موقع د. محمود صبيح

( وصل عليهم .. إن صلاتك سكن لهم )

عن ربعي بن حراش قال : توفي أخي وكان أصومنا في اليوم الحار وأقومنا في الليلة الباردة ..
قال : فجئته وخرجت في شراء كفنه فرجعت إليه البيت ..
فكشف الثوب عن وجهه ! وقال : السلام عليكم !!
فقلنا : أبعد الموت ؟ !!!
قال : نعم إني قدمت على ربي بعدكم فتلقاني بروح وريحان ورب غير غضبان.. وكساني ثيابا خضرا من سندس وإستبرق.. ( وإني لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أقسم أن لا يبرح حتى آتيه ) فعجلوا بي ولا تجسوني .. والأمر أيسر مما في أنفسكم .

قال : فذكرت ذلك لعائشة رضي الله عنها فقالت : صدق ربعي !! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من أمتي من يتكلم بعد الموت .. وفي لفظ : يتكلم رجل من أمتي بعد الموت من خير التابعين .

( وصل عليهم .. إن صلاتك سكن لهم )

هذا الرجل هو ( الربيع بن حراش )
.. خرجت روحه .. فلما أراد اخوته غسله وتكفينه .. كشف عن وجهه وجلس وقال ( يا إخوتي عجلوا بغسلي وتكفيني فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حضر ليصلي علي ) ..
وقد كان رسول الله قد اخبر بأن رجالا من أمته يتكلمون بعد الموت ..

فصلى عليه رسول الله .. فسكن .. فلقي ربه فرحا ..

( وصل عليهم .. إن صلاتك سكن لهم )

( من أحب لقاء الله .. أحب الله لقاءه )
وهذا لا يكون إلا لمن صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ..

صلاة رسول الله سكن وأمان للمسلم .. أمان من القبر وعذابه ووحشته ومن منكر ونكير ومن عذاب الاخرة واهوال الحشر والصعق ..

( وصل عليهم .. إن صلاتك سكن لهم ) ..

صلاته تهدئ من روع المؤمن .. وتذهب خوفه .. وتحصل السكينة .. فيلقى ربه فرحا محبا .. فيحب الله هذا اللقاء

( وصل عليهم .. إن صلاتك سكن لهم )

فإذا كان من عاشوا مع حضرة النبي نالوا هذه الفضيلة وهي صلاة النبي عليهم .. فهل انقطعت صلاة النبي بعد انتقاله وحرمت منها أمته من بعد غياب الجسد الشريف عن الانظار ؟!

بالطبع لا .. فصلاته ما تزال حتى آخر أنفاس المؤمنين ..

وفي احد أيام غزوة تبوك .. طلعت الشمس يوما بنور وشعاع وضياء .. فتعجب النبي صلى الله عليه وسلم من شأنها ..
فأتاه جبريل فقال يا رسول الله : ملائكة السماوات تنعي اليك موت الرجل الصالح معاوية ..
مات معاوية بن معاوية المزني ..
فبعث الله سبعين ألف ملك يصلون عليه ..
فهل لك أن تصلي عليه فأقبض لك الأرض أو ارفع لك سريره ؟
قال : نعم
فضرب بجناحيه فلم يبق أكمة ولا شجرة إلا تضعضعت ..
ووضع جناحه الأيمن على الجبال فتواضعت ..
ووضع جناحه الأيسر على الأرضين فتواضعت..
يقول ابو أمامة : حتى نظرنا إلى مكة والمدينة !
فرفع جبريل سريره حتى نظر إليه رسول الله وخلفه صفان من الملائكة كل صف سبعون ألف ملك ..
فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وجبرئيل والملائكة ..


( وصل عليهم .. إن صلاتك سكن لهم )


فانظر واعرف قدر صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ..

فمن الناس من يصلي عليه رسول الله في حياته .. ومنهم عند مماته .. ومنهم بعد مماته

وما يشغل فكري وجهدي .. أين هو حظي ونصيبي من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم علي؟

هل لي من حظ ونصيب من هذه السكينة النورانية المحمدية ؟

(( وصلى الله على من ممشاه السكينة لا يلتفت ولا يتلفت وعلى اله وصحبه وسلم ))