موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 6 مشاركة ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: بهجة النفوس لسيدى ابو جمرة
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس مارس 15, 2007 7:12 am 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يونيو 19, 2006 6:59 pm
مشاركات: 143
مكان: هنانتغا
ترجمة المؤلف
اسمه ونسبه:
هو الشيخ العارف بالله الإمام العلامة المحدث البارع الزاهــد القدوة الرباني بهاء الدين أبو محمد، عبد الله بن سعد بن أحمد بن أبي جمرة الأزدي الأندلسي, الأنصارى , المالكى
و أبى جمرة هو اسم جه لا كنيته وهو بالميم ,
الأزدى :نعت لقوله أبو محمد نسبة إلى أزد
و أزد:هو أزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن كهلان بن سبأ و هو أسد بالسين أفصح .
ونسبته إلى الأسد لا ينافى ما علم من أنه أنصارى خزرجى من ذرية سيد الخزرج سعد بن عبادة لأن الأنصار من ذرية الأسد " نظر""حاشية العمدة للشنوانى"
مولده وسيرته :

ولد - رحمه الله تعالى - في حدود سنة625 في مدينة (مُرْسِية) فى بيت كبير و تقدم ورياسة، وأقبل على طلب العلم، وحفظ الحديث، ثم سافر إلى تونس طالباً للعلم ، وبعدها توجه إلى الديار المصرية، وله زاوية بالمقطم
و اشتهر بالعلم فكان محدثاً شديد التمسك بالسنة، وأصولياً ومفسراً وفقيهاً مالكي المذهب ومطلعاً على التصوف وأخبار المتصوفة، وله معهم موافقات ومخالفات ، كان رحمة الله قوالاً أماراً بالمعروف ، وأشتهر بالإخلاص، واستعداد للموت، وفرار من الناس، وإنجماع عنهم، إلا من الجمع. إلا من صلاة الجمع والفرض وتذكر له كرامات كثيرة.
، وأبتلى بالإنكار عليه حين قال: إنه يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقظة، ويشافهه، وقام عليه بعض الناس، فأنقطع في بيته إلى أن مات واختصر قطعة من صحيح البخاري، وشرحها بشرح بديع، وفي أخرها تلك المرائي البديعة.
و من تلاميذة
الإمام القدوة أبو عبدالله محمد بن محمد بن محمد بن الحاج الفاسي المغربي العبدري الفقيه المالكي عرف بابن الحاج الذى تتلمذ وصاحب الشيخ فعادت عليه بركاته وصار ملحوظاً بالمشيخة والجلالة بمصر ومات في جمادى الأولى سنة 737. (ابن حجر)

و محمد بن عيسى بن عثمان بن علي الحميري الصنهاجي الفاسي الذى اشتهر بالخير والصلاح والقيام في الحق وانقطع أخيراً بالإسكندرية ومات بها في المحرم سنة 726 بعده بل خلفه أبيه في قراءة منتقى ابن أبي جمرة من البخاري عند ضريحه استهلال كل سنة
(ابن حجر)
ثناء الأئمة عليه :
. قال ابن كثير: كان قوالا أمارا بالمعروف.
و ابن الملقن: هو ذو تمسك بإلاثر، واعتناء بالعلم وآله، ودفن بالقرافة، وقبره معروف، يتبرك به.

قال ابن حجر:هو الإمام القدوةالذي شرح مختصره للبخاري
و قال الشعراني: هو الإمام القدوة العالم الرباني المحدث رضي الله عنه الذى أشتهر بالإخلاص والإنقطاع عن الناس
وقال عنه صاحب الديباج
"الولى القدوة, العارف بالله, الزاهد الصالح ,الإمام العلامة المقرئ المشهور, مؤلف مختصر البخارى وشرحة:"بهجة النفوس " فى سفرين , وله كرامات
عديدة رأيتها مجموعة فى كراريس ,مع أخباره عن أكابر أرباب القلوب, وناهيك عن حالة وكراماته ما ذكر" أنه لم يعص الله قط"هـ
من تصانيفه:
جمع النهاية في بدء الخير وغاية الغاية اختصر به صحيح البخاري، ويعرف بمختصر ابن أبي جمرة ، ونشر للمرة الأولى الشيخ الشرنوبى سنة 1300هـ
المرائي الحسان
وقد طبع للمرة الأولى سنة 1355هـ ,وهى مجموعة الرؤى التى رآها المصنف حين شرح مختصره لصحيح البخارى
و بهجة النفوس في شرح جمع النهاية
و كتاب في طبقات الحكماء
، وشرح حديث عبادة بن الصامت،
وتفسير.
وفـاتـه :
قيل توفى رحمه الله فى ذى القعدة سنة 695هـ/1296م بمصر و له مقـامـه يزار بجوار مقـام الشيخ تاج الـدين بن عطاء الله رضى الله عنهما ويقال بالقـاهرة سنة 675هـ والأقـرب للصواب أن وفاته كانت فى 699هـ
مرائي له بعد موته
قال الشيخ الشنوانى
ومما أتفق لبعض المريدين
الصادقين الصالحين ظاهراً و باطناً أنه رأى الشيخ جالساًعلى كرسى و عليه خلعة عظيمة و الأنبياء و الصحابة واقفون بين يديه وهو كالسلطان وهم كالخدمة فإرتبك الرائى من هذا مع أن غاية الأمر أنه من أولياء الله تعالى فكيف تقف الأنبياء بين يديه , فقال الشيخ :وقوفهم لمن ألبسه الخلعة ووهبها له .اه
قد تواتر أن القطب الغوث تاج الدين بن عطاء الله السكندرى. رأى سيد المرسلين صلى الله عليه و سلام فى النوم يقول له ما زرت سلطان المشرق والمغرب فقال له يا سيدى و من سلطان المشرق و المغرب فقال له عبد الله ابن جمرة ما قع نظرة على أحد إلا وجبر..


مقدمة
بهجة النفوس
للإمام الحافظ عبد الله ابن أبى جمرةt
مقدمة شرحه لاختصاره للبخاري المسمى جمع النهاية في بدء الخير

(رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً) (سورة الكهف: 10) ( )

الحمد الله الذى فتق رتق )أصلح( ظلمات جهالات القلوب ،بيد أنوار بركات معجزات آثار النبوة,الهاشمية القرشية,القاسمية
المحمدية,فكشف لنا بمدلولات جواهر درر ألفاظ ،عن حسن حكمة خالقها بما به تعبد بريته ،التى خلقها لعبادته،أطلعها بصدق نقلها)سنة الرسول)على جمل من غيبه ،وما أعد لمن اتبع ما به تعبدها ،وعظيم إحسانه عليهم و إنعامه ، وعلى خطير ما توعد به لمن كذب بها ,أو تركها ، من نقمه وعقابه، فمنها نصاً ظاهراً، ومنها معنى باطناً ، باديا بإشارة رائقة )تحذير ممن يقول بأن القرآن له معنى ظاهر وباطن( و بشارة فائقة ،تثمر لسامعها من فنون معانيها ،بشارة تتبعها بشارة ،ويصدق بعضها بعضا، تهيج الفرح بدءا ًوعوداً، وتبهج النفوس بحسن إخبارها مساقًًاً ونظماً ، وجميعها تصديقاً لوعد من لا يخلف وعداً، كما أخبر عزوجل فى محكم التنزيل قال تعالى :(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (سورة الأنبيا ( 107) وعلى من أختارهم لصحبته،خصهم بنصرته،وجعلهم للخيرات وموجباتها،أصلا وفرعاً،فقال عز من قائل )وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا) (سورة الفتح (26)
صلاة تفوق الشمس نوراً،والمسك عرفاً، و القمر بهاء، وحسناً مادام للعيون فى الحسن شغلاً، وللقلوب للخير ميلاً، وسلم ووالى ،ورفع وأعلا.
أما بعد فلما كان من متضمن ما أودعنا برنامج الكتاب الذى سميناه: جمع النهاية فى بدء الخيروالغاية.إشارة إلى تكثير فوائد أحاديثة ،وتعميم محاسنه،وكنت عزمت ،على تبيينها، لأن أتبع خيرًا بخير ،فيكون ذلك أصله، وهذا ثمره وفننه(وغصنه) فإن كمال فائدة الثمار ،بإجتناء الثمرة. ويعرف مقتنيه قدر الفائدة بل الفوائد التى فيه ولما كان الإمام صاحب الأصل وهو البخارى رحمه الله ، قد جعل لكل وجه مما يدل عليه الحديث الواحد بابًا،ولربما كرر الحديث الواحد، فى أبواب شتى مراراً، ولربما قطع الحديث الواحد ، وأتى فى كل باب منه بقدر الحاجة إليه. فرأيت أن أجعل كل حديث من تلك الأحاديث التى جمعت بنفس مقام باب وهوباب وأى باب ،و مفتاحه ظاهر الحديث ، والأبواب التى تتفرع منه وجوه تتبعه،ثم تتبعت ألفاظ الحديث , لأقتبس من بركات تلك الألفاظ العذبة الزلال ، ما يكون منه ريا لظمأ جهالات الفؤاد، لأنه عليه الصلاة السلام ، لا يكون منه زيادة حرف، أو نقص حرف من الحروف،إلا لمعنى مفيد ،لأنه لا ينطق عن الهوى، ولذلك قال جل العلماء لا ينقل الحديث إلا بالفاء الواو كما ينقل الكتاب العزيز. لأنه كله عن الله إما وحى بواسطة الملك وهو القرآن .أو ما أخبر فى سنته أنه أخبر به عن ربه جل جلاله ـ من علم غيبه وإما وحى إلهام وهى السنة وقد جعل عزوجل ذلك حكماً نافذاً فقال تعالى ( لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاك َاللَّهُ ) (سورة النساء ( 105)
على العموم فيما أنزل عليه وفيما يظهر له على المشهور من الأقاويل وأرجحها و قالت طائفة من العلماء يجوز نقل الحديث بالمعنى بشرط فهم المعنى و ما يعرف حقيقة ما ذكرناه عن جل العلماء والأظهر من القولين الذى أشرنا إليهما إلا الصحابة رضى الله عنهم وأئمة الدين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما الصحابة ـ رضى الله عنهم ـ فإنهم كانوا إذا وقع لأحدهم مسألة فى صيغة اللفظ وإن كان لا يخل بالمعنى يبدون ذلك فيقولون: إخاله كذا أو أظن كذا ولا ذاك إلا لوجهين .أحدهما الصدق فى حقيقة النقل.
الثانى: المحافظة على بركة ذلك اللفظ الخاص لئلا تفوتهم بركته. ومثل ذلك ما حكى عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما أنه أدار راحلته بموضع فى طريق الحج فسئل لم فعل ذلك فقال لا أعرف إلا أنى رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم فعل ذلك ففعلت كما فعل. فكانت ألفاظه وحركاته عليه السلام كلها عندهم بركات و أنوار وكيف لا وقد حض عز وجل على ذلك فى محكم كتابه ونبه عليه حيث قال تعالى (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) (سورة آل عمران:( 31)
وعموم الأمر بالإتباعية يقتضى حقيقة الإتباع فى الدق والجل (الصغير و الكبير( من الفعل والقول وغير ذلك وهذا النوع من أفعال الصحابة كثير و من تتبعه وجده.
وأما أئمة الدين رحمهم الله فإنهم كانوا يحترمون الحديث أعظم الإحترام حتى أنه كان عندهم مثل القرآن و يستنبطون من ألفاظه وحروفه أحكاماً و أى أحكام وعليها يبنون قواعد مذهبهم أما احترامهم الحديث فمثل ذلك ما حكى عن مالك رحمه الله حين أتاه الخليفة إلى بيته فأبطأ عليه بالخروج فلما أن خرج قال الخليفة : يا مالك مازلت تذل الأمراء فقال لا والله إلا أنى سمعت فعلمت أنك لم تأت إلا لتسألنى عن الحديث وكنت على غير طهارة فكرهت أن أتكلم فيه وأنا على غير طهارة فما علمت إلا أن توضأت وخرجت ومن ذلك أيضا ما حكى عنه أنه كان إذا طلبه الفقهاء لأن يدرسهم يسألهم ماذا تريدون فإن أخبروه أنهم يريدون الفقه خرج على الحالة التى يجدونه عليها و إن أخبروه أنهم يريدون الحديث تطهر وتطيب ولبس أحسن ثيابه و تبخر بالمسك و العود ثم جلس للحديث و مثل هذا عنه كثير فلما كان شأنه التعظيم سمى أمير المؤمنين فى الحديث وأما أستنباطهم للأحكام من ألفاظ الحديث وتتبع فوائد فمثل ذلك ما روى عن مالك رحمه الله فى الأحكام التى استخرج من قوله عليه السلام (فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة("البخارى البيوع" فأخذ مالك رحمه الله من هذا الحديث ثلاثة أحكام .
الأول :أن الشفاعة لا تكون إلا بين الشركاء لا للجار وإن كان ملاصقا لأنه لا يسمى شريكاً.
الثانى : أن الشفعة لا تكون إلا فيما ينقسم . وما لا ينقسم لا شفعة فية بدليل قوله فإذا وقعت الحدود .
الثالث :أنها لا تكون إلا فى الأرض أو ما شاكلها بدليل قوله فإذا صرفت الطرق لأن الطرق لا تكون إلا فى الأرض ومثل هذا عنه وعن غيره من الأئمة كثير ومن تتبعه يجده .فبقيت النفس متشوقة على الدوام لما ذكرت أولا. وهو أن تلحق خيراً بخير تتردد فى ذلك ترداداً تنقطع به الأيام تسويقاً.إلى أن رغب منى بعض من قرأ الأصل أبداء تلك العانى وما كانت النفس فى ذلك أكنت . فأجبتة إلى ذلك رجاء أن ينفعى الله وإياه بذلك ومن قرأه بعد فصدق ورق.

هذا الكتاب يحتوى

على جمل من درر فرائض الشريعة وسننها ورغائبها و آدابها وأحكامها والإشارة إلى الحقيقة بحقيقتها والإشارة إلى كيفية الجمع بين الحقيقة والشريعة وتبيين الطرق الناجية التى أشار عليه السلام إليها والإشارة إلى بيان أضدادها والتحذير منها وربما أستدللت على بعض الوجوه التى ظهرت من الحديث بأى وبأحاديث
تناسبها وتقويها فمنها باللفظ ومنها بالمعنى وأتبعت ذلك بحكايات ليشحذ الفهم بها و ليتبين بها المعنى وربما أشرت فى بعض المواقع إلى شئ من توبيخ النفس على غفلتها لعلها تنتهى عن غيها وأودعت فيه شيئا من بيان طريقة الصحابة وآدابها وما يستنبط من حسن عباراتهم وتحرزهم فى نقلهم وحسن مخاطباتهم ومما يستنبط من ذلك من آداب الشريعة إذا تعرض لفظ الحديث لشئ من ذلك لأنه لا ينبغى أن يغفل عن شئ من ذلك لأنهم هم الصفوة المقربون و الخيرة المرفعون .
وقد قال العلماء فى معنى قوله تعالى (وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى(
(سورة النساء: (115
إن المراد بذلك الصحابة و المصدر الأول ولأنهم هم الذين تلقوا مواجهة الخطاب بذواتهم السنية وشفوا بحسن السؤال عما وقع فى النفوس من بعض الإشكال فجاوبهم عليه السلام بأحسن جواب وبين لهم بأتم تبيان فسمعوا وفهموا وعملوا وأحسنوا و حفظوا وضبطوا ونقلوا وصدقوا ،فلهم الفضل العظيم علينا إذ بهم وصل حبلنا بحبل سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم وبحبل مولانا جل جلاله فلهم اليد العليا حقا وسبقا فجزاهم الله عنا افضل ما جزى محسنا قد أحسن وكيف تغفل ألفاظهم وما قلنا العشر مما يجب علينا وإن ملحد تعرض إليهم وكفر نعمة قد أنعم الله بها عليهم فجهل منه وحرمان وسؤ فهم وقلة إيمان لأنه لو كان يلحقهم تنقيص لمابقىفى الدين ساق قائمة لأنهم هم النقلة إلينا فإذا جرح النقلة الكرام دخل فى الأحاديث والآى الأمر المخوف الذى به ذهاب الأنام لأنه لا وحى بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم و قد قال عز وجل فى كتابه(لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ)
(سورة الأنعام (19: وعدالة البلغ شرط فى صحة التبليغ وقد قال عليه الصلاة والسلام (تركت فيكم الثقلين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وعترتى أهل بيتى(
"مسند احمد" فمنهم وردنا ماء السلسبيل وعذبها الزلال محسن المنبع والمقر شرط فى صفاء الشراب وما اشكل على بعض الناس من بعض الآثار فلتشبهم بنا والجهل بطريقتهم العليا وكيف الأشكال وقد قال عليه الصلاة والسلام )اصحابى كالنجوم بأيهم أقتديتم أهتديت (وما من نجم إلا وله نور وضياء جعلنا الله ممن أحبهم واتبع طريقهم .
بعد هذا
فأنى ما أبرئ نفسى من الهفوات لكننى جعلت قدوتى فى ذلك ماقاله الإمام وهو ابن عباس رضى الله عنهما حين سئل عن زواج التفويض إذا مات الرجل قبل الدخول وقبل أن يفرض لها فبقى شهراً لم يجاوب فى ذلك بشئ فقيل له ياصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم مالنا غيرك مجاب فى المسألة فقال إذا عزمتم فأجتهد فإن أصبت فبفضل الله ورحمته وإن أخطأت فمنى و من الشيطان ،وصدق الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
فجعلته رضى الله عنه وأصحابه وسيلة إلى الله فيما أملته وسميت الكتاب )بهجة النفوس وتحليها بمعرفة ما لها وما عليها ( وبالله أستعين و لا حول ولا قوة إلا به ،وهو حسبى ونعم الوكيل وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم أفضل التسليم.


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس مارس 15, 2007 7:14 am 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يونيو 19, 2006 6:59 pm
مشاركات: 143
مكان: هنانتغا
مقدمة اختصارصحيح البخاري: للإمام الحافظ عبد الله ابن أبى جمرة

قال الشيخ أبو محمد عبد الله بن سعد بن أبي جمرة الأزدي t : الحمد لله حق حمده ، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الخيرة من خلقه ، و على الصحابة السادة المختارين لصحبته ، و بعد فلما كان الحديث و حفظه من أقرب الوسائل إلى الله عز و جل بما بمقتضى الآثار في ذلك ، فمنها قوله:صلى الله عليه وسلم:) من أدى إلى أمتي حديثاً واحداً يقيم به سنة ، أو يرد به بدعة ، فله الجنة ) ، و منها قوله صلى الله عليه وسلم ) من حفظ على أمتي حديثاً واحداً كان له أجر أحدٍ و سبعين نبياً وصديقاً) و الآثر في ذلك كثيرٌ. و رأيتُ الهمم قد قصرت عن حفظها مع كثرة كتبها من أجل أسانيدها فرأيتُ أن آخذ مِن أصح كتبه كتاباً أختصر منه أحاديث بحسب الحاجة إليها ، و أختصر أسانيدها ما عدا راوي الحديث ، فلا بد منه فيسهُل حفظها و تكثر الفائدة فيها إن شاء الله تعالى ، فوقع لي أن يكون كتاب البخاري لكونه من أصحها و لكونه رحمه الله تعالى كان من الصالحين و كان مجاب الدعوة و دعا لقارئه ، و قد قال لي من لقيته من القضاة الذين كانت لهم المعرفة و الرحلة عمَّن لقيَ من السادة المُقَرِّ لهم بالفضل : إنَّ كتابه ما قُرئَ في وقت شدة إلا فُرِّجَت ، و لا رُكِبَ به في مركب فغَرِقَت قط ، فرغبتُ مع بركة الحديث في تلك البركات ، لما في القلوب من الصدأ ؛ فلعلَّه بفضل الله أن يكشف عمَّا بها ، و أن يُفرِّجَ شديدَ الأهواء التي تراكمَت عليها ، و لعلَّ بِحَمْل تلك الأحاديث الجليلة تُعفى من الغرق في بحور البدع و الآثام . فلما كمُلَت بحسب ما وفَّق الله إليه فإذا هي ثَلاثمائة حديث غير بضعٍ فكان أولها كيف كان بدء الوحي لرسول الله r و آخرها دخول أهل الجنة الجنةَ و إنعام الله عليهم بدوام رضاه فيها ؛ فسمَّيتُه بمقتضى وضعه : جمع النهاية في بدء الخير و غاية و لم أفرِّق بينها بتبويب ، رجاء أن يُتمِّمَ الله لي و لكل من قرأهُ أو سمعه بدء الخير بغايته ، فنسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يجعلها لقلوبنا جلاءً ، و لداء ديننا شفاءً بمنِّه لا ربَّ سواه ، و صلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين ، و الحمد لله ربَّ العالمين .


شرح اختصار البخاري: بهجة النفوس للإمام الحافظ عبد الله ابن أبى جمرة
1. باب : كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله r.
عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ : (( أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ الله r مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ فَكَانَ لا يَرَى رُؤْيَا إِلا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلاءُ وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ و هوَ التَّعَبُّدُ اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ و هوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ اقْرَأْ قَالَ مَا أَنَا بِقَارِئٍ قَالَ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ قُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴾ [القلم : 1 - 3 ] فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ الله r يَرْجُفُ فُؤَادُهُ فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رَضِي اللَّه عَنْهَا فَقَالَ زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ فَقَالَ لِخَدِيجَةَ و أَخْبَرَهَا الْخَبَرَ لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي فَقَالَتْ خَدِيجَةُ كَلا و الله مَا يُخْزِيكَ الله أَبَدًا إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِالْعُزَّى ابْنَ عَمِّ خَدِيجَةَ وَكَانَ امْرَأً قَدْ تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعِبْرَانِيَّ فَيَكْتُبُ مِنَ الأنْجِيلِ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَا شَاءَ الله أَنْ يَكْتُبَ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ يَا ابْنَ عَمِّ اسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ و َسَلَّمَ خَبَرَ مَا رَأَى فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ الله عَلَى مُوسَى يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ قَالَ نَعَمْ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلا عُودِيَ وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ وَفَتَرَ الْوَحْيُ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ و أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِالله الأنْصَارِيَّ قَالَ و هوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْيِ فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ بَيْنَا أَنَا أَمْشِي إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ فَرَفَعْتُ بَصَرِي فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ فَرُعِبْتُ مِنْهُ فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي فَأَنْزَلَ الله تَعَالَى ﴿ يَأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ ﴾ [ المدثر : 1 ، 2 ] إِلَى قَوْلِهِ ﴿ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ﴾ [ المدثر : 5 ] فَحَمِيَ الْوَحْيُ وَ تَتَابَعَ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس مارس 15, 2007 7:16 am 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يونيو 19, 2006 6:59 pm
مشاركات: 143
مكان: هنانتغا
هذا الحديث يحتوى على فوائد كثيرة من أحكام وآداب ومعرفة بقواعد جملة من قواعد الإيمان ومعرفة بالسلوك والترقى فى المقامات ولأجل ما فيه من هذه المعانى حدث به النبى صلى الله عليه وسلم عائشة رضى الله عنها لتبدى ذلك للناس لكى يتأسوا بتلك الآداب ويحصل لهم معرفة بكيفية الترقى من مقام الى مقام مع ما فية من فائدة المعرفة بابتداء أمره عليه السلام كيف كان.لأن النفوس أبدا تتشوف(تتطلع) إلى معرفة مبادئ الأمور كلها وتنشرح الصدور للاطلاع عليها فكيف بها لإبتداء هذا الأمر الجليل الذى فيه من الفوائد ما قد ذكرناه.ويعرف منه مقتضى الحكمة فى تربيته وتأديبه ولأجل ما فيه من هذه الفوائد حدثت به عائشة رضى الله عنها وأخذ عنها ونحن إن شاء الله نشير إلى شئ منها وننبه عليها بحسب ما يوفق الله إليه فنقول: الكلام عليه من وجوه
الوجه الأول: قولها(أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلام من الوحى الرؤيا الصالحة فى النوم (
فيه دليل على أن الرؤيا من النبوة وهى وحى من الله إذ أن أول نبوة النبى صلى الله عليه وسلام والوحى إليه كان بها وقد صرح الشارع عليه السلام بذلك فى غير هذا الحديث وسيأتى الكلام على المرائى وما يتعلق بها والجمع بين متفقها ومختلفها ومجموع أحاديثها فى موضعه من آخر الكتاب إن شاء الله
الوجه الثانى : قولها (مثل فلق الصبح ) تريد بذلك صدق الرؤيا كيف كانت تخرج فى الحين من غير تراخ ولا مهلة على قدر ما رآه عليه السلام سواء بسواء .و لقائل أن يقول لم عبرت عن صدق الرؤيا بفلق الصبح ولم تعبر بغيره والجواب أن شمس النبوة كانت مبادئ أنوارها صحة المرائى وصدقها فما زال النور يتشعشع ويتسع ويبين حتى بدا شمسها وهو ما أنزل عليه من الهدى والفرقان فمن كان باطنه نوريا كان فى التصديق بما أنزل بكريا امن وصدق .ومن كان أعمى البصيرة كان خفاش زمان الرسالة . الشمس تسطع وهو لايرى شيئا فإن الخفاش يخرج بالليل ويتخبأ بالنهار لأنه لايبصر مع ضوء الشمس وبقى الناس بين هاتين المنزلتين يترددون كل منهم يبصر بقدر ما أعطى من النور. جعلنا الله ممن أجزل له من هذا النور وحسن الإتباع أوفر نصيب بمنه ولأجل هذه النسبة التى بين إبتداء النبوة وظهورها مع الصبح وقعت العبارة به ولم تقع بغيره .
الوجه الثالث : قولها ) ثم حبب اليه الخلاء) فيه دليل على أن الهداية منة ربانية لا بسبب من بشر ولا غيره لأن النبى صلى الله عليه وسلم جبل على هذا الخير ابتداء من غير أن يكون معه من يحرضه على ذلك . والخلوة كناية عن انفراد الإنسان بنفسه فجبب إليه عليه السلام أصل العبادة فى شريعته وعمدتها لأنه عليه السلام قال : (الخلوة عبادة) فالخلوة نفسها عبادة فان زيد عليها شئ من الطاعات فهو التحنث ومعنىالتحنث التعبد فهو نور على نور
الوجه الرابع :قولها ((فكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه )) التحنث قد تقدم الكلام عليه وبقى هنا سؤال وارد وهو أن يقال لم اختص عليه السلام بغار حراء وكان يخلو فيه ويتحنث به دون غيره من المواضع ولم يبدله فى طول تحنثه و الجواب أن ذلك الغار له فضل زائد على غيه من قبل أن من فيه يكون منزوياًمجموعاً لتحنثه وهو مبصر بيت ربهوالنظر إلى البيت عبادة فكان له اجتماع ثلاث عبادات وهى الخلوة والتحنث والنظر إلى البيت وجمع هذه الثلاث أولى من الاقتصار على بعضها دون بعض وغيره من الأماكن ليس فيه ذلك المعنى فجمع له عليه السلام فى المبادئ كل حسن بادى
الوجه الخامس : قولها (( وهو التعبد الليالى ذوات العدد )) وهو التعبد تفسير منها للتحنث ما هو . والليالى ذوات العدد تريد به كثرة الليالى لأن العدد على قسمين عدد قلة وعدد كثرة وبمجموع القلة والكثرة يكون فيه ليالى كثرة فذلك كنت بذوات العدد أى مجموع أقسام العدد وهى جموع القلة والكثيرة


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة مارس 16, 2007 6:11 am 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يونيو 19, 2006 6:59 pm
مشاركات: 143
مكان: هنانتغا
الوجه السادس : قولها (( قبل أن ينزع إلى أهله )) تريد أن قبل يرجع إليهم فما يزال عليه السلام فى التعبد تلك الليالى المذكورة حتى يرجع الى أهله
الوجه السابع : فيه دليل على أن المستحب فى التعبد أن يكون مستمراً لأن النبى صلى الله وسلم كان يستمر على عادته تلك ولم يقطعها إلا لما لابد منه وسيأتى الكلام عليه ولأن التعبد إن لم يكن مستمرا فلا يقال لصاحبه متعبد لأنه لا ينسب المرء إلى الشئ الذى يكثر منه.
الوجه الثامن : قولها (( ثم يرجع إلى خديجة ويتزود لمثلها )) فيه دليل على أن التبتل الكلى والإنقطاع الدائم ليس من السنة لأنه عليه السلام لم ينقطع فى الغار وترك أهله بالكلية وأنما كان عليه السلام يخرج إلى العبادة تلك الأيام التى يتحنث فيها ثم يرجع الى أهله لضروراتهم ثم يخرج.لتحنثه . وقد نهى عليه السلام عن التيتل فى غير هذا الحديث فقال صلى الله عليه وسلم (لا رهبانية فى الاسلام) وهذا النهى إنما هو فيمن اتخذ ذلك سنة يستن بها وأما من يتبتل لعدم القدرة على التأهيل من قبل قلة ذات اليد أو عدم الموافقـة فلا يدخل تحـت هـذا النهـى
الوجه التاسع :فيه دليل على أن العبادة لاتكون إلا بعد إعطاء الحقوق الوجبة وتوفيتها لأنه عليه السلام لم يكن ليرجع لأهله إلا لإ عطاء حقهم فكذلك غيره من الحقوق يجب إعطاؤه وتوفيته وحينئذ يرجع إلى المندوبات.
الوجه العاشر : فيه دليل على أن الرجل إذا كان صالحا في نفسه تابعاً للسنة يرجى له أن الله سبحانه وتعالى يؤنسه بالمرائي الحميدة إذا كان في زمانه مخالفة وبدعه لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أنعزل للعبادة وخلا بنفسه آنسه الله عز وجل بالمرائى الجميلة لما أن كان ذلك الزمان زمان كفر وشقاق وسيأتي شفاء لهذا المعنى في الكلام علي المرائي إن شاء الله فالمتبع للنبي صلي الله عليه وسلم يرجى له مثل ذلك أو قريبا منه أعني في المرائي
الوجه الحادي عشر : فيه دليل علي أن البداية ليست كالنهاية لأن النبي صلي الله عليه وسلم أول ما بدئ في نبوته بالمرائي فما زال عليه السلام يرتقي في الدرجات والفضل حتى جاءه الملك في اليقظة بالوحي ثم مازال يرتقي كان كقاب في قوسين أو أدني وهي النهاية فإذا كان هذا الرسل فكيف به فى الأتباع لكن بين الرسل والأتباع فرق وهو أن الأتباع يترقون فى مقامات الولاية ما عدا مقام النبوة فإنه لا سبيل لهم إليها لأن ذلك قد طوى بساطه حتى ينتهوا إلى مقام المعرفة والرضاء وهو أعلى مقامات الولاية ولأجل هذا أهل الصوفية: من نال مقام فدام عليه بأدبه ترقى إلى ما هو أعلى منه لأن النبى صلى الله عليه وسلم أخذأ أولا فى التحنث ودام عليه بأدبه إلى أن ترقى من مقام إلى مقام حتى وصل إلى مقام النبوة ثم أخذ فى الترقى فى مقامات حتى وصل به المقام الى قاب قوسين أو أدنى كما قد تقدم فالوارثون له بتلك النسبة من دام منهم على التأدب فى المقام الذى أقيم فيه ترقى فى المقامات حيث شاء الله عدا مقام النبوة التى لا مشاركة للغير فيها بعد النبى صلى الله عليه وسلم ويشهد لذلك ما حكى عن بعض الفضلاء أنه من عليه باتباع السنه والأدب فى السلوك بتأدبه فى كل مقام بحسب مايحتاج إليه من الأدب فمازال يرتقى من مقام إلى أعلى منه حتى سرى بسره من سماء إلى سماء إلى قاب قوسين أو أدنى ثم نودى هنا سرى بذات محمد السنية حيث سرى بسرك.
الوجه الثانى عشر : فيه دليل على أن التربية للمريد أفضل من غيرها لأن النبى صلى الله وسلم أول نبوته كانت فى المنام فما زال يرتقى حتى كملت حالته وهو عليه السلام أفضل البشر فلو كان غير التربية أفضل لكان أولى بها من غيره
الوجه الثالث عشر : فيه دليل على أن الأولى بأهل البداية الخلوة والأعتزال لأن النبى صلى الله عليه وسلم كان فى أول أمره يخلو بنفسه فلما انتهى عليه السلام حيث قدر له لم يفعل ذلك(أى ترك الخلوة) وبقى يتحنث بين أهله وصار حاله إلى أنه إذا سجد غمز أهله فتضم رجلها حيث وفى البداية لم يقنعه علية السلام أن ينعزل عنهم فى البيت حتى خرج إلى الغار على ما تقدم .
الوجه الرابع عشر فيه دليل على أن الخلوة عون للإنسان على تعبده وصلاح دنيه لأن النبى صلى الله عليه وسلم أعتزل عن الناس وخلا بنفسه أتاه هذا الخير العظيم وكل أحد إذا أمثل ذلك أتاه الخير بحسب ما قسم الله له من مقامات الولاية.
الوجه الخامس عشر :فيه دليل على التسبب فى الزاد دخول المعتكف أو الخلوة او الوجهة به لأن النبى صلى الله وسلم كان يخرج إلى التحنث بما يصلح من زاده للعيش طول مقامه فيه والحكمة فى ذلك الخروج بالزاد فيه إظهار لوصف العبودية وافتقارها وضعفها لأن المرء أبداً ليس له قوة على تلك الأمور إلا بإعانة من الله سبحانه والخروج بغير زاد فيه شئ ما من الإدعاء وإن كان لم ينطبق به ولم ينوه فيخاف على فاعل ذلك أن يكله الله لنفسه فيعجز عن توفية ما أراد فى وجهته ولأجل هذا المعنى كان بعض أهل الصوفة من شدة ملاحظته السنه إذا دخل لخلوته وتعبده أخذ رغيفا من خبز وألقاه تحت وسادته ويواصل الأيام العديدة ولا يأكل منه شيئا فرآه بعض تلامذته كذللك فأخذ الرغيف من تحت الوسادة ثم تفقد الشيخ الرغيف فلم يجده فصاح على من لاذ به صيحة منكرة وأغلظ عليهم فيما فعلوه فقالوا ليس لك به حاجة فلم تتخذه هناك ؟ فقال لهم أتظون أن ماترون من قوة هى منى بل فضل من الله ومنة أرأيتم إن رددت إلى حال البشرية كيف أفعل فكان يعمل على حال ضعفه والعادة الجارية التى يقدر البشر عليها وما كان من غير ذلك يراه فضلا من الله عليه وهو حامل كل ذلك على ما أشرنا إليه أولا عن النبى صلى الله عليه وسلم وفيه أيضا وجه آخر من الحكمة وهو أن الخروج بالزاد من باب سد الذريعة لأن الزاد إذا كان حاضرا لم يبق للنفس تشوف ولاتعلق وقد جاء فى الحديث إن النفس إذا كان معها قوتها اطمأنت لهذا مع إمكان وجود القوت من حله ووجهه وإلا فالله هو الرزاق ذو القوة المتين. وقد كان عليه السلام عند عدم القوت من وجهه يربط على بطنه ثلاثة أحجار من شدة الجوع والمجاهدة ولايتسبب فى الزاد ولا ينظر إليه
الوجه السادس عشر: فيه دليل على أن المرء إذا خرج لتعبده أن يعلم أهله ومن يلوذ به بموضعه لأن النبى صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى الغار وأهله يعلمون بموضعه وماذا يريد بخروجه والحكمة فى ذلك من وجوه
الأول: أنه معرض هو وأهله لما يطرأ من الأمراض وغيرها من الأعراض فإن كان للأهل علم بموضعه علم بموضعة علموا إلى أين يذهبون إليه إذ1 طرأ شئ من ذلك .
الثانى: أن فى إخبار الأهل بذلك إدخال سرورعليهم وإزالة للوسواس عنهم لأنهم يتوقعون مصيره إلى مواضع مختلفة ممكنة فإعلامه لهم بذلك إزالة لما ذكرناه وإدخال السرورعليهم لكونهم يعلمون أنه منقطع للتعبد ومشغول به وفى إدخال السرور من الأجر والثواب ما قد علم .
الثالث: ما فى ذلك من الدعوة للأهل و الأخوان وإن كان لم كان لم يطلب ذلك مهنم لأن الغالب من النفوس الإنبعاث لما يتكرر عليها من الأمور.
الرابع: أن من عرفه منقطعا للتعبد ومشغولا به فإن أراد صحبته على ما هو بسبيله من غير أن يدخل عليه خللا فى طريقه ومن أراد غير ذلك لم يصحبه فأستراح منه وزال عنه ما يلحقه من التشويش فى مخالطته .

الوجه السابع عشر:فيه دليل على أن الشغل اليسير الضرورى لايكون قاطعا للعبادة لأنها أخبرت عنه عليه السلام أنه كان يخرج إلى التعبد الليالى العديدة ولم تذكر ذلك فى رجوعه إلى أهله فدل على أن ذلك ضد الكثير وهو اليسير واليسير مع الكثير فى حكم التبع ثم رجوعه ثانية إلى التعبد دال على تعلق قلبه بالعبادة مادام فى الضرورة التى خرج إليها فهو تعبد مستمر. ومثل ذلك المعتكف يخرج لحاجةالإنسان وشراء القوت وحرمة والإعتكاف عليه ولم يحكم له إلا بأنه معتكف متوجه .وإن كان يتصرف فيما ذكرناه يشهد لما قررناه قوله عليه السلام : (سبعة يظلهم الله يوم لا ظل الاظله) وذكرنا فيهم رجلا قلبه متعلق بالمساجد فلم يضره خروجه عنها وبتعلق قلبه بها وأجزل له هذا الخير العظيم .ولأجل هذا المعنى أخذ أهل الصوفة فى عمارة قلوبهم بالحضور والأدب على أى حالة كانوا من شغل مباح أو تخل فلما صفت بواطنهم تسموا باسم الصوفة وهو مشتق من الصفاء.

الوجه الثامن عشر: قولها (( حتى جاءه الحق )) تريد بدء الوحى لأن العرب تسمى الشئ بمبادئه وتسمى البعض بالكل والكل بالبعض.

الوجه التاسع عشر: قولها{فجاءه الملك فقال "اقرأ"}فيه دليل على جواز التورية وهى إظهار شئ والمراد غيره لأن
جبريل عليه السلام كان يعلم أن النبى صلى الله عليه وسلم كان لا يقرأ ولكن قال له ذلك ليتوصل به ما يريد من
التأديب على ما سيأتى وكذلك كان النبى صلى الله عليه وسلم يفعل إذا أراد أن يخرج إلى جهة يغزوها أو ما إلى
غيرها إلا فى غزوة واحدة لبعدها وكذلك فعلت عائشة رضى الله عنها على ما سنبينه فى حديث الإفك إن شاء
الله لكن يشترط فى هذه التورية أن ألا يقع للغير به ضرر ممنوع شرعا لأن جبريل عليه السلام لم يفعل ذلك
وللنبى صلى الله عليه وسلم فيه ضرر بل كان ذلك مصلحة له على ما يذكر بعد لأنه لو كان التأديب بغير سبب لكان
ذلك زيادة فى النفوروالوحشة فانظرمع السبب و التلطف فى الأدب كيف رجع عليه السلام يقول:زملونى زملونى.
ولولا ما جبل عليه صلىالله وعليه وسلم من الشجاعة وما مد به من العون ما استطاع تلقى ذلك لأن الأمرجليل.
.

الوجه العشرون: فيه دليل على أن أمرالسائل إذا كان يحتمل وجهين أو وجوها فليجاوب المسئول على الأظهر
من المحتملات ويترك ما عداها لأنه لما أن كان لفظ جبريل عليه السلام يحتمل طلب القراءة من النبى صلى الله عليه وسلم ابتداء وهو الأظهر و يحتمل طلب القراءة منه لما يلقى اليه وهوالمقصود فىهذا الموضع لما ظهربعد
أجاب النبى صلى الله عليه وسلم على اظهرالوجوه وهوالمعهود من الفصحاء فى تخاطبهم

الوجه الحادى والعشرون: قوله{اقرأ باسم ربك الذى خلق(1) خلق الانسان من علق (2) اقرأوربك الأكرم}فيه دليل لمن
ذهب من العلماء إلى أن أول الواجبات الإيمان دون النظروالإستدلال وأن النظر والإستدلال شرط كمال لا شرط
صحه لأن قوله : {اقرأ باسم ربك الذى خلق(1) خلق الانسان من علق (2) } تمت به الفائدة وحصل به الإيمان المجزى وقوله بعد ذلك{الذى خلق(1) خلق الانسان من علق}هوطلب النظروالاستدلال وهوزيادة كمال الإيمان لأن الأنبياء عليهم السلام أكمل الناس إيمانا
ولم يفرض الله عزوجل على الناس على أيديهم الإيمان المجزى وبقى الكمال يهبه الله لمن يشاء من أتباعهم يشهد
لما قررناه قوله عليه السلام:أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لاإله إلا الله؛الحديث (خرجه الخمسة)فلم يطلب منهم إلا النطق بكلمة الإخلاص ولم يشترط فى ذلك نظرا ولااستدلالا.

الوجه الثانى والعشرون: لقائل أن يقول لم أنزلت هذه الآية أولا قبل غيرها من أى القران أعنى قوله عزوجل:
{اقرأ باسم ربك الذى خلق(1) خلق الانسان من علق(2) اقرأ وربك الاكرم}والجواب عنه: أن نقول إن كان ذلك تعبدأ
فلا بحث وإن كان ذلك لحكمة فحينئذ نحتاج إلى البحث فيها ومعنى قولنا تعبدا أى تعبدنا الله بذلك ولم يطلعنا على
الحكمة فيها وأما الأمر فى نفسه من حكمة هوعزوجل يعلمها، ومن شاء اطلاعه عليها. وظاهرمسألتنا هذه أنها
لحكمة تفهم وتعرف من لفظ الآى بيان ذلك: أن هذا الكلام دل بمنطوقه وما تضمن من الفوائد على ما تضمنه القرآن إجمالا بيانه أن كل ما كان فى القرآن من آيات الإيمان والتوحيد والتنزيه دل عليه مضمون اسم الربوبيه
وما كان فيه من الأمر و النهى و الترغيب و الترهيب والندب والندب والإرشاد والمحكم والمتشابه دل عليه مضمون مقتضي حكمة الربوبية وما كان فيه من استدعاء الفكرة والنظر والإستدلال وما شابه ذلك دل عليه متضمن مقتضي قوله : (الَّذِي خَلَقَ (1)خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ) (سورة العلق:1و 2)
وما كان فيه من الرحمة والمغفرة والإيناس والإنعام والترجي والإحسان والإباحة وما أ شبه ذلك دل عليه متضمن كرم الربوبية فلما كان بعد هذا الإجمال نزلت الآية بحسب ما أحتيج إليها مبينة بالنص لما تضمنه هذا الكلام الجليل من الإجمال . فلما تجلت معاني ذلك الإجمال تبيينا وتفسيرا قال تعالي (اليوم أكمت لكم دينكم) أي : ما أجملت لكم أولا اليوم أكملته لكم في التنزيل مفصلا لأن متضمن الكمال يقتضي قبله أجزاء والأجزاء هو ما أشرنا إليه من الإجمال فكان الأول مصدقا للثاني والثاني مصدقا للأول ومنه قوله (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة مارس 16, 2007 11:58 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يونيو 19, 2006 6:59 pm
مشاركات: 143
مكان: هنانتغا
الوجه الثالث عشر : فيه دليل على أن الأولى بأهل البداية الخلوة والأعتزال لأن النبى صلى الله عليه وسلم كان فى أول أمره يخلو بنفسه فلما انتهى عليه السلام حيث قدر له لم يفعل ذلك(أى ترك الخلوة) وبقى يتحنث بين أهله وصار حاله إلى أنه إذا سجد غمز أهله فتضم رجلها حيث وفى البداية لم يقنعه علية السلام أن ينعزل عنهم فى البيت حتى خرج إلى الغار على ما تقدم .
الوجه الرابع عشر فيه دليل على أن الخلوة عون للإنسان على تعبده وصلاح دنيه لأن النبى صلى الله عليه وسلم أعتزل عن الناس وخلا بنفسه أتاه هذا الخير العظيم وكل أحد إذا أمثل ذلك أتاه الخير بحسب ما قسم الله له من مقامات الولاية.
الوجه الخامس عشر :فيه دليل على التسبب فى الزاد دخول المعتكف أو الخلوة او الوجهة به لأن النبى صلى الله وسلم كان يخرج إلى التحنث بما يصلح من زاده للعيش طول مقامه فيه والحكمة فى ذلك الخروج بالزاد فيه إظهار لوصف العبودية وافتقارها وضعفها لأن المرء أبداً ليس له قوة على تلك الأمور إلا بإعانة من الله سبحانه والخروج بغير زاد فيه شئ ما من الإدعاء وإن كان لم ينطبق به ولم ينوه فيخاف على فاعل ذلك أن يكله الله لنفسه فيعجز عن توفية ما أراد فى وجهته ولأجل هذا المعنى كان بعض أهل الصوفة من شدة ملاحظته السنه إذا دخل لخلوته وتعبده أخذ رغيفا من خبز وألقاه تحت وسادته ويواصل الأيام العديدة ولا يأكل منه شيئا فرآه بعض تلامذته كذللك فأخذ الرغيف من تحت الوسادة ثم تفقد الشيخ الرغيف فلم يجده فصاح على من لاذ به صيحة منكرة وأغلظ عليهم فيما فعلوه فقالوا ليس لك به حاجة فلم تتخذه هناك ؟ فقال لهم أتظون أن ماترون من قوة هى منى بل فضل من الله ومنة أرأيتم إن رددت إلى حال البشرية كيف أفعل فكان يعمل على حال ضعفه والعادة الجارية التى يقدر البشر عليها وما كان من غير ذلك يراه فضلا من الله عليه وهو حامل كل ذلك على ما أشرنا إليه أولا عن النبى صلى الله عليه وسلم وفيه أيضا وجه آخر من الحكمة وهو أن الخروج بالزاد من باب سد الذريعة لأن الزاد إذا كان حاضرا لم يبق للنفس تشوف ولاتعلق وقد جاء فى الحديث إن النفس إذا كان معها قوتها اطمأنت لهذا مع إمكان وجود القوت من حله ووجهه وإلا فالله هو الرزاق ذو القوة المتين. وقد كان عليه السلام عند عدم القوت من وجهه يربط على بطنه ثلاثة أحجار من شدة الجوع والمجاهدة ولايتسبب فى الزاد ولا ينظر إليه
الوجه السادس عشر: فيه دليل على أن المرء إذا خرج لتعبده أن يعلم أهله ومن يلوذ به بموضعه لأن النبى صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى الغار وأهله يعلمون بموضعه وماذا يريد بخروجه والحكمة فى ذلك من وجوه
الأول: أنه معرض هو وأهله لما يطرأ من الأمراض وغيرها من الأعراض فإن كان للأهل علم بموضعه علم بموضعة علموا إلى أين يذهبون إليه إذ1 طرأ شئ من ذلك .
الثانى: أن فى إخبار الأهل بذلك إدخال سرورعليهم وإزالة للوسواس عنهم لأنهم يتوقعون مصيره إلى مواضع مختلفة ممكنة فإعلامه لهم بذلك إزالة لما ذكرناه وإدخال السرورعليهم لكونهم يعلمون أنه منقطع للتعبد ومشغول به وفى إدخال السرور من الأجر والثواب ما قد علم .
الثالث: ما فى ذلك من الدعوة للأهل و الأخوان وإن كان لم كان لم يطلب ذلك مهنم لأن الغالب من النفوس الإنبعاث لما يتكرر عليها من الأمور.
الرابع: أن من عرفه منقطعا للتعبد ومشغولا به فإن أراد صحبته على ما هو بسبيله من غير أن يدخل عليه خللا فى طريقه ومن أراد غير ذلك لم يصحبه فأستراح منه وزال عنه ما يلحقه من التشويش فى مخالطته .

الوجه السابع عشر:فيه دليل على أن الشغل اليسير الضرورى لايكون قاطعا للعبادة لأنها أخبرت عنه عليه السلام أنه كان يخرج إلى التعبد الليالى العديدة ولم تذكر ذلك فى رجوعه إلى أهله فدل على أن ذلك ضد الكثير وهو اليسير واليسير مع الكثير فى حكم التبع ثم رجوعه ثانية إلى التعبد دال على تعلق قلبه بالعبادة مادام فى الضرورة التى خرج إليها فهو تعبد مستمر. ومثل ذلك المعتكف يخرج لحاجةالإنسان وشراء القوت وحرمة والإعتكاف عليه ولم يحكم له إلا بأنه معتكف متوجه .وإن كان يتصرف فيما ذكرناه يشهد لما قررناه قوله عليه السلام : (سبعة يظلهم الله يوم لا ظل الاظله) وذكرنا فيهم رجلا قلبه متعلق بالمساجد فلم يضره خروجه عنها وبتعلق قلبه بها وأجزل له هذا الخير العظيم .ولأجل هذا المعنى أخذ أهل الصوفة فى عمارة قلوبهم بالحضور والأدب على أى حالة كانوا من شغل مباح أو تخل فلما صفت بواطنهم تسموا باسم الصوفة وهو مشتق من الصفاء.

الوجه الثامن عشر: قولها (( حتى جاءه الحق )) تريد بدء الوحى لأن العرب تسمى الشئ بمبادئه وتسمى البعض بالكل والكل بالبعض.

الوجه التاسع عشر: قولها{فجاءه الملك فقال "اقرأ"}فيه دليل على جواز التورية وهى إظهار شئ والمراد غيره لأن
جبريل عليه السلام كان يعلم أن النبى صلى الله عليه وسلم كان لا يقرأ ولكن قال له ذلك ليتوصل به ما يريد من
التأديب على ما سيأتى وكذلك كان النبى صلى الله عليه وسلم يفعل إذا أراد أن يخرج إلى جهة يغزوها أو ما إلى
غيرها إلا فى غزوة واحدة لبعدها وكذلك فعلت عائشة رضى الله عنها على ما سنبينه فى حديث الإفك إن شاء
الله لكن يشترط فى هذه التورية أن ألا يقع للغير به ضرر ممنوع شرعا لأن جبريل عليه السلام لم يفعل ذلك
وللنبى صلى الله عليه وسلم فيه ضرر بل كان ذلك مصلحة له على ما يذكر بعد لأنه لو كان التأديب بغير سبب لكان
ذلك زيادة فى النفوروالوحشة فانظرمع السبب و التلطف فى الأدب كيف رجع عليه السلام يقول:زملونى زملونى.
ولولا ما جبل عليه صلىالله وعليه وسلم من الشجاعة وما مد به من العون ما استطاع تلقى ذلك لأن الأمرجليل.
.

الوجه العشرون: فيه دليل على أن أمرالسائل إذا كان يحتمل وجهين أو وجوها فليجاوب المسئول على الأظهر
من المحتملات ويترك ما عداها لأنه لما أن كان لفظ جبريل عليه السلام يحتمل طلب القراءة من النبى صلى الله عليه وسلم ابتداء وهو الأظهر و يحتمل طلب القراءة منه لما يلقى اليه وهوالمقصود فىهذا الموضع لما ظهربعد
أجاب النبى صلى الله عليه وسلم على اظهرالوجوه وهوالمعهود من الفصحاء فى تخاطبهم

الوجه الحادى والعشرون: قوله{اقرأ باسم ربك الذى خلق(1) خلق الانسان من علق (2) اقرأوربك الأكرم}فيه دليل لمن
ذهب من العلماء إلى أن أول الواجبات الإيمان دون النظروالإستدلال وأن النظر والإستدلال شرط كمال لا شرط
صحه لأن قوله : {اقرأ باسم ربك الذى خلق(1) خلق الانسان من علق (2) } تمت به الفائدة وحصل به الإيمان المجزى وقوله بعد ذلك{الذى خلق(1) خلق الانسان من علق}هوطلب النظروالاستدلال وهوزيادة كمال الإيمان لأن الأنبياء عليهم السلام أكمل الناس إيمانا
ولم يفرض الله عزوجل على الناس على أيديهم الإيمان المجزى وبقى الكمال يهبه الله لمن يشاء من أتباعهم يشهد
لما قررناه قوله عليه السلام:أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لاإله إلا الله؛الحديث (خرجه الخمسة)فلم يطلب منهم إلا النطق بكلمة الإخلاص ولم يشترط فى ذلك نظرا ولااستدلالا.

الوجه الثانى والعشرون: لقائل أن يقول لم أنزلت هذه الآية أولا قبل غيرها من أى القران أعنى قوله عزوجل:
{اقرأ باسم ربك الذى خلق(1) خلق الانسان من علق(2) اقرأ وربك الاكرم}والجواب عنه: أن نقول إن كان ذلك تعبدأ
فلا بحث وإن كان ذلك لحكمة فحينئذ نحتاج إلى البحث فيها ومعنى قولنا تعبدا أى تعبدنا الله بذلك ولم يطلعنا على
الحكمة فيها وأما الأمر فى نفسه من حكمة هوعزوجل يعلمها، ومن شاء اطلاعه عليها. وظاهرمسألتنا هذه أنها
لحكمة تفهم وتعرف من لفظ الآى بيان ذلك: أن هذا الكلام دل بمنطوقه وما تضمن من الفوائد على ما تضمنه القرآن إجمالا بيانه أن كل ما كان فى القرآن من آيات الإيمان والتوحيد والتنزيه دل عليه مضمون اسم الربوبيه
وما كان فيه من الأمر و النهى و الترغيب و الترهيب والندب والندب والإرشاد والمحكم والمتشابه دل عليه مضمون مقتضي حكمة الربوبية وما كان فيه من استدعاء الفكرة والنظر والإستدلال وما شابه ذلك دل عليه متضمن مقتضي قوله : (الَّذِي خَلَقَ (1)خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ) (سورة العلق:1و 2)
وما كان فيه من الرحمة والمغفرة والإيناس والإنعام والترجي والإحسان والإباحة وما أ شبه ذلك دل عليه متضمن كرم الربوبية فلما كان بعد هذا الإجمال نزلت الآية بحسب ما أحتيج إليها مبينة بالنص لما تضمنه هذا الكلام الجليل من الإجمال . فلما تجلت معاني ذلك الإجمال تبيينا وتفسيرا قال تعالي (اليوم أكمت لكم دينكم) أي : ما أجملت لكم أولا اليوم أكملته لكم في التنزيل مفصلا لأن متضمن الكمال يقتضي قبله أجزاء والأجزاء هو ما أشرنا إليه من الإجمال فكان الأول مصدقا للثاني والثاني مصدقا للأول ومنه قوله (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا)
الوجه الثالث و العشرون:
فى الآية شبه الحال و الإشارة بالتسلى للنبى صلى الله عليه و سلم والصبر عند نزول الحوادث والوعد له بالنصر و الظفر .لأن نسبته عليه السلام الآن منفردا فى أول أمره كنسبته فى خلقه أولا علقة فالإشارة إلى الإمتحان
بانتقال العقلة بالتطوير حتى رجع بشرا ثم الخروج إلى هذه الدار وهى دار المكابدات فالإخراج مقابله الخروج والتطويرات مقابلها التغيرات والإشارة إلى اللطف بالإلطاف فى إخراجه من ظلمة الحشا بلا نصيب ولا أذى وتيسير اللطف له بالغذاء مثل إجراء اللبن له من بين فرث ودم بلا تعب ولا عناء والإشارة إلى النصر والظفر بما رزق بعد ذلك الضعف من كمال القوى والعقل والتصرف ودفع المضار وجلب المنافع فلم تضره تلك التطويرات حين صار أمره إلى هذا الحال فكذلك خروجه عليه السلام الآن بالضعف لأنه وحيد فيما يأتى به يدعو لشئ لايفهم عنه ولا يعرف .للعوائد التى جرت بضد ما يدعو إليه فكأنه عزوجل يقول له فى ضمن ذلك الكلام لا تهتم لشئ من ذلك فإن العاقبة بالنصر لك وبالظفر يؤيد ما أشاره إليه قوله تعالى (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) (سورة الفتح: 29) فما سلى به بالضمن فيما نحن بسبيله صرح له به فى هذه الآيه لأنه عز وجل مثله بالزرع الذى يخرج وحده أولا منفردا ثم أخرج شطأه أى أفرجه فاستوت الأفراخ والأصل و تلاحقت بالسبل فنورت و أينعت فأعجب الزراع وأغلظ الكفار فسبحان القادر على ما يشاء كيف يشاء وبهذه الإشارة تعلق أهل الصوفة ولم يلتفتوا إلى ضعفهم ولم يعرجوا على عوئد غيرهم وزادهم على ذلك يقينا قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (سورة الأنفال: 64)
فأيقوا بالنصر ثم جدوا فى الطلب فأجزل لهم ما وعدوا كما أجزل ذلك لنبيهم صلى الله عليه وسلم .
(ومن أحسن من الله حكم لقوم يقنون)"المائدة50"
فانتبه إن كنت لبيبا لفهم المعنى الغريب واسلك الطريق النجيب فإن أبيت فعند إنكشاف غبار الواقعة يبين لك قدر ما ضيعت وفى ماذا فرطت.
الوجه الرابع والعشرون: قوله "فغطنى حتى بلغ منى الجهد " يريد أنه ضمه إليه حتى بلغ منه الجهد والجهد عبارة عن شدة الغط والضم.
الوجه الخامس والعشرون: فيه دليل على المبالغة فى التأديب مالم يؤد ذلك إلى المحظورلأن شدة الغط مبالغة فى التأديب وقد أمر عليه السلام بذلك وحض عليه فقال:لأن يؤدب أحدكم ابنه خير له من أن يتصدق بصاع من الطعام.فجعل عليه السلام تأديب الإبن أعلى من الصدقه وهى من أفعال البر بحيث لا يخفى موضعها وبه يستدل أهل الصوفه على تأديب النفس لأنها أجل من تأديب الأبن يشهد لذلك قوله تعالى{والذين جاهدوا فينا لنهد ينهم سبلنا}"العنكبوت69"
ومجاهدة النفس هو تأديبها فأورثهم هذا التأديب الهداية إلى سبل الحق.ولايؤخذ هذا القدر من الخير بغيرها من أفعال الطاعات.فلما أن كان فى التأديب هذا الخير العظيم بدئ به النبى صلىالله عليه وسلم على القاعدة التى قررناها
وهو أنه عليه السلام بدئ فى المبادئ بكل حسن بادى

الوجه السادس والعشرون: فيه دليل عن جوازالتأديب من المعلم للمتعلم لأن جبريل عليه السلام ضم النبى صلىالله عليه وسلم إليه تأديب له حتى يحصل له التأديب لما يلقى إليه لكن يكون التأديب بحسب حال المؤدب و
المؤدب له لأن هذا التأديب أعنى تأديب جبريل عليه السلام للنبىصلىالله عليه وسلم تأديب حبيب لمحبوب فكان
بالضم والغط لا بالضرب والإهانة.
الوجه السابع والعشرون: فيه دليل لمن ذهب من الفقهاء عن أنه ليس للمؤدب أن يضرب فوق الثلاث لأن النبى
صلى الله عليه وسلم لم يكن له هذا التأديب إلا ثلاثا
الوجه الثامن والعشرون: فيه دليل على أن كتاب الله تعالى لا يؤخد إلا بقوة لأن جبريل عليه السلام ضم النبى صلى الله عليه وسلم إليه ليتلقى الأمر بأهبة ويأخذ بقوة وقد قال عزوجل ليحيى عليه السلام{خذ الكتاب بقوة}فهناك بالقول وهنا بالفعل والأمر.

الوجه التاسع والعشرون: فيه دليل على أن كلام الله عزوجل حين نزوله ثقيل يشهد لذلك قوله عزوجل
{انا سنلقى عليك قولا ثقيلا}فشدة الغط هنا تدريج لحمل الثقل.
الوجه الثلاثون: فيه دليل على أن اتصال جرم الغاط بالمغط وضمه إليه يحدث به فى الباطن قوة نورية متشعشعة تكون عونا على حمل ما يلقى إليه لأن جبريل عليه السلام لما اتصل جرمه بذات محمد السنية حدث له بذلك ما ذكرناه وهو حمله ما ألقى إليه ووقوفه لسماع خطاب الملك ولم يكن قيل له ذلك وقد وجد ذلك أهل الميراث من أهل الصوفية التبعين المحققين حتى لقد حكى عن بعض فضلائهم أنه أتاه ناس ينتقدون عليه فأبى عن إجابتهم وكان بحضرته رجل من العوام راعى غنم فدعاه الشيخ فضمه إليه ثم قال له :أجب هؤلاء عما سألوا عنه فأجاب الرجل (وبالغ) فى الجواب ثم أوردوا عليه مسائل فبقى يفصل و يمنع و يجيز حتى قطع من حضره من الفقهاء فى البحث ثم دعاه الشيخ فضمه إليه فإذا هو قد رجع إلى حاله أولا لا يعرف شيئا فقال له الرجل يا أيها السيد إن الفقراء إذ وهبوا شيئا لا يرجعون فيه فقال له نعم هو كذلك فهذا قد وجد فى ملامسة بشر لبشر وهو وارث فكيف بملامسة جسد الموروث بجسد الروح الأمين.
الوجه الحادي والثلاثون : لقائل أن يقول قد اختلف العلماء هل البشر أفضل من الملائكة أو بالعكس على قولين فعلى قول من يقول بأن البشر أفضل من الملائكة فمستحيل أن يحصل القوة للأفضل بملامسة المفضول والجواب عنه : إنا لا ننظر هنا على الأفضلية بالذوات وإنما ننظرها من قبل المعنى وهى موجودة هنا لأن جبريل عليه السلام كان حاملاً لكلام الله عز وجل في ذلك الوقت فحصلت له الفضيلة لأجل ما أحتمل والنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن عنده القرآن إذ ذاك ويشهد لهذا ما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة
الوجه الثاني والثلاثون : فيه دليل لأهل الصوفة حيث يقولون إن التحلي لا يكون إلا بعد التخلي لأن النبي صلى الله عليه وسلم تخلى أولا حتى لم يبق من مجهوده غاية فلما أن كان تخليه أفضل وأشرف من تخلى غيره والبشر قاصر عن التخلي لها. ضمه جبريل عليه السلام حتى حصل له تخلى من نسبة ذلك التحلي ولذلك قال حتى بلغ من الجهد لأن التخلي هو ضمه إليه حتى بلغ من مجاهدة النفس الغاية. والتحلي هو إلقاء الوحي إليه وهذا دليل ما قدمناه وهو أن من دخل فى الطريق بالتربية والتدريج أفضل ممن لم يكن له ذلك إذ هذا كله تربية وتدريج للنبي صلى الله عليه وسلم فما كان عليه السلام يرقى إلى مقام حتى يحكم أدب الأول ويفهم معناه وما احتوى عليه من الفوائد ولأجل هذا المعنى الذى أشرنا إليه كان الناس أبداً ينتفعون على يد من كان مربياً وقليل من ينتفع على من كان دخوله بغير ذلك .

الوجه الثالث والثلاثون :
لقائل أن يقول لم كان الغط ثلاثا ولم يكن أقل ولا أكثر والجواب عنه من وجهين .
الأول : أن البشرية فيها عوالم مختلفة فمنها العقل وموافقه وهو الملك ومنها النفس والطبع والشيطان
وموافقهم وهو الهوى والغفلة والعادة الذمومة وهى أشدها لقول الأمم الماضية( انا وجدنا اباءنا على امة) فلم
يجدوا حجة إلا بالعادة الجارية فيهم وفى ابا ئهم . وقد قالت الأطباء إن العادة طبع خامس فكانت الثلاث غطات
مذهبة لتك الخصال الثلاث وموافقيها وبقى العقل والملك الذين هما قابلان للحق والنور وان كان النبى
صلى الله عليه وسلم قد خلقت ذاته المكرمة على الطهارة ابتداء ونزعت من قلبه علقة الشيطان
وأعين على شيطانه حتى أسلم
وجبل على كل خير ومكرمة لكن هذه الثلاث غطات مقابلة لتك الثلاث أن لو كانت هناك لأنها من أصاف
البشرية وهو المشروع عليه السلام ومثل ذلك قوله عز وجل ( وثيابك فطهر ) وثيابه عليه السلام كانت
طاهرة على كل التأويلات لكن هذا متقضى الحكمة فى تكليف البشرية وترقيها وهو علية السلام الأصل
لكل خير والمشروع له فعومل على تقتضيه البشرية لهذا المعنى . الثانى أن الإيمان على ثلاث مراتب
إيمان وإسلام وإحسان . فكانت الثلاثة غطات مبالغة فى التخلي كل درجة فى التخلي مقابلها درجة فى
التحلى حتى كمل أعلا الإيمان وهو الإحسان لأن من ضرورات الأنبياء عليهم السلام أن يكون إيمانهم
أقوى من إيمان أتباعهم لأن مقامهم أجل وأرفع
الوجه الرابع والثلاثون : فيه دليل على أن التخلى على ضربين مكتسب وفيض من الله سبحانه فالمكتسب
مثل ما تقدم عن النبى صلى الله عليه وسلم من الخلو ة فى الغار والتحنث فيه والفيض هو ما نحن بسبيله
من الغط والضم . فقد يكون من السالكين من تخليه بالكسب لاغير وقد يكون تخليه بالفيض لاغير مثل
إبراهيم بن أدهم والفضل بن عياض وغيرهما وقد يجمع لبعضهم بين الحالتين فيكسب ويفاض عليه كما
فعل للنبى صلى الله عليه وسلم وكثر ماهم وهو فضل الله يؤتيه من يشاء
الوجه الخامس والثلاثون : قول جبريل عليه السلام للنبى صلى الله عليه وسلم ((اقرأ باسم ربك))
يريد اذكر اسم ربك . وفيه دليل على أن الإنسان إنما يخاطب أولا بما يعرف أنه يصل إلى فهمه بسرعة
من غير مشقة ولا بحث يحتاج إليه لأن الله عزوجل قد أحال نبيه عليه السلام أولا على أن ينظر فى
خلق نفسه بقوله عز وجل (( الذى خلق (1)خلق الإنسان من علق )) ولم يقل له الذى خلق السموات والأرض
الأفلاك وغير ذلك وأنما قال له عزوجل ذلك بعد ما تقرر له خلق السموات والأرض والأفلاك وغير ذلك .
الوجه السادس والثلاثون : فيه دليل على أن الفكرة أفضل الأعمال لأن فى ضمن قوله تعالى
((الذى خلق(1) خلق الإنسان من علق ))
ما يستدعى الفكرة فيما قيل حتى يحصل للمخاطب بذلك علم قطعى وإيمان صادق . وليس الإيمان به والتصديق بعد الفكرة كالإيمان به بديهة ولهذا المعنى إشار عليه السلام بقوله :" تفكر ساعة خير من عبادة سنة ". وفى رواية "خير من عبادة الدهر"لأن المرء إذا تفكر يقوى الإيمان . ولهذا المعنى قال بعض الفضلاء أنا أوصيك بأن تديم النظر فى مرآة الفكرة مع الخلوة فهناك يبين لك الحق.

الوجه السابع والثلاثون: فيه دليل على أن المتفكرفى عظمة الله وجلاله ينبغى أن يتفكرعقب ذلك فى عفو الله وكرمه واحسانه لأن قوله عزوجل خلق الانسان من علق معناه تقدم وهو إستدعاء الفكرة فيما نص الله عليه
وذلك يقتضى العظمة والإجلال ثم قال عزوجل بعد ذلك{اقرأ وربك الأكرم}وهذا الاسم يتضمن معانى الأ سماء
كلها الموجبة للطف والإحسان نسأل الله بمنه أن يعاملنا بمقتضى متضمنه. والحكمة فى منع التفكيرفى عظمة الله
دون ما يضادها أن المتفكر فى إذا تفكرفيها وحدها قد يخاف عليه أن يذهب به الخوف إلى بحر التلف. وهوالقنط فإذا أعقبه بالتفكرفى مقتضى الرحمة والإحسان أمن من ذلك
الوجه الثامن والثلاثون: فيه دليل على أن من أصابه أمر فله أن يتداوى بحسب ما إعتاد مالم يكن فيه حرام لأن النبى صلى الله عليه وسلم لما أن أصابه الرعب رجع إلى ما اعتاد من التدثير يقول{زملونى زملونى}وقد قال عيله السلام:" تدواى كل نفس بما اعتادت"
الوجه التاسع والثلاثون: قولها{فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده}رجع بها بمعنى حفظها.
فظهرت هنا ابتداء فوائد الغط لسرعة الحفظ لما ألقى إليه والرجف كناية بأن ما لحقه عليه السلام من الخوف والوجل والفؤاد كناية عن باطن القلب لأن الخوف والفرح فيه.
الوجه الأربـعـون: قولها{فأخبرها الخير}فيه دليل على أن الإختصارفى الكلام هو المطلوب وأنه هو الأولى لأنها ذكرت خبره مع الملك فأعادت الضميرعليه ولم تحتج إلى إطالة الكلام بإعادةالضمير عليه ولم تحتج إلى إطالة الكلام بإعادة ذكر الملك ثانية وهو من فصيح كلام العرب
الوجه الحادى والأربعون: قوله عليه السلام{لقد خشيت على نفسى}خشيته عليه السلام هنا تحتمل وجهين. أحدهما
أن تكون خشيته من الوعك الذى أصابه من قبل الملك. فخشى أن يقيم بالمرض من أجل ذلك. الثانى أن تكون
خشيته عليه السلام من الكهانة وهوالأظهر لأنه عليه السلام كان يبغض الكهنة وأفعالهم فلما جاءه الملك ولم
يصرح له بعد بأنه نبى أو رسول لأنه قال له اقرأ وتلا عليه الآية وليس فى ذلك ما يدل على أنه نبى أو رسول خشى عليه السلام إذ ذاك أن يصيبه من الكهانه سئ لأنها كانت فى زمانه كثيرة وهذا منه عليه السلام كثرة مبالغة فى الأجتهاد وتمحيص فى الأفعال لأنه قد صح أن الحجر كان يخاطبه قبل ذلك ويشهد له بالرسالة والمدر و الشجر كذلك وقد أخبره بعض الرهبان بذلك لكن بعد هذا كله لما أن أصابه عليه السلام هذا الأمر وهو محتمل لوجهين أحدهما ضعيف و الآخر قوى بتلك الأدلة التى ظهرت له قبل لم يترك الوجه المحتمل و إن كان ضعيفا حتى تحقق بطلانه بيقين وبه يستدل التصوفة فى الواقع إذا كان ضعيفا حتى تحقق بطلانه بيقين وبه يستدل المتصوفه فى الواقع إذا وقع لهم محتملا لوجهين أو وجوه وأحدهما يخالف منه و الوجه اآخر من المبشرات أنهم يبحثون على الشئ الذى يخافون منه و أن كان ضعيفا بالنسبة إلى غيه يشهد لما قررناه من أن النبى صلى الله عليه وسلم كانت خشيته من الكهانة جواب خديجة غليه وكيف رفعته إلى ورقة كانت خشيته عليه السلام من المرضى لما كان جواب خديخة إليه بتلك الألفاظ ولما أحتاج أن يبث خبره عليه السلام لورقة.
الوجه الثاني والأربعون : قول خديجة له عليه السلام ( كلا والله ما يخزيك الله أبداً إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقرى الضيف وتعين على نوائب الحق) فيه دليل على أن من طبع على أفعال الخير لا يصيبه مكروه . وهذا إذا كان طبعاً وأما من لم يكن له ذلك طبعاً وكان يستعملها فيرجى له مادام يفعلها أن لا يصيبه مكروه ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أن طبع على تلك الأوصاف الحميدة حكم له بأنه لا يصيبه مكروه للعادة التي أجراها الله تعالى لمن كان ذلك حاله. وقد قال عليه السلام :" مصانع المعروف تقي مصارع السوء".
الوجه الثالث والأربعون : فيه دليل على جواز الحكم بالعادة لكن ذلك بشرط يشترط ثم فيها وهو أن لا يقع بذلك خلل فى الأمر والنهى لأن خديجة رضي الله عنها حكمت بما أجرى الله من عادته فيما أدعته ولم يعارض ذلك شيء مما ذكرناه
الوجه الرابع والأربعون : فيه دليل على أن للمرء أن يحلف على عادة أجراها الله عز وجل لعباده لأن خديجة رضي الله عنها حلفت على ما تقدم ذكره
الوجه الخامس والأربعون : فيه دليل على أن المرء إذا أصابه أمر مهم فله أن يحدث بذلك أهله ومن يعتقده من أصحابه إذا كانوا ذوى دين ونظراً لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أن وقع له ما وقع حدث به خديجة رضي الله عنها وهى في الدين والنظر السديد والعقل الرشيد بحيث لا يخفى.
الوجه السادس والأربعون : فيه دليل على أن من إدعي شيئاً فعليه أن يأتي بالدليل على صدق دعواه وإن كانت تشهد له أدلة على مقالته وله ما يستدل به زائداً على تلك الأدلة فليأت به أولا ليقوى ما إدعاه إن كان صادقاً فى نفسه مصدقاً عند غيره لأن خديجة رضى الله عنها كانت فى الصدق والتحري حيث كانت وكان النبي صلى الله عليه وسلم في تصديقها حيث كان على ما تقرر من أحوالهم وعلم ولكن بعد ذلك كله لما أنى قالت للنبي صلى الله عليه وسلم ما يخزيك الله أبداً لم تقتصر على ما أدعته حتى أتت له بالأدلة التي هي سبب ما أبرت به منى محامده عليه السلام ومآثره ثم لم تقنعها تلك الأدلة حتى ذهبت معه إلى ورقة نصرة لدعوتها حتى أثبت ما أدعته بغير شك ولا إحتمال
الوجه السابع والأربعون : فيه دليل على أن المرء إذا وقع له واقع أن يسأل عنه أهل العلم والنهى لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أن وقع له ما وقع ذهب إلى ورقة الذي هو أعلم أهل زمانه وأفضلهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
الوجه الثامن والأربعون : فيه دليل على جواز خروج المرآة مع زوجها لأن النبي صلى الله عليه وسلم خرج مع خديجة رضى الله عنها إلى ورقة وقد روى عنه عليه السلام أنه خرج مع عياله بليل بعد الرساله فلقيه بعض الصحابة فقال لهم إنها صفية لكن ذلك بشرط يشترط وهو أن يكون فيما أباحته الشريعة على ما تقتضيه الشريعة من الستر وغير ذلك.
الوجه التاسع والأربعون : فيه دليل على أن من وصف امرءاً فلا يزيد على ما فيه من الصفات الحميدة شيئاً لأن خديجة رضى الله عنها أخبرت عن ورقة بما كان فيه من المحامد ولم تزد عليها.
الوجه الاخسون : فيه دليل على أن أهل الفضل والسؤدد إذا استشاروا امرءا فى شىء أن يبادر المستشار فى عونهم ومشاركتهم لأن خديجة رضى الله عنها بادرت إلى الخروج مع النبى صلى الله عليه وسلم حين استشارها من غير أن تقول له امض إلى فلان.
الوجه الحادى والخمسون : فيه دليل على أن المرء إذا عرضت له حاجة عند أهل الفضل فالسنة فيه أن يقدم إليهم من يدل عليهم إن وجد ذلك لأن النبى صلى الله عليه وسلم لم يمض وحده لورقة وإنما مضى مع خديجة رضى الله عنها التى هى من قرابة ورقة
الوجه الثانى والخمسون: فيه دليل على أنه ينبغى لمن كان صغيراً بين أهل الفضل أن يتحرز فى كلامه بينهم ويعطى لكل واحد منهم مرتبته ومنزلته لأن خديجة رضى الله عنها قالت لورقة ( اسمع من ابن أخيك) تحرزاً منها على منزلة النبى صلى الله عليه وسلم لئلا يخل بمنصبه . لأن العرب تقول لمن فوقها أب ولمن هو مثلها أخ ولمن هو دونها ابن فاستعملت هى ابن الأخ لأنه أعز للنبى صلى الله عليه وسلم فإنها لو قالت ابن لكان يقتضى ترفيع المسمى بالأب على المسمى بالأبن . لأن البنوة أخفض رتبة من منصب الأبوة ولو قالت أخ لم يكن ذلك حقا ، لأن الأخوة تقتضي المماثلة في السن على عادة العرب فأعطت كل ذي حق حقه وتحرزت في لفظها لأن العرب كانت عادتهم في الخطاب لمن يكرم عليهم وهو صغير السن ينادونه يا ابن الأخ لأن العم له حق على ابن أخيه مثل أبنه .
الوجه الثالث والخمسون : فيه دليل على التقدم في الكلام عن أهل الفضل نيابة عنه وترفيعا لهم لأن خديجة رضي الله عنها بادرت بالكلام لورقة قبل النبي صلي الله عليه وسلم خدمة له وتكريما .
الوجه الرابع والخمسون : فيه دليل على أن الواقع إذا وقع لإمرئ فهو أولي أن يحدث به للعالم من غيره لأن خديجة رضي الله عنها قالت لورقة اسمع من ابن أخيك وقد كان النبي صلي الله عليه وسلم حدثها بالواقع فلم تحدث به وأحالت على صاحب القضية .
الوجه الخامس والخمسون : قول ورقة ( هذا الناموس الذي نزل الله على موسي ) الناموس عند العرب هو جاسوس الخير أي صاحب سر الخير . والجاسوس بضده أي صاحب سر الشر . وفي هذا دليل للوجه الذي قدمناه وهو الحكم بالعادة التي أجراها الله عز وجل لعبادة وأن يحلف عليها لأن ورقة ما أخبر بأن الآتي هو الملك لما أن ذكرت له الصفات والعلامات إلا لما يعهد من عادة الله عز وجل أن لا يرسله إلا للنبيين والمرسلين .
الوجه السادس والخمسون : فيه دليل على أن الإنسان يتمنى الخير لنفسه لأن ورقة تمني أن يكون جذعا في زمان إرسال النبي صلى الله عليه وسلم فينصره والجذع عند العرب هو الشاب وقد أختلف العلماء في إيمان ورقة . فمن قائل يقول لم يحصل له الإيمان وهو الأظهر لأنه تمني أن ينصر النبي صلى الله عليه وسلم ومن جملة النصرة أن يكون على طريقته وقد حصل له الإقرار بالرسالة حيث قال هذا الناموس الذي نزل الله على موسي فأقر أن الله عز وجل موجود وأنه هو الذي يرسل جبريل عليه السلام إلي أنبيائه عليهم السلام . وهذا هو الذي يمكنه في ذلك الوقت لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن أرسل بعد .
الوجه السابع والخمسون : فيه دليل على أن العالم بالشيء يعرف مآله على جري العادة فله أن يحكم بالمآل إذا رأي المبادئ لأن ورقة لما أن علم أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل إليه علم أنه لا بد له من يخرج فبصدق المبادئ علم حقيقة التناهي . لأن تلك عادة أجراها الله عز وجل لم تختلف في أحد من رسله على ما ذكر وفي هذا دليل لما قدمناه من الحكم بالعادة على الشرط ذكرناه .
الوجه الثامن والخمسون : قوله عليه السلام (أو مخرجي هم ) تعجبا منه عليه السلام لكونه من أشرفهم وأفضلهم وهم يحترمونه ويعترفون له بالفضل والسؤدد حتى أن أسمه عندهم كان الصادق الأمين . ثم مع ذلك إذا جاءهم بالحق والنور يرجونه فوقع منه عليه السلام التعجب على ما يقتضيه العقل والنظر والقياس وهو أن من كان رفيعا وأني بزيادة في الترقيع و الحرمة ولم يكن عليه السلام ليعلم العادة المستمرة وهو أن كل من أتي للنفوس بغير ما تحب وما تألف وإن كان ممن تحب وتعتقد تعافه وتطردة . وقد قال عز وجل حكاية عنهم : ( فانهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ) .
الوجه التاسع والخمسون : فيه دليل على أن التجربة تحدث علما زائدا على العلوم لا يلحق بالعقل ولا بالنظر ولا بالقياس لأن النبي صلي الله عليه وسلم اقتضي نظره ما قدمناه لكونه أطرد الحكم وقاس عليه الوجه الذي أبديناه . وورقة أخبر بما جرت به العادة وأفادته التجربة ولذلك قال له ( لم يأت أحد بمثل ما جئت به إلا عودي ) موافقة منه للنبي صلى الله عليه وسلم على مقتضي العقل والنظر والقياس وبيانا للحكم بما جرت به العادة وأفادته التجربة ولأجل هذا المعني أوصي لقمان أبنه بذلك فقال له : يا بني عليك بذوي التجارب .
الوجه الستون : قولها "ثم لم ينشب ورقة أن توفى "تريد أن ورقة لم تطل حياته لقت الرسالة بل أخترمته المنية قبلها.
الوجه الحاى و الستون: ( وفتر الوحي ) تريد أن الوحي أبطأ بعد هذه المرة والحكمة في إبطائه هو أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حصلت له روعة أولا عند نزول الملك عليه على ما تقدم فكان الإبطاء بعد ذلك لكي يتهدن عليه السلام من روعته وتبقي نفسه المكرمة متشوقة لمثله كما روي عنه عليه السلام حين أبطأ الوحي عنه كثر أشتياقه إلي عودة حتى لقد كان يروم أن يلقي بنفسه من شواهق الجبال.
الوجه الثاني والستون : قـوله عليه السلام ( فرفعت بصري فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض ) هذا إظهار قدرة من قدرة الله عز وجل إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون .فكما جعل الله عز وجل الأرض لبني آدم يتصرفون فيها كيف شاءوا فكذلك جعل الهواء للملائكة يتصرفون فيه كيف شاءوا فالذي أمسك الأرض لمن يمشي عليها هو الماسك للهواء ومن يمشي عليه ليس في قدرته علة لمعلول لكن ذلك مغطي عن الأبصار وإنما أري ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم تربية له وترقيا ليتقوي الأيمان واليقين فيرجع له علم اليقين عين اليقين . وبذلك جرت العادة للمباركين أصحاب الميراث إذا رأوا منها شيئا قوي إيمانهم وزاد يقينهم وكان ذلك تربية لهم وترقيا في مقامات الولاية .
الوجه الثالث والستون : قوله عز وجل ( يا أيها المدثر ) إنما سماه عز وجل من جهة الإيناس له و اللطيف به لأن عادة العرب لا تسمي الإنسان بحالته التي هو فيها إلا من جهة الإيناس واللطيف ومنه قوله عليه السلام لعلي رضي الله عنه (قم أبا تراب ) لأنه كان في وقته ذلك مضطجعا على الأرض فسماه بذلك من جهة اللطف والإيناس .
الوجه الرابع والستون : فيه دليل على أنه عليه السلام أمر بالإنذار حين نزول الوحي عليه من غير تراخ في ذلك ولا بطء لأنه أتي بالفاء في قوله فأنذر وذلك يفيد التعقيب والتسبيب .
الوجه الخامس والستون : لقائل أن يقول النبي صلى الله عليه وسلم قد أرسل بشيرا ونذيرا فلم أمر في هذه الآية بالإنذار دون البشارة . والجواب :أنه إنما أمر بالإنذار أولا لأن البشارة لا تكون إلا لمن دخل في الإسلام ولم يكن إذ ذاك من دخل فيه . وفيه دليل لما قدمناه من أن خشية النبي صلي الله عليه وسلم كانت من الكهانة لأنه طالما بقي له عليه السلام الإحتمال الذي ذكرناه بقي على خشيته ورغبته فلما أن صرح له بالرسالة وأمر بالإنذار زال عنه فقام عليه السلام من حينه مسرعا للأمر ليس به بأس .
الوجه السادس والستون : قوله عز وجل ( وثيابك فطهر ) قد اختلف العلماء في معناها فمن قائل يقول إن المراد به القلب ومن قائل يقول المراد به الثياب التي تلبس وهذا هو الأظهر والله أعلم لأنه قال بعد ذلك ( والرجز فاهجر ) ومعناه طهر قلبك من الرجز.والرجز هو الأصنام وغير ذلك مما كانت العرب تعبده فإذا حملنا قوله عزوجل (وثيابك فطهر)على القب فيكون التطهير يعود على القلب مرتين وليس من الفصيح فإن قال قائل يكون بمعنى قيل له القاعدة فى ألفاظ الكتاب و الحديث أنه متى أمكن حملها على كثيرة الفوائد كان أولى من الأقتصار على بعضها ولا يقتصر على بعض الفوائد التى يدل عليها اللفظ ويترك بعضها إلا لمعارض لها وههنا ليس لنا معارض فى الحمل على الفائدتين المتقدمتين بيان ذلك أن هذا الخطاب كله ظاهره للنبى صلى الله عليه وسلم و المراد أمته لأنه عليه السلام كان طاهر مطهرا خلق على ذلك وربى فيه وطبع ولكن يدخل عليه السلام فى الخطاب مع أمتهمن قبل أنه كان يفعله أولا على الندب أعنى ما أمر به الآن من التعبد ثم يصلى آخره على الوجوب إذا بلغ من يومه.
الوجه السابع والستون
قوله عزوجل (ولاتمنن تستكثر)قد اختلف العلماء فى معناه فمن قائل يقول :معناه لا تبطل صدقتك بالمن ومنه قوله عزوجل (لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى )ومن قائل معناه
لا تنن بكثيرة العمل فتكسل عن العبادة ومن قائل يقول معناه لا تعط الهدية لأت تثاب عليها وهذا كله جار على القاعدة التى قررناها وهو أن الخطاب للأمة وهو عليه السلام المتلقى للخطاب و العموم يشمل الكل على ما بيناه.

الوجه الثامن والستون : فيه دليل لأهل الصوفة في قولهم بإستحباب العمل وترك الإلتفات ودوام الإقبال والحضور لأن النظر إلي كثرة العمل يحدث الكسل كما تقدم فكيف به إذا كان النظر لغير العمل ومن قولهم الوقت سيف يريدون به أقطع الوقت بالعمل لئلا يقطعك بالتسويف ولأن الإلتفات بالحظوظ وكثرة العمل وغير ذلك هلاك والسالك إذا إلتفت إلي الهلاك كان هالكا .
الوجه التاسع والستون : قوله عز وجل ( ولربك فأصبر ) معنا أصبر على عبادة ربك ومنه قوله عز وجل ( وأعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) لأن الشأن في العبادة الدوام والصبر عليها ولهذا المعنى كان عليه السلام إذا عمل عملا أثبه وواظب عليه .
الوجه السبعون : قد أختلف العلماء في هاتين الآيتين أيتهما أنزلت قبل صاحبتها بعد اتفاقهم على أنهم أول ما نزل من القرآن أعني آية المدثر و آية أقراء فمن قائل يقول آية الدثر فمن قائل يقول آية أقراء وكلهما والله أعلم حق لأنه يمكن الجمع بينهما بأن يقال أول ما نزل من التنز يل آية اقرأ وأول ما نزل من الأمر بالإنذار فى التنزيل فى التنزيل آية المدثر ومثله قوله علية السلام 0( أول ما يحاسب به العبد الصلاة) وقو له علية السلام 0 (أول ما يقض فيه الدماء )
وهذان ايضا حديثان متعارضان ويمكن الجمع بينهما على ما قرر ناه فى الجمع بين الآيتين وهو أن يقال أول ما يحا سب به العبد من الفرائض البد نية الصلاة وأول ما يحكم فيه فى المظالم التى بين العباد في الدماء فصح الجمع بين الآيتين والحديثين بهذا الذي ذكرناه والله أعلم .
الوجه الحادي والسبعون : قولها( فحمي الوحي وتتابع ) تريد أنه كثر وجوده بعد نزول هذه الآية ولم ينقطع والقائل أن يقول لم عبرت عن تتبع نزول الوحي بهذا اللفظ لم تعبر بغيره والجواب أنه إنما عبرت بذلك تتميما منها للتمثيل الذي مثلت به أولا وهو كونها جعلت المرائي التي قبل الرسالة من الرسالة وهي منها على ما تقدم فنسبتة المرائي إلي الرسالة كنسبة إنصداع الفجر مع طلوع الشمس كما تقدم أول الحديث لأن الحق إذا بدا يزيد ولا ينقص وكذلك انتشارها وكثرة ظهور نورها أعني الرسالة كتمكن الشمس في إرتفاعها وظهور نورها وكثرة حرها لأن ضوء الشمس لا يشتد ويتمكن إلا مع قوة حرها عند الاستوائها. ولذلك قالت فحما الوحي وتتابع أي حمي وتتابع على مقتضي تلك الزيادة ولا ينقص لأنها شبهت بالشمس والشمس إذا استوت في كبد السماء أخذت في الفئ وقل حرها والحر هنا عبارة عما تضمنه التنزيل من النور والهدي فتحرزت بقولها تتابع لئلا تمثل بالشمس من كل الجهات لأن الشمس يلحقها الأفول والكسوف وما أشبه ذلك فأفاد لفظها أن النور والكمال والتوالي و البيان والمنافع بقي على الحال الذي بدأت وشبهت به لم يلحقه نقص بعد ذلك وفي هذا المعني دليل لأهل الصوفية حيث يقولون شمس كل مقام بحسب حاله ولأن شمس النبي صلى الله عليه وسلم نزول القرآن عليه ثم كذلك بتلك النسبة في الوارثين فشمس المريد علمه وشمس الصديق معرفته ولكل مقام شمسه بحسب حاله فحذر من رياح طبعك أن تثير سحائب شهوتك وتغطي على شمس حالك فتوجب زلة قدمك فتدخل في ضمن قوله عليه السلام ( لا يختلس الخلسة حين يختلسها وهو مؤمن ) أي كامل الإيمان لأن تغطية نور الإيمان نقص فيه أعاذنا الله من نقصه وأدام لنا كماله حتى يقبضنا به إليه بمنه .

وصلى الله على سيدنا محمد وسلم



أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين مارس 26, 2007 4:59 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يونيو 19, 2006 6:59 pm
مشاركات: 143
مكان: هنانتغا
الحديث الثانى


حلاوة الإيمان

قال الشيخ أبو محمد عبد الله ابن أبي جمرة الأندلسي رحمه الله في كتاب ( بهجة النفوس: 1 / 25 - 28 ):"

عن أنسٍ أن النبيَّ قال: { ثلاثٌ مَن كُنَّ فيه وجَدَ حلاوة الإيمان: أن يكون ورسُولُهُ أحبَّ إليه ممَّا سِواهما، وأن يُحِبَّ المرءَ لا يُحِبُّه إلا لله تعالى، وأنْ يكرَه أن يعودَ في الكُفرِ كما يكرَهُ أن يُقذَفَ في النّار }.

ظاهر هذا الحديث: يدلّ على أنّ الإيمان على قسمين: بحلاوة، وبغير حلاوة، ومنه قوله : { الإيمان إيمانان: إيمان لا يدخل صاحبه النار، وإيمان لا يخلد صاحبه في النار }، فالإيمان الذي لا يدخل صاحبه النار: هو ما كان بالحلاوة، والإيمان الذي لا يخلد صاحبه في النار: هو ما كان بغير حلاوة.

والكلام عليه من وجوه:

الوجه الأول: " الحلاوة " المذكورة، هل هي محسوسة أو معنويّة؟ قد اختلف العلماءُ في ذلك:

فحملها قوم على المعنى ( وهم الفقهاء ).

وحملها قوم على المحسوس وأبقوا اللفظ على ظاهره من غير أن يتأوّلوه ( وهم أهلُ الصُّفَّة )، والصَّوابُ معهم في ذلك والله أعلم؛ لأنَّ ما ذهبوا إليه أبقوا به لفظ الحديث على ظاهره من غير تأويل، وهو أحسَن من التأويل ما لم يعارض لظاهر اللفظ معارض.

ويشهد لما ذهبوا إليه: أحوال الصحابة والسّلف الصالح وأهل المعاملات؛ لأنَّه قد حُكِيَ عنهم أنهم وجدوا الحلاوة محسوسة:

فمِن جملة ما حُكي في ذلك: حديث بلال حين صُنِع به ما صُنع في الرَّمضاء إكراهاً على الكفر وهو يقول:" أحدٌ أحدٌ " فمزج مرارةَ العذاب بحلاوة الإيمان، وكذلك أيضاً عند موته: أهله يقولون " واكرباه "، وهو يقول:" واطَرَباه ..

غداً ألقى الأحِبَّة محمـداً وحِزبَه

فمزج مرارة الموت بحلاوة اللقاء ( وهي حلاوة الإيمان ).

ومنها: حديث الصحابي الذي سرق فرسه بليل وهو في الصلاة فرأى السارق حين أخذه فلم يقطع لذلك صلاته فقيل له في ذلك فقال:" ما كنت فيه أكبر من ذلك "، ولا ذاك إلا للحلاوة التي وجدها محسوسة في وقته ذلك.

ومنها: حديث الصحابيين اللذين جعلهما النبي في بعض مغازيه ليلةً يحرسان جيش المسلمين فنام أحدُهما وقام الآخر يصلي فإذا الجاسوس من قِبل العدو قد أقبل فرآهما فكبدَ الجاسوسُ القَوسَ ورمى الصحابي فأصابه فبقي في صلاته ولم يقطعها، ثم رماه ثانية فأصابه فلم يقطع لذلك صلاته، ثم رماه ثالثة فأصابه فعند ذلك أيقظ صاحبه وقال " لولا أنّي خفت على المسلمين ما قطعت صلاتي "، وما ذاك إلا لشدة ما وجد فيها من الحلاوة حتى أذهبت عنه ما يجده من ألَمِ السِّهام.

ومثل هذا ما حُكي عن كثير من أهل المعاملات يطول الكلام عليه وفيما ذكرناه كفاية.

الوجه الثاني: قوله : { أن يكون ورسُولُهُ أحبَّ إليه ممَّا سِواهما، وأن يُحِبَّ المرءَ لا يُحِبُّه إلا لله تعالى، وأنْ يكرَه أن يعودَ في الكُفرِ كما يكرَهُ أن يُقذَفَ في النّار } هذه الثلاثة الألفاظ ترجع إلى اللفظ الأول منها: وهو " أن يكون الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما "؛ لأن من ضرورو المحبَّة لله ولرسوله أن يدخل من ذكر بعد في ضِمنه، لكن فائدة أخباره بتينك الحالتين اللتين ذكرتا بعد ذلك اللفظ يريد به:

أن مَن ادّعى حبّ الله وحب رسوله فليختبر نفسَه في حبِّ المرء لماذا يحبّه؟ وفي الإكراه على الكفر كيف يجد نفسه إن ابتلي بذلك؟ لأنه قد يسبق للنفوس دعاء بحب الله وحبّ رسوله ، فجعلَ هاتين العلامتين تفرق بين الدَّعوى والحقيقة. ومثل هذا: قوله عز وجل: { وعلى فتوكلوا إن كنتم مؤمنين }؛ لأن حقيقة الإيمان: أن يتوكل صاحبه في كل أموره على ربّه ويعتمد عليه، وإن كان بغير ذلك فإنما هو دعوى. وكذلك من ادّعى حب الله وحب رسوله ثم لم يصدق في تينك العلامتين المذكورتين فحبه دعوى لا حقيقة.

الوجه الثالث: يرد على الحديث سؤال وهو أن يقال: لم عبّرَ عن تناهي الإيمان بالحلاوة ولم يعبر عنه بغيره؟!

والجواب: أنه إنما عبَّر بالحلاوة لأنّ الله قد شبَّه الإيمانَ بالشَّجرة في كتابه حيث قال: { ومَثَل كلمة طيبةٍ كشجرةٍ طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حينٍ بإذن ربها }، والكلمة الطيبة: هي كلمة الإخلاص، وهي أسّ الدين وبها قوامه.

فكلمة الإخلاص في الإيمان كأصل الشجرة لا بد منه أولاً، وأغصان الشجرة في الإيمان عبارة عما تضمّنته كلمة الإخلاص من اتباع الأمر واجتناب النهي، والزَّهر في الشجرة هو في الإيمان عبارة عما يحدث للمؤمن في باطنه من أفعال البِرّ؛ لما رُوي عنه : { أن من همّ بحسنة خرجت على فيه رائحة عطرة، فيشمها الملك فيكتب له حَسَنة }، والزهر في الشجرة كذلك له رائحة عطرة، وما ينبت في الشجرة من الثمر هو في الإيمان عبارة عن أفعال الطاعات، وحلاوة الإيمان في الشجرة هي في الإيمان عبارة عن كماله، وعلامة كماله ما ذكره في الحديث؛ لأن غاية فائدة الثمر تناهي حلاوة ثمرها وكماله، ولهذا قال تعالى: { تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها } وأكلها على أحد الأقاويل دائم. فثمرة المؤمن لا تزال أبداً بين زهر وإبار وبدء صلاح وتناهي طيب، فلم تزل معطرة مثمرة يانعة دائمة، ولهذا فضلت شجرة الإيمان على غيرها؛ لأن الشجرة عدا شجرة الإيمان يأتي فيها كل شيء فريد ثم يذهب عنها كل ذلك في بعض السنة، فالزهر فريد والإبار فريدة وبدء الصلاح فريد وتناهي الطيب فريد، والمؤمن لا يزال ثمرة إيمانه بمجموع ذلك كله رائقة عطرة، ولهذا المعنى قال : { نيَّة المؤمن أبلغ من عمله }، قال العلماء: معناه أن المؤمن في عمله ونيَّته عند فراغه لعمل ثان، فالزهر هو النيّة، والثمر هو العمل الصالح، وبدو الصلاح هو اتباع السنة في العمل؛ لقوله : { إن لا يقبل عمل امرئٍ حتى يُتقنه }، قالوا: يا رسول ، وما إتقانه؟ قال: { يخلصه من الرياء والبِدعة }، فترك السنة في العمل عاهة فيه تمنع من بدوّ صلاحه، فإذا لم يبد صلاحه فمن باب أولى أن لا يصل إلى تناهي الحلاوة.

ويرد على هذا بحث دقيق؛ لأن الثمرة إذا لم يبد صلاحها لا يجوز بيعها بمقتضى منع الشارع ذلك، والبيع في هذه الثمرة هو القبول؛ لقوله : { إن اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنّة } الآية، ولهذا المعنى أشار بقوله: { إن لا يقبل عمل امرئٍ حتى يُتقِنه }، فإذا لحقت العاهة فلا إتقان، فلا يكون قبول، وهذه هي دائرة بعض العوامّ لجهلهم بالسنة وإن كان بعضهم يدعي علوماً فإن كل علم يجهل صاحبه السنة داخل تحت قوله : { إن من العلم لجهلا }.

وتناهي الطيب إنما يكون للخواص، وكيفية تناهي الطيب في العمل: هو أن يعمل العمل حبا في الله وفي رسوله على ما جاء في الحديث، لا يريد غير ذلك فيكون عمله مشكوراً لقوله : { إنما نطعمكم لوجه .. } إلى قوله { وكان سعيكم مشكورا }، فلأجل هذه النسبة وهذا الاتحاد الذي بين الشجرة والإيمان عبَّر في الحديث بالحلاوة ولم يعبّر بغيرها، ليقع المثالُ في كل الحالات.

ومنه قوله : { الناس كشجر ذات جنا ويوشك أن يعود كشجر ذات شوك .. } الحديث، فشبّههم أيضاً بالشجر وهم كذلك لا شك فيه:

لأن من تقدم من السلف كان إيمانهم كاملاً بتتبعهم للأمر والنهي وحبِّهم لله ورسوله والنصيحة التي كانت بينهم حتى لقد كانوا إذا التقى بعضهم مع بعض يقولون " تعال نؤمن "، فكانت شجرة إيمانهم تناهت في الطيب والحلاوة.

وأما اليوم! فقد ذهب ذلك وظهر ما أخبر به لرجوعهم كشجر ذات شوك لعدم اتباعهم للأمر والنهي وترك النصيحة بينهم والغش الذي في صدورهم، فرجع موضع النصيحة غشا وموضع الامتثال مخالفة فلم يبق معهم من صفة الإيمان في غالب أحوالهم إلا النطق بالكلمة، وما عداها من الأفعال بضِدّ ما يقتضيه الإيمان، فبقي لهم الأصل وذهبت ثمرته التي هي الأعمال كما هي شجرة السّدر مع شجرة الثمر إذا أبدلت مكانها: فالأولى كانت تطعم الثمر وله حلاوة، والثانية تنبت الشوك.

هذا هو حال عامتهم اليوم اللهم إلا القليل النادر لقوله : { لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق إلى قيام الساعة لا يضيرهم من خالفهم }، فهذه الطائفة التي أخبر بها هي التي لم تزل ثمرة تطعم وتتناهى في الحلاوة كما كان السلف ، ولولاهم ما أمطرت السماءُ قطرة ولا أنبتت خضرة ولَوَقَع الهلاك بمن تقدّم ذكرهم، ولكنه يُمهلهم لمجاورتهم لأهل الإيمان المتحقّقين إكراماً لأوليائه وترفيعاً، جعلَنا الله من أوليائه بمَنِّه ويُمْنِه. "انتهى



أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 6 مشاركة ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 32 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط