اشترك في: السبت يونيو 09, 2012 3:03 am مشاركات: 576
|
ذكر تعبئة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أصحابه رضوان الله عليهم ونزولهم بأبي سفيان، وما وقع في ذلك من الآيات
قال ابن عقبة- رحمه الله تعالى- وأمر رسول الله- - مناديا ينادي، لتصبح كل قبيلة قد أرحلت، ووقفت مع صاحبها عند رايته، وتظهر ما معها من الأداة والعدّة. فأصبح النّاس على ظهر، وقدّم بين يديه الكتائب. قالوا: ومرّت القبائل على قادتها. والكتائب على راياتها.
قال محمد بن عمر: وكان أول من قدم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- خالد بن الوليد في بني سليم- بضم أوله، وفتح ثانيه، وسكون التحتية، وهم ألف، ويقال: تسعمائة، ومعهم لواءان وراية، يحمل أحد اللواءين العباس بن مرداس بكسر الميم، والآخر يحمله خفاف- بخاء معجمة مضمومة- بن ندبة- بنون مضمومة، فدال مهملة- ويحمل الراية الحجاج بن علاط- بعين مضمومة فطاء مهملتين، فلمّا مرّوا بأبي سفيان، كبّروا ثلاث تكبيرات، ثم مضوا، فقال أبو سفيان: يا عبّاس!! من هولاء؟ فقال: هذا خالد بن الوليد، قال: الغلام؟ قال: نعم قال: ومن معه؟ قال: بنو سليم، قال: ما لي وبني سليم!
ثم مرّ على أثره الزبير بن العوام في خمسمائة من المهاجرين وأفناء العرب، ومعه راية سوداء. فلما مرّوا بأبي سفيان كبّروا ثلاثا، فقال أبو سفيان: من هؤلاء؟ قال: هذا الزبير بن العوام، قال: ابن أختك؟ قال: نعم،
** ثم مرّت بنو غفار- بكسر الغين المعجمة- في ثلاثمائة، يحمل رايتهم أبو ذرّ، فلمّا حاذوه، كبّروا ثلاثا، فقال أبو سفيان من هؤلاء؟ قال: بنو غفار، قال: مالي ولبني غفار؟
**ثم مرت أسلم في أربعمائة، فيهما لواءان يحمل أحدهما بريدة- بلفظ تصغير البرد- بن الحصيب- بضم الحاء، وفتح الصاد المهملتين، فلما حاذوه كبّروا ثلاثا، فقال: من هؤلاء؟ قال العباس: أسلم، قال: مالي ولأسلم؟
**ثم مرت بنو كعب بن عمرو في خمسمائة، يحمل رايتهم بسر- بضم الموحدة، وسكون السين المهملة- بن سفيان فلما حاذوه، كبّروا ثلاثا، فقال: من هؤلاء؟ قال العباس: بنو عمرو بن كعب بن عمرو، إخوة أسلم، قال: نعم، هؤلاء حلفاء محمد،
**ثم مرت مزينة- بضم الميم، وفتح الزاء، في ألف فيها ثلاثة ألوية ومائة فرس، يحمل ألويتها النعمان بن مقرن- بضم الميم، وسكون القاف، [وبالراء] والنون، وعبد الله بن عمرو بن عوف، وبلال بن الحارث، فلما حاذوه كبّروا ثلاثا، قال: من هؤلاء؟ قال: العباس: مزينة، قال: مالي ولمزينة؟ قد جاءتني تقعقع من شواهقها،
**ثم مرّت جهينة- بضم الجيم، وفتح الهاء وسكون التحتية، وبالنون- في ثمانمائة، فيها أربعة ألوية، يحملها أبو روعة- بفتح الراء، وسكون الواو- معبد بن خالد، وسويد بن صخر، ورافع بن مكيث- بفتح الميم، وكسر الكاف، وبالمثلثة- وعبد الله بن بدر- بالموحدة- فلما حاذوه كبّروا ثلاثا، فقال من هؤلاء؟ قال: جهينة، قال: مالي ولجهينة؟
**ثم مرّت كنانة- بكسر الكاف- بنو ليث وضمرة، وسعد بن بكر في مائتين، يحمل لواءهم أبو واقد- بالقاف- اللّيثي، فلمّا حاذوه كبّروا ثلاثا، فقال: من هؤلاء؟ قال العبّاس: بنو بكر، قال: نعم، أهل شؤم والله! هؤلاء الّذين غزانا محمّد بسببهم، قال العبّاس: قد خار الله- تعالى- لكم في غزو محمد- صلى الله عليه وسلم- أتاكم أمنكم، ودخلتم في الإسلام كافة،
**ثم مرّت أشجع- بالشين المعجمة، والجيم- وهم آخر من مرّ، وهم ثلاثمائة معهم لواءان، يحمل أحدهما معقل- بالعين المهملة، والقاف- ابن سنان، والآخر: نعيم بن مسعود. فلمّا حاذوه كبّروا ثلاثا قال أبو سفيان: من هؤلاء؟ قال العبّاس: هؤلاء أشجع، قال أبو سفيان: هؤلاء كانوا أشدّ العرب على محمد، قال العبّاس وأدخل الله- تعالى- الإسلام في قلوبهم، فهذا فضل من الله،
ثم قال أبو سفيان: أبعد ما مضى محمد؟ فقال العباس: لا، لم يمض بعد، لو أتت الكتيبة التي فيها محمد رأيت فيها الحديد والخيل والرجال، وما ليس لأحد به طاقة، قال: ومن له بهؤلاء طاقة؟
وجعل الناس يمرّون، كل ذلك يقول أبو سفيان ما مرّ محمد؟ فيقول العبّاس: لا،
حتّى طلعت كتيبة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الخضراء الّتي فيها المهاجرون والأنصار، وفيها الرّيات والألوية، مع كل بطن من بطون الأنصار لواء وراية، وهم في الحديد لا يرى منهم إلا الحدق، ولعمر بن الخطاب- رضي الله عنه- فيها زجل بصوت عال وهو يزعها ويقول: رويدا حتى يلحق أولكم آخركم- يقال: كان في تلك الكتيبة ألفا دارع، وأعطى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- رايته سعد بن عبادة، فهو أمام الكتيبة، فلما مرّ سعد براية رسول الله- صلى الله عليه وسلم- نادى أبا سفيان فقال: اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحلّ الحرمة اليوم أذلّ الله قريشا قال أبو سفيان: يا عباس، حبّذا يوم الذّمار. فمرت القبائل، وطلع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو على ناقته القصواء. قال محمد بن عمر: بين أبي بكر
(5/220) سبل الهدى والرشاد ..
|
|