العادات والتقاليد مرآة الشعوب التي تعكس هويتها وأفكارها ومعتقداتها، كما أنها مؤشر على تنوع الثقافات وتعددها داخل البلد الواحد، وهو ما يمكن رؤيته في مصر التي يتسم شعبها برصيده الكبير من العادات والتقاليد التي يستخدمها في التعبير عن أفراحه، وأحزانه، ويأسله، وأمله، وقنوطه.
ورغم اتسام جزء كبير من هذه العادات بـ«الخرافية» وعدم المنطقية، إلا أنها نجحت في الاستمرار ومقاومة الاندثار إلى يومنا هذا، لتصبح مدخل سري إلى المزاج المصري علي تنوع خلفياته.
وتستعرض «المصري لايت» في هذا التقرير أشهر العادات المصرية «غير المنطقية» التي ما زال المصريون متمسكين بها حتى اليوم.
5- كنس السيدة
الشفاعة والوساطة والحمى والعون، كلها معان يبحث عنها طارق أبواب الأولياء والصالحين التى تملىء أضرحتهم بقاع مصر، فى عادة تميز بها الشعب المصري خاصة طبقاته الشعبية التى تؤمن بمكانة الأولياء عند الله وتعول عليهم للشفاعة عنده بالدعاء لقضاء حوائجهم. ومابين الشفاعة لغفران منكر والدعاء بالزوج أو الذرية الصالحة، يبقى رفع الظلم أحد ابرز ما يلجأ به البسطاء ألى أضرحة الأولياء.
وتتجلى صورة الشكوى في طقس شعبي اعتاد المصريين على تأديته كلما اشتد عليهم الظلم، وضاقت بهم السبل لرفعه، وهو «كنس السيدة»، فيصطحب المظلوم مكنسة تقليدية إلى ضريح «أم هاشم» و«يكنس» مدخله ويدعو بفك الكرب ورفع الظلم والبلاء، وهو ما تشفع فيه حفيدة الرسول عند الله بحسب المعتقد الشعبى ليرد الحق لأصحابه.
ورغم عدم وضوح أصل هذة العادة الشعبية، إلا أنها ظلت عالقة بالنفوس المصرية وأثبتت وجودها خلال القرن الواحد والعشرين خارج الإطار الفردي، حيث قررت بعض قوى المعارضة في أواخر عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك إقامة تظاهرة أمام ضريح السيدة زينب فى يونيو عام 2005 رفعوا خلالها صور وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، مطالبين بإقالته، علي خلفية الانتهاكات التي صاحبت الاستفتاء علي تعديلات الدستور في نفس العام، بما في ذلك من رمزية وتمسك واضح بالتراث الشعبي المتمثل في هذا الطقس.
4- طاسة الخضة
«طاسة الخضة» عادة مصرية تجمع أصحاب القلق المزمن والقلوب الضعيفة، فلعلاج التوتر واضطرابات النوم يستخدم أسلوب العلاج الشعبي المتمثل في «طاسة الخضة» لكسر حاجز القلق والخوف، وطمأنة النفس، وصد الحسد، وفك العكوسات.
ويتم هذا العلاج عن طريق وضع 7 بلحات مشقوقات في «طاسة نحاسية» منقوش بداخلها «آية الكرسي»، مع إضافة القليل من الماء أو اللبن، ووضع الطاسة فى الشرفة أو النافذة طوال الليل لتستقبل قطرات الندى، وعلي مدار ثلاث أيام متتالية، ثم يشرب متلقي العلاج المحتوى ويأكل البلحات، ويكرر العملية في بعض الأحيان ليحصل على النتيجة المطلوبة.
وتعود الآداة العلاجية الشهيرة إلى العصر المملوكي، ويتضمن متحف الفن الإسلامي قطعة أثرية تمثل «طاسة الخضة» الخاصة بالسلطان المملوكي عز الدين أيبك.
3- كسر القلة
لا تقارن البهجة التى يمكن أن تثيرها كلمات الشاعر نجيب سرور «البحر بيضحك ليه، وأنا نازلة اتدلع أملا القلل» باستخدام إناء حفظ المياه المعروف باسم «القُلة» عند شعورهم بالغضب أو الملل من ضيف ثقيل غير مرحب به.
وسواء كان هذا الضيف محتل مغتصب لأراضيهم أو جار سليط اللسان، ينتظر المصرين رحيلة بفارغ الصبر متغنين بالمثل الشعبي «نكسر وراه قلة»، حيث من الموروثات الشعبية ان «كسر قلة» بعد خروج شخص غير مرغوب فية يمنع دخوله منزلك أو بلدتك مرة أخرى، وبالتالي يشير إلى التخلص منه إلى الأبد، فيعد «كسر القلة» احتفالاً برحيلة إلى غير رجعة.
ورغم اختلاف الروايات حول أصل هذه العادة، حيث يعيدها البعض إلى العصور الفرعونية والطقوس الجنائزية، بينما ويعيدها البعض الآخر إلى طقوس البيع والشراء حيث اعتاد الفلاحون كسر الأواني الفخارية خلف المواشي التى تعود إلى السوق مرات عديدة دون بيع، إلا أن هذه العادة نجحت فى البقاء حتي اليوم.
2- دق الهون
يمثل ميلاد طفل جديد حدثاً هاماً يستوجب الاحتفال، فتقيم معظم الأسر المصرية احتفالاً فى اليوم السابع من ميلاد الطفل الجديد يسمى «السبوع» وتدعوا فيه الأقارب والمعارف، وتعزف الأغاني الاحتفالية الخاصة بهذه المناسبة، والتي تحمل أطيب التمنيات بحياة سعيدة مديدة للمولد، إلى جانب القيام ببعض الطقوس أهمها وضع الطفل في وسط «مُنخل» أو «غربال» على الأرض، لتمر أمه فوقه 7 مرات علي الجانبين، إلى جانب «دق الهون»، وهو قالب نحاسي له مضرب من نفس المعدن، ويستخدم في طحن التوابل واللحوم، إلا انه فى هذا اليوم المميز يستخدم للدق بجانب رأس الطفل بالتوازي مع تلقينه وصايا متعلقة بـ«طاعة الوالدين» والأقارب، أو «سماع كلامهم» حسب التعبير الشعبي.
ويرجع الموروث الشعبي فوائد هذه العادة إلى تحسين حاسة السمع لدى المولود، وإكسابه الشجاعة وعدم رهبة الأصوات العالية حينما يكبر. ورغم قدم هذه العادة إلا أنها مازالت تتصدر أهم أركان احتفالات «السبوع» في مصر، وتعد فقرة يتتوق إليها الأطفال الصغار ويسعدون بمشاهدتها.
1- الخرزة الزرقاء
الخرزة الزرقاء
يعتقد المصريون فى شيوع الحسد، ويؤمنون بقدرة البعض على إصابة الآخرين بالسوء عن طريق طاقة سلبية ناتجة عن الحقد أو الغيرة، وكما يؤمن المصريون أن نظرة عين قد تصيبهم بالسوء فإنهم يؤمنون في الوقت نفسه بأن الخرزة الزرقاء قادرة علي كسر طاقة الشر المنبعثة من الحساد.
ويحمل التراث الشعبي عدد كبير من الوسائل التى تناقلتها الأجيال من موروثات عريقة بالمنطقة العربية، فتعليق خرزة زقاء فى ملابس المولود يقيه عين الحسود، والكف النيلي فى السيارات وعلى أبواب المنازل يعد بمثابة تميمة سحرية تصد الحسد والحظ العثر. وتنتشر هذه الأشكال من المقاومة الشعبية لقوى الشر غير المرئية فى معظم المنازل المصرية والتى تأخذها كدرع واقي يحفظها من «شر العين».
http://www.khabarmubasher.com/article-986733
