الله تعالى : { وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } آل عمران 175 – والخشية من شرط العلم قال الله تعالى : { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء } فاطر28 - والهيبة من شرط المعرفة قال تعالى : { وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ } آل عمران30 .

يقول أبا حفص : الخوف سوط الله قوّم به الشاردين عن بابه .
ويقول أيضاً : الخوف سراج القلب به يبصر ما فيه من الخير والشر .

يقول أبا على الدقاق : الخوف أن لا تعلل نفسك بعسى وسوف .
وقيل : ليس الخائف الذى يبكى ويمسح عينيه إنما الخائف من يترك ما يخاف أن يعذب عليه .

وقيل للفضيل : ما لنا لا نرى خائفاً ؟ فقال لو كنتم خائفين لرأيتم الخائفين إن الخائف لا يراه إلا الخائفون .

وقال يحيى بن معاذ : مسكين ابن آدم لو خاف من النار كما يخاف من الفقر لدخل الجنة .

وقال شاه الكرمانى : علامة الخوف الحزن الدائم .

وسئل ذو النون المصرى رحمه الله تعالى : متى يتيسر على العبد سبيل الخوف ؟ فقال إذا أنزل نفسه منزلة السقيم يحتمى من كل شىء مخافة طول السقام .

وقال معاذ بن جبل : إن المؤمن لا يطمئن قلبه ولا تسكن روعته حتى يخلف جسر جهنم وراءه .

قال بشر الحافى : الخوف ملك لا يسكن إلا فى قلب متق .
وقال رجل لبشر الحافى : أراك تخاف الموت فقال القدوم على الله عز وجل شديد .

وقال أبو عثمان الحيرى : عيب الخائف فى خوفه السكون إلى خوفه لأنه أمر خفى .
ويقول أبا عثمان : صدق الخوف هو الورع عن الآثام ظاهراً وباطناً .

يقول النورى : الخائف يهرب من ربه إلى ربه .

وسئل الجنيد عن الخوف فقال : توقع العقوبة مع مجارى الأنفاس .

ويقول أبا سليمان الدارانى : ما فارق الخوف قلباً إلا خَرِبَ .

وقال ذو النون المصرى : الناس على الطريق ما لم يزل عنهم الخوف فإذا زال عنهم الخوف ضلوا عن الطريق .

وقال حاتم الأصم : لكل شىء زينة وزينة العبادة الخوف وعلامة الخوف قصر الأمل .

يروى عن أبا على الدقاق أنه دخل على الإمام أبى بكر بن فورك عائداً فلما رآه دمعت عيناه فقال له الدقاق إن شاء الله تعالى يعافيك ويشفيك فقال لن ترانى أخاف من الموت إنما أخاف مما وراء الموت .
وعن السيدة عائشة رضى الله عنها قالت : " قلت يا رسول الله الذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أهو الرجل يسرق ويزنى ويشرب الخمر ؟ قال لا ولكن الرجل يصوم ويصلى ويتصدق ويخاف أن لا يقبل منه ".

وقال ابن المبارك : يهيج الخوف حتى يسكن فى القلب دوام المراقبة فى السر والعلانية .

وقال إبراهيم بن شيبان : إذا سكن الخوف القلب أحرق مواضع الشهوات منه وطرد رغبة الدنيا عنه .
وقيل الخوف : قوة العلم بمجارى الأحكام . وقيل أيضاً : هو حركة القلب من جلال الرب .

وقال الحسين بن منصور : من خاف من شىء سوى الله عز وجل أو رجا سواه أغلق عليه أبواب كل شىء وسلط عليه المخافة وحجبه بسبعين حجاباً أيسرها الشك ، وإن مما أوجب شدة خوفهم فكرهم فى العواقب وخشية تغير أحوالهم قال الله تعالى : { وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ }الزمر 47 .

وكثيراً ما كان ينشد أبا على الدقاق فيقول :
[poet font="Simplified Arabic,4,green,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
أحسنت ظنك بالأيام إذ حسنت"="ولم تخف سوء ما يأتى به القدر
وسالمتك الليالى فاغتررت بها"="وعند صفو الليالى يحدث الكدر
[/poet]

وقيل مرض سفيان الثورى فعرض دليله على الطبيب فقال هذا رجل قطع الخوف كبده ثم جاء وجس عرقه ثم قال ما علمت أن فى الحنيفية مثله .

