مع كامل الاختلاف مع أسلوب الخطاب الموجه لمولانا فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف ، إلا أن التساؤلات الواردة في هذا المقال جديرة بالطرح .

نتابع ...

ثروت الخرباوي .

ليس بينى والدكتور محمد عمارة مشكلة ما، بل إننى من المعجبين ببعض كتاباته خاصة كتابه المهم «محمد عبده مجدد الإسلام» وكتابه الأهم «المعتزلة ومشكلة الحرية الإنسانية» وكتابه «المادية والمثالية فى فلسفة ابن رشد» وقد قرأتُ هذه الكتب أكثر من مرة من فرط أهميتها وقدرة صاحبها على عرض أفكاره، ولكننى فى ذات الوقت رفضت الأفكار التى وضعها فى كتب أخرى رأيت أنها تضعه فى مصاف المتطرفين التكفيريين، وبغض النظر عن الدكتور عمارة وقدراته وملكاته، نقبلها أو نرفضها ونُعمل قواعد النقد بخصوصها، كما أعمل هو قواعد النقد فى الإنتاج الفكرى لكثيرين، إلا أننا الآن لسنا بصدد هذا المجال فما أود طرحه هنا هو: هل يصلح عمارة أن يظل رئيساً لتحرير مجلة الأزهر؟ وهل يصلح أن يستمر عضواً فى مجمع البحوث الإسلامية؟ والسبب فى هذين السؤالين هو أن محمد عمارة قد بلغ منذ شهر الرابعة والثمانين من عمره، وفى هذا العمر يصعب على الرجل أن يقوم بأعباء رئاسة التحرير كما ينبغى، وهو من ناحيته ينبغى أن يقدم المثل للرجل العاقل الحكيم الذى يجب أن يترك المكان للشباب الواعد وإلا فقل لى بربك يا دكتور عمارة: متى نرى شاباً متخصصاً فى الإعلام تلقى علومه الشرعية فى الأزهر الشريف وقد أصبح رئيساً لتحرير مجلته؟ أليس وجودك فى هذا المكان وأنت قد أديت رسالتك فى الحياة ولست فى حاجة إلى المال، وحصلت فى دنياك على العديد من المناصب والمواقع، أليس هذا «احتلالاً للوظيفة»؟!

وأنت يا شيخ الأزهر لك منا كل تقدير، ولكن قل لى بالله عليك ألم تقرأ الحديث الشريف: «من قلّد إنساناً عملاً وفى رعيّته من هو أولى منه فقد خان الله ورسوله» ولعلك يا شيخنا ستقول لى إن الدكتور عمارة هو أولى الناس بهذا الموقع، ولكن دعنى أختلف معك قليلاً، فقليل من الاختلاف يُصلح الحوار، أمَّا وجه الاختلاف فهو يتعلق بالجاهزية النفسية والوطنية للوظيفة التى يقوم بها، أما عن الجاهزية النفسية فهى متعلقة بمشاعر الدكتور عمارة المشبوبة للإخوان، هو يحبهم ويحب فكرهم حتى النخاع، ويتحدث عن مرشدهم الأول بشكل يصل إلى درجة التقديس، وقد ترى أنت يا فضيلة الإمام أن هذا الأمر قد لا يكون عيباً فى الرجل، خاصة وقد وقع فى اعتقادك وفقاً لما قاله لى أحد رجالك الأوفياء فى حلقة تليفزيونية إنك قلت: إن عمارة ليس إخوانياً! وأنا معك فى أنه ليس عضواً بالتنظيم، ولكننى أزيدك علماً «ولا ينبئك مثل خبير» أن عمارة عضو فى الجماعة وليس فى التنظيم، ودائرة الجماعة أوسع من دائرة التنظيم، وحين جاءت فترة حكم الإخوان تحولت مجلة الأزهر على يد عمارة إلى نشرة إخوانية، وأظنك قطعاً قد قرأت أعداد المجلة وقتها، لذلك لن أضع لك الآن صف الموضوعات التى كتبها قادة الجماعة، فالعارف لا يُعَرَّف، ولكن تواجهنا مقولة قالها أحد رجالك وأظنه الشيخ محمد مهنا من أن توزيع مجلة الأزهر أصبح كبيراً مع محمد عمارة، نعم هذه ميزة كبيرة أعرف ذلك، ولكن هل تعرف يا فضيلتك أن الأوامر قد صدرت من الإخوان لأعضاء الجماعة بضرورة أن يقوم كل واحد منهم بشراء نسخة من المجلة إن أمكنه ذلك دعماً لمحمد عمارة، لا أظنك تعرف هذا فأنت بطبيعة الحال لست عضواً فى «التنظيم» وبالتالى لا تصل إليك هذه الأوامر.

هنا يا سيدى تكمن الجاهزية النفسية، فعمارة متحمس جداً للإخوان ولحركة «حماس»، وقد يوجه المجلة بطريقة أو بأخرى إلى وسيلة لتوجيه أفراد الجماعة من خلال موضوعات بعينها، وأنا أعرف أنك ستقول: وما دليلك على حماس عمارة للإخوان؟ عندك حق فوقت فضيلتك قد لا يسمح بقراءة البيانات والتصريحات والمقالات، ولكننى والحمد لله أمتلك وقتى لذلك سأضع لك بيان محمد عمارة فى تأييده لمحمد مرسى، الذى قال فيه: «لقد أيدت الإخوان المسلمين ودافعت عنهم عندما كان الدفاع عنهم كلمة حق فى وجه سلطان جائر وغاشم، وبعد ثورة 25 يناير أعطيتهم صوتى فى انتخابات مجلسى الشعب والشورى، واليوم أعلن تأييدى لهم فى انتخابات الرئاسة».

أما الأسباب التى قرر من أجلها أن يعطى الإخوان صوته فهى على حد قوله: «إن الإخوان المسلمين هم الحاملون لمشروع النهضة الإسلامية وهم الأقرب إلى الفكر الإسلامى الوسطى والأقدر مع كل المخلصين على تحقيق النهضة الإسلامية التى سعى إليها رواد الإصلاح الإسلامى من الآباء والأجداد» وأرجو أن تلاحظ يا شيخنا أنه لم يقل «قررت أن أعطى صوتى لمحمد مرسى» ولكنه قال «قررت أن أعطى صوتى للإخوان» هذه مقالته وهذا قوله، ولعلك بالقطع تعلم يا فضيلة الإمام أن الشعب ثار على مرسى وعلى جماعة الإخوان التى يؤيدها محمد عمارة ويرى فيها مشروع عمره، بل إن عمارة كان شديد الاستياء من علماء الأزهر الذين انتقدوا الإخوان، من أجل هذا كتب فى 16 نوفمبر 2013 حينما كان الإخوان يقتلون الجيش والشرطة ويشعلون الحرائق فى الكنائس والمؤسسات «أنا لا أحب أن أكون ممن يكتم الشهادة، حتى ولو كان فى فمى ماء كثير، فإنى أقول إن الأزهر مؤسسة كبيرة جداً، كما أنها عريقة جداً، والأزهر ليس شيئاً واحداً، ولا موقفاً واحداً، ففى علماء الأزهر جمهور كبير يناصر الإخوان، والأزهريون الأعضاء فى الإخوان يبلغون عشرات الألوف، وذلك فضلاً عن الطلاب، وفى علماء الأزهر قطاع ينتمى إلى السلفية بألوانها المختلفة، وهناك أزهريون متصوفة، ولكن من بين علماء الأزهر من يعادى الإخوان عداءه للشيطان، ومنهم من يرى فى السلفية امتداداً وهابياً غريباً عن الفكر الأشعرى الذى هو مذهب جمهور أهل السنة والجماعة».

فهل ترى بعد ذلك أنه أهلٌ لمواقعه الأزهرية سواء فى المجلة أو فى المجمع؟! ومع ذلك فإننى أرى أن الأخطر هو الجاهزية الوطنية، ولا أخالك تخالفنى فى أن من يرى ثورة يونيو انقلاباً لا يصلح لتوسد أى منصب فى الدولة التى يراها دولة انقلاب، لن أتحدث عن مخالفته بذلك للضمير الوطنى الذى اتحد عليه الشعب كله، ولن أتطرق لمناقشته فى رأيه ولكن قل لى هل تؤمن مشيخة الأزهر بثورة يونيو؟! إذا كانت تؤمن وأظنها كذلك فلماذا تقوم فضيلتك بتعيين من يراها انقلاباً عسكرياً؟! ولكى يكون الأمر واضحاً جلياً أمامك يا شيخنا فهاك بيان محمد عمارة عن رأيه فى ثورتنا الرائعة:

«بيان للناس»: كنت أحسب أن موقفى لا يحتاج إلى إعلان، لكن أمام تساؤل البعض فإنى أقول إن ما حدث فى 30 يونيو 2013 هو انقلاب عسكرى على التحول الديمقراطى الذى فتحت أبوابه ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، والذى تمت صياغته فى الدستور الجديد الذى حدد قواعد التبادل السلمى للسلطة عن طريق صندوق الاقتراع كما هو متبع فى كل الدول الديمقراطية. وأضاف عمارة «هذا الانقلاب العسكرى إنما يعيد عقارب الساعة -فى مصر- إلى ما قبل 60 عاماً عندما قامت الدولة البوليسية القمعية التى اعتمدت سُبُل الإقصاء للمعارضين حتى وصل الأمر إلى أن أصبح الشعب المصرى كله معزولاً سياسياً يتم تزوير إرادته، بالإضافة إلى أنه أصبح يعانى من أجهزة القمع والإرهاب».

وتابع عمارة فى بيانه قائلاً: «إن ما يزيد من مخاطر هذا الانقلاب أن البعض يريد انقلاباً على الهوية الإسلامية لمصر التى استقرت وتجذرت عبر التاريخ».

وعبارة عمارة الأخيرة فى بيانه تدل على أن ما حدث ليس انقلاباً عسكرياً فقط ولكنه كان انقلاباً على الإسلام! وكأن الإخوان هم الإسلام.

أيها الشيخ الإمام لا تظن أننى تكلمت أو أفصحت ففى الجعبة الكثير ولكن فى فمى ماء، وحينما يضيق صدرى لا ينطلق قلمى.

المصدر :

http://www.elwatannews.com/news/details/646604

بشرك الله بالخير شيخنا الفاضل (فراج يعقوب) .

ووفق الله وأعان مولانا الإمام الأكبر أحمد الطيب ، فالآمال معقودة عليه وعلى أمثاله من أبناء الأزهر ليعودوا بالأزهر الشريف كما كان وكما نحب أن يكون .

أزهر السيوطي والشعراني وبخيت المطيعي والدجوي .

خالص الشكر والتقدير لكم شيخنا الفاضل ويسعدني دائماً مروركم الكريم .