كنت قد كتبت فى مشاركة سابقة عما أعده الله من فضل وخير للشهيد وبيان درجته ومنزلته عند الله سبحانه وتعالى من خلال كلام وشروح ساداتنا العلماء في هذه المسألة.
وفي هذا الموضوع وأيضاً من كلام ساداتنا العلماء نوضح ما أعده الله من عذاب وخزي فى الدنيا والآخرة لقتلة الشهداء.
فأقول وبالله التوفيق:
يقول أبو حيان الأندلسي : وَمُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْآيَةِ لِمَا قَبْلَهَا ظَاهِرَةٌ وَهِيَ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ جَزَاءَ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا وَأَنَّ لَهُ جَهَنَّمَ، وَذَكَرَ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَلَعْنَتَهُ وَإِعْدَادَ الْعَذَابِ الْعَظِيمِ لَهُ، أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِالتَّثَبُّتِ وَالتَّبَيُّنِ، وَأَنْ لَا يُقْدِمَ الْإِنْسَانُ عَلَى قَتْلِ مَنْ أَظْهَرَ الْإِيمَانَ، وَأَنْ لَا يَسْفِكُوا دَمًا حَرَامًا بِتَأْوِيلٍ ضَعِيفٍ، وَكَرَّرَ ذَلِكَ آخِرَ الْآيَةِ تَأْكِيدًا أَنْ لَا يُقَدَّمَ عِنْدَ الشُّبَهِ وَالْإِشْكَالِ حَتَّى يَتَّضِحَ لَهُ مَا يُقْدِمُ عَلَيْهِ، وَلَمَّا كَانَ خَفَاءُ ذَلِكَ مَنُوطًا بِالْأَسْفَارِ وَالْغَمَزَاتِ قَالَ: إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ، وَإِلَّا فَالتَّثَبُّتُ وَالتَّبَيُّنُ لَازِمٌ فِي قَتْلِ مَنْ تَظَاهَرَ بِالْإِسْلَامِ فِي السَّفَرِ وَفِي الْحَضَرِ، وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الضَّرْبِ فِي قَوْلِهِ: لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ.
ويقول الثعالبى : عن أبي هُرَيْرة أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: «وَاللَّهِ، لَلدُّنْيَا وَمَا فِيهَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ نَفْسٍ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَمَنْ أَعَانَ على قَتْلِ مُسْلِمٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ، لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ يَلْقَاهُ مَكْتُوبٌ على جَبْهَتِهِ: آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ» .
وعن معاويةَ، أنَّهُ سَمِعَ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يَقُولُ: «كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَهُ إلاَّ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً، أَوْ مَاتَ كَافِراً» .
وعن أبي هريرة أنه سُئِلَ عَنْ قَاتِلِ المُؤْمِنِ، هَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: لاَ، وَاللَّهِ الَّذِي لاَ إلَهَ إلاَّ هُوَ، لاَ يَدْخُلُ الجَنَّة حتى يَلِجَ الجَمَلُ فِي سَمِّ الخيَاطِ، قَالَ: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ أَشْرَكُوا فِي دَمِ مُؤْمِنٍ إلاَّ كَبَّهُمُ الله جميعا في النّار.
[color=#ff0000]ويقول الحافظ السيوطى[/color]: أخرج البُخَارِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يزَال الْمُؤمن فِي فسحة من دينه مَا لم يصب دَمًا حَرَامًا.
وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر عَن مُعَاوِيَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: كل ذَنْب عَسى الله أَن يغفره إِلَّا الرجل يَمُوت كَافِرًا أَو الرجل يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا.
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي الدَّرْدَاء سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: كل ذَنْب عَسى الله أَن يغفره إِلَّا من مَاتَ مُشْركًا أَو من قتل مُؤمنا مُتَعَمدا.
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أعَان فِي قتل مُسلم بِشَطْر كلمة يلقى الله يَوْم يلقاه مَكْتُوب على جَبهته آيس من رَحْمَة الله.
وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أعَان على دم امرىء مُسلم بِشَطْر كلمة كتب بَين عَيْنَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة: آيس من رَحْمَة الله.
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي عون قَالَ: إِذا سَمِعت فِي الْقُرْآن خلوداً فَلَا تَوْبَة لَهُ.
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نازلت رَبِّي فِي قَاتل الْمُؤمن فِي أَن يَجْعَل لَهُ تَوْبَة فَأبى عَليّ.
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الْقَاسِم بن بَشرَان فِي أَمَالِيهِ بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم} قَالَ: هُوَ جَزَاؤُهُ إِن جازاه.
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يَقُول: جَزَاؤُهُ جَهَنَّم إِن جازاه يَعْنِي لِلْمُؤمنِ وَلَيْسَ للْكَافِرِ فَإِن شَاءَ عَفا عَن الْمُؤمن وَإِن شَاءَ عاقب.
وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَاصِم بن أبي النجُود عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم} قَالَ: هِيَ جَزَاؤُهُ إِن شَاءَ عذبه وَإِن شَاءَ غفر لَهُ.
ويقول أبو محمد مكي بن أبي طالب: وروى أبو هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " والله للدنيا وما فيها أهون على الله من قتل مسلم بغير حق ".
وروى عنه أيضاً أنه قال: " من أعان على قتل مسلم بشطر كلمة لقي الله يوم القيامة مكتوب على جبهته: آيس من رحمة الله "
وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " كل ذنب عسى [الله] أن يغفره إلا لمن مات مشركاً، أو من قتل مؤمناً متعمداً " المعنى: من يتعمد قتل مؤمن فجزاؤه جهنم.
المصادر:
1-تفسير البحر المحيط لأبو حيان الأندلسي.
2-الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي.
3-الدر المنثور للحافظ السيوطي.
4- الهداية إلى بلوغ النهاية لأبو محمد مكي بن طالب.