ويحكى عن أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى أنه قال سألت ربى عز وجل أن يفتح علىّ باباً من الخوف ففتح فخفت على عقلى فقلت يا رب أعطنى على قدر ما أطيق فسكن ذلك عنى .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس مارس 24, 2005 1:01 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد مارس 07, 2004 12:49 pm
مشاركات: 5347
[align=center]الرجـاء[/align]

قال الله تعالى : { مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ }العنكبوت5 .

عن أنس رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : قال الله تعالى : يا ابن آدم ! إنك ما دعوتـني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي ، يا ابن آدم ! لو بلغت ذنـوبك عنان السماء ، ثم استغفرتني غفرت لك ، يا ابن آدم ! إنك لو اتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشـرك بي شيئاً لأتيتـك بقرابها مغـفرة.
( رواه الترمذي:3540، وقال: حديث حسن صحيح).

الرجاء هو : تعلق القلب بمحبوب سيحصل فى المستقبل ، وكما أن الخوف يقع فى مستقبل الزمان فكذلك الرجاء يحصل لما يؤمل فى الاستقبال . وبالرجاء عيش القلوب واستقلالها .
والفرق بين الرجاء والتمنى أن التمنى يورث صاحبه الكسل ولا يسلك طريق الجهد والجد ، وبعكسه صاحب الرجاء ؛ فالرجاء محمود والتمنى معلول .

يقول شاه الكرمانى : علامة الرجاء حسن الطاعة .

وقيل الرجاء ثقة الجود من الكريم الودود ؛ وقيل : الرجاء رؤية الجلال بعين الجمال ؛
وقيل : هو قرب القلب من ملاطفة الرب ؛ وقيل : هو النظر إلى سعة رحمة الله تعالى .

يقول أبا على الروذبارى : الخوف والرجاء هما كجناحى الطائر إذا استويا استوى الطير وتمّ طيرانه ، وإذا نقص أحدهما وقع فيه النقص ، وإذا ذهبا صار الطائر فى حدّ الموت .

وسئل أحمد بن عاصم : ما علامة الرجاء فى العبد ؟ فأجاب : أن يكون إذا أحاط به الإحسان أُلهم الشكر راجياً لتمام النعمة من الله تعالى عليه فى الدنيا وتمام عفوه فى الآخرة .

ويحكى بكر بن سليم الصوّاف فيقول : دخلنا على مالك بن أنس فى العشية التى قُبض فيها فقلنا يا أبا عبد الله كيف تجدك . فقال ما أدرى ما أقول لكم غير أنكم ستعاينون من عفو الله تعالى ما لم يكن لكم فى حساب ثم ما برحنا حتى أغمضناه .

قال يحيى بن معاذ : يكاد رجائى لك مع الذنوب يغلب رجائى لك مع الأعمال لأنى أجدنى أعتمد فى الأعمال على الإخلاص وكيف أحرزها وأنا بالآفة معروف وأجدنى فى الذنوب أعتمد على عفوك وكيف لا تغفرها وأنت بالجود موصوف .
وقال أيضاً : إلهى أحلى العطايا فى قلبى رجاؤك وأعذب الكلام على لسانى ثناؤك وأحب الساعات إلىّ ساعة يكون فيها لقاؤك .

يُحكى أن ابن المبارك كان يقاتل مجوسياً مرة فدخل وقت صلاة المجوسى فاستمهله فأمهله فلما سجد للشمس أراد ابن المبارك أن يضربه بسيفه فسمع هاتفاً به يقول - وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً – فأمسك فلما سلم المجوسى قال له لم أمسكت عما هممت به فذكر له ما سمع فقال له المجوسى نعم الرب رب يعاتب وليه فى عدوّه فأسلم وحسن إسلامه .

ويحكى أبا على الدقاق فيقول : مرّ أبو عمرو البيكندى يوماً بسكة فرأى قوماً أرادوا إخراج شاب من المحلة لفساده وامرأة تبكى قيل أنها أمه فرحمها أبو عمرو فشفع له إليهم وقال هبوه منى هذه المرة فإن عاد إلى فساده فشأنكم فرهبوه منه فمضى أبو عمرو . فلما كان بعد أيام اجتاز بتلك السكة فسمع بكاء العجوز من وراء ذلك الباب فقال فى نفسه لعلّ الشاب عاد إلى فساده فنفى من المحلة ؛ فدق عليها الباب وسألها عن حال الشاب فخرجت العجوز وقالت إنه مات فسألها عن حاله فقالت لما قرب أجله قال لا تخبرى بموتى الجيران فلقد آذيتهم وأنهم يشمتون بى ولا يحضرون جنازتى وإذا دفنتينى فهذا خاتم لى مكتوب عليه بسم الله فادفنيه معى فإذا فرغت من دفنى فتشفعى لى إلى ربى عز وجل . قالت : ففعلت وصيته فلما انصرفت عن رأس قبره سمعت صوته يقول انصرفى يا أماه فقد قدمت على رب كريم .

ورؤى مالك بن دينار فى المنام بعد موته فقيل له ما فعل الله بك فقال : قدمت على ربى عز وجل بذنوب كثيرة محاها عنى حسن ظنى به تعالى
.


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد مارس 27, 2005 1:15 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد مارس 07, 2004 12:49 pm
مشاركات: 5347
[align=center]الحـزن[/align]

قال الله عز وجل : " { وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ } فاطر34 .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا هم ولا حزن ولا غم ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها خطاياه ".

الحزن حال يقبض القلب عن التفرق فى أودية الغفلة ، والحزن من أوصاف أهل السلوك .
يقول أبا على الدقاق : صاحب الحزن يقطع من طريق الله تعالى فى شهر ما لا يقطعه من فقد حزنه سنين .
سَمِعَت رابعة العدوية يوماً رجلاً يقول واحزناه . فقالت : قل واقلة حزناه لو كنت محزوناً لم يتهيأ لك أن تتنفس .
وكان داود الطائى الغاب عليه الحزن وكان يقول بالليل : إلهى همك عطل علىّ الهموم وحال بينى وبين الرقاد .
وقيل : الحزن يمنع من الطعام والخوف يمنع من الذنوب.
وتكلم الناس فى الحزن فكلهم قالوا إنما يحمد حزن الآخرة وأما حزن الدنيا فغير محمود .
وكان الحسن البصرى لا يراه أحد إلا ظن أنه حديث عهد بمصيبة .
ويقول الفضيل بن عياض : كان السلف يقولون إن على كل شىء زكاة وزكاة العقل طول الحزن .



أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين مارس 28, 2005 12:58 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد مارس 07, 2004 12:49 pm
مشاركات: 5347
[align=center]الجـوع وتـرك الشـهوة[/align]

قال الله تعالى : { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ }البقرة155
وقال تعالى : { وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ }الحشر9 .

عن أنس بن مالك قال : " جاءت فاطمة رضى الله عنها بكسرة خبز لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما هذه الكسرة يا فاطمة ؟ قالت : قرصاً خبزته ولم تطب نفسى حتى أتيتك بهذه الكسرة ، فقال أما أنه أوّل طعام دخل فم أبيك منذ ثلاثة أيام " .

ولهذا كان الجوع من صفات القوم وهو أحد أركان المجاهدة فإن أرباب السلوك تدرجوا إلى إعتياد الجوع والإمساك عن الأكل ووجدوا ينابيع الحكمة فى الجوع وكثرت عنهم الحكايات فى ذلك .

قال يحيى بن معاذ : لو أن الجوع يباع فى السوق لما كان ينبغى لطلاب الآخرة إذا دخلوا السوق أن يشتروا غيره .
وقال أيضاً : الجوع للمريدين رياضة ، وللتائبين تجربة ، وللزهاد سياسة ، وللعارفين مكرمة.

وقال سهل بن عبد الله : لما خلق الله تعالى الدنيا جعل فى الشبع المعصية والجهل ، وجعل فى الجوع العلم والحكمة .
( وكان سهل إذا جاع قوى وإذا أكل شيئاً ضعف ).
ويروى أنه قيل لسهل : الرجل يأكل فى اليوم أكلة . فقال : أكل الصديقين ، قال : فأكلتين. قال : أكل المؤمنين . قال : فثلاثة . قال : قل لأهلك يبنون لك معلفاً .

يحكى أبا القاسم جعفر بن أحمد الرازى فيقول : اشتهى أبو الخير العسقلانى السمك سنين ثم ظهر له ذلك من موضع حلال ، فلما مدّ يده إليه ليأكل أخذت شوكة من عظام السمك أصبعه فذهبت فى ذلك يده . فقال يا رب هذا لمن مدّ يده بشهوة إلى حلال فكيف بمن مدّ يده بشهوة إلى حرام ؟.

ويقول مالك بن دينار : من غلب شهوات الدنيا فذلك الذى يفرق الشيطان من ظله .

ويروى أبا على الدقاق أنه قيل لبعض المشايخ : ألا تشتهى ؟ فقال أشتهى ولكن احتمى ؛ وقيل لبعضهم : ألا تشتهى ؟ فقال : أشتهى أن أشتهى وهذا أتم .

يقول أبا تراب النخشبى : ما تمنت نفسى من الشهوات إلا مرة واحدة ، تمنت خبزاً وبيضاً وأنا فى سفر فعدلت إلى قرية فقام واحد وتعلق بى وقال : هذا كان مع اللصوص فضربونى سبعين درة ، ثم عرفنى رجل منهم فقال : هذا أبو تراب النخشبى واعتذروا إلىّ فحملنى رجل إلى منزله إكراماً لى وشفقة علىّ وقدّم إلىّ خبزاً وبيضاً فقلت لنفسى كلى بعد سبعين درة .



أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء مارس 29, 2005 1:39 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد مارس 07, 2004 12:49 pm
مشاركات: 5347
[align=center]الخشـوع والتواضع[/align]

قال الله تعالى : { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ } المؤمنون1،2
وروى مسلم في صحيحه عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ، فقال رجل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنـًا ونعله حسنا ً، فقال : إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر بَطَرُ الحقِّ وغمط الناس".
(ومعنى بطر الحق : الاستنكاف عن قبوله ورده والنظر إليه بعين الاستصغار ، وذلك للترفع والتعاظم ؛ ومعنى غمط الناس : إزدراؤهم واحتقارهم ) .

وعن أنس بن مالك قال " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود المريض ويشيع الجنائز ويركب الحمار ويجيب دعوة العبد وكان يوم قريظة والنضير على حمار مخطوم بحبل من ليف عليه إكاف من ليف " .

فالخشوع هو : الإنقياد للحق . والتواضع : الاستسلام للحق وترك الاعتراض على الحكم .
سئل بعضهم عن الخشوع فقال : الخشوع قيام القلب بين يدى الحق سبحانه بهم مجموع .

وقال سهل بن عبد الله : من خشع قلبه لم يقرب منه الشيطان .
وقيل : من علامات الخشوع للعبد أنه إذا أُغضب أو خولف أو رُدّ عليه أن يستقبل ذلك بالقبول .

وقال الحسن البصرى : الخشوع الخوف الدائم اللازم للقلب .

وسئل الجنيد عن الخشوع فقال : تذلل القلوب لعلاّم الغيوب قال الله تعالى : { وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً } الفرقان63
وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يعبث فى صلاته بلحيته فقال " لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه ".

وقال مجاهد : لما أغرق الله تعالى قوم نوح شمخت الجبال وتواضع الجودى فجعله الله تعالى قراراً لسفينة نوح عليه السلام .

وكان عمر بن عبد العزيز يكتب ليلة شيئاً وعنده ضيف فكاد السراج ينطفىء فقال الضيف أقوم إلى المصباح فأصلحه . فقال : لا ليس من الكرم إستخدام الضيف . قال : فأنبه الغلام . قال : لا هى أول نومة نامها فقام إلى البطة وجعل الدهن فى المصباح . فقال الضيف : قمت بنفسك يا أمير المؤمنين . فقال له عمر : ذهبت وأنا عمر ورجعت وأنا عمر .

وقال الفضيل بن عياض : من رأى لنفسه قيمة فليس له فى التواضع نصيب .
وسئل الفضيل عن التواضع فقال : تخضع للحق وتنقاد له وتقبله ممن قاله .
وقال أيضاً : أوحى الله تعالى إلى الجبال إنى مكلم على واحد منكم نبياً فتطاولت الجبال وتواضع طور سيناء فكلم الله تعالى عليه موسى عليه السلام لتواضعه .

وقيل لأبى يزيد : متى يكون الرجل متواضعاً فقال إذا لم ير لنفسه مقاماً ولا حالاً ولا يرى أن فى الخلق من هو شر منه .
وقيل : التواضع نعمة لا يحسد عليها والكبر محنة لا يرحم عليها والعز فى التواضع فمن طلبه فى الكبر لم يجده .

يقول سفيان الثورى : أعز الخلق خمسة أنفس : عالم زاهد وفقيه صوفى وغنى متواضع وفقير شاكر وشريف سنى .

وقيل ركب زيد بن ثابت فدنا ابن عباس ليأخذ بركابه ، فقال : مه يا ابن عم رسول الله فقال هكذا أُمرنا أن نفعل بعلمائنا . فأخذ زيد بن ثابت يد ابن عباس فقبلها ، وقال : هكذا أُمرنا أن نفعل بأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقال عروة بن الزبير رأيت عمر بن الخطاب رضى الله عنه وعلى عاتقه قربة ماء فقلت يا أمير المؤمنين لا ينبغى لك هذا ، فقال : لما أتانى الوفود سامعين مطيعين دخلت فى نفسى نخوة فأحببت أن أكسرها ، ومضى بالقربة إلى حجرة امرأة من الأنصار فأفرغها فى إنائها .

ويقول أبا سليمان الدارانى : من رأى لنفسه قيمة لم يذق حلاوة الخدمة .

وقال شعيب بن حرب : بينا أنا فى الطواف إذ لكزنى إنسان بمرفقه فالتفت إليه فإذا هو الفضيل بن عياض فقال يا أبا صالح إن كنت تظن أنه شهد الموسم شرّ منى ومنك فبئسما ظننت .

ويحكى أنه بلغ عمر بن عبد العزيز أن إبناً له اشترى فصاً بألف درهم فكتب إليه عمر بلغنى أنك اشتريت فصاً بألف درهم فإذا أتاك كتابى هذا فبع الخاتم وأشبع ألف بطن واتخذ خاتماً من درهمين واجعل فصه حديداً صينياً واكتب عليه رحم الله امرأ عرف قدر نفسه .



أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس مارس 31, 2005 2:42 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد مارس 07, 2004 12:49 pm
مشاركات: 5347
[align=center]باب مخالفة النفس وذكر عيوبها[/align]

قـال الله تعـالى :{ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَـوَى فَإِنَّ الْجَنَّـةَ هِيَ الْمَأْوَى } النازعات 40،41 .
وعن جابر بن عبد الله عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : " أخوف ما أخاف على أمتى اتباع الهوى وطول الأمل فأما اتباع الهوى فيصدّ عن الحق وأما طول الأمل فينسى الآخرة ".

فاعلم أن مخالفة النفس رأس العبادة ، وقد سئل المشايخ عن الإسلام فقالوا : ذبح النفس بسيوف المخالفة .

وقال ذو النون المصرى : مفتاح العبادة الفكرة وعلامة الإصابة مخالفة النفس والهوى ومخالفتهما ترك شهواتهما .

وقال ابن عطاء الله : النفس مجبولة على سوء الأدب والعبد مأمور بملازمة الأدب فالنفس تجرى بطبعها فى ميدان المخالفة والعبد يردها بجهده عن سوء المطالبة فمن أطلق عنانها فهو شريكا معها فى فسادها .

وقال أبو حفص : من لم يتهم نفسه على دوام الأوقات ولم يخالفها فى جميع الأحوال ولم يجرها إلى مكروهها فى سائر أيامه كان مغروراً ، ومن نظر إليها باستحسان شىء منها فقد أهلكها .

ويروى ابن عطاء فيقول : قال الجنيد أرقت ليلة فقمت إلى وردى فلم أجد ما كنت أجده من الحلاوة ، فأردت أن أنام فلم أقدر عليه ، فقعدت فلم أطق القعود ففتحت الباب وخرجت فإذا رجل ملتف فى عباءة مطروح على الطريق فلما أحس بى رفع رأسه وقال : يا أبا القاسم إلى الساعة . فقلت : يا سيدى من غير موعد . فقال : بلى قد سألت محرك القلوب أن يحرك إلىّ قلبك فقلت : فقد فعل فما حاجتك ؟. فقال : متى يصير داء النفس دواءها ؟ فقلت : إذا خالفت النفس هواها صار داؤها دواؤها . فأقبل على نفسه وقال : اسمعى قد أجبتك بهذا الجواب سبع مرات فأبيت إلا أن تسمعيه من الجنيد وقد سمعت ، وانصرف عنى ولم أعرفه ولم أقف عليه بعد .

سئل ابن عطاء الله عن أقرب شىء إلى مقت الله تعالى فقال : رؤية النفس وأحوالها .

ويحكى أن عصام بن يوسف البلخى قدم شيئاً إلى حاتم الأصم فقبله منه فقيل له : لم قبلته ؟! فقال : وجدت فى أخذه ذلى وعزّه وفى ردّه عزّى وذله ، فاخترت عزّه على عزى وذلى على ذله .

وقيل لبعض المشايخ إنى أريد أن أحج على التجريد فقال له : جرد أولاً قلبك عن السهو ونفسك عن اللهو ولسانك عن اللغو ثم اسلك حيث شئت .

وقال أبو سليمان الدارانى : من أحسن فى ليله كوفئ فى نهاره ومن أحسن فى نهاره كوفئ فى ليله ومن صدق فى ترك شهوة كُفى مؤنتها والله أكرم من أن يعذب قلباً ترك شهوة لأجله.

وقال يوسف بن أسباط : لا يمحو الشهوات من القلب إلا خوف مزعج أو شوق مقلق .

وقال الخواص : من ترك شهوة فلم يجد عوضها فى قلبه فهو كاذب فى تركها .

ويحكى جعفر بن نصير فيقول : دَفَع إلىّ الجنيد درهماً وقال اشتر لى به التين الوزيرى فاشتريته له فلما أفطر أخذ واحدة ووضعها فى فيه ثم ألقاها وبكى وقال احمله . فقلت له فى ذلك . فقال : هتف فى قلبى أما تستحى شهوة تركتها من أجلى ثم تعود إليها .. وأنشدوا :
[poet font="Simplified Arabic,4,seagreen,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
نون الهوان من الهوى مسروقة"="وصريع كل هوى صريع هوان
[/poet]


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس مارس 31, 2005 2:44 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد مارس 07, 2004 12:49 pm
مشاركات: 5347
[align=center]الحسـد[/align]

قـال الله تعـالى : { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ – ثم قال- وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } الفلق1،2،5

وعن ابن مسعود أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : " ثلاث هنّ أصل كل خطيئة فاتقوهن واحذروهن إياكم والكبر فإن إبليس حمله الكبر على أن لا يسجد لآدم وإياكم والحرص فإن آدم حمله الحرص على أن أكل من الشجرة وإياكم والحسد فإن ابنى آدم إنما قتل أحدهما صاحبه حسداً ".

وقال بعضهم : الحاسد جاحد لأنه لا يرضى بقضاء الواحد .

وقال عمر بن عبد العزيز : ما رأيت ظالماً أشبه بمظلوم من الحاسد غم دائم ونفس متتابع .

وقيل من علامات الحاسد أن يتملق إذا شهد ويغتاب إذا غاب ويشمت بالمصيبة إذا نزلت .
وقيل الحاسد إذا رأى نعمة بهت وإذا رأى عثرة شمت ؛
وقيل : الحاسد مغتاظ على من لا ذنب له ، بخيل بما لا يملكه ؛
وقيل : إياك أن تتعنى فى مودة حاسد فإنه لا يقبل إحسانك ؛
وقيل : إذا أراد الله تعالى أن يسلط على عبد عدواً لا يرحمه سلط عليه حاسده وأنشدوا :-

[poet font="Simplified Arabic,4,seagreen,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
كل العداوة قد ترجى إماتتها"="إلا عداوة من عاداك من حسد
[/poet]


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 61 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة 1, 2, 3, 4, 5  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 22 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط