بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا رسول الله وعلى آله الطيبين الطاهرين الذين هم سبل النجاة الذين من تعلق بهم نجا ومن تركهم هلك فاللهم نجنا بهم وبجاههم فجاههم عندك يا رب خير جاه.

وأرض اللهم على ساداتنا ذوي القدر الجلي خاصة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن االصحابة أجمعين وعن التابعين وتابعي التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

يقول الحق عز وجل في كتابه العزيز:- ((وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا)) آل عمران 97
فالحج أحبابي في الله ركن من أركان الإسلام وهو الركن الخامس وقد أوجب الله الحج على كل مسلم بالغ عاقل حر يملك نفقة ذهابه وإيابه يأمن على نفسه في ذهابه للحج
يقدر على الإستمساك على الراحلة بمعنى ألا يكون عنده مرض يحبسه ولا يمكنه من أداء فريضة الحج.

وللحج أحبابي في الله أركان وواجبات وسنن

والأركان هي التي لا تتم فريضة الحج إلا بالإتيان بها جميعاً
ومن ترك ركناً لم يحل من إحرامه حتى يأتي به
ولا يجبر ذلك الركن بدم.

أما الواجبات فمن ترك منها شيئاً فعليه أن يجبر ذلك الواجب بدم.

أما السنن فمن ترك منها شيئاً لم يلزمه شيء لأنها هيئات فلم يجب بتركها شيئاً كتكبيرات الإنتقالات.

والآن أحبابي في الله أنقل لحضراتكم أركان الحج وواجباته وسننه من متن أبي شجاع في الفقه الشافعي مع شرح المتن لسلطان الأولياء وحبيب الأصفياء علامة الزمان فريد الوقت والأوان برهان الدين جوهرة سلك الصالحين واسطة عقد المخلصين لسان حال المتكلمين سيدي أبي العينين إبراهيم الدسوقي قدس الله سره ورضي الله عنه وأرضاه ونفعنا بعلومه في الدارين . آمين

-أولاً :أركان الحج(متن أبي شجاع)
وأركان الحج أربعة:
1-الإحرام مع النية.
2- الوقوف بعرفة.
3-والطواف بالبيت.
4-والسعي بين الصفا والمروة.

-الشرح لسيدي إبراهيم الدسوقي:

1-الإحرام مع النية

الإحرام هو النية عندنا
وهو أن ينوي بقلبه ما يريد فعله من حج أو عمرة أو تمتع أو قران ولا يفتقر إلى التلبية-أي يصح الإحرام بلا تلبية-
وقال أبو حنيفة:لا ينعقد إحرامه بمجرد النية حتى يضاف إليها التلبية أو سوق الهدي لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال(( أتاني جبريل عليه السلام فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية))- أخرجه النسائي وأبو داوود و ابن ماجة والدارمي والإمام مالك والإمام الشافعي في مسنده والإمام أحمد وابن حبان .-

ودليلنا-على صحة الإحرام بلا تلبية-أنها عبادة ليس في آخرها نُطق واجب فلم يكن في أولها نُطق واجب كالطهارة والصيام.

2- الوقوف بعرفة:-
وأما الوقوف بعرفة فهو ركن لقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم (( الحج عرفة ,من أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج))-أخرجه الترمذي والنسائي-

3- الطواف بالبيت:
وأما الطواف بالبيت فهو ركن أعني طواف الإفاضة-وهو سبع طوافات يجعل البيت فيها عن يساره مبتدئاً بالحجر الأسود محاذياً له في مروره بجميع بدنه فلو بدأ بغير الحجر لم يحسب له- لقوله تعالى (( وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق))
ولما روي أنه قيل : ((يا رسول الله .. حاضت صفية بنت حيي؟ فقال "أحابستُنا هي" فقيل : إنها أفاضت فقال"فلا إذن"))-أخرجه البخاري ومسلم-.
يدل على أنه ركن إذ لو كان يجبر بالدم فلم تكن حابسة.

4-السعي بين الصفا والمروة:

وأما السعي-بين الصفا والمروة وهو سبع مرات وشرطه أن يبدأ في أول مرة بالصفا ويختم بالمروة ويُحسب ذهابه من الصفا إلى المروة مرة وعوده إليه مرة أخرى- فإنه ركن لقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم((اسعوا أيها الناس فإن السعي قد كتب عليكم))-أخرجه الإمام الشافعي في مسنده والإمام أحمد-.

ثانياً:واجبات الحج(متن أبي شجاع)

وواجبات الحج-غير الأركان-ثلاثة أشياء:

1-الإحرام من الميقات.
2-ورمي الجمار الثلاث.
3-والحلق.

-الشرح لسيدي إبراهيم الدسوقي:

-تنبيه: سيدي إبراهيم الدسوقي أورد في شرحه سبع واجبات ولكني سأنقل شرح الثلاث واجبات فقط الموجودة في نسخة المتن التي أنقل منها.

1- الإحرام من الميقات:
لما روي أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وَقَّت لأهل المدينة ذا الحُليفة , ولأهل الشام الجُحفة , ولأهل نجد قرن و ولأهل اليمن يلملم , وقال(( هن لهم ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن يريد الحج والعمرة))-أخرجه البخاري ومسلم-.

وأما من دونهن فمهلة دويرة-أي القرية أو البلد- أَهلِه لما روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال:(( مُهَلُّ-أي موضع الإهلال ومكان الإحرام- أهل مكة منها)).

2-رمي الجمار الثلاث:

لما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم
((أقام بمنى أيام التشريق الثلاثة)) للرمي فيها والرمي واجب إتفاقاً-ويبدأ في رمي الجمرات بالكبرى ثم الوسطى ثم جمرة العقبة ويرمي كل جمرة سبع حصيات :واحدة بعد واحدة , فلو رمى حصاتين دفعة حسبت واحدة ولو رمى حصاة واحدة سبع مرات كفى ويشترط كون المرمي به حجراً فلا يكفي غيره كلؤلؤ وجص-.

3- والحلق:
قد ذكرنا الخلاف في أنه نُسُك لقوله تعالى((مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُون))
ولقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم((رحم الله المحلقين.. )) -أخرجه البخاري ومسلم-.
فعلى هذا يجب الدم للحديث.

-ثالثاً:سنن الحج(متن أبي شجاع)

وسنن الحج سبع:

1- الإفراد وهو: تقديم الحج على العمرة.
2- والتلبية.
3- وطواف القدوم.
4- والمبيت بمزدلفة.
5- وركعتا الطواف.
6-والمبيت بمنى.
7-وطواف الوداع.
ويتجرد الرجل عند الإحرام عن المخيط ويلبس إزاراً ورداءً أبيضين.

-شرح سيدي إبراهيم الدسوقي لسنن الحج.

تنبيه: أورد سيدي إبراهيم الدسوقي في شرحه تسع سنن للحج سأذكر منها فقط ما هو موجود بالمتن وفي الشرح.
1-الإفراد, وهو تقديم الحج على العمرة:

المشهور أن الإفراد أفضل من التمتع والقران لما روت عائشة قالت: ((خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حجة الوداع فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بالحج والعمرة وأهل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالحج ))-أخرجه البخاري ومسلم-.

واختلفوا في الأفضل منهما فقيل: إن القران-أن يُحرم بالعمرة والحج معا في نُسُك واحد وتحلل واحد وعليه دم- أفضل لأن الأحاديث الكثيرة واردة في أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان قارناً.

ومن قال إن التمتع-أن يُحرم بالعمرة ثم يتحلل منها ثم يُحرم بالحج من مكة وعليه دم- أفضل احتج بقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:((لو استقبلت من أمري ما أستدبرت ما سقت الهدي وجعلتها عمرة))-أخرجه مسلم-.

2-والتلبية:

وأما التلبية فلحديث جبريل المتقدم-وهو(( أتاني جبريل عليه السلام فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية))-

3- طواف القدوم:

-ويختص بحاج دخل مكة قبل الوقوف بعرفة والمعتمر إذا طاف للعمرة أجزأه عن طواف القدوم-
لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم(( أناخ راحلته عند باب بني شيبة ودخل المسجد فاستلم الحجر ثم طاف))-أخرجه ابن خزيمة والحاكم وصححه والبيهقي-.ولأنه تحية البيت فاستُحب كتحية المسجد.

4- والمبيت بمنى:
لما روى ابن عمر قال :(( كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا كان قبل التروية خطب الناس فأخبرهم بمناسكهم))-أخرجه الحاكم وصححه والبيهقي-.

ثم يخرج إلى منى في اليوم الثامن ويصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء ويبيت بها ويصلي بها الصبح .
فإذا طلعت الشمس سار إلى عرفة لما روى جابر قال : ((مكث- أي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم-قليلاً حتى طلعت الشمس ثم ركب وأمر بقبة من شعر-أي خيمة مدورة من صوف- أن تضرب له بنمرة فنزل بها)) أخرجه مسلم.

-أحبابي في الله تلك هي السنن التي تعرض لها سيدي إبراهيم الدسوقي بالشرح والتي تتوافق مع نسخة المتن الموجودة معي .

أحبابي في الله أسأل الله العلي القدير أن يكتب لنا حج بيته الحرام وزيارة نبيه العدنان بجاه من أنزل الله عليه ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)) صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً كبيراً.

تم بحمد الله.