يقولُ الجاحظُ واصفاً الكتابَ :
" والكتاب وعاءٌ مُلِئَ علماً وَظَرْفٌ حُشِي ظَرْفاً وإناءٌ شُحِن مُزَاحاً وجِدّاً.
إِنْ شئتَ كان أبيَنَ من سَحْبانِ وائل، وإن شئت كان أعيا من باقِل، وإن شئتَ ضَحِكْتَ مِنْ نوادِرِهِ، وإن شئتَ عَجِبتَ من غرائبِ فرائِده، وإن شئتَ ألهتْك طرائفُه، وإن شئتَ أشجَتْك مواعِظُه .
وَمَنْ لَكَ بِوَاعِظٍ مُلْهٍ، وبزاجرٍ مُغرٍ، وبناسكٍ فاتِكٍ، وبناطقٍ أخرسَ وبباردِ حارّ ... .
وعبتَ الكتابَ، ولا أعلَمُ جاراً أبرَّ، ولا خَليطاً أنصفَ، ولا رفيقاً أطوعَ، ولا معلِّماً أخضعَ، ولا صاحباً أظهرَ كفايةً، ولا أقلَّ جِنَايَة ً، ولا أقلَّ إمْلالاًوإبراماً، ولا أحفَلَ أخلاقاً، ولا أقلَّ خِلافاً وإجراماً، ولا أقلَّ غِيبة ً، ولا أبعدَ من عَضِيهةٍ، ولا أكثرَ أعجوبة ً وتصرُّفاً، ولا أقلّ تصلُّفاً وتكلُّفاً، ولا أبعَدَ مِن مِراءٍ، ولا أتْرَك لشَغَبٍ، ولا أزهَدَ في جدالٍ، ولا أكفَّ عن قتالٍ، من كتاب.
ولا أعلَمُ قريناً أحسنَ موَافاة ً، ولا أعجَل مكافأة، ولا أحضَرَ مَعُونة ً، ولا أخفَّ مؤونةً، ولا شجرة ً أطولَ عمراً، ولا أجمعَ أمراً، ولا أطيَبَ ثمرة ً، ولا أقرَبَ مُجتَنى، ولا أسرَعَ إدراكاً، ولا أوجَدَ في كلّ إبَّانٍ ، من كتابٍ.
ولا أعلَمُ نِتاجاً في حَدَاثة ِ سنِّهِ، وقُرْب ميلادِه، ورُخْص ثمنهِ، وإمكانِ وُجودهِ، يجمَعُ من التدابيرِ العجيبَةِ، والعلومِ الغريبة، ومن آثارِ العقولِ الصحيحةِ، ومحمودِ الأذهانِ اللطيفةِ، ومِنَ الحِكَم الرفيعةِ، والمذاهب القوِيمةِ، والتجارِبِ الحكيمةِ، ومِنَ الإخبارِ عن القرون الماضية، والبلادِ المتنازِحةِ والأمثالِ السائرة، والأممِ البائدةِ، ما يجمَعُ لك الكتابُ ".
من كتاب الحيوان للجاحظ
_________________ مدد ياسيدى يارسول الله مدديااهل العباءة .. مدد يااهل بيت النبوة اللهم ارزقنا رؤية سيدنا رسول الله فى كل لمحة ونفس
|