خلف الظلال كتب:
المقالة الثانية والستون
فـي الـمـحـبـة و الـمـحـبـوب و مـا يـجـب فـي حـقـهـمـا
قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه :
ما أكثر ما يقول المؤمن قرب فلان وبعدت، وأعطى فلان وحرمت، وأغنى فلان و أفقرت وعوفي فلان وأسقمت، وعظم فلان وحقرت، وحمد فلان وذممت، وصدق فلان وكذبت.
أما يعلم أنه الواحد، وأن الواحد يحب الوحدانية في المحبة، و يحب الواحد في محبته.
إذا قربك بطريق غيره نقصت محبتك له عز و جل و شعبت فربما دخلك الميل إلى من ظهرت المواصلة و النعمة على يديه، فتنقص محبة الله في قلبك،
وهو عز و جل غيور لا يحب شريكه فكف أيدي الغير عنك بالمواصلة ولسانه عن حمدك و ثنائك ورجليه عن السعي إليك كيلا تشتغل به عنه،
أما سمعت قول النبي صلى الله عليه و سلم : ( جبلت القلوب على حب من أحسن إليها )
فهو عز و جل يكف الخلق عن الإحسان إليك من كل وجه و سبب حتى توحده وتحبه، و تصير له من كل وجه بظاهرك و باطنك في حركاتك و سكناتك،
فلا ترى الخير إلا منه و لا الشر إلا منه عز و جل ، و تفنى عن الخلق و عن النفس، و عن الهوى و الإرادة و المنى، و عن جميع ما سوى المولى،
ثم يطلق الأيدي إليك بالبسط والبذل و العطاء، و الألسن بالحمد و الثناء فيدلك ابداً في الدنيا ثم في العقبى،
فلا تسئ الأدب، انظر إلى من ينظر إليك، و اقبل على من أقبل إليك،
وأحب من يحبك و استجب من يدعوك و أعط يدك من يثبتك من سقطك و يخرجك من ظلمات جهلك، و ينجيك من هلكك و يغسلك من نجاسك، و ينظفك من أوسخاك، ويخلصك من جيفك و نتنك، و من أوهامك الردية، و من نفسك الأمارة بالسوء و أقرانك الضلال المضلين شياطنيك، و أخلائك الجهال قطاع طريق الحق الحائلين بينك و بين كل نفيس وثمين وعزيز.
إلى متى المعاد، إلى متى الحق، إلى متى الهوى، إلى متى الرعونة، إلى متى الدنيا، إلى متى الآخرة، إلى متى سوى المولى؟ أين أنت من خالقك و الأشياء، و المكون الأول الآخر الظاهر الباطن، و المرجع و المصدر إليه، و له القلوب و طمأنينة الأرواح و محط الأثقال و العطاء و الامتنان، عز شأنه.
المقالة الثالثة والستون
فــي نــوع مــن الــمــعــرفــة
قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه : رأيت في المنام كأني أقول :
يا مشرك بربه في باطنه بنفسه و في ظاهره بخلقه و في عمله بإرادته،
فقال رجل إلى جنبي ما هذا الكلام، فقلت هذا نوع من أنواع المعرفة.
(من كتاب فتوح الغيب) المنسوب لسيدي الجيلاني
الله الله جميل وجزاكى الله كل خير ياخلف الظلال تسلم ايدك