بسم الله والحمد لله الملك الحق المبين القاهر فوق عباده من أمره بين الكاف والنون إذا أراد شيئاً إنما يقول له كن فيكون, وأصلي وأسلم على من أتاه ربه جوامع الكلم ونصر بالرعب مسيرة شهر وعلى آله الطيبين الطاهرين وسلم تسليماً كثيراً كبيراً.
هذا الموضوع هو بمجمله إجتهاد شخصي من الفقير أستندت فيه إلى كلام الله عز وجل وكلام نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم-على قدر فهمي- فإن كان فيه تقصير وعدم تفصيل فهو من فهمي القاصر وعقلي الناقص وقلة معارفي وإطلاعي .
ففي هذا الموضوع حاولت أن أثبت أن – بالكتاب والسنة- من ضمن كرامات الصالحين أن يصيحوا في الأعداء صيحة ترجف قلوبهم وتقذف فيها الرعب وأن صيحة الرجل الصالح تكون في بعض الاحيان خير من جيش ومن فئة كاملة كما نعلم ذلك عن سيدي أحمد البدوي بأنه كان يصيح في الأعداء صيحة تهزمهم من غير حرب , وحتى لا ينكر المنكرون أو يتشدق المتشدقون أو يجهل علينا الجاهلون حاولت بقدر الإمكان إثبات ذلك- على قدر فهمي- من كتاب الله عز وجل ومن كلام نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم سائلاً الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا وأن يزيدنا علماً . وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً كبيراً.
-تعريف الصيحة في اللغة
-مشارق الأنوار على صحاح الآثار للقاضي عياض حـ2,صـ52 :
((ص ي ح: قَوْله: أَنا إِذا صِيحَ بِنَا أَتَيْنَا وبالصياح عولوا علينا أَي إِذا فزعنا يُقَال صِيحَ بفلان إِذا فزع وَتقدم فِي حرف الْهمزَة معنى أَتَيْنَا وَاخْتِلَاف الرِّوَايَة فِيهِ والصياح أَيْضا الْهَلَاك وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فَأَخَذتهم الصَّيْحَة أَي هَلَكُوا))أهـ
-النهاية لإبن الأثير جـ3,صـ14 :
((صخخ :في حديث ابن الزبير وبناء الكعبة «فخاف الناس أن تصيبهم صاخة من السماء» الصاخة: الصيحة التي تصخ الأسماع: أي تقرعها وتصمها.))أهـ
-مختار الصحاح لأبي بكر الرازي جـ1,صـ181 :
((ص ي ح: (الصياح) الصوت وقد (صاح) يصيح (صيحا) و (صيحة) و (صياحا) بكسر الصاد وضمها و (صيحانا) بفتح الياء. و (المصايحة) و (التصايح) أن يصيح القوم بعضهم ببعض. و (الصيحة) العذاب.))أهـ
-تاج العروس للمرتضى الزبيدي جـ6,صـ560:
((صيح: الصيح، والصيحة، والصياح، بالكسر والضم، والصيحان، محركة: الصوت. وفي التهذيب: صوت كل شيء إذا اشتد. وقد صاح يصيح وصيح: صوت بأقصى الطاقة ، يكون ذالك في الناس وغيرهم.))أهـ
-لسان العرب لإبن منظور جـ2,صـ521:
((والصيحة: العذاب، وأصله من الأول؛ قال الله عز وجل: فأخذتهم الصيحة؛ يعني به العذاب؛ ويقال: صيح في آل فلان إذا هلكوا. فأخذتهم الصيحة أي أهلكتهم.))أهـ
-وفي الفائق في غريب الحديث للزمخشري
حاكيا عن سيدنا عمر رضي الله عنه وأرضاه كَانَ رَضِي الله عَنهُ يَصِيح الصَّيْحَة فيكاد من يسْمعهَا يصعق كَالْجمَلِ المحجوم.
-الصيحة في القرآن الكريم
-تفسير يحي بن سلام جـ2 ,صـ629 :
(({فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ} [العنكبوت: 37] وَالرَّجْفَةُ هَاهُنَا، عِنْدَ الْحَسَنِ، مِثْلُ الصَّيْحَةِ وَهُمَا عِنْدَهُ الْعَذَابُ. وَتَفْسِيرُ السُّدِّيِّ: صَيْحَةُ جِبْرِيلَ.))أهـ
تفسير يحي بن سلام جـ2,صـ806:
((قَالَ اللَّهُ: {إِنْ كَانَتْ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً} [يس: 29] الصَّيْحَةُ عِنْدَ الْحَسَنِ الْعَذَابُ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: صَيْحَةُ إِسْرَافِيلَ.))أهـ
-تفسير بن أبي حاتم جـ9,صـ3059 :
((حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بن حمزة، ثنا شبانة، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ: الصَّيْحَةُ.))أهـ
تفسير السمرقندي جـ2,صـ160:
((ثم قال تعالى: وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ يعني: كفروا، صيحة جبريل. صاح صيحة، فماتوا كلهم، فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ يعني: صاروا خامدين ميتين.))أهـ
وفي نفس المصدرجـ2,صـ168:
((وصاح فيهم جبريل صيحة، فماتوا كلهم.))أهـ
تفسير الثعالبي جـ5,صـ177:
((وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ يعني صيحة جبريل فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ صرعى، هلكى))أهـ
زاد المسير جـ2,صـ398:
((قوله تعالى: وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ. قال المفسرون: صاح بهم جبريل فماتوا في أمكنتهم.))أهـ
-وكما أن الصيحة يمكن أن تستخدم لإهلاك الأقوام يمكن أن تحيي أيضاً الموتى.
ففي الدر المنثور للسيوطي جـ2, صـ221:
((وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن ثَابت قَالَ: انْطلق عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يزور أَخا لَهُ فَاسْتَقْبلهُ إِنْسَان فَقَالَ: إِن أَخَاك قد مَاتَ فَرجع فَسمع بَنَات أَخِيه بِرُجُوعِهِ عَنْهُن فاتينه فَقُلْنَ يَا رَسُول الله رجوعك عَنَّا أَشد علينا من موت أَبينَا قَالَ: فانطلقن فأرينني قَبره فانطلقن حَتَّى أرينه قَبره قَالَ: فصوت بِهِ فَخرج وَهُوَ أشيب فَقَالَ: أَلَسْت فلَانا قَالَ: بلَى قَالَ: فَمَا الَّذِي أرى بك قَالَ: سَمِعت صَوْتك فحسبته الصَّيْحَة))أهـ
البحر المديد لإبن عجيبة جـ1,صـ355:
((وأحي الموتى بإذن الله لا بقدرتي دفعا لتوهم الألوهية، فإن الإحياء ليس من طوق البشر. روي أنه أحيا أربعة أنفس: (العازر) ، وكان صديقا له، فأرسلت أخته إلى عيسى أن أخاك العازر يموت، فأتاه من مسيرة ثلاثة أيام فوجده مات، فقال لأخته: انطلقي بنا إلى قبره، وهو في صخرة مطبقة، فدعا الله تعالى، فقام العازر يقطر ودكه ، فعاش وولد له. و (ابن العجوز) ، مر بجنازته على عيسى عليه السلام فدعا الله تعالى، فجلس على سريره، ونزل عن أعناق الرجال، ولبس ثيابه، وحمل سريره على عنقه، ورجع إلى أهله، وبقي حتى ولد له. و (ابنة العاشر) ، كان يأخذ العشور، قيل له: أتحييها، وقد ماتت أمس؟ فدعا الله تعالى، فعاشت وولد لها. و (سام بن نوح) ، دعا باسم الله الأعظم، فخرج من قبره، وقد شاب نصف رأسه، فقال: أقامت الساعة؟ قال: لا، لكني دعوت الله فأحياك، مالى أرى الشيب في رأسك، ولم يكن في زمانك؟ قال: سمعت الصيحة، فظننت أن الساعة قامت فشبت من هولها. قيل: كان يحيي الموتى ب يا حي يا قيوم.))أهـ
-الصيحة في السنة النبوية الشريفة
سنن سعيد بن منصور: 2\371
((حَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَوْتُ أَبِي طَلْحَةَ فِي الْجَيْشِ خَيْرٌ مِنْ فِئَةٍ» ، وَكَانَ يَجْثُو بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَقُولُ: وَجْهِيَ لِوَجْهِكَ الْوِقَاءُ , وَنَفْسِي لِنَفْسِكَ الْفِدَاءُ))أهـ
مسند أحمد:3\261
((حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين بن محمد ثنا سفيان يعني بن عيينة عن علي بن جدعان عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : صوت أبي طلحة في الجيش خير من فئة قال وكان يجثو بين يديه في الحرب ثم ينثر كنانته ويقول: وجهي لوجهك الوقاء ... ونفسي لنفسك الفداء ))أهـ
أمثال الحديث لأبي الشيخ الأصبهاني:1\234
((حَدَّثَنَا ابْنُ مَعْدَانَ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، ثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ أَنَسٍ، لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَوْتُ أَبِي طَلْحَةَ فِي الْجَيْشِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفٍ»))أهـ
فضائل الرمي لإسحاق القراب:1\72-73
((أنبأ بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُزَنِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّامِيُّ، ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَوْتُ أَبِي طَلْحَةَ فِي الْجَيْشِ خَيْرٌ مِنْ مِئَةٍ» وَكَانَ يَجْثُو بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَرْبِ فَيَنْثُرُ كِنَانَتَهُ ثُمَّ يَقُولُ: وَجْهِي لِوَجْهِكَ الْوِقَاءُ، وَنَفْسِي لِنَفْسِكَ الْفِدَاءُ))أهـ
تم بحمد الله.
|