[size=200]آدَاب لَا بُد مِنْهَا
وَقَالَ ان الشَّيْء يغلب الشَّيْء وَالشَّيْء يشغل عَن الشَّيْء وَالشَّيْء ينسي الشَّيْء وَالشَّيْء يهيج الشَّيْء وَالشَّيْء يزِيد الشَّيْء والمحاسب نَفسه قد عرف هَذَا وادناه التيقظ واعلاه النسْيَان وَاعْلَم ان الشَّرّ شَهْوَة وَالْخَيْر كَرَاهِيَة والشهوة سَابِقَة على الْكَرَاهِيَة وغالبة عَلَيْهَا حَتَّى يَجِيء الْعلم والصدق فيزيلان الشَّهْوَة ويجعلان الْكَرَاهَة مَكَانهَا فَمن لم يفقه وَلم يفهم هَذَا حِين يسمعهُ لم يحسن مُرَاجعَة سَرِيرَته وَلَا يَجِيء على اصلاحها حَتَّى يتعلمه مِمَّن يُحسنهُ وَيحسن وَصفه وَلَوْلَا كَثْرَة القَوْل فِيهِ لكتبناه وَقَالَ نعم الصاحبان الْهم والحزن بِأَمْر الْآخِرَة وَنعم الشّغل المحاسبة وَصَاحب الْهم والحزن والمحاسبة يَجْعَل السَّاعَة الَّتِي لَيْسَ فِيهَا هم وَلَا حزن وَلَا محاسبة سَاعَة بطالة واقل قَلِيل الْغَفْلَة عِنْده كأكثر الذُّنُوب عِنْد غَيره وَمن عَلامَة الْيَقِين فِي العَبْد ادامة الْحزن فِيهِ يَا أخي وَلَو لم يحزن العَبْد الا لما يكون فِيمَا يسْتَقْبل من الاعمال من الْجفَاء والسهو والغفلة وَقلة الصدْق فِي فَرْضه ونافلته مثل الَّذِي قد عمل وَلما يجد فِيهَا من قلَّة الْحيَاء والمراقبة لَكَانَ جَدِيرًا ان يحزن ويهتم وَلَو لم يحزن ويهتم الا لانه لَو جَاءَ من الاعمال بِمثل اعمال الْمَلَائِكَة وَالْجِنّ والانس وَالْعَالمِينَ كلهم لم يكن عِنْده علم فِي ذَلِك انه فِي المقبول اَوْ فِي الْمَرْدُود وَلَا يدْرِي ايقبل من ذَلِك كُله مِثْقَال ذرة اَوْ يرد عَلَيْهِ لَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ ان يحزن وَلَو لم يحزن الا لانه لَو قيل لَهُ اختر من عمرك أَي سَاعَة شِئْت لم تعص الله فِيهَا لسَبَب من الاسباب لما كَانَ يجد ذَلِك لقد كَانَ يَنْبَغِي لَهُ ان يحزن وَلَو لم يحزن الا لانه لَو قيل لَهُ هَل تعرف سَاعَة وَاحِدَة من عمرك اديت الى الله سُبْحَانَهُ فِيهَا جَمِيع مَا اوجبه عَلَيْك كَمَا اوجبه لقَالَ مَا اعرفها لقد كَانَ يَنْبَغِي لَهُ ان يحزن
الكتاب: آداب النفوس المؤلف: الحارث بن أسد المحاسبي، أبو عبد الله (المتوفى: 243هـ)
[/size]
_________________ مدد ياسيدى يارسول الله مدديااهل العباءة .. مدد يااهل بيت النبوة اللهم ارزقنا رؤية سيدنا رسول الله فى كل لمحة ونفس
|