السوفييت زودوا مصر بقنابل «نووية » خلال حرب أكتوبر
توحيد مجدي .
Tuesday 12 Nov 2013 - 20:22
انتهت الدراسة بالنسبة للطيار المصرى المتفوق «محمد حسنى السيد مبارك» فى أكاديمية «فرونزى» العسكرية الروسية للإدارة ورئاسة الأركان، وقد نال معها شهادة اللغة الروسية التى يتحدث بها حتى يومنا هذا بطلاقة.
ورأى مبارك أدبيًا وأخلاقيًا قبيل مغادرته العاصمة السوفيتية موسكو أن يزور الجنرال أليكساندر ساخاروفسكى صديقه الرفيع الذى تعرف عليه مبارك وظل يتعامل معه حتى النهاية على أساس أنه مسئول العلاقات العامة فى الجيش الروسى فرع الاستخبارات العسكرية الجوية.
هدف الطيار المصرى التقليدى من الزيارة تقديم الشكر إلى ساخاروفسكى عن المساعدات والتسهيلات والمساندة التى وفرها الاتحاد السوفيتى له لإحراز التفوق والعودة إلى بلاده عظيمًا.
طبقًا لوثائق أرشيف الاستخبارات السوفيتية KGB «عظيمة السرية» التى وثقت عملية «الابن البار»، شهد ذلك اللقاء الأخير بين الاثنين تقدم الجنرال ساخاروفسكى بأول طلب ضمنى منه إلى مبارك.
حيث نصحه ساخاروفسكى، بدعوى المصلحة المصرية العليا، أخبار الملحق العسكرى الروسى فى سفارة الاتحاد السوفيتى بالقاهرة كلما شعر مبارك بوجود حقيقة تهدد القوات الجوية والجيش المصرى من قبل إسرائيل.
وبشر الجنرال الروسى فى نهاية اللقاء الحميمى صديقه الطيار المصرى المتميز أنه سيعين عقب عودته إلى مصر بسبب تميزه العلمى والمهنى فى منصب قيادى مرموق، متمنيًا له التوفيق والنجاح، ومشددًا على أن موسكو لن تنسى مبارك.
وافق مبارك دون تفكير إيمانًا منه أنه سيحمى بذلك المصالح القومية المصرية، عن طريق استدعاء قوة الاتحاد السوفيتى العسكرية بجانب القاهرة وقت الطوارئ وبدا له طلب صديقه الجنرال ساخاروفسكى وطنيًا خالصًا يصب فى مصلحة مصر.
وقدرت الاستخبارات السوفيتية KGB أن المعلومات الخاصة الممكن أن يفصح مبارك عنها وقت الضرورة، من خلال دوافع وطنية خالصة لديه، ستعتبر بيانات مصدر رسمى موثوق فوق مستوى الشبهات. مما سيمثل من الناحية المنطقية تحذيرًا مباشرًا وحقيقيًا من صديق رفيع للاتحاد السوفيتى داخل النظام الحاكم بالقاهرة، مما سيمكن موسكو من التصرف على أساسه سياسيًا بشكل رسمى سريعًا وناجعًا.
فى نهاية اللقاء بينهما أبلغ الجنرال الروسى أليكساندر ساخاروفسكى صديقه مبارك أنه تنتظره فى مصر مفاجأة مهنية سارة مطالبا إياه أن يساعد بلاده على اتخاذ قرار تحديث وتطوير أسطولها الجوى العسكرى من ترسانة الصناعات الجوية السوفيتية.
مع وعد روسى رسمى للطيار المصرى أن موسكو ستلازمه عن كثب، وأن ثمار صداقته سترد إليه مباشرة فى شكل مساعدة سياسية سوفيتية حتى دون أن يطلب مبارك المساعدة من موسكو.
انتهز الجنرال أليكساندر ساخاروفسكى فرصة اللقاء الحميمى، وهو يتعامل مع صديقه مبارك - حتى النهاية - على أساس أنه مسئول العلاقات العامة فى الجيش الروسى فرع الاستخبارات العسكرية الجوية مع أنه فى الحقيقة رئيس فرع التجسس والعمليات الخارجية فى الاستخبارات السوفيتية KGB.
وكشف إلى الطيار المصرى الجالس أمامه لأول مرة خريج الأركان السوفيتية الحديث فى أكاديمية «فرونزى» حقيقة السر وراء التدخل السوفيتى الرسمى لمساندته عقب تعرضه للأسر على أيدى القوات المغربية أثناء «حرب الرمال».
تأكد الطيار المصرى محمد حسنى السيد مبارك أن استدعاءه لتنفيذ المنحة الدراسية المفاجئة فى الأكاديمية العسكرية الشهيرة فى موسكو لم يكن حظًا سعيدًا أو مجرد صدفة عارضة، لكنها خطة تخدم فى الأساس المصالح الروسية.
ومع ذلك كان مبارك من الذكاء حيث قرر طبقًا لعقيدته فى الحياة استغلال العلاقة مع الاتحاد السوفيتى حتى النهاية، كورقة مهنية من شأنها مساندته الارتقاء إلى قمة سلم القيادة الذى حلم أن يصعده للنهاية.
عاد الطيار محمد حسنى السيد مبارك إلى مصر منتصف عام 1966، وكما بشره الجنرال أليكساندر ساخاروفسكى فى موسكو عين فورًا قائدًا لقاعدة غرب القاهرة الجوية، ومنها مباشرة إلى منصب قائد قاعدة بنى سويف الجوية.
فى 5 يونيو 1967 تعرضت قاعدة مبارك الأخيرة للقصف، ونجا هو لكن دون طائراته، وعلى الرغم أنه أبلغ قبلها الملحق العسكرى فى السفارة السوفيتية بالقاهرة بخطورة الموقف والخلل فى ميزان القوة الجوية لصالح إسرائيل طبقًا لاتفاق ساخاروفسكى معه فى موسكو.
لكن لم تأت المساعدة العسكرية السوفيتية العاجلة مثلما وعده صديقه الجنرال أليكساندر ساخاروفسكى مسئول العلاقات العامة فى الجيش الروسى فرع الاستخبارات العسكرية الجوية فى آخر لقاء معه.
بل وقف الاتحاد السوفيتى يتابع نكسة مصر دون أدنى تدخل مع أن موسكو كانت على علم مسبق ودقيق بموعد الضربة الجوية الإسرائيلية مع كامل تفاصيل خطة الهجوم الإسرائيلى على القواعد الجوية المصرية.
تسبب التصرف الروسى الخطير فى أولى ساعات للنكسة المصرية وإدراك مبارك بعينيه حقيقة الإمبراطورية السوفيتية ومشاهدته الوجه القبيح لأهداف مصالح موسكو الخفية فى مصر أن يقرر الثأر لسلاحه ودم زملائه وبلاده فى الوقت المناسب.
انتهت الضربة الإسرائيلية الخسيسة بما اصطلح على تسميته النكسة، وفى 10 يونيو التاريخ الرسمى لانتهاء حرب 1967 بدأ الجيش المصرى مسيرة إعادة بناء قواته استعداده لرد الصفعة للعدو المتغطرس المنتشى بنصر مسموم مزيف ومساعدة أمريكية غربية سافرة.