|
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته[/align]
مقال بعنوان:
***(شباب يحتاج إلى إعادة توجيه)***
للشيخ أكرم مظهر
نشر اليوم بجريدة روزاليوسف اليومية ...
[font=Arial]
كنت أود أن اكمل الحوار الروحى الذى بدأته فى مقالات سابقه، إلا أن ما نقابله فى أيامنا يحتم علينا أحيانا إحياء حوار أخر بداخلنا، فأرجئت تكملة هذا الحوار الروحى لأخرج ما بداخلى من أثر ما رأيت فى مقابلة أحد شبابنا. فقد قابلنى أحد الأباء و هو طبيب أطفال معروف وناجح وذو مكانة علمية ومهنية وإجتماعية وشكى لى من حال إبنه خريج الجامعة الأمريكية، وقد كانت شكوى من أب ملتزم متدين مستقيم، إلا أنه يشتكى من تدين ولده !! ومما قاله فى لقائنا السريع أمام المسجد النبوى الشريف فهمت ما يشتكى منه هذا الأب، إنه يشتكى مما نشتكى منه فى تعاملنا مع كثير من الشباب الذين تلقوا فكرا دينيا سطحيا دون وعى ودون علم .. تعلموا الدين من أناس تصدوا للدعوة دون علم، وجلسوا فى مجلس العلماء وهم أبعد ما يكونون عنهم.
وقع هؤلاء الشباب بما لديهم من حب للدين ورغبة فى إرضاء رب العالمين تحت تأثير فكر ضحل، ورغم ضحالته إلا أنه يلقى فى نفوس هذا الشباب قبولا سريعا إذ يخاطب فيهم غيرتهم على دينهم، ويسوق لهم الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله فلا يجد هؤلاء الشباب إلا الإستسلام والإنقياد لله ورسوله، إذ ليس لديهم من العلم ما يميزون به بين العلم والجهل .. أو ما يعرفون به العلماء بما لديهم من أدوات، وبين أقوام ادعوا علماء دون وجه حق، وتطفلوا على موائد العلماء فضلوا وأضلوا. ومن أول وهله عند مجالستى لهذا الشاب، وعندما بدأ الوالد فى إظهار أوجه الخلاف فى وجهات النظر بينهما، ظهر أن أول ما يصاب به هؤلاء الشباب هو فقدانهم القدرة على ترتيب الأولويات، إذ لا يفرقون بين المجمع عليه والمختلف فيه، ولا يدركون المقاصد الكلية للشرع الشريف، وإلا فكيف يمكن لشاب متخرج بشهادة من أرقى الشهادات أن يجعل مجرد تهذيب لحيته عائقا بينه وبين وظائف فى شركات مرموقة يتمنى أى شاب أن يجد فيها مكانا.
إن خطاب كثير من الوعاظ وخاصة أصحاب هذه المدرسة السطحية لا يشعرون بأولويات الشرع وبأحوال الناس. فنحن فى الريف مثلا، وكثير من شيوخ هذا الفكر العقيم من بلدان ريفية، نحن نعانى من مشكلات كبيرة، مثل سوء معاملة الزوجات، إعتداء المزارعين على الحدود سواءا فى ذلك الحدود مع الجار، أو الأعتداء على الطريق بأضافة أجزاء من الطريق إلى الأرض الزراعية، نعانى معانة شديدة من ظلم البنات فى أمر الميراث إذ لا تمكن الأنثى من ميراثها من أبيها بحجة أن زوجها رجل غريب ولا يصح أن يزرع الأرض، وغيرها من المشكلات التى تخالف شرع الله فى الحقوق والحدود، إلا أن اللحية والنقاب وهما من الأمور الخلافية بين الفقهاء لهما الأولوية فى الخطاب الدينى عند هؤلاء الشيوخ الأفاضل. حدود تنتهك وحقوق تضيع، إلا أن صلاح الأمة يرونه فى إطلاق اللحية، وستر وجوه النساء. الأمر إذن يحتاج إلى إعادة صياغة لعقل المسلم، و إعادة ترتيب الأولويات فى وجدان المسلمين بناءا على مقاصد الشرع الشريف.
إن جلوسى مع هذا الشاب، وأنا أعلم قبل هذه الجلسة ما يتعرض له شبابنا من إفساد فكرى تحت مسمى الإلتزام الدينى، أقول أن هذه الجلسة أشعرتنى بأننا حقيقة فى مشكلة تحتاج إلى عشرات السنين لحلها إن بدأنا اليوم فى حلها بأسلوب صحيح وجاد. وأهمية هذا الأمر ليس فى تمسك هذا الشاب بلحيته أو غير ذلك من ظاهر الأفعال التى يكون فيها من التعنت ما فيها، و لكن الأمر يتعدى ذلك إلى وجود خلل يصيب تفكير هؤلاء الشباب نتيجة سطحية الفكر الذى يتلقونه مما يترتب عليه إفساد المنطق عندهم، بخلاف من يجلس إلى علماء فقهاء يتلقى العلم بأسناده بأسلوب يعيد ترتيب العقل وتدريبه على إستنباط النتائج من المقدمات بأسلوب سليم دقيق. كما تكمن خطورة هذا الفكر فى إحداث انقسام فى المجتمع بحيث أصبح هناك تصنيف لأفراده على أساس إلتزامهم ببعض الفروع فأصبح فى نفوس وفى بعض الأحيان على ألسنة هؤلاء تقسيم تحت مسمى الألتزام، وبالتالى يكون هذا الملتزم أو تلك الملتزمة من "الإخوة"، فاذا كانوا من "الإخوة"، فمن نحن ؟ فالأخوة التى جعلها الله بين المؤمنين فى كتابه بقوله سبحانه:
[/font]
[font=Arial](إِنّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتّقُواْ اللّهَ لَعَلّكُمْ تُرْحَمُونَ)[/font]
[font=Arial]
[سورة: الحجرات - الأية: 10] قد أصبح لها عندهم شروط أخرى بالألتزام بفكر بعينه، والملاحظ لأحوال مجتمعنا يمكن له أن يرى هذا الأنقسام من الوهلة الأولى.
خلل أخر فى الفكر عند بعض هؤلاء الملتزمين كما يحلو لهم تسمية أنفسهم، وهذا اللفظ بمفهوم المخالفة يجعل بقية الناس من المتفلتين أو المنحلين، هذا الخلل يكمن فى عدم تفرقة هؤلاء فى كثير من الأحيان بين الفروع والأصول فى أمر الدين، أى مسائل الفقه ومسائل العقائد مما يترتب عليه إيقاع الحكم بالكفر على المسلمين فى مسائل الفروع، وهم كذلك يفتقدون الدراية بالخلاف فى مسائل الفروع، فيقعون فى تفسيق المسلمين فى مسائل خلافية. فإن كان حالق اللحية فاسق مثلا، فما حكم السادة العلماء الذين يرون أن حلق اللحية مكروه ؟ وإن كان القنوت أى الدعاء بعد الأعتدال فى صلاة الفجر بدعه وفاعله مبتدع، فما حكم السادة الشافعية الذين يرون أنه مندوب؟ وهل الإمام الشافعى والأئمة الذين اتبعوه وخدموا مذهبه وأقروا بسنية هذا الدعاء كلهم من المبتدعه ؟
وفى أثناء هذا الأضطراب الفكرى الذى أصاب قطاعا كبيرا من مجتمعنا وأحدث فوضى غير خلاقة، وجعل الناس يتخبطون فى أمر دينهم، نجد أن هناك من يصر على إعمال معاول الهدم فى جدار الأزهر والمؤسسة الدينية بأسرها، والتشكيك فى علمائها وعلى رأسهم فضيلة مفتى مصر. أم يرى هؤلاء أن الضعف الذى أصاب المؤسسة الدينية فى بعض أوقاتها، وأن غياب أو تغييب علماء الأزهر عن الساحة هو الذى أحدث فراغاً عند شعب شغوف بأمر دينه مما جعل الفرصة مواتية للجماعات المختلفة لتملأ هذا الفراغ وتدخل بفكرها وأغراضها الدينية أو السياسية لتعيد صياغة فكر قطاع من هذا الشعب.
إن هذا الفراغ بالأضافة إلى ثورة الإتصالات الهائلة هو الذى جعل قناة مثل قناة الإلتباس - عفوا أقصد الناس- تخترق البيوت وتصل إلى الناس فى عقر دارهم، فتحلل وتحرم وتعيد الناس إلى دين الله وتقودهم إلى الجنة كما يدعون. والحق أنى لا أدرى كيف لا يرى هؤلاء المعادون المتربصون بالمؤسسة الدينية أن تشكيك الناس فى المرجعية الأولى لهم فى أمر دينهم هو من أخطر ما يمكن على هذا المجتمع، أم أن الأمر هو تربص بالدين ككل ورغبة فى التفلت من سلطانه على قلوب الناس .. أم أنه غيبة الوعى ورغبة فى إحداث (فرقعات إعلامية) كما يقولون ينقاد ورائها الناس كعادتنا فى تلقف الإشاعات و تناقلها دون تثبت أو تحقق. إن هذه الفوضى لابد لها من وقفة ومواجهة جادة إن أردنا إعادة إحياء قيمة العقل والفكر والحوار الجاد الهادف لتصحيح مسار هذا البلد.
[/font]
نقلاً عن شبكة قدوة السالكين "القدوة"
_________________
بئس الانام ثلاثة و إمامهم ذاك الخبيث الأحمق الحراني
تلميذه ابن القيم النزِق الذي ذم الكرام بقوله البهتــان
وخليفة الاثنين ناشر كفرهم ذَنَّبٌ يسمى ناصر الألبانــي
***(اللهم اجعلني من المهتدين واجعلني سببًا لمن إهتدى )***
|
المنتدى
التسجيل
الأسئلة المتكررة
بحث
