العفة واثرها فى صلاح الفرد والمجتمع
1-معنى العفة لغةً واصطلاحا
معنى العفة لغةً: مصدر عفَّ يقال: عَفَّ عن الحرام يعِفُّ عِفَّةً وعَفًّا وعَفَافَةً أي: كفَّ، فهو عَفٌّ وعَفِيفٌ والمرأة عَفَّةٌ وعَفِيفَةٌ وأعَفَّهُ الله، واسْتَعَفَّ عن المسألة أي: عفَّ، وتَعَفَّفَ: تكلف العِفَّةَ. والعِفة الكَفُّ عما لا يَحِلُّ ويَجْمُل، والاسْتِعْفاف طلَبُ العَفافِ معنى العفة اصطلاحًا: وقال الجرجاني هي: (هيئة للقوة الشهوية متوسطة بين الفجور الذي هو إفراط هذه القوة، والخمود الذي هو تفريطها، فالعفيف من يباشر الأمور على وفق الشرع والمروءة) . وقال الجاحظ هي: (ضبط النفس عن الشهوات وقصرها على الاكتفاء بما يقيم أود الجسد، ويحفظ صحته فقط، واجتناب السَّرف في جميع الملذات وقصد الاعتدال) وقال الراغب الأصفهاني هي: (ضبط النفس عن الملاذ الحيوانية، وهي حالة متوسطة من إفراط وهو الشره وتفريط وهو جمود الشهوة)
2-العفة في القرآن الكريم:
1- آيات تحث على العفة عن الأجر أو السؤال للحاجة: قال - تعالى -: (للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضرباً في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافاً وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم) [سورة البقرة: 273]. وقال - تعالى -: (ومن كان غنياً فليستعفف ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف) [النساء: 6].
2- آيات العفة فيها عن شهوة النكاح أو أسبابه: قال - تعالى -: (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله) [النور: 33]. وقال - تعالى -: (والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم) [النور: 60]. وقال - تعالى -: (والذين هم لفروجهم حافظون. إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين. فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون) [المؤمنون: 6، 7]. وقال - عز وجل -: (والذين هم لفروجهم حافظون. إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين) [المعارج: 29، 39]. وكذلك الآيات الكريمات التي تحض على الحجاب فإنها تحض على العفة والطهارة وزكاة النفس وزكاة المجتمع كقوله - تعالى -: (وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن) [الأحزاب: 53]. وقوله - عز وجل -: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين) [الأحزاب: 59]. وقوله - تعالى -: (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) [النور: 31].
3-فضل العفة والاستعفاف في السنة المطهرة:
أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة ربه، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه)).
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن ناساً من الأنصار سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم حتى إذا نفذ ما عنده قال: ((ما يكن عندي من خير فلن أدخره عنكم ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله ومن يتصبر يصبره الله وما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر)).
وأخرج أحمد والنسائي والترمذي وابن ماجة بسند حسن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( ثلاثة حق على الله عونهم: الناكح الذي يريد العفاف، والمكاتب الذي يريد الأداء- أي العبد الذي يريد أن يحرر رقبته ببذل مقدار من المال يكاتب عليه سيده- والغازي في سبيل الله)).
وأخرج البخاري في صحيحه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة)).
وأخرج الإمام أحمد في مسنده بسند صحيح عن عبدالله بن عمرو - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أربع إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا: حفظ أمانة، وصدق حديث، وحسن خليقة، وعفة في طعمة))
وأخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( بروا آباءكم تبركم أبناءكم وعفوا تعف نساؤكم)).
وفي الحديث الصحيح أن هرقل ملك الروم سأل أبا سفيان بن حرب قائلاً له بما يأمركم هذا النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: " يأمرنا بالصلاة والصدقة والعفاف والوفاء بالعهد وأداء الأمانة".
وأخرج الترمذي في سننه بسند حسن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((عرض علي أول ثلاثة يدخلون الجنة: شهيد، وعفيف متعفف، وعبد أحسن عبادة الله ونصح لمواليه)).
وعن أبي ذرّ- رضي الله عنه- قال: ركب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حمارا وأردفني خلفه وقال: «يا أبا ذرّ، أرأيت إن أصاب النّاس جوع شديد لا تستطيع أن تقوم من فراشك إلى مسجدك، كيف تصنع؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: «تعفّف» . (أحمد وأبوداود وابن ماجة والحاكم)
وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ليس المسكين الّذي تردّه التّمرة والتّمرتان. ولا اللّقمة ولا اللّقمتان. إنّما المسكين الّذي يتعفّف. اقرؤا إن شئتم: يعني قوله تعالى: {لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً}.» (البخاري ومسلم)؛
4-ولقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار لتحليهم بخلق العفة؛
ولقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار لتحليهم بخلق العفة؛ فعن أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول: ” الْأَنْصَارُ أعِفَّةٌ صُبُرٌ ؛ وَإِنَّ النَّاسَ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الْأَمْرِ: مؤمنُهُم تَبَعُ مُؤمِنِهِمْ وفَاجِرُهُم تَبَعُ فاجِرِهِم”.(ابن حبان والطبراني والبيهقي)؛
وعن أبي طلحة الأنصاريّ- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أقرأ قومك السّلام فإنّهم ما علمت أعفّة صبر»(أحمد والترمذي وحسنه والحاكم وصححه ووافقه الذهبي).
5- ومن أروع الأمثلة في العفة عند الصحابة
عفة عبدالرحمن بن عوف مع سعد بن الربيع؛ ” فعن أنس، قال: قدم عبدالرحمن بن عوف فآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري، فعرض عليه أن يناصفه أهله وماله، فقال عبدالرحمن: بارك الله لك في أهلك ومالك، دلنى على السوق. فخرج إلى السوق وتاجر حتى أصبح من أغنى أغنياء المدينة؛ فقد ضرب لنا سعد بن الربيع أروع الأمثلة في الإيثار والمواساة؛ وضرب لنا عبدالرحمن بن عوف أروع الأمثلة في العفة؛ وهذا تصديق لقوله صلى الله عليه وسلم:” ومن يستعفف يعفّه الله، ومن يستغن يغنه الله.”(البخاري ومسلم) -
6-من انواع العفة وصورها
قال الإمام الماوردي - رحمه الله تعالى -: " العفة والنزاهة والصيانة من شروط المروءة والعفة نوعان: أحدهما العفة عن المحارم، والثاني العفة عن المآثم، فأما العفة عن المحارم فنوعان: أحدهما: ضبط الفرج عن الحرام، والثاني: كف اللسان عن الأعراض. وأما العفة عن المآثم فنوعان أيضاً: أحدهما: الكف عن المجاهرة بالظلم والثاني: زجر النفس عن الإسرار بخيانة"
7-آثار عن السلف الصالح في فضل العفة والاستعفاف:
قال لقمان الحكيم - رحمه الله -: " حقيقة الورع العفاف"، وقال محمد بن الحنفية - رحمه الله -: " الكمال في ثلاثة: العفة في الدين، والصبر على النوائب، وحسن التدبير في المعيشة"، وقال سفيان الثوري - رحمه الله- لأصحابه وقد خرجوا يوم عيد: " إن أول ما نبدأ به في يومنا عفة أبصارنا" (نضرة النعيم ج7، ص28 وما بعدها) وقال مالك بن دينار: " من غلب شهوات الدنيا فذلك الذي يفرق الشيطان من ظله"، وقال بعض العباد: " أشرف العلماء من هرب بدينه من الدنيا واستصعب قيادة على الهوى"، وقال يحيى بن معاذ الرازي: " من أرض الجوارح في اللذات فقد غرس لنفسه شجر الندامات"، وقال أبو علي الدقاق: " من ملك شهوته في حال شبيبته خيره الله ملكاً في حال كهولته كيوسف - عليه السلام- (إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين) [يوسف: 90]"، وقال أبو محمد الجريري: " من استولت عليه النفس صار أسيراً في حكم الشهوات محصوراً في سجن الهوى، وحرم الله على قلبه الفوائد، فلا يستلذ كلامه، ولا يستحليه، وإن كثر ترداده على لسانه".
8-من اقوال الشعراء عن العفة والعفاف وصدق إمامنا الشافعي حيث يقول:
عِفُّوا تعِفَّ نساؤكم في المحرمِ……… وتجنَّبُوا ما لا يليقُ بمسلمِ
إنَّ الزِّنا دَينٌ إذا أقرضته………..كان الوفا مِن أهلِ بيتِك فاعلمِ
يا هاتكًا حُرمَ الرجالِ وقاطعًا……..سُبلَ المودةِ عشتَ غيرَ مُكرَّمِ
لو كنتَ حرًّا مِن سُلالةِ ماجدٍ …….. ما كنتَ هتَّاكًا لحرمةِ مُسلمِ
من يزنِ يُزنَ به ولو بجدارِه……….. إن كنتَ يا هذا لبيبًا فافهمِ
9-وسائل تحقيق العفة
هناك وسائل عديدة توصلك إلى خلق العفة تتمثل فيما يلي:
1- تقوى الله في السر والعلانية: وتعلم أن الله مطلع عليك في كل حركاتك وسكناتك؛ قال تعالى:{يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر: 19] قال ابن عباس في تفسيره لهذه الآية:” هو الرجل يكون بين الرجال، فتمر بهم امرأة فينظر إليها، فإذا نظر إليه أصحابه غضَّ بصره.” (تفسير السمعاني) .
2- الدعاء بالعفاف وأن يصرف عنك السوء والفحشاء: فعن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول:” اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.”(مسلم)؛ وقال سبحانه وتعالى عن نبيه يوسف عليه السلام{ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }[يوسف: 33-34]، قال ابن تيمية: ” فلا بد من التقوى بفعل المأمور، والصبر على المقدور، كما فعل يوسف عليه السلام اتقى الله بالعفة عن الفاحشة، وصبر على أذاهم له بالمراودة والحبس، واستعان الله ودعاه حتى يثبته على العفة، فتوكل عليه أن يصرف عنه كيدهن، وصبر على الحبس.” (مجموع الفتاوى) .
3- تنشئة الأبناء على التربية الإسلامية: فالتربية الإسلامية من أهم الوسائل المعينة على العفة، والتي ينبغي فيها مراعاة غرس الفضيلة والعفة في الأبناء، والتربية على الالتزام بالأحكام الشرعية منذ نعومة أظفارهم.
4- الزواج: فالزواج المبكر من أقوى الوسائل المعينة للعفاف، قال صلى الله عليه وسلم: ” يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة ؛ فليتزوج فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء .” (البخاري ومسلم) .
5– سد الذرائع التي تؤدي إلى الفساد والتي تتمثل في:
– عدم الخلوة بالمرأة الأجنبية: فعن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إياكم والدخول على النساء فقال رجل : يا رسول الله أرأيت الحمو ؟ قال : ” الحمو الموت ” ( متفق عليه ) ، وقال: ” ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما.” (أحمد والطبراني وابن حبان والحاكم وصححه) . قال ابن تيمية: ” ولهذا حرمت الخلوة بالأجنبية؛ لأنها مظنة الفتنة؛ والأصل أن كل ما كان سببًا للفتنة فإنه لا يجوز؛ فإن الذريعة إلى الفساد يجب سدُّها إذا لم يعارضها مصلحة راجحة؛ ولهذا كان النظر الذي يفضي إلى الفتنة محرمًا إلا إذا كان لمصلحة راجحة مثل: نظر الخاطب، والطبيب، وغيرهما؛ فإنَّه يباح النظر للحاجة؛ لكن مع عدم الشهوة.” (مجموع الفتاوى) .
– عدم التبرج: قال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب:33].
– الاستئذان عند الدخول: وقد جعل الاستئذان من أجل البصر كما قال صلى الله عليه وسلم، وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} [النور: 27].
– غض البصر: قال تعالى: { قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} [النور: 30]. قال ابن القيم: ” فلما كان غض البصر أصلا لحفظ الفرج بدأ بذكره… وقد جعل الله سبحانه العين مرآة القلب فإذا غض العبد بصره غض القلب شهوته وإرادته وإذا أطلق بصره أطلق القلب شهوته.” (روضة المحبين) .؛ وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” كُتب على ابن آدم نصيبه من الزنى، مدركٌ ذلك لا محالة؛ فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذِّبه.” (مسلم) . وكما قال الشاعر:
كل الحوادث مبدؤها من النظر ******* ومعظم النار من مستصغر الشرر
والمرء ما دام ذا عين يقلبها ******* في أعين الغير موقوف على الخطر
كم نظرة فعلت في قلب صاحبها ******* فعل السهام بلا قوس ولا وتر
يسر ناظره ما ضر خاطره ******* لا مرحبًا بسرور عاد بالضرر
– التفريق في المضاجع: لابد من التفريق في المضاجع بين الأولاد، كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم: ” مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع.” (أحمد وأبوداود) . فهذا الحديث نصٌّ في النهي عن بداية الاختلاط داخل البيوت، إذا بلغ الأولاد عشر سنين، فواجب على الأولياء التفريق بين أولادهم في مضاجعهم، وعدم اختلاطهم، لغرس العفة والاحتشام في نفوسهم، وخوفًا من غوائل الشهوة التي تؤدي إليها هذه البداية في الاختلاط، ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه.
6- إقامة الحدود: فإقامة الحدود تردع لمن تسول له نفسه أن يقوم بأمر حذر منه الشارع. لهذا قال عثمان -رضي الله عنه-:” إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن”، أي: يمنع بالسلطان باقتراف المحارم، أكثر ما يمنع بالقرآن؛ لأن بعض الناس ضعيف الإيمان لا تؤثر فيه زواجر القرآن، ونهي القرآن؛ لكن متى علموا أن هناك عقوبة من السلطان، ارتدعوا، وخافوا من عقوبة السلطان لئلا يفتنهم، أو يضربهم، أو ينفيهم من البلاد، فهم يخافون ذلك!!
7- عدم التطلع إلى ما في أيدي الغير: لأن النظر إلى ما في أيدي الغير يورث سخطا وبغضا وكرها وطمعا وعدم قناعة؛ قال الحسن البصري: ” لا يزال الرجل كريمًا على الناس حتى يطمع في دينارهم، فإذا فعل ذلك استخفوا به، وكرهوا حديثه وأبغضوه” . وقال ابن حجر- رحمه الله تعالى-: « العالم إذا كان عليما ولم يكن عفيفا كان ضرره أشدّ من ضرر الجاهل» (الفتح)
10- : فوائد العفة وثمراتها
الفوائد والثمرات لكل من تحلى بالعفة وهذه الثمرات تتمثل فيما يلي:-
أولاً: سلامة المجتمع من الفواحش: فالمجتمع الذي يتصف بالعفة يكون بعيدًا من الفواحش والرذائل.
ثانياً: أن العفيف من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله في قول النبي صلى الله عليه وسلم:” ورجلٌ طلَبَتْه امرأةٌ ذاتُ مَنصِبٍ وجمالٍ، فقال إني أخافُ اللهَ.” (البخاري ومسلم)
ثالثاً: أن العفة سبب للنجاة من الابتلاءات والمضائق: فقد جاء في قصة أصحاب الغار، الذين انطبقت عليهم الصخرة، أن أحدهم توسل إلى الله بقوله: ” اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي ابنة عم من أحب الناس إلي، وأني راودتها عن نفسها فأبت إلا أن آتيها بمائة دينار؛ فطلبتها حتى قدرت، فأتيتها بها فدفعتها إليها، فأمكنتني من نفسها، فلما قعدت بين رجليها فقالت: اتق الله، ولا تفض الخاتم إلا بحقه، فقمت وتركت المائة دينار، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا، ففرج الله عنهم فخرجوا.” (البخاري) .
رابعاً: دخول الجنة: فعن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «عرض عليّ أوّل ثلاثة يدخلون الجنّة: شهيد وعفيف متعفّف وعبد أحسن عبادة الله، ونصح لمواليه». (أحمد والحاكم والترمذي وحسنه)؛ وعن ثوبان – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” من تكفل لي أن لا يسأل الناس شيئاً، وأتكفل له بالجنة؟ فقلت: أنا فكان لا يسأل أحداً شيئاً. “( النسائي وأحمد وابن ماجه وأبو داود بإسناد صحيح)
خامساً: حصول السعادة واللذة: ” قال بعضهم: والله للذة العفة أعظم من لذة الذنب؛ ولا ريب أن النفس إذا خالفت هواها أعقبها ذلك فرحا وسرورا ولذة أكمل من لذة موافقة الهوى بما لا نسبة بينهما؛ وهنا يمتاز العقل من الهوى.” (غذاء الألباب ؛ للسفاريني)
سادساً: تحقيق الستر والعفاف: قال الماورديّ- رحمه الله تعالى-: «إنّ دين المرء يفضي إلى السّتر والعفاف، ويؤدّي إلى القناعة والكفاف» (أدب الدنيا والدين)؛ وقال ابن مفلح- رحمه الله-: «كان يقال: الشّكر زينة الغنى، والعفاف زينة الفقر» . ويقال أيضا: «حقّ الله واجب في الغنى والفقر، ففي الغنى العطف والشّكر، وفي الفقر العفاف والصّبر» . جعلني الله وإياكم من أهل العفاف والتقى !!!
_________________ مدد ياسيدى يارسول الله مدديااهل العباءة .. مدد يااهل بيت النبوة اللهم ارزقنا رؤية سيدنا رسول الله فى كل لمحة ونفس
|