حقيقة علم المعرفة :
علم المعرفة , هو العلم بالله تعالى , وهو نور من أنوار ذى الجلال , وخصلة من أشرف الخصال أكرم الله به قلوب العقلاء , فزينها بحسن جماله , وعظيم شأنه , وخص به أهل ولايته ومحبته وفضَّله على سائر العلوم , وأكثر الناس عن شرفه غافلون , وبلطائفه جاهلون , وعن عظيم خطره ساهون وعن غوامض معانيه لاهون , فلا يدركه إلا أرباب القلوب الموفقون .
وهذ العلم : أساس , بنيت عليه سائر العلوم , به ينال خير الدارين , وعز المنزلين . وبه يعرف العبد عيوب نفسه , ومنن ربه , وجلال ربوبيته , وكمال قدرته .
به يطير سر العبد بجناح المعرفه , فى سرادقات لطائف القدرة , ويجول حول منتهى العزة ويرتع فى روضات القدس , فلا تتم العلوم كلها دون امتزاج شىء منه بها , ولا تفسد الأعمال إلا بفقده ولم تسكن إليه إلاَّ قلوب نظر الله إليها : بالرأفة والرحمة , وأمطر عليها أمطار الفهم والبلاغة وطيبها برياحين اليقين والفطنة , وجعلها موضع العقل والفراسة , وطهرها من أدناس الجهالة والغفلة ونوَّرها بمصابيح العلم والحكمة , قال الله تعالى : { يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات } .
وكل عارف يخشى الله تعالى ويتقيه , على مقدار علمه بالله عز وجل , لقوله تعالى : { إنما يخشى الله من عباده العلماء } .
بنوره يعرف وساوس الشيطان , الدافعة إلى المعاصى والزلات , ويحذر به آفات الإرادات . قال الله تعالى : { أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه } . وقال تعالى : { ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور } .
وفى الخبر : إن من العلم كهيئة المكنون المخزون , لا يعرفها إلا أهل العلم بالله , ولا ينكرها إلا أهل الغِرَّة ( الغفلة ) .
وجاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال : أى الأعمال أفضل ؟ فقال _ صلى الله عليه وسلم _ العلم بالله .
|