كانت ولادة الإمام أبي حنيفة رحمه الله سنة ثمانين من الهجرة على الصحيح , وبذلك يكون قد أدرك بلا شكٍّ جماعة من صغار الصحابة رضي الله عنهم ; فإنَّ آخر الصحابة موتاً هو أبو الطفيل عامر بن واثلة الكناني الليثي رضي الله عنه , وكانت وفاته .( سنة مائة. وقيل: سنة اثنتين ومائة) [1].
وقد جزم بعض العلماء بأنَّه أدرك أربعة من الصحابة رضي الله عنهم هم :
أنس بن مالك, وعبد الله بن أبي أوفى, وسهل بن سعد الساعدي, وأبو الطفيل عامر ابن واثلة[2].
وقيل: إنَّه أدرك أكثر من ذلك.
لكن فيه خلاف بين أهل العلم, وقد بسط القول في ذلك الإمام ابن حَجر الهيتمي رحمه الله ; حيث عقد فصلاً فيمن أدركهم أبو حنيفة رحمه الله من الصحابة رضي الله عنهم وتعقَّب كلَّ قول بالتصحيح أو التضعيف .[3]
وقد وقع الخلاف أيضاً في رؤيته لهم, وروايته عنهم, والصحيح لمَّا قدم إلى الكوفة أنَّه رأى أنساً رضي الله عنه ; كما قال الخطيب البغداديُّ والذهبيُّ (4) ، لكنه لم تثبت له رواية عن أحدٍ منهم [5]
ُ
وعلى ذلك فأبو حنيفة رحمه الله برؤيته لسيدنا أنس رضي الله عنه يعدُّ من التابعين فإنَّ أكثر المحدِّثين على أنَّ التابعيَّ هو :
من لقي الصحابيَّ وإن لم يصحبه, أو يرو عنه. وصحَّح ذلك الإمامان ابن الصلاح والنوويُّ رحمهما الله. [6]
هامش :
[1] انظر: (أسد الغابة) لابن الأثير (3/ 143) ، (الإصابة في تمييز الصحابة) لابن حجر (7 / 193).
[2] انظر: (طبقات الفقهاء) (5/ 406) , (وفيات الأعيان) (صـ ٨٦ )
[3] (انظر: (الخيرات الحسان) (صـ ٢٣) وما بعدها.
[4] انظر: (تاريخ بغداد) (15 / 445) ، (سير أعلام النبلاء) (16 / 191) ، (مناقب أبي حنيفة وصاحبيه) (صـ14).
[5] انظر : (سير أعلام النبلاء) (6 / 191) ، (وفيات الأعيان) (5 / 406).
[6] انظر :(شرح النووي على مسلم) (1/ 36) ، (مقدمة ابن الصلاح) (صـ ٣٠٢ ).