بسم الله الرحمن الرحيم الأمانة الأمانة لغة: الأمانة مصدر قولهم: أمن يأمن أمانة أي صار أمينا، وهو مأخوذ من مادّة (أم ن) الّتي تدلّ على سكون القلب، ويقال: أمنت الرّجل أمنا وأمنة وأمانا وآمنني يؤمنني إيمانا، ورجل أمنة: إذا كان يأمنه النّاس ولا يخافون غائلته، وأمنة بالفتح إذا كان يصدّق ما سمع ولا يكذّب بشيء، وقال الجوهريّ: الأمنة: الّذي يصدّق بكلّ شيء وكذلك الأمنة مثال الهمزة، واستأمن إليه دخل في أمانه.
وقال ابن منظور: الأمان والأمانة بمعنى، والأمانة: ضدّ الخيانة. وقال ابن الأثير: الأمنة جمع أمين، وهو الحافظ. وقوله- عزّ وجلّ-:( وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً ) (البقرة/ 125) قال أبو إسحاق: أراد ذا أمن، فهو آمن وأمن وأمين.
ورجل أمن وأمين بمعنى واحد. ويقال: أمنته على كذا، وائتمنته بمعنى. وتقول: اؤتمن فلان على ما لم يسمّ فاعله، فإن ابتدأت به صيّرت الهمزة الثّانية واوا فنقول: أؤتمن.
وقال الرّاغب: والأمن والأمان والأمانة في الأصل مصادر، ويجعل الأمان تارة اسما للحالة الّتي يكون عليها الإنسان في الأمن، وتارة (تجعل الأمانة) اسما لما يؤمن عليه الإنسان، نحو قوله تعالى ( وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ ) (الأنفال/ 27) أي ما ائتمنتم عليه، وقول الله سبحانه( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) (الأحزاب/ 72) قيل هي كلمة التّوحيد وقيل: العدالة، وقيل: حروف التّهجّي، وقيل: العقل وهو صحيح؛ فإنّ العقل هو الّذي لحصوله يتحصّل معرفة التّوحيد وتجري العدالة وتعرف حروف التّهجّي، بل لحصوله تعلّم كلّ ما في طوق البشر تعلّمه، وفعل ما في طوقهم من الجميل فعله، وبه فضّل (الإنسان) على كثير ممّن خلقه .
واصطلاحا:
الأمانة: كلّ ما افترض الله على العباد فهو أمانة كالصّلاة والزّكاة والصّيام وأداء الدّين، وأوكدها الودائع، وأوكد الودائع كتم الأسرار، وقيل: هي خلق ثابت في النّفس يعفّ به الإنسان عمّا ليس له به حقّ، وإن تهيّأت له ظروف العدوان عليه دون أن يكون عرضة للإدانة عند النّاس، ويؤدّي به ما عليه أو لديه من حقّ لغيره، وإن استطاع أن يهضمه دون أن يكون عرضة للإدانة عند النّاس.
وهي أحد الفروع الخلقيّة لحبّ الحقّ وإيثاره وهي ضدّ الخيانة.
وقد ظهر من تعريف الأمانة أنّها تشتمل على ثلاثة عناصر.
الأوّل: عفّة الأمين عمّا ليس له به حقّ.
الثّاني: تأدية الأمين ما يجب عليه من حقّ لغيره.
الثّالث: اهتمام الأمين بحفظ ما استؤمن عليه، وعدم التّفريط بها والتّهاون بشأنها . أي بالأمانة.
ورسولنا سيدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم قد كان في قومه قبل الرّسالة وبعدها مشهورا بينهم بأنّه الأمين صلّى الله عليه وسلّم . وكان النّاس يختارونه صلّى الله عليه وسلّم لحفظ ودائعهم عنده. ولمّا هاجر صلّى الله عليه وسلّم وكلّ سيدنا عليّ بن أبي طالب رضى الله عنه ـ، وكرم الله وجه ـ بردّ الودائع إلى أصحابها.
والأمانة من أبرز أخلاق الرّسل- عليهم الصّلاة والسّلام-.فسيدنا فنوح وسيدنا هود وسيدنا صالح وسيدنا لوط وسيدنا شعيب- في سورة الشّعراء- يخبرنا الله- عزّ وجلّ- أنّ كلّ رسول من هؤلاء قد قال لقومه: ( إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ )*. وسيدنا جبريل- عليه السّلام- أمين الوحي، وقد وصفه الله بذلك في قوله- (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ* نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ* عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ) (الشعراء/ 192- 194) .
مجالات الأمانة:
والمجالات الّتي تدخل فيها الأمانة كثيرة منها:
الدّين والأعراض والأموال والأجسام والأرواح والمعارف والعلوم والولاية والوصاية والشّهادة والقضاء والكتابة ونقل الحديث والأسرار والرّسالات والسّمع والبصر وسائر الحواسّ، ولكلّ واحدة من التّفصيل ما يناسبها.
الأمانة والتّكليف:
قال النّيسابوريّ: الأمانة هي الطّاعة وهي التّكليف، وسمّي التّكليف أمانة لأنّ من قصّر فيه فعليه الغرامة ومن أدّاه فله الكرامة، وعرض الأمانة بهذا المعنى على هذه الأجرام وإباؤها من حملها هو لعدم صلوحها لهذا الأمر، وقد خصّ بعضهم التّكليف بقول: « لا إله إلّا الله ) الآيات الواردة في «الأمانة»
أولا: ما يؤتمن عليه الإنسان من ودائع ونحوها:
1- قال ـ تعالى ـ ( وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ) .
2- قال ـ تعالى ـ ( وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) .
3- قال ـ تعالى ـ ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً ) .
4- قال ـ تعالى ـ ( وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ (54) قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55) وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنا مَنْ نَشاءُ وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56) وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (57) ) .
5- قال ـ تعالى ـ ( فَلَمَّا رَجَعُوا إِلى أَبِيهِمْ قالُوا يا أَبانا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (63) قالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (64) ) .
6- قال ـ تعالى ـ ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (5) إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ (9) أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ (11) ) .
7- قال ـ تعالى ـ ( إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ (23) وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26) وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (27) عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (28) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (29) إِنَّ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30) فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ (31) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ (32) وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ (33) وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ (34) أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ (35) ) .
ثانيا: ما يؤمن عليه الإنسان من الفرائض والتكاليف:
8- قال ـ تعالى ـ ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27) وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28) ) .
9- قال ـ تعالى ـ ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا (72) لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (73) ) .
ثالثا: ما يؤمن عليه الإنسان من الأعراض (العفة والصيانة) والتكاليف:
10- قال ـ تعالى ـ ( قالَ يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40) ) .
11- قال ـ تعالى ـ ( وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى قالَ يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (20) فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (21)وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ (22) وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ قالَ ما خَطْبُكُما قالَتا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقى لَهُما ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا فَلَمَّا جاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25) قالَتْ إِحْداهُما يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26) ) .
رابعا: ما يؤتمن عليه الرسل والملائكة في التبليغ عن المولى- عز وجل-:
12- قال ـ تعالى ـ ( وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (65) قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَراكَ فِي سَفاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكاذِبِينَ (66) قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفاهَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (67) أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ (68) ) .
13- قال ـ تعالى ـ ( كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (105) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ (106) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (107) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (108) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (109) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (110) ) .
14- قال ـ تعالى ـ ( كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ (124) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (125) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (126) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (127) ) .
15- قال ـ تعالى ـ ( وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (17) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (18) وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (19) ) .
16- قال ـ تعالى ـ ( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) ) .
الأحاديث الواردة في (الأمانة)
1-عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان» ) .
2- عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خطب في حجّة الوداع فكان ممّا قال: «اتّقوا الله في النّساء؛ فإنّكم أخذتموهنّ بأمانة الله، واستحللتم فروجهنّ بكلمة الله. وإنّ لكم عليهنّ أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ... ) .
3- عن عبد الله بن عبّاس- رضي الله عنهما- قال: «أخبرني أبو سفيان أنّ هرقل قال له: سألتك ماذا يأمركم فزعمت أنّه يأمر بالصّلاة والصّدق والعفاف والوفاء بالعهد وأداء الأمانة. قال: وهذه صفة نبيّ» ) .
4- عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أدّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك» ) .
5- عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما- عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا حدّث الرّجل الحديث ثمّ التفت فهي أمانة» ) .
6- عن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما- أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «أربع من كنّ فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهنّ كانت فيه خصلة من النّفاق حتّى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر» ) * .
7 ـ عن جابر بن عبد الله الأنصاريّ- رضي الله عنهما-: أنّ أباه استشهد يوم أحد وترك ستّ بنات وترك عليه دينا. فلمّا حضره جذاذ النّخل أتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقلت: يا رسول الله، قد علمت أنّ والدي استشهد يوم أحد وترك عليه دينا كثيرا وإنّي أحبّ أن يراك الغرماء. قال: «اذهب فبيدر كلّ تمر على ناحية. ففعلت ثمّ دعوته فلمّا نظروا إليه أغروا بي تلك السّاعة. فلمّا رأى ما يصنعون طاف حول أعظمها بيدرا ثلاث مرّات. ثمّ جلس عليه ثمّ قال: «ادع أصحابك» فما زال يكيل لهم حتّى أدّى الله أمانة والدي. وأنا والله راض أن يؤدّي الله أمانة والدي، ولا أرجع إلى أخواتي تمرة. فسلم- والله- البيادر كلّها حتّى إنّي أنظر إلى البيدر الّذي عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كأنّه لم ينقص تمرة واحدة» ) .
8- عن عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهما- أنّه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّ الله يبغض الفحش والتّفحّش. والّذي نفس محمّد بيده لا تقوم السّاعة حتّى يخوّن الأمين، ويؤتمن الخائن. حتّى يظهر الفحش والتّفحّش. وقطيعة الأرحام. وسوء الجوار. والّذي نفس محمّد بيده إنّ مثل المؤمن لكمثل القطعة من الذّهب، نفخ عليها صاحبها فلم تغيّر ولم تنقص. والّذي نفس محمّد بيده إنّ مثل المؤمن لكمثل النّحلة أكلت طيّبا. ووضعت طيّبا. ووقعت فلم تكسر ولم تفسد» . قال وقال: «ألا إنّ لي حوضا ما بين ناحيتيه كما بين أيلة إلى مكّة» ، أو قال: «صنعاء إلى المدينة، وإنّ فيه من الأباريق مثل الكواكب، هو أشدّ بياضا من اللّبن وأحلى من العسل. من شرب منه لا يظمأ بعدها أبدا» ) .
9- عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ لي على قريش حقّا، وإنّ لقريش عليكم حقّا، ما حكموا فعدلوا، وأتمنوا فأدّوا، واسترحموا فرحموا» ) .
10- عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة: الرّجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثمّ ينشر سرّها» . وفي رواية: «من أشرّ النّاس» ) .
11- عن أمّ سلمة- رضي الله تعالى عنها- في حديث هجرة الحبشة، ومن كلام جعفر في مخاطبة النّجاشيّ. فقال له: أيّها الملك، كنّا قوما أهل جاهليّة، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، يأكل القوىّ منّا الضّعيف، فكنّا على ذلك حتّى بعث الله إلينا رسولا منّا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلى الله، لنوحّده ونعبده ونخلع ما كنّا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث. وأداء الأمانة، وصلة الرّحم، وحسن الجوار، والكفّ عن المحارم والدّماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزّور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة، وأمرنا أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئا، وأمرنا بالصّلاة والزّكاة والصّيام، قال: فعدّد عليه أمور الإسلام. فصدّقناه وآمنّا، واتّبعناه على ما جاء به ...) .
12- عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: بينما النّبي صلّى الله عليه وسلّم في مجلس يحدّث القوم جاء أعرابيّ فقال: متى السّاعة؟ فمضى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يحدّث. فقال بعض القوم: سمع ما قال فكره ما قال، وقال بعضهم: بل لم يسمع. حتّى إذا قضى حديثه قال: «أين أراه السّائل عن السّاعة؟» قال: ها أنا يا رسول الله. قال: «فإذا ضيّعت الأمانة فانتظر السّاعة» . قال: كيف إضاعتها؟ قال: «إذا وسّد الأمر إلى غير أهله فانتظر السّاعة» ) .
13- عن حذيفة بن اليمان- رضي الله عنهما- قال: حدّثنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حديثين رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر: حدّثنا أنّ الأمانة نزلت في جذر قلوب الرّجال، ثمّ علموا من القرآن ثمّ علموا من السّنّة. وحدّثنا عن رفعها. قال: «ينام الرّجل النّومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظلّ أثرها مثل أثر الوكت . ثمّ ينام النّومة فتقبض فيبقى فيها أثرها مثل أثر المجل ، كجمر دحرجته على رجلك فنفط . فتراه منتبرا وليس فيه شيء، ويصبح النّاس يتبايعون، فلا يكاد أحد يؤدّي الأمانة، فيقال: إنّ في بني فلان رجلا أمينا. ويقال للرّجل ما أعقله، وما أظرفه! وما أجلده! وما في قلبه مثقال حبّة خردل من إيمان. ولقد أتى عليّ زمان ولا أبالي أيّكم بايعت . لئن كان مسلما ردّه عليّ الإسلام، وإن كان نصرانيّا ردّه عليّ ساعيه، وأمّا اليوم فما كنت أبايع إلّا فلانا وفلانا» ) .
14- عن أبي موسى الأشعريّ- رضي الله عنه- قال: قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «الخازن الأمين الّذي يؤدّي ما أمر به طيّبة نفسه أحد المتصدّقين» ) .
15- عن أبي الدّرداء- رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «خمس من جاء بهنّ مع إيمان دخل الجنّة: من حافظ على الصّلوات الخمس على وضوئهنّ وركوعهنّ وسجودهنّ ومواقيتهنّ. وصام رمضان. وحجّ البيت إن استطاع إليه سبيلا وأعطى الزّكاة طيّبة بها نفسه. وأدّى الأمانة» . قالوا: يا أبا الدّرداء: وما أداء الأمانة؟ قال: الغسل من الجنابة» ) .
16- عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «كيف بكم، وبزمان يوشك أن يأتي يغربل النّاس فيه غربلة، ثمّ تبقى حثالة من النّاس قد مرجت عهودهم وأماناتهم، فاختلفوا هكذا وشبّك بين أصابعه- قالوا: كيف بنا يا رسول الله إذا كان ذلك؟ قال: تأخذون بما تعرفون، وتدعون ما تنكرون، وتقبلون على خاصّتكم، وتذرون أمر عوامّكم» ) .
17- عن حذيفة بن اليمان- رضي الله عنهما- أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال لأهل نجران: لأبعثنّ إليكم رجلا أمينا حقّ أمين. فاستشرف لها أصحاب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فبعث أبا عبيدة» ) .
18- عن أمّ سلمة وأبي هريرة- رضي الله عنهما- قالا: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «المستشار مؤتمن» ).
19- عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «لكلّ أمّة أمين، وأمين هذه الأمّة أبو عبيدة» ).
20- عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الملك في قريش والقضاء في الأنصار، والأذان في الحبشة، والأمانة في الأزد» يعني اليمن» ) .
21- عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده. والمؤمن من أمنه النّاس على دمائهم وأموالهم» ) .
22- عن عبد الله بن عمر- رضي الله تعالى عنهما- أنّه كان يقول للرّجل إذا أراد سفرا: ادن منّي أودّعك كما كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يودّعنا: «أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك» ) .
23- عن أبي ذرّ- رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله، ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبي. ثمّ قال: «يا أبا ذرّ إنّك ضعيف، وإنّها أمانة، وإنّها يوم القيامة خزي وندامة، إلّا من أخذها بحقّها وأدّى الّذي عليه فيها» ) .
من فوائد (الأمانة)
(1) الأمانة من كمال الإيمان وحسن الإسلام.
(2) يقوم عليها أمر السّموات والأرض.
(3) هي محور الدّين وامتحان ربّ العالمين.
(4) بالأمانة يحفظ الدّين والأعراض والأموال والأجسام والأرواح والمعارف والعلوم والولاية والوصاية والشّهادة والقضاء والكتابة ...
(5) الأمين يحبّه الله ويحبّه النّاس.
(6) من أعظم الصّفات الخلقيّة الّتي وصف الله بها عباده المؤمنين بقوله ( وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ* ) (المؤمنون/ 8، والمعارج/ 32) .
(7) مجتمع تفشو فيه الأمانة مجتمع خير وبركة.
_________________ يارب بالــمــصـطــفى بــلـغ مـقـاصــدنا --- واغفر لنا ما مضى يا واسع الكرم
واغفر إلهى لكل المسلمين بما --- يتلون فى المسجد الأقصى وفى الحرم
بجاه من بيته فى طيبة حرم --- واسمه قسم من أعظم القسم
|