موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: علة (فلسفة) الجهاد القتالي بين الشافعية والحنفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين يوليو 27, 2015 1:59 pm 
غير متصل

اشترك في: الأربعاء يناير 11, 2012 10:27 pm
مشاركات: 474
اختلف الفقهاء في الجهاد القتالي وعلته إلى مذهبين، كل منهما يمثل ما يمكن تسميته بالنظرية المتكاملة حول الجهاد القتالي، وعلة هذا النوع من القتال:
المذهب الأول: مذهب الحنفية، ويذهب هذا الفريق إلى أن علة الجهاد القتالي هي الحرابة.
المذهب الثاني: مذهب الجمهور، وعلى رأسهم الشافعية، ويذهب هذا الفريق إلى أن علة الجهاد القتالي هي الكفر.
وبناء على ذلك فإن العدو عندما يأتي من خارج ويهاجم ديار المسلمين، فإنه لابد من الجهاد القتالي ضد هذا العدو.
وستختلف علة القتال هنا بناء على المذهبين:
- فمن ذهب إلى أن علة القتال هي الحرابة سوف يطالب بالجهاد القتالي صدا للعدوان والحرابة من قبل العدو.
- ومن ذهب إلى أن علة القتال هي الكفر سوف يطالب بالجهاد القتالي حماية للإسلام والبيضة.
ولا يهم هنا ماذا يسمى هذا النوع عند الفقهاء، المهم مسماه وحقيقته، ولقد سماه البعض جهاد الدفع.
أما القتال خارج ديار المسلمين فهو وارد في كلا المذهبين، ولكن باعتبارات مختلفة بناء على علة القتال:
- فعند من قال بأن علة القتل الحرابة، سوف يكون هدفهم النهائي ديار المسلمين من استهداف الأعداء لها، وبالتالي فسوف لا يجيز هذا النوع من الجهاد إلا في حالة معرفة نية العدو الحرب على المسلمين وتجهزه واستعداده لذلك، فهنا يجب شن الحرب الهجومية كنوع من استباق العدو قبل الهجوم.
وهذا النوع من الحروب يعرف في زماننا المعاصر بـ" الحروب الاستباقية"، ولا تتوانى دولة عن القيام به عندما تشعر بالخطر.
- وعند من قال بأن علة القتل الكفر، سوف يكون هدفهم النهائي قتل الكفر وإحلال الدين الحق مكانه، وبالتالي فسوف لا يجيز هذا النوع من الجهاد إلا بعد عرض الإسلام بحججه ودلائله على الآخرين لأقصى درجة ممكنة، وسيكون المقصود النهائي هو إفساح المجال لعرض هذه الحجج وبيانها.
فبأي وسيلة يتمكن بها المسلمون من عرض براهين الإسلام في جو من الحرية وعدم القهر والإجبار يكون قد تحقق المقصود.
وهذه الوسيلة (أي الجهاد القتالي) كانت في الأزمان القديمة هي الوسيلة الوحيدة التي تتيح المجال لعرض حجج الإسلام ودلائله على الآخرين دون تشويش أو ضغوط.
لكنه في العصر الحديث وبناء على اتفاقيات ومعاهدات دولية يمكن للمسلم المعاصر أن يعرض على الآخرين دلائل الإسلام وبراهينه في جو كامل من الحرية دون أي ضغط أو تشويش.
وعلى ذلك لم يكن المسلم بحاجة إلى الجهاد القتالي في هذا العصر.
ومن هنا فإن المقصود النهائي للمذهب الشافعي الذي هو قتل الكفر وإحلال الدين الحق مكانه يمكن أن يتحقق من خلال الأوضاع الجديدة في العالم المعاصر التي تتيح الحوار والأخذ والرد في جو تام من الحرية وإمكانية الاختيار دون احتياج للقتال.
ولا يهم هنا أيضا ماذا يسمى هذا النوع عند الفقهاء، إنما العبرة بمسماه وحقيقته، ولقد انفرد البعض بتسميته بجهاد الطلب، ولكن ليس في كتب المذاهب الأربعة.
موقفنا من العالم الغربي الآن:
بناء على المذهب الأول القائل بأن علة القتال الحرابة، فليس لنا أن نقاتلهم إلا إذا قاتلونا أو علمنا أنهم ينوون قتالنا.
وبناء على المذهب الثاني القائل بأن علة القتال الكفر، فليس لنا أن نقاتلهم إلا بعد الفراغ من عرض الإسلام عرضا سليما عليهم.
ومن هنا كان يجب علينا أن نجيب على هذا السؤال أولا، وهو: هل عرض الإسلام فعلا على الغرب؟ وإذا كان قد عرض فهل رفضه الغرب؟ ومن ثم وجب علينا الانتقال إلى المرحلة التالية وهي إفساح المجال له ولو بالقتال؟
إن المتأمل للأمور يعلم بجلاء أنه لم يتم عرض الإسلام بحقائقه الناصعة وبراهينه القاطعة على العالم الغربي حتى هذه اللحظة.
بل في مقابل ذلك يعرض عليه كل يوم إسلام مغلوط مزيف، والفضل في ذلك يرجع إلى المتطرفين والخوارج الذين يعطون أسوأ صورة للإسلام.
وبالمناسبة فإن مصطلح "جهاد الطلب" - هكذا بهذه التسمية - تبين - بعد البحث - أنه لا يوجد على الإطلاق عند أصحاب المذاهب الأربعة.
الخوارج والمتطرفون هم أعظم حجاب للعالم الغربي عن الإسلام.
والأمر الذي يعلمه الجميع أن هناك بعض الدوائر والقيادات في العالم الغربي قد ساعد في نشأة وظهور هؤلاء الخوارج والمتطرفين نكاية في الإسلام ورغبة في حجب العالم الغربي- المتعطش لثقافة جديدة تشبع النضوب الحاصل الآن في الناحية الروحية والثقافية- عن الدين الحق الوحيد الذي هو مؤهل للقيام بهذه المهمة.
إذن لم يعرض الإسلام أصلا من خلال الوسائل الحالية على العالم الغربي حتى ننتقل إلى وسائل أخرى تمكننا من عرضه.
وبالتالي كان الواجب تخريجا على مذهب الشافعية القضاء على التطرف ونوازع الخوارج الآثمة حتى ينبثق لسان صدق معبر عن الإسلام تعبيرا حقيقيا يمكن به مخاطبة العالم الغربي.
وكان هذا هو الجهاد الحقيقي الفاعل والناجع في هذا الزمان.


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 14 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط