[center][table=width:100%;background-color:transparent;background-image:url(backgrounds/8.gif);border:10 inset gray;][cell=filter:;][I][align=justify]الأخت الفاضلة " الريحان "
أقدر لك أختي الفاضلة حرصك علي المعرفة كما أقدر لك أيضا مدي ما تمرين به من حيرة فقد أضحي هذا هو حال الكثير من أبناء هذا الزمان
ولكن اسمحي أختي الكريمة أن أذكر لك أنك تساهمين بقسط وافر فيما تمرين به من حيرة وتشويش كما تذكرين
فأنت أختي الفاضلة هدانا الله وإياك إلي ما يحبه ويرضاه قد أخطأتي في تناولك لهذا الموضوع
فقد تركتي العموميات وسألتي عن جزئية من فروع الموضوع
فمهما يذكر لك الأخوة الأعضاء من أدلة فقهية علي جواز الحركة في الذكر ستظل الصورة غيرة واضحة بالنسبة لك
لأنك أختي الكريمة تنظرين لها – للصورة – من جزء واحد فقط من أطرافها فأني تتضح لديك رؤية أو يثبت عندك دليل ؟
فلو اتضحت وتكاملت لديك أختي الفاضلة صورة الموضوع مكتملا سيختلف الأمر كثيرا وبالطبع سينعكس هذا علي مدي تفهمك وتقبلك لما يعرض عليك من أدلة وبراهين
فقد سألتي أختي الكريمة عن متعلق ما من متعلقات التصوف أو متعلق ما من أفعال الصوفية
وكان الأفضل والأدق أن يكون السؤال عن أصل هذا المنهج المنتمي له هذا الفعل ومنشأه وليس عن الحكم الشرعي لهذا الفعل مجردا
فحتى لو علم لديك الحكم الشرعي وثبتت مشروعيته في هذه الجزئية ستطل عليك بعد حين أسئلة وأسئلة أخري وكثيرة عن نقطة أو عن نقاط أخري من أفعال الصوفية أو أقوالهم
وستجدين مئات الإجابات عن كل سؤال وسيتكرر هذا المشهد والحدث كثيرا لديك
وستختلف الإجابات وتتباين ما بين أقوال فقهية صرفة وردود غلب عليها الحب والفناء فيما وصل له من يجيبك وردود قد يعلو مستواها عن من ينقلها لك فما بالنا بالمتلقي ؟
فأهل التصوف أهل أذواق ومواجيد كل سيجيبك علي حسب وقدر حاله وليس علي قدر حالك أنت
فهذا السؤال لو طرحه مجموعة من المريدين أو من السائلين علي شيخ مربي من أهل الله سنراه يجيب أحدهم قائلا له : ذلك مرجعه ومرده إلي أنه عندما تطرب الأرواح تهتز الأشباح وسيجيب الآخر بأن يذكر له لعب " الحبشة " بالحراب بين يدي سيدنا رسول الله صلي الله عليه وعلي آله وسلم وتحركهم وقولهم وهم في هذه الحالة " محمد عبد صالح " وسيرد علي الثالث بما ذكره الإمام الجنيد في الحكم الشرعي لهذا الموضوع 00000 وهكذا ستتنوع الإجابات بحسب حال السائل والمسؤول
وليس هذا خاص بالصوفية فقط وإنما هذا هو حال أهل كل العلوم
فهل لو سألتي سؤالا فقهيا لعالم كبير جليل القدر في علمه ستأتي إجابته كإجابة طالب علم أو عالم أقل منه في الحصيلة العلمية ؟
وللجميع في هذا الموضوع أسوة حسنة في سيدنا رسول الله صلي الله عليه وعلي آله وسلم فقد سأله عددا من الصحابة نفس السؤال " ما أحب الأعمال إلي الله " فأتت إجابته صلوات ربي وسلامه عليه متنوعة ومختلفة علي حسب حال كل سائل
فأجاب أحدهم بأن أحب الأعمال إلي الله الجهاد في سبيل الله وأجاب الآخر بالصلاة علي وقتها أو كما قال صلي الله عليه وعلي آله وسلم
فالإجابة في جميع الأحوال ستتوقف علي مدي علم من وجه له سؤال بحال السائل وخلفيته العلمية والمعرفية بصفة عامة
ولذلك لن تجدي إجابة شافية لما يدور في ذهنك من أسئلة إلا إذا طرحتها علي عالم متفنن متبحر في أحوال النفس ومقامات المعرفة يعرف حال السائل أولا ثم تأتي الإجابة علي قدرها
وثمة نقطة أخري وهي الأهم :
فلكل علم قواعده وأصوله التي بني عليها فهل قمت أختي الفاضلة وأجهدت نفسك قليلا وكلفتها بعض العناء في البحث في علم التصوف
فقد وضع له أهله – شأنهم في ذلك شأن أهل كل العلوم – من القواعد والثوابت والأسس ما يريح الباحث عن أي جزئية من جزئياته أو فرع من فروعه
أعتقد أختي الفاضلة أنك لم تقومي بذلك يظهر هذا جليا من سؤالك الذي قمتي بطرحه في هذه المشاركة
فلو أنك أختي الفاضلة قد تعرفتي علي أساس المذهب وعلي قواعده سهل عليك بعد ذلك تتبع أجزائه وفروعه
ولكنك بدلا من ذلك بدأتي بالسؤال عن الفروع وأعرضتي عن معرفة الأصل
واعلمي أختاه أنه كلما طرحت عليك إجابة سينتج عنها المزيد من الأسئلة وستتشعب الموضوعات وتتزاحم الأسئلة دونما أن تجني إلا المزيد من الحيرة وضياع الوقت بلا طائل فحتى يصح لديك ما يعرض من أدلة وبراهين يجب أولا أن تكون لديك خلفية معرفية جيدة بعلم التصوف وأسسه وقواعده
ولك في حجة الإسلام الإمام الغزالي خير مثال
فبعد أن حصر رضي الله عنه أصناف الطالبين لله في أربع فرق – كان منهم الصوفية – بدأ بدراسة هذه الفرق ومناهجها حتى وصل إلي دراسة التصوف
فيقول في كتابه " المنقذ من الضلال " ص 37
" ثم لما فرغت من هذه العلوم أقبلت بهمتي علي طريق الصوفية وعلمت أن طريقهم إنما تتم بعلم وعمل وكان حاصل علمهم قطع عقبات النفس والتنزه عن أخلاقها المذمومة وصفاتها الخبيثة حتى يتوصل بها إلي تخلية القلب عن غير الله تعالي وتحليته بذكر الله وكان العلم أيسر علي من العمل فابتدأت بتحصيل علمهم من مطالعة كتبهم 0000 إلي أن قال حتى اطلعت علي كنه مقاصدهم العلمية وحصلت ما يمكن أن يحصل من طريقهم بالتعلم والسماع " أهـ باختصار
فهو رضي الله عنه قد بدأ بالطريق الصواب فقد درس المنهج الصوفي ككل متكامل ولم يبحث عنه كجزئيات منفصلة
علي أنه قد أشار رضي الله عنه إلي أن الدراسة النظرية فقط لا تكفي حيث قال " وعلمت أن طريقهم إنما تتم بعلم وعمل "
ويحضرني في هذا المقام قصة مضمونها أن رجلا قد سأل أحد الشيوخ المربين أن يعلمه التصوف فما كان من الشيخ إلا أن ناوله قدحا وقال له إشرب وقل لي ما في هذا القدح . فشرب الرجل وقال للشيخ : فيه عسل فقال له الشيخ : كيف عرفت أنه عسل ؟ فقال الرجل : لقد تذوقته فعرفت أنه عسل فقال له الشيخ : فكذلك التصوف من ذاقه عرفه
أسأل الله عز وجل أن ينفعنا بما علمنا وأن يعلمنا ما ينفعنا , وصل اللهم وسلم علي سيدنا محمد النبي الأمي وعلي آله وصحبه وسلم [/align][/B][/cell][/table][/center]
_________________ رضينا يا بني الزهرا رضينا بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا
يا رب
إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ
|