هذه مناظرة كانت بين رجل من أهل اليمن وهو إبراهيم بن مخرمة الكندي، وبين رجل من أهل الحجاز وهو خالد بن صفوان بن إبراهيم التميمي، ولم تكن عن قصد وإنما كانت نتيجة سمر مع الخليفة العباسي، وقد نقلها لنا الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق .
تاريخ دمشق 16/105
الهيثم بن عدي قال: كان أبو العباس يعجبه السمر ومنازعة الرجال فحضره ذات ليلة في سمره إبراهيم بن مخرمة الكندي وناس من بني الحارث بن كعب وهم أخواله وخالد بن صفوان بن إبراهيم التميمي فخاضوا في الحديث وتذاكروا مضر واليمن.
فقال إبراهيم: يا أمير المؤمنين إن اليمن هم العرب الذين دانت لهم الدنيا وكانت لهم القرى ولم يزالوا ملوكا أربابا ورثوا ذلك كابرا عن كابر أولا عن آخر
منهم النعمانيات والمنذريات والقابوسيات والتبابعة
ومنهم من حمت لحمه الدبر
ومنهم غسيل الملائكة ومنهم من اهتز لموته العرش ومنهم مكلم الذئب ومنهم الذي كان يأخذ كل سفينة غصبا
وليس شئ له خطر إلا وإليهم ينسب من فرس رابع أو سيف قاطع أو درع حصينة أو حلة مصونة أو درة مكنونة .
إن سئلوا أعطوا وإن سيموا أبوا وإن نزل بهم ضيف قروا. لا يبلغهم مكاثر ولا ينالهم مفاخر .
هم العرب العاربة وغيرهم المتعربة.
قال أبو العباس: ما أظن التميمي يرضى بقولك ثم قال: ما تقول يا خالد .
قال: إن أذنت لي في الكلام وأمنتني من الموجدة تكلمت. قال: قد أذنت لك فتكلم ولا تهب أحدا .
فقال: أخطأ يا أمير المؤمنين المتقحم بغير علم ونطق بغير صواب فكيف يكون ما قال والقوم ليست لهم ألسن فصيحة ولا لغة صحيحة ولا حجة نزل بها كتاب ولا جاءت بها سنة وهم منا على منزلتين إن جاروا عن قصدنا أكلوا وإن جازوا حكمنا قتلوا يفخرون علينا بالنعمانيات والمنذريات وغير ذلك مما سنأتي عليه ونفخر عليهم بخير الأنام وأكرم الكرام محمد عليه السلام ولله علينا المنة وعليهم لقد كانوا أتباعه فبه عزوا وله أكرموا .
فمنا النبي المصطفى
ومنا الخليفة المرتضى
ولنا البيت المعمور
والمشعر
وزمزم
والمقام
والمنبر
والركن
والحطيم
والمشاعر
والحجابة
والبطحاء
مع ما لا يخفى من المآثر ولا يدرك من المفاخر وليس يعدل بنا عادل ولا يبلغ فضلنا قول قائل
ومنا الصديق
والفاروق
والرضي وأسد الله سيد الشهداء وذو الجناحين وسيف الله وبنا عرفوا الدين وأتاهم اليقين
فمن زاحمنا زاحمناه ومن عادانا اصطلمناه
ثم التفت فقال: أعالم أنت بلغة قومك. قال: نعم
قال: فما اسم العين قال: الحجمة
قال: فما اسم السن قال: الميدن قال: فما اسم الأذن قال: الصنارة
قال: فما اسم الأصابع قال: الشناتر
قال: فما اسم اللحية قال: الزب
قال: فما اسم الذئب قال: الكتع
قال: فقال له: أفمؤمن أنت بكتاب الله قال: نعم
قال: فإن الله تعالى يقول " إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون " وقال " بلسان عربي مبين " وقال " وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه " فنحن العرب والقرآن بلساننا نزل ألم تر أن الله عز وجل قال: " العين بالعين " ولم يقل الحجمة بالحجمة
وقال: " السن بالسن " ولم يقل بالمدن بالمدين
وقال: " الأذن بالأذن " ولم يقل الصنارة بالصنارة
وقال: " يجعلون أصابعهم في آذانهم " ولم يقل شناترهم في صناراتهم
وقال: " لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي " ولم يقل لا تأخذ بزبي
وقال: " فأكله الذئب " ولم يقل أكله الكتع
ثم قال: أسألك عن أربع إن أنت أقررت بهن قهرت وإن جحدتهن كفرت قال: وما هن
قال: الرسول منا أو منكم قال: منكم
قال: فالقرآن نزل علينا أو عليكم قال: عليكم ق ال: فالبيت الحرام لنا أو لكم قال: لكم
قال: فالخلافة فينا أو فيكم قال: فيكم
قال خالد: فما كان بعد هذه الأربع فلكم )اهـ .
_________________ مددك يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم
الغوث يا سيدي رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم
الشفاعة يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم
|