[font=Tahoma][align=justify] لأن تلبيس وتدليس أهل الباطل انتشر في أيامنا هذه
وأصبح هناك من يشيع بين المسلمين رؤى وأطروحات براقة المظهر فارغة المحتوى والمضمون .
وظهر من يرى الأشياء بفهم منكوس وفطرة ملوثة .
فهذه دعوة في هذه المساحة كي نرى الأشياء على حقيقتها وواقعها الفعلي .
دعوة للتعرف على رموز التصوف من منظور حقيقي وفق ما سجله أئمة المسلمين وارتضته جماهير الأمة ،
بعيد ا عن أكاذيب المفترين وأباطيل المضللين .
دعوة كي نعرف القيمة الحقيقية لهؤلاء الأئمة الأعلام كما رأتهم الأمة ، لا كما يراهم أهل الباطل والضلال.
هي دعوة لمعرفة الحقيقة .
**سلسلة أعلام الصوفية **
- الإمام أبو القاسم القشيري :
- قال عنه الخطيب البغدادي في [تاريخ بغداد] :
[عبد الكريم بن هوزان بن عبد الملك بن طلحة بن محمد أبو القاسم القشيري النيسابوري: سمع أحمد بن محمد بن عمر الخفاف ومحمد بن أحمد بن عبدوس المكي وأبا نعيم عبد الملك بن الحسن الإسفراييني وعبد الرحمن بن إبراهيم بن محمد المزكي ومحمد بن الحسن بن فورك والحاكم أبا عبد الله بن البيع ومحمد بن الحسين العلوي وأبا عبد الرحمن السلمي وقدم علينا في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة وحدث ببغداد وكتبنا عنه وكان ثقة وكان يقص وكان حسن الموعظة مليح الإشارة وكان يعرف الأصول على مذهب الأشعري والفروع على مذهب الشافعي. أخبرنا القشيري أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن عمر الخفاف بنيسابور أخبرنا أبو العباس السراج حدثنا عبيد الله بن سعيد حدثنا يحيى بن سعيد عن هشام قال: أخبرني أبي عن عائشة قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في شيء من صلاة الليل جالساً حتى إذا كبر قرأ جالساً فإذا بقي عليه من السورة ثلاثون أو أربعون آية قام فقرأهن ثم ركع. سألت القشيري عن مولده فقال: في ربيع الأول من سنة ست وسبعين وثلاثمائة قال شجاع الذهلي وتوفي بنيسابور في سنة خمس وستين وأربعمائة.]اهـ
- وقال عنه القاضي ابن خلكان في [وفيات الأعيان] :
[أبو القاسم عبد الكريم بن هوزان بن عبد الملك بن طلحة بن محمد القشيري الفقيه الشافعي؛ كان علامة في الفقه والتفسير والحديث والأصول والأدب والشعر والكتابة وعلم التصوف، جمع بين الشريعة والحقيقة، أصله من ناحية أستوا من العرب الذين قدموا خراسان، توفي أبوه وهو صغير، وقرأ الأدب في صباه، وكانت له قرية مثقلة الخراج بنواحي أستوا فرى من الرأي أن يحضر إلى نيسابور يتعلم طرفاً من الحساب ليتولى الاستيفاء ويحمي قريته من الخراج، فحضر نيسابور على هذا العزم، فاتفق حضوره مجلس الشيخ أبي علي الحسن بن علي النيسابوري المعروف بالدقاق، وكان إمام وقته، فلما سمع كلامه أعجبه ووقع في قلبه فرجع عن ذلك العزم، وسلك طريق الإرادة، فقبله الدقاق وأقبل عليه، وتفرس فيه النجابة فجذبه بهمته وأشار عليه بالاشتغال بالعلم، فخرج إلى درس أبي بكر محمد بن أبي بكر الطوسي، وشرع في الفقه حتى فرغ من تعليقه، ثم اختلف إلى الأستاذ أبي بكر ابن الإسفراييني، وقعد يسمع درسه أياماً فقال الأستاذ: هذا العلم لا يحصل بالسماع ولابد من الضبط بالكتابة، فأعاد عليه جميع ما سمعه تلك الأيام، فعجب منه وعرف محله فأكرمه وقال له: ما تحتاج إلى درس بل يكفيك أن تطالع مصنفاتي فقعد وجمع بين طريقته وطريقة ابن فورك، ثم نظر في كتب القاضي أبي بكر بن الطيب الباقلاني وهو مع ذلك يحضر مجلس أبي علي الدقاق، وزوجه ابنته مع كثرة أقاربها. وبعد وفاة أبي علي سلك مسلك المجاهدة والتجريد وأخذ في التصنيف، فصنف التفسير الكبير قبل سنة عشر وأربعمائة، وسماه " التيسير في علم التفسير " وهو من أجود التفاسير، وصنف الرسالة " في رجال الطريقة " ، وخرج إلى الحج في رفقة فيها الشيخ أبو محمد الجويني والد إمام الحرمين وأحمد بن الحسين البيهقي وجماعة من المشاهير، فسمع معهم الحديث ببغداد والحجاز. وكان له في الفروسية واستعمال السلاح يد بيضاء، وأما مجالس الوعظ والتذكير فهو إمامها، وعقد لنفسه مجلس الإملاء في الحديث سنة سبع وثلاثين وأربعمائة. وذكره أبي الحسن علي الباخرزي في كتاب " دمية القصر " وبالغ في الثناء عليه، وقال في حقه: لو قرع الصخر بصوت تحذيره لذاب ولو ربط إبليس في مجلسه لتاب. وذكره الخطيب في تاريخه وقال: قدم علينا - يعني إلى بغداد - في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة وحدث ببغداد وكتبنا عنه، وكان ثقة وكان يقص وكان حسن الوعظ مليح الإشارة، وكان يعرف الأصول على مذهب الأشعري والفروع على مذهب الشافعي. وذكره عبد الغافر الفارسي في تاريخه . وقال أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي: أنشدنا عبد الكريم بن هوازن القشيري لنفسه: سقى الله وقتاً كنت أخلو بوجهكم ... وثغر الهوى في روضة الأنس ضاحك أقمنا زماناً والعيون قريرة ... وأصبحت يوماً والجفون سوافك وقال أبو الفتح محمد بن محمد بن علي الواعظ الفراوي: وكان أبو القاسم القشيري كثيراً ما ينشد لبعضهم وهو ذو القرنين ابن حمدان المقدم ذكره في حرف الذال: لو كنت ساعة بيننا ما بيننا ... وشهدت كيف تكرر التوديعا أيقنت أن من الدموع محدثاً ... وعلمت أن من الحديث دموعا ولد في شهر ربيع الأول سنة ست وسبعين وثلثمائة؛ وتوفي صبيحة يوم الأحد قبل طلوع الشمس سادس عشر ربيع الآخر سنة خمس وستين وأربعمائة بمدينة نيسابور، ودفن بالمدرسة تحت شيخه أبي علي الدقاق، رحمه الله تعالى، ورأيت في كتابه المسمى بالرسالة بيتين أعجباني، فأحببت ذكرهما : ومن كان في طول الهوى ذاق سلوةً ... فإني من ليلى لها غير ذائق وأكثر شيء نلته من وصالها ... أماني لم تصدق كخطفة بارق وكان ولده أبو نصر عبد الرحيم إماماً كبيراً أشبه أباه في علومه ومجالسه، ثم واظب دروس إمام الحرمين أبي المعالي حتى حصل طريقته في المذهب والخلاف ثم خرج للحج فوصل إلى بغداد وعقد بها مجلس وعظ، وحصل له قبول عظيم وحضر الشيخ أبو إسحاق الشيرازي مجلسه وأطبق علماء بغداد على أنهم لم يروا مثله، وكان يعظ في المدرسة النظامية ورباط شيخ الشيوخ، وجرى له مع الحنابلة خصام بسبب الاعتقاد لأنه تعصب للأشاعرة وانتهى الأمر إلى فتنة قتل فيها جماعة من الفريقين، وركب أحد أولاد نظام الملك حتى سكنها، وبلغ الخبر نظام الملك وهو بأصبهان، فسير إليه واستدعاه فلما حضر عنده زاد في إكرامه ثم جهزه إلى نيسابور فلما وصلها لازم الدرس والوعظ إلى أن قارب انتهاء أمره فأصابه ضعف في أعضائه وأقام كذلك مقدار شهر، ثم توفي ضحوة نهار الجمعة الثامن والعشرين من جمادى الآخرة سنة أربع عشرة وخمسمائة بنيسابور، ودفن في المشهد المعروف بهم، رحمه الله تعالى. وكان يحفظ من الشعر والحكايات شيئاً كثيراً، ورأيت له في بعض المجاميع هذه الأبيات، وذكرها السمعاني في " الذيل " أيضاً: القلب نحوك نازع ... والدهر فيك منازع جرت القضية بالنوى ... ما للقضية وازع الله يعلم أنني ... لفراق وجهك جازع وتوفي شيخه أبو علي الدقاق المذكور في سنة اثنتي عشرة وأربعمائة. والقشيري: بضم القاف وفتح الشين المعجمة وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها راء، هذه النسبة إلى قشير بن كعب، وهي قبيلة كبيرة. وأستوا: بضم الهمزة وسكون السين المهملة وضم التاء المثناة من فوقها أو فتحها وبعدها واو ثم ألف، وهي ناحية بنيسابور كثيرة القرى خرج منها جماعة من العلماء. ]اهـ
- قال عنه الإمام ابن عساكر في [تبيين كذب المفتري فيما نسب للإمام أبي الحسن الأشعري] :
[أخبرنا الشيخان أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور وأبو منصور محمد بن عبد الملك بن الحسن ، قالا قال لنا الشيخ أبو بكر أحمد بن علي الحافظ : عبد الكريم بن هوزان بن عبد الملك بن طلحة بن محمد أبو القاسم القشيري النيسابوري: سمع أحمد بن محمد بن عمر الخفاف ومحمد بن أحمد بن عبدوس المكي وأبا نعيم عبد الملك بن الحسن الإسفراييني وعبد الرحمن بن إبراهيم بن محمد المزكي ومحمد بن الحسن بن فورك والحاكم أبا عبد الله بن البيع ومحمد بن الحسين العلوي وأبا عبد الرحمن السلمي وقدم علينا في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة وحدث ببغداد وكتبنا عنه وكان ثقة وكان يقص وكان حسن الموعظة مليح الإشارة وكان يعرف الأصول على مذهب الأشعري والفروع على مذهب الشافعي. سألت القشيري عن مولده فقال: في ربيع الأول من سنة ست وسبعين و وثلاثماية ، كان ينبغي أن يكون في الطبقة الثالثة وإنما أخرته لتأخر وفاته . وقال عبد الغافر بن إسماعيل فيه الإمام مطلقا الفقيه المتكلم الأصولي المفسر الأديب النحوي الكاتب الشاعر لسان عصره وسيد وقته وسر الله بين خلقه كتب إليّ الشيخ أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي قال : عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة بن محمد القشيري أبو القسم الإمام مطلقا الفقيه المتكلم الأصولي ، المفسر الأديب النحوي الكاتب الشاعر ، لسان عصره وسيد وقته وسر الله بين خلقه ، شيخ المشايخ وأستاذ الجماعة ومقدم الطائفة ومقصود سالكي الطريقة وبندار الحقيقة وعين السعادة وحقيقة الملاحة لم ير مثل نفسه ولا رأى الراءون مثله في كماله وبراعته جمع بين علم الشريعة والحقيقة وشرح أحسن الشرح أصول الطريقة أصله من ناحية أستواء من العرب الذين وردوا خراسان وسكنوا النواحي فهو قشيري الأب سلمي الأم وخاله أبو عقيل السلمي من وجوه دهاقين ناحية أستواء. توفي أبوه وهو طفل فوقع إلى أبي القاسم الأليماني فقرأ الأدب والعربية عليه بسبب اتصاله بهم وقرأ على غيره وحضر البلد واتفق حضوره مجلس الأستاذ الشهيد أبي علي الحسن بن علي الدقاق وكان لسان وقته فاستحسن كلامه وسلك طريق الإرادة فقبله الأستاذ وأشار عليه بتعلم العلم فخرج إلى درس الشيخ الإمام أبي بكر محمد بن بكر الطوسي وشرع في الفقه حتى فرغ من التعليق ثم اختلف بإشارته إلى الأستاذ الإمام أبي بكر بن فورك وكان المقدم في الأصول حتى حصلها وبرع فيها وصار من أوجه تلامذته وأشدهم تحقيقا وضبطا وقرأ عليه أصول الفقه وفرغ منه ثم بعد وفاة الأستاذ أبي بكر اختلف إلى الأستاذ أبي إسحاق الإسفرايني وقعد يسمع جميع دروسه وأتى عليه أيام فقال له الأستاذ هذا العلم لا يحصل بالسماع وما توهم فيه ضبط ما يسمع فأعاد عنده ما سمعه منه وقرره أحسن تقرير ن غير إخلال بشيء فتعجب منه وعرف محله فأكرمه وقال ما كنت أدري أنك بلغت هذا المحل فلست تحتاج إلى درسي يكفيك أن تطالع مصنفاتي وتنظر في طريقي وإن أشكل عليك شيء طالعتني به ففعل ذلك وجميع بين طريقته وطريقة ابن فورك ثم نظر بعد ذلك في كتب القاضي أبي بكر ابن الطيب وهو مع ذلك يحضر مجلس الأستاذ أبي علي إلى أن اختاره لكريمته فزوجها منه . وبعد وفاة الأستاذ عاشر أبا عبد الرحمن السلمي إلى أن صار أستاذ خراسان وأخذ في التصنيف فصنف التفسير الكبير قبل العشر وأربعمائة ورتب المجالس وخرج إلى الحج في رفقة فيها أبو محمد الجويني والشيخ أحمد البيهقي وجماعة من المشاهير فسمع معهم الحديث ببغداد والحجاز من مشايخ عصره . وكان في علم الفروسية واستعمال السلاح وما يتعلق به من أفراد العصر وله في ذلك الفن دقائق وعلوم انفرد بها وأما المجالس في التذكير والقعود فيما بين المريدين وأسئلتهم عن الوقائع وخوضه في الأجوبة وجريان الأحوال العجيبة فكلها منه وإليه أجمع أهل العصر على أنه عديم النظير فيها غير مشارك في أساليب الكلام على المسائل وتطييب القلوب والإشارات اللطيفة المستنبطة من الآيات والأخبار من كلام المشايخ والرموز الدقيقة وتصانيفه فيها المشهورة إلى غير ذلك من نظم الأشعار اللطيفة على لسان الطريقة ولقد عقد لنفسه مجلس الإملاء في الحديث سنة سبع وثلاثين وأربعمائة وكان يملي إلى سنة خمس وستين يذنب أماليه بأبياته وربما كان يتكلم على الحديث بإشاراته ولطائفه وله في الكتابة طريقة أنيقة رشيقة تبري على النظم ولقد قرأت فصلا ذكره علي بن الحسن في دمية القصر وهو أن قال الإمام زين الإسلام أبو القاسم جامع لأنواع المحاسن تنقاد له صعابها ذلل المراسن فلو قرع الصخر بسوط تحذيره لذاب ولو ربط إبليس في مجلس تذكيره لتاب وله فصل الخطاب في فضل النطق المستطاب ماهر في التكلم على مذهب الأشعري خارج في إحاطته بالعلوم على الحد البشري كلماته للمستفيدين فوائد وفرائد وعتبات منبره للعارفين وسائد وله شعر يتوج به رؤوس معاليه إذا ختمت به أذناب أماليه قال عبد الغافر وقد أخذ طريق التصوف من الأستاذ أبي علي الدقاق وأخذها أبو علي عن أبي القاسم النصراباذي والنصراباذي عن الشبلي والشبلي عن الجنيد والجنيد عن السري السقطي والسري عن معروف الكرخي ومعروف عن داود الطائي وداود لقي التابعين هكذا كان يذكر إسناد طريقته ومن جملة أحواله ما خص به من المحنة في الدين والاعتقاد وظهور التعصب بين الفريقين في عشر سنة أربعين إلى خمس وخمسين وأربعمائة وميل بعض الولاة إلى الأهواء وسعى بعض الرؤساء والقضاة إليه بالتخليط حتى أدى ذلك إلى رفع المجالس وتفرق شمل الأصحاب وكان هو المقصود من بينهم حسدا حتى اضطرته الحال إلى مفارقة الأوطان وامتد في أثناء ذلك إلى بغداد وورد على أمير المؤمنين القائم بأمر الله ولقي فيها قبولا وعقد له المجلس في منازله المختصة به وكان ذلك بمحضر ومرأى منه ووقع كلامه في مجلسه الموقع وخرج الأمر بإعزازه وإكرامه وعاد إلى نيسابور وكان يختلف منها إلى طوس بأهله وبعض أولاده حتى طلع صبح النوبة المباركة دولة السلطان البارسلان في سنة خمس وخمسين وأربعماية فبقي عشر سنين في آخر عمره مرفها محترما مطاعا معظما وأكثر صفوه في آخر أيامه التي شاهدناه فيها أخيرا إلى أن تقرأ عليه كتبه وتصانيفه والأحاديث المسموعة له وما يؤول إلى نصرة المذهب بلغ المنتمون إليه لافا فأملوا بذكره وتصانيفه أطرافا.]اهـ مختصرا
- قال عنه ابن الأثير في [الكامل] :
[وفيها توفي الإمام أبو القاسم عبد الكريم بن هوزان القشيري، النيسابوري، مصنف الرسالة وغيرها، وكان إماماً، فقيهاً، أصولياً، مفسراً، كاتباً، ذا فضائل جمة، وكان له فرس قد أهدي إليه، فركبه نحو عشرين سنة، فلما مات الشيخ لم يأكل الفرس شيئاً فعاش أسبوعاً ومات.]اهـ
- قال عنه الباخرزي في [دمية القصر وعصرة أهل العصر] :
[الأستاذ الإمام زين الإسلام أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري. جامع لأنواع المحاسن، تنقاد له صعابها ذلل المراسن. فلو قرع الصخر بسوط تحذيره لذاب، ولو ارتبط إبليس في مجلس تذكيره لتاب. وله فصل الخطاب في فضل النطق المستطاب. ماهر في التكلم على مذهب الأشعري، خارج في إحاطته بالعلوم عن الحد البشري. كلماته كلها، رضي الله عنه، للمستفيدين فوائد وفرائد، وعتبات منبره للعارفين وسائد. ثم إذا عقد بين مشايخ الصوفية حبوته ورأوا قربته من الحق وخطوته تضاءلوا بين يديه، وتلاشوا بالإضافة إليه. وطواهم بساطه في حواشيه، وانقسموا بين النظر إليه والتفكير فيه. وله شعر تتوج به رؤوس معاليه، إذا ختمت به أذناب أماليه. فمما أنشدنيه لنفسه قوله في عميد الملك أبي النصر منصور بن محمد غفر الله له. عميد الملك ساعدك الليالي ... على ما شئت من درك المعالي فلم يك منك شيء غير أمر ... بلعن المسلمين على التوالي فقابلك البلاء بما تلاقي ... فذق ما تستحق من الوبال وأنشدني لنفسه في رمد الحبيب: يا من تشكى رمداً مسه ... لا ترفع الشكوى إلى خالقك موجب ما مسك من عارض ... أنك لم تنظر إلى وامقك وله أيضاً: الأرض أوسع رقعةً ... من أن يضيق بك المكان وإذا نبا بك منزل ... ويظل يلحقك الهوان فاجعل سواه معرساً ... ومن الزمان لك الأمان ومن غزلياته الرقيقة، التي هي الماء الزلال على الحقيقة، ما أنشدنيه لنفسه: قالوا: بثينة لا تفي بعداتها ... روحي فداء عداتها ومطالها إن كان نجز عداتها مستأخراً ... فلقد تشرفنا بنقد مقالها وله وهو معنى متداول بين شعراء العرب والعجم: ما خضابي بياض شعري إلا ... حذراً أن يقال: شيخ خليع وقد أحسن أبو أحمد اليمامي البوشنجي في العبارة عن هذا المعنى بقوله: أقول ونوار المشيب بعارضي ... قد افتر لي عن ناب أسود سالخ أشيباً وحاجات الشباب كأنها ... يجيش بها في الصدر مرجل طابخ؟ ولم أر جاراً كالشباب تحذمت ... قواه ولم يسمع له صوت صارخ وما كل حزني للشباب الذي هوى ... به الشيب عن طود من الأنس شامخ ولكن لقول الناس: شيخ. وليس لي ... على نائبات الدهر صبر المشايخ وأقرب إلى مساغ الطبع منها قول أبي الحسن المروزي في قصيدة له: أز خضاب من واز موى سيه كردن من ... كر همى خشم خورى نيش خور و رنج مبر غرضم زونه جوانيست كه زين رنكك بمن ... حالت يسير بجويند ونيابند مكر قريب من قوله: لعمرك ما كرهت الشيب يوماً ... وعندي أنه شيء يعاب ولكني خشيت يراد مني ... عقول ذوي المشيب فلا يصاب ]اهـ
- قال عنه الحافظ الذهبي في [سير أعلام النبلاء] :
الإمام الزاهد، القدوة، الأستاذ أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة القشيري، الخراساني، النيسابوري، الشافعي، الصوفي، المفسر، صاحب " الرسالة ". ولد سنة خمس وسبعين وثلاث مئة. وتعاني الفروسية والعمل بالسلاح حتى برع في ذلك، ثم تعلم الكتابة والعربية، وجود. ثم سمع الحديث من: أبي الحسين أحمد بن محمد الخفاف، صاحب أبي العباس الثقفي، ومن أبي نعيم عبد الملك بن الحسن الإسفراييني، وأبي الحسن العلوي، وعبد الرحمن بن إبراهيم المزكي، وعبد الله بن يوسف، وأبي بكر بن فورك، وأبي نعيم أحمد بن محمد، وأبي بكر بن عبدوس، والسلمي، وابن باكويه، وعدة. وتفقه على أبي بكر محمد بن أبي بكر الطوسي، والأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني، وابن فورك. وتقدم في الأصول والفروع، وصحب العارف أبا علي الدقاق، وتزوج بابنته، وجاءه منها أولاد نجباء. قال القاضي ابن خلكان: كان أبو القاسم علامة في الفقه والتفسير والحديث والأصول والأدب والشعر والكتابة. صنف " التفسير الكبير " وهو من أجود التفاسير، وصنف " الرسالة " في رجال الطريقة، وحج مع الإمام أبي محمد الجويني، والحافظ أبي بكر البيهقي. وسمعوا ببغداد والحجاز. قلت: سمعوا من هلال الحفار، وأبي الحسين بن بشران، وطبقتهما. قال : وذكره أبو الحسن الباخرزي في كتاب " دمية القصر " وقال : لو قرع الصخر بسوط تحذيره، لذاب، ولو ربط إبليس في مجلسه، لتاب. قلت: حدث عنه أولاده عبد الله، وعبد الواحد، وأبو نصر عبد الرحيم، وعبد المنعم، وزاهر الشحامي، وأخوه وجيه، ومحمد بن الفضل الفراوي، وعبد الوهاب بن شاه، وعبد الجبار بن محمد الخواري، وعبد الرحمن بن عبد الله البحيري، وحفيده أبو الأسعد هبة الرحمن، وآخرون. ومات أبوه وهو طفل، فدفع إلى الأديب أبي القاسم اليمني ، فقرأ عليه الآداب، وكانت للقشيري ضيعة مثقلة بالخراج بأستوا ، فتعلم طرفا من الحساب، وعمل قليلا ديوانا، ثم دخل نيسابور من قريته، فاتفق حضوره مجلس أبي علي الدقاق، فوقع في شبكته، وقصر أمله، وطلب القبا، فوجد العبا، فأقبل عليه أبو علي، وأشار عليه بطلب العلم، فمضى إلى حلقة الطوسي، وعلق " التعليقة " وبرع، وانتقل إلى ابن فورك، فتقدم في الكلام، ولازم أيضا أبا إسحاق، ونظر في تصانيف ابن الباقلاني، ولما توفي حموه أبو علي تردد إلى السلمي، وعاشره، وكتب المنسوب، وصار شيخ خراسان في التصوف، ولزم المجاهدات ، وتخرج به المريدون . وكان عديم النظير في السلوك والتذكير، لطيف العبارة، طيب الأخلاق، غواصا على المعاني، صنف كتاب " نحو القلوب "، وكتاب " لطائف الإشارات " ، وكتاب " الجواهر "، وكتاب " أحكام السماع "، وكتاب " عيون الأجوبة في فنون الأسولة "، وكتاب " المناجاة "، وكتاب " المنتهى في نكت أولي النهى ". قال أبو سعد السمعاني: لم ير الأستاذ أبو القاسم مثل نفسه في كماله وبراعته، جمع بين الشريعة والحقيقة، أصله من ناحية أستواءة، وهو قشيري الأب، سلمي الأم. وقال أبو بكر الخطيب : كتبنا عنه، وكان ثقة، وكان حسن الوعظ، مليح الإشارة، يعرف الأصول على مذهب الأشعري، والفروع على مذهب الشافعي، قال لي: ولدت في ربيع الأول سنة ست وسبعين وثلاث مئة. أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء في سنة ثلاث وتسعين، أم المؤيد زينب بنت عبد الرحمن، أخبرنا أبو الفتوح عبد الوهاب بن شاه الشاذياخي، أخبرنا زين الإسلام أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن، أخبرنا أبو نعيم عبد الملك، أخبرنا أبو عوانة، حدثنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، حدثني سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بينا رجل يسوق بقرة قد حمل عليها، التفتت إليه، وقالت: إني لم أخلق لهذا، إنما خلقت للحرث. فقال الناس: سبحان الله ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " آمنت بهذا أنا وأبو بكر وعمر " وبه إلى عبد الكريم: سمعت أبا عبد الرحمن السلمي، سمعت الحسين بن يحيى، سمعت جعفر بن محمد بن نصير، سمعت الجنيد يقول: قال أبو سليمان الداراني: ربما تقع في قلبي النكتة من نكت القوم أياما، فلا أقبل منه إلا شاهدين عدلين من الكتاب والسنة. قال أبو الحسن الباخرزي : ولأبي القاسم " فضل النطق المستطاب " ، ماهر في التكلم على مذهب أبي الحسن الأشعري، خارج في إحاطته بالعلوم عن الحد البشري، كلماته للمستفيدين فرائد ، وعتبات منبره للعارفين وسائد، وله نظم تتوج به رؤوس معاليه إذا ختمت به أذناب أماليه. قال عبد الغافر بن إسماعيل: ومن جملة أحوال أبي القاسم ما خص به من المحنة في الدين، وظهور التعصب بين الفريقين في عشر سنة أربعين وأربع مئة إلى سنة خمس وخمسين، وميل بعض الولاة إلى الأهواء، وسعي بعض الرؤساء إليه بالتخليط، حتى أدى ذلك إلى رفع المجالس، وتفرق شمل الأصحاب، وكان هو المقصود من بينهم حسدا، حتى اضطر إلى مفارقة الوطن، وامتد في أثناء ذلك إلى بغداد، فورد على القائم بأمر الله، ولقي قبولا، وعقد له المجلس في مجالسه المختصة به، وكان ذلك بمحضر ومرأى منه، وخرج الأمر بإعزازه وإكرامه، فعاد إلى نيسابور، وكان يختلف منها إلى طوس بأهله، حتى طلع صبح الدولة ألبآرسلانية فبقي عشر سنين محترما مطاعا معظما. ومن نظمه: سقى الله وقتا كنت أخلو بوجهكم * وثغر الهوى في روضة الأنس ضاحك أقمت زمانا والعيون قريرة * وأصبحت يوما والجفون سوافك أنشدنا أبو الحسين الحافظ، أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا السلفي، أخبرنا القاضي حسن بن نصر بنهاوند، أنشدنا أبو القاسم القشيري لنفسه: البدر من وجهك مخلوق * والسحر من طرفك مسروق يا سيدا تيمني حبه * عبدك من صدك مرزوق ولأبي القاسم أربعون حديثا من تخريجه سمعناها عالية. قال عبد الغافر: توفي الأستاذ أبو القاسم صبيح يوم الأحد السادس والعشرين من ربيع الآخر، سنة خمس وستين وأربع مئة. قلت: عاش تسعين سنة. وقال المؤيد في " تاريخه ": أهدي للشيخ أبي القاسم فرس، فركبه نحوا من عشرين سنة، فلما مات الشيخ لم يأكل الفرس شيئا، ومات بعد أسبوع.]اهـ
وقال عنه أيضا الحافظ الذهبي في [تاريخ الإسلام] :
- عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة بن محمد. الإمام أبو القاسم القشيري النيسابوري. الزاهد الصوفي، شيخ خراسان وأستاذ الجماعة، ومقدم الطائفة. توفي أبوه وهو طفل، فوقع إلى أبي القاسم اليماني الأديب، فقرأ الأدب والعربية عليه. وكانت له ضيعة مثقلة الخراج بناحية أستوا، فرأوا من الرأي أن يتعلم طرفاً من " الاستيفاء " ، ويشرع في بعض الأعمال بعدما أونس رشده في العربية، لعله يصون قريته، ويدفع عنها ما يتوجه عليها من مطالبات الدولة. فدخل نيسابور من قريته على هذه العزيمة، فاتفق حضوره مجلس الأستاذ أبي علي الدقاق، وكان واعظ وقته، فاستحلى كلامه، فوقع في شبكة الدقاق، ونسخ ما عزم عليه. طلب القباء، فوجد العباء، وسلك طريق الإرادة، فقبله الدقاق وأقبل عليه، وأشار إليه بتعلم العلم، فمضى إلى درس الفقيه أبي بكر الطوسي، فلازمه حتى فرغ من التعليق، ثم اختلف إلى الأستاذ أبي بكر بن فورك الأصولي، فأخذ عنه الكلام والنظر، حتى بلغ فيه الغاية. ثم اختلف إلى أبي إسحاق الإسفرائيني، ونظر في تواليف ابن الباقلاني. ثم زوجه أبو علي الدقاق بابنته فاطمة. فلما توفي أبو علي عاش أبا عبد الرحمن السلمي وصحِبه. وكتب الخط المنسوب الفائق. وبرع في علم الفروسية واستعمال السلاح، ودقق في ذلك وبالغ. وانتهت إليه رئاسة التصوف في زمانه لما أتاه الله من الأهوال والمجاهدات، وتربية المريدين وتذكيرهم، وعباراتهم العذبة. فكان عديم النظير في ذلك، طيب النفس، لطيف الإشارة، غواصاً على المعاني. صنف كتاب " نحر القلوب " ، وكتاب " لطائف الإشارات " ، وكتاب " الجواهر " ، وكتاب " أحكام السماع " ، وكتاب " آداب الصوفية " ، وكتاب " عيون الأجوبة في فنون الأسولة " ، وكتاب " المناجاة " ، وكتاب " المنتهى في نكت أولي النهى " ، وغير ذلك. أنشدنا أبو الحسين علي بن محمد، أنا جعفر بن محمد، أنا السلفي، أنا القاضي حسن بن نصر بن مرهف بنهاوند: أنشدنا أبو القاسم القشيري لنفسه: البدر من وجهك مخلوق ... والسحر من طرفك مسروق يا سيداً يتمنى حبه ... عبدك من صدك مرزوق سمع من: أبي الحسين الخفاف، وأبي نعيم الإسفراييني، وأبي بكر بن عبدوس الحيري، وعبد الله بن يوسف الأصبهاني، وأبي نعيم أحمد بن محمد المهرجاني، وعلي بن أحمد الأهوازي، وأبي عبد الرحمن السلمي، وأبي سعيد محمد بن إبراهيم الإسماعيلي، وابن باكويه الشيرازي بنيسابور. ومن: أبي الحسين بن بشران، وغيره. وكان إماما قدوة، مفسراً، محدثاً، فقيهاً، متكلماً، نحويا، كاتباً، شاعراً. قال أبو سعد السمعاني: لم ير أبو القاسم مثل نفسه في كماله وبراعته. جميع بين الشريعة والحقيقة. أصله من ناحية أستوا، وهو قشيري الأب، سلمي الأم. روى عنه: ابنه عبد المنعم، وابن ابنه أبو الأسعد هبة الرحمن، وأبو عبد الله الفراوي، وزاهر الشحامي، وعبد الوهاب بن شاه الشاذياخي، ووجيه الشحامي، وعبد الجبار الخواري، وعبد الرحمن بن عبد الله البحيري، وخلق سواهم. ومن القدماء: أبو بكر الخطيب، وغيره. وقال الخطيب: كتبنا عنه وكان ثقة. وكان يقص، وكان حسن الموعظة، مليح الإشارة، وكان يعرف الأصول على مذهب الأشعري، والفروع على مذهب الشافعي. قال لي: ولدت في ربيع الأول سنة ست وسبعين وثلاثمائة. أخبرنا أحمد بن هبة الله، عن أم المؤيد زينب الشعرية أن عبد الوهاب بن شاه أخبرها: أنا أبو القاسم القشيري، أنا أبو بكر بن فورك، أنا أحمد بن محمود بن خرزاد: ثنا الحسن بن الحارث الأهوازي، ثنا سلمة بن سعيد، عن صدقة بن أبي عمران، ثنا علقمة بن مرثد، عن زاذان، عن البراء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " حسنوا القرآن بأصواتكم، فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسناً " . قال القاضي شمس الدين بن خلكان: صنف أبو القاسم القشيري " التفسير الكبير " وهو من أجود التفاسير، وصنف " الرسالة " في رجال الطريقة. وحج مع البيهقي، وأبي محمد الجويني. وكان له في الفروسية واستعمال السلاح يد بيضاء. وقال فيه أبو الحسن الباخرزي في " دمية القصر " : لو قرع الصخر بسوط تحذيره لذاب، ولو ربط إبليس في مجلسه لتاب، وله: " فصل الخطاب، في فضل النطق المستطاب " . كما هو التكلم على مذهب الأشعري، خارج إحاطته بالعلوم عن الحد البشري، كلماته للمستفيد فرائد وفوائد، وعتبات منبره للعارفين وسائد. وله شعر يتوج به دروس معاليه إذا ختمت به أذناب أماليه. قال عبد الغافر في " تاريخه " : ومن جملة أحواله ما خص به من المحنة في الدين، وظهور التعصب بين الفريقين في عشر سنة أربعين إلى خمس وخمسين وأربعمائة، وميل بعض الولاة إلى الأهواء، وسعي بعض الرؤساء إليه بالتخليط، حتى أدى ذلك إلى رفع المجالس، وتفرق شمل الأصحاب، وكان هو المقصود من بينهم حسداً، حتى اضطر إلى مفارقة الوطن، وامتد في أثناء ذلك إلى بغداد: فورد على القائم بأمر الله، ولقي فيها قبولاً، وعقد له المجلس في منازله المختصة به. وكان ذلك بمحضر ومرأى منه. وخرج الأمر بإعزازه وإكرامه فعاد إلى نيسابور: وكان يختلف منها إلى طوس بأهله وبعض أولاده، حتى طلع صبح النوبة ألبآرسلانية سنة خمس وخمسين، فبقي عشر سنين مرفهاً محترماً مطاعاً معظماً. ولأبي القاسم: سقى الله وقتاً كنت أخلو بوجهكم ... وثغر الهوى في روضة الأنس ضاحك أقمنا زماناً والعيون قريرة ... وأصبحت يوماً والجفون سوافك قال عبد الغافر الفارسي: توفي الأستاذ عبد الكريم صبيحة يوم الأحد السادس عشر من ربيع الآخر. قلت: وله عدة أولاد أئمة: عبد الله، وعبد الواحد، وعبد الرحيم، وعبد المنعم، وغيرهم. ولما مرض لم تفته ولا ركعة قائماً حتى توفي. ورآه في النوم أبو تراب المراغي يقول: أنا في أطيب عيش، وأكمل راحة.]اهـ
- وقال عنه أيضا الحافظ الذهبي في [العبر في تاريخ من غبر]:
[أبو القاسم القشيري، عبد الكريم بن هوازن النيسابوري الصوفي الزاهد، شيخ خراسان، وأستاذ الجماعة، ومصنّف " الرسالة " توفي في ربيع الآخر، وله تسعون سنة، روى عن أبي الحسين الخفّاف، وأبي نعيم الإسفراييني وطائفة. قال أبو سعد السمعاني: لم ير أبو القاسم مثل نفسه، في كماله وبراعته، جمع بين الشريعة والحقيقة.]اهـ
- وقال عنه الصلاح الصفدي في [الوافي بالوفيات] :
عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة بن محمد. الإمام أبو القاسم القشيري، النيسابوري، الزاهد، الصوفي، شيخ خراسان، وأستاذ الجماعة، ومقدم الطائفة. قال الخطيب: كتبنا عنه وهو ثقة، وكان يعرف الأصول على مذهب الأشعري، والفروع على مذهب الشافعي. صنف التفسير، وهو من أجود التفاسير، والرسالة المشهورة في رجال الطريقة. وحج مع البيهقي، وأبي محمد الجويني. وكان له في الفروسية واستعمال السلاح يد بيضاء. وله عدة أولاد أئمة. عبد الله، وعبد الواحد، وعبد الرحيم، وعبد المنعم وغيرهم. توفي أبو القاسم سادس عشر شهر ربيع الآخر سنة خمس وستين وأربع ماية، ودفن بالمدرسة بباب الطاق بجنب شيخه الأستاذ أبي علي الدقاق. قال ياقوت: ومن عجيب ما وقع أن الفرس الذي كان يركبه كانت رمكة أهديت إليه من قريب عشرين سنة، ما كان يركب غيرها؛ ما ركبها أحد بعده! حكي أنها لم تعتلف بعد وفاته حتى نفقت يوم الجمعة سادس يوم وفاته. أخذ طريق التصوف عن الأستاذ أبي علي الدقاق، وأخذ هو عن أبي القاسم النصراباذي، وأخذ هو عن الشبلي عن الجنيد، عن السري، عن معروف الكرخي عن داود الطائي عن التابعين. وله كتاب آداب الصوفية؛ وكتاب: بلغة القاصد؛ وكتاب التحبير في علم التذكير. ومن شعره: هي النوائب والأحداث والغير ... والدهر كالنحل فيه الشهد والإبر عدات دهرك بالتأييد كاذبة ... ترى السراب شراباً من به وحر منتك نفسك أن تبقى إلى أمد ... من الخبير بما يأتي به القدر الليل حبلى وللميلاد آونة ... وما سيولد لا يدري به البشر فرب ليل بطيب الأنس مفتضح ... بضد أوله يأتي به السحر ومنه: وإذا سقيت من المحبة مصة ... ألقيت من فرط الخمار خماري كم تبت قصداً ثم لاح عذاره ... فخلعت في ذاك العذار عذاري ومنه: قالوا تهن بيوم العيد قلت لهم ... لي كل يوم بلقيا سيدي عيد الوقت عيد وروح إن شهدتم ... وإن فقدتهم نوح وتعديد ومنه: سقى الله وقتاً كنت أخلو بوجهكم ... وثغر الهوى في روضة اللهو ضاحك أقمنا زماناً والعيون قريرة ... وأصبحت يوماً والجفون سوافك]اهـ
- قال عنه الإمام ابن الملقن في كتابه [طبقات الأولياء] :
[عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيرى أبو القاسم؛ صاحب " الرسالة " و " التفسير " وغيرهما، الجامع بين الشريعة والحقيقة. صحب أبا على الدقاق، وغيره. وأصله من " أستواى " ، من العرب الذين قدموا خراسان. توفي أبوه وهو صغير، وقرأ الأدب في صباه. حضر إلى نيسابور ليتعلم الحساب، لأجل قريته، فاتفق حضوره مجلس الدقاق، فأعجبه كلامه، ووقع في قلبه، فرجع عن ذلك لعزم، وسلك طريق الإرادة، فقبله الدقاق، وأقبل عليه، وتفرس فيه فجذبه أخذ الفقه فأتقنه، ثم الأصول، على ابن فورك، والأستاذ أبى إسحاق، وجمع بين طريقتهما. ونظر في كتب ابن الباقلاني. وزوجه الدقاق ابنته مع كثرة أقاربها. وحج في رفقة فيها الجويني، والد الأمام، والبيهقي، وغيرهما، وسمع ببغداد والحجاز، وكانت له فراسة، وفروسية. وأما مجلس التذكير فهو إمامه. عقد له مجلس الوعظ ببغداد، فروى في أول مجلس منه الحديث المشهور: )السفر قطعة من العذاب. الحديث(، فقام شخص وقال: " لم سمى عذابا؟ فقال: " لأنه سبب فرقة الأحباب ! " . فاضطرب الناس وتواجدوا، وما أمكنه أن يتم المجلس، فنزل. ومن إنشاداته: إلا حي بالدمع أطلالها ... وعرج لتعرف أحوالها وهل نسيتنا بحمي عهدنا ... وهل مثل ما نالني نالها وهل يرجى لزمان النوى ... ذهاب يقصر أذيالها سقى الله أيامنا بالحمى ... وأيام سعدي، وأطلالها وأنشد لنفسه: سقى الله وقتاً كنت أخلو بوجهكم ... وثغر الهوى في روضة الأنس ضاحك أقمنا زمانا، والعيون قريرة ... وأصبحت يوماً، والجفون سوافك وكان كثيراً ما ينشد: لو كنت ساعة بيننا ما بيننا ... وشهدت حين نكرر التوديعا لعلمت أن من الدموع محدثاً ... وعلمت أن من الحديث دموعا ولد سنة سبع وسبعين وثلثمائة، ومات سنة خمس وستين والأربعمائة، بنيسابور. ودفن بالمدرسة، تحت شيخه أبى على الدقاق. وولده أبو نصر عبد الرحيم كان أيضاً إماماً كبيراً، " ومن شابه أباه فما ظلم " . واظب على دروس إمام الحرمين، فحصل طريقته في المذهب والخلاف، وحج وعقد المجلس ببغداد، وحصل له القبول التام، وحضر الشيخ أبو إسحاق الشيرازي مجلسه. وأطبق علماء بغداد على أنهم لم يروا مثله. ومن إنشاداته: ليالي الوصل قد مضين كأنها ... لآلي عقود في نحور الكواعب وأيام هجر أعقبتها، كأنها ... بياض مشيب في السواد الذوائب وكان يعظ في " النظامية " ورباط شيخ الشيوخ. ثم رجع إلى نيسابور، فلزم الدرس والوعظ، إلى أن قارب انتهاء أمره، فأصابه ضعف في أعضائه. ثم مات سنة أربع عشرة وخمسمائة، ودفن بمشهدهم. وقد ذكرت أخوته في " طبقات الفقهاء " فليراجع منها.]اهـ
- قال عنه الحافظ ابن الجوزي في [المنتظم في تاريخ الملوك والأمم]:
[عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة، أبو القاسم القشيري قشيري الأب، سلمي الأم، ولد سنة ست وسبعين وثلثمائة، توفي أبوه وهو طفل، فنشأ وقرأ الأدب والعربية، وكان يهوى مخالطة أهل الدنيا، فحضر عند أبي علي الدقاق فجذبه عن ذلك، فسمع الفقه من أبي بكر محمد بن بكر الطوسي، ثم اختلف إلى بكر بن فورك فأخذ عنه الكلام، وصار رأساً في الأشاعرة، وصنّف التفسير الكبير، وخرج إلى الحج في رفقة فيها أبو المعالي الجويني، وأبو بكر البيهقي، فسمع معهما الحديث ببغداد والحجاز، ثم أملى الحديث، وكان يعظ. وتوفي في رجب هذه السنة بنيسابور، ودفن إلى جانب شيخه أبي علي الدقاق، ولم يدخل أحد من أولاده بيته، ولا مس ثيابه ولا كتبه إلا بعد سنين احتراماً له وتعظيماً، ومن عجيب ما وقع أن الفرس التي كان يركبها كانت قد أهديت إليه، فركبها عشرين سنة لم يركب غيرها، فذكر أنها لم تعلف بعد وفاته، وتلفت بعد أسبوع.]اهـ
- وقال عنه ابن كثير في [البداية والنهاية] :
أبو القاسم القشيري صاحب الرسالة، عبد الكريم بن هوازن بن عبد المطلب بن طلحة، أبو القاسم القشيري، وأمه من بني سليم، توفي أبوه وهو طفل فقرأ الأدب والعربية، وصحب الشيخ أبا علي الدقاق، وأخذ الفقه عن أبي بكر بن محمد الطوسي، وأخذ الكلام عن أبي بكر بن فورك وصنف الكثير، وله التفسير والرسالة التي ترجم فيها جماعة من المشايخ الصالحين، وحج صحبة إمام الحرمين وأبي بكر البيهقي، وكان يعظ الناس، توفي بنيسابور في هذه السنة عن سبعين سنة، ودفن إلى جانب شيخه أبي علي الدقاق، ولم يدخل أحد من أهله بيت كتبه إلا بعد سنين، احتراما له، وكان له فرس يركبها قد أهديت له، فلما توفي لم تأكل علفا حتى نفقت بعده بيسير فماتت، ذكره ابن الجوزي، وقد أثنى عليه ابن خلكان ثناء كثيرا وذكر شيئا من شعره من ذلك قوله: سقى الله وقتا كنت أخلوا بوجهكم * وثغر الهوى في روضة الأنس ضاحك أقمنا زمانا والعيون قريرة * وأصبحت يوما الجفون سوافك وقوله: لو كنت ساعة بيننا ما بيننا * وشهدت حين فراقنا التوديعا أيقنت أن من الدموع محدثا * وعلمت أن من الحديث دموعا وقوله: ومن كان في طول الهوى ذاق سلوة * فإني من ليلى لها غير ذائق وأكثر شئ نلته من وصالها * أماني لم تصدق كخطفة بارق .]اهـ
- قال عنه الإمام ابن فضل الله العمري في [مسالك الأبصار في ممالك الأمصار]:
[الفقيه الشافعي ، كان ليومه من أمسه آخذا وبلومه من نفسه مؤاخذا ، فكان لا يزال دمعه ينهمل ، ومدمعه محمرا كأن آماقه جرح لا يندمل ، لم تشنمله الأغصان وقد مالت قدودها ، ولا أمالت ليلى قلبه وقد طال صدودها ، فلم يشك جفاء ودود ، حتى فاء إلى صديد ودود وإنما نعرف أكثر أحوال القوم من رسالته ، ويعترف الفضل تقدمه وبسالته ، وهو معدود من أهل سيادتهم ، وذوي حظوظهم في عقبى الدارين وسعادتهم. وكان علاّمة في الفقه ، والتفسير ، والحديث ، والأصول ، والأدب ، والشعر ، والكتابة ، وعلم التصوف ، وجمع بين الشريعة والحقيقة .]اهـ - وقال عنه الإمام التاج السبكي في [طبقات الشافعية الكبرى] :
[عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة بن محمد النيسابوري الأستاذ أبو القاسم القشيري النيسابوري الملقب زين الإسلام الإمام مطلقا وصاحب الرسالة التي سارت مغربا ومشرقا والبسالة التي أصبح بها نجم سعادته مشرقا والأصالة التي تجاوز بها فوق الفرقد ورقى . أحد أئمة المسلمين علما وعملا وأركان الملة فعلا ومقولا. إمام الأئمة ومجلي ظلمات الضلال المدلهمة ، أحد من يقتدى به في السنة ويتوضح بكلامه طرق النار وطرق الجنة . شيخ المشايخ وأستاذ الجماعة ومقدم الطائفة الجامع بين أشتات العلوم ولد في ربيع الأول سنة ست وسبعين وثلاثمائة ، وسمع الحديث من أبي الحسين الخفاف وأبي نعيم الإسفراييني وأبي بكر بن عبدوس المزكي وأبي نعيم أحمد بن محمج المهرجاني وعلي بن أحمد الأهوازي وأبي عبد الرحمن السلمي وابن باكوية الشيرازي والحاكم وابن فورك وأبي الحسين بن بشران وغيرهم . روى عنه ابنه عبد المنعم وابن ابنه أبو الأسعد هبة الرحمن وأبو عبد الله الفراوي وزاهر الشحامي وعبد الوهاب بن شاه الشاذياخي ووجيه الشحامي وعبد الجبار الخواري وخلق ، وروى عنه من القدماء أبو بكر الخطيب وغيره ، ووقع لنا الكثير من حديثه وأخذ الفقه عن أبي بكر محمد بن بكر الطوسي وعلم الكلام عن الأستاذ أبي بكر بن فورك ، واختلف أيضا يسيرا إلى الأستاذ أبي إسحاق وأخذ التصوف عن أستاذه أبي علي الدقاق . وكان فقيها بارعا أصوليا محققا متكلما سنيا محدثا حافظا مفسرا متفننا نحويا لغويا أديبا كاتبا شاعرا مليح الخط جدا شجاعا بطلا له في الفروسية واستعمال السلاح الآثار الجميلة . أجمع أهل عصره على أنه سيد زمانه وقدوة وقته وبركة المسلمين في ذلك العصر. قال الخطيب حدث ببغداد وكتبنا عنه وكان ثقة وكان يعظ وكان حسن المواعظ مليح الإشارة وكان يعرف الأصول على مذهب الأشعري والفروع على مذهب الشافعي وقال عبد الغافر بن إسماعيل فيه الإمام مطلقا الفقيه المتكلم الأصولي المفسر الأديب النحوي الكاتب الشاعر لسان عصره وسيد وقته وسر الله بين خلقه شيخ المشايخ وأستاذ الجماعة ومقدم الطائفة ومقصود سالكي الطريقة وبندار الحقيقة وعين السعادة وحقيقة الملاحة لم ير مثل نفسه ولا رأى الراءون مثله في كماله وبراعته جمع بين علم الشريعة والحقيقة وشرح أحسن الشرح أصول الطريقة أصله من ناحية أستوا من العرب الذين وردوا خراسان وسكنوا النواحي فهو قشيري الأب سلمي الأم وخاله أبو عقيل السلمي من وجوه دهاقين ناحية أستوا توفي أبوه وهو طفل فوقع إلى أبي القاسم الأليماني فقرأ الأدب والعربية عليه بسبب اتصاله بهم وقرأ على غيره وحضر البلد واتفق حضوره مجلس الأستاذ الشهيد أبي علي الحسن بن علي الدقاق وكان لسان وقته فاستحسن كلامه وسلك طريق الإرادة فقبله الأستاذ وأشار عليه بتعلم العلم فخرج إلى درس الشيخ الإمام أبي بكر محمد بن بكر الطوسي وشرع في الفقه حتى فرغ من التعليق ثم اختلف بإشارته إلى الأستاذ الإمام أبي بكر بن فورك وكان المقدم في الأصول حتى حصلها وبرع فيها وصار من أوجه تلامذته وأشدهم تحقيقا وضبطا وقرأ عليه أصول الفقه وفرغ منه ثم بعد وفاة الأستاذ أبي بكر اختلف إلى الأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني وقعد يسمع جميع دروسه وأتى عليه أيام فقال له الأستاذ هذا العلم لا يحصل بالسماع وما توهم فيه ضبط ما يسمع فأعاد عنده ما سمعه منه وقرره أحسن تقرير ن غير إخلال بشيء فتعجب منه وعرف محله فأكرمه وقال ما كنت أدري أنك بلغت هذا المحل فلست تحتاج إلى درسي يكفيك أن تطالع مصنفاتي وتنظر في طريقي وإن أشكل عليك شيء طالعتني به ففعل ذلك وجميع بين طريقته وطريقة ابن فورك ثم نظر بعد ذلك في كتب القاضي أبي بكر ابن الطيب وهو مع ذلك يحضر مجلس الأستاذ أبي علي إلى أن اختاره لكريمته فزوجها منه . وبعد وفاة الأستاذ عاشر أبا عبد الرحمن السلمي إلى أن صار أستاذ خراسان وأخذ في التصنيف فصنف التفسير الكبير قبل العشر وأربعمائة ورتب المجالس وخرج إلى الحج في رفقة فيها أبو محمد الجويني والشيخ أحمد البيهقي وجماعة من المشاهير فسمع معهم الحديث ببغداد والحجاز من مشايخ عصره . وكان في علم الفروسية واستعمال السلاح وما يتعلق به من أفراد العصر وله في ذلك الفن دقائق وعلوم انفرد بها وأما المجالس في التذكير والقعود فيما بين المريدين وأسئلتهم عن الوقائع وخوضه في الأجوبة وجريان الأحوال العجيبة فكلها منه وإليه أجمع أهل العصر على أنه عديم النظير فيها غير مشارك في أساليب الكلام على المسائل وتطييب القلوب والإشارات اللطيفة المستنبطة من الآيات والأخبار من كلام المشايخ والرموز الدقيقة وتصانيفه فيها المشهورة إلى غير ذلك من نظم الأشعار اللطيفة على لسان الطريقة ولقد عقد لنفسه مجلس الإملاء في الحديث سنة سبع وثلاثين وأربعمائة وكان يملي إلى سنة خمس وستين يذنب أماليه بأبياته وربما كان يتكلم على الحديث بإشاراته ولطائفه وله في الكتابة طريقة أنيقة رشيقة تبري على النظم ولقد قرأت فصلا ذكره علي بن الحسن في دمية القصر وهو أن قال الإمام زين الإسلام أبو القاسم جامع لأنواع المحاسن تنقاد له صعابها ذلل المراسن فلو قرع الصخر بسوط تحذيره لذاب ولو ربط إبليس في مجلس تذكيره لتاب وله فصل الخطاب في فضل النطق المستطاب ماهر في التكلم على مذهب الأشعري خارج في إحاطته بالعلوم على الحد البشري كلماته للمستفيدين فوائد وفرائد وعتبات منبره للعارفين وسائد وله شعر يتوج به رؤوس معاليه إذا ختمت به أذناب أماليه قال عبد الغافر وقد أخذ طريق التصوف من الأستاذ أبي علي الدقاق وأخذها أبو علي عن أبي القاسم النصراباذي والنصراباذي عن الشبلي والشبلي عن الجنيد والجنيد عن السري السقطي والسري عن معروف الكرخي ومعروف عن داود الطائي وداود لقي التابعين هكذا كان يذكر إسناد طريقته ومن جملة أحواله ما خص به من المحنة في الدين والاعتقاد وظهور التعصب بين الفريقين في عشر سنة أربعين إلى خمس وخمسين وأربعمائة وميل بعض الولاة إلى الأهواء وسعى بعض الرؤساء والقضاة إليه بالتخليط حتى أدى ذلك إلى رفع المجالس وتفرق شمل الأصحاب وكان هو المقصود من بينهم حسدا حتى اضطرته الحال إلى مفارقة الأوطان وامتد في أثناء ذلك إلى بغداد وورد على أمير المؤمنين القائم بأمر الله ولقي فيها قبولا وعقد له المجلس في منازله المختصة به وكان ذلك بمحضر ومرأى منه ووقع كلامه في مجلسه الموقع وخرج الأمر بإعزازه وإكرامه وعاد إلى نيسابور وكان يختلف منها إلى طوس بأهله وبعض أولاده حتى طلع صبح النوبة المباركة دولة السلطان ألب أرسلان في سنة خمس وخمسين وأربعمائة فبقي عشر سنين في آخر عمره مرفها محترما مطاعا معظما وأكثر صفوه في آخر أيامه التي شاهدناه فيها أخيرا إلى أن تقرأ عليه كتبه وتصانيفه والأحاديث المسموعة له وما يؤول إلى نصرة المذهب بلغ المنتمون إليه لافا فأملوا بذكره وتصانيفه أطرافا انتهى كلام عبد الغافر قال ابن السمعاني : سمعت أبا بشر مصعب بن عبد الرزاق بن مصعب المصعبي بمرو يقول حضر الأستاذ أبو القاسم مجلس بعض الأئمة الكبار وكان قاضيا بمرو وأظنه قال القاضي علي الدهقان وقت قدومه علينا فلما دخل الأستاذ قام القاضي على رأس السرير وأخذ مخدة كان يستند عليها على السرير وقال لبعض من كان قاعدا على درجة المنبر احملها إلى الأستاذ الإمام ليقعد عليها ثم قال أيها الناس حججت سنة من السنين وكان قد اتفق أن حج تلك السنة هذا الإمام الكبير وأشار إلى الأستاذ وكان يقال لتلك السنة سنة القضاة وكان حج تلك السنة أربعمائة نفس من قضاة المسلمين وأئمتهم من أقطار البلدان وأقاصي الأرض وأرادوا أن يتكلم واحد منهم في حرم الله سبحانه وتعالى فاتفق الكل على الأستاذ أبي القاسم فتكلم هو باتفاق منهم . قلت من سمع هذه الحكاية لم يستنكر ما ذكره الغزالي في باب الولاء في مسألة أربعمائة قاض وبلغنا أنه مرض للأستاذ أبي القاسم ولد مرضا شديدا بحيث آيس منه فشق ذلك على الأستاذ فرأى الحق سبحانه وتعالى في المنام فشكى إليه فقال له الحق سبحانه وتعالى اجمع آيات الشفاء واقرأها عليه واكتبها في إناء واجعل فيه مشروبا واسقه إياه ففعل ذلك فعوفي الولد وآيات الشفاء في القرآن ست : ( ويشف صدور قوم مؤمنين ) ( شفاء لما في الصدور ) ( فيه شفاء للناس ) ( وننزل من القرءان ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ) ( وإذا مرضت فهو يشفين ) ( قل هو للذين ءامنوا هدى وشفاء ) ورأيت كثيرا من المشايخ يكتبون هذه الآيات للمريض ويسقاها في الإناء طلبا للعافية . ومن تصانيف الأستاذ : التفسير الكبير وهو من أجود التفاسير وأوضحها والرسالة المشهورة المباركة التي قيل ما تكون في بيت وينكب والتحبير في التذكير وآداب الصوفية ولطائف الإشارات وكتاب الجواهر وعيون الأجوبة في فنون الأسئلة وكتاب المناجاة وكتاب نكت أولي النهى وكتاب نحو القلوب الكبير وكتاب نحو القلوب الصغير وكتاب أحكام السماع وكتاب الأربعين في الحديث وقع لنا بالسماع المتصل وغير ذلك وخلف من البنين ستة ذكرناهم في هذه الطبقات عبادلة كلهم من السيدة الجليلة فاطمة بنت الأستاذ أبي علي الدقاق قال النقلة ولما مرض لم تفته ولا ركعة قائما بل كان يصلي قائما إلى أن توفي رحمه الله في صبيحة يوم الأحد السادس عشر من شهر ربيع الآخر سنة خمس وستين وأربعمائة ودفن في المدرسة إلى جانب أستاذه أبي علي الدقاق قال أبو تراب المراغي رأيته في النوم فقال أنا في أطيب عيش وأكمل راحة وقال غيره كانت للأستاذ فرس يركبها فلما مات امتنعت عن العلف ولم تطعم شيئا ولم تمكن راكبا من ركوبها ومكثت أياما قلائل على هذا بعده إلى أن ماتت . ومن رشيق كلامه ومليح شعره وجليل الفوائد عنه قال عبد المنعم بن الأستاذ أبي القاسم سمعت والدي يقول المريد لا يفتر آناء الليل وأطراف النهار فهو في الظاهر بنعت المجاهدات وفي الباطن بوصف المكابدات فارق الفراش ولازم الانكماش وتحمل المصاعب وركب المتاعب وعالج الأخلاق ومارس المشاق وعانق الأهوال وفارق الأشكال كما قيل ( ثم قطعت الليل في مهمة ... لا أسدا أخشى ولا ذيبا ) ( يغلبني شوقي فأطوي السرى ... ولم يزل ذو الشوق مغلوبا ) ومن شعر الأستاذ ( يا من تقاصر شكري عن أياديه ... وكل كل لسان عن معاليه ) ( وجوده لم يزل فردا بلا شبه ... علا عن الوقت ماضيه وآتيه ) ( لا دهر يخلقه لا قهر يلحقه ... لا كشف يظهره لا ستر يخفيه ) ( لا عد يجمعه لا ضد يمنعه ... لا حد يقطعه لا قطر يحويه ) ( لا كون يحصره لا عون ينصره ... وليس في الوهم معلوم يضاهيه ) ( جلاله أزلي لا زوال له ... وملكه دائم لا شيء يفنيه ) وقال أيضا ( لو كنت ساعة بيننا ما بيننا ... وشهدت حين نكرر التوديعا ) ( أيقنت أن من الدموع محدثا ... وعلمت أن من الحديث دموعا ) وقال أيضا ( وإذا سقيت من المحبة مصة ... ألقيت من فرط الخمار خماري ) ( كم تبت قصدا ثم لاح عذاره ... فخلعت من ذاك العذار عذاري ) وقال أيضا ( أيها الباحث عن دين الهدى ... طالبا حجة ما يعتقده ) ( إن ما تطلبه مجتهدا ... غير دين الشافعي لا تجده ) وقال أيضا ( لا تدع خدمة الأكابر واعلم ... أن في عشرة الصغار صغارا ) ( وابغ من في يمينه لك يمن ... وترى في اليسار منه اليسارا ) قلت ذكرت هنا قولي قديما ( قبيح بي ورب العرش ربي ... أخاف الضر أو أخشى افتقارا ) ( وكيف وإن أمد له يمينا ... لتدعو ظل يمنحها اليسارا ) وقال أيضا ( جنباني المجون يا صاحبيا ... واتلوا سورة الصلاة عليا ) ( قد أجبنا لزاجر العقل طوعا ... وتركنا حديث سلمى وميا ) ( ومنحنا لموجب الشرع نشرا ... وشرعنا لموجب اللهو طيا ) ( ووجدنا إلى ا لقناعة بابا ... فوضعنا على المطامع كيا ) ( كنت في حر وحشتي لاختياري ... فتعوضت بالرضى منه فيا ) ( إن من يهتدي لقطع هواه ... فهو في العز حاز أوج الثريا ) ( والذين ارتووا بكأس مناهم ... فعلى الصيد سوف يلقون غيا ) ]اهـ
- وقال عنه الإمام ابن قاضي شهبة في [طبقات الشافعية] :
[عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة بن محمد، الأستاذ أبو القاسم القشيري النيسابوري. أحد العلماء بالشريعة والحقيقة أخذ الطريقة عن الشيخ أبي علي الدقاق وأب عبد الرحمن السلمي، ودرس الفقه على أبي بكر الطوسي حتى فرغ من التعليق وقر الكلام على أبي بكر بن فورك وأبي إسحاق الإسفراييني وبرع في ذلك، وحج مع البيهقي وأبي محمد الجويني. ذكره الخطيب البغدادي ومات قبله، وقال: كتبنا عنه وكان ثقة، وكان يقص ، وكان حسن الموعظة مليح الإشارة، وكان يعرف الأصول على مذهب الأشعري والفروع على مذهب الشافعي. وقال ابن السمعاني: لم ير أبو القاسم مثل نفسه في كماله وبراعته، جمع بين الشريعة والحقيقة. وقال ابن خلكان: صنف أبو القاسم التفسير الكبير، وهو من أجود التفاسير، وصنف الرسالة في رجال الطريقة، وذكر له الذهبي مصنفات أخر. ولد في ربيع الأول سنة ست وسبعين وثلاثمائة، وتوفي في ربيع الآخر سنة خمس وستين وأربعمائة عن تسع وثمانين سنة ودفن إلى جانب أستاذه أبي علي في المدرسة.]اهـ
- وقال عنه الإمام اليافعي في [مرآة الجنان] :
[وفيها توفي الأستاذ الكبير العارف بالله الشهير السيد الجليل الإمام، جامع الفضائل والمحاسن زين الإسلام أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري النيسابوري الصوفي شيخ خراسان، وأستاذ الجماعة، ومصنف الرسالة. قال أبو سعيد السمعاني: لم ير أبو القاسم مثل نفسه في كماله وبراعته، كان علامة في الفقه والتفسير والحديث والأصول والشعر والأدب والكتابة وعلم التصوف، جمع بين الشريعة والحقيقة، أصله من ناحية اسنوا، من العرب الذين قدموا خراسان. توفي أبوه وهو صغير، فتعلم الأدب، وحضر مجلس الأستاذ أبي علي الدقاق وكان إمام وقته فلما سمع كلامه أعجبه، ووقع في قلبه، فسلك طريق الإرادة، فقبله الدقاق، وأقبل عليه، وتفرس فيه النجابة، فجذبه بهمته، وأشار عليه بالاشتغال بالعلم، فخرج إلى درس محمد بن أبي بكر الطوسي، وشرع في الفقه حتى فرغ من تعليقه، ثم اختلف إلى الأستاذ أبي بكر بن فورك، فقرأ عليه حتى أتقن علم الأصول، ثم تردد إلى الأستاذ أبي إسحاق الإسفرائيني ، وقعد ليسمع درسه أياما، فقال الأستاذ: هذا العلم لا يحصل بالسماع، ولا بد من الضبط بالكتابة، فأعاد عليه جميع ما سمع منه في تلك الأيام، فعجب منه، وعرف محله، فأكرمه وقال له: ما تحتاج إلى درس، بل يكفيك أن تطالع مصنفاتي. فقعد، وجمع بين طريقته وطريقة ابن فورك، ثم نظر في كتب القاضي أبي بكر بن الطيب الباقلاني، وهو مع ذلك يحضر مجلس الأستاذ أبي علي الدقاق، وزوجه ابنته مع كثرة أقاربها، وبعد وفاة أبي علي سلك مسلك المجاهدة والتجريد، وأخذ في التصنيف، فصنف التفسير الكبير، وسقاه التيسير في علم التفسير وهو من أجود التفاسير، وصنف الرسالة في رجال الطريقة، وخرج إلى الحج في رفقة فيها الإمام أبو محمد الجويني وإمام الحرمين والإمام الحافظ أحمد بن الحسين البيهقي، وجماعة من المشاهير وسمع منهم الحديث في بغداد والحجاز، وكان له في الفروسية واستعمال السلاح الباع الطويل،والبراعة البالغة. وأما مجلس الوعظ والتذكير فهو إمامها المنفرد بها، عقد لنفسه مجلس الإملاء في الحديث.وذكره صاحب كتاب دمية القصر، وبالغ في الثناء عليه حتى قال في مبالغته: لو قرع الصخر بسوط تخويفه لذاب، ولو ربط إبليس في مجلسه لناب.وذكره الخطيب في تاريخه وقال: كان حسن الموعظة، مليح الإشارة، يعرف الأصول على مذهب الأشعري، والفروع على مذهب الشافعي.وذكره الشيخ الإمام عبد الغافر في تاريخه فقال: عبد الكريم بن هوازن أبو القاسم القشيري الإمام مطلقا، الفقيه المتكلم الأصولي، المفسر الأديب النحوي، الكاتب الشاعر، لسان عصره وسيد وقته، ونصر الله بين خلقه، شيخ المشايخ وأستاذ الجماعة، ومقدم الطائفة ومقصود سالكي الطريقة، وبندار الحقيقة وعين السعادة، وقطب السيادة وحقيقة الملاحة، لم ير مثل نفسه في كماله وبراعته، وجمع بين علم الشريعة والحقيقة.وذكر الخطيب سماعه من جماعة كثيرين من الأكابر: كأبي نعيم والحاكم والخفاف والسلمي وابن فورك وأشباههم.قلت: وقد ذكرت عن الإمام الحافظ ابن عساكر في كتابي الشاش المعلم محاسن كثيرة وقضايا شهيرة، وحذفتها هناك.وقال أبو عبدالله محمد بن الفضل الفراوي: أنشدنا عبد الكريم بن هوازن لنفسه:لإمام عبد الغافر في تاريخه فقال: عبد الكريم بن هوازن أبو القاسم القشيري الإمام مطلقا، الفقيه المتكلم الأصولي، المفسر الأديب النحوي، الكاتب الشاعر، لسان عصره وسيد وقته، ونصر الله بين خلقه، شيخ المشايخ وأستاذ الجماعة، ومقدم الطائفة ومقصود سالكي الطريقة، وبندار الحقيقة وعين السعادة، وقطب السيادة وحقيقة الملاحة، لم ير مثل نفسه في كماله وبراعته، وجمع بين علم الشريعة والحقيقة.وذكر الخطيب سماعه من جماعة كثيرين من الأكابر: كأبي نعيم والحاكم والخفاف والسلمي وابن فورك وأشباههم.قلت: وقد ذكرت عن الإمام الحافظ ابن عساكر في كتابي الشاش المعلم محاسن كثيرة وقضايا شهيرة، وحذفتها هناك.وقال أبو عبدالله محمد بن الفضل الفراوي: أنشدنا عبد الكريم بن هوازن لنفسه: سقى الله وقتا كنت أخلو بوجهكم ... وثغر الهوى في روضة الأنس ضاحك قمنا زمانا والعيون قريرة ... وأصبحت يوما والعيون سوافك ومما أنشده في رسالته المشهورة. ومن كان في طول الهوى ذاق سلوة ... فإني من ليلى لها غير ذائق وأكثر شيء نبته من وصالها ... أماني لم تصدق كلمحة بارق وكان ولده أبو نصر عبد الرحيم إماما كبيرا، أشبه أباه في علومه ومجالسه، ثم واظب دروس إمام الحرمين أبي المعالي، حتى حصل طريقته في المذهب والخلاف، ثم خرج إلى الحج، فوصل إلى بغداد، وعقد بها مجلس وعظ، وحصل له قبول عظيم، وحضر الشيخ أبو إسحاق الشيرازي مجلسه، وأطبق علماء بغداد على أنه لم ير مثله. قلت: وسيأتي ذكر شيء من محاسنه وسيرته في ترجمته إن شاء الله تعالى.]اهـ
- وقال عنه السمعاني في [الأنساب] :
[ومن المتأخرين المشهورين بخراسان: الأستاذ الإمام أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة القشيري، أحد مشاهير الدنيا بالفضل والعلم والزهد. وأولاده: أبو سعد عبد الله، وأبو سعيد عبد الواحد، وأبو منصور عبد الرحمن، وأبو نصر عبد الرحيم، وأبو الفتح عبيد الله، وأبو المظفر عبد المنعم، حدثوا جميعا بالكثير. روى لي عن الأستاذ قريب من خمسة عشر نفسا، وعن أولاده الثلاثة الأول جماعة كثيرة، وأدركت أبا المظفر، وقرأت عليه الكثير.]اهـ
- وقال عنه الإمام السيوطي في [طبقات المفسرين]:
[عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة بن محمد الإمام أبو القاسم القشيري النيسابوري. الزاهد، الصوفي، شيخ خراسان، وأستاذ الجماعة، ومقدم الطائفة. قرأ الأدب والعربية على أبي القاسم الأليماني ، ثم لازم الأستاذ أبا علي الدقاق1 في التصوف، والفقيه أبا بكر الطوسي في الفقه، وأبا بكر بن فورك في الكلام والنظر حتى بلغ الغاية في جميع ذلك. واختلف أيضا إلى أبي إسحاق الإسفرايني ، وكتب الخط المنسوب، وبرع في علم الفروسية و استعمال السلاح. وسمع الحديث من أبي الحسين الخفاف، وأبي نعيم الإسفرايني وأبي عبد الرحمن السلمي وأبي الحسين بن بشران وغيرهم. وكان إماما، قدوة، مفسرا، محدثا، فقيها، شافعيا، متكلما، أشعريا، نحويا، كاتبا، شاعرا، صوفيا، زاهدا، واعظا، حسن الوعظ، مليح الإشارة، حلو العبارة، انتهت إليه رئاسة التصوف في زمانه. قال ابن السمعاني: لم ير أبو القاسم مثل نفسه في كماله وبراعته، جمع بين الشريعة والحقيقة. وصنف " التفسير الكبير " وهو من أجود التفاسير، وله " الرسالة " في رجال الطريقة، وكتاب " لطائف الإشارات " وكتاب " نحو القلوب " وغير ذلك. روى عنه أبو عبد الله الفراوي، وزاهر الشحامي،و وجيه4 الشحامي وخلائق. ولد في ربيع الأول سنة ست وسبعين وثلاثمائة وما ت يوم الأحد سادس عشر ربيع الآخر سنة خمس وستين وأربعمائة وله عدة أولاد أئمة.]اهـ
- وقال عنه ابن تغرى بردي في [النجوم الزاهرة] :
[وفيها توفي عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة بن محمد، أبو القاسم القشيري النيسابوري. ولد سنة ست وسبعين وثلاثمائة في شهر ربيع الأول؛ وربي يتيما فقرأ واشتغل بالأدب والعربية. وكان أولا من أبناء الدنيا، فجذبه أبو علي الدقاق فصار من الصوفية. وتفقه على بكر بن محمد الطوسي، وأخذ الكلام عن ابن فورك، وصنف التفسير الكبير والرسالة. وكان يعظ ويتكلم بكلام الصوفية. ومات بنيسابور. ومن شعره: السريع. إن نابك الدهر بمكروه ... فقل بتهوين تخاويفه فعن قريب ينجلي غمه ... وتنقضي كل تصاريفه وقد روينا رسالته عن حافظ العصر قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن علي ابن حجر، أنا أبو الحسن بن أبي المجد شفاها، أنا أبو محمد القاسم بن مظفر بن عساكر إجازة إن لم يكن سماعا، أنا محمد بن علي بن محمود العسقلاني سماعا، أنا أم المؤيد زينب بنت عبد الرحمن الشعرية سماعا، أنا أبو الفتوح عبد الوهاب بن شاه الكرماني، أنا المؤلف رحمه الله.]اهـ
- وقال عنه الكتاني في [الرسالة المستطرقة] :
[و ( الرسالة القشيرية ) ( لأبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري ) الأستاذ الشافعي المتوفى : سنة خمس وستين وأربعمائة وهي التي قيل فيها : أنها ما كانت في بيت فينكب أهله وأثنى عليها وعلى صاحبها غير واحد من الراسخين .]اهـ
- وقال عنه الإمام عبد الرءوف المناوي في [الكواكب الدرية في تراجم السادة الصوفية]:
[الأستاذ أبو القاسم القشيري الملقب زين الإسلام ، الإمام مطلقا وصاحب الرسالة التي سارت مغربا ومشرقا ، والأصالة التي تجاوز بها فوق الفرقدين . إمام الأئمة ، ومجلي ظلمات الضلال المدلهمة ، شيخ المشايخ أستاذ الجماعة مقدم الطائفة الجامع للطريقين ، ولد سنة سبع وسبعين وثلاثمائة ، وسمع الحديث من الحاكم والأهوازي والسلمي وغيرهم ، ورى عنه الخطيب وغيره ، وكان فقيها من فقهاء الشافعية أصوليا متحققا متكلفا سنيا محدثا حافظا مفسرا مفتيا نحويا لغويا أديبا كاتبا شاعرا مليح الخط جدا ، شجاعا بطلا أجمع أهل عصره على أنه سيد زمانه وقدوة وقته وأوانه ، لم ير مثل نفسه ولا رأى الراؤون مثله في كلامه وبراعته جمع بين الشريعة والحقيقة . وأما المجالس في التذكير والقعود بين المريدين وأجوبة أسئلتهم عن الوقائع فأجمعوا على أنه عديم النظر فيه وتصانيفه في ذلك مشهورة .]اهـ مختصرا
- قال عنه ابن العماد الحنبلي في [شذرات الذهب في أخبار من ذهب] :
[الصوفي الزاهد شيخ خراسان ، وأستاذ الجماعة ، ومصنف الرسالة ، توفي في ربيع الآخر وله تسعون ستة . روى عن أبي الحسن الخفاف ، وأبي نعيم ، وطائفة . وقال السخاوي : عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة بن محمد القشيري أبو القاسم المفسر المحدث ، الفقيه الشافعي ، المتكلم الأصولي ، الأديب النحوي ، الكاتب الشاعر ، الصوفي ، لسان عصره وسيد وقته ، سيد لم ير مثل نفسه في كماله وبراعته ، جمع بين علمي الشريعة والحقيقة ... وكان أملح خلق الله وأظرفهم شمائل .]اهـ مختصرا
- قال عنه الزركلي في [الأعلام] : عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك ابن طلحة النيسابوري القشيري، من بني قشير ابن كعب، أبو القاسم، زين الإسلام: شيخ خراسان في عصره، زهدا وعلما بالدين. كانت إقامته بنيسابور وتوفي فيها. وكان السلطان ألب أرسلان يقدمه ويكرمه. من كتبه " التيسير في التفسير - خ " ويقال له " التفسير الكبير " و " لطائف الإشارات - ط " ثلاثة أجزاء منه، في التفسير أيضا، و " الرسالة القشيرية - ط ".]اهـ
- قال عنه الأستاذ عمر رضا كحالة في [معجم المؤلفين] :
[عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة بن محمد النيسابوري، القشيري، الشافعي (أبو القاسم، رين الإسلام) صوفي، مفسر، فقيه، أصولي، محدث، متكلم، واعظ، أديب، ناثر، ناظم. ولد في ربيع الأول، وتعانى الفروسية والعمل بالسلاح حتى برع في ذلك، ثم تعلم الكتابة والعربية، ثم سمع الحديث. وتوفي بنيسابور في 16 ربيع الآخر من تصانيفه: التيسير في التفسير، حياة الأرواح والدليل إلى طريق الصلاح، الرسالة القشيرية في التصوف، الفصول في الأصول، وأربعون حديثا.]اهـ[/align][/font]
_________________ رضينا يا بني الزهرا رضينا بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا
يا رب
إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ
|