موقع د. محمود صبيح https://www.msobieh.com:443/akhtaa/ |
|
هل يصح الاحتجاج بضعف الإسناد على نفي الأحكام https://www.msobieh.com:443/akhtaa/viewtopic.php?f=4&t=19371 |
صفحة 1 من 1 |
الكاتب: | البخاري [ الاثنين سبتمبر 22, 2014 10:19 pm ] |
عنوان المشاركة: | هل يصح الاحتجاج بضعف الإسناد على نفي الأحكام |
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين . وأشهد أن سيدنا ومولانا محمدا عبد الله ورسوله الصادق الوعد الأمين ، القائل من يرد الله به خيرا يفقه في الدين . وارض اللهم عن السادة الصحابة والتابعين، ومن تبعهم إلى يوم الدين . أما بعد : فإن ثمرة الإسناد: الحكم على ثبوت النص ، فلا ينفي حكمه، فربما يثبت هذا الحكم من طريق آخر (نص – إجماع – قياس ). وفارق بين النفي والإثبات ، وفارق في الثبوت بين النص وحكمه !! ومن ذلك قولهم عقب الحديث: ( ضعيف وعليه العمل ) . روى الترمذي في باب الجمع بين الصلاتين 1/356 : (حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف البصري قال: حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن حنش، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من جمع بين الصلاتين من غير عذر فقد أتى بابا من أبواب الكبائر» «وحنش هذا هو أبو علي الرحبي، وهو حسين بن قيس، وهو ضعيف عند أهل الحديث، ضعفه أحمد وغيره . والعمل على هذا عند أهل العلم: أن لا يجمع بين الصلاتين إلا في السفر أو بعرفة ..)اهـ . وحديث : (من ذرعه القيء وهو صائم فليس عليه القضاء وإن استقاء فليقض ) قال عنه الحافظ ابن حجر في الفتح 4/175 : (عن أبي هريرة رفعه قال من ذرعه القيء وهو صائم فليس عليه القضاء وإن استقاء فليقض قال البخاري لم يصح وإنما يروى عن عبد الله بن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة وعبد الله ضعيف جدا ورواه الدارمي من طريق عيسى بن يونس ونقل عن عيسى أنه قال زعم أهل البصرة أن هشاما وهم فيه وقال أبو داود سمعت أحمد يقول ليس من ذا شيء ورواه أصحاب السنن الأربعة والحاكم من طريق عيسى بن يونس به وقال الترمذي غريب لا نعرفه إلا من رواية عيسى بن يونس عن هشام وسألت محمدا عنه فقال لا أراه محفوظا انتهى وقد أخرجه بن ماجه والحاكم من طريق حفص بن غياث أيضا عن هشام قال وقد روي من غير وجه عن أبي هريرة ولا يصح إسناده ولكن العمل عليه عند أهل العلم ....) اهـ . فإذا تقرر ذلك علمت أنه لا يصح الاحتجاج بضعف الإسناد على نفي الأحكام ، وقد كثر في زماننا هذا – بين الشباب خاصة - من يفعل ذلك . ومع أن الأصل هو العمل بما صح إسناده فقد تجد أهل العلم عقب الحديث صحيح الإسناد : (والعمل على خلافه). وهي بعض أحاديث خالف ظاهرها العمل ، فاعتنى أهل الشأن بجمعها والإجابة عليها !! • من ذلك : ما رواه مسلم 1/452 ( عن أبي هريرة، قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، فقال: يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له، فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولى، دعاه، فقال: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم، قال: «فأجب» )اهـ . و في مسند أحمد 24/245 (عن ابن أم مكتوم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى المسجد فرأى في القوم رقة، فقال: " إني لأهم أن أجعل للناس إماما، ثم أخرج فلا أقدر على إنسان، يتخلف عن الصلاة في بيته إلا أحرقته عليه " فقال ابن أم مكتوم: يا رسول الله، إن بيني وبين المسجد نخلا، وشجرا، ولا أقدر على قائد كل ساعة، أيسعني أن أصلي في بيتي؟ قال: " أتسمع الإقامة؟ " قال: نعم، قال: " فأتها " )اهـ . وفي سنن أبي داود 1/151 وسنن النسائي 2/109 : ( عن ابن أم مكتوم، قال: يا رسول الله، إن المدينة كثيرة الهوام والسباع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أتسمع حي على الصلاة، حي على الفلاح؟ فحي هلا»، قال أبو داود: وكذا رواه القاسم الجرمي، عن سفيان ليس في حديثه «حي هلا» ) اهـ . فلم يرخص النبي – صلى الله عليه وسلم – لعبد الله بن أم مكتوم في ترك الجماعة مع أنه شاسع الدار ولا يجد قائدا يلائمه والمدينة كثيرة الهوام والسباع . فالحديث ظاهره مخالف للإجماع ، فبأي من هذه الأعذار تسقط الجماعة وبأقل منها كذلك . وفي صحيح البخاري 1/92 وصحيح مسلم 1/455 قصة عتبان بن مالك – رضي الله عنه – وهو من أهل بدر – قال : أنكرت بصري ، وسأل النبي – صلى الله عليه وسلم – أن يأتي داره فيصلي له – صلى الله عليه وسلم – في موضع يتخذه عتبان مصلى له ففعل صلى الله عليه وسلم . وفي صحيح البخاري 1/134: (عن نافع، أن ابن عمر، أذن بالصلاة في ليلة ذات برد وريح، ثم قال: ألا صلوا في الرحال، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة ذات برد ومطر، يقول: «ألا صلوا في الرحال» .) اهـ . وصحيح مسلم 1/484 : (عن نافع، أن ابن عمر، أذن بالصلاة في ليلة ذات برد وريح، فقال: «ألا صلوا في الرحال»، ثم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة ذات مطر، يقول: «ألا صلوا في الرحال» ) اهـ . والرحال : الدور والمساكن . • ومنها : حديث الصائم يأكل ويشرب بعد الفجر . ففي سنن أبي داود 4/35 ومسند أحمد 16/368 : (عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده، فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه " )اهـ . قال ابن رجب في شرح علل الترمذي 1/326 في معرض كلامه عن الأحاديث التي لم يعمل بها : (ومنها حديث الأكل في الصيام بعد الفجر، قال الجوزجاني: هو حديث قد أعيا العلماء معرفته.)اهـ . وقد تدين به في زماننا خلق كثير ممن أولعوا بالغرائب وتتبع الشاذ من القول، وإلا فظاهره معارض للكتاب والسنة وعمل أهل العلم . قال تعالى : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) سورة البقرة آية 187 وأمر النبي – صلى الله عليه وسلم – أصحابه أن يأكلوا ويشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم معلنا الفجر الصادق ، ففي صحيح البخاري 1/127 : (عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم» )اهـ . وفي صحيح مسلم 2/769 : من حديث سمرة بن جندب قال : ( سمعت محمدا صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يغرن أحدكم نداء بلال من السحور، ولا هذا البياض حتى يستطير» )اهـ . فهذه سنة صحيحة ثابتة موافقة للقرآن حد فيها النبي – صلى الله عليه وسلم – للصائم طلوع الفجر لا يتجاوزه بأكل أو شرب وما في معناهما من المفطر، واتصل عمل المسلمين على وفقها، فكيف نتركها للمحتمل من القول؟! وكيف نعدل عن الراسخ الثابت من العلم لما يسهل دفعه أو رفعه؟! لا يحمل على ذلك شيئ سوى الإغراب وتقفر الشاذ من القول . فمثل هذه الأحاديث إن تصرف عن ظاهرها فيها ، وإلا فالعمل أبلغ من الإسناد في الدلالة على القبول والرد، وبعض الدلالات أرجح من بعض . ومن كلام الإمام الشافعي الجامع في الاحتجاج بالعمل على مخالفيه في الأذان : (الرواية في الأذان تكلف لأنه خمس مرات في اليوم والليلة في المسجدين يعني مسجدي مكة والمدينة على رؤوس المهاجرين والأنصار ومؤذنو مكة آل أبي محذورة وقد أذن أبو محذورة للنبي صلى الله عليه وسلم وعلمه الأذان ثم ولده بمكة وأذن آل سعد القرظ منذر من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه كلهم يحكي الاذان والاقامة والتثويب ووقت الفجر كما ذكرنا فإن جاز أن يكون هذا غلطا من جماعتهم والناس بحضرتهم ويأتينا من طرف الأرض من يعلمنا ذلك جاز له أن يسألنا عن عرفة ومنى ثم يخالفنا ولو خالفنا في المواقيت لكان أجوز له من مخالفتنا في هذا الأمر الظاهر المعمول به )اهـ المجموع شرح المهذب 3/97 اهـ . وكان الإمام مالك يقدم عمل أهل المدينة – وحدهم – على الإسناد الصحيح، فمذهبه أوسع . ففي حديث المتبايعان بالخيار، لم يعمل به الإمام مالك وقدم عليه عمل أهل المدينة، قال الإمام السيوطي في شرحه على الموطأ: ( المتبايعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يتفرقا هذا من الأحاديث التي رواها مالك في الموطأ ولم يعمل بها إلا بيع الخيار . قال النووي فيه ثلاثة أقوال: أصحها أن المراد التخيير بعد تمام العقد قبل مفارقة المجلس وتقديره يثبت لهما الخيار ما لم يتفرقا إلا أن يتخايرا في المجلس ويختارا أيضا البيع فيلزم البيع بنفس التخاير ولا يدوم إلى المفارقة والثاني أن معناه إلا بيعا شرط فيه خيار الشرط ثلاثة أيام أو دونها فلا ينقضي الخيار فيه بالمفارقة بل يبقى حتى تنقضي المدة المشروطة والثالث أن معناه إلا بيعا شرط فيه أن لا خيار لهما في المجلس فيلزم بنفس البيع ولا يكون فيه خيار. قال ابن عبد البر أجمع العلماء على أن هذا الحديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم وأنه من أثبت ما نقل العدول وأكثرهم استعملوه وجعلوه أصلا من أصول الدين في البيوع ورده مالك وأبو حنيفة وأصحابهما ولا أعلم أحدا رده غير هؤلاء قال بعض المالكيين دفعه مالك بإجماع أهل المدينة على ترك العمل به وذلك عنده أقوى من خبر الواحد وقال بعضم لا تصح هذه الدعوى لأن سعيد بن المسيب وابن شهاب روى عنهما منصوصا العمل به وهما أجل فقهاء المدينة ولم يرو عن أحد من أهل المدينة نصا ترك العمل به إلا عن مالك وربيعة يخلف عنه وقد كان بن أبي ذئب وهو من فقهاء أهل المدينة في عصر مالك ينكر على مالك اختياره ترك العمل به حتى جرى منه في مالك قول خشن حمله عليه الغضب لم يستحسن مثله منه فكيف يصح لأحد أن يدعي إجماع أهل المدينة في هذه المسئلة انتهى) اهـ . تنوير الحوالك شرح موطأ مالك 2/79 والحديث كما مر عمل به سعيد بن المسيب، والزهري، وابن أبي ذئب وأنكر على مالك عدم العمل بالحديث، ولم يسلم له دعوى مخالفة الحديث لعمل أهل المدينة ، والحديث ثابت معمول به، وإنما أردت الإشارة إلى طريقة الإمام مالك في الترجيح بين صحيح الإسناد وعمل أهل المدينة، والحق أن رد الحديث بعمل أهل المدينة غير مسلم على إطلاقه . ولا شك أن اتصال العمل بين المسلمين حجة في حد ذاته، بشرط أن يكون في أمر ظاهر معمول به كالأذان والصلاة والصاع، أو معاملة ظاهرة تواطأ المسلمون على العمل بها بمحضر السابقين . فإن كان في هذا الأمر الظاهر رواية تحتمل لما عمل به الناس ولغيره فلا شك من لزوم حمل الرواية على ما توافق عليه الناس . والله ورسوله أعلم . المراجع : 1- القرآن الكريم . 2- مسند أحمد . 3- صحيح البخاري . 4- صحيح مسلم . 5- سنن الترمذي . 6- سنن النسائي . 7- سنن أبي داود . 8- فتح الباري . 9- شرح علل الترمذي . 10- تنوير الحوالك شرح موطأ مالك . 11- المجموع شرح المهذب . 12- مقالات في الفقه والحديث ت مجدي أحمد . |
الكاتب: | حتى لا أحرم [ الثلاثاء سبتمبر 23, 2014 12:50 am ] |
عنوان المشاركة: | Re: هل يصح الاحتجاج بضعف الإسناد على نفي الأحكام |
الفاضل البخاري جزاك الله خيراً على هذا الموضوع الرائع |
الكاتب: | البخاري [ الثلاثاء سبتمبر 23, 2014 10:00 am ] |
عنوان المشاركة: | Re: هل يصح الاحتجاج بضعف الإسناد على نفي الأحكام |
آمين آمين آمين ولك بمثلها أخي الفاضل حتى لا أحرم . جزاك الله خيرا كثيرا وشرفني مروركم العطر الكريم . وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وسلم . |
الكاتب: | البخاري [ الأربعاء سبتمبر 24, 2014 11:52 pm ] |
عنوان المشاركة: | Re: هل يصح الاحتجاج بضعف الإسناد على نفي الأحكام |
هذا الموضوع - الذي شارك به الأخ الفاضل سهم النور - هام جدا وله علاقة قوية جدا بموضوع مشاركتنا ولذلك اقتبسته هنا لتعم الفائدة سهم النور كتب: الأحاديث الضعيفة التي عليها العمل عند كثير من أهل العلم في أبواب العبادات . |
صفحة 1 من 1 | جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين |
Powered by phpBB © 2000, 2002, 2005, 2007 phpBB Group http://www.phpbb.com/ |