(- الأَصْل الثَّالِث وَالثَّمَانُونَ
فِي التَّنْبِيه على أَن الْعقُوبَة من الله تَعَالَى تعم وَالرَّحْمَة للمطيع
عَن يُوسُف بن عَطِيَّة الصفار قَالَ سَمِعت ابْن سِيرِين وَسَأَلَهُ رجل فَقَالَ: يَا أَبَا بكر مَا تَقول فِي هَذَا الذَّر يَقع فِي طعامنا وشرابنا فنقتله؟ فَقَالَ حَدثنَا أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {أَن نَبيا من الْأَنْبِيَاء كَانَ فِي غزَاة لَهُ فَنزل تَحت شَجَرَة فلذعته نملة فأمر بِتِلْكَ الشَّجَرَة فأحرقت فَأوحى الله تَعَالَى إِلَيْهِ ألا نملة مَكَان نملة}.
كَانَ هَذَا النَّبِي قد حاور ربه فِي شَأْن الْخلق وَرُوِيَ أَن ذَلِك كَانَ مُوسَى بن عمرَان فَقَالَ: "يارب تعذب أهل قَرْيَة بمعاصيهم وَفِيهِمْ الْمُطِيع". فَكَأَنَّهُ أحب أَن يرِيه ذَلِك من عِنْده فَسلط عَلَيْهِ الْحر حَتَّى التجأ الى ظلّ شَجَرَة مستروحا وَعِنْدهَا بَيت النَّمْل، فغلبه النّوم فَلَمَّا وجد لَذَّة النّوم لذعته النملة فأضجرته، فدلكهن بقدمه وأحرق تِلْكَ الشَّجَرَة الَّتِي عِنْدهَا مساكنهم، فَأرَاهُ الله تَعَالَى الْعبْرَة فِي ذَلِك أنه إنما لذعتك نملة فكيف أصبت الباقين بعقوبتها. يريد أن ينبهه على ذلك أنَّك تحيرت فِي عَذَابي أهل قَرْيَة وَفِيهِمْ الْمُطِيع والعاصي وَإِنَّمَا أجرمت إِلَيْك نملة فَكيف قَتلتهمْ.
وَلَيْسَ فِي هَذَا حظر عَن قتل النَّمْل لِأَن كل مَا آذاك أُبِيح لَك قَتله أَلا ترى أَن الفأر والغراب وَالْكَلب والحية وَالْعَقْرَب قد أُبِيح للْمحرمِ قَتلهَا، وَكَذَلِكَ سَائِر الْهَوَام المؤذية إِلَّا إِن الْمُؤمن لَا يقتل هَذِه الْأَشْيَاء عَبَثا وَلكنه يَقْتُلهَا بِحَق إِذا كَانَ من تأذ أَو خوف وَلَيْسَ ذَاك بأعظم حُرْمَة من الْمُؤمن وَمَعَ ذَلِك يُبَاح دَفعه بِالْقَتْلِ ) اهـ .
نوادر الأصول 1|407-408
_________________ مددك يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم
الغوث يا سيدي رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم
الشفاعة يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم
|