|
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وآله وسلم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يا عبد إذا رأيتني في الضدين رؤية واحدة فقد اصطفيتك لنفسي.
بداية كل ما سيقال بإذن الله هو طرح رؤية فردية لما استشعرته من هذه الكلمات لا اقطع بصحتها قد تكون صوابا او خطأ..
ذُكرت هذه العبارة فى المواقف والمخاطبات لسيدى الإمام النفرى..رضى الله عنه..
وهى كانت إلهاماً لسيدى الإمام النفرى من الله عز وجل..ولابد انها تعبر عن حاله هو ورؤيته رضى الله عنه والدرجة التى هو فيها..
لان هذا الامر غير مطالب ان يراه الانسان العادى..وقد لاحظت انه كلما ارتفعت درجة الانسان كلما تغيرت نظرته لما حوله..
لذا كان سيدى الشيخ فخر الدين محمد عثمان رضى الله عنه يقول ..كل معنى كل مبنى فيه يسمى..صار اعلى ما علمنا عنه دانى..
والمبنى هو الحروف والكلمات والنصوص والمعنى هو ما احتوته هذه الكلمات والنصوص..فهذه هى المعانى والمبانى..
فهو يقول رضى الله عنه ان تلك الحروف وتلك المعانى هى كسلم طويل والناس تقف على درجاته..فيوجد من يقف على الدرج الاول ...ويوجد من يقف على الثانى ويوجد من يقف على العاشر وهكذا..
وكلما ارتقى الانسان درجة كلما عرف ان السابقة كانت أقل..وهذا طبيعى فالدرجة التاسعة ستكون اقل من العاشرة بديهة..
ونحن عندما نقف على الدرج الثانى مثالاً نرى من هو اسفل منا..وقد نرى ما هو اعلى منا درجة او درجتين..ولكننا لا يمكن ان نرى الواقف على العاشرة او الاحدى عشر..
خصوصا لو كانت توجد حجب بين كل درج واخر..
كلما ارتفعت الرؤية واتسعت كلما زاد معها الهدوء والطمئنينة والسكون..لان الانسان يقترب شيئا فشيئاً من الحقيقة الواحدة ..
وكلما اقترب الانسان من الحقيقة كلما ازداد صمتا ورهبة وهيبه..و عجز الكلام عن بلوغ المعاني..
لان هذه الحقيقة هى واحدة..لا يوجد غيرها..رغم ان الانسان قبل ان يصل لها يرى الكون متعدد وكثير ومتنوع..ويرى التناقض..
ولكنه ما ان يصل الى هذه الحقيقة فلا يرى غيرها..ويعلم فى هذا الوقت ان ما كان يراه كان وهما وخدعاً ..انه كان تناقضا لكى يقوده الى النور الواحد الذى ليس فيه تناقض..
والى العلم الواحد الذى ليس له ضد..فكل علم له ضد هو ليس علماًكاملاً..وهذا ايضا وصف سيدى النفرى لاحدى مخاطباته..
لذا الكثير انكر على رؤية وحدة الوجود..وهو لا يعلم انه معذور فى ذلك..
فى هذه الحقيقة الواحدة لا يوجد سوى الحب والرحمة المطلقة...تتلاشى الكثرة والتعدد..ولسان حال المشاهد ان كل ما سوى الله خيال..
لذا دائما وابداً لا ترى اهل الله يميلون مع الناس فى مذاهب او تصارع حتى وان ظن الانسان انه يفهم اهل الله..فهم خارج مقايس العقول لانهم تعدوها..
لقد ظن الناس ان اهل الله لابد ان يكونوا على مقاس ادمغتهم..لابد ان يكون كما اعرف..وكما افهم..وهذا ما ادى الى ان الكثير من السادة اهل الله قتلوا واستشهدوا لما صرحوا عن بعض المعانى التى كانت كفرا عند الذين لا يزالون يرون الدنيا اشكالا والوانا..
ورغم ذلك لو دخلت فى قلب اهل الله لن ترى فيها الا الحب والرحمة حتى على من قتلهم ومن سبهم او اتهمهم..
وذلك لان هذا القلب قد راى الله فى كل شئ..راه فى الضدين..رأه فى النور..ورأى للنور ظلاً وهو الظلام..
من اجمل ما قرات للسيد الدكتور محمود صبيح ان اهل الله هم اكثر الناس تأدباً مع اقدار الله..ولازلت احتفظ بهذه الدرة فى قلبى..
فهم قد علموا مراد الله واطاعوه فى كل شئ..وعلموا ما يرضاه المحبوب ففعلوه قبل ان يسألهم ..
فى الحقيقة لقد احسست ان الواصل لهذه المرتبة لا يرى شرا فى الحقيقة..لانه تجاوز هذه الثنائية الوهمية التى نشعر بها ونراها فى عالمنا هذا..
إن سيدنا الحسين كان يعلم تماما انه سوف يستشهد وخرج من بيته لان الله يريد ذلك وهو يحب الله لذا سوف يقدم اغلى ما يملك وهو رأسه الشريف لله عز وجل..طالما المحبوب يريد ذلك..
ان الواصل لهذه المرتبة يرى الله عز وجل قد احسن كل شئ صنعا..ويستسلم لله فى كل شئ..ويراه فى كل شئ..
لذا فقد كانت كلمات سيدى الإمام النفرى عظيمة وملهمة فى وصف هذا الحال..
يا عبد إذا رأيتني في الضدين رؤية واحدة فقد اصطفيتك لنفسي..
السلام عليكم
_________________
أشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله
|
المنتدى
التسجيل
الأسئلة المتكررة
بحث
