 إظغط على
الصوره لتراها بحجمها الطبيعي ! |
|
عزيزى أى وزير.. هس.. ولا أى كلمة
مقال للرائعة لميس جابر
يا بلدنا يا عجيبة.. فيكى حاجة محيرانى.. قول مأثور جدًا، والحقيقة أنه مأثور من زمان.. لكن بعد ثورتين، واحدة فيهم مجيدة.. الحاجات اللى بتحير بقت كتير قوى جدا خالص.
توارى الآن.. ولله الحمد.. الثورجية والنشطاء والسبوبجية، وسيطر الإعلام على دماغنا ودماغ التخين.. واللى مش عاجبه كلام الإعلام.. لو راجل يقول لهم.. ولو اتجنن حد واعترض يبقى إيه يعنى ده؟ قمع ولا إيه؟ تكميم أفواه ولا إيه؟ ولو برنامج رزل اتقفل تبقى جهات سيادية قفلته، عشان له جماهيرية شديدة، ورصدنا "إتناشر" مواطن بيشوفوه، منهم الناس اللى شغالين فيه.. ويصرخ الإعلامى الشهير هى الجهات السيادية دى مش عايزة الناس تتكلم نهار إسود! لأ سيبوا الناس تتكلم، وتستمر الولولة والصرخات، فيسرع الشعب المغلوب على أمره إلى المسلسل الهندى، بعد ما يخلص من التركى، ويظل الإعلاميون يصرخون ويسمعون صدى الأصوات.
منذ يناير المجيد وثورته المجيدة، والإعلام شغال ثورة ونشطاء وعملاء ونخبجية و"مسكفين" وأبريل ومايو وأغسطس.. جاء الإخوان ومال الإعلام، وتحولت كل شاشات الفضائيات إلى ذقون طويلة، وكان عبود الزمر قاتل السادات من نجوم الإعلام فترة لا بأس بها، ومع كثير من الحب والتقدير.. و"تعالى شرفنى واشرب معايا فنجان قهوة".
ثم مال الحال ضد الإخوان.. وهما وراه.. وبعد ما كان مرسى الرئيس المنتخب "اللى صوته كله تقوى وإيمان"، أصبح المعزول، وبعد الجيش والشعب إيد واحدة، بدأنا فى فيلم يسقط يسقط حكم العسكر.. انقضى عام الإخوان.. وانقشعت الغمة.. رجع الجميع للجيش والشعب والشرطة والسيسى إيد واحدة، وبعد أن نافق المحترفون الرئيس بوصلات رائعة.. بدأت الدفة تأخذ اتجاها معاكسا زى بتاع المخفية الجزيرة، وبدأ النقد غير الموضوعى، وفى بعض الأحيان غير المؤدب لرئيس الجمهورية.
ثم بدأ الإيقاع فى الإسراع، والصوت بدأ فى العلو، حتى صار صراخا وولولة.. وبدأ حفر الحفر للمسؤولين، ثم الصراخ والعويل، وبدأت بمحافظ الإسكندرية، وهات يا هجوم عليه وعلى مراته، وأصبح الجميع خبراء متخصصين فى المحافظين اللى ينفعوا واللى ما ينفعوش، ولكن محافظ الإسكندرية ظل كما هو ونفد.
ثم جاء الدور على وزير الثقافة اللى عنده مشاكل مع التخان، وأخذ من الحب عدة جوانب، وليس جانبًا واحدًا.. لكن نفد المحظوظ.. ثم كان الدور على السيد وزير العدل، الذى قال ما أعرفش فين بسلامة نية وصراحة غير محسوبة الجملة الشهيرة عن ابن عامل النظافة الذى لن يصبح قاضيًا.. وبس.. وعينيكم ما تشوف إلا النور.. خرجت الصرخات من كل القنوات عن بكرة أبيها، وكل واحد واللى ربنا يقدره عليه.. وبلا استثناء تقريبًا، إلا واحد فقط، قال: "سوف يمشى وزير العدل، ولن يدخل ابن عامل النظافة لسلك القضاء".
أما المزايدات والولولة فقد وصلت بأحدهم أن قال: "اللى يقول كده على الشعب ما يقعدش"، وكأن التسعين مليون مصرى فيهم ثمانين مليون عمال نظافة، وكأن عامل النظافة هذا هو الشعب، وانطلقت المزايدات وصبحتنا عناوين الصحف "لا للعنصرية"، "لا للتمييز"، "لا للحقد الطبقى"، وما تعرفش مين بيحقد على مين بالظبط.
وفجأة جاء لنا عبر الأثير والتويتات عم "البرادعى"، اللى كان لابد لنا فى الذرة بقاله سنة ما نطقش.. طلع من الذرة وقال تصريحًا عنتريًا عن الإنسان وحقوقه وحمومه، حتى أن نقيب الزبالين أحرجه كما أحرج السيد السفير الإنجليزى الساذج، الذى حاول الاصطياد فى الماء العكر، ودعا كل عمال النظافة فى مصر إلى العمل فى السفارة عنده، وكان نفسى يسمعوا كلامه ويروحوا له عشان يحرم يهلفط، واستقال الوزير أو أقيل بسبب كلمة غير محسوبة، ولكنها حقيقية، وهلل الإعلام لهذا النصر الإعلامى بالقاضية على السيد وزير العدل.
وأخذت أبحث عن السبب الحقيقى لهذا الأمر، ووجدت أن مجلس القضاء الأعلى قد أصدر قرارًا بأن الدخول لسلك النيابة لا بد أن يكون المتخرج ابنًا لوالدين متعلمين.. بس ببساطة الشرط هو "تعليم عالى" للوالدين، ليس بسبب أنه فلاح، ولا بسبب أن أباه مقاول ولا عامل، ولا حتى تاجر ذهب وألماظ، لكن تقول إيه لدنيا إعلام يا جماعة خذوا بالكم.. وبعد حادث وزير العدل كادت الدكتورة ليلى إسكندر أن تذهب هى الأخرى ضحية الإعلام والصعايدة فى وقت واحد، لكن ربنا ستر.
عزيزى الإعلامى القدير، لست أنت الذى أطحت بوزير العدل، ولست أنت الذى هددت غيره، وربما سوف تهدد غيره، إنما الحكومة الضعيفة التى تعانى من ليونة ومرونة زيادة عن الحد، هى التى أطاحت بالوزير.. حكومتنا مبدؤها فى الحياة "والنبى مش عاوزين دوشة من الإعلاميين" "امشى يا وزير العدل وخلاص معلش"، لذلك فأنا أوجه نداء إلى كل الوزراء فى بلادنا العجيبة.. عزيزى الوزير.. هس ولا كلمة.. ولا تصريح ولا حديث صحفى ولا مداخلة ولا تقول لحد نكتة.
http://www.mobtada.com/details.php?ID=333295#