موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 9 مشاركة ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: دور التصوف في تأسيس الدولة العثمانية:-دروس وإشارات.
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يناير 31, 2014 6:54 am 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 10426

هذا الموضوع أنقله لحضراتكم من مجلة التصوف الإسلامي

الصادرة في يوليو 2001 عدد268 بقلم د/هدى درويش.

وبدون أية مقدمات أبدأ في نقل الموضوع لحضراتكم:



الدولة العثمانية من أعظم الدول الإسلامية التي تكونت في القرن الرابع عشر وعاشت حقبة من الزمان أمتدت إلى ستة قرون وأتسعت رقعتها لتتوسط ثلاث قارات فكانت بحكم موقعها الجغرافي بوابة العالم الإسلامي التي تقف أمام العالم الأوربي .

بدأ تكوين هذه الدولة بهجرة عشيرة مكونة من أربعمائة خيمة من شمال خراسان إلى نواحي الأناضول الغربية خوفاً من الزحف المغولي الذي كان يجتاح البلاد في ذلك الوقت

وكان أرطغرل والد الأمير عثمان مؤسس الدولة هو قائد هذه العشيرة ,وكانت دولة السلاجقة التي تسكن تلك المناطق تعيش حالة من عدم الأستقرار بسبب الأزمات السياسية والأجتماعية والأقتصادية التي كانت تحيط بها .

وحينما بزغ نجم هذه العشيرة ظهروا كقوة مساعدة للسلاجقة ,فما كان من السلاجقة إلا أن كافئوهم ,فسلموا لهم بعض المقاطعات في غرب الأناضول على أن تقوم هذه العشيرة بإدارتها والسيطرة عليها.

كانت تلك العشيرة تعيش حياة إيمانية محاطة بالقوة المعنوية من قبل رجال العلم والتصوف والمرشدين الذين كانوا يلازمونهم فكانوا أصحاب روح إسلامية عالية ,وقد حمل هؤلاء المتصوفة على عاتقهم تأسيس وترسيخ مبادئهم الصوفية في الأناضول.

أشهر المتصوفة الأوائل:-

وقد بدأ التصوف في الأناضول متأثراً بالشيخ "محي الدين بن عربي" حيث أنتشرت آراؤه وأفكاره على يد تلامذته ومريديه أمثال الشيخ" صدر الدين القينوي", والشيخ "مؤيد الدين الجندي", والشيخ "سعد الدين الفرغاني",والشيخ "جلال الدين الرومي "مؤسس الطريقة المولوية, والشيخ "أوحد الدين الكرماني" من شيوخ الطريقة السهروردية,والشيخ" نجم الدين الداي" والشيخ "نجم الدين العراقي" والشيخ"حاجي بكتاش ولي" و"يونس أمره", وهؤلاء من أشهر المتصوفة الأوائل الذين وضعوا أسس ومباديء التصوف في الأناضول قبيل تأسيس الدولة العثمانية ,وعاصروا السنوات الأولى من تأسيسها وهم أول من قنن الأفكار الصوفية ووضعوها في إطار طرق صوفية في الأناضول.

وتذكر الروايات أن أرطغرل والد عثمان مؤسس الدولة العثمانية نزل ضيفاً على منزل أحد المتصوفين في إحدى رحلاته ,وقام صاحب المنزل بوضع القرآن الكريم في مكان مرتفع فلما خلد أرطغرل للنوم رأى أنه من دواعي الأدب والأحترام للقرآن ألا ينام وقدمه ممدودة فقضى ليلته نائماً وهو واقف ,وأثناء نومه سمع صوتاً يقول له :يا أرطغرل: بما أنك أظهرت حرمة وتعظيماً لكتابي فإن أولادك وأولاد أولادك سينالون التشريف جيلاً بعد جيل وسوف ينالون حرمة وتعظيماً بين الناس.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: دور التصوف في تأسيس الدولة العثمانية:-دروس وإشارات.
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يناير 31, 2014 7:17 am 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 10426

عثمان بن أرطغرل وبناء الدولة:

أما عثمان بن أرطغرل والذي تنسب إليه الدولة العثمانية فكان شخصاً صالحاً تقياً بعيداً عن المحرمات وتذكر الروايات أنه في زيارة من زيارات عثمان إلى الشيخ "الإدبالي" من كبار مشايخ الطريقة الأخية رأى في رؤياه أن هلالاً خرج من بطن الشيخ وأخذ يكبر ويكبر حتى دخل إلى صدر عثمان ,ثم رأى أن شجرة خرجت من صدره أخذت تكبر حتى أظلت العالم بأكمله,ثم رأى أن ريحاً قد هبت فجعلت أوراق هذه الشجرة تتساقط وتتناثر على الدنيا وغطت أماكن كثيرة خاصة أستانبول التي كانت تشبه جوهرة الخاتم وتنتهي الرؤيا بتعليق الخاتم في إصبع عثمان ,وعندما سأل عثمان الشيخ "الإدبالي" عن تفسير رؤيته,أخبره بأنه سوف يكون صاحب دولة هو وأولاده.وقام الشيخ بتزويج إبنته إلى عثمان,وكان هذا إشارة إلى الهلال الذي خرج منه وانتقل إلى عثمان .

وكان الشيخ "الإدبالي" يعطي الدروس الدينية والإرشاد في الزاوية التي بناها ,فلما أعتلى عثمان إمارة الدولة طلب من الشيخ الإدبالي أن يكون مسئولاً عن منصب الإفتاء في الدولة كما عينه حاكماً على قلعة بيله جيك التي كانت تقيم فيها عائلة الأمير.

وكان للطريقة الأخية دورها البارز في إدارة الدولة فكانوا يجمعون الجند حولهم ويقاتلون بإسم الدين في خدمة الدولة في إطار صوفي ,وقد كانت الأيام الأولى لتأسيس الدولة العثمانية تكتسب صفة الغزو ثم بدأ التأسيس المعنوي للدولة وكان لهذه الطريقة نشاط عقلي وروحي للحياة في الدولة بفضل الزوايا التي أسسوها في قرية في الأناضول ,وكان مرشدو هذه الطريقة يعملون على إحياء الحياة الإجتماعية والإعداد للجهاد ونشر الإسلام في كل المناطق.

دور عظيم للمؤسسات الصوفية:


وقد لعبت المؤسسات الصوفية دوراً عظيماً في نشاطات الدولة وتشكيلاتها الرسمية ,وأعتلى أصحاب الطريقة الأخية مناصب كبرى في الدولة مثل القاضي والقاضي عسكر والصدر الأعظم (رئيس الوزراء حالياً).

ومن أشهر الطرق التي ظهرت وقت تأسيس الدولة أيضاً الطريقة "البكتاشية" التي تنتسب إلى الشيخ "الحاج بكتاش ولي" وقد تولت هذه الطريقة أمور الجيش الانكشاري أول جيش منظم يؤسس في الدولة العثمانية ,وكانت هذه الطريقة أيضاً تقوم بتنشئة وتربية أسرى الحرب تربية إسلامية صحيحة.

وإلى جانب البكتاشتية أنتشرت الطريقة "الرفاعية" في بدايات القرن الرابع عشر الميلادي وكانت تكاياها تنتشر في أزمير وأماسيا ومعظم أنحاء الأناضول وقد أكتسبوا نفوذاً كبيراً بين الناس وما زالت هذه الطريقة مستمرة في تركيا حتى الآن.

ومن الطرق التي عاصرت تأسيس الدولة الطريقة "المولوية" التي تنتسب إلى مولانا "جلال الدين الرومي" وكانت تكاياهم تنتشر في شمال الأناضول وأنقرة وبورصة,وكان مركزهم في قونية, كما كانت كل المدن القريبة من تجمعهم مثل قيصرية وكوتاهية وادين تحت نفوذ المولوية, وكانت لتكاياهم أهمية كبرى في الدولة بفضل ما أظهرته من سكون وإستقرار معنوي وروحي, ولا تزال هذه الطريقة موجودة في تركيا حتى الآن بنفس نشاطها وفاعليتها.

في ذلك الوقت كان سلاطين الدولة وأغنياؤها وعظمائها مرتبطين بهؤلاء المشايخ وتلك التكايا .وكان أهل الطرق يعملون علي التآخي والترابط بين فئات الشعب ,وكان لهم دورهم العظيم في الدفاع عن الإسلام كما كان لهم نفوذ على الهيئة الحاكمة في الدولة ورقابة السياسة التي ينتهجونها سواء على السلطان أو الأمراء حيث كانت لهم حقوق اختيار السلطان نفسه .

وبجهود مشايخ الصوفية الكبار تم تأسيس مكتب في الأناضول يسمى "مكتب الأكبرية " نسبة إلى الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي وكان هذا المكتب بمثابة المدرسة الصوفية الكبرى واستمر نشاط هذا المكتب على يد الشيخ "داود القيصري" الذي أشتهر بشرح كتاب "فصوص الحكم للشيخ محي الدين" وكان أول مدرس في المدارس العثمانية الدينية وقد تسلم لواء الصوفية من بعده الشيخ "مولافناري" وكان أول شيخ للإسلام في الدولة العثمانية.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: دور التصوف في تأسيس الدولة العثمانية:-دروس وإشارات.
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يناير 31, 2014 7:43 am 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 10426

بالإسلام نحيا وللإسلام نموت:

وكان عثمان مؤسس الدولة يكن احتراماً وتقديراً كبيرين للعلماء ورجال الدين في عصره حتى انه عند وفاته كتب وصية لإبنه اورخان سار عليها السلاطين من بعده فكانت نبراساً يهديهم إلى بلوغ أهدافهم في نشر الإسلام والجهاد في سبيل الله مع الأخذ بمشورة العلماء.

وتلك الوصية التي أوصى بها عثمان ابنه اورخان ومن أتى بعده من حكم الدولة:

يا بني ! إياك أن تشتغل بشيء لم يأمر به الله رب العالمين.
يا بني ! إذا واجهتك في الحكم معضلة فاتخذ من مشورة علماء الدين موئلا.
يا بني ! نحن بالإسلام نحيا وللإسلام نموت.

تلك هي الوصية التي سار عليها أورخان وبدأ معها عهداً جديداً حافلاً بالفتوحات.
وكان رجال الدين والتصوف يشتركون مع الجيش في فتوحاته وكان لهم دورهم في إنتصارات الدولة , وقد ورد أن الشيخ الادبالي هو الذي قلد عثمان سيف الغزو, وجدير بالذكر أن مفهوم الغزو عندهم كان يعني الجهاد في سبيل الله وكان للأخية دورهم القوي على شئون الدولة في عهد أورخان وبعد وفاته قام الأخية بدعوة مراد الأول وإعلائه حاكماً على الدولة وكان يلقب في حياته بلقب "ملك المشايخ الغازي مراد" .

وقد قام الأمراء الغزاة ,الأمير عثمان والأمير أورخان والأمير مراد الأول بفتح القرى وإنشاء الزوايا والتكايا بها وكانت هذه الزوايا بمثابة المحرك للنشاطات الدينية والخيرية والثقافية ,ثم تأسست المساجد والمدارس.

أما السلطان "مراد الثاني" فكان مثالاً للصوفي العارف, وقيل إنه شبه بالصوفي الكبير"إبراهيم ابن أدهم" وكان مراد الثاني أكثر السلاطين تقرباً من التصوف وحباً له وكان مقرباً للشيخ الكبير "حاجي بيرام ولي" وقيل أنه هو الذي أشار عليه بترك السياسة فتركها لإبنه محمد الثاني الذي كان في سن صغيرة واختلى بنفسه في زاوية تاركاً أمور الدنيا والحكم والسياسة وفضل حياة التصوف عن العرش.

وعندما قام السلطان مراد الثاني بمحاصرة استانبول صحبه مئات المريدين الذين كانوا تابعين له في جهاد لفتحها ,لكنه لم يستطع فتحها في ذلك الوقت.
وكان تأثير حاجي بيرام ولي على مراد الثاني كبيراً ويروى أن حاجي بيرام ولي كان ذات يوم مع مراد الثاني فدخل عليهم طفل في المهد فنظر الشيخ إلى الطفل بدهشة ثم قرأ سورة الفتح وقال لمراد الثاني :- يا سيدي انك لن تفتح استانبول لكنها ستفتح من هذا وأشار على الطفل الذي يرقد في المهد, فتعجب مراد الثاني من أمر الشيخ الذي قرأ سورة الفتح على الطفل دون أن يعرفه فقال للشيخ:-
"مولاي أنت لست من رعيتي بل أنا من رعية روحانيتكم"
فقد كان هذا الطفل الذي في المهد هو السلطان محمد الثاني فاتح استانبول وهو أيضاً ابن السلطان مراد الثاني .

فاتح القسطنطينية :

وأمر مراد الثاني رجل العلم والمعرفة بتولي أمور ابنه محمد الثاني وتربيته التربية الإسلامية الصحيحة إلى جانب تعليمه الأمور اللازمة للسلطنة وأحاطه بالمربين والمرشدين ورجال الدين وعلى رأسهم الشيخ "آق شمس الدين" الذي قلده السيف في مسجد أيوب سلطان.
وكان من عادة السلاطين عند ارتقائهم العرش أن يتسلموا سيف السلطان عثمان من شيخ الطريقة المولوية في مسجد أبي أيوب الأنصاري-رضي الله عنه- ويلقبون أنفسهم بلقب "خادم الحرمين الشريفين".
أما مراد الثاني فقد أستكمل حياته في خلوة داخل زاوية كان يتعبد فيها وطلب أن يدفن في التراب وأن تفتح له في مدفنه فتحات حتى ينزل فيها ماء المطر ورفض أن يدفن في ضريح مثل عادة سائر السلاطين.-أنظر إلى تواضعه وزهده رحمه الله فليتعلم خوارج هذا العصر منه-.

وعندما تولى السلطان محمد الثاني الحكم في البلاد , قام بجمع العلماء والمشايخ بغرض استشارتهم في أمر فتح القسطنطينية تلك المدينة التي حاصرها المسلمون من قبل إحدى عشر مرة ولم تفتح إلا على أيدي السلطان محمد الثاني القائد الإسلامي الذي بشر به رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حديثه الشريف ([color=#cfcf00]لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها ,ولنعم الجيش ذلك الجيش)[/color].

وقد أهتم السلطان محمد بحضور المشايخ معه أثناء الفتح وخاصة الشيخ "آق شمس الدين" الذي ظل يبشره بالفتح والصبر على طول مدة الحصار التي أستمرت شهراً ونصف حتى لا يفقد الأمل في الفتح ,وقد تم الفتح بفضل التقوية المعنوية التي تلقاها السلطان وجنوده من المشايخ وخاصة الشيخ آق شمس الدين .
وقد عبر السلطان الفاتح عن فرحة بهذا الفتح بقوله :(ما فرحت بهذا الفتح قدر فرحي بوجود الشيخ آق شمس الدين في زماني).
وبعد الفتح مباشرة توجه السلطان الفاتح إلى جامع "أيا صوفيا" وخطب فيه وطلب من الشيخ آق شمس الدين أن يقوم بالإرشاد في هذا الجامع ثم قام الفاتح ببناء مسجد أبي أيوب الأنصاري الذي أشار له الشيخ بموضعه .

وكان السلطان الفاتح يكن حباً وإحتراماً للشيخ آق شمس الدين ويقول:أن إحترامي لهذا الشيخ أمر خارج عن إرادتي وعندما أكون بجانبه أشعر بالفرح والسرور والخوف وترتعش يداي من شدة تأثيره علي[/color]َّ

وقد طلب الفاتح من الشيخ آق شمس الدين أن يسمح له بدخول الخلوة وترك أمور الحكم إلا أن الشيخ رفض طلبه لانه إذا دخل الخلوة فسوف يجد لذة تسقط السلطنة من عينيه فينتج عنه اختلال أمور الدولة وقال له:إن إستقامة الدولة هو الجهاد الأكبر لك
وعليك أن تكون مالكاً وليس سالكاً وسوف تحقق غرضك من الخلوة .


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: دور التصوف في تأسيس الدولة العثمانية:-دروس وإشارات.
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يناير 31, 2014 7:55 am 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 10426

بايزيد الثاني يؤم الناس:

أما
"بايزيد الثاني" ابن السلطان الفاتح فكان ذا سمة صوفية وكان يُظهر إجلالاً كبيراً لمولانا جلال الدين الرومي شيخ الطريقة المولوية وكان مشغولاً بالعبادة دائماً.
وكان بايزيد الثاني منتسباً أيضاً إلى الطريقة الخلوتية وكان يشاركهم مجالس ذكرهم وكان يصلي دائماً مع الناس في جماعة ويوزع الصدقات بكثرة ,وعندما تم بناء مسجده المعروف بإسمه الآن في استانبول أذاع أن الشخص الذي سيكون إماماً في أول صلاة جمعة في ذلك المسجد لابد وأن يكون محافظاً على سُنة صلاة العصر والعشاء طوال حياته فلم يتقدم أحد سواه لانه الذي كان يحافظ على الصلوات في أوقاتها حتى أثناء حملاته ولهذا فلقد قام هو بالصلاة بالناس.

وقد حارب بايزيد إنتشار النشاط الشيعي في البلاد, كما أظهر إهتماماً كبيراً بمشايخ الطريقة النقشبندية التي أنتشرت اعتباراً من القرن التاسع الهجري وذلك لانها كانت مرتبطة بالعقيدة السنية ومساندتها للشعب في موضع الخلافة وكان إنتشار الطريقة النقشبندية كبيراً في وسط آسيا وكان كل شخص من الأتراك في هذه المنطقة منتسباً لشيخاً نقشبندياً وقد قدم بايزيد الثاني خدمات جليلة للمتصوفين وكان الناس يطلقون عليه"بايزيد الولي" كما أمر بايزيد ببناء المساجد والتكايا والزوايا ,وغرفاً خاصة بالنقشبندية نظراً لكثرتهم .

ونستطيع القول أن معظم السلاطين العثمانين وأبنائهم وبناتهم وأمهاتهم والوزراء والأغوات والأمراء كانوا ينتسبون إلى الطرق الصوفية التي كانت موجودة في الدولة وتعلموا على أيدي مشايخها أصول الدين والروح الإسلامية العالية فكان مشايخ تلك الطرق لهم التأثير والنفوذ القوي على رجال الدولة والشعب معاً.
ويذكر "عاشق باشا زاده" أنه ظهرت طائفة صوفية تمثل النساء في الدولة وكانت تسمى باجيان الروم وقد تأسست على يد "فاطمة باجي" زوجة الشيخ "ناصر الدين محمود " مؤسس الطريقة الأخية وكانت فاطمة تعد بمثابة زعيم ومرشد لتلك الطائفة .
وكان يوجد في الأناضول في الفترة من 1550-1560م 342 جامعاً و1025 مسجداً و110 مدارس دينية و626 زاوية وتكايا ,وكان يصرف على هذه المؤسسات من الأوقاف المخصصة لها كما كانت هذه المؤسسات تضم 121 مدرساً و3756 خطيباً وإماماً و3229 شيخاً.

أما السلطان "سليم الأول" فقد أستطاع أن يقضي على الثورات الشيعية التي ظهرت في البلاد, كما أستطاع السلطان سليم الأول فتح مصر والشام ووصل إلى القدس الشريف وصلى بالمسجد الأقصى وتسلم مفاتيح مكة والمدينة كما تسلم الاثار النبوية الشريفة ,وهي(البيرق والسيف والبردة الشريفة) وأمر السلطان اثنى عشر حافظاً من حفظة القرآن الكريم بتلاوة القرآن في المكان الذي حفظت فيه هذه الاثار ليلاً نهاراً.

والسلطان سليمان القانوني كان يستهل جميع خطاباته الرسمية بالأية الشريفة "انه من سليمان وانه بسم الله الرحمن الرحيم" .
وأهتم في عصره بتجديد العمارة النبوية الشريفة وأرسل منبراً من الرخام إلى مكة ,كما أهتم بالجانب التشريعي في عهده
وظهر في عصره الشيخ أبو السعود الذي نظم قوانين البلاد على أساس الشريعة الإسلامية.

ثم نأتي إلى الحديث عن السلطان "عبدالحميد الثاني" الذي ناضل كثيراً من أجل إعلاء الإسلام وتوحيد جميع العناصر في دولة إسلامية واحدة وهو صاحب فكرة إقامة الجامعة الإسلامية لتدعيم أواصر الاخوة الإسلامية بين كل مسلمي العالم .
وكان يقول :إن الدول الكبرى ترتعد من سلاح الخلافة ,ولا أمل في المستقبل إلا بوحدة العالم الإسلامي .
فاهتم السلطان عبدالحميد بتعليم اللغة العربية لغة القرآن وكان يحيط نفسه بالفقهاء ورجال الدين وعلى رأسهم الشيخ أبو الهدى الصيادي والشيخ عبدالرحمن الكواكبي والشيخ عاطف الاسكليبي والشيخ سعيد النورسي.
وقام ببناء المساجد والمدارس وتشجيع الاحتفال بالمناسبات الاسلامية وزيادة دروس اللغة العربية والاسلام في مناهج المدارس.
كما قام بإستقدام زعماء إسلاميين من شتى بلاد العالم وقام ببناء الخطوط الحديدية بين دمشق والمدينة على يد مهندسين مسلمين بغرض تيسير سبل الحج إلى مكة وقام بتدعيم مؤسسات التصوف في الدولة وإعلاء شأن مشايخ الطرق الصوفية وكان مشايخ الطرق يعملون مستشارين للسلطان في شئون الجامعة الإسلامية.

تلك هي الدولة العثمانية التي قامت على أسس إسلامية صحيحة بمساعدة ومساندة كبار المتصوفة.
وهؤلاء هم السلاطين الذين ساروا على نهج الإسلام والسُنة الصحيحة وإن كان بعض من هؤلاء السلاطين قد جنحوا عن هذه السياسة وتوجهوا إلى الغرب في محاولة للإصلاح على الشكل الغربي الا اننا لا يمكننا التغافل عن هؤلاء السلاطين الذين وهبوا حياتهم وجهادهم من أجل إعلاء كلمة الإسلام وتوحيد العالم الإسلامي تحت ظلالها.

أنتهى
.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: دور التصوف في تأسيس الدولة العثمانية:-دروس وإشارات.
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يناير 31, 2014 8:28 am 
غير متصل

اشترك في: السبت يونيو 09, 2012 11:46 pm
مشاركات: 441
طرح جيد
جزاكم الله خيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: دور التصوف في تأسيس الدولة العثمانية:-دروس وإشارات.
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يناير 31, 2014 8:51 am 
غير متصل

اشترك في: الأربعاء فبراير 03, 2010 12:20 am
مشاركات: 8033
جزاك الله خيرا
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم

_________________
صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: دور التصوف في تأسيس الدولة العثمانية:-دروس وإشارات.
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يناير 31, 2014 10:52 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 10426

الفاضل فاروق سيف ومولانا فراج يعقوب جزاكم الله خيراً

ويسعدني دائماً مروركم الكريم.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: دور التصوف في تأسيس الدولة العثمانية:-دروس وإشارات.
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت فبراير 01, 2014 7:26 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت يونيو 09, 2012 11:46 pm
مشاركات: 441
حتي لا أحرم
أثابكم الله
نصركم الله
أيدكم الله
ثبتكم الله
وإن شاء الله لا تحرم من رحمته ولا محبته ولا من فضله ولا من كرمه ولا جوده ولا عطفه
ورزقك الله محبة حبيبه ..ومحبةأحباب حبيبه ..ومحبة أصحاب حبيبه..وحبة الاولياء والصالحين وحسن أولئك رفيقا
اللهم آمين
وصلي الله علي سيدنا محمد وآله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: دور التصوف في تأسيس الدولة العثمانية:-دروس وإشارات.
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين فبراير 03, 2014 10:56 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 10426
فاروق سيف كتب:
حتي لا أحرم
أثابكم الله
نصركم الله
أيدكم الله
ثبتكم الله
وإن شاء الله لا تحرم من رحمته ولا محبته ولا من فضله ولا من كرمه ولا جوده ولا عطفه
ورزقك الله محبة حبيبه ..ومحبةأحباب حبيبه ..ومحبة أصحاب حبيبه..وحبة الاولياء والصالحين وحسن أولئك رفيقا
اللهم آمين
وصلي الله علي سيدنا محمد وآله

الفاضل فاروق سيف

اللهم آمين .
نحن وكل الأحباب يا رب العالمين.

وآسف على تأخري في الرد على حضرتك.

وصلي اللهم وسلم وبارك على أحب خلقك إليك وعلى آله وسلم .


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 9 مشاركة ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 13 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط