موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 7 مشاركة ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: سلسلة أعلام الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يونيو 12, 2008 12:15 am 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14765
مكان: مصـــــر المحروسة
[font=Tahoma][align=justify]
لأن تلبيس وتدليس أهل الباطل انتشر في أيامنا هذه

وأصبح هناك من يشيع بين المسلمين رؤى وأطروحات براقة المظهر فارغة المحتوى والمضمون .

وظهر من يرى الأشياء بفهم منكوس وفطرة ملوثة .

فهذه دعوة في هذه المساحة كي نرى الأشياء على حقيقتها وواقعها الفعلي .

دعوة للتعرف على رموز التصوف من منظور حقيقي وفق ما سجله أئمة المسلمين وارتضته جماهير الأمة ،

بعيد ا عن أكاذيب المفترين وأباطيل المضللين .

دعوة كي نعرف القيمة الحقيقية لهؤلاء الأئمة الأعلام كما رأتهم الأمة ، لا كما يراهم أهل الباطل والضلال.

هي دعوة لمعرفة الحقيقة .

**سلسلة أعلام الصوفية **

- الإمام أبو القاسم القشيري :


- قال عنه الخطيب البغدادي في [تاريخ بغداد] :

[عبد الكريم بن هوزان بن عبد الملك بن طلحة بن محمد أبو القاسم القشيري النيسابوري: سمع أحمد بن محمد بن عمر الخفاف ومحمد بن أحمد بن عبدوس المكي وأبا نعيم عبد الملك بن الحسن الإسفراييني وعبد الرحمن بن إبراهيم بن محمد المزكي ومحمد بن الحسن بن فورك والحاكم أبا عبد الله بن البيع ومحمد بن الحسين العلوي وأبا عبد الرحمن السلمي وقدم علينا في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة وحدث ببغداد وكتبنا عنه وكان ثقة وكان يقص وكان حسن الموعظة مليح الإشارة وكان يعرف الأصول على مذهب الأشعري والفروع على مذهب الشافعي.
أخبرنا القشيري أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن عمر الخفاف بنيسابور أخبرنا أبو العباس السراج حدثنا عبيد الله بن سعيد حدثنا يحيى بن سعيد عن هشام قال: أخبرني أبي عن عائشة قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في شيء من صلاة الليل جالساً حتى إذا كبر قرأ جالساً فإذا بقي عليه من السورة ثلاثون أو أربعون آية قام فقرأهن ثم ركع.
سألت القشيري عن مولده فقال: في ربيع الأول من سنة ست وسبعين وثلاثمائة قال شجاع الذهلي وتوفي بنيسابور في سنة خمس وستين وأربعمائة.]اهـ

- وقال عنه القاضي ابن خلكان في [وفيات الأعيان] :

[أبو القاسم عبد الكريم بن هوزان بن عبد الملك بن طلحة بن محمد القشيري الفقيه الشافعي؛ كان علامة في الفقه والتفسير والحديث والأصول والأدب والشعر والكتابة وعلم التصوف، جمع بين الشريعة والحقيقة، أصله من ناحية أستوا من العرب الذين قدموا خراسان، توفي أبوه وهو صغير، وقرأ الأدب في صباه، وكانت له قرية مثقلة الخراج بنواحي أستوا فرى من الرأي أن يحضر إلى نيسابور يتعلم طرفاً من الحساب ليتولى الاستيفاء ويحمي قريته من الخراج، فحضر نيسابور على هذا العزم، فاتفق حضوره مجلس الشيخ أبي علي الحسن بن علي النيسابوري المعروف بالدقاق، وكان إمام وقته، فلما سمع كلامه أعجبه ووقع في قلبه فرجع عن ذلك العزم، وسلك طريق الإرادة، فقبله الدقاق وأقبل عليه، وتفرس فيه النجابة فجذبه بهمته وأشار عليه بالاشتغال بالعلم، فخرج إلى درس أبي بكر محمد بن أبي بكر الطوسي، وشرع في الفقه حتى فرغ من تعليقه، ثم اختلف إلى الأستاذ أبي بكر ابن الإسفراييني، وقعد يسمع درسه أياماً فقال الأستاذ: هذا العلم لا يحصل بالسماع ولابد من الضبط بالكتابة، فأعاد عليه جميع ما سمعه تلك الأيام، فعجب منه وعرف محله فأكرمه وقال له: ما تحتاج إلى درس بل يكفيك أن تطالع مصنفاتي فقعد وجمع بين طريقته وطريقة ابن فورك، ثم نظر في كتب القاضي أبي بكر بن الطيب الباقلاني وهو مع ذلك يحضر مجلس أبي علي الدقاق، وزوجه ابنته مع كثرة أقاربها.
وبعد وفاة أبي علي سلك مسلك المجاهدة والتجريد وأخذ في التصنيف، فصنف التفسير الكبير قبل سنة عشر وأربعمائة، وسماه " التيسير في علم التفسير " وهو من أجود التفاسير، وصنف الرسالة " في رجال الطريقة " ، وخرج إلى الحج في رفقة فيها الشيخ أبو محمد الجويني والد إمام الحرمين وأحمد بن الحسين البيهقي وجماعة من المشاهير، فسمع معهم الحديث ببغداد والحجاز.
وكان له في الفروسية واستعمال السلاح يد بيضاء، وأما مجالس الوعظ والتذكير فهو إمامها، وعقد لنفسه مجلس الإملاء في الحديث سنة سبع وثلاثين وأربعمائة. وذكره أبي الحسن علي الباخرزي في كتاب " دمية القصر " وبالغ في الثناء عليه، وقال في حقه: لو قرع الصخر بصوت تحذيره لذاب ولو ربط إبليس في مجلسه لتاب.
وذكره الخطيب في تاريخه وقال: قدم علينا - يعني إلى بغداد - في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة وحدث ببغداد وكتبنا عنه، وكان ثقة وكان يقص وكان حسن الوعظ مليح الإشارة، وكان يعرف الأصول على مذهب الأشعري والفروع على مذهب الشافعي. وذكره عبد الغافر الفارسي في تاريخه . وقال أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي: أنشدنا عبد الكريم بن هوازن القشيري لنفسه:
سقى الله وقتاً كنت أخلو بوجهكم ... وثغر الهوى في روضة الأنس ضاحك
أقمنا زماناً والعيون قريرة ... وأصبحت يوماً والجفون سوافك
وقال أبو الفتح محمد بن محمد بن علي الواعظ الفراوي: وكان أبو القاسم القشيري كثيراً ما ينشد لبعضهم وهو ذو القرنين ابن حمدان المقدم ذكره في حرف الذال:
لو كنت ساعة بيننا ما بيننا ... وشهدت كيف تكرر التوديعا
أيقنت أن من الدموع محدثاً ... وعلمت أن من الحديث دموعا ولد في شهر ربيع الأول سنة ست وسبعين وثلثمائة؛ وتوفي صبيحة يوم الأحد قبل طلوع الشمس سادس عشر ربيع الآخر سنة خمس وستين وأربعمائة بمدينة نيسابور، ودفن بالمدرسة تحت شيخه أبي علي الدقاق، رحمه الله تعالى، ورأيت في كتابه المسمى بالرسالة بيتين أعجباني، فأحببت ذكرهما :
ومن كان في طول الهوى ذاق سلوةً ... فإني من ليلى لها غير ذائق
وأكثر شيء نلته من وصالها ... أماني لم تصدق كخطفة بارق
وكان ولده أبو نصر عبد الرحيم إماماً كبيراً أشبه أباه في علومه ومجالسه، ثم واظب دروس إمام الحرمين أبي المعالي حتى حصل طريقته في المذهب والخلاف ثم خرج للحج فوصل إلى بغداد وعقد بها مجلس وعظ، وحصل له قبول عظيم وحضر الشيخ أبو إسحاق الشيرازي مجلسه وأطبق علماء بغداد على أنهم لم يروا مثله، وكان يعظ في المدرسة النظامية ورباط شيخ الشيوخ، وجرى له مع الحنابلة خصام بسبب الاعتقاد لأنه تعصب للأشاعرة وانتهى الأمر إلى فتنة قتل فيها جماعة من الفريقين، وركب أحد أولاد نظام الملك حتى سكنها، وبلغ الخبر نظام الملك وهو بأصبهان، فسير إليه واستدعاه فلما حضر عنده زاد في إكرامه ثم جهزه إلى نيسابور فلما وصلها لازم الدرس والوعظ إلى أن قارب انتهاء أمره فأصابه ضعف في أعضائه وأقام كذلك مقدار شهر، ثم توفي ضحوة نهار الجمعة الثامن والعشرين من جمادى الآخرة سنة أربع عشرة وخمسمائة بنيسابور، ودفن في المشهد المعروف بهم، رحمه الله تعالى.
وكان يحفظ من الشعر والحكايات شيئاً كثيراً، ورأيت له في بعض المجاميع هذه الأبيات، وذكرها السمعاني في " الذيل " أيضاً:
القلب نحوك نازع ... والدهر فيك منازع
جرت القضية بالنوى ... ما للقضية وازع
الله يعلم أنني ... لفراق وجهك جازع
وتوفي شيخه أبو علي الدقاق المذكور في سنة اثنتي عشرة وأربعمائة.
والقشيري: بضم القاف وفتح الشين المعجمة وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها راء، هذه النسبة إلى قشير بن كعب، وهي قبيلة كبيرة.
وأستوا: بضم الهمزة وسكون السين المهملة وضم التاء المثناة من فوقها أو فتحها وبعدها واو ثم ألف، وهي ناحية بنيسابور كثيرة القرى خرج منها جماعة من العلماء. ]اهـ

- قال عنه الإمام ابن عساكر في [تبيين كذب المفتري فيما نسب للإمام أبي الحسن الأشعري] :

[أخبرنا الشيخان أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور وأبو منصور محمد بن عبد الملك بن الحسن ، قالا قال لنا الشيخ أبو بكر أحمد بن علي الحافظ : عبد الكريم بن هوزان بن عبد الملك بن طلحة بن محمد أبو القاسم القشيري النيسابوري: سمع أحمد بن محمد بن عمر الخفاف ومحمد بن أحمد بن عبدوس المكي وأبا نعيم عبد الملك بن الحسن الإسفراييني وعبد الرحمن بن إبراهيم بن محمد المزكي ومحمد بن الحسن بن فورك والحاكم أبا عبد الله بن البيع ومحمد بن الحسين العلوي وأبا عبد الرحمن السلمي وقدم علينا في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة وحدث ببغداد وكتبنا عنه وكان ثقة وكان يقص وكان حسن الموعظة مليح الإشارة وكان يعرف الأصول على مذهب الأشعري والفروع على مذهب الشافعي.
سألت القشيري عن مولده فقال: في ربيع الأول من سنة ست وسبعين و وثلاثماية ، كان ينبغي أن يكون في الطبقة الثالثة وإنما أخرته لتأخر وفاته .
وقال عبد الغافر بن إسماعيل فيه الإمام مطلقا الفقيه المتكلم الأصولي المفسر الأديب النحوي الكاتب الشاعر لسان عصره وسيد وقته وسر الله بين خلقه
كتب إليّ الشيخ أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي قال :
عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة بن محمد القشيري أبو القسم الإمام مطلقا الفقيه المتكلم الأصولي ، المفسر الأديب النحوي الكاتب الشاعر ، لسان عصره وسيد وقته وسر الله بين خلقه ، شيخ المشايخ وأستاذ الجماعة ومقدم الطائفة ومقصود سالكي الطريقة وبندار الحقيقة وعين السعادة وحقيقة الملاحة لم ير مثل نفسه ولا رأى الراءون مثله في كماله وبراعته جمع بين علم الشريعة والحقيقة وشرح أحسن الشرح أصول الطريقة
أصله من ناحية أستواء من العرب الذين وردوا خراسان وسكنوا النواحي فهو قشيري الأب سلمي الأم وخاله أبو عقيل السلمي من وجوه دهاقين ناحية أستواء.
توفي أبوه وهو طفل فوقع إلى أبي القاسم الأليماني فقرأ الأدب والعربية عليه بسبب اتصاله بهم وقرأ على غيره وحضر البلد واتفق حضوره مجلس الأستاذ الشهيد أبي علي الحسن بن علي الدقاق وكان لسان وقته فاستحسن كلامه وسلك طريق الإرادة فقبله الأستاذ وأشار عليه بتعلم العلم فخرج إلى درس الشيخ الإمام أبي بكر محمد بن بكر الطوسي وشرع في الفقه حتى فرغ من التعليق ثم اختلف بإشارته إلى الأستاذ الإمام أبي بكر بن فورك وكان المقدم في الأصول حتى حصلها وبرع فيها وصار من أوجه تلامذته وأشدهم تحقيقا وضبطا وقرأ عليه أصول الفقه وفرغ منه ثم بعد وفاة الأستاذ أبي بكر اختلف إلى الأستاذ أبي إسحاق الإسفرايني وقعد يسمع جميع دروسه وأتى عليه أيام فقال له الأستاذ هذا العلم لا يحصل بالسماع وما توهم فيه ضبط ما يسمع فأعاد عنده ما سمعه منه وقرره أحسن تقرير ن غير إخلال بشيء فتعجب منه وعرف محله فأكرمه وقال ما كنت أدري أنك بلغت هذا المحل فلست تحتاج إلى درسي يكفيك أن تطالع مصنفاتي وتنظر في طريقي وإن أشكل عليك شيء طالعتني به ففعل ذلك وجميع بين طريقته وطريقة ابن فورك
ثم نظر بعد ذلك في كتب القاضي أبي بكر ابن الطيب وهو مع ذلك يحضر مجلس الأستاذ أبي علي إلى أن اختاره لكريمته فزوجها منه .
وبعد وفاة الأستاذ عاشر أبا عبد الرحمن السلمي إلى أن صار أستاذ خراسان وأخذ في التصنيف فصنف التفسير الكبير قبل العشر وأربعمائة ورتب المجالس وخرج إلى الحج في رفقة فيها أبو محمد الجويني والشيخ أحمد البيهقي وجماعة من المشاهير فسمع معهم الحديث ببغداد والحجاز من مشايخ عصره .
وكان في علم الفروسية واستعمال السلاح وما يتعلق به من أفراد العصر وله في ذلك الفن دقائق وعلوم انفرد بها
وأما المجالس في التذكير والقعود فيما بين المريدين وأسئلتهم عن الوقائع وخوضه في الأجوبة وجريان الأحوال العجيبة فكلها منه وإليه
أجمع أهل العصر على أنه عديم النظير فيها غير مشارك في أساليب الكلام على المسائل وتطييب القلوب والإشارات اللطيفة المستنبطة من الآيات والأخبار من كلام المشايخ والرموز الدقيقة وتصانيفه فيها المشهورة إلى غير ذلك من نظم الأشعار اللطيفة على لسان الطريقة
ولقد عقد لنفسه مجلس الإملاء في الحديث سنة سبع وثلاثين وأربعمائة وكان يملي إلى سنة خمس وستين يذنب أماليه بأبياته وربما كان يتكلم على الحديث بإشاراته ولطائفه
وله في الكتابة طريقة أنيقة رشيقة تبري على النظم
ولقد قرأت فصلا ذكره علي بن الحسن في دمية القصر وهو أن قال الإمام زين الإسلام أبو القاسم جامع لأنواع المحاسن تنقاد له صعابها ذلل المراسن فلو قرع الصخر بسوط تحذيره لذاب ولو ربط إبليس في مجلس تذكيره لتاب وله فصل الخطاب في فضل النطق المستطاب ماهر في التكلم على مذهب الأشعري خارج في إحاطته بالعلوم على الحد البشري كلماته للمستفيدين فوائد وفرائد وعتبات منبره للعارفين وسائد وله شعر يتوج به رؤوس معاليه إذا ختمت به أذناب أماليه
قال عبد الغافر وقد أخذ طريق التصوف من الأستاذ أبي علي الدقاق وأخذها أبو علي عن أبي القاسم النصراباذي والنصراباذي عن الشبلي والشبلي عن الجنيد والجنيد عن السري السقطي والسري عن معروف الكرخي ومعروف عن داود الطائي وداود لقي التابعين
هكذا كان يذكر إسناد طريقته
ومن جملة أحواله ما خص به من المحنة في الدين والاعتقاد وظهور التعصب بين الفريقين في عشر سنة أربعين إلى خمس وخمسين وأربعمائة وميل بعض الولاة إلى الأهواء وسعى بعض الرؤساء والقضاة إليه بالتخليط حتى أدى ذلك إلى رفع المجالس وتفرق شمل الأصحاب وكان هو المقصود من بينهم حسدا حتى اضطرته الحال إلى مفارقة الأوطان وامتد في أثناء ذلك إلى بغداد وورد على أمير المؤمنين القائم بأمر الله ولقي فيها قبولا وعقد له المجلس في منازله المختصة به وكان ذلك بمحضر ومرأى منه ووقع كلامه في مجلسه الموقع وخرج الأمر بإعزازه وإكرامه وعاد إلى نيسابور وكان يختلف منها
إلى طوس بأهله وبعض أولاده حتى طلع صبح النوبة المباركة دولة السلطان البارسلان في سنة خمس وخمسين وأربعماية فبقي عشر سنين في آخر عمره مرفها محترما مطاعا معظما وأكثر صفوه في آخر أيامه التي شاهدناه فيها أخيرا إلى أن تقرأ عليه كتبه وتصانيفه والأحاديث المسموعة له وما يؤول إلى نصرة المذهب بلغ المنتمون إليه لافا فأملوا بذكره وتصانيفه أطرافا.]اهـ مختصرا

- قال عنه ابن الأثير في [الكامل] :

[وفيها توفي الإمام أبو القاسم عبد الكريم بن هوزان القشيري، النيسابوري، مصنف الرسالة وغيرها، وكان إماماً، فقيهاً، أصولياً، مفسراً، كاتباً، ذا فضائل جمة، وكان له فرس قد أهدي إليه، فركبه نحو عشرين سنة، فلما مات الشيخ لم يأكل الفرس شيئاً فعاش أسبوعاً ومات.]اهـ

- قال عنه الباخرزي في [دمية القصر وعصرة أهل العصر] :

[الأستاذ الإمام زين الإسلام أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري.
جامع لأنواع المحاسن، تنقاد له صعابها ذلل المراسن. فلو قرع الصخر بسوط تحذيره لذاب، ولو ارتبط إبليس في مجلس تذكيره لتاب. وله فصل الخطاب في فضل النطق المستطاب. ماهر في التكلم على مذهب الأشعري، خارج في إحاطته بالعلوم عن الحد البشري. كلماته كلها، رضي الله عنه، للمستفيدين فوائد وفرائد، وعتبات منبره للعارفين وسائد. ثم إذا عقد بين مشايخ الصوفية حبوته ورأوا قربته من الحق وخطوته تضاءلوا بين يديه، وتلاشوا بالإضافة إليه. وطواهم بساطه في حواشيه، وانقسموا بين النظر إليه والتفكير فيه. وله شعر تتوج به رؤوس معاليه، إذا ختمت به أذناب أماليه. فمما أنشدنيه لنفسه قوله في عميد الملك أبي النصر منصور بن محمد غفر الله له.
عميد الملك ساعدك الليالي ... على ما شئت من درك المعالي
فلم يك منك شيء غير أمر ... بلعن المسلمين على التوالي
فقابلك البلاء بما تلاقي ... فذق ما تستحق من الوبال
وأنشدني لنفسه في رمد الحبيب:
يا من تشكى رمداً مسه ... لا ترفع الشكوى إلى خالقك
موجب ما مسك من عارض ... أنك لم تنظر إلى وامقك
وله أيضاً:
الأرض أوسع رقعةً ... من أن يضيق بك المكان
وإذا نبا بك منزل ... ويظل يلحقك الهوان
فاجعل سواه معرساً ... ومن الزمان لك الأمان
ومن غزلياته الرقيقة، التي هي الماء الزلال على الحقيقة، ما أنشدنيه لنفسه:
قالوا: بثينة لا تفي بعداتها ... روحي فداء عداتها ومطالها
إن كان نجز عداتها مستأخراً ... فلقد تشرفنا بنقد مقالها
وله وهو معنى متداول بين شعراء العرب والعجم:
ما خضابي بياض شعري إلا ... حذراً أن يقال: شيخ خليع
وقد أحسن أبو أحمد اليمامي البوشنجي في العبارة عن هذا المعنى بقوله:
أقول ونوار المشيب بعارضي ... قد افتر لي عن ناب أسود سالخ
أشيباً وحاجات الشباب كأنها ... يجيش بها في الصدر مرجل طابخ؟
ولم أر جاراً كالشباب تحذمت ... قواه ولم يسمع له صوت صارخ
وما كل حزني للشباب الذي هوى ... به الشيب عن طود من الأنس شامخ
ولكن لقول الناس: شيخ. وليس لي ... على نائبات الدهر صبر المشايخ
وأقرب إلى مساغ الطبع منها قول أبي الحسن المروزي في قصيدة له:
أز خضاب من واز موى سيه كردن من ... كر همى خشم خورى نيش خور و رنج مبر
غرضم زونه جوانيست كه زين رنكك بمن ... حالت يسير بجويند ونيابند مكر
قريب من قوله:
لعمرك ما كرهت الشيب يوماً ... وعندي أنه شيء يعاب
ولكني خشيت يراد مني ... عقول ذوي المشيب فلا يصاب ]اهـ

- قال عنه الحافظ الذهبي في [سير أعلام النبلاء] :

الإمام الزاهد، القدوة، الأستاذ أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة القشيري، الخراساني، النيسابوري، الشافعي، الصوفي، المفسر، صاحب " الرسالة ".
ولد سنة خمس وسبعين وثلاث مئة.
وتعاني الفروسية والعمل بالسلاح حتى برع في ذلك، ثم تعلم الكتابة والعربية، وجود.
ثم سمع الحديث من: أبي الحسين أحمد بن محمد الخفاف، صاحب أبي العباس الثقفي، ومن أبي نعيم عبد الملك بن الحسن الإسفراييني، وأبي الحسن العلوي، وعبد الرحمن بن إبراهيم المزكي، وعبد الله بن يوسف، وأبي بكر بن فورك، وأبي نعيم أحمد بن محمد، وأبي بكر بن عبدوس، والسلمي، وابن باكويه، وعدة.
وتفقه على أبي بكر محمد بن أبي بكر الطوسي، والأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني، وابن فورك.
وتقدم في الأصول والفروع، وصحب العارف أبا علي الدقاق، وتزوج بابنته، وجاءه منها أولاد نجباء.
قال القاضي ابن خلكان: كان أبو القاسم علامة في الفقه والتفسير والحديث والأصول والأدب والشعر والكتابة.
صنف " التفسير الكبير " وهو من أجود التفاسير، وصنف " الرسالة " في رجال الطريقة، وحج مع الإمام أبي محمد الجويني، والحافظ أبي بكر البيهقي. وسمعوا ببغداد والحجاز.
قلت: سمعوا من هلال الحفار، وأبي الحسين بن بشران، وطبقتهما.
قال : وذكره أبو الحسن الباخرزي في كتاب " دمية القصر " وقال : لو قرع الصخر بسوط تحذيره، لذاب، ولو ربط إبليس في مجلسه، لتاب.
قلت: حدث عنه أولاده عبد الله، وعبد الواحد، وأبو نصر عبد الرحيم، وعبد المنعم، وزاهر الشحامي، وأخوه وجيه، ومحمد بن الفضل الفراوي، وعبد الوهاب بن شاه، وعبد الجبار بن محمد الخواري، وعبد الرحمن بن عبد الله البحيري، وحفيده أبو الأسعد هبة الرحمن، وآخرون.
ومات أبوه وهو طفل، فدفع إلى الأديب أبي القاسم اليمني ، فقرأ عليه الآداب، وكانت للقشيري ضيعة مثقلة بالخراج بأستوا ، فتعلم طرفا من الحساب، وعمل قليلا ديوانا، ثم دخل نيسابور من قريته، فاتفق حضوره مجلس أبي علي الدقاق، فوقع في شبكته، وقصر أمله، وطلب القبا، فوجد العبا، فأقبل عليه أبو علي، وأشار عليه بطلب العلم، فمضى إلى حلقة الطوسي، وعلق " التعليقة " وبرع، وانتقل إلى ابن فورك، فتقدم في الكلام، ولازم أيضا أبا إسحاق، ونظر في تصانيف ابن الباقلاني، ولما توفي حموه أبو علي تردد إلى السلمي، وعاشره، وكتب المنسوب، وصار شيخ خراسان في التصوف، ولزم المجاهدات ، وتخرج به المريدون .
وكان عديم النظير في السلوك والتذكير، لطيف العبارة، طيب الأخلاق، غواصا على المعاني، صنف كتاب " نحو القلوب "، وكتاب " لطائف الإشارات " ، وكتاب " الجواهر "، وكتاب " أحكام السماع "، وكتاب " عيون الأجوبة في فنون الأسولة "، وكتاب " المناجاة "، وكتاب " المنتهى في نكت أولي النهى ".
قال أبو سعد السمعاني: لم ير الأستاذ أبو القاسم مثل نفسه في كماله وبراعته، جمع بين الشريعة والحقيقة، أصله من ناحية أستواءة، وهو قشيري الأب، سلمي الأم.
وقال أبو بكر الخطيب : كتبنا عنه، وكان ثقة، وكان حسن الوعظ، مليح الإشارة، يعرف الأصول على مذهب الأشعري، والفروع على مذهب الشافعي، قال لي: ولدت في ربيع الأول سنة ست وسبعين وثلاث مئة.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء في سنة ثلاث وتسعين، أم المؤيد زينب بنت عبد الرحمن، أخبرنا أبو الفتوح عبد الوهاب بن شاه الشاذياخي، أخبرنا زين الإسلام أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن، أخبرنا أبو نعيم عبد الملك، أخبرنا أبو عوانة، حدثنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، حدثني سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بينا رجل يسوق بقرة قد حمل عليها، التفتت إليه، وقالت: إني لم أخلق لهذا، إنما خلقت للحرث.
فقال الناس: سبحان الله ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " آمنت بهذا أنا وأبو بكر وعمر "
وبه إلى عبد الكريم: سمعت أبا عبد الرحمن السلمي، سمعت الحسين بن يحيى، سمعت جعفر بن محمد بن نصير، سمعت الجنيد يقول: قال أبو سليمان الداراني: ربما تقع في قلبي النكتة من نكت القوم أياما، فلا أقبل منه إلا شاهدين عدلين من الكتاب والسنة.
قال أبو الحسن الباخرزي : ولأبي القاسم " فضل النطق المستطاب " ، ماهر في التكلم على مذهب أبي الحسن الأشعري، خارج في إحاطته بالعلوم عن الحد البشري، كلماته للمستفيدين فرائد ، وعتبات منبره للعارفين وسائد، وله نظم تتوج به رؤوس معاليه إذا ختمت به أذناب أماليه.
قال عبد الغافر بن إسماعيل: ومن جملة أحوال أبي القاسم ما خص به من المحنة في الدين، وظهور التعصب بين الفريقين في عشر سنة أربعين وأربع مئة إلى سنة خمس وخمسين، وميل بعض الولاة إلى الأهواء، وسعي بعض الرؤساء إليه بالتخليط، حتى أدى ذلك إلى رفع المجالس، وتفرق شمل الأصحاب، وكان هو المقصود من بينهم حسدا، حتى اضطر إلى مفارقة الوطن، وامتد في أثناء ذلك إلى بغداد، فورد على القائم بأمر الله، ولقي قبولا، وعقد له المجلس في مجالسه المختصة به، وكان ذلك بمحضر ومرأى منه، وخرج الأمر بإعزازه وإكرامه، فعاد إلى نيسابور، وكان يختلف منها إلى طوس بأهله، حتى طلع صبح الدولة ألبآرسلانية فبقي عشر سنين محترما مطاعا معظما.
ومن نظمه:
سقى الله وقتا كنت أخلو بوجهكم * وثغر الهوى في روضة الأنس ضاحك
أقمت زمانا والعيون قريرة * وأصبحت يوما والجفون سوافك
أنشدنا أبو الحسين الحافظ، أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا السلفي، أخبرنا القاضي حسن بن نصر بنهاوند، أنشدنا أبو القاسم القشيري لنفسه:
البدر من وجهك مخلوق * والسحر من طرفك مسروق
يا سيدا تيمني حبه * عبدك من صدك مرزوق
ولأبي القاسم أربعون حديثا من تخريجه سمعناها عالية.
قال عبد الغافر: توفي الأستاذ أبو القاسم صبيح يوم الأحد السادس والعشرين من ربيع الآخر، سنة خمس وستين وأربع مئة.
قلت: عاش تسعين سنة. وقال المؤيد في " تاريخه ":
أهدي للشيخ أبي القاسم فرس، فركبه نحوا من عشرين سنة، فلما مات الشيخ لم يأكل الفرس شيئا، ومات بعد أسبوع.]اهـ

وقال عنه أيضا الحافظ الذهبي في [تاريخ الإسلام] :

- عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة بن محمد. الإمام أبو القاسم القشيري النيسابوري. الزاهد الصوفي، شيخ خراسان وأستاذ الجماعة، ومقدم الطائفة.
توفي أبوه وهو طفل، فوقع إلى أبي القاسم اليماني الأديب، فقرأ الأدب والعربية عليه. وكانت له ضيعة مثقلة الخراج بناحية أستوا، فرأوا من الرأي أن يتعلم طرفاً من " الاستيفاء " ، ويشرع في بعض الأعمال بعدما أونس رشده في العربية، لعله يصون قريته، ويدفع عنها ما يتوجه عليها من مطالبات الدولة. فدخل نيسابور من قريته على هذه العزيمة، فاتفق حضوره مجلس الأستاذ أبي علي الدقاق، وكان واعظ وقته، فاستحلى كلامه، فوقع في شبكة الدقاق، ونسخ ما عزم عليه. طلب القباء، فوجد العباء، وسلك طريق الإرادة، فقبله الدقاق وأقبل عليه، وأشار إليه بتعلم العلم، فمضى إلى درس الفقيه أبي بكر الطوسي، فلازمه حتى فرغ من التعليق، ثم اختلف إلى الأستاذ أبي بكر بن فورك الأصولي، فأخذ عنه الكلام والنظر، حتى بلغ فيه الغاية. ثم اختلف إلى أبي إسحاق الإسفرائيني، ونظر في تواليف ابن الباقلاني.
ثم زوجه أبو علي الدقاق بابنته فاطمة. فلما توفي أبو علي عاش أبا عبد الرحمن السلمي وصحِبه.
وكتب الخط المنسوب الفائق.
وبرع في علم الفروسية واستعمال السلاح، ودقق في ذلك وبالغ.
وانتهت إليه رئاسة التصوف في زمانه لما أتاه الله من الأهوال والمجاهدات، وتربية المريدين وتذكيرهم، وعباراتهم العذبة. فكان عديم النظير في ذلك، طيب النفس، لطيف الإشارة، غواصاً على المعاني.
صنف كتاب " نحر القلوب " ، وكتاب " لطائف الإشارات " ، وكتاب " الجواهر " ، وكتاب " أحكام السماع " ، وكتاب " آداب الصوفية " ، وكتاب " عيون الأجوبة في فنون الأسولة " ، وكتاب " المناجاة " ، وكتاب " المنتهى في نكت أولي النهى " ، وغير ذلك.
أنشدنا أبو الحسين علي بن محمد، أنا جعفر بن محمد، أنا السلفي، أنا القاضي حسن بن نصر بن مرهف بنهاوند: أنشدنا أبو القاسم القشيري لنفسه:
البدر من وجهك مخلوق ... والسحر من طرفك مسروق
يا سيداً يتمنى حبه ... عبدك من صدك مرزوق
سمع من: أبي الحسين الخفاف، وأبي نعيم الإسفراييني، وأبي بكر بن عبدوس الحيري، وعبد الله بن يوسف الأصبهاني، وأبي نعيم أحمد بن محمد المهرجاني، وعلي بن أحمد الأهوازي، وأبي عبد الرحمن السلمي، وأبي سعيد محمد بن إبراهيم الإسماعيلي، وابن باكويه الشيرازي بنيسابور. ومن: أبي الحسين بن بشران، وغيره.
وكان إماما قدوة، مفسراً، محدثاً، فقيهاً، متكلماً، نحويا، كاتباً، شاعراً.
قال أبو سعد السمعاني:
لم ير أبو القاسم مثل نفسه في كماله وبراعته. جميع بين الشريعة والحقيقة. أصله من ناحية أستوا، وهو قشيري الأب، سلمي الأم.
روى عنه: ابنه عبد المنعم، وابن ابنه أبو الأسعد هبة الرحمن، وأبو عبد الله الفراوي، وزاهر الشحامي، وعبد الوهاب بن شاه الشاذياخي، ووجيه الشحامي، وعبد الجبار الخواري، وعبد الرحمن بن عبد الله البحيري، وخلق سواهم. ومن القدماء: أبو بكر الخطيب، وغيره.
وقال الخطيب: كتبنا عنه وكان ثقة. وكان يقص، وكان حسن الموعظة، مليح الإشارة، وكان يعرف الأصول على مذهب الأشعري، والفروع على مذهب الشافعي.
قال لي: ولدت في ربيع الأول سنة ست وسبعين وثلاثمائة.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، عن أم المؤيد زينب الشعرية أن عبد الوهاب بن شاه أخبرها: أنا أبو القاسم القشيري، أنا أبو بكر بن فورك، أنا أحمد بن محمود بن خرزاد: ثنا الحسن بن الحارث الأهوازي، ثنا سلمة بن سعيد، عن صدقة بن أبي عمران، ثنا علقمة بن مرثد، عن زاذان، عن البراء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " حسنوا القرآن بأصواتكم، فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسناً " .
قال القاضي شمس الدين بن خلكان:
صنف أبو القاسم القشيري " التفسير الكبير " وهو من أجود التفاسير، وصنف " الرسالة " في رجال الطريقة.
وحج مع البيهقي، وأبي محمد الجويني.
وكان له في الفروسية واستعمال السلاح يد بيضاء.
وقال فيه أبو الحسن الباخرزي في " دمية القصر " :
لو قرع الصخر بسوط تحذيره لذاب، ولو ربط إبليس في مجلسه لتاب، وله: " فصل الخطاب، في فضل النطق المستطاب " . كما هو التكلم على مذهب الأشعري، خارج إحاطته بالعلوم عن الحد البشري، كلماته للمستفيد فرائد وفوائد، وعتبات منبره للعارفين وسائد. وله شعر يتوج به دروس معاليه إذا ختمت به أذناب أماليه.
قال عبد الغافر في " تاريخه " : ومن جملة أحواله ما خص به من المحنة في الدين، وظهور التعصب بين الفريقين في عشر سنة أربعين إلى خمس وخمسين وأربعمائة، وميل بعض الولاة إلى الأهواء، وسعي بعض الرؤساء إليه بالتخليط، حتى أدى ذلك إلى رفع المجالس، وتفرق شمل الأصحاب، وكان هو المقصود من بينهم حسداً، حتى اضطر إلى مفارقة الوطن، وامتد في أثناء ذلك إلى بغداد: فورد على القائم بأمر الله، ولقي فيها قبولاً، وعقد له المجلس في منازله المختصة به. وكان ذلك بمحضر ومرأى منه. وخرج الأمر بإعزازه وإكرامه فعاد إلى نيسابور: وكان يختلف منها إلى طوس بأهله وبعض أولاده، حتى طلع صبح النوبة ألبآرسلانية سنة خمس وخمسين، فبقي عشر سنين مرفهاً محترماً مطاعاً معظماً.
ولأبي القاسم:
سقى الله وقتاً كنت أخلو بوجهكم ... وثغر الهوى في روضة الأنس ضاحك
أقمنا زماناً والعيون قريرة ... وأصبحت يوماً والجفون سوافك
قال عبد الغافر الفارسي:
توفي الأستاذ عبد الكريم صبيحة يوم الأحد السادس عشر من ربيع الآخر.
قلت: وله عدة أولاد أئمة: عبد الله، وعبد الواحد، وعبد الرحيم، وعبد المنعم، وغيرهم. ولما مرض لم تفته ولا ركعة قائماً حتى توفي.
ورآه في النوم أبو تراب المراغي يقول: أنا في أطيب عيش، وأكمل راحة.]اهـ

- وقال عنه أيضا الحافظ الذهبي في [العبر في تاريخ من غبر]:

[أبو القاسم القشيري، عبد الكريم بن هوازن النيسابوري الصوفي الزاهد، شيخ خراسان، وأستاذ الجماعة، ومصنّف " الرسالة " توفي في ربيع الآخر، وله تسعون سنة، روى عن أبي الحسين الخفّاف، وأبي نعيم الإسفراييني وطائفة. قال أبو سعد السمعاني: لم ير أبو القاسم مثل نفسه، في كماله وبراعته، جمع بين الشريعة والحقيقة.]اهـ

- وقال عنه الصلاح الصفدي في [الوافي بالوفيات] :

عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة بن محمد. الإمام أبو القاسم القشيري، النيسابوري، الزاهد، الصوفي، شيخ خراسان، وأستاذ الجماعة، ومقدم الطائفة. قال الخطيب: كتبنا عنه وهو ثقة، وكان يعرف الأصول على مذهب الأشعري، والفروع على مذهب الشافعي. صنف التفسير، وهو من أجود التفاسير، والرسالة المشهورة في رجال الطريقة. وحج مع البيهقي، وأبي محمد الجويني. وكان له في الفروسية واستعمال السلاح يد بيضاء. وله عدة أولاد أئمة. عبد الله، وعبد الواحد، وعبد الرحيم، وعبد المنعم وغيرهم.
توفي أبو القاسم سادس عشر شهر ربيع الآخر سنة خمس وستين وأربع ماية، ودفن بالمدرسة بباب الطاق بجنب شيخه الأستاذ أبي علي الدقاق. قال ياقوت: ومن عجيب ما وقع أن الفرس الذي كان يركبه كانت رمكة أهديت إليه من قريب عشرين سنة، ما كان يركب غيرها؛ ما ركبها أحد بعده! حكي أنها لم تعتلف بعد وفاته حتى نفقت يوم الجمعة سادس يوم وفاته. أخذ طريق التصوف عن الأستاذ أبي علي الدقاق، وأخذ هو عن أبي القاسم النصراباذي، وأخذ هو عن الشبلي عن الجنيد، عن السري، عن معروف الكرخي عن داود الطائي عن التابعين. وله كتاب آداب الصوفية؛ وكتاب: بلغة القاصد؛ وكتاب التحبير في علم التذكير.
ومن شعره:
هي النوائب والأحداث والغير ... والدهر كالنحل فيه الشهد والإبر
عدات دهرك بالتأييد كاذبة ... ترى السراب شراباً من به وحر
منتك نفسك أن تبقى إلى أمد ... من الخبير بما يأتي به القدر
الليل حبلى وللميلاد آونة ... وما سيولد لا يدري به البشر
فرب ليل بطيب الأنس مفتضح ... بضد أوله يأتي به السحر
ومنه:
وإذا سقيت من المحبة مصة ... ألقيت من فرط الخمار خماري
كم تبت قصداً ثم لاح عذاره ... فخلعت في ذاك العذار عذاري
ومنه:
قالوا تهن بيوم العيد قلت لهم ... لي كل يوم بلقيا سيدي عيد
الوقت عيد وروح إن شهدتم ... وإن فقدتهم نوح وتعديد
ومنه:
سقى الله وقتاً كنت أخلو بوجهكم ... وثغر الهوى في روضة اللهو ضاحك
أقمنا زماناً والعيون قريرة ... وأصبحت يوماً والجفون سوافك]اهـ

- قال عنه الإمام ابن الملقن في كتابه [طبقات الأولياء] :

[عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيرى أبو القاسم؛ صاحب " الرسالة " و " التفسير " وغيرهما، الجامع بين الشريعة والحقيقة.
صحب أبا على الدقاق، وغيره. وأصله من " أستواى " ، من العرب الذين قدموا خراسان.
توفي أبوه وهو صغير، وقرأ الأدب في صباه. حضر إلى نيسابور ليتعلم الحساب، لأجل قريته، فاتفق حضوره مجلس الدقاق، فأعجبه كلامه، ووقع في قلبه، فرجع عن ذلك لعزم، وسلك طريق الإرادة، فقبله الدقاق، وأقبل عليه، وتفرس فيه فجذبه أخذ الفقه فأتقنه، ثم الأصول، على ابن فورك، والأستاذ أبى إسحاق، وجمع بين طريقتهما. ونظر في كتب ابن الباقلاني.
وزوجه الدقاق ابنته مع كثرة أقاربها. وحج في رفقة فيها الجويني، والد الأمام، والبيهقي، وغيرهما، وسمع ببغداد والحجاز، وكانت له فراسة، وفروسية.
وأما مجلس التذكير فهو إمامه.
عقد له مجلس الوعظ ببغداد، فروى في أول مجلس منه الحديث المشهور: )السفر قطعة من العذاب. الحديث(، فقام شخص وقال: " لم سمى عذابا؟ فقال: " لأنه سبب فرقة الأحباب ! " . فاضطرب الناس وتواجدوا، وما أمكنه أن يتم المجلس، فنزل.
ومن إنشاداته:
إلا حي بالدمع أطلالها ... وعرج لتعرف أحوالها
وهل نسيتنا بحمي عهدنا ... وهل مثل ما نالني نالها
وهل يرجى لزمان النوى ... ذهاب يقصر أذيالها
سقى الله أيامنا بالحمى ... وأيام سعدي، وأطلالها
وأنشد لنفسه:
سقى الله وقتاً كنت أخلو بوجهكم ... وثغر الهوى في روضة الأنس ضاحك
أقمنا زمانا، والعيون قريرة ... وأصبحت يوماً، والجفون سوافك
وكان كثيراً ما ينشد:
لو كنت ساعة بيننا ما بيننا ... وشهدت حين نكرر التوديعا
لعلمت أن من الدموع محدثاً ... وعلمت أن من الحديث دموعا
ولد سنة سبع وسبعين وثلثمائة، ومات سنة خمس وستين والأربعمائة، بنيسابور. ودفن بالمدرسة، تحت شيخه أبى على الدقاق.
وولده أبو نصر عبد الرحيم كان أيضاً إماماً كبيراً، " ومن شابه أباه فما ظلم " . واظب على دروس إمام الحرمين، فحصل طريقته في المذهب والخلاف، وحج وعقد المجلس ببغداد، وحصل له القبول التام، وحضر الشيخ أبو إسحاق الشيرازي مجلسه. وأطبق علماء بغداد على أنهم لم يروا مثله.
ومن إنشاداته:
ليالي الوصل قد مضين كأنها ... لآلي عقود في نحور الكواعب
وأيام هجر أعقبتها، كأنها ... بياض مشيب في السواد الذوائب
وكان يعظ في " النظامية " ورباط شيخ الشيوخ. ثم رجع إلى نيسابور، فلزم الدرس والوعظ، إلى أن قارب انتهاء أمره، فأصابه ضعف في أعضائه.
ثم مات سنة أربع عشرة وخمسمائة، ودفن بمشهدهم.
وقد ذكرت أخوته في " طبقات الفقهاء " فليراجع منها.]اهـ

- قال عنه الحافظ ابن الجوزي في [المنتظم في تاريخ الملوك والأمم]:

[عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة، أبو القاسم القشيري قشيري الأب، سلمي الأم، ولد سنة ست وسبعين وثلثمائة، توفي أبوه وهو طفل، فنشأ وقرأ الأدب والعربية، وكان يهوى مخالطة أهل الدنيا، فحضر عند أبي علي الدقاق فجذبه عن ذلك، فسمع الفقه من أبي بكر محمد بن بكر الطوسي، ثم اختلف إلى بكر بن فورك فأخذ عنه الكلام، وصار رأساً في الأشاعرة، وصنّف التفسير الكبير، وخرج إلى الحج في رفقة فيها أبو المعالي الجويني، وأبو بكر البيهقي، فسمع معهما الحديث ببغداد والحجاز، ثم أملى الحديث، وكان يعظ.
وتوفي في رجب هذه السنة بنيسابور، ودفن إلى جانب شيخه أبي علي الدقاق، ولم يدخل أحد من أولاده بيته، ولا مس ثيابه ولا كتبه إلا بعد سنين احتراماً له وتعظيماً، ومن عجيب ما وقع أن الفرس التي كان يركبها كانت قد أهديت إليه، فركبها عشرين سنة لم يركب غيرها، فذكر أنها لم تعلف بعد وفاته، وتلفت بعد أسبوع.]اهـ

- وقال عنه ابن كثير في [البداية والنهاية] :

أبو القاسم القشيري صاحب الرسالة، عبد الكريم بن هوازن بن عبد المطلب بن طلحة، أبو القاسم القشيري، وأمه من بني سليم، توفي أبوه وهو طفل فقرأ الأدب والعربية، وصحب الشيخ أبا علي الدقاق، وأخذ الفقه عن أبي بكر بن محمد الطوسي، وأخذ الكلام عن أبي بكر بن فورك وصنف الكثير، وله التفسير والرسالة التي ترجم فيها جماعة من المشايخ الصالحين، وحج صحبة إمام الحرمين وأبي بكر البيهقي، وكان يعظ الناس، توفي بنيسابور في هذه السنة عن سبعين سنة، ودفن إلى جانب شيخه أبي علي الدقاق، ولم يدخل أحد من أهله بيت كتبه إلا بعد سنين، احتراما له، وكان له فرس يركبها قد أهديت له، فلما توفي لم تأكل علفا حتى نفقت بعده بيسير فماتت، ذكره ابن الجوزي، وقد أثنى عليه ابن خلكان ثناء كثيرا وذكر شيئا من شعره من ذلك قوله: سقى الله وقتا كنت أخلوا بوجهكم * وثغر الهوى في روضة الأنس ضاحك
أقمنا زمانا والعيون قريرة * وأصبحت يوما الجفون سوافك
وقوله:
لو كنت ساعة بيننا ما بيننا * وشهدت حين فراقنا التوديعا
أيقنت أن من الدموع محدثا * وعلمت أن من الحديث دموعا
وقوله:
ومن كان في طول الهوى ذاق سلوة * فإني من ليلى لها غير ذائق
وأكثر شئ نلته من وصالها * أماني لم تصدق كخطفة بارق .]اهـ

- قال عنه الإمام ابن فضل الله العمري في [مسالك الأبصار في ممالك الأمصار]:

[الفقيه الشافعي ، كان ليومه من أمسه آخذا وبلومه من نفسه مؤاخذا ، فكان لا يزال دمعه ينهمل ، ومدمعه محمرا كأن آماقه جرح لا يندمل ، لم تشنمله الأغصان وقد مالت قدودها ، ولا أمالت ليلى قلبه وقد طال صدودها ، فلم يشك جفاء ودود ، حتى فاء إلى صديد ودود وإنما نعرف أكثر أحوال القوم من رسالته ، ويعترف الفضل تقدمه وبسالته ، وهو معدود من أهل سيادتهم ، وذوي حظوظهم في عقبى الدارين وسعادتهم.
وكان علاّمة في الفقه ، والتفسير ، والحديث ، والأصول ، والأدب ، والشعر ، والكتابة ، وعلم التصوف ، وجمع بين الشريعة والحقيقة .]اهـ

- وقال عنه الإمام التاج السبكي في [طبقات الشافعية الكبرى] :

[عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة بن محمد النيسابوري الأستاذ أبو القاسم القشيري النيسابوري الملقب زين الإسلام
الإمام مطلقا وصاحب الرسالة التي سارت مغربا ومشرقا والبسالة التي أصبح بها نجم سعادته مشرقا والأصالة التي تجاوز بها فوق الفرقد ورقى . أحد أئمة المسلمين علما وعملا وأركان الملة فعلا ومقولا.
إمام الأئمة ومجلي ظلمات الضلال المدلهمة ، أحد من يقتدى به في السنة ويتوضح بكلامه طرق النار وطرق الجنة . شيخ المشايخ وأستاذ الجماعة ومقدم الطائفة الجامع بين أشتات العلوم
ولد في ربيع الأول سنة ست وسبعين وثلاثمائة ، وسمع الحديث من أبي الحسين الخفاف وأبي نعيم الإسفراييني وأبي بكر بن عبدوس المزكي وأبي نعيم أحمد بن محمج المهرجاني وعلي بن أحمد الأهوازي وأبي عبد الرحمن السلمي وابن باكوية الشيرازي والحاكم وابن فورك وأبي الحسين بن بشران وغيرهم .
روى عنه ابنه عبد المنعم وابن ابنه أبو الأسعد هبة الرحمن وأبو عبد الله الفراوي وزاهر الشحامي وعبد الوهاب بن شاه الشاذياخي ووجيه الشحامي وعبد الجبار الخواري وخلق ، وروى عنه من القدماء أبو بكر الخطيب وغيره ، ووقع لنا الكثير من حديثه
وأخذ الفقه عن أبي بكر محمد بن بكر الطوسي وعلم الكلام عن الأستاذ أبي بكر بن فورك ، واختلف أيضا يسيرا إلى الأستاذ أبي إسحاق وأخذ التصوف عن أستاذه أبي علي الدقاق .
وكان فقيها بارعا أصوليا محققا متكلما سنيا محدثا حافظا مفسرا متفننا نحويا لغويا أديبا كاتبا شاعرا مليح الخط جدا شجاعا بطلا له في الفروسية واستعمال السلاح الآثار الجميلة .
أجمع أهل عصره على أنه سيد زمانه وقدوة وقته وبركة المسلمين في ذلك العصر.
قال الخطيب حدث ببغداد وكتبنا عنه وكان ثقة وكان يعظ وكان حسن المواعظ مليح الإشارة وكان يعرف الأصول على مذهب الأشعري والفروع على مذهب الشافعي
وقال عبد الغافر بن إسماعيل فيه الإمام مطلقا الفقيه المتكلم الأصولي المفسر الأديب النحوي الكاتب الشاعر لسان عصره وسيد وقته وسر الله بين خلقه
شيخ المشايخ وأستاذ الجماعة ومقدم الطائفة ومقصود سالكي الطريقة وبندار الحقيقة وعين السعادة وحقيقة الملاحة لم ير مثل نفسه ولا رأى الراءون مثله في كماله وبراعته جمع بين علم الشريعة والحقيقة وشرح أحسن الشرح أصول الطريقة
أصله من ناحية أستوا من العرب الذين وردوا خراسان وسكنوا النواحي فهو قشيري الأب سلمي الأم وخاله أبو عقيل السلمي من وجوه دهاقين ناحية أستوا
توفي أبوه وهو طفل فوقع إلى أبي القاسم الأليماني فقرأ الأدب والعربية عليه بسبب اتصاله بهم وقرأ على غيره وحضر البلد واتفق حضوره مجلس الأستاذ الشهيد أبي علي الحسن بن علي الدقاق وكان لسان وقته فاستحسن كلامه وسلك طريق الإرادة فقبله الأستاذ وأشار عليه بتعلم العلم فخرج إلى درس الشيخ الإمام أبي بكر محمد بن بكر الطوسي وشرع في الفقه حتى فرغ من التعليق ثم اختلف بإشارته إلى الأستاذ الإمام أبي بكر بن فورك وكان المقدم في الأصول حتى حصلها وبرع فيها وصار من أوجه تلامذته وأشدهم تحقيقا وضبطا وقرأ عليه أصول الفقه وفرغ منه ثم بعد وفاة الأستاذ أبي بكر اختلف إلى الأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني وقعد يسمع جميع دروسه وأتى عليه أيام فقال له الأستاذ هذا العلم لا يحصل بالسماع وما توهم فيه ضبط ما يسمع فأعاد عنده ما سمعه منه وقرره أحسن تقرير ن غير إخلال بشيء فتعجب منه وعرف محله فأكرمه وقال ما كنت أدري أنك بلغت هذا المحل فلست تحتاج إلى درسي يكفيك أن تطالع مصنفاتي وتنظر في طريقي وإن أشكل عليك شيء طالعتني به ففعل ذلك وجميع بين طريقته وطريقة ابن فورك
ثم نظر بعد ذلك في كتب القاضي أبي بكر ابن الطيب وهو مع ذلك يحضر مجلس الأستاذ أبي علي إلى أن اختاره لكريمته فزوجها منه .
وبعد وفاة الأستاذ عاشر أبا عبد الرحمن السلمي إلى أن صار أستاذ خراسان وأخذ في التصنيف فصنف التفسير الكبير قبل العشر وأربعمائة ورتب المجالس وخرج إلى الحج في رفقة فيها أبو محمد الجويني والشيخ أحمد البيهقي وجماعة من المشاهير فسمع معهم الحديث ببغداد والحجاز من مشايخ عصره .
وكان في علم الفروسية واستعمال السلاح وما يتعلق به من أفراد العصر وله في ذلك الفن دقائق وعلوم انفرد بها
وأما المجالس في التذكير والقعود فيما بين المريدين وأسئلتهم عن الوقائع وخوضه في الأجوبة وجريان الأحوال العجيبة فكلها منه وإليه
أجمع أهل العصر على أنه عديم النظير فيها غير مشارك في أساليب الكلام على المسائل وتطييب القلوب والإشارات اللطيفة المستنبطة من الآيات والأخبار من كلام المشايخ والرموز الدقيقة وتصانيفه فيها المشهورة إلى غير ذلك من نظم الأشعار اللطيفة على لسان الطريقة
ولقد عقد لنفسه مجلس الإملاء في الحديث سنة سبع وثلاثين وأربعمائة وكان يملي إلى سنة خمس وستين يذنب أماليه بأبياته وربما كان يتكلم على الحديث بإشاراته ولطائفه
وله في الكتابة طريقة أنيقة رشيقة تبري على النظم
ولقد قرأت فصلا ذكره علي بن الحسن في دمية القصر وهو أن قال الإمام زين الإسلام أبو القاسم جامع لأنواع المحاسن تنقاد له صعابها ذلل المراسن فلو قرع الصخر بسوط تحذيره لذاب ولو ربط إبليس في مجلس تذكيره لتاب وله فصل الخطاب في فضل النطق المستطاب ماهر في التكلم على مذهب الأشعري خارج في إحاطته بالعلوم على الحد البشري كلماته للمستفيدين فوائد وفرائد وعتبات منبره للعارفين وسائد وله شعر يتوج به رؤوس معاليه إذا ختمت به أذناب أماليه
قال عبد الغافر وقد أخذ طريق التصوف من الأستاذ أبي علي الدقاق وأخذها أبو علي عن أبي القاسم النصراباذي والنصراباذي عن الشبلي والشبلي عن الجنيد والجنيد عن السري السقطي والسري عن معروف الكرخي ومعروف عن داود الطائي وداود لقي التابعين
هكذا كان يذكر إسناد طريقته
ومن جملة أحواله ما خص به من المحنة في الدين والاعتقاد وظهور التعصب بين الفريقين في عشر سنة أربعين إلى خمس وخمسين وأربعمائة وميل بعض الولاة إلى الأهواء وسعى بعض الرؤساء والقضاة إليه بالتخليط حتى أدى ذلك إلى رفع المجالس وتفرق شمل الأصحاب وكان هو المقصود من بينهم حسدا حتى اضطرته الحال إلى مفارقة الأوطان وامتد في أثناء ذلك إلى بغداد وورد على أمير المؤمنين القائم بأمر الله ولقي فيها قبولا وعقد له المجلس في منازله المختصة به وكان ذلك بمحضر ومرأى منه ووقع كلامه في مجلسه الموقع وخرج الأمر بإعزازه وإكرامه وعاد إلى نيسابور وكان يختلف منها
إلى طوس بأهله وبعض أولاده حتى طلع صبح النوبة المباركة دولة السلطان ألب أرسلان في سنة خمس وخمسين وأربعمائة فبقي عشر سنين في آخر عمره مرفها محترما مطاعا معظما وأكثر صفوه في آخر أيامه التي شاهدناه فيها أخيرا إلى أن تقرأ عليه كتبه وتصانيفه والأحاديث المسموعة له وما يؤول إلى نصرة المذهب بلغ المنتمون إليه لافا فأملوا بذكره وتصانيفه أطرافا
انتهى كلام عبد الغافر قال ابن السمعاني :
سمعت أبا بشر مصعب بن عبد الرزاق بن مصعب المصعبي بمرو يقول حضر الأستاذ أبو القاسم مجلس بعض الأئمة الكبار وكان قاضيا بمرو وأظنه قال القاضي علي الدهقان وقت قدومه علينا فلما دخل الأستاذ قام القاضي على رأس السرير وأخذ مخدة كان يستند عليها على السرير وقال لبعض من كان قاعدا على درجة المنبر احملها إلى الأستاذ الإمام ليقعد عليها
ثم قال أيها الناس حججت سنة من السنين وكان قد اتفق أن حج تلك السنة هذا الإمام الكبير وأشار إلى الأستاذ وكان يقال لتلك السنة سنة القضاة وكان حج تلك السنة أربعمائة نفس من قضاة المسلمين وأئمتهم من أقطار البلدان وأقاصي الأرض وأرادوا أن يتكلم واحد منهم في حرم الله سبحانه وتعالى فاتفق الكل على الأستاذ أبي القاسم فتكلم هو باتفاق منهم .
قلت من سمع هذه الحكاية لم يستنكر ما ذكره الغزالي في باب الولاء في مسألة أربعمائة قاض
وبلغنا أنه مرض للأستاذ أبي القاسم ولد مرضا شديدا بحيث آيس منه فشق ذلك على الأستاذ فرأى الحق سبحانه وتعالى في المنام فشكى إليه فقال له الحق سبحانه وتعالى اجمع آيات الشفاء واقرأها عليه واكتبها في إناء واجعل فيه مشروبا واسقه إياه ففعل ذلك فعوفي الولد
وآيات الشفاء في القرآن ست :
( ويشف صدور قوم مؤمنين ) ( شفاء لما في الصدور ) ( فيه شفاء للناس ) ( وننزل من القرءان ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ) ( وإذا مرضت فهو يشفين ) ( قل هو للذين ءامنوا هدى وشفاء ) ورأيت كثيرا من المشايخ يكتبون هذه الآيات للمريض ويسقاها في الإناء طلبا للعافية .
ومن تصانيف الأستاذ : التفسير الكبير وهو من أجود التفاسير وأوضحها والرسالة المشهورة المباركة التي قيل ما تكون في بيت وينكب والتحبير في التذكير وآداب الصوفية ولطائف الإشارات وكتاب الجواهر وعيون الأجوبة في فنون الأسئلة وكتاب المناجاة وكتاب نكت أولي النهى وكتاب نحو القلوب الكبير وكتاب نحو القلوب الصغير وكتاب أحكام السماع وكتاب الأربعين في الحديث وقع لنا بالسماع المتصل وغير ذلك
وخلف من البنين ستة ذكرناهم في هذه الطبقات عبادلة كلهم من السيدة الجليلة فاطمة بنت الأستاذ أبي علي الدقاق
قال النقلة ولما مرض لم تفته ولا ركعة قائما بل كان يصلي قائما إلى أن توفي رحمه الله في صبيحة يوم الأحد السادس عشر من شهر ربيع الآخر سنة خمس وستين وأربعمائة ودفن في المدرسة إلى جانب أستاذه أبي علي الدقاق
قال أبو تراب المراغي رأيته في النوم فقال أنا في أطيب عيش وأكمل راحة
وقال غيره كانت للأستاذ فرس يركبها فلما مات امتنعت عن العلف ولم تطعم شيئا ولم تمكن راكبا من ركوبها ومكثت أياما قلائل على هذا بعده إلى أن ماتت .
ومن رشيق كلامه ومليح شعره وجليل الفوائد عنه
قال عبد المنعم بن الأستاذ أبي القاسم سمعت والدي يقول المريد لا يفتر آناء الليل وأطراف النهار فهو في الظاهر بنعت المجاهدات وفي الباطن بوصف المكابدات فارق الفراش ولازم الانكماش وتحمل المصاعب وركب المتاعب وعالج الأخلاق ومارس المشاق وعانق الأهوال وفارق الأشكال كما قيل
( ثم قطعت الليل في مهمة ... لا أسدا أخشى ولا ذيبا )
( يغلبني شوقي فأطوي السرى ... ولم يزل ذو الشوق مغلوبا ) ومن شعر الأستاذ
( يا من تقاصر شكري عن أياديه ... وكل كل لسان عن معاليه )
( وجوده لم يزل فردا بلا شبه ... علا عن الوقت ماضيه وآتيه )
( لا دهر يخلقه لا قهر يلحقه ... لا كشف يظهره لا ستر يخفيه )
( لا عد يجمعه لا ضد يمنعه ... لا حد يقطعه لا قطر يحويه )
( لا كون يحصره لا عون ينصره ... وليس في الوهم معلوم يضاهيه )
( جلاله أزلي لا زوال له ... وملكه دائم لا شيء يفنيه )
وقال أيضا
( لو كنت ساعة بيننا ما بيننا ... وشهدت حين نكرر التوديعا )
( أيقنت أن من الدموع محدثا ... وعلمت أن من الحديث دموعا ) وقال أيضا
( وإذا سقيت من المحبة مصة ... ألقيت من فرط الخمار خماري )
( كم تبت قصدا ثم لاح عذاره ... فخلعت من ذاك العذار عذاري ) وقال أيضا
( أيها الباحث عن دين الهدى ... طالبا حجة ما يعتقده )
( إن ما تطلبه مجتهدا ... غير دين الشافعي لا تجده ) وقال أيضا
( لا تدع خدمة الأكابر واعلم ... أن في عشرة الصغار صغارا )
( وابغ من في يمينه لك يمن ... وترى في اليسار منه اليسارا )
قلت ذكرت هنا قولي قديما
( قبيح بي ورب العرش ربي ... أخاف الضر أو أخشى افتقارا )
( وكيف وإن أمد له يمينا ... لتدعو ظل يمنحها اليسارا ) وقال أيضا
( جنباني المجون يا صاحبيا ... واتلوا سورة الصلاة عليا )
( قد أجبنا لزاجر العقل طوعا ... وتركنا حديث سلمى وميا )
( ومنحنا لموجب الشرع نشرا ... وشرعنا لموجب اللهو طيا )
( ووجدنا إلى ا لقناعة بابا ... فوضعنا على المطامع كيا )
( كنت في حر وحشتي لاختياري ... فتعوضت بالرضى منه فيا )
( إن من يهتدي لقطع هواه ... فهو في العز حاز أوج الثريا )
( والذين ارتووا بكأس مناهم ... فعلى الصيد سوف يلقون غيا ) ]اهـ

- وقال عنه الإمام ابن قاضي شهبة في [طبقات الشافعية] :

[عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة بن محمد، الأستاذ أبو القاسم القشيري النيسابوري. أحد العلماء بالشريعة والحقيقة أخذ الطريقة عن الشيخ أبي علي الدقاق وأب عبد الرحمن السلمي، ودرس الفقه على أبي بكر الطوسي حتى فرغ من التعليق وقر الكلام على أبي بكر بن فورك وأبي إسحاق الإسفراييني وبرع في ذلك، وحج مع البيهقي وأبي محمد الجويني. ذكره الخطيب البغدادي ومات قبله، وقال: كتبنا عنه وكان ثقة، وكان يقص ، وكان حسن الموعظة مليح الإشارة، وكان يعرف الأصول على مذهب الأشعري والفروع على مذهب الشافعي. وقال ابن السمعاني: لم ير أبو القاسم مثل نفسه في كماله وبراعته، جمع بين الشريعة والحقيقة. وقال ابن خلكان: صنف أبو القاسم التفسير الكبير، وهو من أجود التفاسير، وصنف الرسالة في رجال الطريقة، وذكر له الذهبي مصنفات أخر. ولد في ربيع الأول سنة ست وسبعين وثلاثمائة، وتوفي في ربيع الآخر سنة خمس وستين وأربعمائة عن تسع وثمانين سنة ودفن إلى جانب أستاذه أبي علي في المدرسة.]اهـ

- وقال عنه الإمام اليافعي في [مرآة الجنان] :

[وفيها توفي الأستاذ الكبير العارف بالله الشهير السيد الجليل الإمام، جامع الفضائل والمحاسن زين الإسلام أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري النيسابوري الصوفي شيخ خراسان، وأستاذ الجماعة، ومصنف الرسالة. قال أبو سعيد السمعاني: لم ير أبو القاسم مثل نفسه في كماله وبراعته، كان علامة في الفقه والتفسير والحديث والأصول والشعر والأدب والكتابة وعلم التصوف، جمع بين الشريعة والحقيقة، أصله من ناحية اسنوا، من العرب الذين قدموا خراسان. توفي أبوه وهو صغير، فتعلم الأدب، وحضر مجلس الأستاذ أبي علي الدقاق وكان إمام وقته فلما سمع كلامه أعجبه، ووقع في قلبه، فسلك طريق الإرادة، فقبله الدقاق، وأقبل عليه، وتفرس فيه النجابة، فجذبه بهمته، وأشار عليه بالاشتغال بالعلم، فخرج إلى درس محمد بن أبي بكر الطوسي، وشرع في الفقه حتى فرغ من تعليقه، ثم اختلف إلى الأستاذ أبي بكر بن فورك، فقرأ عليه حتى أتقن علم الأصول، ثم تردد إلى الأستاذ أبي إسحاق الإسفرائيني ، وقعد ليسمع درسه أياما، فقال الأستاذ: هذا العلم لا يحصل بالسماع، ولا بد من الضبط بالكتابة، فأعاد عليه جميع ما سمع منه في تلك الأيام، فعجب منه، وعرف محله، فأكرمه وقال له:
ما تحتاج إلى درس، بل يكفيك أن تطالع مصنفاتي. فقعد، وجمع بين طريقته وطريقة ابن فورك، ثم نظر في كتب القاضي أبي بكر بن الطيب الباقلاني، وهو مع ذلك يحضر مجلس الأستاذ أبي علي الدقاق، وزوجه ابنته مع كثرة أقاربها، وبعد وفاة أبي علي سلك مسلك المجاهدة والتجريد، وأخذ في التصنيف، فصنف التفسير الكبير، وسقاه التيسير في علم التفسير وهو من أجود التفاسير، وصنف الرسالة في رجال الطريقة، وخرج إلى الحج في رفقة فيها الإمام أبو محمد الجويني وإمام الحرمين والإمام الحافظ أحمد بن الحسين البيهقي، وجماعة من المشاهير وسمع منهم الحديث في بغداد والحجاز، وكان له في الفروسية واستعمال السلاح الباع الطويل،والبراعة البالغة.
وأما مجلس الوعظ والتذكير فهو إمامها المنفرد بها، عقد لنفسه مجلس الإملاء في الحديث.وذكره صاحب كتاب دمية القصر، وبالغ في الثناء عليه حتى قال في مبالغته:
لو قرع الصخر بسوط تخويفه لذاب، ولو ربط إبليس في مجلسه لناب.وذكره الخطيب في تاريخه وقال:
كان حسن الموعظة، مليح الإشارة، يعرف الأصول على مذهب الأشعري، والفروع على مذهب الشافعي.وذكره الشيخ الإمام عبد الغافر في تاريخه فقال:
عبد الكريم بن هوازن أبو القاسم القشيري الإمام مطلقا، الفقيه المتكلم الأصولي، المفسر الأديب النحوي، الكاتب الشاعر، لسان عصره وسيد وقته، ونصر الله بين خلقه، شيخ المشايخ وأستاذ الجماعة، ومقدم الطائفة ومقصود سالكي الطريقة، وبندار الحقيقة وعين السعادة، وقطب السيادة وحقيقة الملاحة، لم ير مثل نفسه في كماله وبراعته، وجمع بين علم الشريعة والحقيقة.وذكر الخطيب سماعه من جماعة كثيرين من الأكابر: كأبي نعيم والحاكم والخفاف والسلمي وابن فورك وأشباههم.قلت:
وقد ذكرت عن الإمام الحافظ ابن عساكر في كتابي الشاش المعلم محاسن كثيرة وقضايا شهيرة، وحذفتها هناك.وقال أبو عبدالله محمد بن الفضل الفراوي: أنشدنا عبد الكريم بن هوازن لنفسه:لإمام عبد الغافر في تاريخه فقال: عبد الكريم بن هوازن أبو القاسم القشيري الإمام مطلقا، الفقيه المتكلم الأصولي، المفسر الأديب النحوي، الكاتب الشاعر، لسان عصره وسيد وقته، ونصر الله بين خلقه، شيخ المشايخ وأستاذ الجماعة، ومقدم الطائفة ومقصود سالكي الطريقة، وبندار الحقيقة وعين السعادة، وقطب السيادة وحقيقة الملاحة، لم ير مثل نفسه في كماله وبراعته، وجمع بين علم الشريعة والحقيقة.وذكر الخطيب سماعه من جماعة كثيرين من الأكابر: كأبي نعيم والحاكم والخفاف والسلمي وابن فورك وأشباههم.قلت: وقد ذكرت عن الإمام الحافظ ابن عساكر في كتابي الشاش المعلم محاسن كثيرة وقضايا شهيرة، وحذفتها هناك.وقال أبو عبدالله محمد بن الفضل الفراوي: أنشدنا عبد الكريم بن هوازن لنفسه:
سقى الله وقتا كنت أخلو بوجهكم ... وثغر الهوى في روضة الأنس ضاحك
قمنا زمانا والعيون قريرة ... وأصبحت يوما والعيون سوافك
ومما أنشده في رسالته المشهورة.
ومن كان في طول الهوى ذاق سلوة ... فإني من ليلى لها غير ذائق
وأكثر شيء نبته من وصالها ... أماني لم تصدق كلمحة بارق
وكان ولده أبو نصر عبد الرحيم إماما كبيرا، أشبه أباه في علومه ومجالسه، ثم واظب دروس إمام الحرمين أبي المعالي، حتى حصل طريقته في المذهب والخلاف، ثم خرج إلى الحج، فوصل إلى بغداد، وعقد بها مجلس وعظ، وحصل له قبول عظيم، وحضر الشيخ أبو إسحاق الشيرازي مجلسه، وأطبق علماء بغداد على أنه لم ير مثله. قلت: وسيأتي ذكر شيء من محاسنه وسيرته في ترجمته إن شاء الله تعالى.]اهـ

- وقال عنه السمعاني في [الأنساب] :

[ومن المتأخرين المشهورين بخراسان: الأستاذ الإمام أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة القشيري، أحد مشاهير الدنيا بالفضل والعلم والزهد.
وأولاده: أبو سعد عبد الله، وأبو سعيد عبد الواحد، وأبو منصور عبد الرحمن، وأبو نصر عبد الرحيم، وأبو الفتح عبيد الله، وأبو المظفر عبد المنعم، حدثوا جميعا بالكثير.
روى لي عن الأستاذ قريب من خمسة عشر نفسا، وعن أولاده الثلاثة الأول جماعة كثيرة، وأدركت أبا المظفر، وقرأت عليه الكثير.]اهـ

- وقال عنه الإمام السيوطي في [طبقات المفسرين]:

[عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة بن محمد الإمام أبو القاسم القشيري النيسابوري. الزاهد، الصوفي، شيخ خراسان، وأستاذ الجماعة، ومقدم الطائفة.
قرأ الأدب والعربية على أبي القاسم الأليماني ، ثم لازم الأستاذ أبا علي الدقاق1 في التصوف، والفقيه أبا بكر الطوسي في الفقه، وأبا بكر بن فورك في الكلام والنظر حتى بلغ الغاية في جميع ذلك.
واختلف أيضا إلى أبي إسحاق الإسفرايني ، وكتب الخط المنسوب، وبرع في علم الفروسية و استعمال السلاح.
وسمع الحديث من أبي الحسين الخفاف، وأبي نعيم الإسفرايني وأبي عبد الرحمن السلمي وأبي الحسين بن بشران وغيرهم.
وكان إماما، قدوة، مفسرا، محدثا، فقيها، شافعيا، متكلما، أشعريا، نحويا، كاتبا، شاعرا، صوفيا، زاهدا، واعظا، حسن الوعظ، مليح الإشارة، حلو العبارة، انتهت إليه رئاسة التصوف في زمانه.
قال ابن السمعاني: لم ير أبو القاسم مثل نفسه في كماله وبراعته، جمع بين الشريعة والحقيقة.
وصنف " التفسير الكبير " وهو من أجود التفاسير، وله " الرسالة " في رجال الطريقة، وكتاب " لطائف الإشارات " وكتاب " نحو القلوب " وغير ذلك.
روى عنه أبو عبد الله الفراوي، وزاهر الشحامي،و وجيه4 الشحامي وخلائق.
ولد في ربيع الأول سنة ست وسبعين وثلاثمائة وما ت يوم الأحد سادس عشر ربيع الآخر سنة خمس وستين وأربعمائة وله عدة أولاد أئمة.]اهـ

- وقال عنه ابن تغرى بردي في [النجوم الزاهرة] :

[وفيها توفي عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة بن محمد، أبو القاسم القشيري النيسابوري. ولد سنة ست وسبعين وثلاثمائة في شهر ربيع الأول؛ وربي يتيما فقرأ واشتغل بالأدب والعربية. وكان أولا من أبناء الدنيا، فجذبه أبو علي الدقاق فصار من الصوفية. وتفقه على بكر بن محمد الطوسي، وأخذ الكلام عن ابن فورك، وصنف التفسير الكبير والرسالة. وكان يعظ ويتكلم بكلام الصوفية. ومات بنيسابور. ومن شعره: السريع.
إن نابك الدهر بمكروه ... فقل بتهوين تخاويفه
فعن قريب ينجلي غمه ... وتنقضي كل تصاريفه
وقد روينا رسالته عن حافظ العصر قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن علي ابن حجر، أنا أبو الحسن بن أبي المجد شفاها، أنا أبو محمد القاسم بن مظفر بن عساكر إجازة إن لم يكن سماعا، أنا محمد بن علي بن محمود العسقلاني سماعا، أنا أم المؤيد زينب بنت عبد الرحمن الشعرية سماعا، أنا أبو الفتوح عبد الوهاب بن شاه الكرماني، أنا المؤلف رحمه الله.]اهـ

- وقال عنه الكتاني في [الرسالة المستطرقة] :

[و ( الرسالة القشيرية ) ( لأبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري ) الأستاذ الشافعي المتوفى : سنة خمس وستين وأربعمائة وهي التي قيل فيها : أنها ما كانت في بيت فينكب أهله وأثنى عليها وعلى صاحبها غير واحد من الراسخين .]اهـ

- وقال عنه الإمام عبد الرءوف المناوي في [الكواكب الدرية في تراجم السادة الصوفية]:

[الأستاذ أبو القاسم القشيري الملقب زين الإسلام ، الإمام مطلقا وصاحب الرسالة التي سارت مغربا ومشرقا ، والأصالة التي تجاوز بها فوق الفرقدين .
إمام الأئمة ، ومجلي ظلمات الضلال المدلهمة ، شيخ المشايخ أستاذ الجماعة مقدم الطائفة الجامع للطريقين ، ولد سنة سبع وسبعين وثلاثمائة ، وسمع الحديث من الحاكم والأهوازي والسلمي وغيرهم ، ورى عنه الخطيب وغيره ، وكان فقيها من فقهاء الشافعية أصوليا متحققا متكلفا سنيا محدثا حافظا مفسرا مفتيا نحويا لغويا أديبا كاتبا شاعرا مليح الخط جدا ، شجاعا بطلا أجمع أهل عصره على أنه سيد زمانه وقدوة وقته وأوانه ، لم ير مثل نفسه ولا رأى الراؤون مثله في كلامه وبراعته جمع بين الشريعة والحقيقة .
وأما المجالس في التذكير والقعود بين المريدين وأجوبة أسئلتهم عن الوقائع فأجمعوا على أنه عديم النظر فيه وتصانيفه في ذلك مشهورة .]اهـ مختصرا

- قال عنه ابن العماد الحنبلي في [شذرات الذهب في أخبار من ذهب] :

[الصوفي الزاهد شيخ خراسان ، وأستاذ الجماعة ، ومصنف الرسالة ، توفي في ربيع الآخر وله تسعون ستة .
روى عن أبي الحسن الخفاف ، وأبي نعيم ، وطائفة .
وقال السخاوي : عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة بن محمد القشيري أبو القاسم المفسر المحدث ، الفقيه الشافعي ، المتكلم الأصولي ، الأديب النحوي ، الكاتب الشاعر ، الصوفي ، لسان عصره وسيد وقته ، سيد لم ير مثل نفسه في كماله وبراعته ، جمع بين علمي الشريعة والحقيقة ... وكان أملح خلق الله وأظرفهم شمائل .]اهـ مختصرا

- قال عنه الزركلي في [الأعلام] :

عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك ابن طلحة النيسابوري القشيري، من بني قشير ابن كعب، أبو القاسم، زين الإسلام: شيخ خراسان في عصره، زهدا وعلما بالدين. كانت إقامته بنيسابور وتوفي فيها.
وكان السلطان ألب أرسلان يقدمه ويكرمه.
من كتبه " التيسير في التفسير - خ " ويقال له " التفسير الكبير " و " لطائف الإشارات - ط " ثلاثة أجزاء منه، في التفسير أيضا، و " الرسالة القشيرية - ط ".]اهـ

- قال عنه الأستاذ عمر رضا كحالة في [معجم المؤلفين] :

[عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة بن محمد النيسابوري، القشيري، الشافعي (أبو القاسم، رين الإسلام) صوفي، مفسر، فقيه، أصولي، محدث، متكلم، واعظ، أديب، ناثر، ناظم. ولد في ربيع الأول، وتعانى الفروسية والعمل بالسلاح حتى برع في ذلك، ثم تعلم الكتابة والعربية، ثم سمع الحديث. وتوفي بنيسابور في 16 ربيع الآخر من تصانيفه: التيسير في التفسير، حياة الأرواح والدليل إلى طريق الصلاح، الرسالة القشيرية في التصوف، الفصول في الأصول، وأربعون حديثا.]اهـ[/align]
[/font]

_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يوليو 01, 2008 8:41 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14765
مكان: مصـــــر المحروسة

_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يوليو 01, 2008 8:52 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14765
مكان: مصـــــر المحروسة
[font=Tahoma][align=justify]
تابع ترجمة الإمام العلامة التاج السبكي لحجة الإسلام الإمام الغزالي في [طبقات الشافعية الكبرى] .[/align]
[/font]


[font=Tahoma][align=justify][وإني أحذره إذا ميزت عند أرباب القلوب أحرار الناس أن يكون إلا في زمرة الكرام الأكياس فقد قيل لرسول الله من أكرم الناس فقال ( أتقاهم ) فقيل من أكيس الناس فقال ( أكثرهم للموت ذكراو أشدهم له استعدادا ) وقال ( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والأحمق من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله المغفرة ) .

وأشد الناس غباوة وجهلا من تهمه أمور دنياه التي يختطفها عنه الموت ولا يهمه أن يعرف أنه من أهل الجنة أو النار وقد عرفه الله تعالى حيث قال ( إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم ) وقال ( فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا ) الآية وقال ( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها ) إلى قوله ( وباطل ما كانوا يعملون )

وإني أوصيه أن يصرف هذا المهم همته وأن يحاسب نفسه قبل أن يحاسب ويراقب سريرته وقصده وهمته وأفعاله وأقواله وإصداره وإيراده أهي مقصورة على ما يقربه من الله تعالى ويوصله إلى سعادة الأبد أو هي مصروفة إلى ما يعمر دنياه ويصلحها له إصلاحا منغصا مشوبا بالكدورات مشحونا بالهموم والغموم ثم يختمها بالشقاوة والعياذ بالله فليفتح عن بصيرته لتنظر نفس ما قدمت لغد وليعلم أنه لا مشفق ولا ناظر لنفسه سواه وليتدبر ما هو بصدده فإن كان مشغولا بعمارة ضيعة فلينظر كم من قرة أهلكها الله تعالى وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها بعد عمارتها وإن كان مقبلا على استخراج ماء وعمارة نهر فليفكر كم من بئر معطلة وقصر مشيد بعد عمارتها.

وإن كان مهتما بتأسيس بناء فليتأمل كم من قصور مشيدة البنيان محكمة القواعد والأركان أظلمت بعد سكانها وإن كان معتنيا بعمارة الحدائق البساتين فليعتبر ( كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ونعمة ) الآية وليقرأ قوله ( أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون )

وإن كان مشغوفا والعياذ بالله بخدمة سلطان فليذكر ما ورد في الخبر أنه ينادي مناد يوم القيامة أين الظلمة وأعوانهم فلا يبقىأحد منهم مد لهم دواة وبرى لهم قلما فما فوق ذلك إلا أحضروا فيجمعون في تابوت من نار فيلقون في جهنم وعلى الجملة فالناس كلهم إلا من عصم الله نسوا الله فنسيهم وأعرضوا عن التزود للآخرة وأقبلوا على طلب أمرين الجاه والمال فإن كان هو في طلب جاه ورياسة فليتذكر ما ورد به الخبر أن الأمراء يحشرون يوم القيامة في صور الذر تحت أقدام الناس يطؤونهم بأقدامهم وليقرأ ما قاله تعالى في كل متكبر جبار وقد قال رسول الله ( يكتب الرجل جبارا وما يملك إلا أهل بيته ) أي إذا طلب الرياسة بينهم وتكبر عليهم وقد قال عليه السلام ( ما ذئبان ضاريان أرسلا في زريبة غنم بأكثر فسادا من حب الشرف في دين الرجل المسلم )

وإن كان في طلب المال وجمعه فليتأمل قول عيسى عليه السلام يا معشر الحواريين العين مسرة في الدنيا مضرة في الآخرة بحق أقول لا يدخل الأغنياء ملكوت السماء وقد قال نبيا ( يحشر الأغنياء يوم القيامة أربع فرق رجل جمع مالا من حرام وأنفقه في حرام فيقال اذهبوا به إلى النار ورجل جمع مال من حرام وأنفقه في حلال فيقال اذهبوا به إلى النار ورجل جمع مالا من حلال وأنفقه في حرام فيقال اذهبوا به إلى النار ورجل جمع مالا من حلال وأنفقه في حلال فيقال قفوا هذا واسألوه لعله ضيع بسبب غناه فيما فرضناه عليه أو قصر في صلاته أو في وضوئها أو في سجودها أو خشوعها أو ضيع شيئا من فرض الزكاة والحج فيقول الرجل جمعت المال من حلال وأنفقته في حلال وما ضيعت شيئا من حدود الفرائض بل أتيتها بتمامها قيقال لعلك باهيت واختلت في شيء من ثيابك فيقول يارب ما باهيت بمالي ولا اختلت في ثيابي فيقال لعلك فرطت فيما أمرناك من صلة الرحم وحق الجيران والمساكين وقصرت في التقديم والتأخير والتفضيل والتعديل ويحيط هؤلاء به فيقولون ربنا أغنيته بين أظهرنا وأحوجتنا إليه فقصر في حقنا فإن ظهر تقصير ذهب به إلى النار وإلا قيل له قف هات الآن شكر كل نعمة وكل شربة وكل أكلة وكل لذة فلا يزال يسأل ويسأل )

فهذه حال الأغنياء الصالحين المصلحين القائمين بحقوق الله تعالى أن يطول وقوفهم في العرصات فكيف حال المفرطين المنهمكين في الحرام والشبهات والمكاثرين به المتنعمين بشهواتهم الذين قيل فيهم ( ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر )

فهذه المطالب الفاسدة هي التي استولت على قلوب الخلق فسخرها للشيطان وجعلها ضحكة له فعليه وعلى كل مستمر في عداوة نفسه أن يتعلم علاج هذا المرض الذي حل بالقلوب ، فعلاج مرض القلب أهم من علاج مرض الأبدان ولا ينجو إلا من أتى الله بقلب سليم وله دواءان :

أحدهما : ملازمة ذكر الموت وطول التأمل فيه مع الاعتبار بخاتمة الملوك وأرباب الدنيا أنهم كيف جمعوا كثيرا وبنوا قصورا وفرحوا بالدنيا بطرا وغرورا فصارت قصورهم قبورا وأصبح جمعهم هباء منثورا ( وكان أمر الله قدرا مقدورا ) ( أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون ) فقصورهم وأملاكهم ومساكنهم صوامت ناطقة تشهد بلسان حالها على غرور عمالها فانظر الآن في جميعهم ( هل تحسن منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا )

الدواء الثاني : تدبر كتاب الله تعالى ففيه شفاء ورحمة للعالمين وقد أوصى رسول الله بملازمة هذين الواعظين فقال ( تركت فيكم واعظين صامتا وناطقا والصامت الموت والناطق القرآن ) وقد أصبح أكثر الناس أمواتا عن كتاب الله تعالى وإن كانوا أحياء في معايشهم وبكما عن كتاب الله تعالى وإن كانوا يتلونه بألسنتهم وصما عن سماعه وإن كانوا يسمعونه بآذانهم وعميا عن عجائبه وإن كانوا ينظرون إليه في صحائفهم ومصاحفهم نائمين عن أسراره وإن كانوا يشرحونه عن تفاسيرهم

فاحذر أن تكون منهم وتدبر أمرك وأمر من لم يتدبر كيف يقوم ويحشر وانظر في أمرك وأمر من لم ينظر في أمر نفسه كيف خاب عند الموت وخسر واتعظ بآية واحدة من كتاب الله ففيه مقنع وبلاغ لكل ذي بصيرة قال الله تعالى ( يا أيها الذين آمنو لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون ) إلى آخرها .

وإياك ثم إياك أن تشتغل بجمع المال فإن فرحك به ينسيك أمر الآخرة وينزع حلاوة الإيمان من قلبك قال عيسى صلوات الله عليه وسلامه لا تنظروا إلى أموال أهل الدنيا فإن بريق أموالهم يذهب بحلاوة إيمانكم وهذه ثمرة مجرد النظر فكيف عاقبة الجمع والطغيان والنظر وأما القاضي الجليل الإمام مروان أكثر الله في أهل العلم أمثاله فهو قرة العين وقد جمع بين الفضلين العلم والتقوى ولكن الإستتمام بالدوام ولا يتم الدوام إلا بمساعدة من جهته ومعاونة له عليه فيما يزيد في رغبته ومن أنعم الله عليه بمثل هذا الولد النجيب فينبغي أن يتخذه ذخرا للآخرة ووسيلة عند الله تعالى وأن يسعى في فراغ قلبه لعبادة الله تعالى ولا يقطع عليه الطريق إلى الله تعالى .

وأول الطريق إلى الله طلب الحلال والقناعة بقدر القوت من المال وسلوك سبيل التواضع والخمول والنزوع عن رعونات أهل الدنيا التي هي مصائد الشيطان هذا مع الهرب عن مخالطه الأمراء والسلاطين ففي الخبر إن الفقهاء أمناء الله ما لم يدخلوا في الدنيا فإذا دخلوها فاتهموهم على دينكم .

وهذه أمور قد هداه الله إليها ويسرها عليه فينبغي أن يمده ببركة الرضا ويمده بالدعاء فدعاء الوالد أعظم ذخرا وعدة في الآخرة والأولى وينبغي أن تقتضي به فيما يؤثره من النزوع عن الدنيا .

فالولد وإن كان فرعا فربما صار بمزيد العلم أصلا ولذلك قال إبراهيم عليه السلام ( يا أبت إني قد جاءني من العلم مالم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا ) وليجتهد أن يجبر تقصيره في القيامة بتوقيره ولده الذي هو فلذة كبده فأعظم حسرة أهل النار فقدهم في القيامة حميما يشفع لهم قال الله تعالى ( فليس له اليوم ها هنا حميم )

أسال الله أن يصغر في عينه الدنيا التي هي صغيرة عند الله وأن يعظم في عينه الذي هو عظيم عند الله وأن يوفقنا وإياه لمرضاته ويحله الفردوس الأعلى من جناته بمنه وفضله وكرمه إن شاء الله تعالى .

ومن الفتاوى عن حجة الإسلام غير ما تضمنته فتاويه المجموعة المشهورة :

كتب له بعض الزائغين :

ما قوله متع الله المسلمين ببقائه ونفع الطالبين بمشاهدته ولقائه ومنحه الله أفضل ما منح به خاصته من أصفيائه وأوليائه ، في قلب خصه الحق سبحانه بأنواع من الطرف والهدايا ومنح أصنافا من الأنوار والعطايا يستمر له ذلك في جميع الأوقات والأحوال متزايدة مع عدم العوائق والآفات مع كون ظاهره معمورا بأحكام الشرع وآدابه منزها عن مآثمه ومخالفاته ويجد في الباطن مكاشفات وأنوارا عجيبة ثم إنه انكشف له نوع تعريف أن المقصود من التكاليف الشرعية والرياضيات التأديبية هو الفطام عما سوى الحق كما قيل لموسى أخل قلبك فإني أريد أن أنزل فيه فإذا تم الفطام وحصل المقصود بالوصول إلى القربة ودوام الترقي من غير فترة حتى إنه لو اشتغل بوظائف الشرع وظواهره انقطع عن حفظ الباطن وتشوش عليه بالالتفات عن أنواع الواردات الباطنة إلى مراعاة أمر الظاهر .

وهذا الرجل لا ينزع يده من التكليف الظاهر ولا يقصر في أحكام الشريعة لكن الاعتقاد الذي كان له في الظواهر والتكاليف تناقص وتقاصر عما كان في الابتداء من التعظيم لموقعها عنده ولكنه يباشرها ويواظب عليها عادة لا لأجل الخلق نظرهم وحفظ ومراقبة إنكارهم بل صارت إلفا له وإن نقص اعتقاده فيها وتعظيمها ما حكمها ثم إن عرضت لهذا شبهة أن المقصود من الداعي والدعوة حصول المعرفة والقربة وإذا حصل هذا استغنى عن الداعي والواسطة كيف معالجته فإن قلنا المعرفة لا تتناهى أبدا بل تقبل الزيادة أبدا فلا يستغنى عن الداعي أبدا لا محالة فربما قال الداعي قد تبين ما احتيج إلى بيانه وشرح معالم الطرق وذهب فلو احتاج السالك إلى مراجعته في زوائد واردت لم تمكن المراجعة في هذه الحالة فيقول ما هو طبيب علتي في هذه الحالة لأنه غاب عن إمكان المراجعة فما علاجه ينعم بالجواب مستوفي حسب ما عود من شافي بيانه .

الجواب وبالله التوفيق:

ينبغي أن يتحقق المريد هنا أن من ظن أن المقصود من التكاليف والتعبد بالفرائض الفطام عما سوى الله تعالى والتجرد له فهو مصيب في ظنه أن ذلك مقصود ومخطيء في ظنه أنه كل المقصود ولا مقصود سواه بل لله تعالى في الفرائض التي استعبد بها الخلق أسرار سوى الفطام تقصر بضاعة العقل عن دركها.

ومثل هذا الرجل المنخدع بهذا الظن مثل رجل بنى له أبوه قصرا على رأس جبل ووضع فيه شدة من حشيش طيب الرائحة وأكد الوصية على ولده مرة بعد أخرى أن لا يخلي هذا القصر عن هذا الحشيش طول عمره وقال إياك أن تسكن هذا القصر ساعة من ليل أو نهار إلا وهذا الحشيش فيه فزرع الولد حول القصر أنواعا من الرياحين وجلب من البر والبحر أوقارا من العود والعنبر والمسك وجمع في قصره جميع ذلك مع شدات كثيرة من الرياحين الطيبة الرائحة فانغمرت رائحة الحشيش لما فاحت هذه الروائح فقال لا أشك أن والدي ما أوصاني بحفظ هذا الحشيش إلا لطيب رائحته والآن قد استغنيت بهذه الرياحين عن رائحته فلا فائدة فيه الآن إلا أن يضيق على المكان فرمي به من القصر

فلما خلا القصر عن الحشيش ظهر من بعض ثقب القصر حية هائلة وضربته ضربة أشرف بها على الهلاك فتفطن وتنبه حيث لم ينفعه التنبه أن الحشيش كان من خاصيته دفع هذه الحية المهلكة

وكان لأبيه في الوصية بالحشيش غرضان أحدهما انتفاع الولد برائحته وذلك قد أدركه الولد بعقله والثاني اندفاع الحيات المهلكة برائحته وذلك مما قصر عن دركه بصيرة الولد فاغتر الولد بما عنده من العلم وظن أنه لا سر وراء معلومه ومعقوله كما قال تعالى ( ذلك مبلغهم من العلم ) وقال ( فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم ) والمغرور من اغتر بعقله فظن أن ما هو منتف عن علمه فهو منتف في نفسه

ولقد عرف أهل الكمال أن قالب الآدمي كذلك القصر وأنه معشش حيات وعقارب مهلكات وإنما رقيتها وقيدها بطريق الخاصية المكتوبات المشروعة بقوله سبحانه ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ) وقوله تعالى ( كتب عليكم الصيام ) فكما أن الكلمات الملفوظة والمكتوبة في الرقية تؤثر بالخاصية في استخراج الحيات بل في استسخار الجن والشياطين وبعض الأدعية المنظومة المأثورة تؤثر في استمالة الملائكة إلى السعي في إجابة الداعي ويقصر العقل عن إدراك كيفيته وخاصيته وإنما يدرك ذلك بقوة النبوة إذا كوشف النبي بها من اللوح المحفوظ فكذلك صورة الصلاة المشتملة على ركوع واحد وسجودين وعدد مخصوص وألفاظ معينه من القرآن متلوه مختلفة المقادير عند طلوع الشمس وعند الزوال والغروب تؤثر بالخاصية في تسكين التنين المستكن في قالب الآدمي الذي يتشعب منه حيات كثيرة الرءوس بعد أخلاق الآدمي يلدغه وينهشه في القبر متمكنا من جوهر الروح وذاته أشد إيلاما من لدغ متمكن من القالب أولا ثم يسري أثره إلى الروح وإليه الإشارة بقوله ( يسلط على الكافر في قبره تنين له تسعة وتسعون رأسا صفته كذا وكذا ) الحديث

ويكثر مثل هذا التنين في خلقة الآدمي ولا يقمعه إلا الفرائض المكتوبة فهي المنجيات عن المهلكات وهي أنواع كثيرة بعدد الأخلاق المذمومة ( وما يعلم جنود ربك إلا هو ) فإذن في التكليف غرضان أدرك هذا المغرور أحدهما وغفل عن الآخر

وقد وقع لأبي حنيفة مثل هذا الظن في الفقهيات فقال أوجب الله في أربعين شاة شاة وقصد به إزالة الفقر والشاة آلة في الإزالة فإذا حصل بمال آخر فقد حصل تمام المقصود

فقال الشافعي رضي الله عنه صدقت في قولك إن هذا مقصود وركبت متن الخطر في حكمك بأنه لا مقصود سواه فبم تأ من أن يقال له يوم القيامة كان لنا سر في إشراك الغني الفقير مع نفسه في جنس ماله كما كان في رمي سبعة أحجار في الحج لو رمى بدله خمسة لآل أو خمس سكرات لم يقبله .

وإذا جاز أن يتمحض التقييد في الحج وأن يتمحض المعنى المعقول في معاملات الخلق فلم يستحيل أن يجمع المعقول والتقييد جميعا في الزكاة فتكون إزالة الفقر معقولة والسر الآخر غير معقول وزاد أبو حنيفة على هذا فقال المقصود من كلمة التكبير الثناء على الله تعالى بالكبرياء فلا فرق بينه وبين ترجمته بكل لسان وبين قوله الله أعظم .

فقال الشافعي وبم علمت أنه لا فرق في صفات الله بين العظمة والكبرياء مع أنه تعالى يقول العظمة إزاري والكبرياء ردائي والرداء أشرف من الإزار وهلا استنبطت مقصود الخضوع من الركوع وأقمت مقامه السجود لأنه أبلغ منه في الاستكانة

فإن قلت لعل لله تعالى سرا في الركوع خاصة سوى ما فهمناه فلم يستحيل أن يكون له سر في كلمة السلام فلا يقوم مقامه الحديث وكل خطاب للآدمي وأن يكون له سر في القرآن المعجز فلا يقوم مقامه غيره وقد أقام الترجمة مقامه وأن يكون له سر في الفاتحة وقد أقام مقامها سائر القرآن

فإن كان يقول المقصود معاني القرآن وتأثر القلب لا حروفه وأصواته فإنها آلات فهلا قال والمقصود من حركة اللسان تأثر القلب فلتكف القراءة بالقلب دون اللسان والمقصود من الصلاة التواضع والتعظيم وملازمة ذكر الله فليكف الجلوس مع الله تعالى على هيئة الإجلال والذكر وليترك صورة الصلاة وجميع ما ذكره أبو حنيفة بطلانه مظنون غير مقطوع

أما إقامة القراءة بالقلب مع ترك حركة اللسان وملازمة الذكر مع ترك الركوع والسجود وصورة الصلاة مقطوع ببطلانها بالإجماع وهذا المغرور انجر به ذلك الخيال الضعيف إلى خرق الإجماع ومخالفة الشرع القاطع

فإذا المبتدىء في المعرفة يجرد المعاني عن الصور ويطرح الصور فيطفىء نور معرفته نور ورعه فيثور عليه التنين في قبره فيتعجب منه ويبدو له من الله ما لم يكم يحتسب فإذا أصابته ضربة التنين قال ما هذا

فيقال إنما كان ترياق هذا التنين صور الفرائض المكتوبة و إليه الإشارة بما يروى إن الميت يوضع في قبره فتأتيه ملائكة العذاب من جهة رأسه فيدفعه القرآن فتأتيه من قبل رجليه فيدفعه الحج الحديث فإن أصر هذا المغرور على جهالته وقال من بلغ رتبة الكمال كما بلغت أمن هذا التنين وطهر باطنه عنه

فيقال له أنت مغرور في أمنك ( فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ) فبم تأمن أن يكون التنين مستكنا في صميم الفؤاد استكنان الجمر تحت الرماد واستكنان النار في الزناد وإن مات فيعود حيا فإن منبته ومنبعه هذا القالب الذي هو ظنه الشهوات والصفات البشرية وقلع الحشيش من الأرض لا يؤمن عوده مرة أخرى بأن يتجدد نباته مهما كانت الأرض معرضة لانصباب الماء إليها من منابعها فكذلك القالب ما دام مصبا لواردات المحسوسات والشهوات لم يؤمن فيها عود النبات بعد الانقطاع والانبتات

وننبهه على هذه المعرفة والتأمل في ثلاثة أمور :

الأول : بداية حال إبليس وأنه كيف وصف بأنه كان معلم الملائكة ثم سقط عن درجة الكمال بمخالفة أمر واحد اغترار بما عنده من العلم والغفلة عن أسرار الله تعالى في الاستبعاد ولم يسقط عن درجته إلا بكياسته وتمسكه بمعقوله في كونه خيرا من آدم عليه السلام فنبه الخلق بهذا الرمز على أن البلاهة أدنى إلى الخلاص من فطانة بتراء وكياسة ناقصة

الثاني : حال آدم عليه السلام وأنه لم يخرج من الجنة إلا بركوبه نهيا واحدا ليعلم أن ركوب النهي في إبطال إكمال كمخالفة

الأمر الثالث : حال رسول الله فإن هذا المغرور لعله لم تسلم له رتبة الكمال ثم إنه لم يزل يلازم الحدود ويواظب على المكتوبات إلى آخر أنفاسه بل زيد في فرائضه وأوجب عليه التهجد ولم يوجب على غيره وقيل له ( يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا )

وإنما أوجبت عليه هذه الزيادة لأن الخزانة كلما ازداد جوهرها نفاسة وشرفا فينبغي أن يزاد حصنها إحكاما وعلوا فلذلك قيل له في تعليل إيجاب التهجد ( إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلا )

فتبين له أن هذه الصلوات هي حصن الكمال فلا يبقي إلا به ولعل هذا المغرور المعتوه يقول إنه إنما كان يواظب عليه أشفاقا على الخلق لأجل الاقتداء لا لحاجته إليه في حفظ الكمال

فيقال له فلم زاد عليه في التهجد وجوبا هلا قال إن من بلغ درجة النبوة يستغنى عما يحتاج إليه غيره ولو قال لقبل منه كما قبل منه أنه أحل له تسعة من النساء بل ما شاء فإنه بقوة النبوة يقوى على العدل مع كثرة النساء كما قبل من المدرس أن يأمر تلامذته بالتكرار السهر ليلا وهو ينام ويقول إني قد بلغت درجة استغنيت عن ذلك وليس يترك أحد تكراره بهذه الشبهة

ولعل هذا المغرور إذا صار ضحكة للشيطان سخر منه وقال له أنت أكمل من النبي والصديق وكل من واظب على الفرائض وعند هذا نقطع الطمع من صلاحه فهو ممن قال فيهم ( وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا )

مسألة

أما ما ذكره من أنه لو اشتغل بالتكاليف لشغله ذلك عن القربة التي نالها والكمال الذي بلغه فهو كذب صريح ومحال فاحش قبيح لأن التكاليف قسمان أمر ونهي

فأما المنهيات مثل الزنا والسرقة والقتل والضرب والغيبة والكذب والقذف فترك ذلك كيف يشغل عن الكمال وكيف يحجب عن القربة وأي كمال يكون موقوفا على ركوب هذه القاذورات

وأما المأمورات فكالزكاة والصوم والصلاة فكيف تحجبه الزكاة ولو أنفق جميع ماله فقد دفع الشواغل عن نفسه ولو صام جميع دهره فهل يفوته بذلك إلا سلطنة الشهوة فما الذي يفوت من الكمال بترك الأكل صخوة النهار في شهر واحد هو رمضان وأما الصلاة فتنقسم إلى أفعال وأذكار وأفعاله قيام وركوع وسجود ولا شك في أنه لا يخرج من القربة بالأفعال المعتادة فإنه إن لم يصل فسيكون إما قائما أو قاعدا أو مضطجعا وغير المعتاد هو السجود والركوع وكيف يحجب عن القربة ما هو سبب القربة قال الله تعالى لنبيه ( واسجد واقترب )

ومن عشق ملكا ذا جمال فإذا وضع خده على التراب بين يديه استكانة له وجد في قلبه مزيد روح وراحة وقرب ولذلك قال ( وجعلت قرة عيني في الصلاة ) فاستدامه حال القربة واستزادتها في السجود وأيسر منه في الاضطجاع والقعود ومهما ألقي في قلبه أن السجود سبب حرمانه عن القرب كان ذلك أنموذجا من حال إبليس حيث ألقي في نفسه أن السجود بحكم الأمر سبب زوال قربته وكماله فكل ولي سقط من درجة القربة إلى درجة اللعنة فسببه ترك السجود ومقتداه وإمامه إبليس وكل ولي أسعد بالترقي إلى درجات القرب قيل له اسجد واقترب ومقتداه وإمامه الرسول

ولا ينبغي أن يتوهم الولي الخلاص عن خداع إبليس مادام في هذه الحياة بل لا ينجو عنه الأنبياء حتى أجرى على لسانه تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لترتجى ) لكن النبي لا يقرر على الخطأ كما قال تعالى ( وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقي الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته ) الآية

وأما أذكار الصلاة فتكبير وفاتحة وتشهد لا فريضة إلا هذا فما وجه الضرورة في قوله الله أكبر وفي الحمد لله والالتجاء إليه والاستعانة وطلب الهداية إلى الصراط المستقيم وهذا مضمون الفاتحة وكل ذلك مناجاة مع الله تعالى

وإن صح ما يقوله مثلا فكل يوم الآف نفس فليصرف هذه الأنفاس المعدودة إلى الذكر والسجود ولينقص هذه اللحظات من درجات كماله ليأمن بهذه المكتوبات عن ضرر التنين الذي لا يعتد بشر سواه ويتخلص من خطر الخطأ في هذا الاعتقاد ولا شك في أن الخطأ ممكن فيه إن لم يكن مقطوعا به

وإن قال إن صرف القلب إلى حفظ ترتيب الأفعال والأذكار هو الذي يشغلني عن درجة القرب فهو دعوى محال لأن المقتدى لا يحتاج إلى تكلف الحفظ بل المشتهر غيره إذا حفظ بيتا مرة يناسب حاله لم يعسر التغني به مع حفظ طريقه وألحانه بل يجد من نفسه في ذلك هزة ونشاطا فكيف لا تكون قرة عين العبد في مناجاة محبوبة وخدمته التي رسمها وارتضاها له

مسألة

بل معنى ارتفاع التكليف من الولي أن العباده تصير قرة عينه وغذاء روحه بحيث لا يصبر عنه فلا يكون عليه كلفة فيه وهو كالصبي يكلف حضور المكتب ويحمل على ذلك قهرا فإذا أنس بالعلم صار ذلك ألذ الأشياء عنده ولم يصبر عنه فلم يكن فيه كلفة وتكليف الجائع تناول الطعام اللذيد محال لأنه يأكله بشهوته و يلتذ به فأي معنى لتكليفه فإذا تكليف الولي محال والتكليف مرتفع عن الولي بهذا المعنى لا بمعنى أنه لا يصوم ولا يصلي ويشرب ويزني

وكما يستحيل تكليف العاشق النظر إلى معشوقه وتقبيل قدميه والتواضع له لأن ذلك منتهى لذته وشهوته فكذلك غذاء روح الولي في ملازمة ذكره وامتثال أمره والتواضع له بقلبه لا يمكنه إشراك القالب مع القلب في الخضوع إلا بصورة السجود فيكون ذلك كمالا للذة الخضوع والتعظيم حتى يشترك في الالتذاذ قلبه وقالبه كما قيل

( ألا فاسقني ضمرا وقل لي هي الخمر ... أي ليدرك سمعي لذة اسمه كما أدرك ذوقي طعمه )

بل تنتهي لذة الولي من القيام لله قانتا مناجيا إلى أن لا يدرك ألم الورم في القدم فيقال له ألم يغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فيقول أفلا أكون عبدا شكورا

مسألة

أما قولك إنه إذا تكلف المواظبة على العبادات المشروعة وقد تغير اعتقاده فيها وسقط وقعها من قلبه فهل ينفعه ذلك فاعلم أنه لو لم يعتقد أنه لا فرق بين وجودها وعدمها في حفظ درجة الكمال والقرب أو دفع مهلكات الباطن وجوز أن يكون لله تعالى سر فيها ليس يطلع عليه هو فعبادته صحيحة

وإن اعتقد أنه لا فرق بين وجوده وعدمه وأنه لا يتصور أن يكون تحت خاصيته سر هو لا يطلع عليه فعبادته باطلة بل إيمانه بالإلهية والنبوة مختل باطل فإنه إذا لم يجوز في كمال قدرة الله تعالى بعينه سرا من الأسرار وخاصيته من الخواص في الأعمال والأذكار فليس مؤمنا بكمال القدرة ويرى القدرة قاصرة على قدر عقله وهو كفر صريح

وإن جوز ذلك ولكن اعتقد أنه لم يكلف به فهو كافر بالنبوة جاهل بما علم بالضرورة من الشريعة فإنه بلغ قوله تعالى ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ) وفهم الصحابة وأهل الإجماع وجوب الصلاة على العموم من غير استثناء

فإن شك في إيجاب الرسول فليتأمل القرآن والأخبار وإن شك أن في قدرة الله تعالى على نفسه سرا في الأعمال والأذكار تكون الفريضة لأجله كالحصن لدرجة الكمال وكالحراسة عن المهلكات الباطنة فليرجع إلى نفسه وليطالبها أنها عرفت استحالة ذلك بضرورة العقل أو نظره وأنه كيف يعتقد ذلك ويرى في عجائب صنع الله تعالى ما هو أبدع منه حتى إن هذا الشكل المشتمل كل ضلع منه على خمسة عشر عددا من حساب الجمل إذا أثبت رقومه على خزف لم يصبه الماء بشرط مخصوص وأعطي المرأة التي تعسر عليها الولادة عند الطلق سهلت عليها الولادة وعرف ذلك بالتجربة وأنه يؤثر بخاصية تقصر عقول الأولين والآخرين عن إدراك وجه مناسبته ويكثر مثل هذا في عجائب الخواص

فمن أين يستحيل أن يكون لنظم الكلمات الإلهية في الفاتحة مع الجمع بين أعمال جميع الملائكة من القيام والركوع والسجود والقعود فإن كل واحد عمل صنف واحد من الملائكة خاصية في النجاة الأخروية أو في حفظ درجة الكمال والقرب أو دفع المهلكات الباطنة التي تلدغ في القلب لدغا أشد من لدغ الحيات والعقارب أو مؤثر في سعادة الآدمي بوجه آخر من الوجوه يقصر العقل عن إدراكه فمن لم يؤمن بإمكان هذا فهو عديم الإيمان والعقل جميعا

مسألة

أما قوله المقصود المعرفة والاستواء على طريق السير إلى الله تعالى فقد استوى هذا السالك على الطريق وعرف الله تعالى وكان التكليف وسيلة الوصول له إلى هذا المقصود وقد وصل واستغنى عن الوسيلة والمرشد وإن احتاج فقد توفي المرشد وتعذر مراجعته فهذا أيضا يفهم جوابه مما سبق لأن جميع ذلك صادر عن ظنه أن ما ليس حاصلا في علمه فليس حاصلا في نفسه وهو كعجوز ظنت أن ما تخلوا عنه حجرتها تخلو عنه خزانة الملك ومملكته وكنملة ظنت أنه ليس في العالم إلا سقف بيتها ولا أرض إلا عرصة بيتها وهذا جهل عظيم فإن جميع ما وصل إليه الأولياء بالإضافة إلى مقدورات الله تعالى أقل من قطرة في بحر

وإن سلم له وصول درجة الكمال فيجوز أن تكون صورة الصلوات الخمس بطريق الخاصية سببا للترقي إلى درجات الكمال التي لا نهاية لها أو يكون سببا لبقاء الكمال ودوامه أو يكون سببا لرسوخه حتى لا يتزلزل في سكرات الموت فإن لم يواظب عليها فعساه يودعه الكمال عند الموت ويقال له إنه إنما كان يثبت هذا إذا عصفت رياح الموت بالمسامير الخمس التي هي المكتوبات وكان يستحكم بها فلما خلا عن المسامير تزعزع وانقطع فقد خبت وخسرت إذا فرحت بما عندك من العلم وسيقال لكم يوم القيامة معاشر أهل الإباحة ( ما سلككم في سقر ) فسيقولون ( لم نك من المصلين )

فعلاج هذا المغرور الضعيف العقل المريض القلب أن يتأمل هذه الأمور ويجوز الخطأ على نفسه والسلام .

ومن غرائب المسائل عن حجة الإسلام

إذا قال من رد عبدي فله درهم قبله بطل كما إذا قال إذا جاء رأس الشهر فلفلان على درهم لا يصح لأن التعليق إنما يكون للاستحقاق بعمل مقصود هو عوض الدرهم والموجب لا يتقدم على الموجب والمتقدم على العمل زمان والزمان لا يصلح لأن يعلق به استحقاق المال
قاله الغزالي في كتاب علم الغور في دراية الدور

إذا قالت المطلقة انقضت عدتي وقبلنا قولها ثم أتت بولد لزمان يحتمل أن يكون العلوق به في النكاح لحق النسب إلا إذا تزوجت واحتمل أن يكون من الثاني فلو قالت نكحت زوجا آخر .

ولم يظهر لنا قال الغزالي في كتاب التحصين فلا نص فيه وفيه احتمال ونظر مذهبي انتهى

إذا قال الزوج لامرأته أحللت أختك لي ونوى الطلاق فهل يقع ويكون هذا اللفظ كناية عن طلاقها لأن حل أختها يتضمن تحريمها المؤذن بطلاقها
قال الغزالي في التحصين في مسألة أنا منك طالق هذه المسألة غير منصوصة وإنما ولدها الخاطر
ثم ذكر ما حاصله التردد في أنها هل تلحق بقوله اعتدى لأن العدة حل شرعي وكذلك حل الأخت أو يفرق بينهما بأن دلالة العدة على الطلاق أظهر من حل الأخت لغلبته وحضوره في الذهن

يلزم المسافر أن يشتري الماء للطهارة بثمن المثل

وقيل ثمن المثل هو مؤاجرة نقله إلى موضع الشراء أخذا من أن الماء لا يملك بعد الحوز في الإناء وهو بعيد جدا لا يعرف إلا في النهاية والغزالي ذهب إليه في كتبه وادعى أنه جار و إن قلنا الماء مملوك فأبعد وزاد في البعد
قال الرافعي ولم أر من رجحه غيره

صلاة في جماعة بلا خشوع وفي انفراد بخشوع

سئل الغزالي رحمه الله تعالى عمن يتحقق من نفسه أنه يخشع في صلاته إذا كان منفردا وإن صلى في جماعة تشتتت همته ولم يمكنه الخشوع ما الأولى

فأجاب رحمه الله بأن الانفراد حينئذ أولى وأصح لحديث يصلي العبد ولا يكتب له من الصلاة عشرها

قال وفضل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الجماعة على الانفراد بسبع وعشرين درجة فكأنه لو خضع في صلاة الجماعة في لحظة كما لو خضع في الانفراد في سبع وعشرين لحظة فإن كانت نسبة خضوعه في الجماعة إلى خضوعه منفردا أقل من نسبة واحدة إلى سبعة وعشرين فالانفراد أولى وإن كان أكثر من ذلك فالجماعة أولى انتهى ملخصا

وسلك الشيخ عز الدين بن عبد السلام هذا المسلك فأفتى فيمن إذا حضر الجماعة مرائيا أن الانفراد له أولى

وهذان الإمامان إذا عرض عليهما حديث ابن مسعود ولقد رأيتنا في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما يتخلف عنها يعني الجماعة إلا منافق معلوم النفاق ولقد كان يؤتى بالرجل يهادي بين اثنين حين يقام في الصف الحديث أوشك أن يقولا إنه لم يكن في السلف من تذهب الجماعة حضوره وخشوعه وخضوعه بخلاف المسئول عنه فما المسألة المسئول عنها بواقعة في السلف

وأنا أقول مع ذلك الذي يظهر أن حضور الجماعة أفضل مطلقا وبركتها تربي على ذهاب الخشوع الذي حصل للسائل والزمان الذي ذكره الغزالي رحمه الله لاعتبار الموازنة أبعد عن الحضور من زمان الجماعة فأن يشتغل بالجماعة خير له من أن يشتغل باعتبار هذه الموازنة ومجرد تردده في أنه هل يحصل له من الخشوع في الجماعة ما يحصل في الانفراد نوع من الخشوع والجماعة بكل سبيل أولى

ثم هذا الذي قاله الغزالي مع كونه غير مسلم في حق واحد من الآحاد يتفق له ذلك في بعض الأحايين أما جمع كثير يتفقون على ذلك أو واحد يترك الجماعة دائما معتلا بهذه العلة فلا يسمع منهم ولا منه ولا تترك سنة رسول الله التي افترضها قوم وشرطها آخرون لصحة الصلاة لمثل هذه الخيالات ولا يفتح لإبليس هذا الباب بل البركة كل البركة في الاتباع ومجاهدة النفس على الخشوع فإن يأت فبها ونعمت وإلا فترك الخشوع لمتابعة السنة خشوع خير من الخشوع الحاصل مع الانفراد فتأمل ذلك فهو حسن دقيق

وحاصله أن السنة وإن وقعت ناقصة وهي الجماعة بلا خشوع خير من لا سنة بالكلية وإن وقع فيها سنة أخرى وهي الخشوع

وقد أغري بعض محبي الخلوة بترك الجماعة لمثل ذلك وذلك عندنا أمر منكر بل خروجه إلى الجماعة وإن كان سنة ساعة خير له من ألف ساعة مع ترك السنة

وإن دقق مدقق وقال لا نسلم ثبوت السنة هنا فهو محجوج بالظواهر الدالة على طلب الجماعة على الإطلاق من غير فرق بين خاشع ومشتت

السنة بعد صلاة الجمعة

قال ابن الصلاح من تفردات الغزالي أنه ذكر في بداية الهداية في سنة الجمعة بعدها أن له أن يصليها ركعتين وأربعا وستا قال فأبعد في ست وشذ

قال النووي روى الشافعي بإسناده في كتاب علي وابن مسعود عن علي رضي الله عنه أنه قال من كان منكم مصليا بعد الجمعة فليصل بعدها ست ركعات

قلت وهذا المروي عن علي كرم الله وجهه محكي عن أبي موسى الأشعري وعطاء ومجاهد وحميد بن عبد الرحمن وسفيان الثوري ورواية عن أحمد

وأغرب صاحب الكافي فقال فيه الأفضل أن يصلي بعدها ستا أخذا بالأكثر ركعتين ثم أربعا بسلام واحد انتهى لفظ الخوارزمي في الكافي.]اهـ

يتبع إن شاء الله[/align]
[/font]

_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يوليو 08, 2008 4:48 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14765
مكان: مصـــــر المحروسة
[font=Tahoma][align=justify]
[تابع]

- قال عنه القاضي ابن خلكان [في وفيات الأعيان] :

[أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الغزالي، الملقب حجة الإسلام زين الدين الطوسي الفقيه الشافعي، لم يكن للطائفة الشافعية في آخر عصره مثله، اشتغل في مبدأ أمره بطوس على أحمد الراذكاني ، ثم قدم نيسابور واختلف إلى دروس إمام الحرمين أبي المعالي الجويني، وجد في الاشتغال حتى تخرج في مدة قريبة، وصار من الأعيان المشار إليهم في زمن أستاذه، وصنف في ذلك الوقت، وكان أستاذه يتبجح به، ولم يزل ملازما له إلى أن توفي في التاريخ المذكور في ترجمته، فخرج من نيسابور إلى العسكر، ولقي الوزير نظام الملك فأكرمه وعظمه وبالغ في الإقبال عليه، وكان بحضرة الوزير جماعة من الأفاضل، فجرى بينهم الجدال والمناظرة في عدة مجالس، فظهر عليهم واشتهر اسمه وسارت بذكره الركبان.
ثم فوض إليه الوزير تدريس مدرسته النظامية بمدينة بغداد، فجاءها وباشر إلقاء الدروس بها، وذلك في جمادى الأولى سنة أربع وثمانين وأربعمائة، وأعجب به أهل العراق وارتفعت عندهم منزلته، ثم ترك جميع ما كان عليه في ذي القعدة سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، وسلك طريق الزهد والانقطاع وقصد الحج [وناب عنه أخوه أحمد في التدريس] فلما رجع توجه إلى الشام فأقام بمدينة دمشق مدة يذكر الدروس في زاوية الجامع في الجانب الغربي منه، وانتقل منها إلى البيت المقدس، واجتهد في العبادة وزيارة المشاهد والمواضع المعظمة، ثم قصد مصر وأقام بالإسكندرية مدة، ويقال إنه قصد منها الركوب في البحر إلى بلاد المغرب على عزم الاجتماع بالأمير يوسف بن تاشفين صاحب مراكش، - وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى - فبينا هو كذلك بلغه نعي يوسف بن تاشفين المذكور، فصرف عزمه عن تلك الناحية.
ثم عاد إلى وطنه بطوس واشتغل بنفسه وصنف الكتب المفيدة في عدة فنون منها ما هو أشهرها كتاب " الوسيط " و " البسيط " و " الوجيز " و " الخلاصة " في الفقه، ومنها " إحياء علوم الدين " وهو من أنفس الكتب وأجملها ، وله في أصول الفقه " المستصفى " فرغ من تصنيفه في سادس المحرم سنة ثلاث وخمسمائة ، وله المنحول والمنتحل في علم الجدل وله تهافت الفلاسفة ومحك النظر ومعيار العلم والمقاصد والمضنون به على غير أهله والمقصد الأقصى في شرح أسماء الله الحسنى ومشكاة الأنوار والمنقذ من الضلال وحقيقة القولين وكتبه كثيرة وكلها نافعة.
ثم ألزم بالعود إلى نيسابور والتدريس بها بالمدرسة النظامية، فأجاب إلى ذلك بعد تكرار المعاودات، ثم ترك ذلك وعاد إلى بيته في وطنه، واتخذ خانقاه للصوفية ومدرسة للمشتغلين بالعلم في جواره، ووزع أوقاته على وظائف الخير: من ختم القرآن ومجالسة أهل القلوب والقعود للتدريس، إلى أن انتقل إلى ربه. ويروى له شعر، فمن ذلك ما نسبه إليه الحافظ أبو سعد السمعاني في الذيل وهو قوله:
حلت عقارب صدغه في خده ... قمرا فجل بها عن التشبيه
ولقد عهدناه يحل ببرجها ....... فمن العجائب كيف حلت فيه
ورأيت هذين البيتين في موضع آخر لغيره والله أعلم. ونسب إليه العماد الأصبهاني في " الخريدة " هذين البيتين، وهما:
هبني صبوت كما ترون بزعمكم ... وحظيت منه بلثم خد أزهر
إني اعتزلت فلا تلوموا إنه .... أضحى يقابلني بوجه أشعر(ي)
ونسب إليه البيتين اللذين قبلهما.
وكانت ولادته سنة خمسين وأربعمائة، وقيل سنة إحدى وخمسين بالطابران ، وتوفي يوم الاثنين رابع عشر جمادى الآخرة سنة خمس وخمسمائة بالطابران ورثاه الأديب أبو المظفر محمد الأبيوردي الشاعر المشهور - وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى - بأبيات فائية من جملتها:
مضى وأعظم مفقود فجعت به ... من لا نظير له في الناس يخلفه وتمثل الإمام إسماعيل الحاكمي بعد وفاته بقول أبي تمام من جملة قصيدة مشهورة:
عجبت لصبري بعده وهو ميت ... وكنت امرءا أبكي دما وهو غائب
على أنها الأيام قد صرن كلها ....... عجائب حتى ليس فيها عجائب
ودفن بظاهر الطابران، وهي قصبة طوس، رحمه الله تعالى.]اهـ

- قال عنه الإمام ابن الأثير في [الكامل] :
[وفيها توجه الإمام أبو حامد الغزالي إلى الشام، وزار القدس، وترك التدريس في النظامية، واستناب أخاه، وتزهد، ولبس الخشن، وأكل الدون، وفي هذه السفرة صنف إحياء علوم الدين، وسمعه منه الخلق الكثير بدمشق، وعاد إلى بغداد بعدما حج في السنة التالية، وسار إلى خراسان.]اهـ

- وقال عنه أيضا :
[وفي هذه السنة -505هـ - ، في جمادى الآخرة، توفي الإمام أبو حامد محمد بن محمد بن محمد الغزالي، الإمام المشهور.]اهـ

- قال عنه الحافظ ابن الجوزي في [المنتظم] :
[وفي جمادى الأولى: قدم أبو حامد محمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي من اصبهان إلى بغداد للتدريس بالنظامية، ولقبه نظام الملك : بزين الدين، شرف الأئمة، وكان كلامه معسولاً وذكاؤه شديداً.]اهـ

- وقال عنه أيضا :
[وفي ذي القعدة: خرج أبو حامد الغزالي من بغداد متوجهاً الى بيت المقدس تاركاً للتدريس في النظامية، زاهداً في ذلك، لابساً خشن الثياب بعد ناعمها، وناب عنه أخوه في التدريس، وعاد في السنة الثالثة من خروجه وقد صنَف كتاب الإحياء فكان يجتمع إليه الخلق الكثير كل يوم في الرباط فيسمعونه منه، ثم حج في سنة تسعين، ثم عاد إلى بلده.]اهـ

- وقال عنه أيضا :
[ذكر أنه ولد سنة خمسين وأربعمائة، وتفقه على أبي المعالي الجويني، وبرع في النظر في مدة قريبة، وقاوم الأقران وتفقه وتَوحد، وصنف الكتب الحسان في الأصول والفروع التي انفرد بحسن وضعها وترتيبها وتحقيق الكلام فيها، حتى إنه صنف في خياة أستاذه الجويني، فنظر الجويني في كتابه المسمى بالمنخول " ، فقال له: دفنتني وأنا حي هلا صبرت حتى أموت؟ وأراد أن كتابك قد غطى على كتابي، ووقع له القبول من نظام الملك، فرسم له التدريس بمدرسته ببغداد، فدخل بغداد في سنة أربع وثمانين ودرس بها وحضره الأئمة الكبار كابن عقيل وأبي الخطاب، وتعجبوا من كلامه واعتقدوه فائدة، ونقلوا كلامه في مصنفاتهم، ثم إنه ترك التدريس والرياسة، ولبس الخام الغليظ، ولازم الصوم، وكان لا يأكل إلّا من أجرة النسخ، وحج وعاد ثم رحل إلى الشام، وأقام ببيت المقدس ودمشق مدة يطوف المشاهد، وأخذ في تصنيف كتاب الإحياء في القدس، ثم أتمه بدمشق .]اهـ

- وقال عنه أيضا :
[ثم أن أبا حامد عاد إلى وطنه مشتغلاً بتعبده، فلما صارت الوزارة إلى فخر الملك أحضره وسمع كلامه وألزمه بالخروج إلى نيسابور، فخرج ودرس، ثم عاد إلى وطنه واتخذ في جواره مدرسة ورباطاً للصوفية، وبنى داراً حسنة، وغرس فيها بستاناً، وتشاغل بحفظ القرآن وسمع الصحاح.
سمعت إسماعيل بن علي الموصلي الواعظ يحكي عن أبي منصور الرزاز الفقيه، قال: دخل أبو حامد بغداد فقومنا ملبوسه ومركوبه خمسمائة دينار، فلما تزهد وسافر وعاد إلى بغداد فقومنا ملبوسه خمسة عشر قيراطاً.
وحدثني بعض الفقهاء، عن أنوشروان - وكان قد وزر للخليفة - ، أنه زار أبا حامد الغزالي، فقال له أبو حامد: زمانك محسوب عليك، وأنت كالمستأجر فتوفرك على ذلك أولى من زيارتي، فخرج أنوشروان، وهو يقول: لا إله إلا الله، هذا الذي كان في أول عمره يستزيدني فضل لقب في ألقابه كان يلبس الذهب والحرير فآل أمره إلى هذا الحال.]اهـ

- قال عنه ابن الدمياطي في [المستفاد من ذيل تاريخ بغداد] :
[محمد بن محمد بن محمد الغزالي، أبو حامد بن أبي عبد الله : من أهل طوس، إمام الفقهاء على الإطلاق، ورباني الأمة بالاتفاق، ومجتهد زمانه وعين وقته وأوانه، ومن شاع ذكره في البلاد واشتهر فضله بين العباد، قرأ في صباه طرفا من الفقه ببلده على أحمد الرادكاني ، ثم سافر إلى جرجان إلى أبي نصر الإسماعيلي، وعلق عنه التعليق، وعاد إلى نيسابور فلازم الإمام أبا المعالي الجويني، وجد واجتهد حتى برع في المذهب والأصول والخلاف والمنطق، وقرأ الحكمة والفلسفة، وفهم كلام أرباب هذا العلم، وتصدى للرد عليهم وإبطال ما ادعوه، وصنف في كل فن من هذه العلوم كتبا أحسن تأليفها وأجاد ترتيبها وترصيفها.توفي في يوم الإثنين رابع عشر جمادى الآخرة سنة خمس وخمسمائة، وقبره بظاهر الطابران قصبة طوس.]اهـ

- قال عنه أبو الفدا في [المختصر في أخبار البشر] :
[وفي هذه السنة في جمادى الآخرة توفي الإمام أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الملقب حجة الإسلام زين الدين الطوسي، اشتغل بطوس، ثم قدم نيسابور، واشتغل على إمام الحرمين، واجتمع بنظام الملك فأكرمه وفوض إليه تدريس مدرسة النظامية ببغداد، في سنة أربع وثمانين وأربعمائة، ثم ترك جميع ما كان عليه في سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، وسلك طريق التزهد والانقطاع، وحج وقصد دمشق وأقام بها مدة، ثم انتقل إلى القدس واجتهد في العبادة، ثم قصد مصر وأقام بإسكندرية مدة، ثم عاد إلى وطنه بطوس وصنف الكتب المفيدة المشهورة، منها البسيط، والوسيط، والوجيز، والمنخول والمنتخل في علم الجدل، وكانت ولادته سنة خمسين وأربعمائة ونسبه إلى طوس من خراسان، وطوس مدينتان، تسمى إحداهما طابران، والأخرى نوقان، والغزالي نسبة إلى الغرال، والعجم تقول في القصّار قصاري، وفي الغزال غزالي وفي العطار عطاري. ]اهـ

- قال عنه الإمام ابن الملقن في [طبقات الأولياء] :
[الإمام أبو حامد محمد الغزالي. صنف في الفقه والأصول وعلم الطريقة وتزهد. ودخل إلى مصر الإسكندرية والقدس ودمشق، ودرس بها، وببغداد ووعظ بها.ثم عاد إلى وطنه طوس، ومات بها سنة خمس وخمسمائة.وقد بسطت ترجمته في " طبقات الفقهاء " .وكان يقول: أما الوعظ فلست أرى نفسي له أهلا، لأن الوعظ زكاة نصابه الإتعاظ، ومن لا نصاب له كيف يخرج الزكاة؟!. وهل يستقيم الظل والعود أعوج؟!".]اهـ

- وقال عنه الحافظ الذهبي في [سير أعلام النبلاء] :
[الغزالي الشيخ الإمام البحر، حجة الإسلام، أعجوبة الزمان، زين الدين أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي، الشافعي، الغزالي، صاحب التصانيف، والذكاء المفرط.
تفقه ببلده أولا، ثم تحول إلى نيسابور في مرافقة جماعة من الطلبة، فلازم إمام الحرمين، فبرع في الفقه في مدة قريبة، ومهر في الكلام والجدل، حتى صار عين المناظرين، وأعاد للطلبة، وشرع في التصنيف، فما أعجب ذلك شيخه أبا المعالي، ولكنه مظهر للتبجح به، ثم سار أبو حامد إلى المخيم السلطاني، فأقبل عليه نظام الملك الوزير، وسر بوجوده، وناظر الكبار بحضرته، فانبهر له، وشاع أمره، فولاه النظام تدريس نظامية بغداد، فقدمها بعد الثمانين وأربع مئة، وسنه نحو الثلاثين، وأخذ في تأليف الاصول والفقه والكلام والحكمة، وأدخله سيلان ذهنه في مضايق الكلام، ومزال الاقدام، ولله سر في خلقه.
وعظم جاه الرجل، وازدادت حشمته بحيث إنه في دست أمير، وفي رتبة رئيس كبير، فأداه نظره في العلوم وممارسته لافانين الزهديات إلى رفض الرئاسة، والانابة إلى دار الخلود، والتأله، والاخلاص، وإصلاح النفس، فحج من وقته، وزار بيت المقدس، وصحب الفقيه نصر بن إبراهيم بدمشق، وأقام مدة، وألف كتاب " الاحياء "، وكتاب " الاربعين "، وكتاب " القسطاس "، وكتاب " محك النظر ".
وراض نفسه وجاهدها، وطرد شيطان الرعونة، ولبس زي الاتقياء، ثم بعد سنوات سار إلى وطنه، لازما لسننه، حافظا لوقته، مكبا على العلم.
ولما وزر فخر الملك، حضر أبا حامد، والتمس منه أن لا يبقي أنفاسه عقيمة، وألح على الشيخ، إلى أن لان إلى القدوم إلى نيسابرو، فدرس بنظاميتها.
فذكر هذا وأضعافه عبد الغافر في " السياق "، إلى أن قال: ولقد زرته مرارا، وما كنت أحدس في نفسي مع ما عهدته عليه من الزعارة والنظر إلى الناس بعين الاستخفاف كبرا وخيلاء، واعتزازا بما رزق من البسطة، والنطق، والذهن، وطلب العلو، أنه صار على الضد، وتصفى عن تلك الكدورات، وكنت أظنه متلفعا بجلباب التكلف، متنمسا بما صار إليه، فتحققت بعد السبر والتنقير أن الامر على خلاف المظنون، وأن الرجل أفاق بعد الجنون، وحكى لنا في ليال كيفية أحواله من ابتداء ما أظهر له طريق التأله، وغلبة الحال عليه بعد تبحره في العلوم، واستطالته على الكل بكلامه، والاستعداد الذي خصه الله به في تحصيل أنواع العلوم، وتمكنه من البحث والنظر، حتى تبرم بالاشتغال بالعلوم العرية عن المعاملة، وتفكر في العاقبة، وما يبقى في الآخرة، فابتدأ بصحبة الشيخ أبي علي الفارمذي ، فأخذ منه استفتاح الطريقة، وامتثل ما كان يأمره به من العبادات والنوافل والاذكار والاجتهاد طلبا للنجاة، إلى أن جاز تلك العقاب، وتكلف تلك المشاق، وما حصل على ما كان يرومه.
ثم حكى أنه راجع العلوم، وخاض في الفنون الدقيقة، والتقى بأربابها حتى تفتحت له أبوابها، وبقي مدة في الوقائع وتكافؤ الادلة، وفتح عليه باب من الخوف بحيث شغله عن كل شئ، وحمله على الاعراض عما سواه، حتى سهل ذلك عليه، إلى أن ارتاض، وظهرت له الحقائق، وصار ما كنا نظن به ناموسا وتخلقا، طبعا وتحققا، وأن ذلك أثر السعادة المقدرة له.
ثم سألناه عن كيفية رغبته في الخروج من بيته، والرجوع إلى ما دعي إليه، فقال معتذرا: ما كنت أجوز في ديني أن أقف عن الدعوة، ومنفعة الطالبين، وقد خف علي أن أبوح بالحق، وأنطق به، وأدعو إليه، وكان صادقا في ذلك، فلما خف أمر الوزير، وعلم أن وقوفه على ما كان فيه ظهور
وحشة وخيال طلب جاه، ترك ذلك قبل أن يترك، وعاد إلى بيته، واتخذ في جواره مدرسة للطلبة، وخانقاه للصوفية، ووزع أوقاته على وظائف الحاضرين من ختم القرآن، ومجالسة ذوي القلوب، والقعود للتدريس، حتى توفي بعد مقاساة لانواع من القصد، والمناوأة من الخصوم، والسعي فيه إلى الملوك، وحفظ الله له عن نوش أيدي النكبات.
إلى أن قال: وكانت خاتمة أمره إقباله على طلب الحديث، ومجالسة أهله، ومطالعة " الصحيحين " ، ولو عاش، لسبق الكل في ذلك الفن بيسير من الايام.
قال: ولم يتفق له أن يروي، ولم يعقب إلا البنات، وكان له من الاسباب إرثا وكسبا ما يقوم بكفايته، وقد عرضت عليه أموال، فما قبلها.
قال: ومما كان يعترض به عليه وقوع خلل من جهة النحو في أثناء كلامه، وروجع فيه، فأنصف، واعترف أنه ما مارسه، واكتفى بما كان يحتاج إليه في كلامه، مع أنه كان يؤلف الخطب، ويشرح الكتب بالعبارة التي يعجز الادباء والفصحاء عن أمثالها.]اهـ مختصرا

- وقال عنه أيضا في [العبر في خبر من غبر] :
[وأبو حامد الغزّالي زين الدين حجّةّ الإسلام محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسيُّ الشافعيُّ، أحد الأعلام. تلمذ لإمام الحرمين، ثمَّ ولاه نظام الملك تدريس مدرسته ببغداد. وخرج له الأصحاب، وصنّف التصانيف، مع التصوّن والذكاء المفرط والاستبحار من العلم. وفي الجملة ما رأى الرجل مثل نفسه. توفي في رابع عشر جمادى الآخرة بالطّابران قصبة بلاد طوس، وله خمسٌ وخمسون سنة.والغزّالي هو الغزّال و كذا العطّاري وهو العطار والخبّازي على لغة أهل خراسان.]اهـ

- وقال عنه أيضا في [تاريخ الإسلام] :
[الإمام زين الدين أبو حامد الغزالي، الطوسي، الفقيه الشافعي، حجة الإسلام. قرأ قطعة من الفقه بطوس على أحمد الراذكاني، ثم قدم نيسابور في طائفة من طلبة الفقه، فجد وآجتهد، ولزم إمام الحرمين أبا المعالي حتى تخرج عن مدة قريبة، وصار أنظر أهل زمانه، وواحد أقرانه، وأعاد للطلبة، وأخذ في التصنيف والتعليق.
وكان الإمام أبو المعالي مع علو درجته وفرط ذكائه، لا يطيب له تصديه للتصنيف، وإن كان في الظاهر مبتهجاً به. ثم إن أبا حامد خرج إلى المعسكر، فأقبل عليه نظام الملك، وناظر الأقران بحضرته، فظهر اسمه، وشاع أمره، فولاه النظام تدريس مدرسته ببغداد، ورسم له بالمصير إليها، فقدمها، وأعجب الكل مناظرته. وما لقي الرجل مثل نفسه. ثم أقبل على علم الأصول، وصنف فيها وفي المذهب والخلاف، وعظمت حشمته ببغداد، حتى كانت تغلب حشمة الأمراء والأكابر، فآنقلب الأمر من وجه آخر، وظهر عليه بعد مطالعة العلوم الدقيقة، وممارسة التصانيف طريق التزهد والتأله فترك الحشمة، وطرح الرتبة، وتزود للمعاد، وقصد بيت الله، وحج، ورجع على طريق الشام، وزار القدس، وأقام بدمشق مدة سنين، وصنف بها إحياء علوم الدين وكتاب الأربعين، والقسطاس، ومحك النظر، وغير ذلك.
وأخذ في مجاهدة النفس، وتغيير الأخلاق، وتهذيب الباطن، وآنقلب شيطان الرعونة، وطلب الرئاسة والتخلق بالأخلاق الذميمة، إلى سكون النفس، وكرم الأخلاق، والفراغ عن الرسوم، وتزيا بزي الصالحين.
ثم عاد إلى وطنه، لازماً بيته، مشتغلاً بالتفكير، ملازماً للوقت، فبقي على ذلك مدة. وظهرت له التصانيف. ولم يبد في أيامه مناقضة لما كان فيه، ولا آعتراض لأحد على مآثره، حتى انتهت نوبة الوزارة إلى فخر الملك، وقد سمع وتحقق بمكان أبي حامد وكمال فضله، فحضره وسمع كلامه، فطلب منه أن لا تبقى أنفاسه وفوائده عقيمة، لا آستفادة منها ولا آقتباس من أنوارها، وألح عليه كل الإلحاح، وتشدد في الإقتراح إلى أن أجاب إلى الخروج، وقدم نيسابور. وكان الليث غائباً عن عرينه، والأمر خافياً في مستور قضاء الله ومكنونه. ورسم له بأن يدرس بالمدرسة النظامية، فلم يجد بداً من ذلك.
قال هذا كله وأكثر منه عبد الغافر بن إسماعيل في تاريخه. ثم قال: ولقد زرته مراراً، وما كنت أحدس في نفسي مع ما عهدته في سالف الزمان عليه من الزعارة، وإيحاش الناس، والنظر إليهم بعين الإزدراء، والإستخفاف بهم كبراً وخيلاء وآعتراراً بما رزق من البسطة في النطق، والخاطر، والعبارة، وطلب الجاه، والعلو في المنزلة أنه صار على الضد، وتصفى من تلك الكدورات. وكنت أظن أنه متلفع بجلباب التكلف، متنمس بما صار إليه، فتحققت بعد السبر والتنقير أن الأمر على خلاف المظنون، وأن الرجل أفاق بعد الجنون.
وحكى لنا في ليال كيفية أحواله، من آبتداء ما ظهر له بطريق التأله، وغلبة الحال عليه، بعد تبحره في العلوم، وآستطالته على الكل بكلامه، والإستعداد الذي خصه الله به في تحصيل أنواع العلوم، وتمكنه من البحث والنظر، حتى تبرم بالإشتغال بالعلوم العرية عن المعاملة، وتفكر في العاقبة، وما ينفع في الآخرة؛ فآبتدأ بصحبة أبي علي الفارمذي، فأخذ منه استفتاح الطريقة، وآمتثل ما كان يشير بع عليه من القيام بوظائف العبادات، والإمعان في النوافل، وآستدامة الأذكار والاجتهاد والجد، طلباً للنجاة، إلى أن جاز تلك العقاب، وتكلف تلك المشاق، وما حصل على ما كان يرومه.
ثم حكى أنه راجع العلوم، وخاض في الفنون، وعاود الجد في العلوم الدقيقة، وآلتقى بأربابها، حتى تفتحت له أبوابها، وبقي مدة في الوقائع، وتكافؤ الآداب، وأطراف المسائل.
ثم حكى أنه فتح عليه باب من الخوف، بحيث شغله عن كل شيء، وحمله على الإعراض عما سواه، حتى سهل ذلك عليه. وهكذا إلى أن آرتاض كل الرياضة، وظهرت له الحقائق، وصار ما كنا نظن به ناموساً وتخلقاً، طبعاً وتحققاً. وأن ذلك أثر السعادة المقدرة له من الله تعالى.
ثم سألناه عن كيفية رغبته في الخروج من بيته، والرجوع إلى ما دعي إليه من أمر نيسابور. فقال معتذراً: ما كنت أجوز في ديني أن أقف عن الدعوة، ومنفعة الطالبين، وقد خف علي أن أبوح بالحق، وأنطق به، وأدعو إليه. وكان صادقاً في ذلك.
فلما خف أمر الوزير، وعلم أن وقوفه على ما كان فيه ظهور وحشة وخيال طلب جاه وحشمة، ترك ذلك قبل أن يترك، وعاد إلى بيته، وآتخذ في جواره مدرسة لطلبة العلم، وخانقاه للصوفية، ووزع أوقاته على وظائف الحاضرين، من ختم القرآن، ومجالسته أصحاب القلوب، والقعود للتدريس لطالبه، إلى أن توفاه الله بعد مقاساة أنواع من القصد، والمناوأة من الخصوم، والساعين به إلى الملوك، وكفاية الله إياه، وحفظه وصيانته عن أن تنوشه أيدي النكبات، أو ينتهك ستر دينه بشيء من الزلات.]اهـ

- وقال عنه ابن كثير في [البداية والنهاية] :
[محمد بن محمد بن محمد أبو حامد الغزالي ، ولد سنة خمسين وأربعمائة، وتفقه على إمام الحرمين، وبرع في علوم كثيرة، وله مصنفات منتشرة في فنون متعددة، فكان من أذكياء العالم في كل ما يتكلم فيه، وساد في شبيبته حتى أنه درس بالنظامية ببغداد، في سنة اربع وثمانين، وله أربع وثلاثون سنة، فحضر عنده رؤس العلماء، وكان ممن حضر عنده أبو الخطاب وابن عقيل، وهما من رؤس الحنابلة، فتعجبوا من فصاحته واطلاعه، قال ابن الجوزي: وكتبوا كلامه في مصنفاتهم، ثم إنه خرج عن الدنيا بالكلية وأقبل على العبادة وأعمال الآخرة، وكان يرتزق من النسخ، ورحل إلى الشام فأقام بها بدمشق وبيت المقدس مدة، وصنف في هذه المدة كتابه إحياء علوم الدين، وهو كتاب عجيب، يشتمل على علوم كثيرة من الشرعيات، وممزوج بأشياء لطيفة من التصوف وأعمال القلوب، لكن فيه أحاديث كثيرة غرائب ومنكرات وموضوعات، كما يوجد في غيره من كتب الفروع التي يستدل بها على الحلال والحرام، فالكتاب الموضوع للرقائق والترغيب والترهيب أسهل أمرا من غيره.]اهـ

وقال عنه أيضا :
وفي جمادى الاولى قدم الشيخ أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي من أصبهان إلى بغداد على تدريس النظامية، ولقبه نظام الملك زين الدين شرف الائمة.قال ابن الجوزي: وكان كلامه مقبولا، وذكاؤه شديدا.]اهـ

وقال عنه أيضا :
[وفي ذي القعدة منها خرج أبو حامد الغزالي من بغداد متوجها إلى بيت المقدس تاركا لتدريس النظامية، زاهدا في الدنيا، لابسا خشن الثياب بعد ناعمها، وناب عنه أخوه في التدريس ثم حج في السنة التالية ثم رجع إلى بلده، وقد صنف كتاب الاحياء في هذه المدة، وكان يجتمع إليه الخلق الكثير كل يوم في الرباط فيسمعونه.]اهـ

- قال عنه الصلاح الصفدي في [الوافي بالوفيات] :
[محمد بن محمد بن محمد ابن أحمد حجة الإسلام زين الدين أبو حامد الطوسي الفقيه الشافعي، لم يكن في آخر عصره مثله، اشتغل في مبدأ أمره بطوس على أحمد الرادكاني ثم قدم نيسابور واختلف إلى دروس أمام الحرمين وجد في الاشغال حتى تخرج في مدة قريبة وصار من الأعيان في زمن استاذه وصنف ولم يزل يلامه إلى حين وفاته فخرج إلى العسكر ولقي نظام الملك فأكرمه وعظمه وكان بحضرة الوزير جماعة من الفضلاء فناظروه وظهر عليهم واشتهر اسمه وسار بذكره الركبان:
فسار به من لا يسير مشمراً ... وغنى به من لا يغني مغردا
وفوض إليه الوزير تدريس النظامية وعظمت حشمته ببغداد حتى علت على الأمراء والكبار وأعجب به أهل العراق ثم أنه ترك جميع ما كان فيه في ذي القعدة سنة ثمان وثمانين وأربع مائة وسلك طريق التزهد والانقطاع وحج فلما رجع توجه إلى الشام فأقام في مدينة دمشق مدة يذكر الدروس في زاوية الجامع المعروفة الآن به في الجانب الغربي ثم توجه إلى القدس واجتهد في العبادة وزيارة المشاهد والمواضع المعظمة ثم قصد مصر وأقام بالاسكندرية مدة ويقال أنه عزم منها على ركوب البحر للاجتماع بالأمير يوسف ابن تاشفين صاحب مراكش لما بلغه منه من محبة أهل العلم والإقبال عليهم فبلغه نعى المذكور فعاد إلى وطنه بطوس وصنف بها كتباً نافعة ثم عاد إلى نيسابور وألزم بتدريس النظامية بعد معاودات ثم ترك ذلك وأقام بوطنه واتخذ خانقاه للصوفية ومدرسة للمشتغلين بالعلم في جواره ووزع أوقاته على وظائف الخير من ختم القرآن ومجالسة أهل القولب، وأما مصنفاته فمنها كتاب أحياء علوم الدين وهو من أجل الكتب وأعظمها حتى قيل فيه أنه لو ذهبت كتب الإسلام وبقي الأحياء لأغنى عما ذهب .
وأول ما دخل إلى الغرب أنكروا فيه أشياء وصنفوا عليه الإملاء في الرد على الأحياء قال الشيخ جمال الدين أبو الفرج ابن الجوزي: قد جمعت أغلاط الكتاب وسميته أعلام الأحياء بأغلاط الأحياء وأشرت إلى بعض الأرض في كتابي تلبيس إبليس، وقال سبطه أبو المظفر: وضعه على مذاهب الصوفية وترك فيه قانون الفقه كما ذكر في مجاهدة النفس إن رجلاً أراد محو جاهه فدخل الحمام فلبس ثياب غيره ثم لبس ثيابه فوقها وخرج يمشي على مهل حتى لحقوه فأخذوها منه فسمى سارق الحمام وذكر مثل هذا على سبيل التعليم للمريدين وهذا قبيح لإنه متى كان للحمام حافظ وسرق منه سراق قطع ثم لا يحل لمسلم أن يتعرض لمر يؤثم الاس به ف يحقه وذكر أن رجلاً اشترى لحماً فرأى في نفسه أنه يستحيي من حمله إلى بيته فعلقه في عنقه وهذا في غاية القبح ومثله كثير انتهى.
وأنكروا عليه ما فيه من الأحاديث التي لم يصح ومثل هذا يجوز في الترغيب والترهيب والكتاب غاية في النفاسة وكان الإمام فخر الدين يقول: كان الله جمع العلوم في قبة وأطلع الغزالي عليها أو كما قال، ومن مصنفاته البسيط والوسيط وهو عديم النظير في بابه من حسن ترتيبه وعليه العمدة الآن في إلقاء الدروس والوجيز والخلاصة هذه الأربع في الفقه قال بعضهم فيها:
هذب المذهب حبر ... أحسن الله خلاصه
ببسيط ووسيط ........ ووجيز وخلاصه
ويقال أنه قيل له ما علمت شيئاً أخذت الفقه من كلام شيخك في نهاية المطلب والتسمية لكتبك من الواحدي ويقال أن نهاية المطلب لإمام الحرمين كانت زبر حديد فجعلها الغزالي زبر خشب، ومن مصنفاته المستصفى في أصول الفقه والمنخول واللباب وبداية الهداية وكيمياء السعادة والمآخذ والتحصين والمعتقد والجام العوام والرد على الباطنية ومقاصد الفلاسفة وتهافت الفلاسفة وجواهر القرآن والغاية القصوى وفضائح الأباحية وغور الدور والمنتخل في علم الجدل ومعيار العلم والمضنون به على غير أهله وشرح الأسماء الحسنى ومشكاة الأنوار والمنقذ من الضلال والقسطاس المستقيم وحقيقة القولين وأورد ابن السمعاني من نظمه قوله:
حلت عقارب صدغه من وجهه ... قمراً فجل به عن التشبيه
ولقد عهدناه يحل ببرجها ... ومن العجائب كيف حلت فيه
وأورد له العماد الكاتب في الخريدة قوله:
هبني صوت كما ترون بزعمكم ... وحظيت منه بلثم خد أزهر
إني اعتزلت فلا تلوموا أنه ... أضحى يقابلني بوجه أشعري
وأورد له ابن النجار:
فقهاؤنا كذبالة النبراس ... هي في الحريق وضوءها للناس
خبر ذميم تحت رايق منظر ... كالفضة البيضاء تحت نحاس
وكانت ولادته في سنة خمسين وأربع مائة وقيل سنة إحدى وخمسين بالطابران وتوفي يوم الاثنين رابع عشر جمادى الآخرة سنة خمس وخمس مائة بالطابران ورثاه أبو المظفر محمد الأبيوردي بأبيا فائية منها:
مضى وأعظم مفقود فجعت به ... من لا نظير له في يخلفه
وتمثل الإمام اسماعيل الحاكمي بعد وفاته بقول أبي تمام الطائي:
عجبت لصبري بعده وهو ميت ... وكنت امرءاً أبكى دماً وهو غائب
على أنها الأيام قد صرن كلها ... عجائب حتى ليس فيها عجائب
ودفن بالطابران وهي قصبة طوس وقيل أنه قال في بعض مصنفاته: ونسبني قوم إلى الغزال وإنما أنا الغزال ينسبة إلى قرية يقال لها غزالة بتخفيف الزاي والله أعلم.]اهـ

يتبع إن شاء الله[/align]
[/font]

_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يوليو 09, 2008 1:44 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14765
مكان: مصـــــر المحروسة
[font=Tahoma][align=justify]
[تابع]

- قال عنه الإمام ابن قاضي شهبة في [طبقات الشافعية]:


[محمد بن محمد بن محمد الإمام حجة الإسلام، زين الدين، أبو حامد الطوسي الغزالي. ولد في طوس سنة خمسين وأربعمائة، أخذ عن الإمام ولازمه، حتى صار أنظر أهل زمانه، وجلس للإقراء في حياة غمامه وصنف.

وبعد وفاة الإمام حضر مجلس نظام الملك فأقبل عليه، وحل منه محلاً عظيماً، فولاه نظامية بغداد، فدرس فيها مدة ثم تركها وحج، ورجع إلى دمشق، وأقام فيها عشر سنين، وصنف فيها كتباً يقال: إن الإحياء منها، ثم سار إلى القدس والإسكندرية، ثم عاد إلى وطنه في طوس مقبلاً على التصنيف، والعبادة، ونشر العلم ودرس في نظامية نيسابور مدة، ثم تركها، وبنى خانقاه للصوفية، ومدرسة للمشتغلين، وأقبل على النظر في الأحاديث، خصوصاً البخاري. وقد ذكر له السبكي في الطبقات الكبرى ترجمة طويلة في أربعة كراريس. وأنشد قول القائل:

ماذا يقول الواصفون في وصفه ... وصفاته جلت عن الحصر

توفي في جمادى الآخرة سنة خمس وخمسمائة. ومن تصانيفه البسيط وهو كالمختصر للنهاية، والوسيط ملخص منه، وزاد فيه أموراً من الإبانة للفوراني، ومنها أخذ هذا الترتيب الحسن الواقع في كتبه، وتعليق القاضي الحسين، والمهذب واستمداده منه كثير، كما نبه علليه في المطلب، ومن تصانيفه أيضاً الوجيز والخلاصة مجلد دون التنبيه، وكتاب الفتاوى له، مشتمل على مائة وتسعين مسألة، وهي غير مرتبة. وله فتاوي أخرى غير مشهورة أقل من تلك. وصنف في الخلاف المآخذ جمع مأخذ، ثم صنف كتاباً آخر في الخلاف سماه تحصين المآخذ، وصنف في المسألة السريجية مصنفين، اختار في أحدهما عدم وقوع الطلاق وفي الآخر الوقوع، وكتاب الإحياء وهو الأعجوبة العظيم الشأن، وبداية الهداية في التصوف، والمستصفى في أصول الفقه، والمنخول، وإلجام العوام عن علم الكلام، والرد على الباطنية، ومقاصد الفلاسفة، وتهافت الفلاسفة، وجواهر القرآن، شرح الأسماء الحسنى، ومشكاة الأنوار، والمنقذ من الضلال وغير ذلك.]اهـ

- قال عنه الإمام اليافعي في [مرآة الزمان] :

[وفيها توفي الإمام حجة الإسلام زين الدين أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي الغزالي، أحد الأئمة الأعلام، اشتغل في مبدأ أمره بطوس، على أحمد الزادكاني، ثم قدم نيسابور، واختلف إلى دروس إمام الحرمين أبي المعالي الجويني.

وجد في الاشتغال حتى تخزج في مدة قريبة، وصار من الأعيان المشاهير المشار إليهم في زمن أساتذتهم، وصنف في ذلك الوقت، وكان أستاذه يتبجح به، ولم يزل ملازماً إلى أن توفي في التاريخ المذكور في ترجمته، فخرج من نيسابور إلى العسكر، ولقي الوزير نظام الملك، فأكرمه، وعظمه، وبالغ في الإقبال عليه.

وكان بحضرة الوزير جماعة من الأفاضل، فجرى بينهم الجدال والمناظرة في عدة مجالس، وظهر عليهم، واشتهر اسمه، وسارت بذكره الركبان، ثم فوض إليه الوزير تدريس مدرسته - النظامية - بمدينة بغداد، فجاءها، وباشر إلقاء الدروس بها، وذلك في جمادى الأولى سنة أربع وثمانين وأربعمائة. فعجب به أهل العراق، وارتفعت عندهم منزلته، ثم ترك جميع ما كان عليه، وسلك طريق الزهد والانقطاع، وقصد الحج.

وذكر في الشذور أنه خرج من بغداد في سنة ثمان وثمانين وأربع مائة متوجهاً إلى بيت المقدس، متزهداً لابساً خشن الثياب، وناب عنه أخوه في التدريس، ثم ذكره في سنة خمس وخمس مائة. فلما رجع توجه إلى الشام، فأقام بمدينة دمشق مدة يذكر الدروس في زاوية الجامع - في الجانب الغربي منه - وانتقل منها إلى بيت المقدس، واجتهد في العبادة وزيارة المشاهدة والمواضع المعظمة، ثم قصد مصر، وأقام بالإسكندرية مدة، ويقال إنه قصد منها الركوب في البحر إلى بلاد المغرب على عزم الاجتماع بالأمير يوسف بن تاشفين صاحب مراكش - وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى فبينا هو كذلك بلغه نعي يوسف المذكور، فصرف عنانه من تلك الناحية، ثم عاد إلى وطنه بطوس.

قلت هذه الزيادة في ذكر دخوله مصر والإسكندرية، وقصده الركوب إلى ملك بلاد المغرب غير صحيحة، فلم يذكر أبو حامد في كتابه: المنقذ من الضلال - سوى إقامته ببيت المقدس ودمشق، ثم حج ورجع إلى بلاده والعجب كل العجب، كيف يذكر أنه قصد الملك المذكور لأرب - وهو من الملوك والمملكة هرب - فقد كان له في بغداد الجاه الوسيع، والمقام الرفيع، فاحتال في الخروج عن ذلك، وتعلل بأنه إلى الحج سالك لأداء ما عليه من فروض المناسك، ثم عدل إلى الشام، وأقام بها ما أقام وكذا علماء التاريخ الحفاظ الأكابر ومنهم الإمام الجليل أبو القاسم ابن عساكر - لم يذكر هذه الزيادة التي تنافي رفع همته عن المقاصد الدنية، لإعراضه عن الدنيا والخلق بالكلية.

ولما عاد إلى الوطن اشتغل بنفسه، وآثر الخلوة، وصنف الكتب المفيدة في الفنون العديدة.ومن مشهورات مصنفاته: الوسيط والبسيط والوجيز والخلاصة في الفقه، ومنها إحياء العلوم: وهو من أنفس الكتب وأجملها. وله في أصول الفقه: المستصفى والمنخول والمنتحل في علم الجدل، وتهافت الفلاسفة، ومحك النظر ومعيار العلم، والمقاصد، والمضنون به على غير أهله، ومشكاة الأنوار والمنقذ من الضلال، وحقيقة القولين، وكتاب ياقوت التأويل في تفسير التنزيل أربعين مجلداً، وكتاب أسرار علم الدين، وكتاب منهاج العابدين، والدرة الفاخرة في كشف علوم الآخرة، وكتاب الأنيس في الوحدة، وكتاب القربة إلى الله عز وجل، وكتاب اختلاف الأبرار والنجاة من الأشرار، وكتاب بداية الهداية، وكتاب جواهر القرآن، والأربعين في أصول الدين، وكتاب المقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى، وكتاب ميزان العمل، وكتاب القسطاس المستقيم، وكتاب التفرقة بين الإسلام والزندقة، وكتاب الذريعة إلى مكارم الشريعة، وكتاب المنادى والغايات، وكتاب كيمياء السعادة، وكتاب تدليس إبليس لعنه الله. وكتاب نصيحة الملوك، وكتاب الاقتصاد في الاعتقاد، وكتاب شفاء العليل في مسائل التعليل، وكتاب أساس القياس، وكتاب المقاصد، وكتاب إلجام العوام عن علم الكلام، وكتاب الانتصار، وكتاب الرسالة الدينية، وكتاب الرسالة القدسية، وكتاب أبيات النظر، وكتاب المآخذ، وكتاب القول الجميل في الرد على غير الإنجيل، وكتاب المستظهري، وكتاب الأمالي وكتاب في علم اعداد الوقف وحدوده، وكتاب مفصل الخلاف، وجزء في الرد على المنكرين في بعض الفاظ إحياء علوم الدين. وقال يمدحه تلميذه: الشيخ الإمام أبو العباس الأقلشي المحدث الصوفي، صاحب كتاب النجم والكواكب وغيره :

أبا حامد أنت المخصص بالحمد ..... وأنت الذي علمتنا سنن الرشد
وضعت لنا الإحياء يحيي نفوسنا ... وينقذنا من طاعة المارد المردي
فربع عبادات وعاداتها التي ............ تعاقبها كالدر نظم في العقد
وثالثها في المهلكات وإنه ......... لمنج من الهلك المبرح بل بعدي
ورابعها في المنجيات وإنه ........... ليسرح بالأرواح في جنة الخلد
ومنها ابتهاج للجوارح ظاهر ........... ومنها صلاح للقلوب من البعد

وكتبه كثيرة، وكلها نافعة، ثم ألزم بالعود إلى نيسابور والتدريس بها بالمدرسة النظامية،فأجاب إلى ذلك بعد تكرار المعاودات، ثم ترك ذلك وعاد إلى بيته في وطنه، واتخذ خانقاها للصوفية، ومدرسة للمشتغلين بالعلم في جواره، ووزع أوقاته على وظائف الخير من ختم القرآن ومجالسه أهل القلوب، والقعود للتدريس، إلى أن انتقل إلى ربه هذا ما ذكره بعض علماء التاريخ.

قلت:

وكان رضي الله تعالى عنه رفيع المقام، شهد له بالصديقية إلأولياء الكرام، وهو الحبر الذي باهى به المصطفى سيد الأنام موسى وعيسى - عليه وعليهما أفضل الصلاة والسلام - في المنام الذي رويناها بإسنادنا العالي عن الشيخ الإمام القطب أبي الحسن الشاذلي والذي أنتشر فضله في الآفاق.وتميز بكثرة التصانيف وحسنها على العلمماء، وبرع في الذكاء وحسن العبارة وسهولتها، وأبدع، خى صار إفحام الفرق عنده أسهل من شرب الماء.

قال الشيخ الإمام الحافظ ذو المناقب والمفاخر السيد الجليل أبو الحسن عبد الغافر الفارسي:

محمد بن محمد بن محمد أبو حامد الغزالي حجة الإسلام والمسلمين، إمام أئمة الدين، لم تر العيون مثله لساناً وبياتاً ونطقاً وخاطراً وذكاء وطبعاً، ابتدأ في صباه بطرف في الفقه في طوس،على الفقيه الإمام أحمد الزادكاني، ثم قدم نيسابور مختلفاً إلى درس إمام الحرمين في طائفة من الشبان من طوس، وجد واجتهد حتى تخرج عن مدة قريبة، وصار أنظر أهل زمانه، وأوحد أقرانه في أيام إمام الحرمين، فكانت الطلبة يستفيدون منه، ويدرس لهم، ويرشدهم، ويجتهد في نفسه، وبلغ الأمر به إلى أن أخذ في التصنيف.وكان الإمام - مع علو درجته وسمو عبارته وسرعة جريه في المنطق والكلام لا يصفي نظره إلى الغزالي سراً، لإنافته عليه في سرعة العبارة، وقوة الطبع، ولا يطيب له تصديه للتصنيف - وإن كان متخرجاً به منتسباً إليه، كما لا يخفى من طبع البشر - ولكنه يظهر التبحح به والاعتداد بمكانه ظاهر أخلاق ما يضمره.

ويقال على ما ذكره بعض المؤرخين أنه لما صنف كتابه المنخول، عرضه على إمام الحرمين فقال: دفنتني وأنا حي، فهلا صبرت إلى أن أموت؟ لأن كتابك غطى على كتابي.

هكذا نقل عن إمام الحرمين - والله أعلم مع كونه بالمحل للذي شهد له بفضله الجملة من أفراد الأئمة، من ذلك ما تقدم عن الإمام السمعاني أن الشيخ أبا إسحاق الشيرازي قال: تمتعوا بهذا الإمام، فإنه نزهة هذا الزمان، يعني أبا المعاني الجويني - رحمة الله عليهم أجمعين - .

وما تقدم من وصفه بإمام الأئمة على الإطلاق، وغير ذلك مما اشتهر من وصفه بالفضائل، وبراعته في العلوم في الآفاق، ثم بقي كذلك إلى أن انقضى أيام الإمام، فخرج من نيسابور، وسار إلى العسكر، واحتل من مجلس نظام الملك محل القبول، وأقبل عليه الصاحب لعلو درجته وظهور اسمه وحسن مناظرته وجري عبارته، وكانت تلك الحضرة محط رحال العلماء ومقصد الأئمة والفصحاء، فوقعت للغزالي اتفاقات حسنة من الاحتكاك بالأئمة وملاقاة الخصوم ومناظرة الفحول ومناقدة الكبار، وظهر اسمه في الآفاق، وارتفق بذلك أكمل الارتفاق، حتى أدت الحال به إلى أن رسم للمصير إلى بغداد للتدريس بالمدرسه الميمونة النظامية بها، فصار إليها، وأعجب الكل تدريسه ومناظرته، وما لقي مثل نفسه، وصار بعد إمامة خراسان إمام العراق، ثم نظر في علم الأصول - وكان قد أحكمه - فصنف فيه، وجدد المذهب في الفقه، فصنف فيه تصانيف، وسبك الخلاف، فحرر فيه أيضاً تصانيف، وعلت حشمته ودرجته في بغداد حتى كادت تغلب حشمة الأكابر وأمراء دار الخلافة، فانقلب الأمر من وجه آخر، وظهر عليه بعد ممارسة العلوم الدقيقة، وممارسة الكتب المصنفة فيها، وسلك طريق التزهد والتألة، وترك الحشمة، وطرح ما نال من الدرجة، ولازم الاشتغال بأسباب التقوى وزاد الآخرة، فخرج عما كان فيه، وقصد بيت الله تعالى، وحج ودخل الشام، وأقام في تلك الديار قريباً من عشر سنين، يطوف ويزور المشهد المعظمة.

قلت:

هكذا ذكر بعض المؤرخين، وقد قدمت في فساد ذلك من البيان ما يدل فيه على البطلان، والمعروف الذي نص عليه أبو حامد في بعض كتبه أنه أقام في الشام سنتين، نعم، ذكروا أنه أقام بعد رجوعه في العزلة والخلوات، وترك الاشتغال والمخالطات قريباً من عشر سنين.

قال الشيخ عبد الغفار:

وأخذ في التصانيف المشهورة التي لم يسبق إليها، مثل إحياء علوم الدين، والكتب المختصرة مثل الأربعين وغيرها من الرسائل التي من تأملها علم محل الرجل من فنون العلم، وأخذ في مجاهدة النفس وتغيير الأخلاق وتحسين الشمائل، فانقلب شيطان الرعونة وكلب الرئاسة والجاه، والتخلق بالأخلاق الذميمة إلى سكون النفس وكرم الأخلاق، والفراغ عن الرسوم والتزينات والتزيي بزي الصالحين، وقصر الأمل ووقف الأوقات، أو قال: الأوقاف على هداية الخلق ودعائهم إلى ما يعنيهم في أمر الآخرة وتبغيض الدنيا، والاشتغال بها على السالكين، والاستعداد للرحيل للدار الآخرة الباقية، والانقياد لكل من يتوسم فيه، أو يشم منه رائحة المعرفة، أو يلحظ بشيء من أنوار المشاهدة، حتى مرن على ذلك ولان، ثم عاد إلى وطنه ملازماً بيته،مشتغلاً بالتفكر، ملازماً للوقت مقصوداً تقياً، وذخراً للقلوب ولكل من يقصده، ويدخل عليه .

إلى أن أتى على ذلك مدة، وظهرت التصانيف، وفشت الكتب، ولم تبد في أيامه مناقضة لما كان عليه، ولا اعتراض لأحد على ما آثره، حتى انتهت نوبة الوزارة إلى الأجل فخر الملك جمال الشهداء تغمده الله بغفرانه - ، وتزينت خراسان بحشمته ودولته، وقد سمع وتحقق بمكانة الغزالي ودرجته، وكمال فضله وجلالته، وصفاء عقيدته ومعاشرته واقتفاء سيرته، فتبرك به وحضره، وسمع كلامه، فاستدعى منه أن لا يبقي أنفاسه وفوائده عقيمة لا استفادة منها، ولا اقتباس من أنوارها، وألح عليه كل الإلحاح، وشدد في الاقتراح إلى أن أجاب إلى الخروج، وخرج إلى نيسابور، وكان الليث غائباً عن عرينه، والأمر خافياً في مستور قضاء الله ومكنونه، فأشير إليه بالتدريس في المدرسة الميمونة النظامية وغيرها، فلم يجد بداً من الإذعان للولاة، ونوى بإظهار ما اشتغل به هداية السراة وإفادة القاصدين، لا الرجوع إلى ما انخلع عنه، وتحرز عن رقه من طلب الجاه ومماراة الأقران، ومكاثرة المعاندين وكم فرع عصا الخلاف فيه، والوقوع فيه والطعن فيما يذره ويأتيه، والسماية به والتشنيع عليه، فما تأثر به، ولا اشتغل بجواب الطاعنين، ولا أظهر استيحاشاً لغمرة المخالفين.

قال:

ولقد زرته مراراً، وما كنت أحدث في نفسي مما عهدته في سالف الزمان عليه من الدعارة، أو قال: من الزعارة وإيحاش الناس والنظر إليهم بعين الازدراء، والاستحقار لهم كبراً وخيلاء، واغتراراً بما رزق من البسطة في النطق والخاطر والعبارة، وطلب الجاه والعلو في المنزلة، وكنت أظن أنه متلفح بجلباب التكلف والتيمن بما صار إليه، فتحققت بعد التروي والتنقير أن الأمر على خلاف المظنون، وأن الرجل أفاق بعد الجنون.من الدعارة، أو قال: من الزعارة وإيحاش الناس والنظر إليهم بعين الازدراء، والاستحقار لهم كبراً وخيلاء، واغتراراً بما رزق من البسطة في النطق والخاطر والعبارة، وطلب الجاه والعلو في المنزلة، وكنت أظن أنه متلفح بجلباب التكلف والتيمن بما صار إليه، فتحققت بعد التروي والتنقير أن الأمر على خلاف المظنون، وأن الرجل أفاق بعد الجنون.
وحكي لنا في ليل كيفية أحواله من ابتداء ما ظهر له سلوك طريق التأله وغلبت الحال عليه بعد تبحره في العلوم واستطالته على الكل بكلامه، والإستعداد بالذي خصه الله تعالى به في تحصيل العلوم، وتمكنه من البحث والنظر حتى تنزه عن الاشتغال بالعلوم العربية عن المقالة، وتفكر في العاقبة وما يجدي وينفع في الآخرة، فابتدأ بصحبة الفارمذي، وأخذ مفتاح الطريقة، وامتثل ما كان يشير به عليه من القيام بوظائف العبادات والإمعان في النوافل، واستدامة الإذكار والجد والاجتهاد، طلباً للنجاة، إلى أن جاز تلك العقابات، وتكلف تلك المشاق وما يحصل على، ما كان يطلبه من مقصوده.

ثم حكى أنه راجع العلوم وخاض في الفنون، وعاود الجد والاجتهاد في كتب العلم الدقيقة، واقتفى بأربابها حتى انفتح له أبوابها، وبقي مدة في الوقائع، وتكافؤ الأدلة وأطراف المسائل، ثم حكى أنه فتح عليه من باب الخوف باب بحيث شغله عن كل شيء وحمله على الإعراض عما سواه تعالى، حتى سهل ذلك، وهكذا إلى أن ارتاض كل الرياضة، وظهرت له الحقائق، وصار ما كنا نظن به ناموساً وكلف طبعاً وتحققاً، وأن ذلك أثر السعادة المقدرة له، من الله تعالى، ثم سألناه عن كيفتة الرغبة في الخروج عن بيته، والرجوع إلى ما دعي إليه من أمر نيسابور، فقال معتذراً عنه: ما كنت أجوز في ديني أن أقف عن الدعوة ومنفعة الطالبين بالإفادة، وقد حق علي أن أبوح بالحق، وأنطق به، وأدعو إليه، وكان صادقاً في ذلك.

ثم ترك ذلك قبل أن يترك، وعاد إلى بيته، واتخذ في جواره مدرسة لطلبة العلم وخانقاهاً للصوفية، وكان قد وزع أوقاته على وظائف الحاضرين من ختم القرآن ومجالسة أهل القلوب والقعود للتدريس، بحيث لا تخلو لحظة من لحظاته ولحظات من معه عن فائدة، إلى أن أصابه عين الزمان ومن الأيام به على أهل عصره، فنقله الله تعالى إلى كريم جواره من بعد مقاسات أنواع من التقصد والمناوأة من الخصوم، والسعي به إلى الملوك، وكفاية الله تعالى وحفظه وصيانته عن أن تنوشه أيدي النكبات، أو ينتهك ستر دينه بشيء من الزلات.

وكانت خاتمة أمره إقباله على حديث المصطفى - صلى الله عليه وآله وسلم - ومجالسة أهله ومطالعة الصحيحين: البخاري والمسلم اللذين هما حجة الإسلام، ولو عاش لسبق الكل في ذلك الفن في يسير من الأيام يستفزعه في تحصيله، ولا شك أنه سمع الأحاديث في الأيام الماضية، واشتغل في آخر عمره بسماعها، ولم تتفق له الرواية، وما خلف من الكتب المصنفة في الأصول والفروع وسائر الأنواع يخلد ذكره، ويقرر عند المطالعين المنصفين المستفيدين منها أنه لم يخلق مثله بعده، ومضي إلى رحمة الله تعالى يوم الاثنين الرابع عشر من جمادى الآخرة سنة خمس وخمسمائة، خصه الله تعالى بأنواع الكرامة في آخرته، كما خصه بفنون العلم بدنياه بمنة ورحمته.وقلت إلى شيء من ذكر ارتفاع مناقبه وبحر علوم كتبه - أشرت - والانتفاع في بعض القصيدات بقولي في هذه الأبيات:

وأحيا علوم الدين طالعه ينتفع ... ببحر علوم المستنير المحصل
أبي حامد الغزال غزل مدقق ... من الغزل لم يغزل كذاك بمغزل
دعي حجة الإسلام لا شك أنه .......... لذلك كفؤ كامل للتأهل

له في منامي قلت: إنك حجة ... لإسلامنا لي قال: ما شئت لي قل

وقلت في أخرى:

بناكم وجير من بناء قواعد .............. وجمع معان واختصار مطول
وكم من بسيط في جلاء نفائس ........ وإيضاح إيجاز وحل لمشكل
وكم ذي اقتصار مودع رب قاطع ... لإفحام خصم مثل ماض به اعتل
بكف همام ذب عن منهج الهدى ....... بحرب نصال لا يرى غير أول
كمثل الفتى الحبر المباهي بفضله ...... فعنى بغزال العلى وتغزل
به المصطفى باهي لعيسى ابن مريم ... جيليل العطايا والكليم المفضل
أعندكما حبر كهذا فقيل: لا .......... وناهيك في هذا الفخار المؤثل
رآه الولي الشاذلي في منامه ... وترويه عنه من طريق مسلسل
تصانيفه فاقت بنفع وكثرة ............ وحلة حسن كم بها لعزيز قل
وكم حجة الإسلام حاز فضيلة ....... وكم حلة حسناتها فضله جلي
بها جاهل مع حاسد طاعن فذا ... تعامى وعنها ذاك أعمى قد ابتلي
وما ضر سلمى ذم عالي جمالها ....... ومنظرها الباهي ومنطقها الحلي
لئن ذمها جاراتها ونضائر ........... وعين جمالاً في حلاها وفي الحلي
فما سلمت حسناء عن ذم حاسد ... وصاحب حق من عداوة مبطل .

..... قلت وفضائل الإمام حجة الإسلام أبي حامد الغزالي - رضي الله تعالى عنه - أكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تشهر.وقد روينا عن الشيخ الفقيه الإمام العارف بالله، رفيع المقام الذي اشتهرت كرامته العظيمة، وترادفت، وقال للشمس يوماً؛قفي، فوقفت حتى بلغ المنزل الذي يريد من مكان بعيد.عن أبي الذبيح اسماعيل ابن الشيخ الفقيه الإمام ذي المناقب والكرامات والمعارف:محمد بن اسماعيل الحضرمي - قدس الله أرواح الجميع - أنه سأله بعض الطاعنين في الإمام أبي حامد المذكور - رضي الله تعالى عنه - في فتيا أرسل بها إليه: هل يجوز قراءة كتب الغزالي؟

فقال رضي الله عنه في الجواب:

إنا لله، وإنا إليه راجعون، محمد بن عبدالله - صلى الله عليه وآله وسلم - سيد الأنبياء، ومحمد بن إدريس سيد الأئمة، ومحمد بن محمد بن محمد الغزالي سيد المصنفين، هذا جوابه رحمة الله عليه.وقد ذكرت في كتاب الإرشاد أنه سماه سيد المصنفين، لأنه تميز عن المصنفين بكثرة المصنفات البديعات، وغاص في بحر العلوم، واستخرج عنها الجواهر النفيسات، وسحر العقول يحسن العبارة وملاحة الأمثلة وبداعة الترتيب والتقسيمات والبراعة في الصناعة العجيبة، مع جزالة الألفاظ وبلاغة المعاني الغريبات، والجمع بين علوم الشريعة والحقيقة، والفروع والأصول، والمعقول والمنقول، والتدقيق والتحقيق، والعلم والعمل، وبيان معالم العبادات والعادات، والمهلكات والمنجيات، وأبراز محاسن أسرار المعارف المحجبات العاليات، والانتفاع بكلامه علماً وعملاً لا سيما أرباب الديانات - والدعاء إلى الله سبحانه برفض الدنيا والخلق ومحاربة الشيطان والنفس، بالمجاهدة والرياضيات، وإفحام الفرق أيسر عنلى من شرب الماء: بالبراهين القاطعة، وتوبيخ علماء السوء الراكنين إلى الظلمة والمائلين إلى الدنيا الدنية، أولي الهمم الدنيات، وغير ذلك مما لا يحصى مما جمع في تصانيفه من المحاسن الجميلات والفضائل الجليلات، مما لم يجمعه مصنف - فيما علمنا - ولا يجمعه فيما نظن، ما دامت الأرض والسماوات، فهو سيد المصنفين عند المنصفين، وحجة الإسلام عند أهل الاستسلام لقبول الحق من جميع الأقطار والجهات ، وليس يعني أن تصانيفه أصح، فصحيحا البخاري ومسلم أصح الكتب المصنفات.وقد صنف الشيخ الفقيه الإمام المحدث شيخ الإسلام، عمدة المسندين ومفتي المسلمين، جامع الفضائل قطب الدين: محمد ابن الشيخ الإمام العارف أبي العباس القسطلاني - رضي الله تعالى عنهما - كتاباً أنكر فيه على بعض الناس، وأثنى على الإمام أبي حامد الغزالي ثناء حسناً، وذم إنساناً ذمة، قال في أثناء كلامه: ومن نظر في كتب الغزالي وكثرة مصنفاته وتحقيق مقالاته، عرف مقداره، واستحسن آثاره، واستصغر ما عظم من سواه، وعظم قدره فيما أمده الله به من قوله، ولا مبالاة بحاسد قد تعاطى ذمة أو معانداً، بعده الله عن إدراك معاني بهمة، فهو كما قيل:
قل لمن عن فضائله تعامنى ... تعام، لن تعدم الحسناء ذاما
هذا بعض كلامه بحروفه.

وقال بعض العلماء المالكية والمشايخ العارفين الصوفية،الناس من فضلة علوم الغزالي، معناه: أنهم يستمدون من علومه ومدده، ويستعينون بها على ما هم بصدده، زاده الله تعالى فضلاً ومجداً على رغم الحساد والعدى.قلت وقد اقتصرت على هذا القدر اليسير من محاسنه وفضله الشهير، محتوياً بذكر شيء مما له من الفضل الباهر والجاه والنصيب الوافرة، وشرف المجد والمفاخر، مما روينا بالأسانيد العالية عن السادة الأكابر، أعني: أمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بتعزير من أنكر عليه ونعم الأمر - حتى إن المنكر ما مات إلا وأثر السوط على جسمه ظاهر بنصر الله عز وجل - ونعم الناصر.وفي السنة المذكورة توفي أبو الهيجاء مقاتل بن عطية بن مقاتل البكري الحجازي الملقب بشبل الدولة، كان من أولاد أمراء العرب، فوقعت بينه وبين إخوته وحشة أوجبت رحلته عنهم، ففارقهم، ووصل إلى بغداد، ثم خرج إلى خراسان، واختص بالوزير نظام الملك، وصاهره، ولما قتل نظام الملك رثاه ببيتين تقدم ذكرهما في ترجمته، ثم عاد إلى بغداد، وأقام بها مدة، وعزم على قصد كرمان، مسترفداً وزيرها مكرم بن العلاء وكان من الأجواد فكتب إلى المستظهر بالله قصته، يلتمس منه الإنعام عليه بكتاب إلى الوزير المذكور، يتضمن الإحسان إليه، فوقع المستظهر على رأس قصته: يا أبا الهيجاء، أبعدت النجع، أسرع الله بك الرجعة، وفي ابن العلاء مقنع، فطريقته في الخير مهي، وما يسر به إليك، فيحلي ثمره سكره، ويستعذب مياه بره، والسلام.فأكتفى أو الهيجاء بهذه الأسطر، واستغنى عن الكتاب، وتوجه إلى كرمان، فلما وصلها قصد حضرة الوزير، واستأذن في الدخول فأذن له، فدخل عليه، وعرض عليه رأيه القصة، فلما رآها قام وخرج عن دسته إجلالاً وتعظيماً لكاتبها، وأوصل لأبي الهيجاء ألف دينار في ساعته، ثم عاد إلى دسته، فعرفه أبو الهيجاء أن معه قصيدة يمدحه بها، فاستنشده إياها فأنشده:
دعي العيس تذرع عرض الفلا ... إلى ابن العلاء وإلا فلا

فلما سمع الوزير هذا البيت أطلق له ألف دينار آخر، ولما كمل إنشاد القصيدة أطلق له ألف دينار آخر، وخلع عليه وقاد إليه جواداً يركبه، وقال له: دعاء أمير المؤمنين مسموع ومرفوع، وقد دعا لك بسرعة الرجوع، وجهز بجميع ما يحتاج إليه، ورجع إلى بغداد، وكان من جملة الأدباء الظرفاء، وله النظم الفائق الرائق، وبينه بين العلامة أبي القاسم الزمخشري مكاتبات وأشعار، يمدح كل منهما الآخر.]اهـ مختصرا

يتبع إن شاء الله [/align]
[/font]

_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يوليو 10, 2008 1:51 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14765
مكان: مصـــــر المحروسة
[align=justify]
[تابع]

-وقال عنه ابن تغرى بردي في [النجوم الزاهرة] :

[وفيها توفي الشيخ الإمام أبو حامد محمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي الفقيه الشافعي. كان إمام عصره. تفقه على أبي المعالي الجويني حتى برع في عدة علوم كثيرة، ودرس وأفتى، وصنف التصانيف المفيدة في الأصول والفروع، ودرس بالنظامية، ثم ترك ذلك كله ولبس الخام الغليظ، ولازم الصوم وحج وعاد؛ ثم قدم إلى القدس، وأخذ في تصنيف كتابه الإحياء وتممه بدمشق. وله من المصنفات البسيط والوسيط والوجيز وله غير ذلك. وذكره ابن السمعاني في النيل فقال: ومن شعره: الكامل

حلت عقارب صدغه في خده ... قمراً يجل بها عن التشبيه
ولقد عهدناه يحل ببرجها ... ومن العجائب كيف حلت فيه .]اهـ

- قال عنه صاحب [هدية العارفين] :

[الغزالي أبو حامد: محمد بن محمد بن محمد بن محمد ابن محمد بن محمد الإمام حجة الإسلام أبو حامد الغزالي الطوسي الشافعي ولد سنة 450 وتوفي سنة 505 خمس وخمسمائة. من مصنفاته الأجوبة المسكتة عن الأسئلة المبهتة. أحياء علوم الدين مطبوع. أخلاق الإبراء والنجاة من الأشرار. أساس القياس. أساس المذاهب. أسرار الأنوار الإلهية بالآيات المتلوة. أسرار الحروف والكلمات. أسرار المعاملات. أسرار الملكوت. الإشارة المعنوية والأسرار الحرفية. إشراق المأخذ. الاقتصاد في الاعتقاد. إلجام العوام عن علم الكلام مطبوع. الإملاء على مشكل الأحياء. الانتصار لما في الأجناس من الأسرار. الأنيس في الوحدة. أيها الولد. بداية الهداية في الموعظة. بدائع الصنيع. البدور في أخبار البعث والنشور. البسيط في الفروع. البيان في مسالك الإيمان. النبر المسبوك في نصائح الملوك فارسي. تحفة الأدلة. تحقيق المأخذ. تدليس إبليس. تعليق الأصول. تهافت الفلاسفة في العقائد والكلام مطبوع. الجوابات المرقومة. جواب مفصل الخلاف. جواهر القرآن. حجة الحق. حجة الشرع. حصن المأخذ. حقيقة القوانين. حل الشكوك. خلاصة الفقه. حدائق الدقائق. حياة القلوب. خزائن الدين. الدرج. الدر المنظوم والسر المكتوم. خاتم في علم الحروف. الدرة الفاخرة في كشف علوم الآخرة. ذكر العالمين. الذهب الإبريز. الرد الجميل على من غير التوراة والإنجيل. رسالة التسريح. رسالة الحدود. الفلسفي. رسالة الطير. رسالة في رجوع أسماء الله تعالى إلى ذات واحدة. الرسالة القدسية بأدلتها البرهانية. الرسالة اللدنية. الرسالة المسترشدية. روضة الطالبين وعمدة السالكين. زاد المتعلمين. زاد الآخرة. زجر النفس. سبل السلام. سدرة المنتهى. السر المصون والجوهر المكنون. سرائر العبوب. سر العالمين وكشف ما في الدارين. شفاء العليل في القياس والتعليل. شفاء القلوب. صرة الأنام. عنصر النجاة. عنقود المختصر ونقاوة المفتقر في تلخيص اختصار مختصر المزني في الفروع. العنوان. غاية الغور في الدور. غاية الفصول. غاية الوصول في الأصول. غرر الدرر في المواعظ. الغور في الدور في المسألة السريجية. فاتحة العلوم. الفتاوى. فرض الدين. فرض العين. فضائح الباطنية. الفكرة والعبرة. فواتح السور. فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة. قانون الرسول. القربة إلى الله سبحانه وتعالى. القسطاس المستقيم. قواعد العقائد. القول الجميل في الرد على من غير الإنجيل. كتاب التوحيد وإثبات الصفات. كتاب الحدود. كتاب الفرق بين الصالح وغير الصالح. الكشف والتبيين. في غرور الخلق أجمعين. كنز العدة. كنوز الجواهر. كيمياء السعادة فارسي. كنز القوم والسر المكتوم. لباب اللباب. لب الألباب. كتاب السلوك. المأخذ في الخلاف بين الحنفية. المبادئ والغايات في قتل المسلم بالذمي. محك النظر. مدخل السلوك إلى منازل الملوك. مدارج الاستدراج. مدرج الزلق. مراقي الزلفى. مرشد الطالبين. مرشد السالكين ومنقذ الهالكين. المسائل المستظهرية. المستصفى في أصول الفقه. مشكاة الأنوار في رياض الأزهار. مشكاة الأنوار في لطائف الأخبار في المواعظ. مشكاة الأنوار ومصفاة الأسرار في تفسير آية النور وغيره. المصالح والمفاسد. مصطفيات الأسرار. معارج القدس إلى مدارج النفس في مجلد موجود بدار الكتب كوبريلي. المعارف العقلية والحكم الإلهية. المعتقد. معراج السالكين. معرفة النفس. معيار العلم في المنطق. مفتاح الدرجات. مقاصد الأقطار. مقاصد الفلاسفة. مقامات العلماء بين يدي الخلفاء والأمراء. المقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى. المقصد الأقصى. مقصد الخلاف في علم الكلام. مناقضات. المنتحل في علم الجدل. المتحول. منشأ الرسالة في أحكام الزيغ والضلالة. المنقذ من الضلال والمفصح عن الأحوال. منهاج العابدين في مجلدات ومطبوع بمصر. ميزان العمل. نصيحة الملوك فارسي. نير العالمين. نزهة السالكين. الوجيز في الفروع. الوسيط في الفروع. ياقوت التأويل في تفسير التنزيل في أربعين مجلداً. يواقيت العلوم وغير ذلك.]اهـ

- وقال عنه الأستاذ عمر رضا كحالة في [معجم المؤلفين] :

[محمد بن محمد بن محمد بن احمد الطوسي الشافعي، المعروف بالغزالي (زين الدين، حجة الإسلام، أبو حامد) حكيم، متكلم فقيه، أصولي، صوفي، مشارك في أنواع من العلوم.

ولد بالطابران إحدى قصبتي طوس بخراسان، وطلب الفقه لتحصيل القوت، ثم ارتحل إلى أبي نصر الإسماعيلي بجرجان، ثم إلى إمام الحرمين أبي المعالي الجويني بنيسابور، فاشتغل عليه ولازمه ثم جلس للإقراء، وحضر مجلس نظام الملك، فأقبل عليه نظام الملك، فعظمت منزلة الغزالي، وندب للتدريس بنظامية بغداد، ثم أقبل على العبادة والسياحة، فخرج إلى الحجاز فحج، ورجع إلى دمشق فاستوطنها عشر سنين، ثم سار إلى القدس والإسكندرية، ثم عاد إلى وطنه بطوس.

ثم ان الوزير فخر الدين ابن نظام الملك طلبه إلى نظامية نيسابور فأجاب إلى ذلك، ثم عاد إلى وطنه، وابتنى إلى جواره خانقاه للصوفية ومدرسة للمشتغلين ولزم الانقطاع، وتوفي بالطابران من تصانيفه الكثيرة: إحياء علوم الدين الحصن الحصين في التجريد والتوحيد تهافت الفلاسفة، الوجيز في فروع الفقه الشافعي، والمستصفى في أصول الفقه.]اهـ

- قال عنه الزركلي في [الأعلام] :

[محمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي، أبو حامد، حجة الإسلام: فيلسوف، متصوف، له نحو مئتي مصنف.

مولده ووفاته في الطابران (قصبة طوس، بخراسان) رحل إلى نيسابور ثم إلى بغداد فالحجاز فبلاد الشام فمصر، وعاد إلى بلدته.نسبته إلى صناعة الغزل (عند من يقوله بتشديد الزاي) أو إلى غزالة (من قرى طوس) لمن قال بالتخفيف.]اهـ

يتبع إن شاء الله [/align]

_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يوليو 10, 2008 2:06 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14765
مكان: مصـــــر المحروسة
[font=Tahoma][align=justify]
[تابع]

-وقال عنه ابن تغرى بردي في [النجوم الزاهرة] :


[وفيها توفي الشيخ الإمام أبو حامد محمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي الفقيه الشافعي. كان إمام عصره. تفقه على أبي المعالي الجويني حتى برع في عدة علوم كثيرة، ودرس وأفتى، وصنف التصانيف المفيدة في الأصول والفروع، ودرس بالنظامية، ثم ترك ذلك كله ولبس الخام الغليظ، ولازم الصوم وحج وعاد؛ ثم قدم إلى القدس، وأخذ في تصنيف كتابه الإحياء وتممه بدمشق. وله من المصنفات البسيط والوسيط والوجيز وله غير ذلك. وذكره ابن السمعاني في النيل فقال: ومن شعره: الكامل

حلت عقارب صدغه في خده ... قمراً يجل بها عن التشبيه
ولقد عهدناه يحل ببرجها ... ومن العجائب كيف حلت فيه .]اهـ

- قال عنه صاحب [هدية العارفين] :

[الغزالي أبو حامد: محمد بن محمد بن محمد بن محمد ابن محمد بن محمد الإمام حجة الإسلام أبو حامد الغزالي الطوسي الشافعي ولد سنة 450 وتوفي سنة 505 خمس وخمسمائة. من مصنفاته الأجوبة المسكتة عن الأسئلة المبهتة. أحياء علوم الدين مطبوع. أخلاق الإبراء والنجاة من الأشرار. أساس القياس. أساس المذاهب. أسرار الأنوار الإلهية بالآيات المتلوة. أسرار الحروف والكلمات. أسرار المعاملات. أسرار الملكوت. الإشارة المعنوية والأسرار الحرفية. إشراق المأخذ. الاقتصاد في الاعتقاد. إلجام العوام عن علم الكلام مطبوع. الإملاء على مشكل الأحياء. الانتصار لما في الأجناس من الأسرار. الأنيس في الوحدة. أيها الولد. بداية الهداية في الموعظة. بدائع الصنيع. البدور في أخبار البعث والنشور. البسيط في الفروع. البيان في مسالك الإيمان. النبر المسبوك في نصائح الملوك فارسي. تحفة الأدلة. تحقيق المأخذ. تدليس إبليس. تعليق الأصول. تهافت الفلاسفة في العقائد والكلام مطبوع. الجوابات المرقومة. جواب مفصل الخلاف. جواهر القرآن. حجة الحق. حجة الشرع. حصن المأخذ. حقيقة القوانين. حل الشكوك. خلاصة الفقه. حدائق الدقائق. حياة القلوب. خزائن الدين. الدرج. الدر المنظوم والسر المكتوم. خاتم في علم الحروف. الدرة الفاخرة في كشف علوم الآخرة. ذكر العالمين. الذهب الإبريز. الرد الجميل على من غير التوراة والإنجيل. رسالة التسريح. رسالة الحدود. الفلسفي. رسالة الطير. رسالة في رجوع أسماء الله تعالى إلى ذات واحدة. الرسالة القدسية بأدلتها البرهانية. الرسالة اللدنية. الرسالة المسترشدية. روضة الطالبين وعمدة السالكين. زاد المتعلمين. زاد الآخرة. زجر النفس. سبل السلام. سدرة المنتهى. السر المصون والجوهر المكنون. سرائر العبوب. سر العالمين وكشف ما في الدارين. شفاء العليل في القياس والتعليل. شفاء القلوب. صرة الأنام. عنصر النجاة. عنقود المختصر ونقاوة المفتقر في تلخيص اختصار مختصر المزني في الفروع. العنوان. غاية الغور في الدور. غاية الفصول. غاية الوصول في الأصول. غرر الدرر في المواعظ. الغور في الدور في المسألة السريجية. فاتحة العلوم. الفتاوى. فرض الدين. فرض العين. فضائح الباطنية. الفكرة والعبرة. فواتح السور. فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة. قانون الرسول. القربة إلى الله سبحانه وتعالى. القسطاس المستقيم. قواعد العقائد. القول الجميل في الرد على من غير الإنجيل. كتاب التوحيد وإثبات الصفات. كتاب الحدود. كتاب الفرق بين الصالح وغير الصالح. الكشف والتبيين. في غرور الخلق أجمعين. كنز العدة. كنوز الجواهر. كيمياء السعادة فارسي. كنز القوم والسر المكتوم. لباب اللباب. لب الألباب. كتاب السلوك. المأخذ في الخلاف بين الحنفية. المبادئ والغايات في قتل المسلم بالذمي. محك النظر. مدخل السلوك إلى منازل الملوك. مدارج الاستدراج. مدرج الزلق. مراقي الزلفى. مرشد الطالبين. مرشد السالكين ومنقذ الهالكين. المسائل المستظهرية. المستصفى في أصول الفقه. مشكاة الأنوار في رياض الأزهار. مشكاة الأنوار في لطائف الأخبار في المواعظ. مشكاة الأنوار ومصفاة الأسرار في تفسير آية النور وغيره. المصالح والمفاسد. مصطفيات الأسرار. معارج القدس إلى مدارج النفس في مجلد موجود بدار الكتب كوبريلي. المعارف العقلية والحكم الإلهية. المعتقد. معراج السالكين. معرفة النفس. معيار العلم في المنطق. مفتاح الدرجات. مقاصد الأقطار. مقاصد الفلاسفة. مقامات العلماء بين يدي الخلفاء والأمراء. المقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى. المقصد الأقصى. مقصد الخلاف في علم الكلام. مناقضات. المنتحل في علم الجدل. المتحول. منشأ الرسالة في أحكام الزيغ والضلالة. المنقذ من الضلال والمفصح عن الأحوال. منهاج العابدين في مجلدات ومطبوع بمصر. ميزان العمل. نصيحة الملوك فارسي. نير العالمين. نزهة السالكين. الوجيز في الفروع. الوسيط في الفروع. ياقوت التأويل في تفسير التنزيل في أربعين مجلداً. يواقيت العلوم وغير ذلك.]اهـ

- وقال عنه الأستاذ عمر رضا كحالة في [معجم المؤلفين] :

[محمد بن محمد بن محمد بن احمد الطوسي الشافعي، المعروف بالغزالي (زين الدين، حجة الإسلام، أبو حامد) حكيم، متكلم فقيه، أصولي، صوفي، مشارك في أنواع من العلوم.

ولد بالطابران إحدى قصبتي طوس بخراسان، وطلب الفقه لتحصيل القوت، ثم ارتحل إلى أبي نصر الإسماعيلي بجرجان، ثم إلى إمام الحرمين أبي المعالي الجويني بنيسابور، فاشتغل عليه ولازمه ثم جلس للإقراء، وحضر مجلس نظام الملك، فأقبل عليه نظام الملك، فعظمت منزلة الغزالي، وندب للتدريس بنظامية بغداد، ثم أقبل على العبادة والسياحة، فخرج إلى الحجاز فحج، ورجع إلى دمشق فاستوطنها عشر سنين، ثم سار إلى القدس والإسكندرية، ثم عاد إلى وطنه بطوس.

ثم ان الوزير فخر الدين ابن نظام الملك طلبه إلى نظامية نيسابور فأجاب إلى ذلك، ثم عاد إلى وطنه، وابتنى إلى جواره خانقاه للصوفية ومدرسة للمشتغلين ولزم الانقطاع، وتوفي بالطابران من تصانيفه الكثيرة: إحياء علوم الدين الحصن الحصين في التجريد والتوحيد تهافت الفلاسفة، الوجيز في فروع الفقه الشافعي، والمستصفى في أصول الفقه.]اهـ

- قال عنه الزركلي في [الأعلام] :

[محمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي، أبو حامد، حجة الإسلام: فيلسوف، متصوف، له نحو مئتي مصنف.

مولده ووفاته في الطابران (قصبة طوس، بخراسان) رحل إلى نيسابور ثم إلى بغداد فالحجاز فبلاد الشام فمصر، وعاد إلى بلدته.نسبته إلى صناعة الغزل (عند من يقوله بتشديد الزاي) أو إلى غزالة (من قرى طوس) لمن قال بالتخفيف.]اهـ

يتبع إن شاء الله [/align]
[/font]

_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 7 مشاركة ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 11 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط